أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
![]()
التاريخ: 23-8-2016
![]()
التاريخ: 23-8-2016
![]()
التاريخ: 23-8-2016
![]() |
قد يكون المستصحب حكما فعليّا ومثاله واضح، وقد يكون تقديريّا كما إذا علم بأنّ العنب محكوم بأنّ مائه إذا غلى يحرم، ثمّ حصل الشكّ في ارتفاع هذا الحكم عنه بسبب تبدّل رطوبته بالجفاف وصيرورته زبيبا، ويسمّى الاستصحاب في الثاني بالتقديري تارة وبالتعليقى اخرى.
وقد يشكل فيه بأنّ الأمر التقديري لا ثبوت له، وإنّما يكون له مجرّد قابليّة الثبوت باعتبار من الاعتبارات، وهذا غير كاف في الاستصحاب.
أقول: ليس الأمر كما ذكر، بل الأمر التقديرى له ثبوت حقيقة، غاية الأمر إمّا أن نقول بأنّ الأمر المعلّق بوصف كونه معلّقا يثبت بالجعل، وهذا نحو من الثبوت أيضا في قبال الثبوت الفعلي، أو نقول: إنّه ثابت بالثبوت الفعلي، غاية الأمر في فرض حصول شيء آخر، ولهذا يتوقّف تأثيره وفاعليّته على حصول هذا الشيء المفروض في الخارج، غاية ما هناك أن يقال: إنّه إن كان الغرض من هذا الاستصحاب إثبات نفس هذا المعنى في حال الشكّ فلا ثمرة له أصلا؛ لأنّ المفروض أنّه بلا فعليّة على وجه، وبلا تأثير على آخر، وإن كان الغرض إثبات الفعليّة أو التأثير عند حصول المعلّق عليه أو الشيء المفروض، فهذا من الأصل المثبت؛ فإنّ هذا ليس من الآثار الشرعيّة للقضيّة التعليقيّة بأحد من النحوين، وإنّما يحكم بترتّبه العقل.
ولكنّه مدفوع بأنّ الوجود المعلّق والوجود الفعلي في فرض حصول شيء لازمه عقلا هو التبدّل بالفعليّة لدى حصول المعلّق عليه، وحصول التأثير لدى حصول الشيء المفروض سواء تعلّقا بموضوع الواقع أم بموضوع الشكّ، ولا يعقل تفاوت في ذلك بين الموضعين، فكما يحكم بفعليّة حرمة العصير ومؤثّريتها عند الغليان في حال العنبيّة بنفس الدليل الاجتهادي، فكذلك يحكم بالحرمة الفعليّة المؤثّرة لدى الغليان أيضا في حال الزبيبيّة بنفس دليل الاستصحاب، فهذا من اللوازم العقليّة لنفس هذا القسم من الحكم واقعيّا كان أم ظاهريّا، بحيث لا يعقل انفكاكه عنه، وليس من اللوازم العقليّة لمستصحب حتّى يكون إثباته بالاستصحاب من الأصل المثبت.
بقي الكلام في إشكال معارضة هذا الاستصحاب بالاستصحاب الفعلي المخالف كاستصحاب الحليّة الفعليّة الثابتة في العصير الزبيبي قبل الغليان، وقد يجاب بحكومة الاستصحاب التعليقي على الفعلي لكون الشكّ في أنّ العصير المذكور بعد الغليان حلال أو حرام مسبّبا عن الشكّ في بقاء حكم «لو غلى يحرم» فيه وعدمه، وبعبارة اخرى عن الشكّ في سببيّة الغليان وموضوعيّته للحرمة وعدمها، فالأصل الرافع للثاني رافع للأوّل ولا عكس.
أقول: لا إشكال في الحكومة في المقام من جهة عدم شرعيّة الأثر؛ إذ لا شكّ في أنّ الحرمة الفعليّة بعد الغليان حكم الشرع، ولا ربط له بالعقل، ضرورة أنّ الشارع جعل حكما واحدا، غاية الأمر أنّ هذا الحكم الواحد تعليقي قبل المعلّق عليه، وفعليّ بعده.
ألا ترى أنّ نجاسة الثوب مثلا بعد ملاقاة النجس من حكم الشرع ولا يرتبط بالعقل، مع أنّه لم يصل إلينا من الشرع إلّا الحكم بأنّ الثوب لو لاقى نجسا ينجس على نحو القضيّة التعليقيّة؟، نعم للعقل كبرى مسلّمة خارجيّة وهي أنّ كلّ معلّق على شيء يصير فعليّا بعد حصول هذا الشيء، ولكن الذي نصيبه في هذا المقام ليس إلّا فهم حكم الشرع.
إنّما الكلام والإشكال في أنّ تقديم الأصل السببى على المسبّبي من باب الحكومة مبنيّ على أن يكون الشكّ المسببي مأخوذا في موضوع الأصل المسبّبي دون السببي، بمعنى أن يكون الشكّ المأخوذ في موضوع السببي شكّا سببيّا لا مسببيّا، مثلا استصحاب طهارة الماء قد اخذ في موضوعه الشكّ في طهارة الماء لا الشكّ في طهارة الثوب، فمفاده أنّه إذا شككت في بقاء طهارة الماء فاحكم بطهارته السابقة وبطهارة الثوب المغسول به، فحكمه بطهارة الثوب لم يؤخذ فيه الشكّ في طهارة الثوب ونجاسته، وإنّما أخذ فيه الشكّ في طهارة الماء ونجاسته.
وهذا بخلاف استصحاب النجاسة في الثوب، فإنّ مفاده أنّه إذا شككت في نجاسة الثوب فابن على نجاسة السابقة، ولهذا يكون الأصل الأوّل ناظرا إلى الثاني؛ لأنّ الثاني حكم في موضوع الشك في الحكم الواقعي بالنسبة إلى الثوب، والأوّل حكم بعنوان الواقع بالنسبة إليه.
وبعبارة اخرى: مفاد الأوّل في الثوب واقع جعلي تنزيلي، ومفاد الثاني بيان حال الشكّ في حكمه الواقعي، ولو اخذ في موضوع الأصل الثاني الشكّ في الأعم من الحكم الواقعي والظاهري مع قطع النظر عن نفسه فالأوّل يرفع هذا الموضوع عن البين بالوجدان، فيكون واردا على الثاني.
إذا عرفت ذلك فنقول: هذا المعنى غير موجود في المقام، فإنّ الحكم التعليقي المستصحب إلى حصول المعلّق عليه المتبدّل بعده بالفعلي حكم واحد وارد في موضوع الشكّ في نفسه، فإذا قال الشارع: إذا شككت في بقاء حكم «إذا غلى يحرم» فاحكم ببقائه، فحكمه في هذا الحال «إذا غلى يحرم» لا شبهة في أنّه وارد في موضوع الشكّ، والمفروض أنّ الحرمة الفعليّة بعد الغليان عين هذا الحكم، وهذا بخلاف طهارة الثوب في المثال المتقدّم، فإنّها مغايرة مع طهارة الماء حكما وموضوعا وشكّا.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ السببيّة والمسببيّة وإن كانت مسلّمة في المقام، لكن لا يتمّ فيه شيء من تقريبي الحكومة والورود.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|