المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24
أثر التبدل المناخي على الزراعة Climatic Effects on Agriculture
2024-11-24
نماذج التبدل المناخي Climatic Change Models
2024-11-24
التربة المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
نظرية زحزحة القارات وحركة الصفائح Plate Tectonic and Drifting Continents
2024-11-24

Antimorph
14-5-2020
الجملة التي لا محل لها من الاعراب
23-12-2014
Cross-Cap
11-8-2021
Languages as “dialects”
2024-01-15
عوامل البيئة البشرية المؤدية للإصابة بمرض السرطان - نمط الحياة غير السليم - التدخين
11-7-2021
تفسير الآية (47-54) من سورة النور
10-8-2020


أبنية الكتاب وأمثلته  
  
2118   11:49 صباحاً   التاريخ: 27-03-2015
المؤلف : محمد المختار ولد اباه
الكتاب أو المصدر : تاريخ النحو في المشرق والمغرب
الجزء والصفحة : ص85- 94
القسم : علوم اللغة العربية / المدارس النحوية / المدرسة البصرية / جهود علماء المدرسة البصرية / كتاب سيبويه /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-02-2015 6892
التاريخ: 27-03-2015 1440
التاريخ: 27-02-2015 9105
التاريخ: 27-02-2015 3646

إننا نجد في الكتاب مجموعة من الأبنية اللغوية، يفسرها المؤلف في باب من الكتاب، ثم يفترض أن هذا التركيب أصبح صيغة مفهومة الحكم، فيمثل بها في الأبواب اللاحقة مع إشارة قد لا يستوعبها غير الذي وقف على الفقرة التي تضمنت إيضاح الحكم.

و الأمثلة النثرية التي استعملها سيبويه تدل أنه أراد أن يقدم النموذج الموثوق به في عصره و في المنطقة المحيطة ببلدته (البصرة) ، و منها ما سمعه بنفسه، و لقد روى أكثرها عن أستاذه الخليل، الذي رأينا أنه بقي أربعين سنة في قبائل العرب المعتمدة في نجد و الحجاز و تهامة، و أفرغ أربعين قنّينة حبر، ثم إن سيبويه في كتابته عن العرب قام بعملية انتقاء، معتمدا فيها على آراء الخليل و ابن أبي إسحق و يونس، و أبي الخطاب الأخفش الكبير، و على آرائه الشخصية. و من أمثلة هذه الأبنية:

- صيد عليه:

ففي باب يكون فيه المصدر حينا (ظرفا) لسعة الكلام و الاقتصار (و السعة قد تعني الحذف) . يقول سيبويه: و ذلك قولك متى سير عليه؟ فيقول مقدم الحاج، و خفوق النجم، و خلافة فلان و صلاة العصر، فإنما هو زمن مقدم الحاجّ، و حين خفوق النجم، و لكنه على سعة الكلام و الاختصار.

و إن قال: كم سير عليه؟ فكذلك، و إن رفعته (يعني الجواب) أجمع كان عربيا كثيرا، و ينتصب على أن تجعل «كم» ظرفا، و ليس هذا في سعة الكلام و الاختصار بأبعد من «صيد عليه يومان» و (و ولد له ستون عاما) .

و إدراك معنى هذه الفقرة يتوقف على معرفة ما يعني المصنف:

أولا: بالظرف، و هو الحين، الذي ينتصب فيه الاسم.

ثانيا: إنه يعني بالسعة و الاختصار، التجوز في الألفاظ بالحذف إذا كانت الدلالة واضحة، مثل «اسأل القرية» ، و (الليلة الهلال) .

ثالثا: إن الفقرة تحيل إلى باب سابق و هو باب استعمال الفعل في اللفظ لا المعنى لاتساعهم في الكلام و الإيجاز و الاختصار و يمثل له سيبويه بقوله «كم صيد عليه؟» . فيقول صيد عليه يومان، و إنما المعنى صيد عليه الوحش في يومين و لكنه اتسع و اختصر. . . و من ذلك أن تقول كم ولد له؟ فيقول ستون عاما. فالمعنى ولد له الأولاد، و ولد له الولد ستين عاما، و لكنه اختصر و أوجز.

ص85

و يفسر المؤلف الحالات التي تكون فيها «كم» ظرفا، و جوابها منتصب أو تكون غير ظرف و جوابها مرفوع.

ثم يتكرر هذا التركيب في عدة أوجه، في جواب متى و أين، و تعود القاعدة الأساسية على حكم الجملة الأولى، و هي «كم صيد عليه؟» و على جوابها(1).

- يا تيم تيم عدي-يا طلحة أقبل-لا أبا لكم:

يقول سيبويه في باب ما يعمل فيه الفعل، فينتصب و هو حال وقع عليه الفعل و ليس بمفعول: «و سمعنا من العرب من يقول، ممن يوثق به، اجتمعت أهل اليمامة، لأنه يقول في كلامه، اجتمعت اليمامة فأنث الفعل في اللفظ إذ جعله في اللفظ لليمامة فترك اللفظ يكون على ما يكون عليه في سعة الكلام) .

و مثله في هذا: يا طلحة أقبل، لأن أكثر ما يدعو طلحة بالترخيم فترك الحاء على حالها، و يا تيم تيم عدي أقبل: و قال الشاعر جرير:

يا تيم تيم عديّ لا أبا لكم                         لا يلقينّكم في سوأة عمر(2)

و يقول مرة أخرى، هذا باب يكرر فيه الاسم في حال الإضافة و يكون الأول بمنزلة الآخر، و ذلك قولك: يا زيد زيد عمرو، و يا زيد زيد أخينا. زعم الخليل رحمه اللّه و يونس أن هذا كله سواء. و هي لغة للعرب جيدة و قال جرير:

يا تيم تيم عدي إلخ.

و قال الخليل-رحمه اللّه-هو مثل «لا أبا لك» قد علم أنه لو لم يجيء بحرف الإضافة-أي حرف الجر-قال لا أباك فتركه على حاله الأولى و اللام ها هنا بمنزلة الاسم الثاني في قوله: يا تيم تيم عدي. . . و كذلك قول الشاعر إذا اضطر:

يا بؤس للحرب التي                     وضعت أراهط فاستراحوا 
إنما يريد «يا بؤس الحرب» و كأن الذي يقول: يا تيم تيم عدي. . . ، و زعم الخليل رحمه اللّه أن قولهم «يا طلحة أقبل» يشبه يا تيم تيم عدي من قبل أنهم قد علموا أنهم لو لم يجيئوا بالهاء لكان آخر الاسم مفتوحا فلما ألحقوا الهاء تركوا الاسم على حاله التي كان عليها قبل أن يلحقوا الهاء، و قال النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصبو ليل أقاسيه بطيء الكواكب 
فصار يا تيم تيم عدي اسما واحدا، و كان الثاني بمنزلة الهاء تحذف مرة و يجاء بها أخرى و الرفع في طلحة و يا تيم تيم عدي القياس.

ص86

فالقياس يقتضي ضم «تيم» في النداء، لكن لما ثني و أضيف ترك على حاله و كأنه اسم واحد. لأنه-لو حذف لفظ- «تيم» الثانية لكان القياس الفتح، و فتحت كذلك التاء في طلحة و أميمة، لأنهما كثيرا ما تحذف، في الترخيم،

و الترخيم كثير في النداء، و لما أعيدت التاء بقيت الحاء في طلحة مفتوحة، و الميم في أميمة، و تبعتها التاء فيهما، كما ترك التنوين في «لا أبا لك» لأنه لو حذف اللام لصار القياس عدم التنوين، و لما زيدت اللام ترك التعبير على حاله، لأنه دعاء يكثر على الألسنة، مثل كثرة النداء (3).

و مرة ثالثة يعود سيبويه إلى هذا المثال، و ذلك ضمن الكلام على النفي بلا، فيقول: «هذا باب المنفي المضاف بلام الإضافة» ، و هو يعني بلام الإضافة لام الجر.

اعلم أن التنوين يقع من المنفي في هذا الموضع إذ قلت لا غلام لك كما يقع من المضاف إلى اسم، و ذلك إذا قلت لا مثل زيد، و الدليل على ذلك قول العرب: لا أبا لك و لا غلامي لك و لا مسلمي لك. و زعم الخليل-رحمه اللّه -أن النون إنما ذهبت للإضافة، و لذلك ألحقت الألف التي لا تكون إلا في الإضافة. و إنما كان ذلك من قبل أن العرب قد تقول لا أباك في معنى لا أبا لك، فعلموا أنهم لو لم يجيئوا باللام لكان التنوين ساقطا كسقوطه في: لا مثل زيد. فلما جاءوا بلام الإضافة تركوا الاسم على حاله قبل أن يجيء اللام إذ كان المعنى واحدا و صارت اللام بمنزلة الاسم الذي ثني به في النداء و لم يغيروا الأول عن حاله في النداء و لم يغيروا آخر طلحة عما كان عليه قبل أن تلحق، و ذلك قولهم:

كليني لهمّ يا أميمة ناصب

و مثل هذا الكلام قول الشاعر إذ اضطر:

يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام (4)

فنلاحظ في هذه الفقرات أن سيبويه استخلص قاعدة مضمونها أن العرب حينما يكثرون من استعمال اسم في النداء أو في الدعاء، يتركونه على حاله، و إن اقتضى القياس تغييره طبقا لعوامل أخرى.

- قالت حنان:

يمثل سيبويه بهذا التعبير عن حكم اصطلح عليه فيما بعد ب‍ «الأمر و الشأن» ، و يفرق بين هذا الاستعمال في الإخبار و الاستعمال في الدعاء فيقول في باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره من المصادر في غير الدعاء: (و سمعنا بعض العرب الموثوق به يقال له كيف أصبحت؟ فيقول: حمد اللّه و ثناء عليه، كأنه يحمله على مضمر في نيته

ص87

هو المظهر، كأنه يقول: أمري و شأني حمد اللّه و ثناء عليه، و لو نصب لكان في نفسه الفعل، و لم يكن مبتدأ ليبني عليه، و لا ليكون مبنيا على شيء هو أظهر.

و هذا مثل بيت سمعناه من بعض العرب الموثوق به يرويه:

فقالت حنان ما أتى بك ههنا                      أذو نسب أم أنت بالحيّ عارف 
لم ترد حنّ، و لكنها قالت أمرنا حنان، أو ما يصيبنا حنان، و في باب آخر، و هو باب ما يجيء من المصادر مثنى منتصبا على إضمار الفعل المتروك إظهاره.

يقول: (و من العرب من يقول سمع و طاعة، أي أمري سمع و طاعة بمنزلة)

فقالت حنان: ما أتى بك ها هنا.

و كما قال سلام: ( و الذي يرتفع عليه حنان و سمع و طاعة غير مستعمل)(5)

فهذا المثال جعله نموذجا، في حالة الإخبار عن أمر أضمر فصار مرفوعا، بينما خص النصب بالمصادر التي جاءت للدعاء.

و يظهر هذا في قوله تعالى:  (قٰالُوا سَلاٰماً قٰالَ سَلاٰمٌ ) (هود- الآية 68) و (الذاريات- الآية 25) ، فكان السّلام الأول دعاء و الثاني خبرا.

- ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل منه في عينه:

أورد سيبويه هذا التعبير في «باب ما يكون من الأسماء صفة مفردا و ليس بفاعل كالحسن و أشباهه، و ذلك قوله مررت بحية ذراع طولها» ، ثم تحدث عن بعض أحكام أفعل التفضيل فقال: و تقول ما رأيت رجلا أبغض إليه الشر منه إليه، و ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل منه في عينه، و ليس هذا بمنزلة، خير منه أبوه، لأنه مفضل للأب على الاسم في من. و أنت في قولك أحسن في عينه الكحل منه في عينه لا تريد أن تفضل الكحل على الاسم الذي في «من» . . . و لكنك زعمت أن للكحل ها هنا عملا و هيئة ليست له في غيره من المواضع فكأنك قلت ما رأيت رجلا عاملا في عينه الكحل كعمله في عين زيد.

و إن شئت قلت ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل منه تخبر و لا تخبر أنك فضلت الكحل عليه، . . . و إنما فضلته في هذا الموضع على نفسه، -أي الكحل-في غير هذا الموضع، و لم تجعله خيرا من نفسه البتة، و قال سحيم بن وثيل:

ص88

مررت على وادي السّباع و لا أرى               كوادي السّباع حين يظلم واديا 
أقلّ به ركب أتوه تئيّة                      و أخوف، إلاّ ما وقى اللّه، ساريا(6)
و يقول ابن مالك أن «أفعل التفضيل» يصح أن يرفع الاسم الظاهر إذا أمكن أن يحل محل الفعل، و في نظمه بيت سمّي في المحاضر الشنقيطية «بيت الكحل» لمحا للمثال السابق، و هو أول هذين البيتين:
و رفعه الظاهر نزر و متى                        عاقب فعلا فكثيرا ثبتا 
كلن ترى في الناس من رفيق                      أولى به الفضل من الصديق 
- ليس الطيب إلا المسك، ليس خلق اللّه أشعر منه، إنه أمة اللّه ذاهبة، كان 
أنت خير منه:

هذه الأمثلة جاءت في الكتاب في بابين، و هما: باب الإضمار في «ليس» و كان كالإضمار في (إنّ)(7) و في باب الحروف التي أجريت مجرى حروف الاستفهام و حروف الأمر و النهي و ذلك قولك (ما ضربت زيدا)(8).

فأراد سيبويه أن يفسر هذا الإضمار في قول بعض العرب «ليس خلق اللّه مثله» لأنه لو لم يكن فيه إضمار لم يجز أن تذكر الفعل بدون عمل، و لكن فيه إضمار مثل ما هو في «أنه أمة اللّه ذاهبة» ، و منه قول الشاعر:

و ليس كل النوى تلقى المساكين
و مثله قول آخر:
إذا متّ كان النّاس صنفان شامت                 و آخر مثن بالذي كنت أصنع 
و قال بعضهم «كان أنت خير منه» ، كأنه قال «إنه أنت خير منه» ، و مثله قوله تعالى:  (كٰادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) (التوبة- الآية 17) ، و جاز هذا التفسير لأن معناه كادت قلوب فريق منهم تزيغ، كما قلت «ما كان الطيب إلا المسك» ، على إعمال ما كان الطيب إلا المسك فجاز هذا إذ كان معناه ما الطيب إلا المسك. و قال هشام أخو ذي الرمة:

هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها                   و ليس منها شفاء الداء مبذول (9)

ص89

و في الباب الثاني، أي في «باب الحروف التي أجريت مجرى الحروف التي أجريت مجرى حروف الاستفهام» ، يقول: و زعم خلق اللّه أشعر منه و ليس قالها زيد و قال حميد الأرقط.
وأصبحوا و النّوى عالي معرسهم                 و ليس كل النوى تلقى المساكين 
هذا كله سمع من العرب، و الوجه و الحدّ أن تحمله على أن في (ليس)

إضمارا و هذا مبتدأ كقوله: (إن أمة اللّه ذاهبة و ليس الطيب إلا المسك) (10)

و من هذه الأمثلة يمكن استنتاج رأي سيبويه في إعمال «ما» عمل ليس، و هو تفضيله للإضمار بدلا من اعتبارها عاملة عمل الفعل، فقال إنه قليل لا يكاد يعرف، و إذا سمع في كلام العرب، فالوجه و الحدّ أن تحمله على الإضمار.

- استوى الماء و الخشبة، جاء البرد و الطيالسة، لو تركت الناقة و فصيلها، 
إنك ما و خيرا، كيف أنت و قصعة من ثريد:

هذه الأمثلة أوردها سيبويه في بابين أحدهما باب المفعول معه، قائلا: إنه (باب ما يظهر فيه الفعل و ينتصب فيه الاسم) (11) ثانيهما باب معنى الواو فيه كمعناها في الباب الأول إلا أنها تعطف الاسم هنا على ما لا يكون ما بعده إلا رفعا على كل حال(12).

في الباب الأول، ينتصب الاسم بالفعل الذي قبل الواو، لأنها لم تغير المعنى، و برهن هنا على إعمال الفعل بأنه قبيح أن تقول: اقعد و أخوك، حتى تقول اقعد أنت و أخوك. أما في الباب الثاني فإن عمل الفعل لم يظهر في مثل قولك: كيف أنت و قصعة من ثريد.

مع أن سيبويه أقر هنا ثلاث قواعد: وفقا للأمثلة المذكورة، و هي:

أولا: النصب بعد الواو، التي بمعنى «مع» مثل جاء البرد و الطيالسة، و مثل قول الشاعر:

فكونوا أنتم و بني أبيكم                    مكان الكليتين من الطّحال(13)

ص90

ثانيا: النصب بعد «أن» و «ما» مع الواو، مثل قول العرب، إنك ما و خيرا، و مثل قول الشاعر:

فمن بك سائلا عنّي فإنّي                  و جروة لا تباع و لا تعار(14) 

و هنا ينتصب الاسم انتصاب (إني و زيدا منطلقان) .

ثالثا: الرفع إذا لم يظهر الفعل، في مثل: كيف أنت و قصعة الثريد، و مثله قول الشاعر:

و كنت هناك أنت كريم قيس                فما القيسيّ بعدك و الفخار(15)
و إننا هنا لا نريد أن نستعرض آراء النحاة بعد سيبويه، و بالخصوص الزجاج، الذي خالفه في أعمال الفعل قبل الواو، و قال بتقدير فعل مضمر بعدها، لنصب الأمثلة المذكورة، و المهم عندنا أن نبين رسوخ هذه الأمثلة، التي صارت تردد حرفيا في جل الكتب التي ألفت بعد الكتاب.
-ما جاءت حاجتك، عسى الغوير ابؤسا، لدن غدوة:

و في باب الفعل الذي يتعدى اسم الفاعل إلى اسم المفعول(16)، و هو يعني كان و أخواتها، يقول سيبويه: و تقول من كان أخاك؟ كما تقول «من ضرب أباك إذا جعلت من الفاعل و من ضرب (أبوك) ، إذا جعلت الأب الفاعل. . .

و مثل قولهم من كان أخاك قول العرب «ما جاءت حاجتك» ، كأنه قال ما صارت حاجتك و لكنه أدخل التأنيث على «ما» حيث كانت الحاجة. كما قال بعض العرب (من كانت أمّك؟) .

و من يقول من العرب: «ما جاءت حاجتك كثيرا» كما يقول من كانت أمّك؟ .

و مثل قولهم «ما جاءت حاجتك» إذ صارت تقع على مؤنث، كما ورد في قوله تعالى: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّٰ أَنْ قٰالُوا) (الأنعام-الآية 23) .

وهو يريد أن ينبه على بعض الاستعمالات النادرة، حيث قال: «جاء» هنا حلت محل «كان» كما أن «عسى» بمنزلتها في قولهم «عسى الغوير أبؤسا» ، و كما جعلوا «لدن» مع غدوة منونة في قولهم لدن غدوة. و يزيد قائلا: و من كلامهم أن يجعلوا الشيء في موضع على غير حاله في سائر الكلام (17).

ص91

و هذا ما لاحظه في تعبير «ما جاءت حاجتك» لأن «ما» فيها اعتبرت مؤنثة، و استعمل فعل «جاء» بدلا من (كان) .

*وامن حفر بير زمزماه:

في باب ما لا يجوز أن يندب، يقول سيبويه: (و ذلك قولك، و ارجلاه، و زعم الخليل-رحمه اللّه-و يونس أنه قبيح و أنه لا يقال، و قال الخليل إنه قبيح لأنك أبهمت) .

و زعم أنه (لا يستقبح وامن حفر بئر زمزماه، لأن هذا معروف بعينه) (18).

و هنا ما عناه ابن مالك حين قال:

ما للمنادي اجعل لمندوب و ما                    نكر لم يندب و لا ما أبهما 
و يندب الموصول بالذي اشتهر                   كبئر زمزم يلي وامن حفر 
- هذا جحر ضب خرب:

يقول سيبويه و مما جرى نعتا على وجه الكلام: ( «هذا جحر ضب خرب» فالوجه الرفع، و هو كلام أكثر العرب و أفصحهم، و هو القياس لأن الخرب نعت الجحر، و الجحر رفع، و لكن بعض العرب يجره)(19).

و لقد بقي هذا المثال عند النحويين فيما بعد و سمّوه بالجر بالمجاورة، و رأوا مثله في قول امرئ القيس:

كأن أبانا في أفانين ودقه                          كبير أناس في بجاد مزمّل 
و الطريف في الأمر هو التعليل الذي أعطاه سيبويه لهذا النوع من الاستعمال فهو يقول (فجروه لأنه نكرة كالضب، و لأنه في موضع يقع فيه نعت الضب، و لأنه صار هو و الضب بمنزلة واحدة، ألا ترى أنك تقول هذا حبّ رمان فإذا كان لك قلت هذا حب رماني، فأضفت الرمان إليك و ليس لك الرمان، إنما لك الحب)(20)
- خلق اللّه الزرافة يديها أطول من رجليها:

لقد أورد النحاة هذا المثل لبيان أن الحال قد تكون غير متنقلة، و إن كان الانتقال أغلب، مثل ما يقال جاء زيد راكبا، و غير المنتقل، و هو دعوت اللّه سميعا. و «أطول» في المثال المذكور.

ص92

ثم يبدل مكان الاسم اسم آخر فيعمل فيه كما عمل الأول. أما سيبويه فقد أورده في باب قال عنه (هذا باب من الفعل يستعمل في الاسم، ثم يبدل مكان ذلك الاسم اسم آخر فيعمل فيه كما عمل في الأول و ذلك قولك رأيت قومك أكثرهم)(21)

ثم شرح فيه مجموعة من أحكام البدل و التوكيد، و بين المواضيع التي يختلف فيها الإعراب حسب تركيب الجملة، فقد تقول رأيت متاعك بعضه فوق بعض، و رأيت متاعه بعضه أحسن من بعض، و مررت بمتاعك بعضه مرفوعا، و بعضه مطروحا، ثم بيّن أنه مما جاء في النصب على الحال فقال: (إنّا سمعنا من يوثق بعربيته يقول: خلق اللّه الزرافة يديها أطول من رجليها)(22)

- له علي ألف درهم عرفا:

هذا المثال أتى به سيبويه في باب (ما يكون المصدر فيه توكيدا لنفسه نصبا)(23). و ذلك في قولك له: علي ألف درهم عرفا، و مثل ذلك قول الأحوص:

إني لأمنحك الصدود و إنني                       قسما إليك مع الصدود لأميل (24)
و الذي يلفت النظر في هذا التركيب أنه ظل نموذجا، يستشهد به حتى وصل إلى ابن مالك الذي يقول في باب المصدر:
و منه ما يدعونه مؤكّدا                    لنفسه أو غيره فالمبتدا 
نحو له علي ألف عرفاو                   الثاني كابني أنت حق صرفا 
- ألاتا بلى فا:

يقول سيبويه في (باب إرادة اللفظ بالحرف الواحد) (25) و سمعت من العرب من يقول: ألاتا، بلى فا «فإنما أرادوا ألا تفعل و بلى فافعل، و لكنه قطع كما كان قاطعا بالألف في أنا» و قال الراجز، و هو لقيم بن أوس:

بالخير خيرات و إن شرا فآ                       و لا أريد الشّرّ إلاّ أن تآ(26)

ص93

و لعل سيبويه يلمح هنا لقصة رواها الأصمعي أنه كان أخوان متجاوران لا يكلم أحدهما صاحبه سائر سنته حتى يأتي وقت الرعي، فيقول أحدهما لصاحبه: «ألا تا» فيقول الآخر «بلى فا» يريد ألا تنهض، فيقول الآخر بلى فانهض) .

ص94

_____________________

(1) سيبويه: الكتاب، ج 1 ص 211 و ما بعدها.

(2) المصدر نفسه، ج 1 ص 53.

(3) سيبويه: الكتاب، ج 2 ص 205 و 208.

(4) المصدر نفسه، ج 2 ص 276 و 278.

(5) سيبويه: الكتاب، ج 1 ص 319-320.

(6) سيبويه: الكتاب، ج 2 ص 31- 33.

(7) المصدر نفسه، ج 1 ص 69.

(8) المصدر نفسه، ج 1 ص 147.

(9) المصدر نفسه، ج1 و الصفحة نفسها.

(10) سيبويه: الكتاب، ج1 ص 147.

(11) المصدر نفسه، ج 1 ص 297.

(12) المصدر نفسه، ج1 ص 299.

(13) المصدر نفسه، ج1 ص 298.

(14) سيبويه: الكتاب، ج 1 ص 302.

(15)) المصدر نفسه، ج 1 ص 300.

(16) المصدر نفسه، ج 1 ص 45.

(17) المصدر نفسه، ج 1 ص 51.

(18) سيبويه: الكتاب، ج 2 ص 227-228.

(19) المصدر نفسه، ج 1 ص 436.

(20) المصدر و الصفحة نفسهما.

(21) سيبويه: الكتاب، ج 1 ص 150.

(22) المصدر نفسه، ج 1 ص 155.

(23) المصدر نفسه، ج 1 ص 38.

(24) المصدر والصفحة نفسها.

(25) المصدر نفسه، ج3 ص320.

(26) المصدر نفسه، ج3 ص321.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.