المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24

الإطلاق اللفظي الحكمي
9-9-2016
مـفـهوم التـمويـل الدولـي International Finance
18-1-2023
مفهومان خاطئان عن الخجل في مرحلة الطفولة
28-6-2017
مملكة الحيرة
12-11-2016
علم الأنبياء والأولياء بالغيب
29-3-2016
فتح مكة (الفتح العظيم).
2023-06-06


باب مجاري أواخر الكلم من العربية  
  
6892   07:02 مساءاً   التاريخ: 27-02-2015
المؤلف : عبدة الراجحي
الكتاب أو المصدر : دروس في المذاهب النحوية
الجزء والصفحة : ص18- 31
القسم : علوم اللغة العربية / المدارس النحوية / المدرسة البصرية / جهود علماء المدرسة البصرية / كتاب سيبويه /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-02-2015 9788
التاريخ: 27-03-2015 2119
التاريخ: 27-02-2015 3646
التاريخ: 27-03-2015 6550

 وهي تجري على ثمانية مجار : على النصب والجر والرفع والجزم ، والفتح والضم والكسر والوقف .

وهذه المجاري الثمانية يجمعهن في اللفظ أربعة أضرب : فالنصب والفتح ضرب واحد، والجر والكسر فيه ضرب واحد ، وكذلك الرفع والضم ، والجزم والوقف (1) .

وإنما ذكرت لك ثمانية مجار لأفرق بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة لما يحدث فيه العامل ـ وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه ـ وبين ما يبنى عليه الحرف بناءً لا يزول عنه لغير شيء أحدث ذلك فيه من العوامل ، والتي لكل عامل منها ضربٌ من اللفظ في الحرف ، وذلك الحرف حرف الإعراب (2).

فالرفع والجر والنصب والجزم لحروف الإعراب . وحروف الإعراب

ص18

 للأسماء المتمكنة (3) ، وللأفعال المضارعة (4) لأسماء الفاعلين التي في أوائلها الزوائد الأربع : الهمزة ، والتاء ، والياء ، النون . وذلك قولك : افعل أنا ، وتفعل أنت أو هي ، ويفعل هو ، ونفعل نحن .

ص19

والنصب في الأسماء : رأيت زيداً ، والجر : مررت بزيدٍ والرفع : هذا زيدٌ . وليس في الأسماء جزم ، لتمكنها وللحاق التنوين ، فإذا ذهب التنوين لم يجمعوا على الاسم ذهابه وذهاب الحركة (5) . والنصب في المضارع من الأفعال . لن يفعل ، والرفع : سيفعل ، والجزم : لم يفعل . وليس في الأفعال المضارعة جر كما أنه ليس في الأسماء جزم ، لأن المجرور داخل في المضاف إليه معاقبٌ للتنوين ، وليس ذلك في هذه الأفعال (6).

وإنما ضارعت ، أسماء الفاعلين أنك تقول : إن عبد الله ليفعل ، فيرافق قولك : لفاعل ، حتى كأنك قلت : إن زيدا لفاعل ، فيما تريد من المعنى . وتلحقه هذه اللام كما لحقت الاسم ، ولا تلحق (فعل) اللام (7) . وتقول : سيفعل ذلك ، وسوف يفعل ذلك ، فتلقحها

ص20

هذين الحرفين لمعنى كما تلحق الألف واللام الأسماء للمعرفة (8).

ويبين لك أنها ليست بأسماء أنك لو وضعتها مواضع الأسماء لم يجز ذلك . ألا ترى أنك لو قلت : إن يضرب يأتينا ، وأشباه هذا ، لم يكن كلاما ؟ إلا أنها ضارعت الفاعل(9) لاجتماعهما في المعنى . وسترى ذلك ايضاً في موضعه .

ولدخول اللام قال الله جل ثناؤه : (وإن ربك ليحكم بينهم)(10) أي لحاكم . ولما لحقها من السين وسوف كما لحقت الألف واللام الاسم للمعرفة .

وأما الفتح والكسر والضم والوقف فللأسماء غير المتمكنة المضارعة عندهم ما ليس باسم ولا فعل مما جاء لمعنى ليس غير(11) ،

ص21

نحو سوف وقد ، وللأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة ، وللحروف التي ليست بأسماء ولا أفعال ولم تجيء إلا لمعنى .

فالفتح في الأسماء قولهم : حيث (12) وأين وكيف . والكسر فيها نحو أولاءِ وحذارِ وبداد . والضم نحو : حيث وقبل وبعد . والوقف نحو : من كم وقط (13) وإذ .

والفتح في الأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة قولهم : ضرب وكذلك كل بناء من الفعل كان معناه فعل . ولم يسكنوا آخر فعل لأن فيها بعض ما في المضارعة ، تقول : هذا رجلٌ ضربنا ، فتصف بها النكرة ، وتكون في موضع ضارب إذا قلت هذا رجلٌ ضارب . وتقول : إن فعل فعلتُ ، فيكون في معنى إن يفعل أفعل ، فهي فعل كما أن المضارع فعلٌ وقد وقعت موقعها في إن ، ووقعت موقع الأسماء في الوصف كما تقع المضارعة في الوصف فلم يسكنوها كما لم يسكنوا من الاسماء ما ضارع المتمكن ولا ما صُير من المتمكن في موضع بمنزلة غير المتمكن (14) . فالمضارع (15) :

ص22

من عَلُ ، حركوه لأنهم قد يقولون من علٍ فيجرونه . وأما المتمكن الذي جُعل بمنزلة غير المتمكن في موضع فقولك : ابدأ بهذا أول ، ويا حكمُ .

والوقف قولهم : اضرب في الأمر ، لم يحركوها لأنها لا يوصف بها ولا تقع موقع المضارعة ، فبعدت من المضارعة بعد كم وإذ من المتمكنة . وكذلك كل بناء من الفعل كان معناه افعل .

والفتح في الحروف التي ليست إلا لمعنى وليست بأسماء ولا أفعال قولهم : سوف ، وثم.

والكسر فيها قولهم في باء الإضافة ولامها : بزيدٍ ، ولزيد .

والضم فيها : منذ ، فيمن جر بها ، لأنها بمنزلة من في الايام .

والوقف فيها قولهم : من ، وهل ، وبل ، وقد .

واعلم أنك إذا ثنيت الواحد لحقته زيادتان : الأولى منهما حرف المد واللين وهو حرف الإعراب غير متحرك ولا منون ، يكون في الرفع ألفاً ، ولم يكن واواً ليفصل بين التثنية والجمع الذي على حد التثنية (16) . ويكون في الجر ياءً مفتوحاً ما قبلها، ولم يكسر ليفصل بين التثنية والجمع الذي على حد التثنية . ويكون في النصب كذلك ، ولم يجعلوا النصب الفاً ليكون مثله في الجمع ، وكان مع ذا ان يكون تابعاً لما الجر منه أولى ، لأن الجر للاسم لا يجاوزه ، والرفع قد ينتقل الى الفعل ، فكان هذا أغلب وأقوى (17) . وتكون

ص23

الزيادة الثانية نوناً كأنها عوضٌ لما منع من الحركة والتنوين ، وهي النون وحركتها الكسر ، وذلك قولك هما الرجلان ، ورأيت الرجلين ،ومررت بالرجلين .

وإذا جمعت على حد التثنية لحقتها زيادتان : الأولى منها حرف المد واللين ، والثانية نون . وحال الأولى في السكون وترك التنوين وأنها حرف الإعراب حال الأولى في التثنية ، إلا أنها واوٌ مضمومٌ ما قبلها في الرفع ، وفي الجر والنصب ياءٌ مكسورٌ ما قبلها ونونها مفتوحة ، فرقوا بينها وبين نون الاثنين كما أن اللين الذي هو حرف الإعراب مختلف فيهما . وذلك قولك : المسلمون ، رأيتُ المسلمين ، ومررتُ بالمسلمين . ومن ثم جعلوا تاء الجمع (18) في الجر والنصب مكسورة ، لأنهم جعلوا التاء التي هي حرف الإعراب كالواو والياء ، والتنوين بمنزلة النون لأنها في التأنيث نظيرة الواو والياء في التذكير فأجروها مُجراها (19).

واعلم ان التثنية إذا لحقت الأفعال المضارعة علامةً للفاعلين لحقتها ألف ونون ، ولم تكن الألف حرف الإعراب لأنك لم تُرد أن تثني (يفعل) هذا البناء فتضم إليه (يفعل) آخر ، ولكنك 
ص24

إنما ألحقته هذه علامة للفاعلين (20) ، ولم تكن منونة ، ولا يلزمها الحركة لانه يدركها الجزم والسكون فيكون الأول حرف الإعراب (21).

والآخر كالتنوين (22) ، فلما كان حال (يفعل) في الواحد غير حال الاسم وفي التثنية لم يكن بمنزلته ، فجعلوا إعرابه في الرفع ثبات النون لتكون له في التثنية علامةً للرفع كما كان في الواحد إذ منع حرف الإعراب .

وجعلوا النون مكسورة كحالها في الاسم ، ولم يجعلوها حرف  الإعراب إذ كانت متحركة لا تثبت في الجزم . ولم يكونوا ليحذفوا الألف لأنها علامة الإضمار والتثنية في قول من قال : أكلوني البراغيث (23) ، وبمنزلة التاء في قلت وقالت (24) ، فأثبتوها (25) في الرفع وحذفوها في الجزم كما حذفوا الحركة في الواحد .

ووافق النصب الجزم في الحذف كما وافق النصبُ الجر في الأسماء ، لأن الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء ، والأسماء

ص25

ليس لها في الجزم نصيب كما انه ليس للفعل في الجر نصيب . وذلك قولك : هما يفعلان ، ولم يفعلا ، ولن يفعلا (26) .

وكذلك إذا لحقت الأفعال علامة للجمع لحقتها زائدتان ، إلا أن الأولى واوٌ مضموم ما قبلها لئلا يكون الجمع كالتثنية ، ونونها مفتوحة بمنزلتها في الأسماء كما فعلت ذلك في التثنية ، لأنهما وقعتا في التثنية والجمع ههنا كما أنهما في الأسماء كذلك ، وهو قولك : هم يفعلون ، ولم يفعلوا ، ولن يفعلوا .

وكذلك إذا ألحقت التأنيث في المخاطبة ، إلا أن الأولى ياءٌ ، وتفتح النون ، لأن الزيادة التي قبلها بمنزلة الزيادة التي في الجمع (27)، وهي تكون في الأسماء في الجر والنصب ، وذلك قولك تفعلين ولم تفعلي ولن تفعلي (28).

واذا أردت جمع المؤنث في المضارع ألحقت للعلامة نوناً ،

ص26

وكانت علامة الإضمار والجمع فيمن قال أكلوني البراغيث (29) ، وأسكنت ما كان في الواحد حرف الإعراب (30) ، كما فعلت ذلك في (فَعَلَ) حين قلت : فعلتُ وفَعَلنَ ، فأسكن هذا ههنا وبني على هذه العلامة ، كما أسكن (فَعَلَ) ، لأنه فِعلٌ كما أنه فعل ، وهو متحرك كما أنه متحرك (31) ، فليس هذا بأبعد إذ جاز لهم فيها الإعراب حين ضارعت الأسماء وليست باسم ، وذلك قولك : هن يفعلن ، ولن يفعلن ، ولم يفعلن . وتفتحها لأنها نون جمع ، ولا تحذف لأنها علامة إضمار وجمع في قول من قال : أكلوني البراغيث (32) . فالنون هنا في (يفعلن) بمنزلتها في (فَعَلن) . وفُعِلَ بلام (يَفْعَلُ) ما فُعل بلام (فَعَلَ) لِمَا ذكرت لك ، ولأنها قد تُبنى مع ذلك على الفتحة (33) في

ص27

في قولك هل تفعلن (34) . وألزموا لام (فَعَلَ) السكون ، وبنوها على العلامة وحذفوا الحركة لما زادوا ، لأنها في الواحد ليست في آخرها حرف إعراب (35) لِما ذكرتُ لك.

واعلم ان بعض الكلام أثقل من بعض ؛ فالأفعال أثقل من الأسماء  لأن الأسماء هي الأولى ، وهي أشد تمكناً ، فمن ثم لم تلحقها تنوين ولحقها الجزم والسكون ، وإنما هي من الأسماء . ألا ترى أن الفعل لابد له من الاسم وإلا لم يكن كلاماً ، والاسم قد يستغني عن الفعل ، تقول : الله إلهنا ، وعبد الله أخونا (36).

واعلم ان ما ضارع الفعل المضارع من الأسماء في الكلام (37) ووافقه في البناء (38) أجري لفظه مجرى ما يستثقلون ، ومنعوه ما يكون لما يستخفون ، وذلك نحو أبيض وأسود وأحمر وأصفر ، فهذا بناء (أذهب وأعلم) فيكون في موضع الجر مفتوحاً، استثقلوه حين قارب في الكلام ووافق في البناء .

ص28

وأما مضارعته في الصفة فإنك لو قلت : أتاني اليوم قوي ، وألا بارداً ، ومررت بجميل ، كان ضعيفاً (39) ، ولم يكن في حُسنِ : أتاني رجلٌ قويٌ ، وألا ماء بارداً ، ومررت برجل جميل . أفلا نرى أن هذا يقبح ههنا كما أن الفعل المضارع لا يتكلم به إلا ومعه الاسم ؛ لأن الاسم قبل الصفة ، كما أنه قبل الفعل . ومع هذا أنك ترى الصفة تجري في معنى يفعل ، يعني هذا رجلٌ ضارب زيداً ، وتنصب كما ينصب الفعلُ . وسترى ذلك إن شاء الله .

فإن كان اسماً كان أخف عليهم ، وذلك نحو أفكَل وأكلبُ ينصرفان في النكرة .

ومضارعة (أفعلَ) الذي يكون صفةً للاسم أنه يكون وهو اسمٌ صفة كما يكون الفعل صفة ، وأما (يشكر) فإنه لا يكون صفة وهو اسم ، وإنما يكون صفة وهو فعل .

واعلم أن النكرة أخف عليهم من المعرفة ، وهي أشد تمكناً لأن النكرة أول ، ثم يدخل عليها ما تعرف به . فمن ثم أكثر الكلام ينصرف في النكرة .

واعلم أن الواحد أشد تمكناً من الجميع ، لأن الواحد الأول (40) ،

ص29

ومن ثم لم يصرفوا ماجاء من الجمع على مثال ليس يكون للواحد ، نحو مساجد ومفاتيح (41).

واعلم أن المذكر أخف عليهم من المؤنث لأن المذكر أول ، وهو أشد تمكناً ، وإنما يخرج التأنيث من التذكير (42) . ألا ترى أن أن " الشيء " يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أو أنثى ، والشيء مذكر ، فالتنوين علامة للأمكن عندهم والأخف عليهم ، وتركه علامةٌ لما يستثقلون . وسوف يبين ما ينصرف وما لا ينصرف إن شاء الله .

وجميع ما لا ينصرف إذا أدخلت عليه الألف واللام أو أضيف انجر ؛ لأنها أسماء أدخل عليها ما يدخل على المنصرف . وأدخل فيها الجر كما يدخل في المنصرف ، ولا يكون ذلك في الأفعال ، وأمنوا التنوين فجميع ما يترك صرفه مضارع به الفعل ؛ لأنه إنما فعل ذلك به لأنه ليس له تمكن غيره ، كما أن الفعل ليس له تمكن الاسم .

ص30

واعلم أن الآخر إذا كان يسكن في الرفع (43) حذف في الجزم ، لئلا يكون الجزم بمنزلة الرفع ، فحذفوا كما حذفوا الحركة ونون الاثنين والجميع . وذلك قولك لم يرم ولم يغز ولم يخشَ . وهو في الرفع ساكن الآخر ، تقول : هو يرمي ويغزو ويخشى.

ص31

______________________

(1) بعد أن حدد سيبويه اقسام الكلمة بدأ يحدد ما يطرأ على الكلمة حين تدخل في جملة وهو ما يعرف بالإعراب والبناء ، وأنت ترى هنا أنه جعل أحوال الكلمة ثمانية ؛ أربعة للإعراب وأربعة للبناء ، وتلحظ أيضاً أنه وضع مصطلحات لكل  نوع وقرن بينها : النصب والفتح ، والجر والكسر ، والرفع والضم ، والجزم والوقف ، وهذا هو الذي استقر عليه الوضع في كتب النحو بعد ذلك . فيما عدا مصطلح الوقف الذي غير في الأغلب الى " السكون " . ولعلك تلحظ انه رتب هذه الأحوال بادئاً بالأخف ثم هو أثقل منه من الناحية الصوتية ؛ فالفتح أخف من الكسر ، والكسر أخف من الضم ، أما السكون فهو عندهم عدم الحركة .

(2) في هذه الفقرة يقدم سيبويه اهم قضايا النحو العربي التي ظلت عالقة به منذ زمن بعيد والتي كانت موضع نقد عنيف من المحدثين رغم أهميتها في العربية من ناحية ورغم عدم بعدها عن الواقع اللغوي من ناحية أخرى ، ونعني بها قضية العامل ، وهي تقوم على فكرة إسلامية واضحة تؤكد أنه لا يوجد شيء بدون موجد ، ولا يحدث مسبب بدون سبب ؛ فكل حركة تطرأ على الكلمة لابد أن يكون لها سبب سموه عاملاً ، وقد قسم النحاة هذا العامل بعد ذلك الى عامل لفظي وآخر معنوي ، ومن ثم فإن علامة الرفع مثلا لا تكون إلا بعامل لابد أن نعرفه ونحدده ، وقد وجد النحاة ذلك محكماً في العربية غاية الإحكام حين رأوا طائفة من الكلمات تتغير أواخرها نتيجة أسباب تركيبية ؛ فأطلقوا على هذه الطائفة الكلمات المعربة ، ثم رأوا طائفة أخرى لا تتأثر أواخرها مهما تتغير حالاتها التركيبية فسموها كلمات مبنية لما يدل عليه " البناء " من معنى الثبات والاستقرار .

(3) هذا أيضاً مصطلح ظل مستمراً في النحو العربي ؛ فقد قسم النحاة الاسم الى متمكن وغير الأمكن ، وقسموا المتمكن الى متمكن أمكن والى متمكن غير أمكن ، أما المتمكن الأمكن فهو الذي لا يختلط بقسم آخر من أقسام الكلمة كالفعل أو الحرف ، فهو متمكن في الاسمية بحيث إذا نطقته بجلب الى ذهنك صورة مسماة دفعه واحدة دون أن يلتبس بشيء آخر مثل : رجل وجبل ونهر ... الخ أما المتمكن غير الأمكن فهو الذي يشبه الفعل من حيث الصيغة وهو الذي عرف بعد ذلك بالممنوع من الصرف أو الممنوع من التنوين ، وسوف نعرض له بعد ذلك . ويبقى غير المتمكن وهو الذي يشبه الحرف باعتبارٍ ما وهو الاسم المبني .

(4) أنت تلحظ أن تسمية الأفعال المضارعة (بالمضارعة) ليس ملحوظاً فيها الدلالة على الزمن ، وإنما مضارعتها اي مشابهتها لاسم الفعل كما سيشرح بعد ذلك ، وقد ظلت هذه التسمية سائدة بعد ذلك في النحو العربي . ونلحظ أيضاً أنه عرف الفعل المضارع بعلامات تركيبية وهي تلك الحروف الزائدة في أول الفعل والتي تدل على إسناده الى ضمير بعينه ، وهذه اللواحق يسميها المحدثون الآن مورفيمات morphemes فالهمزة ، ورفيم يدل على ان الفعل في الزمن الحالي وأن فاعله هو ضمير المتكلم ....

وهكذا .

(5) الاسم المتمكن لا بد أن يكون متحرك الآخر ، أي لابد أن يكون معرباً ، وحيث يذهب التنوين بسبب تعريفه بأل أو بسبب إضافته تبقى الحركة . وخلاصة الأمر أن الإعراب لا يكون إلا في الأسماء المتمكنة والأفعال المضارع ، وأن الاسم المتمكن يرفع وينصب ويجر ولا يجزم .

(6) الفعل المضارع يرفع وينصب ويجزم ولا يجر ، فالاسم والفعل يشتركان في الرفع والنصب ، وينفرد الاسم بالجر ، والفعل بالجزم ، ويعلل سيبويه عدم جر الفعل لأن الجر داخل في معاني الإضافة ، ولذلك يسمي القدماء حروف الجر حروف الإضافة ، ولأن الإضافة تحل محل التنوين فأنت تقول : غلامٌ ، فإذا أضفت قلت : غلامُ زيد بدون تنوين ، والتنوين من خصائص الأسماء كما تعلم .

(7) يعلل سيبويه إعراب الفعل المضارع بأنه يشبه اسم الفاعل من حيث إنه يقع موقعه، وذلك بدلالة دخول اللام المفتوحة عليه ، وأنت تعرف أن هذه اللام المفتوحة تسمى لام الابتداء وتدخل على المبتدأ لتأكيد الجملة الاسمية مثل : لَزيدٌ قائم ، فإذا أدخلت على هذه الجملة حرف (إن) الذي يفيد التأكيد أيضاً زحلقت هذه اللام الى الخبر وسماها المعربون حينئذ المزحلقة ، فنقول : إن زيداً لقائم . هذه اللام إذن من خصائص الأسماء، والأسماء معربة ، فلما صح دخولها على الفعل المضارع مثل : إن زيداً ليقوم، كان ذلك دليلا على شبه هذا الفعل باسم الفاعل ، ولذلك أعرب . وأنت تلحظ أن سيبويه يشير هنا أن هذه اللام لا تلحق الفعل الماضي ، فلا يصح أن تقول : إن زيداً لقام ، ولذلك كان الماضي مبنياً .

(8) هذا وجه آخر من أوجه الشبه بين الفعل المضارع والاسم ، وهو دخول السين وسوف على الفعل المضارع للدلالة على معنى معين وهو الاستقبال أي أنه مورفيم يدل على جعل زمن الفعل مستقبلاً ، كما أن الألف واللام مورفيم يدخل على الاسم فيجعله معرفة . أي أن المضارع يقبل لاصفة في أوله تضيف معنى نحوياً كما يحدث في الاسم ولا نلحظ ذلك في الماضي أو الأمر .

(9) (الفاعل) يقصد به اسم الفاعل ، وقد ظل هذا المصطلح مستخدماً بهذا المعنى الصرفي عند عدد من القدماء ، ثم استقل بعد ذلك للدلالة على الفاعل في النحو .

(10) النحل 124 .

(11) الاسم غير المتمكن هو الاسم المبني وهو الذي يشبه عندهم الحرف إما من حيث الصيغة وإما من حيث المعنى ، فضمير المتكلم (التاء) في كتبتُ اسم يشبه الحرف من حيث الصيغة لأنه يتكون من حرف واحد كباء الجر مثلا ، والاسم (من) يتكون من حرفين وهو يشبه من حيث الصيغة الحرف (قد) أو الحرف (عن) ... الخ و وعلى ذلك تفهم أن الأصل في الاسم ان يكون على ثلاثة أحرف على الأقل . أما الاسم (هذا) فيشبه الحرف (هل) أو الحرف (يا) من حيث المعنى ؛ لأنه يدل على معنى الإشارة كما يدل (هل) على معنى الاستفهام و (يا) على معنى النداء .

(12) حيث : لهجة في حيث .

(13) قط : اسم بمعنى حسب ، تقول : قطي بمعنى حسبي ، وقطكَ بمعنى حسبك ، وقط زيدٍ درهم اي حسب زيدٍ درهم .

(14) هذا تعليل لبناء الفعل الماضي على الفتح وليس على السكون . عرفت أن المضارع معرب لأنه يضارع أي يشابه اسم الفاعل ، والآن تعرف ان الماضي مبني ، لكنه مبني على حركة هي الفتح ، لأن فيه شبهاً ما بالفعل المضارع ، وذلك لأنه يمكن أن يقع موقعه حيث يمكن أن يوصف به النكرة وان يقع في جملة شرطية كالفعل المضارع .

(15) اي الاسم المضارع (المشابه) للأسماء المتمكنة .

(16) أي إذا كان الحرف الآخر في الفعل حرف مد ولين وأنت تعرف أن حرف المد ساكن عندهم ، وأنت ترى امثلته التي قدمها تجمع حروف المد الثلاثة : الياء والواو والألف .

(17) الجمع الذي على حد التثنية ، أو الجمع على حده ، أو الجمع الصحيح كلها مصطلحات أطلقت على جمع المذكر السالم .

(18) جعل النصب تابعاً للجر لأن الجر من خواص الأسماء كما علمت .

(19) أي جمع المؤنث السالم .

(20) التاء في جمع المؤنث السالم ليست نظيرة للواو والياء في جمع المذكر ، وإنما هي الحرف الأخير من الاسم ، وحركة الإعراب التي تناظرهما هي . الضمة والكسرة.

ولعلك تلحظ ان سيبويه أدرك الاختلاف الإعرابي بين المفرد وغير المفرد ، فالمفرد يرفع وينصب ويجر بحركات مختلفة ، اما غير المفرد ـ وهو المثنى والجمع السالم بنوعيه ـ فينصب ويجر بعلامة واحدة .

(21) أي أن الألف في الفعل المضارع المسند إليه المثنى ليست كالألف في المثنى ، لأنها في الفعل ضمير يعرب فاعلا كما نعلم ، وهي في المثنى علامة الإعراب ولذلك تتغير في الجر والنصب الى الياء ، أما في الفعل فلا نتغير .

(22) أي الألف .

(23) أي النون .

(24) لهجة عربية قديمة تجعل الفعل مطابقاً للفاعل إفراداً وتثنية وجمعاً .

(25) الألف في (يفعلان) تشبه (التاء) في قلت لأن كليهما ضمير ، لكن تشبيه الألف بتاء التأنيث في (قالت) قد يدل على أن سيبويه يرى هذه التاء ضميراً يدل على المفرد المؤنث وهو رأي يراه أغلب المحدثين ، لكن هذه التاء عند جمهور القدماء حرف دال على التأنيث وليس ضميراً .

(26) أي النون .

(27) كما جعل الجر أصلا في الاسم والنصب فرعاً عليه ، جعل الجزم أصلا في الفعل والنصب فرعاً عليه ، ومسألة الأصلية والفرعية مسألة أساسية في الفكر النحوي القديم سوف تلحظها في مواضع مختلفة .

(28) لِمَ فتحت النون في الفعل المسند الى ياء المخاطبة ولَمْ تكسر ؟ يعلل سيبويه ذلك بأن الزيادة التي قبل النون ـ وهي الياء الطويلة المكسور ما قبلها ـ تشبه الزيادة التي في جمع المذكر السالم وهي الياء في الجر والنصب ، ولذلك اشبهت النون في هذا الفعل نون جمع المذكر السالم من حيث الكسر . أما ياء المثنى في الجر والنصب فهي ليست ياء طويلة لأنها ساكنة مفتوح ما قبلها .

(29) أنت تلاحظ أنه انتهى هنا مما يعرف بالأفعال الخمسة ، وهي الأفعال المضارعة ـ أو يفعل كما يقول سيبويه ـ عند إسنادها الى ألف الاثنين وواو الجماعة وياء المخاطبة.

(30) في لهجة أكلوني البراغيث تعتبر النون حرفاً يدل على جمع الإناث ، أما عند بقية العرب فهي ضمير يقع فاعلاً .

(31) أي أن ، الفعل المضارع المسند الى نون النسوة ليس معرباً وإنما هو مبني على السكون .

(32) يشبهه بالفعل الماضي المسند الى ضمائر الرفع المتحركة ؛ يبنى على السكون كما تعلم لصعوبة توالي الحركات ؛ فالفعل كتب مثلا إذا أسندته الى النساء صار : كَتَبَتُ ، وفي هذا صعوبة واضحة ، ومن ثم حذفوا الحركة من لام الفعل ليصير : كتبْتُ ، وكذلك في الفعل المضارع : يكتُبُ إذا أسند الى نون النسوة (يكتبن) ، نحذف حركة اللام ويبنى على السكون ليصير : يكتبنَ .

(33) أي أن نون النسوة ليست كالنون التي في الفعل المضارع المرفوع المسند الى ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة ، لأن الأولى ضمير ، والثانية علامة إعراب تحذف في الجزم والنصب .

(34) الذي استقر عليه تعبير النحاة بعد ذلك أن يقال : يبنى على الفتح وليس على الفتحة .

(35) أي الفعل المضارع الذي لحقته نون التوكيد المباشرة .

(36) لأنها حرف بناء .

(37) هذا أيضاً من موضوع الأصلية والفرعية ، فالاسم عندهم أصل والفعل فرع عليه، والفعل مشتق من الاسم ، والفعل لا يستغني عن الاسم ، والاسم يستغني عن الفعل ، فأنت تستطيع أن تقول : زيد رجل . بدون فعل ، ولكنك لا تستطيع أن تقول : كتب ضرب ، بدون اسم . ولذلك كان الاسم عندهم أقوى من الفعل .

(38) بدأ هنا فيما يعرف بالممنوع من الصرف ، وهو أن يكون الاسم مضارعاً أي مشابهاً للفعل ، وأنت تعلم أن الفعل لا ينون ولا يجر ، فكذلك الممنوع من الصرف لا ينون ولا يجر بالكسرة .

(39) أي في الصيغة .

(40) وذلك لاستخدام الصفة دون الموصوف .

(41) النكرة عندهم هي الأصل والمعرفة فرع عليها .

(42) المفرد عندهم أيضاً أصل والجمع فرع عليه .

(43) وهي الصيغة المعروفة بمنتهى الجموع ، إذ لا نعرف في المفرد مثل هذه الصيغة .

(44) والمذكر أصل والمؤنث فرع عليه . ولعلك تلاحظ أن الفرع عندهم هو الأصل مع زيادة شيء آخر عليه ؛ فالنكرة يزاد عليها ألف ولام كي تكون معرفة ، والمذكر يزاد عليه علامة التأنيث ، والمفرد تلحقه علامة الجمع وهكذا .. ومثل هذا الرأي تراه أحدث نظرية نحوية وهي التي تعرف بالنحو التحويلي . (انظر كتابنا : النحوي العربي والدرس الحديث ص 142 وما بعدها ).

(45) أي إذا كان الحرف الآخر في الفعل حرف مد ولين وأنت تعرف أن حرف المد ساكن عندهم ، وأنت ترى امثلته التي قدمها تجمع حروف المد الثلاثة : الياء والواو والألف .




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.