أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2015
1612
التاريخ: 12-7-2016
1786
التاريخ: 2023-09-21
841
التاريخ: 11-4-2016
2655
|
قال تعالى : {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 17، 18] .
إِنّ هذا السؤال البسيط المقترن باللطف والمحبة، إِضافة إِلى أنّه بثّ الطمأنينة في نفس موسى(عليه السلام) الذي كان غارقاً حينئذ في دوامة من الاضطراب والهيجان فإنّه كان مقدمة لحادثة مهمّة.
فأجاب موسى: (قال هي عصاي) ولما كان راغباً في أن يستمر في حديثه مع محبوبه الذي فتح الباب بوجهه لأوّل مرّة، وربّما كان يظن أيضاً أن قوله: (هي عصاي) غير كاف، فأراد أن يبيّن آثارها وفوائدها فأضاف: (أتوكأ عليها وأهش به على غنمي) أي أضرب بها على اغصان الشجر فتتساقط اوراقها لتأكلها الاغنام (ولي فيها مآرب أُخرى).
من المعلوم ما للعصا لأصحابها من فوائد، فهم يستعملونها أحياناً كسلاح للدفاع عن أنفسهم أمام الحيوانات المؤذية والأعداء، وأحياناً يصنعون منها مظلة في الصحراء تقيهم حرّ الشمس، وأحياناً أُخرى يربطون بها وعاء أو دلواً ويسحبون الماء من البئر العميق.
عل كل حال، فإِنّ موسى غط في تفكير عميق: أي سؤال هذا في هذا المجلس العظيم، وأي جواب أعطيه؟ وماذا كانت تلك الأوامر؟ ولماذا هذا السؤال؟
وفجأة {قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه/ 19، 20]. «تسعى» من مادة السعي أي المشي السريع الذي لا يصل إِلى الركض. وهنا صدر الأمر لموسى {قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه: 21], وفي الآية (31) من سورة القصص نقرأ: {وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} .
وبالرغم من أن خوف موسى هنا قد أثار التساؤل لدى بعض المفسّرين بأن هذه الحالة كيف تناسب موسى مع الشجاعة التي عهدناها لدى موسى، وأثبتها عملياً طوال عمره عند محاربته الفراعنة؟ إِضافة إِلى صفات وشروط الأنبياء بصورة عامّة.
إِلاّ أنّ الجواب عن هذا السؤال يتّضح بملاحظة نكتة واحدة، وهي أن من الطبيعي أن كل إِنسان، مهما كان شجاعاً وغير هياب، إِذا رأى فجأة قطعة خشب تتحول إِلى حية عظيمة وتتحرك بسرعة، فلابدّ أن يرتبك ويخاف ولو لمدّة قصيرة ويسحب نفسه جانباً توقياً، إِلاّ أن يكون هذا المشهد قد تكرر أمامه مراراً، ورد الفعل الطبيعي هذا لا يكون نقطة ضعف ضد موسى أبداً. ولا تنافي الآية (39) من سورة الأحزاب حيث تقول: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا} فإِن هذا الخوف طبيعي ومؤقت وسريع الزوال أمام حادثة لم تحدث من قبل قط، وخارق للعادة .
{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى * لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} [طه: 22، 23] .
ثمّ أشارت الآية التالية إلى المعجزة المهمّة الثّانية لموسى، فأمرته: (واضمم يدك إِلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أُخرى).
وبالرغم من أنّ للمفسّرين في تفسير جملة (واضمم يدك إِلى جناحك ... )أقوالا مختلفة، إلاّ أنّه بملاحظة الآية (32) من سورة القصص، والتي تقول: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} والآية (12) من سورة النمل، والتي تقول: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} سيستفاد أن موسى كان مأموراً أن يدخل يده في جيبه ويوصلها إِلى تحت إِبطه، لأنّ الجناح في الأصل جناح الطير، ويمكن أن تكون هنا إِشارة إِلى تحت الإِبط.
كلمة (بيضاء) من البياض، وجملة (من غير سوء) إِشارة إِلى أن بياض يدك ليس نتيجة مرض البرص وأمثاله، بدليل أن لها لمعاناً وبريقاً خاصاً يظهر في لحظة ويختفي في لحظة أُخرى.
إِلاّ أنّه يستفاد من بعض الرّوايات أنّ يد موسى قد صارت في تلك الحالة نورانية بشكل عجيب، وإِذا كان كذلك فيجب أن نقبل أن لجملة (من غير سوء)معنى آخر غير الذي قلناه، أي إِن لها نورانية لا عيب فيها، فلا تؤذي عيناً، ولا يرى فيها بقعة سوداء، ولا غير ذلك.
وتقول الآية الأخيرة، وكنتيجة لما مر بيانه في الآيات السابقة: (لنريك من آياتنا الكبرى) ومن المعلوم أن المراد من الآيات الكبرى هو تلكما المعجزتان المهمتان اللتان وردتا أعلاه، وما احتمله بعض المفسّرين من أنّها إِشارة إِلى المعجزات التي سيضعها الله سبحانه تحت تصرف موسى فيما بعد يبدو بعيداً جداً.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|