المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6767 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

المجاز المرسل في اللّفظ المفرد
26-03-2015
النصرة والتمكين لأمة النبي
مـؤشرات إدارة الجـودة الشاملة في التـعليم
28-5-2019
صفات كوكب نبتون
8-3-2022
شروط التعارض
2024-06-06
تخمرات المذيبات Solvent Fermentations
20-2-2020


معركة بدر  
  
2017   08:56 مساءً   التاريخ: 7-7-2019
المؤلف : الواقدي
الكتاب أو المصدر : المعارف
الجزء والصفحة : ص 234- 249
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / السيرة النبوية / سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام /

بدء القتال

ولما تحين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) انصراف العير من الشام، ندب أصحابه للعير، وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد، قبل خروجه من المدينة بعشر ليال، يتحسسان خبر العير، حتى نزلا على كشد الجهني بالنخبار من الحوراء - والنخبار من وراء ذي المروة على الساحل - فأجارهما، وأنزلهما، ولم يزالا مقيمين عنده في خباءٍ حتى مرت العير، فرفع طلحة وسعيد على نشزٍ من الأرض، فنظرا إلى القوم، وإلى ما تحمل العير، وجعل أهل العير يقولون: يا كشد، هل رأيت أحداً من عيون محمد؟ فيقول: أعوذ بالله، وأني عيون محمد بالنخبار؟ فلم راحت العير باتا حتى أصبحا ثم خرجا، وخرج معهما كشد خفيراً، حتى أوردهما ذا المروة. وساحلت العير فأسرعت، وساروا الليل والنهار فرقاً من الطلب. فقدم طلحة بن عبيد الله وسعيد المدينة اليوم الذي لاقاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ببدر، فخرجا يعترضان النبي صلى الله عليه وسلّم، فلقياه بتربان وتربان بين ملل والسيالة على المحجة، وكانت منزل ابن أذينة الشاعر. وقدم كشد بعد ذلك، فاخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) سعيد وطلحة إجارته إياهما، فحياه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأكرمه وقال: ألا أقطع لك ينبع؟ فقال: إني كبيرٌ وقد نفد عمري، ولكن أقطعها لابن أخي. فقطعها له.

قالوا: وندب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) المسلمين وقال: وهذه عير قريش فيها أموالهم، لعل الله يغنمكموها. فأسرع من أسرع، حتى إن كان الرجل ليساهم أباه في الخروج، فكان ممن ساهم سعد بن خيثمة وأبوه في الخروج إلى بدر، فقال سعد لأبيه: إنه لو كان غير الجنة آثرتك به، إني لأرجو الشهادة في وجهي هذا! فقال خيثمة: آثرني، وقر مع نسائك! فأبى سعد، فقال خيثمة: إنه لا بد لأحدنا من أن يقيم. فاستهما، فخرج سهم سعد فقتل ببدر.

وأبطأ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بشرٌ كثيرٌ من أصحابه، كرهوا خروجه، وكان فيه كلامٌ كثيرٌ واختلاف. وكان من تخلف لم يلم لأنهم ما خرجوا على قتال، وإنما خرجوا للعير. وتخلف قوم من أهل نيات وبصائر، لو ظنوا أنه يكون قتال ما تخلفوا. وكان ممن تخلف أسيد بن حضير، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أسيد: الحمد لله الذي سرك وأظهرك على عدوك! والذي بعثك بالحق، ما تخلفت عنك رغبةً بنفسي عن نفسك، ولا ظننت أنك تلاقي عدواً، ولا ظننت إلا أنها العير. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: صدقت! وكانت أول غزوة أعز الله فيها الإسلام، وأذل فيها أهل الشرك.

وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بمن معه حتى انتهى إلى نقب بني دينار، ثم نزل بالبقع وهي بيوت السقيا - البقع نقب بني دينار بالمدينة، والسقيا متصل ببيوت المدينة - يوم الأحد لاثنتي عشرة خلت من رمضان. فضرب عسكره هناك، وعرض المقاتلة، فعرض عبد الله بن عمر، وأسامة ابن زيد، ورافع بن خديج، والبراء بن عازب، وأسيد بن ظهير، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، فردهم ولم يجزهم.

فحدثني أبو بكر بن إسماعيل، عن أبيه، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتوارى، فقلت: ما لك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ويستصغرني فيردني، وأنا أحب الخروج، لعل الله يرزقني الشهادة. قال: فعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاستصغره، فقال: ارجع! فبكى عمير، فأجازه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم. قال: فكان سعد يقول: كنت أعقد له حمائل سيفه من صغره، فقتل ببدر وهو ابن ست عشرة سنة.

فحدثني أبو بكر بن عبد الله قال: حدثني عياش بن عبد الرحمن الأشجعي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أمر أصحابه أن يستقوا من بئرهم يومئذٍ، وشرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من ماء بئرهم. فحدثني عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان أول من شرب من بئرهم ذلك اليوم. حدثني عبد العزيز بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يستعذب له من بيوت السقيا بعد ذلك.

فحدثني ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عند بيوت السقيا، ودعا يومئذٍ لأهل المدينة فقال: اللهم، إن إبراهيم، عبدك وخليلك ونبيك، دعاك لأهل مكة! وإني محمدٌ عبدك ونبيك، أدعوك لأهل المدينة، أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم! اللهم، حبب إلينا المدينة، واجعل ما بها من الوباء بخمٍّ، اللهم، إني قد حرمت ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم خليلك مكة! وخم على ميلين من الجحفة.

قالوا: وقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عدي بن أبي الزغباء وبسبس بن عمرو من بيوت السقيا. قالوا: وجاء عبد الله بن عمرو بن حرام إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يومئذ، فقال: يا رسول الله، لقد سرني منزلك هذا، وعرضك فيه أصحابتك، وتفاءلت به، إن هذا منزلنا - بني سلمة - حيث كان بيننا وبين أهل حسيكة ما كان - حسيكة الذباب، والذباب جبل بناحية المدينة، كان بحسيكة يهود، وكان لهم بها منازل كثيرة - فعرضنا ها هنا أصحابنا، فأجزنا من كان يطيق السلاح ورددنا من صغر عن حمل السلاح، ثم سرنا إلى يهود حسيكة، وهم أعز يهود كانوا يومئذٍ، فقتلناهم كيف شئنا، فذلت لنا سائر يهود إلى اليوم، وأنا أرجو يا رسول الله أن نلتقي نحن وقريش، فيقر الله عينك منهم.

وكان خلاد بن عمرو بن الجموح يقول: لما كان من النهار رجع إلى أهله بخربي، فقال له أبوه عمرو بن الجموح: ما ظننت إلا أنكم قد سرتم! فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يعرض الناس بالبقع. قال عمرو: نعم الفأل، والله إني لأرجو أن تغنموا وأن تظفروا بمشركي قريش! إن هذا منزلنا يوم سرنا إلى حسيكة. قال: فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد غير اسمه، وسماه السقيا. قال: فكانت في نفسي أن أشتريها، حتى اشتراها سعد بن أبي وقاص ببكرين، ويقال بسبع أواقٍ. قال: فذكر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عشية الأحد من بيوت السقيا، لاثنتي عشرة مضت من رمضان. وخرج المسلمون معه، وهم ثلثمائة وخمسة، وثمانية تخلفوا فضرب لهم بسهامهم وأجورهم. وكانت الإبل سبعين بعيراً، وكانوا يتعاقبون الإبل، الاثنين، والثلاثة، والأربعة. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وعلي بن أبي طالب عليه السلام، ومرثد - ويقال زيد بن حارثة مكان مرثد - يتعاقبون بعيراً واحداً. وكان حمزة بن عبد المطلب، وزيد بن حارثة، وأبو كبشة، وأنسة مولى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) على بعير. وكانت عبيدة بن الحارث، والطفيل، والحصين، ابنا الحارث، ومسطح بن أثاثة على بعيرٍ لعبيدة بن الحارث ناضحٍ، ابتاعه من ابن أبي داود المازني. وكان معاذ، وعوف، ومعوذ، بنو عفراء، ومولاهم أبو الحمراء على بعير، وكان أبي بن كعب، وعمارة بن حزم، وحارثة بن النعمان على بعير، وكان خراش بن الصمة، وقطبة بن عامر بن حديدة، وعبد الله بن عمرو بن حرام على بعير، وكان عتبة بن غزوان، وطليب ابن عمير على جملٍ لعتبة بن غزوان، يقال له العبيس. وكان مصعب ابن عمير، وسويبط بن حرملة، ومسعود بن ربيع على جملٍ لمصعب، وكان عمار بن ياسر، وابن مسعود على بعير، وكان عبد الله بن كعب، وأبو داود المازني، وسليط بن قيس على جملٍ لعبد الله بن كعب، وكان عثمان، وقدامة، وعبد الله بن مظعون، والسائب بن عثمان، على بعير يتعاقبون، وكان أبو بكر، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف على بعير، وكان سعد ابن معاذ، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف على بعير، وكان سعد ابن معاذ، وأخوه، وابن أخيه الحارث بن أوس، والحارث بن أنس، على جملٍ لسعد بن معاذ ناضحٍ، يقال له الذيال، وكان سعد بن زيد، وسلمة ابن سلامة، وعباد بن بشر، ورافع بن يزيد، والحارث بن خزمة على ناضحٍ لسعد بن زيد، ما تزود إلا صاعاً من تمر.

فحدثني عبيد بن يحيى، عن معاذ بن رفاعة، عن أبيه، قال: خرجت مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى بدر، وكان كل ثلاثة يتعاقبون بعيراً، فكنت أنا وأخي خلاد بن رافع على بكرٍ لنا، ومعنا عبيد بن زيد ابن عامر، فكنا نتعاقب. فسرنا حتى إذا كنا الروحاء، أذم بنا بكرنا، فبرك علينا، وأعيا، فقال أخي: اللهم، إن لك على نذراً، لئن رددتنا إلى المدينة لأنحرنه. قال: فمر بنا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ونحن على تلك الحال، فقلنا: يا رسول الله، برك علينا بكرنا. فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بماءٍ، فتمضمض وتوضأ في إناءٍ، ثم قال: افتحا فاه! ففعلنا، ثم صبه في فيه، ثم على رأسه، ثم على عنقه، ثم على حاركه، ثم على سنامه، ثم على عجزه، ثم على ذنبه، ثم قال: اركبا! ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فلحقناه أسف المنصرف وإن بكرنا لينفر بنا، حتى إذا كنا بالمصلى راجعين من بدر برك علينا، فنحره أخي، فقسم لحمه وتصدق به.

وحدثني يحيى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة، عن أبيه، قال: حمل سعد بن عبادة في بدر على عشرين جملاً.

فحدثني أبو بكر بن إسماعيل، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص، قال: خرجنا إلى بدرٍ مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ومعنا سبعون بعيراً، فكانوا يتعاقبون، الثلاثة، والأربعة، والاثنان، على بعير. وكنت أنا من أعظم أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام عنه غناءً، أرجلهم رجلةً، وأرماهم بسهم، لم أركب خطوة ذاهباً ولا راجعاً.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حين فصل من بيوت السقيا: اللهم، إنهم حفاةٌ فاحملهم، وعراةٌ فاكسهم، وجياعٌ فأشبعهم، وعالةٌ فأغنهم من فضلك! قال: فما رجع أحدٌ منهم يريد أن يركب إلا وجد ظهراً، للرجل البعير والبعيران، واكتسى من كان عارياً، وأصابوا طعاماً من أزوادهم، وأصابوا فداء الأسرى فأغنى به كل عائل. واستعمل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على المشاة قيس بن أبي صعصة - واسم ابن صعصعة عمرو بن زيد ابن عوف بن مبذول - وأمره النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) حين فصل من بيوت السقيا أن يعد المسلمين. فوقف لهم ببئر أبي عنبة فعدهم، ثم أخبر النبي عليه الصلاة والسلام. وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من بيوت السقيا حتى سلك بطن العقيق، ثم سلك طريق المكتمن حتى خرج على بطحاء ابن أزهر، فنزل تحت شجرة هناك، فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى حجار، فبنى تحتها مسجداً، فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم. وأصبح يوم  الاثنين فهو هناك، وأصبح ببطن ملل وتربان، بين الحفيرة وملل. وقال سعد بن أبي وقاص: لما كنا بتربان قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: يا سعد، انظر إلى الظبي، قال: فأفوق له بسهمٍ، وقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، فوضع ذقنه بين منكبي وأذني، ثم قال: ارم، اللهم سدد رميته! قال: فما أخطأ سهمي عن نحره. قال: فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال: وخرجت أعدو، فأجده وبه رمق، فذكيته فحملناه حتى نزلنا قريباً، فأمر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقسم بين أصحابه. حدثني بذلك محمد بن بجاد، عن أبيه، عن سعد.

قالوا: وكان معهم فرسان، فرس لمرثد بن أبي مرثد الغنوي، وفرس للمقداد بن عمرو البهراني حليف بني زهرة. ويقال فرس للزبير. ولم يكن إلا فرسان، ولا اختلاف عندنا أن المقداد له فرسٌ.

حدثني موسى بن يعقوب، عن عمته، عن أبيها، عن ضباعة بنت الزبير، عن المقداد بن عمرو، قال: كان معي فرس يوم بدر يقال له سبحة. وحدثني سعد بن مالك الغنوي، عن آبائه، قال: شهد مرثد بن أبي مرثد الغنوي يومئذٍ على فرسٍ له، يقال له السيل.

قالوا: ولحقت قريشٌ بالشام في عيرها، وكانت العير ألف بعير، وكانت فيه أموال عظام، ولم يبق بمكة قرشي ولا قرشيةٌ له مثقالٌ فصاعداً، إلا بعث به في العير، حتى إن المرأة لتبعث بالشيء التافه. فكان يقال: إن فيها لخمسين ألف دينار، وقالوا أقل، وإن كان ليقال إن أكثر ما فيها من المال لآل سعيد بن العاص أبي أحيحة إما مالٌ لهم، أو مال مع قوم قراض على النصف، فكانت عامة العير لهم. ويقال كان لبني مخزوم فيها مائتا بعير، وخمسة أو أربعة آلاف مثقال ذهب، وكان يقال للحارث بن عامر بن نوفل فيها ألف مثقال، وكان لأمية بن خلف ألفا مثقال.

فحدثني هشام بن عمارة بن أبي الحويرث قال: كان لبني عبد مناف فيها عشرة آلاف مثقال، وكان متجرهم إلى غزة من أرض الشام، وكانت عيرات بطون قريش فيها يعني العير.

فحدثني عبد الله بن جعفر، عن أبي عون مولى المسور، عن مخرمة ابن نوفل، قال: لما لحقنا بالشام أدركنا رجلٌ من جذام، فأخبرنا أن محمداً كان عرض لعيرنا في بدأتنا، وأنه تركه مقيماً ينتظر رجعتنا، قد حالف علينا أهل الطريق ووادعهم. قال مخرمة: فخرجنا خائفين نخاف الرصد، فبعثنا ضمضم بن عمرو حين فصلنا من الشام. وكان عمرو بن العص يحدث يقول: لما كنا بالزرقاء - والزرقاء بالشام بناحية معان من أذرعات على مرحلتين - ونحن منحدرون إلى مكة، لقينا رجلاً من جذام، فقال: قد كان عرض محمد لكن في بدأتكم في أصحابه. فقلنا: ما شعرنا! قال: بلى، فأقام شهراً ثم رجع إلى يثرب، وأنتم يوم عرض محمد لكم مخفون، فهو الآن أحرى أن يعرض لكم، إنما يعد لكم الأيام عدّاً، فاحذروا على عيركم وارتأوا آراءكم، فوالله ما أرى من عدد، ولا كراع، ولا حلقة. فأجمعوا أمرهم، فبعثوا ضمضماً، وكان في العير، وقد كانت قريش مرت به وهو بالساحل مع بكرانٍ له، فاستأجروه بعشرين مثقالاً. وأمره أبو سفيان أن يخبر قريشاً أن محمداً قد عرض لعيرهم، وأمره أن يجدع بعيره إذا دخل، ويحول رحله، ويشق قميصه من قبله ودبره ويصيح: الغوث! الغوث! ويقال إنما بعثوه من تبوك. وكان في العير ثلاثون رجلاً من قريش، فيهم عمرو بن العاص، ومخرمة بن نوفل.

قالوا: وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل ضمضم بن عمرو رؤيا رأتها فأفزعتها، وعظمت في صدرها. فأرسلت إلى أخيها العباس فقالت: يا أخي، قد رأيت والله رؤيا الليلة أفظعتها، وتخوفت أن يدخل على قومك منها شرٌ ومصيبةٌ، فاكتم على أحدثك منها. قالت: رأيت راكباً أقبل على بعيرٍ حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلى صوته: يا آل غدر، انفروا إلى مصارعكم في ثلاث! فصرخ بها ثلاث مرات، فأرى الناس اجتمعوا إليه، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه إذ مثل به بعيره على ظهر الكعبة، فصرخ بمثلها ثلاثاً، ثم مثل له بعيره على رأس أبي قبيس، ثم صرخ بمثلها ثلاثاً. ثم أخذ صخرة من أبي قبيس فأرسلها، فأقبلت تهوى حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت، فما بقي بيت من بيوت مكة، ولا دار من دور مكة، إلا دخلته منها فلذة. فكان عمرو بن العاص يحدث فيقول: لقد رأيت كل هذا، ولقد رأيت في دارنا فلقة من الصخرة التي انفلقت من أبي قبيس، فلقد كان ذلك عبرة، ولكن الله لم يرد أن نسلم يومئذٍ لكنه أخر إسلامنا إلى ما أراد.

قالوا: ولم يدخل داراً ولا بيتاً من دور بني هاشم ولا بني زهرة من تلك الصخرة شيءٌ. قالوا: فقال أخوها: إن هذه لرؤيا! فخرج مغتماً حتى لقي الوليد بن عتبة بن ربيعة، وكان له صديقاً، فذكرها له واستكتمه، ففشا الحديث في الناس. قال: فغدوت أطوف بالبيت، وأبو جهل في رهط، من قريش يتحدثون قعوداً برؤيا عاتكة، فقال أبو جهل: ما رأت عاتكة هذه! فقلت: وما ذاك؟ فقال: يا بني عبد المطلب، أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم؟ زعمت عاتكة أنها رأت في المنام كذا وكذا الذي رأت فسنتربص بكم ثلاثاً، فإن يك ما قالت حقًّا فسيكون، وإن مضت الثلاث ولم يكن نكتب عليكم أنكم أكذب أهل بيتٍ في العرب. فقال: يا مصفر استه، أنت أولى بالكذب واللؤم منا! قال أبو جهل: إنا استبقنا المجد وأنتم فقلتم: فينا السقاية! فقلنا: لا نبالي، تسقون الحاج! ثم قلتم: فينا الحجابة! فقلنا: لا نبالي، تحجبون البيت! ثم قلتم: فينا الندوة! فقلنا: لا نبالي، تلون الطعام وتطعمون الناس، ثم قلتم: فينا الرفادة! فقلنا: لا نبالي، تجمعون عندكم ما ترفدون به الضعيف! فلما أطعمنا الناس وأطعمتم، وازدحمت الركب، واستبقنا المجد، فكنا كفرسي رهان، قلتم: منا نبي! ثم قلتم: منا نبية! فلا واللات والعزى، لا كان هذا أبداً! قال: فوالله، ما كان مني من غيرٍ إلا أني جحدت ذلك، وأنكرت أن تكون عاتكة رأت شيئاً. فلما أمسيت لم تبق امرأة أصابتها ولادة عبد المطلب إلا جاءت، فقلن: رضيتم بهذا الفاسق الخبيث يقع في رجالكم، ثم قد تناول نساءكم وأنت تسمع، ولم يكن لك عند ذلك غيرة؟ قال: والله ما فعلت إلا ما لا بال به؟ والله لأعترضن له غداً، فإن عاد لأكفيكموه. فلما أصبحوا من ذلك اليوم الذي رأت فيه عاتكة ما رأت قال أبو جهل: هذا يوم! ثم الغد قال أبو جهل: هذان يومان! فلما كان في اليوم الثالث، قال أبو جهل: هذه ثلاثة أيام، ما بقي! قال: وغدوت في اليوم الثالث وأنا حديد مغضب، أرى أن قد فاتني منه أمرٌ أحب أن أدركه، وأذكر ما أحفظتني النساء به من مقالتهن لي ما قلن، فوالله إني لأمشي نحوه - وكان رجلاً خفيفاً، حديد الوجه، حديد اللسان، حديد النظر - إذ خرج نحو باب بني سهم يشتد، فقلت: ما باله، لعنه الله؟ أكل هذا فرقاً من ان أشاتمه؟ فإذا هو قد سمع صوت ضمضم ابن عمرو وهو يقول: يا معشر قريش، يا آل لؤي بن غالب، اللطيمة، قد عرض لها محمد في أصحابه! الغوث، الغوث! والله، ما أرى أن تدركوها! وضمضم ينادي بذلك ببطن الوادي، قد جدع أذني بعيره، وشق قميصه قبلاً ودبراً، وحول رحله. وكان يقول: لقد رأيتني قبل أن أدخل مكة وإني لأرى في النوم، وأنا على راحلتي، كأن وادي مكة يسيل من أعلاه إلى أسفله دماً، فاستيقظت فزعاً مذعوراً، وكرهتها لقريش، ووقع في نفسي أنها مصيبة في أنفسهم. وكان يقال: إن الذي نادى يومئذٍ إبليس، تصور في صورة سراقة بن جعشم، فسبق ضمضماً فأنفرهم إلى عيرهم، ثم جاء ضمضم بعده. فكان عمير بن وهب يقول: ما رأيت أعجب من أمر ضمضم قط، وما صرخ على لسانه إلا شيطان، إنه لم يملكنا من أمورنا شيئاً حتى نفرنا على الصعب والذلول. وكان حكيم بن حزام يقول: ما كان الذي جاءنا فاستنفرنا إلى العير إنسانٌ، إن هو إلا شيطان! فقيل: كيف يا أبا خالد؟ فقال: إني لأعجب منه، ما ملكنا من أمورنا شيئاً!

قالوا: وتجهز الناس، وشغل بعضهم عن بعض، وكان الناس بين رجلين، إما خارجٍ، وإما باعث مكانه رجلاً. فأشفقت قريش لرؤيا عاتكة، وسرت بنو هاشم. وقال قائلهم: كلا، زعمتم أنا كذبنا وكذبت عاتكة! فأقامت قريش ثلاثةً تتجهز، ويقال يومين، وأخرجت قريش أسلحتها واشتروا سلاحاً، وأعام قريهم ضعيفهم. وقام سهيل بن عمرو في رجالٍ من قريش فقال: يا معشر قريش، هذا محمد والصباة معه من شبانكم، وأهل يثرب، قد عرضوا لعيركن ولطيمة قريش، - واللطيمة: التجارة قال أبو الزناد: اللطيمة جميع ما حملت الإبل للتجارة. وقال غيره: اللطيمة العطر خاصة - فمن أراد ظهراً فهذا ظهر، ومن أراد قوة فهذه قوة. وقام زمعة بن الأسود فقال: إنه واللت والعزى، ما نزل بكم أمرٌ أعظم من هذا، إن طمع محمد وأهل يثرب أن يعترضوا لعيركم فيها حرائبكم فأرعبوا، ولا يتخلف منكم أحدٌ، ومن كان لا قوة له فهذه قوة! والله، لئن أصابها محمد لا يروعكم بهم إلا وقد دخلوا عليكم. وقال طعيمة بن عيد: يا معشر قريش، إنه والله ما نزل بكم أمرٌ أجل من هذا، أن تستباح عيركم ولطيمة قريش، فيها أموال وحرائبكم. والله ما أعلم رجلاً ولا امرأة من بني عبد مناف له نشٌّ فصاعداً إلا وهو في هذه العير، فمن كان لا قوة به فعندنا قوة، نحمله ونقويه. فحمل على عشرين بعيراً، وقواهم وخلفهم في أهلم بمعونة. وقام حنظلة بن أبي سفيان، وعمرو بن أبي سفيان، فحرضا الناس على الخروج، ولم يدعوا إلى قوة ولا حملان. فقيل لهما: ألا تدعوان إلى ما دعا إليه قومكما من الحملان؟ فقالا: والله ما لنا مال وما المال إلا لأبي سفيان. ومشى نوفل بن معاوية الديلي إلى أهل القوة من قريش، فكلمهم في بذل النفقة والحملان لمن خرج، فكلم عبد الله ابن أبي ربعية فقال: هذ خمسمائة دينار، فضها حيث رأيت، وكلم حويطب بن عبد العزى فأخذ منه مائتي دينار أو ثلثمائة، ثم قوى بها السلاح والظهر.

قالوا: وكان لا يتخلف أحدٌ من قريش إلا بعث مكانه بعيثاً، فمشت قريش إلى أبي لهب فقالوا: إنك سيد من سادات قريش، وإنك إن تخلفت عن النفير يعتبر بك غيرك من قومك، فاخرج أو ابعث أحداً. فقال: واللت والعزى لا أ خرج ولا أبعث أحداً! فجاءه أبو جهل فقال: قم يا أبا عتبة، فوالله ما خرجنا إلا غضباً لدينك ودين آبائك! وخاف أبو جهل أن يسلم أبو لهب، فسكت أبو لهب فلم يخرج ولم يبعث، وما منع أبا لهب أن يخرج إلا إشفاق من رؤيا عاتكة، فإنه كان يقول: إنما رؤيا عاتكة أخذٌ باليد. ويقال إنه بعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، وكان له عليه دين، فقال: اخرج وديني لك! فخرج عنه.

قالوا: وأخرج عتبة وشيبة دروعاً لهما، ونظر إليهما عداس وهما يصلحان دروعهما وآلة حربهما، فقال: ما تريدان؟ قالا: ألم تر إلى الرجل الذي أرسلناك إليه بالعنب في كرمنا بالطائف؟ قال: نعم. قالا: نخرج فنقاتله. فبكى وقال: لا تخرجا، فوالله إنه لنبي! فأبيا فخرجا، وخرج معهما فقتل ببدر معهما.

قالوا: واستقسمت قريش بالأزلام عند هبل للخروج، فاستقسم أمية بن خلف، وعتبة، وشيبة عند هبل بالآمر والناهي، فخرج القدح الناهي للخروج، فأجمعوا المقام حتى أزعجهم أبو جهل فقال: ما استقسمت ولا نتخلف عن عيرنا! ولما توجه زمعة بن الأسود خارجاً، وكان بذي طوى، أخرج قداحه فاستقسم بها، فخرج الناهي للخروج، فلقي غيظاً، ثم أعادها الثانية فخرج مثل ذلك، فكسرها، وقال: ما رأيت كاليوم قداحاً أكذب من هذه! ومر به سهيل بن عمرو وهو على تلك الحال، فقال: ما لي أراك غضبان يا أبا حكيمة؟ فأخبره زمعة فقال: امض عنك أيها الرجل، وما أكذب من هذه القداح! قد أخبرني عمير بن وهب مثل الذي أخبرتني أنه لقيه. ثم مضيا على هذا الحديث.

حدثنا محمد قال: حدثنا الواقدي قال: حدثني موسى بن ضمرة بن سعيد، عن أبيه، قال: قال أبو سفيان بن حرب لضمضم: إذا قدمت على قريش فقل لها لا تستقسموا بالأزلام.

حدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، قال: سمعت حكيم بن حزام يقول: ما وجهت وجهاً قط. كان أكره لي من مسيري إلى بدر، ولا بان لي في وجهٍ قط. ما بان لي قبل أن أخرج. ثم يقول: قدم ضمضم فصاح بالنفير، فاستقسمت بالأزلام، كل ذلك يخرج الذي أكره، ثم خرجت على ذلك حتى نزلنا مر الظهران.

فنحر ابن الحنظلية جزراً، فكانت جزور منها بها حياة، فما بقي خباءٌ من أخبية العسكر إلا أصابه من دمها، فكان هذا بيناً، ثم هممت بالرجوع، ثم أذكر ابن الحنظلية وشؤمه، فيردني حتى مضيت لوجهي.

فكان حكيم يقول: لقد رأيتنا حين بلغنا الثنية البيضاء - والثنية البيضاء التي تهبطك على فخ وأنت مقبل من المدينة - إذا عداس جالسٌ عليها والناس يمرون، إذ مر عليه ابنا ربيعة، فوثب إليهما فأخذ بأرجلهما في غرزهما، وهو يقول: بأبي وأمي أنتما، والله إنه رسول الله، وما تساقان إلا إلى مصارعكما! وإن عينيه لتسيل دموعهما على خديه، فأردت أن أرجع أيضاً، ثم مضيت، ومر به العاص بن منبه بن الحجاج، فوقف عليه حين ولى عتبة وشيبة، فقال: ما يبكيك؟ فقال: يبكيني سيداي وسيدا أهل الوادي، يخرجان إلى مصارعهما، ويقاتلان رسول الله. فقال العاص: وإن محمداً رسول الله؟ قال: فانتفض عداس انتفاضةً، واقشعر جلده، ثم بكى وقال: إي والله، إنه لرسول الله إلى الناس كافةً. قال: فأسلم العاص بن منبه، ثم مضى وهو على الشك حتى قتل مع المشركين على شك وارتياب. ويقال رجع عداس ولم يشهد بدراً، ويقال شهد بدارً وقتل يومئذٍ والقول الأول أثبت عندنا.

قالوا: وخرج سعد بن معاذ معتمراً قبل بدر فنزل على أمية بن خلف، فأتاه أبو جهل فقال: أتنزل هذا، وقد آوى محمداً وآذناً بالحرب؟ فقال سعد بن معاذ: قل ما شئت، أما إن طريق عيركم علينا. قال أمية بن خلف: مه، لا تقل هذا لأبي الحكم، فإنه سيد أهل الوادي! قال سعد بن معاذ: وأنت تقول ذلك يا أمية، أما والله لسمعت محمداً يقول لأقتلن أمية بن خلف. قال أمية: أنت سمعته؟ قال، قلت: نعم. قال: فوقع في نفسه، فلما جاء النفير أبي أمية أن يخرج معهم إلى بدر، فأتاه عقبة بن أبي معيط. وأبو جهل، ومعه عقبة مجمرة فيها بخور، ومع أبي جهل مكحلة ومرود، فأدخلها عقبة تحته وقال: تبخر، فإنما أنت امرأة! وقال أبو جهل: اكتحل، فإنما أنت امرأة! قال أمية: ابتاعوا لي أفضل بعيرٍ في الوادي. فابتاعوا له جملاً بثلاثمائة درهم من نعم بني قشير، فغنمه المسلمون يوم بدر، فصار في سهم خبيب بن يساف.

قالوا: وما كان أحد ممن خرج إلى العير أكره للخروج من الحارث ابن عامر، وقال: ليت قريشاً تعزم على القعود، وأن مالي في العير تلف، ومال بني عبد مناف أيضاً. فيقال: إنك سيد من ساداتها، أفلا تزعها عن الخروج؟ قال: إني أرى قريشاً قد أزمعت على الخروج، ولا أرى أحداً به طرق تخلف إلا من علة، وأنا أكره خلافها، وما أحب أن تعلم قريش ما أقول الآن، مع أن ابن الحنظلية رجل مشئوم على قومه، ما أعلمه إلا يحرز قومه أهل يثرب. ولقد قسم مالاً من ماله بين ولده، ووقع في نفسه أنه لا يرجع إلى مكة. وجاءه ضمضم بن عمرو، وكانت للحارث عنده أيادٍ، فقال: أبا عامر، رأيت رؤيا كرهتها، وإني كاليقظان على راحلتي، وأرى كأن واديكم يسيل دماً من أسفله إلى أعلاه. قال الحارث: ما خرج أحدٌ وجهاً من الوجوه أكره له من وجهي هذا. قال: يقول ضمضم له: والله، إني لأرى أن تجلس. فقال الحارث: لو سمعت هذا منك يتيمنون به، قالوا: فكيف نصنع بالرجوع إن نرجع؟ قال الأخنس: نخرج مع القوم، فإذا أمسيت سقطت عن بعيري فتقولون نهش الأخنش! فإذا قالوا امضوا فقولوا لا نفارق صاحبنا حتى نعلم أهو حي أم ميت فندفنه، فإذا مضوا رجعنا. ففعلت بنو زهرة، فلما أصبحوا بالأبواء راجعين تبين للناس أن بني زهرة رجعوا، فلم يشهدها أحدٌ من بني زهرة. قالوا: وكانوا مائة أو أقل من المائة، وهو أثبت، وقد قال قائل كانوا ثلثمائة. وقال عدي ابن أبي الزغباء في منحدره إلى المدينة من بدر، وانتشرت الركاب عليه، فجعل عدي يقول:

أقم لها صدورها يا بسبس ... إن مطايا القوم لا تحبس

وحملها على الطريق أكيس ... قد نصر الله وفر الأخنس

حدثنا محمد بن شجاع الثلجي، قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: خرجت بنو عدي مع النفير حتى كانوا بثنية لفت، فلما كانوا في السحر عدلوا في الساحل منصرفين إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان فقال: يا بني عدي، كيف رجعتم لا في العير ولا في النفير؟ قالوا: أنت أرسلت إلى قريش أن يرجع، فرجع من رجع ومضى من مضى! فلم يشهدها أحدٌ من بني عدي. ويقال إنه لاقاهم بمر الظهران فقال تلك المقالة لهم. قال محمد بن عمر الواقدي: رجعت زهرة من الجحفة، وأما بنو عيد فرجعوا من الطريق، ويقال من مر الظهران.

ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكان صبيحة أربع عشرة من شهر رمضان بعرق الظبية، فجاء أعرابيٌّ قد أقبل من تهامة، فقال له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لك علم بأبي سفيان بن حرب؟ قال: ما لي بأبي سفيان علم. قالوا: تعال، سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قال: وفيكم رسول الله؟ قالوا: نعم. قال: فأيكم رسول الله؟ قالوا: هذا. قال: أنت رسول الله؟ قال: نعم. قال الأعرابي: فما في بطن ناقتي هذه إن كنت صادقاً؟ قال سلمة بن سلامة بن وقش: نكحتها فهي حبلى منك! فكره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) مقالته، وأعرض عنه.

ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتاه الروحاء ليلة الأربعاء للنصف من شهر رمضان، فصلى عند بئر الروحاء.

حدثني محمد بن شجاع الثلجي قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال: فحدثني عبد الملك بن عبد العزيز، عن أبان بن صالح، عن سعيد بن المسيب أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لما رفع رأسه من الركعة الأخيرة من وتره لعن الكفرة وقال: اللهم لا تفلتن أبا جهل فرعون هذه الأمة، اللهم لا تفلتن زمعة بن الأسود، اللهم وأسخن عين أبي زمعة بزمعة، اللهم أعم بصر أبي زمعة، اللهم لا تفلتن سهيلاً، اللهم أنج سلمة ابن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين! والوليد بن الوليد لم يدع له يومئذٍ، أسر ببدر ولكنه لما رجع من مكة بعد بدر أسلم، فأراد أن يخرج إلى المدينة فحبس، فدعا له النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بعد ذلك. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأصحابه بالروحاء: هذه سجاسج - يعني وادي الروحاء - هذا أفضل أودية العرب.

قالوا: وكان خبيب بن يساف رجلاً شجاعاً، وكان يأبى الإسلام، فلما خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى بدر خرج وهو وقيس بن محرث، وهما على دين قومهما، فأدركا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالعقيق، وخبيب مقنعٌ بالحديد، فعرفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من تحت المغفر، فالتفت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى سعد بن معاذ، وهو يسير إلى جنبه، فقال: أليس بخبيب بن يساف؟ قال: بلى! قال: فأقبل خبيب حتى أخذ ببطان ناقة النبي صلى الله عليه وسلّم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ولقيس بن محرث يقال قيس بن المحرث، وقيس بن الحارث، ما أخرجكما معنا؟ قالا: كنت ابن أختنا وجارنا، وخرجنا مع قومنا للغنيمة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: لا يخرجن معنا رجلٌ ليس على ديننا. قال خبيب: قد علم قومي أني عظيم الغناء في الحرب، شديد النكاية، فأقاتل معك للغنيمة ولن أسلم! قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: لا، ولكن أسلم ثم قاتل. ثم أدركه بالروحاء فقال: أسلمت لله رب العالمين، وشهدت أنك رسول الله. فسر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بذلك، وقال: امضه! وكان عظيم الغناء في بدر وغير بدر. وأبي قيس بن محرث أن يسلم ورجع إلى المدينة، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من بدر أسلم، ثم شهد أحداً فقتل.

قالوا: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فصام يوماً أو يومين، ثم رجع ونادى مناديه: يا معر العصاة، إني مفطرٌ فأفطروا! وذلك أنه قد كان قال لهم قبل ذلك أفطروا فلم يفعلوا.

........




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).