أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2016
1443
التاريخ: 10-10-2016
3221
التاريخ: 8-10-2016
1637
التاريخ: 6-10-2016
2717
|
بقايا المدينة والتسمية:
تقع بقايا أوغاريت القديمة اليوم في تل رأس شُمرة (1)المكون من تجمع بقايا آثارية على بعد بضع مئات من الأمتار من البحر المتوسط وعلى بعد يقرب من عشرة كيلومترات الى الشمال من مدينة اللاذقية السورية في خليج محمي عرف باسم ( مينا البيضا ) وقد وصفت بأنها اول ميناء دولي في التاريخ (2)، وهذا الموقع جعل لها أهمية كبيرة باعتبارها مركزاً تجارياً ولأنها تمثل نقطة التقاء ما بين العراق القديم وفلسطين ومصر ،كذلك فهي قريبة من قبرص الغنية بالنحاس ، فضلاً على إنها لعبت دوراً مهماً في التجارة مع آسيا الصغرى وهذا ما جعلها اهم مركز حضاري في سورية في الألف الثاني ق. م (3) ودلت على ذلك النصوص المصرية القديمة ، إذ وردت في مراسلات تل العمارنة بالصيغ الآتية :-
u-ga-ri-it u-ga-ri-ti u-ga-ri-ta (4)
ويرى الدكتور فيليب حتي إن معنى كلمة ( أوغاريت ) هي حقل وهي كما يقول مستعارة من السومرية (5) ، ولكن المفردة السومرية التي تعني حقل هي (6) A S A)) وهي ليست لها علاقة بلفظة الحقل ، في حين ان الكلمة ( eqlu ) والتي تعني الحقل في الأكدية والمتطابقة من حيث اللفظ والمعنى مع العربية هي اللفظة المقصودة ، أما كلمة ( igaru) الأكدية فمن معانيها الجدار ، او السياج من المصــدر(igaru) ، كما تعنــي الأرض الخضراء أو المزرعة (السهل) من المصدر (7) ugaru) أو (8) igaru ))، وربما قصد بالتسمية القلعة المحاطة بجدار والتي كانت تمثل اوغاريت القديمة ، إذ كانت هذه القلعة تمثل مركز المدينة التي قامت على سفحها مساكن عامة الناس من حرفيين وصغار التجار ، في حين كانت القصور الملكية المحاطة بمنشآت دفاعية تقع في نهاية الطرف الشمالي الغربي من المدينة(9) .
الاكتشاف والتنقيب الآثاري:
في ربيع عام 1929 بدأت البعثة الفرنسية عملها في تل رأس شُمرة بعد اكتشافها لأثار موقع مينا البيضا المجاور له وكان ذلك بناءاً على رأي رينيه دوسو ( محافظ قسم الآثار الشرقية في متحف اللوفر آنذاك ) بعد صدفة الأكتشاف التي حدثت عند اصطدام محراث الفلاح السوري بمخلفات بنائية إثناء حراثته لأرضه وتم إسناد رئاسة البعثة الاثارية إلى كلود شيفر الذي حقق إنجازات علمية كبيرة بعد اكتشاف أجزاء هامة من المدينة وتم بعد ذلك مطابقة رأس شُمرة مع أوغاريت (10) تلك المملكة السورية التي ورد ذكرها أولاً في الأطلس الجغرافي الذي جاءنا من أرشيف نصوص ايبلا في الألف الثالث ق.م.(11) وتأكد دورها في الألف الثانية قبل الميلاد من خلال إشارات كتابية جاءتنا من أرشيف ماري ، وفي نصوص تل العمارنة في مصر وكذلك من بوغازكوي الحثية(12) قبل أن تعثر البعثة الفرنسية على أول رقيم طيني مكتوب بكتابات مسمارية كانت غير معروفة آنذاك عرفت بعد ذلك بالأبجدية الأوغاريتية(13) .
ينتصب التل الأثري للمدينة القديمة في أراضٍ زراعية على شكل مربع منحرف قليلاً يبلغ قطره من الشمال إلى الجنوب 600 متر ومن الشرق إلى الغرب 580 متر وتبلغ مساحته 360.000 متر مربع تقريباً ومتوسط ارتفاعه عن سطح الأرض 17.50 متراً (14)، والتل مقسم إلى خمس طبقات من الأعلى ، كل طبقة مقسمة إلى عدة ادوار على النحو الأتي :
الطبقة الخامسة : تضم بقايا العصر الحجري الحديث ( في حدود7000-5000 ق.م. ).
الطبقة الرابعة : تعود للنصف الأول من الألف الرابع ( حلف ).
الطبقة الثالثة: تبدأ من النصف الثاني من الألف الرابع إلى 2100 ق.م. ( عبيد وبرونزي وقديم ).
الطبقة الثانية : تبدأ من 2100-1600 ق.م. (برونزي وسيط ).
الطبقة الأولى : تبدأ من 1600-1200 ق.م. (برونزي حديث)(15).
وهذا يعني وكما أظهرت تنقيبات البعثة الفرنسية ان هذا التل قد سكن منذ العصر الحجري الحديث في الألف السابع ق.م. حتى عصر البرونز الحديث بعد أن دمرت اوغاريت في بداية القرن الثاني عشر ق.م. إذ هجر وتحول إلى مراعٍ وحقول زراعية باستثناء احد قطاعاته إذ أقيمت عليه مستوطنة صغيرة تعود إلى العصر الفارسي في القرن الخامس ق.م. ، تم الكشف عنها ما بين عامي 1971-1973(16).
أن أول ما عثر عليه من هذه المدينة هو مدفن منهوب يقع بالقرب من خليج كان مجهولاً حتى ذلك الحين هو ( مينا البيضا ) ، إذا تم تحديد مكان مرفأ كان قائماً في القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد(17)، وهذا المرفأ لعب دوراً هاماًُ ورئيساً في ازدهار المملكة ، إذ عرف باسم ماخادو ( Mahadau) وأصبح فيما بعد يدير مؤسسة تجارية عالمية cosmopolotical (كوسموبوليتية )(18) كما أسفرت حفريات المدينة العليا الواقعة على قمة التل ما بين عامي 1929-1938م عن اكتشاف عدد من الأحياء السكنية المنتشرة حول معبدي بعل وداجان وما يعرف ببيت رئيس الكهنة الذي يقع بينهما وتم العثور فيه على عدد من الرقم الطينية المكتوبة بالاوغاريتية والتي فكت رموزها على يد كل من بوير( Bauer) ودورم (Dhorme) وفيردلـو ( Virdleaud) سنة 1930م وقد اتضح انها تحوي على مواضيع دينية وأدبية أسطورية وقد بينت لنا جوانب مهمة من المعتقدات الدينية والآداب الأوغاريتية التي أعطت قيمة كبيرة للحضارة السورية(19) .
ومما يدلل على ازدهار هذه المملكة اكتشاف ثلاثة قصور فيها(20) وعدد من المعابد التي تدلل على تقدم هندسة العمارة فيها وهذا ما يمكن ان نلاحظه ايضاً في تخطيط بيوتها السكنية التي كان البعض منها بطابقين مما يعطي انطباعاً على مدى الرفاهية والأزدهار الاقتصادي الذي وصلت إليه المدينة(21) . بحكم مركزها الهام في التجارة الدولية وتمتعها بعلاقات تجارية وثيقة مع مراكز دولية مهمة من العالم القديم ، فضلاً عن مملكة ماري ابتداءاً من النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد(22).
_______________
(1) يرى بعض الباحثين ان التل سمي نسبة إلى أسم نبتة تعرف في لبنان باسم ( شُمره ) بالضم ويرى البعض إلى إمكان اعتبار الاسم آرامياً ومعناه الحراسة والمراقبة لأنه مكان عال وقريب من البحر لذا فأنه استعمل لهذا الغرض : انظر فريحة ، انيس ، ملاحم وأساطير من اوغاريت ، بيروت ، 1980 ، ص18.
(2) ايون ، مارغرين ، " اوغاريت مدينة ملكية من عصر البرونز " ، ترجمة وائل الأتاسي ، مجلة المعرفة ، العدد 412 ، دمشق ، 1988 ، ص58.
من الجدير بالإشارة هنا إلى أن المؤلفة من الذين تولوا رئاسة بعثة التنقيب الآثارية الفرنسية في اوغاريت.
(3) Syria- Archeology from space, Damas- Salispory, 2002 , p.64.
(4) Knudtzon, J. A, Die El-Amarna – tafeln in vorderasia tische:
Bibliothek t ,11, Lipziq . 1915:1939; 151, 55; 45, 35 and 98,9.
(5) حتي ، فيليب ، تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ، ترجمة جورج حداد وعبد المنعم رافق ، بيروت ، 1958 ، ص123.
(6) لابات ، رينيه ، قاموس العلامات المسمارية ، ترجمة الألب البيرابونا وآخرون ، بغداد ، 2004 ، ص328.
(7) CDA; I, p.125.
(8) حميد ، أحمد مجيد ،" التبني في العصر البابلي القديم " ، سومر ، م53 ، ج1 ، ج2 ، بغداد ، 2006 ، ص250.
(9) شيفمان ، آ ، ش ، ثقافة اوغاريت ، ص8-9.
(10) البني ، عدنان ، " اوغاريت وشيفر والذكريات " ، رواد علم الآثار السورية 1860-1960 ، دمشق ، 2008 ، ص98 وما بعدها.
لابد هنا ذكر أسماء الآثاريين الذين عملوا مع كلود شيفر في تنقيبات المدينة وهم شيـنزChenes) ( كورتو ( Courtois ) ، دوكونتانسون ( De Conteson ) . انظر كتاب البعثة الفرنسية المنقبة رأس شُمرة ( 1929-1979 ) ترجمة فهمي ألدالاتي ، دمشق ، 1980.
(11) كلينغل ، هورست ، تاريخ سورية السياسي 3000-300 ق.م. ، ترجمة سيف الدين دياب ، ط1، دمشق ، 1988 ، ص31.
(12) ايون ، مارغرين ، المصدر السابق، ص59.
(13) البعثة الفرنسية المنقبة ، المصدر السابق ، ص71.
(14) سعادة ، جبرائيل ، رأس شُمرا وآثار اوغاريت ، دمشق ، 1954 ، ص22.
(15) جاموس ، بسام ، الساحل السوري في الألف الثاني ق.م. ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة دمشق ، 1988 ، ص16.
(16) المساهمة الفرنسية في دراسة الآثار السورية 1969-1989 ، دمشق ، 1989 ، ص76.
(17) البعثة الفرنسية المنقبة ، المصدر السابق، ص14.
(18) ايون ، مارغرين ، المصدر السابق ، ص73.
(19) المساهمة الفرنسية في دراسة الآثار السورية ، 1969-1989 ، المصدر السابق ، ص76-77.
(20) البعثة الفرنسية المنقبة ، المصدر السابق ، ص43، ص51.
(21) ايون ، مارغرين ، المصدر السابق ، ص58.
(22) شيفمان ، أ ، شن مجتمع أوغاريت ، ترجمة حسان ميخائيل ، ط1 ، دمشق ، 1988، ص10.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|