أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-5-2016
3640
التاريخ: 19-10-2015
6576
التاريخ: 30-01-2015
3255
التاريخ: 13-4-2019
6797
|
كان الامام (عليه السلام) في تلك الفترة الحرجة يعيش أقصى حالات العبادة والزهد، يقول ابن ابي الحديد: «وأما العبادة فكان اعبد الناس واكثرهم صلاة وصوماً، ومنه تعلّم الناس صلاة الليل وملازمة الاوراد وقيام النافلة...»، وإذا تأملنا دعواته ومناجاته ووقفنا على ما فيها من اجلال المولى عزّ وجلّ، لعرفنا ما انطوت عليه نفسه من القطع واليقين بالله والاخلاص له سبحانه وتعالى.
وكانت صلاته (عليه السلام) مطابقة لصلاة رسول الله (صلى الله عليه واله)، فليس فيها من البدع شيئاً، والى ذلك تشير رواية مطرف بن عبد الله، قال: «صليت انا وعمران بن حصين خلف علي بن ابي طالب فكان اذا سجد كبّر، واذا رفع رأسه كبّر، واذا نهض من الركعتين كبّر، فلما انصرفنا اخذ عمران يدي فقال: لقد صلّى صلاة محمّد، ولقد ذكّرني صلاة محمّد (صلى الله عليه واله)».
وفي زهده (عليه السلام) قيل: «واما زهده رضي الله عنه فهو من الامور المشهورة التي اشترك في معرفتها الخاص والعام، واما ما رويناه عنه في مسند الامام احمد بن حنبل رحمه الله وغيره انه رضي الله عنه قال: لقد رأيتني وأني لأربط الحجر على بطني من الجوع، وان صدقتي لتبلغ اليوم اربعة آلاف دينار، وفي رواية اربعين الف دينار، فقال العلماء رحمهم الله: لم يرد _ رضي الله عنه _ به زكاة مال يملكه، وانما اراد الوقوف التي تصدّق بها وجعلها صدقة جارية، وكان الحاصل من غلّتها يبلغ هذا القدر، قالوا: ولم يدّخر رضي الله عنهقطّ ما لا يقارب هذا المبلغ ولم يترك حين توفي الا ستمائة درهم، وروينا انه كان عليه ازارٌ اشتراه بخمسة دراهم».
فلا ريب ان يسمع عمار بن ياسر (رضي الله عنه) قول رسول الله (صلى الله عليه واله): «يا علي ، ان الله تعالى زيّنك بزينةٍ لم تزيّن العباد بزينة أحب الىالله تعالى منها، هي: زينة الابرار عند الله عزّ وجلّ، الزهد في الدنيا فجعلك لا ترزأ من الدنيا شيئاً، ولا ترزأ الدنيا منك شيئاً، ووهب لك حبّ المساكين، فجعلك ترضى بهم اتباعاً ويرضون بك اماماً».
وروي ايضاً ان علياً (عليه السلام) عوتب «على تقلله في الدنيا وشدة عيشه ، فبكى وقال: كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يبيت الليالي طاوياً وما شبع من طعام ابداً، ولقد رأى يوماً ستراً موّشى على باب فاطمة (رضي الله عنها وأرضاها) فرجع ولم يدخل وقال: ما لي ولهذا؟ غيّبوه عن عيني، ما لي وللدنيا، وكان يجوع فيشدّ الحجر على بطنه، وكنت اشدّه معه، فهل أكرمه الله بذلك أم أهانه؟ فإن قال قائل: أهانه كذب ومرق، وان قال: أكرمه فيعلم ان الله قد أهان غيره حيث بسط له الدنيا وزواها عن اقرب الناس اليه واعزهم عليه حيث يخرج منها خميصاً، وورد الآخرة سليماً، لم يرفع حجراً على حجر ولا لبنة على لبنةٍ، ولقد سلكنا سبيله بعده، والله لقد رقّعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قيل لي: ألا تستبدل بها غيرها؟ فقلت للقائل: ويحك اعزب، فعند الصباح يحمد القوم السرى».
روى احمد باسناده عن ابي مليكة قال: «لما ارسل عثمان الى عليّ رحمة الله عليهما في التعاقب وجده مئتـزراً بعبائة محتجزاً بعقال وهو يهنأ بعيراً له».
وروى ايضاً باسناده عن عمرو بن قيس، قال: «قيل لعلي (عليه السلام) لِمَ ترقع قميصك؟ قال: يخشع القلب ويقتدي به المؤمن».
وقال المعتزلي: «قيل لجعفر بن محمد (عليه السلام): ان قوماً ها هنا ينتقصون علياً (عليه السلام)، قال: بمَ ينتقصونه...؟ وهل فيه موضع نقيصة؟ والله ما عرض لعلي (عليه السلام) أمران قطّ كلاهما لله طاعةٌ الا عمل بأشدّهما وأشقهما عليه، ولقد كان يعمل العمل كأنه قائم بين الجنة والنار، ينظر الى ثواب هؤلاء فيعمل له، وينظر الى عقاب هؤلاء فيعمل له، وان كان ليقوم الى الصلاة، فاذا قال: وجّهت وجهي، تغيّر لونه حتى يعرف ذلك في وجهه، ولقد أعتق الف عبد من كدّ يده، كلّهم يعرق فيه جبينه وتحفى فيه كفّه...».
وبكلمة، فقد كانت عبادته حالة عقلية وروحية درج (عليه السلام) عليها منذ ان كان صبياً مع رسول الله (صلى الله عليه واله)، فقد عبد الله سبحانه سراً وعلانية في الغار، وعبد الله سبحانه في الكعبة يوم كان ازلام قريش يصبون عليهما العذاب، وعبد الله عزّ وجلّ في ساحات الحروب الكبرى ضد الشرك، وليس عجيباً ان يستمر عليٌّ (عليه السلام)، بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله)، في عبادته المشهودة التي كانت تأخذ جلّ وقته وتفكيره.
ولا شك ان الزهد في الدنيا ملازمٌ للعبادة، فكلما ذاب العبد في التفكر في خالقه ومولاه عزّ وجلّ، كلما زهد في اموره الدنيوية المادية كاللباس والطعام والمال والملك، وهكذا كانت حياة علي (عليه السلام) مملوءة زهداً وصلاةً وتفكراً في الله جلّ وعلا.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|