أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-16
693
التاريخ: 12-4-2016
3636
التاريخ: 8-02-2015
3464
التاريخ: 12-4-2016
3583
|
ان فكرة الصفوة يمكن ان تصف ظاهرة اساسية في الحياة الاجتماعية للمجتمع المدني المتحضر، فالمجتمعات الانسانية عموماً - بسيطة كانت او معقدة، زراعية كانت او صناعية- تحتاج الى مَرجِع تعتبره رمزاً للحياة الشرعية العامة وتجسيداً للقيم الاخلاقية والدينية، ولاشك ان الاختلاف في القابليات الذهنية والروحية للناس، والتباين في الاداء بين البشر يساعد على الركون الى نظرية الصفوة، ذلك لان الاختلاف الشاسع في درجات الاذعان او التسليم تؤدي الى فوارق في النفوذ، والقيادة، والسلطة، فالانسان الذي نذعن له ونسلّم بسلطته لخصيصة معينة لا نملكها، نعطيه الحق في الحكم والادارة الاجتماعية والدينية.
ومن هنا كانت الصفوة الدينية قلّة منتَخبة انتخاباً سماوياً، ومتميزة عن بقية افراد المجتمع بسبب لياقة خاصة ورفعة مقام وسمو لا يصله اليهم احد، وقد اشار (عليه السلام) الى ذلك، فقال : (لا يقاسُ بآل محمد (صلى الله عليه واله) من هذهِ الامةِ احدٌ، ولا يُسوَّى بهم من جرَتْ نعمتُهم عليهِ ابداً : هُمْ اساسُ الدينِ، وعمادُ اليقينِ، اليهم يفيءُ الغالي، وبِهم يُلحقُ التالي، ولهم خصائصُ حقِّ الولايةِ، وفيهمُ الوصيةُ والوراثةُ...)، وقال (عليه السلام) ايضاً : (اين الذين زَعَموا انهم الراسخون في العلمِ دونَنا، كَذِباً وبغياً علينا ؟ ...بنا يُستعطى الهدى ويُستجلى العمى)، وفي زيارة الشهداء (عليه السلام) في كربلاء: (السلام عليكم يا اصفياء اللهِ واودائه...).
لقد كان علي (عليه السلام) يمثل الصفوة التي كانت تشتمل على جميع الفضائل والخصال الجليلة، ومع ان بعض القوى في الصراع الاجتماعي ارادت ان يكون لبعض الصحابة دور نخبوي اجتماعي اكبر من الصفوة الدينية، الا انها لم تفلح في ذلك، لان تلك النخبة ـ اذا صحّ اطلاق هذه التسمية عليها، كانت لا تمتلك، مجتمعة، جميع فضائل امير المؤمنين (عليه السلام) واهل بيت النبوة (عليه السلام).
كيف لا، وهو (عليه السلام) القائل يصف تلك الصفوة السماوية : (نحنُ الشِّعارُ والاصحابُ، والخزنةُ والابوابُ، ولا تؤتى البيوتُ الا من ابوابها، فمن أتاها من غيرِ ابوابها سُميَّ سارِقاً..، فيهم كرائمُ القرآنِ، وهم كنوزُ الرحمنِ، إن نطقُوا صَدقوا، وإن صمتوا لم يُسبَقُوا) .
فكان علي (عليه السلام) يمثل الصفوة الدينية في النظام الاجتماعي، ولذلك حُملتْ توليته (عليه السلام) على الاُمة في غدير خم محملاً طبيعياً منسجماً مع توجهات الدين الحنيف في ادارة المجتمع والدولة بعد غياب رسول الله (صلى الله عليه واله).
الصفوة الدينية وارشاد الجماعة:
وينبغي ان نلتفت الى ان وجود الصفوة الدينية كان متمّماً للنشاطات الاجتماعية المترافدة، فلم يكن المقصود إلغاء دور رجال المال والتجارة، وحفظة القرآن، والشعراء، واهل الادب، ورجال العلم والسياسة، والولاة، بل ان لكل هؤلاء دوائر خاصة بهم يستطيعون ان يتحركوا فيها ولهم مسؤولياتهم ونفوذهم الاجتماعي الذي لا يتقاطع مع مسؤولية الصفوة.
بيدَ ما حصل بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) هو، ان قريشاً حاولت ـ بعلم او بجهل ـ ابدال الصفوة الدينية الهاشمية بنخبة اجتماعية قرشية، فبدلاً من ان يحتل امير المؤمنين (عليه السلام) مكانه الطبيعي في ادارة المجتمع الديني وارشاد الامة، نادت الانصار يوم السقيفة : منا امير ومنكم امير، وادعت قريش بانها الشجرة، وانتصرت في ادعائها ذلك، الا انها تمسكت بالشجرة واضاعت الثمرة، كما اشار الامام (عليه السلام) الى ذلك، ثم اوصى الخليفة الاول للخليفة الثاني، وجعل الخليفة الثاني الامر شورى بين ستة من الافراد، وبذلك ابدلوا الصفوة الدينية التي اُريد لها ان تحكم المجتمع الاسلامي حكماً شرعياً، بنخبة اجتماعية قرشية سيطرت على مقدرات امور الناس، وكان ذلك اعظم انحراف ديني واجهه المجتمع الاسلامي بعد رحيل النبي (صلى الله عليه واله).
نعم، كان يمكن للنخبة الاجتماعية ان تجتمع لدعم الصفوة الدينية وتستهدي بهديها وتعلن استعدادها للانقياد لها، فالنخبة جزء لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية، ففي كل دائرة اجتماعية هناك نخبة مصغّرة تدير تلك الدائرة، ففي الجيش مثلاً تتواجد نخبة قديرة تدير شؤونه العسكرية، وفي التجارة تتواجد نخبة تدير تلك الدائرة، وفي الدائرة الادبية هناك نخبة تدير الادب والشعر، وهكذا، وتلك نخبٌ اجتماعية تُفرز - احياناً - من خلال كفائتها وحسن ادائها، او - على الاغلب- من خلال نظام سياسي يفرضها على المجتمع.
الا ان الصفوة الدينية تنتخب من قبل الغيب، لان لها خصائص وخصال وفضائل من حيث الادراك والاداء غير متوفرة عند الآخرين، فهي من حيث الثقل الديني والمهارة الاجتماعية والفكرية تختلف عن بقية النخب في الرتبة فضلاً عن الدرجة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة تستنفر جهودها للمشاركة بخدمة زائري مرقد سيدنا القاسم "عليه السلام"
|
|
|