المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

أنواع منظمات الاعمال
22-1-2018
تعارض الأدلّة والتعادل والتراجيح
1-9-2016
Electrostatic energy
4-1-2017
محاصيل ذات طبيعة خاصة- الكاكاو
27-12-2016
Poisson Kernel
24-5-2018
صفصاف أبيض White willow (Salix alba)
2023-04-18


نظرية الصفوة الدينية لا النخبة الاجتماعية  
  
3213   01:40 مساءً   التاريخ: 4-3-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 516-518.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) /

          ان فكرة الصفوة يمكن ان تصف ظاهرة اساسية في الحياة الاجتماعية للمجتمع المدني المتحضر، فالمجتمعات الانسانية عموماً - بسيطة كانت او معقدة، زراعية كانت او صناعية- تحتاج الى مَرجِع تعتبره رمزاً للحياة الشرعية العامة وتجسيداً للقيم الاخلاقية والدينية، ولاشك ان الاختلاف في القابليات الذهنية والروحية للناس، والتباين في الاداء بين البشر يساعد على الركون الى نظرية الصفوة، ذلك لان الاختلاف الشاسع في درجات الاذعان او التسليم تؤدي الى فوارق في النفوذ، والقيادة، والسلطة، فالانسان الذي نذعن له ونسلّم بسلطته لخصيصة معينة لا نملكها، نعطيه الحق في الحكم والادارة الاجتماعية والدينية.

          ومن هنا كانت الصفوة الدينية قلّة منتَخبة انتخاباً سماوياً، ومتميزة عن بقية افراد المجتمع بسبب لياقة خاصة ورفعة مقام وسمو لا يصله اليهم احد، وقد اشار (عليه السلام) الى ذلك، فقال : (لا يقاسُ بآل محمد (صلى الله عليه واله) من هذهِ الامةِ احدٌ، ولا يُسوَّى بهم من جرَتْ نعمتُهم عليهِ ابداً : هُمْ اساسُ الدينِ، وعمادُ اليقينِ، اليهم يفيءُ الغالي، وبِهم يُلحقُ التالي، ولهم خصائصُ حقِّ الولايةِ، وفيهمُ الوصيةُ والوراثةُ...)، وقال (عليه السلام) ايضاً : (اين الذين زَعَموا انهم الراسخون في العلمِ دونَنا، كَذِباً وبغياً علينا ؟ ...بنا يُستعطى الهدى ويُستجلى العمى)،  وفي زيارة الشهداء (عليه السلام) في كربلاء: (السلام عليكم يا اصفياء اللهِ واودائه...).

          لقد كان علي (عليه السلام) يمثل الصفوة التي كانت تشتمل على جميع الفضائل والخصال الجليلة، ومع ان بعض القوى في الصراع الاجتماعي ارادت ان يكون لبعض الصحابة دور نخبوي اجتماعي اكبر من الصفوة الدينية، الا انها لم تفلح في ذلك، لان تلك النخبة ـ اذا صحّ اطلاق هذه التسمية عليها، كانت لا تمتلك، مجتمعة، جميع فضائل امير المؤمنين (عليه السلام) واهل بيت النبوة (عليه السلام).

          كيف لا، وهو (عليه السلام) القائل يصف تلك الصفوة السماوية : (نحنُ الشِّعارُ والاصحابُ، والخزنةُ والابوابُ، ولا تؤتى البيوتُ الا من ابوابها، فمن أتاها من غيرِ ابوابها سُميَّ سارِقاً..، فيهم كرائمُ القرآنِ، وهم كنوزُ الرحمنِ، إن نطقُوا صَدقوا، وإن صمتوا لم يُسبَقُوا) .

          فكان علي (عليه السلام) يمثل الصفوة الدينية في النظام الاجتماعي، ولذلك حُملتْ توليته (عليه السلام) على الاُمة في غدير خم محملاً طبيعياً منسجماً مع توجهات الدين الحنيف في ادارة المجتمع والدولة بعد غياب رسول الله (صلى الله عليه واله).

الصفوة الدينية وارشاد الجماعة:

          وينبغي ان نلتفت الى ان وجود الصفوة الدينية كان متمّماً للنشاطات الاجتماعية المترافدة، فلم يكن المقصود إلغاء دور رجال المال والتجارة، وحفظة القرآن، والشعراء، واهل الادب، ورجال العلم والسياسة، والولاة، بل ان لكل هؤلاء دوائر خاصة بهم يستطيعون ان يتحركوا فيها ولهم مسؤولياتهم ونفوذهم الاجتماعي الذي لا يتقاطع مع مسؤولية الصفوة.

          بيدَ ما حصل بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) هو، ان قريشاً حاولت ـ بعلم او بجهل ـ ابدال الصفوة الدينية الهاشمية بنخبة اجتماعية قرشية، فبدلاً من ان يحتل امير المؤمنين (عليه السلام) مكانه الطبيعي في ادارة المجتمع الديني وارشاد الامة، نادت الانصار يوم السقيفة : منا امير ومنكم امير، وادعت قريش بانها الشجرة، وانتصرت في ادعائها ذلك، الا انها تمسكت بالشجرة واضاعت الثمرة، كما اشار الامام (عليه السلام) الى ذلك، ثم اوصى الخليفة الاول للخليفة الثاني، وجعل الخليفة الثاني الامر شورى بين ستة من الافراد، وبذلك ابدلوا الصفوة الدينية التي اُريد لها ان تحكم المجتمع الاسلامي حكماً شرعياً، بنخبة اجتماعية قرشية سيطرت على مقدرات امور الناس، وكان ذلك اعظم انحراف ديني واجهه المجتمع الاسلامي بعد رحيل النبي (صلى الله عليه واله).

          نعم، كان يمكن للنخبة الاجتماعية ان تجتمع لدعم الصفوة الدينية وتستهدي بهديها وتعلن استعدادها للانقياد لها، فالنخبة جزء لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية، ففي كل دائرة اجتماعية هناك نخبة مصغّرة تدير تلك الدائرة، ففي الجيش مثلاً تتواجد نخبة قديرة تدير شؤونه العسكرية، وفي التجارة تتواجد نخبة تدير تلك الدائرة، وفي الدائرة الادبية هناك نخبة تدير الادب والشعر، وهكذا، وتلك نخبٌ اجتماعية تُفرز - احياناً - من خلال كفائتها وحسن ادائها، او - على الاغلب- من خلال نظام سياسي يفرضها على المجتمع.

          الا ان الصفوة الدينية تنتخب من قبل الغيب، لان لها خصائص وخصال وفضائل من حيث الادراك والاداء غير متوفرة عند الآخرين، فهي من حيث الثقل الديني والمهارة الاجتماعية والفكرية تختلف عن بقية النخب في الرتبة فضلاً عن الدرجة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.