أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-3-2019
2275
التاريخ: 7-2-2019
2590
التاريخ: 14-10-2015
4402
التاريخ: 2023-12-31
1968
|
أقام علي (عليه السلام) بمكة بعد هجرة النبي (صلى الله عليه واله) الى المدينة يرد الودائع ويقضي الديون. وكان وضعه (عليه السلام) الامني مع المشركين في مكة خطيراً للغاية، فما الذي دعاه لذلك؟
ان الحديث عن رد الامانات الى الناس يقودنا الى الحديث عن الاخلاقية الدينية عند علي (عليه السلام) والتي تعلمها من رسول الله (صلى الله عليه واله).
فلا شك ان اهم ثمار الشخصية الاخلاقية التي كان يحملها (عليه السلام) هو ان سلوكه بين الناس كان ترجمة عملية لمفاهيم الدين. فهو الاسلام المتحرك في المجتمع، ومن هنا كان سلوكه الاخلاقي متطابقاً مع النظرية الاخلاقية للسماء. ومن الطبيعي فان السلوك الاخلاقي في رد الامانات والودائع وقضاء الديون يساهم في نشر الانسجام الديني والاخلاقي بين الناس. ومع ان مجتمع مكة كان مشركاً، الا ان العديد من افراده كانت عندهم القابلية على اعتناق الاسلام اذا لمسوا من أحكام الدين تغييراً في حياتهم الاجتماعية والاخلاقية.
فكان رد الامانات التي كانت بعهدة رسول الله (صلى الله عليه واله) الى الناس مهمة _ من الناحية الاخلاقية _ الى درجة ان تلك الاهمية كانت متناسبة مع حجم الخطورة التي كان يواجهها علي (عليه السلام) وهو في مكة دون مناصر. ورد الامانات تعدُّ من القيم الاخلاقية التي يحنُّ لها المجتمع الانساني ايّاً كان منشأه وايّاً كانت اهدافه وطموحات اعضائه ومنتسبه. ولا شك ان فضيلة الوفاء برد الامانة كان قد أمضاها الدين الحنيف، بينما اوكل رسول الله (صلى الله عليه واله) علياً (عليه السلام) بتنفيذ تلكالمهمة الصعبة. ومن هنا نفهم امضاء الدين الاتفاق الاجتماعي حول الوفاء برد الامانة، لانها عمل خير يؤدّي _ عاجلاً أو آجلاً _ الى استتباب الامن الاجتماعي والاقتصادي بين الناس، واظهار الروحية المثلى للمسلم الملتزم بتعاليم الاسلام. وبذلك فقد عمل الاسلام في انارة الامور التالية:
اولاً: ان الوفاء برد الامانات كان عملاً اخلاقياً امضى فيه الاسلام عمل رسول الله (صلى الله عليه واله) قبل البعثة وبعدها. حيث اؤتمن (صلى الله عليه واله) على اموال الناس وحاجاتهم، ولذلك شاع عنه (صلى الله عليه واله) بانه الصادق الامين.
ثانياً: لم تؤخذ في قضية الوفاء برد الامانة حجم الخسارة والربح من حيث احتمالية مقتل علي (عليه السلام) من قبل مشركي قريش او انزال مطلق الاذى به (عليه السلام). وبذلك يعدُّ الوفاء برد الامانة من الاعمال الاخلاقية التي تنظر الى قيمة العمل، لا الى حجم الربح والخسارة.
ثالثاً: ان الوفاء برد الامانات طُبّق على المجتمع الوثني الكافر. حيث ان اغلب الذين ائتمنوا محمداً (صلى الله عليه واله) بعد البعثة ولم يهاجروا الى المدينة وبقوا في مكة كانوا من الذين لم يسلموا بعد. ولذلك بقي علي (عليه السلام) في مكة لردها. ولو أسلموا لهاجروا. نعم بقي عدد قليل من المسلمين في مكة في الخفاء. ولكن لسان دليل الروايات المتعلق بهذه المسألة لا يخص تلك القلّة، بل ان ظهور اللفظ يدل على اطلاقها على المسلمين وغيرهم. وفيه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] وردّ الامانة الى الكافر فضلاً عن المسلم تعدُّ قيمة أخلاقية مُثلى تبناها الاسلام، وحثّ اتباعه والمؤمنين به على تطبيقها في حياتهم.
رابعاً: متانة الرابط بين الاخلاق والدين. فالاسلام هو الذي امر برد الامانات الى اهلها، حتى لو كان اصحابها من المشركين. فيكون الوفاء برد الامانات من القيم الدينية الاجتماعية. ذلك ان الدين واحكامه الشرعية تدعوان الى القيم الاخلاقية الفاضلة، وحتمية تطبيقها على النظام الاجتماعي.
خامساً: كان الوفاء برد الامانات من قبل الدين احتراماً للفرد المؤتمِن، ولا يمثّل احتراماً لسلطة المشركين من قريش. وبذلك فقد كان الحكم هنا تحكيماً للحق على الباطل على مستوى شريحة خاصة من الافراد من الذين وضعوا ثقتهم برسول الله (صلى الله عليه واله).
وبكلمة أخيرة، فان الوفاء برد الامانات الى اهلها كشف عن قدرة الدين الفعالة على التمييز بين الابعاد الموضوعية والذاتية للقيم الاخلاقية. فقد كانت تضحية الامام (عليه السلام) في البقاء ثلاثة ايام متواصلة في مكة تضحية ذاتية، رغم المخاطر المحيطة به، من اجل ان يبقى موضوع الوفاء برد الامانات حكماً ثابتاً يلتزم به المؤمنون الى يوم القيامة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|