أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-06
381
التاريخ: 21-09-2015
2355
التاريخ: 2024-06-18
760
التاريخ: 2024-11-03
218
|
إنّ الأحكام الشرعية عند العدلية من المسلمين ، الذين يمثلون الطبقة العليا منهم ، تابعة لمصالح ومفاسد في متعلقاتها ، فلا واجب إلاّ لمصلحة في فعله ، ولا حرام إلاّ لمفسدة في اقترافه ، وقد تحقق عندهم إنّ للتشريع الإسلامي نظاماً لا تعتريه الفوضى وهذا الأصل ، وإن خالف فيه بعض الاُمّة ، غير أنّ نظرهم محجوج بكتاب الله وسنّة نبيه ونصوص خلفائه : ترى أنّه سبحانه يعلّل حرمة الخمر والميسر بقوله :
{ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } ( المائدة ـ 91 ).
ويستدل على وجوب الصلاة بقوله سبحانه : { وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ } ( العنكبوت ـ 45 ) إلى غير ذلك من الفرائض والمناهي التي صرح أو اُشير إلى ملاكات تشريعهما في الذكر الحكيم.
وقد قال الإمام الطاهر علي بن موسى الرضا (عليه السلام) : « إنّ الله تبارك وتعالى لم يبح أكلاً ولا شرباً إلاّ لما فيه المنفعة والصلاح ، ولم يحرّم إلاّ ما فيه الضرر والتلف والفساد » (1)
وقال (عليه السلام) في الدم : « إنّه يسيء الخلق ويورث القسوة للقلب ، وقلة الرأفة والرحمة ولا يؤمن أن يقتل ولده ووالده » (2) .
وهذا باقر الاُمّة وإمامها يقول : « إنّ مدمن الخمر كعابد وثن ، ويورثه الارتعاش ، ويهدم مروته ويحمله على التجسّر على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا » (3) .
وغيرها من النصوص المتضافرة عن أئمّة الدين (4) .
فإذا كانت الأحكام تابعة لمصالح ومفاسد في الموضوع ، فالغاية المتوخّاة من تشريعها ، إنّما هو الوصول إليها ، أو التحرّز عنها ، وبما أنّ المصالح والمفاسد ليست على وزان واحد ، بل ربّ واجب يسوغ في طريق احرازه ، اقتراف بعض المحارم ، لاشتماله على مصلحة كبيرة لا يجوز تركها أصلاً ، وربّ حرام ذي مفسدة كبيرة ، لا يجوز اقترافه ، وإن استلزم ترك الواجب أو الواجبات .
ولأجل ذلك قد عقد الفقهاء باباً خاصاً ، لتزاحم الأحكام وتصادمها في بعض الموارد ، فيقدمون « الأهم على المهم » والأكثر مصلحة على الأقل منها ، والأعظم مفسدة على الأحقر منها ، وهكذا ... ويتوصّلون في تمييز الأهم عن المهم ، بالطرق والامارات التي تورث الاطمئنان ، وباب التزاحم في علم الاُصول غير التعارض فيه ، ولكلّ أحكام.
وقد أعان فتح هذا الباب على حل كثير من المشاكل الاجتماعية التي ربما يتوهم الجاهل أنّها تعرقل خطى المسلمين في معترك الحياة ، وأنّها من المعضلات التي لا تنحل أبداً ، ولنأت على ذلك بمثال ، وهو :
أنّه قد أصبح تشريح بدن الانسان في المختبرات من الضروريات الحيوية التي يتوقف عليه نظام الطب الحديث ، فلا يتسنّى تعلم الطب إلاّ بالتشريح والإطلاع على خفايا الأمراض والأدوية.
غير أنّ هذه المصلحة تصادمها ، مصلحة احترام المؤمن حيّه وميّته ، إلى حد أوجب الشارع ، الاسراع في تغسيله وتكفينه وتجهيزه للدفن ، ولا يجوز نبش قبره إذا دفن ، ولا يجوز التمثيل به وتقطيع أعضائه ، بل هو من المحرمات الكبيرة التي لم يجوز الشارع حتى بالنسبة إلى الكلب العقور ، غير أنّ عناية الشارع بالصحة العامة وتقدم العلوم جعلته يسوغ اقتراف هذا العمل لتلك الغاية ، مقدماً بدن الكافر على المسلم ، والمسلم غير المعروف على المعروف منه ، وهكذا ...
_____________________
(1) مستدرك الوسائل ج 3 ص 71.
(2) بحار الأنوار ج 62 : ص 165 ، الحديث 3.
(3) المصدر نفسه ص 164 ، الحديث 2.
(4) راجع علل الشرائع للشيخ الصدوق فقد أورد فيه ما أثر عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والأئمة : في بيان علل التشريع وفلسفته.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|