أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-11-2016
1669
التاريخ: 22-11-2016
1034
التاريخ: 22-11-2016
1633
التاريخ: 22-11-2016
1080
|
عمليات الفتح:
كانت مدينة سبتة تابعة، من الناحية النظرية، لبيزنطية، إلا أن هذه الأخيرة فقدت تأثيرها الفعلي على هذا الجزء من الشمال الإفريقي، بفعل بعده عن مركز العاصمة، الأمر الذي جعل حاكمها يوليان مستقلاً على الشريط الساحلي الممتد بين طنجة وسبتة، ويتوجه في وقت الشدة إلى مملكة إسبانيا لحمايته.
ويبدو أن يوليان هذا، كان يملك بعض الإقطاعات في جنوبي إسبانيا، وهو على صلات حسنة مع حكام البلاد السابقين آل غيطشة، وتحالف مع أخيلا، المطالب بالعرش الإسباني، للتخلص من حكم لذريق، كما كان رسول آل غيطشة إلى المسلمين.
ولما تاخم المسلمون حدود بلاده وجد في قوتهم خير من يساعده في تحقيق هدفه، كما أراد أن يقدم خدمة جليلة لهم بعد أن أضحوا أياد المنطقة. فقرر أن يؤدي دور الوسيط في تشجيعهم على العبور إلى إسبانيا، وظهر كحلقة اتصال بينهم وبين التيار المناوئ للملك لذريق. فاتصل من أجل ذلك بطارق بن زياد في طنجة وكلمه في غزو إسبانيا مقترحاً عليه العبور إليها، وبين له حسنها وفضلها وما تحويه من الخيرات وهون عليه حال رجالها ووصفهم بالضعف.
وبادر طارق بالاتصال بموسى بن نصير وكان مقيماً بالقيروان، وابلغه بما عرضه عليه يوليان لاتخاذ القرار بهذا الشأن. والواضع أنه لم يكن لدى موسى بن نصير ما يدعوه إلى رفض هذه الفكرة، ذلك ان الأمر قد يتطور إلى صورة فتح إسلامي شامل لهذا البلد يدخله في دائرة الدولة العربية الإسلامية. إلا أن عملاً ضخماً من هذا النوع، لابد وأن ينال موافقة الخلافة في دمشق، لذلك كتب موسى إلى الخليفة الوليد يبلغه بما عرضه يوليان ويستأذنه في العبور. تردد الوليد في بادئ الأمر خشية على المسلمين من أن يغرر بهم، وأمر موسى بأن يتروى في الأمر، وأن يختبر البلاد بالسرايا.
والحقيقة أن فتح المسلمين لإسبانيا كان نتيجة خطة موضوعة نوقشت بين الخليفة وقائده؛ وأرها الأول. ويبدو أنه كان لسياسة الدولة الإسلامية العامة وعلاقتها بالبيزنطيين وتأثير الحملة على هذه العلاقات خاصة في المجال البحري، والسيطرة على الجزر في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، تأثير على قرار الخليفة.
وبعد نضوج الظروف التي هيأت للمسلمين انتصاراً آخر، وتنفيذاً لأوامر الخليفة، أرسل موسى أحد ضباطه ويدعى طريف بن مالك المعافري، وهو من لبربر، على رأس قوة عسكرية تقدر بأربعمائة راجل ومائة فارس، في مهمة استطلاعية، وأمره بالقيام بالغارة على ساحل إسبانيا الجنوبي وكان ذلك في عام (91هـ/ 710م).
نزل طريف وجنوده في جزيرة بالوماس، وأغار على المنطق التي تليها إلى جهة الجزيرة الخضراء وأصاب سبياً كثيراً وعاد محملاً بالغنائم، وأقنعته هذه الحملة بضعف وسائل الدفاع الإسباني.
ضجع نجاح طريف موسى بن نصير، فأرسل، في شهر رمضان عام (92 هـ/ شهر حريزان عام 711م) قوة عسكرية قوامها سبعة آلاف مقاتل، تألفت غالبيتها من البربر، بقيادة طار بن زياد نائبه على طنجة.
عبر طارق المضيق، ونزل تجاه الجزيرة الخضراء عند صخرة الأسد، وسيطر على الجبل بعد أن اصطدم بالحامية القوطية. وقد حمل الجبل منذ ذلك الوقت اسمه، فدعي بـ "مضيق جبل طارق".
أقام القائد المسلم عدة أيام في قاعدة الجبل، نظم خلالها جيشه، وأعد خطة لفتح القلاع القريبة، والتوغل في عمق إسبانيا، ونجح في فتح بعض القلاع والمدن منها قرطاجة والجزيرة الخضراء، ثم تقدم باتجاه الغرب حتى بلغ بحيرة خندة جنوبي غربي إسبانيا التي يقطعها نهر برباط عبر وادي لكة الشهي، وعسكر هناك.
وعلم بواسطة جواسيسه بأنباء الحشود الضخمة التي حشدها لذريق الذي تقدم باتجاه القوات الإسلامية، وعسكر على الضفة المقابلة للنهر. وبدا الفرق بين القوتين كبيراً مما دفع طارق إلى طلب النجدة من موسى بن نصير، الذي كان يراقب باهتمام أخبار الحملة من الساحل الإفريقي. فأمده بخمسة آلاف مقاتل.
والتقى الجيشان الإسلامي والقوطي عند وادي لكة من كورة شذونة، على بُعد أميال إلى الشرق من قادش، وجرت بينهما معركة طاحنة انتهت بانتصار المسلمين، وتم القضاء على الجيش القوطي ومعه الملك. وفتح هذا الانتصار أمام المسلمين باباً واسعاً للولوج منه عمق إسبانيا. وباستثناء معركة أستجة، التي خاضتها فلول الجيش القوطي، فإن المسلمين لم يصطدموا بأية مقاومة جدية.
وهكذا سقطت قرطبة، الواقعة على نهر الوادي الكبير، ومالقة والبيرة وأريولة وطليطلة، العاصمة القوطية الشهيرة. وطارد المسلمون فلول الهاربين باتجاه الشمال الغربي قبل أن يعودوا إلى طليطلة في خريف عام (93 هـ/ 712م). وبذلك انتهت هذه المرحلة من عملية فتح إسبانيا بنجاح كبير.
كتب طارق إلى موسى يخبره بما أصاب من انتصارات وما فتحه من مدن، فرد عليه بأمره بألا يتجاوز مكانه حتى يلحق به.
ويبدو أنه أدرك خطر الانتشار الواسع للمسلمين في بلاد جبلية وعرة لا يزال معظمها مجهولاً لديهم، فأراد أن يعزز بوجوده الموقع العسكري للمسلمين، أو ربما شجعته الانتصارات على الانتقال إلى تلك البلاد للوقوف شخصياً على أوضاعها ومراقبة سير العمليات العسكرية عن كثب، خاصة بعد الانتشار العسكري، الذي امتد إلى مختلف الجهات، وتدفق القوات الإسلامية الإضافية على إسبانيا بعد سقوط طليطلة، الأمر الذي دفعه لأن يكون على أرض المعركة، ويتخذ قراراته الحاسمة في الوقت الملائم. لكن الراجح، أن موسى إنما أراد أن يطبق على البلاد منفذاً بذلك خطة إستراتيجية محكمة، وموضوعة مسبقاً، تشبه حركة الكماشة في المصطلح الحربي الحديث، بدليل أنه سلك، أثناء توغله في إسبانيا، طريقاً أخرى مقابلة للطري التي سلكها طارق كما سنرى.
ومهما يكن من أمر، فقد أقلع موسى بن نصير في شهر رمضان عام (93 هـ/ شهر حزيران عام 712م) إلى الجزيرة الخضراء على رأس قوة عسكرية تقدر بثمانية عشر ألف مقاتل، واستخلف ابنه عبد الله على القيروان، ولما دخل إسبانيا سار في طريق غربي الطريق التي سلكها طارق، وفتح مدناً أخرى مثل قرمونة ثم مضى إلى إشبيلية في الشمال الغربي، وكانت الهدف الرئيس في حملته ففتحها في عام (94 هـ/ 713م) بعد حصار، وصالحته مدينة ماردة، وامتدت فتوحاته إلى برشلونة شرقاً واربونا في الجوف وقادش في الجنوب وجيليقية في الشمال الغربي. ولما اقترب من طليطلة خرج طارق بن زياد لاستقباله في طلبيرة التي شهدت مجلساً عسكرياً لتقييم ما تم إنجازه من خطة الفتح وما سيتم فتحه في المستقبل.
وتذكر الروايات التاريخية أنه حصل خلاف بين الرجلين، وتبالغ المصادر فترجع أمر الخلاف إلى حسد دب في نفس موسى على مولاه طارق بفعل ما حققه من نجاح وتنسب هذه الروايات إلى موسى أنه أهان طارقاً وضربه بالسوط، ووبخه على استبداده برأيه، وطالبه بالأموال والنفائس التي استولى عليها.
والراجح أن هذه الروايات مبالغ فيها، وتنظر إلى هذا المشروع الضخم من زاوية شخصية ضيقة. ومما لا شك فيه أن كلاً من القائدين قد اهتم بمصلحة المسلمين العليا، وسلامة أرواحهم قبل أي شيء آخر. وواضح من الخطة الموضوعة للفتح والتي نفذت على الأرض، أن الرجلين كانا متفقين على الالتقاء في العاصمة القوطية.
ومهما يكن من أمر ذلك، فنحن لا نستبعد إمكانية حصوله تباين في وجهات النظر بين الرجلين على بعض الأمور، والخطط، مثل اندفاع طارق وسط إسبانيا دون تأمين ظهره، إلا أنهما كانا متفقين على خطة إتمام الفتح، بدليل تجديد موسى لطارق إمرة الجيش واشتراكهما معاً في حملة عسكرية استهدفت مدينة سرقسطة في إقليم أراغون ففتحاها، كما فتحا برشلونة. ثم افترقا فسار موسى نحو الشمال مخترقاً جبال البرينييه، فغزا ولاية ستمانيا، وفتح قرقشونة وناربون، وغزا وادي الرون في بلاد الفرنجة ووصل إلى مدينة ليون، في حين اجتاز طارق وادي الأبرو، وغزا جيليقية.
في هذه الأثناء تلقى كل من موسى بن نصير وطارق بن زياد أمراً من الخليفة بوقف العمليات العسكرية والعودة فوراً إلى دمشق، وعين الأول، قبل مغادرته، ابنه عبد العزيز حاكماً على الأندلس نيابة عنه.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|