أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-6-2016
2695
التاريخ: 12-3-2017
6353
التاريخ: 15-3-2017
11845
التاريخ:
2132
|
يترتب على فسخ العقد زوال حقوق الغير كقاعدة عامة غير أنه تترتب استثناءات على هذه القاعدة العامة.
أولا: زوال حقوق الغير
القاعدة العامة التي تقضي بها نظرية الفسخ هي أن الأثر الذي يحدثه الفسخ لا يقتصر على المتعاقدين فقط وإنما يمتد ليشمل الغير أيضا إذ تتأثر حقوقه أيضا التي تكون قد انتقلت إليه من أحد المتعاقدين فتزول هي الأخرى كأثر لإعمال الفسخ، كتلك الحقوق التي رتبها المشتري للغير على الشيء المبيع . فإذا اشترى شخص عين ثم باعها لآخر ورتب عليها رهن، ثم إن العقد الأول فسخ بعد ذلك، فهنا للبائع أن يسترد العين المبيعة من المشتري الثاني خالية من الرهن أو من أية حقوق أخرى كحق الارتفاق، حق الانتفاع يكون المشتري قد رتبها على العين (1) . ويترتب على تطبيق هذه القاعدة العامة أنه لا يجوز للغير أن يحتج على الدائن بما رتبه العقد من التزامات تعاقدية، من قبل فسخه لأنه كما لا يجوز للغير وفقا للقواعد العامة إنكار ميلاد العقد لأول مرة، فانه من جهة أخرى لا يجوز له إنكار انحلاله إذا ما تم وفقا لما يتطلبه القانون، بل يجب التسليم بهذا الانحلال ويكون بالتالي الفسخ حجة على الكافة (2) غير أنه لكي تكون هذه القاعدة واجبة النفاذ وسارية المفعول من الناحية القانونية في مواجهة الغير في مجال الفسخ،يجب على المتعاقد الدائن الذي تقرر الفسخ لصالحه أن يبادر بمجر إيقاع الفسخ إلى تسجيل دعوى الفسخ، أو أن يؤشر بها وفقا لقواعد الشهر العقاري حتى لا يستطيع الغير أن يبدي في مواجهة حسن النية، ولا يعلم ما يتهدد العقد من أسباب الزوال (3)
ثانيا: الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة بالنسبة لحقوق الغير
إذا كانت القاعدة هي زوال العقد بأثر رجعي بالنسبة للغير فإن لهذه القاعدة استثناءات معينة، لأن هذه القاعدة لا يجب العمل بها بصفة مطلقة في مواجهة الغير، لأنه قد يكون من بين الغير من هو جدير بالحماية والرعاية من أثر فسخ العقد الخطير وخاصة عندما يكون من تعامل مع المتعاقد الذي فسخ العقد ضده حسن النية ، ولا يعلم ما يتهدد العقد من أسباب الزوال (4) وبناء على ذلك هناك حالات لا يتأثر الغير فيها بالفسخ الذي يقع بين الدائن والمدين ويمكن حصرها فيما يلي:
أ- حالة حيازة منقول بحسن نية:
يكون الغير في منأى من أثر الفسخ الذي يقع بين من تلقى منه هذا الحق على المنقول والمتعاقد معه شريطة أن يكون الغير حسن النية حتى تشمله حماية القانون، على أن قرينة حسن النية لا تعد وأن تكون قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها (5) ولذلك كان يجب أن يكون الغير فعلا حسن النية حتى يمكن تطبيق القاعدة القانونية التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية، فهي قاعدة قانونية أساسية في هذا المجال واجبة لحماية الغير (5) ، وهو ما تقضي به المادة 385 من القانون المدني الجزائري والتي تنص: "من حاز بسند صحيح منقولا أو حقا عينيا على المنقول أو سندا لحامله فإنه يصبح مالكا له إذا كان حسن النية وقت حيازته إذا كان حسن النية والسند الصحيح قد توافر لدى الحائز في اعتبار الشيء خاليا من التكاليف والقيود العينية فإنه يكسب ملكية الشيء خالية من هذه التكاليف والقيود العينية. والحيازة في ذاتها قرينة على وجود السند الصحيح وحسن النية ما لم يقم دليل على خلاف ذلك " طبقا لنص هذه المادة فإن حسن النية بالنسبة للغير إلى جانب السند الصحيح كاف لحمايته من أثر الفسخ، بصرف النظر عن فسخ سند التصرف. وعليه فمتى انتفى حسن النية انتفت الحماية القانونية للغير من أثر الفسخ، مثال ذلك:
أن يكون الغير يعلم بما يتهدد العقد الذي يربط سلفه بمن تعاقد معه، فيكون في مثل هذه الحالة ليس فقط قد انتفت شرط حسن النية بالنسبة إليه يكون سيئ النية، والقانون لا يحميه (6)
ب - حالة تقرر حق على عقار:
إن تطور الفكر القانوني وصل إلى حماية الغير الذي تقرر لصالحه حق على عقار من أثر فسخ العقد بأثر رجعي، ولقد أخذ المشرع الجزائري بهذا المبدأ ونظمه في قانون إعداد مسح الأراضي وتأسيس السجل العقاري الجزائري الصادر بتاريخ 12/11/1975 في المادتين 15 و 16 منه بأن الشهر يعتبر وسيلة للاحتجاج بكل ما يتعلق بالحق من . إنشاء أو نقل أو تعديل أو فيما بين المتعاقدين وبالنسبة للغير (7) وعليه وطبقا لهذه النصوص فإن الغير الذي تقرر له حق عيني على عقار، وكان حسن النية، وقام بشهر حقه طبقا لقواعد الشهر، لا يؤثر فسخ العقد على حقوقه، غير أن قرينة الشهر ما هي إلا قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها (8) . ومن ثم يمكن إثبات سوء نية الغير الذي قام بشهر حقه، كما لو قام به، وهو يعلم أن العقد الذي يربطه بمن قرر له هذا الحق يتهدده الزوال عن طريق الفسخ. وعليه فإن الغير الذي يقوم بشهر حقه وهو يعلم أن العقد يتهدده الفسخ، أو قام بالشهر بعد تسجيل دعوى الفسخ، أو التأشير بها على هامش العقد، لا ينجوا من أثر الفسخ وذلك لأن حسن النية يكون قد انتفى في جانبه، وبالتالي تنتفي الحكمة من حمايته المقررة قانونا، إذ كان عليه أن يكون حريصا على مصلحته بأن يرجع إلى ما هو مسجل أو مؤشر به في البطاقة العقارية (9)
ج- حالة ترتب رهن رسمي:
يحدث في الحياة العملية أن يرتب المشتري على العقار الذي اشتراه رهنا تأمينيا لدائن مرتهن حسن النية يعتقد أن الملكية خاصة للراهن، غير مهددة بالزوال فإذا بالملكية تزول من سلفه لأن العقد الذي يربط المتصرف بالبائع قد فسخ. ففي مثل هذه الحالة لو أخذنا بالقاعدة العامة التي تقضي في مجال الفسخ بزوال العقد وما يرتبه من التزامات بالنسبة إلى المتعاقدين والغير معا فان الدائن المرتهن، لن يكون له تأسيس على العقار (10) ولذلك فإن التشريعات الحديثة نظمت حماية خاصة لهذا الدائن المرتهن، حتى يكون بمناجاة من أثر فسخ العقد الذي بين المتصرف والمتصرف إليه، وفي هذا الصدد نصت المادة 885 من ق.م.ج " يبقى صحيحا لمصلحة الدائن المرتهن، الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته، أو فسخه، أو إلغاؤه أو زواله، لأي سبب آخر إذا ثبت أن كان حسن النية وقت إبرام عقد الرهن " . وعليه وطبقا لنص المادة 885 فإن الرهن الرسمي يبقى قائما في حق الدائن المرتهن رغم فسخ العقد، ما دام أنه كان حسن النية وقام بتنفيذه قبل رفع دعوى الفسخ (11) وإن حكم المادة 885 من ق.م.ج خاص بالرهن الرسمي وحده دون الرهن الحيازي الوارد في المادة 950 من ق.م،ج مما يجعل العقار الذي كان محلا للرهن الحيازي العقاري يعود إلى صاحبه خاليا من تلك الحقوق بعد فسخ العقد، وهذا يؤدي إلى أن الحكم الوارد في شأن الرهن الرسمي بهذا الصدد حكم استثنائي لا يتوسع فيه.
د- حالة الذي كسب حقا بموجب عقد من عقود الإدارة الحسنة:
إن الغير الذي يتلقى حقا بموجب عقد من عقود الإدارة الحسنة لا يتأثر بفسخ العقد، فالقاعدة هي بقاء أعمال الإدارة الصادرة من المالك، الذي تقرر فسخ سند ملكية لصالح من تعامل معه بحسن نية، وذلك بهدف استقرار المعاملات بين الأفراد، فإذا كسب الغير حقا يتعلق بالشيء الذي ورد عليه العقد الذي فسخ وذلك بمقتضى عقد من عقود الإدارة، فإن حقه يبقى بالرغم من الفسخ، ولكن يجب أن يكون الغير حسن النية لا يعلم وقت التعاقد بها يهدد سند المتعاقد معه من أسباب الفسخ، فإذا كان المشتري الذي فسخ عقده قد أجر الشيء الذي اشتراه، فإن الإيجار يظل قائما لمصلحة المستأجر إذا كان حسن النية (12)
ه- حالة التملك بالتقادم:
قد يكتسب الغير حقا من الحقوق بموجب التقادم المكسب التي تقضي به المادتان 817 من ق.م.ج التي تنص " من حاز منقولا أو عقارا أو حقا عينيا منقولا كان أو عقارا دون أن يكون مالكا له أو خاصا به صار له ذلك ملكا، إذا استمرت حيازته له مدة خمسة عشر سنة بدون إنقطاع " والمادة 228 ق.م.ج التي تنص " إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عيني عقاري وكانت مقترنة بحسن النية مستندة في الوقت نفسه إلى سند صحيح فإن مدة التقادم المكسب تكون عشرة ( 10 ) سنوات " ويترتب على التقادم المكسب أن فسخ العقد الذي قد يقع بين متصرف ومتصرف إليه لا يمس كإستثناء من القاعدة العامة حق الغير الذي اكتسب طبقا لقاعدة التقادم المكسب(13) فإذا كانت قاعدة التقادم المكسب تحول دون سريان اثر الفسخ، فإن هذا لا يعني أن الدائن الذي حكم بالفسخ لصالحه بالفسخ قد ضاع، لأن القانون حفظ له حقه، لما أجاز للقاضي أن يحكم له بالتعويض بناء على نص المادة 122 من ق.م.ج ذلك أن الاستحالة تشمل الاستحالة المادية والاستحالة القانونية (14) غير أن هذه الاستثناءات السابقة البيان مهما تعددت فإنها لا تطغى على الأصل العام الذي وجدت من أجله نظرية فسخ العقد في القانون الحديث، وهو زوال العقد بعد فسخه بأثر رجعي، سواء بالنسبة للمتعاقدين أو بالنسبة للغير، وذلك حتى يبقى لهذه النظرية قوتها القانونية(15) .
__________________
1- أمجد محمد منصور، النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام، دراسة مقارنة في الفقه الأردني والمصري، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، لبنان، 2006 ، ص 214
2- عبد الكريم بلعيور، نظرية فسخ العقد في القانون المدني الجزائري المقارن، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986 ، ص 288
3- المرجع نفسه، ص 288
4- حسينة حمو، إنحلال العقد عن طريق الفسخ، مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون، فرع قانون المسؤولية المهنية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، مولود معمري تيزي وزو، 2011 ، ص95
5- حسين تونسي، انحلال العقد، دراسة تطبيقية حول عقد البيع وعقد المقاولة، دار الخلدونية، للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الجزائر، 2007 ، ص 64
6- حسينة حمو، المرجع السابق ، ص96
7- عبد الكريم بلعيور، المرجع السابق، ص ص 291
8- أمر رقم، 75- 74 مؤرخ في 8 ذي القعدة عام 1395 الموافق ل 12 نوفمبر 1975 ، المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري، الجريدة الرسمية، العدد 92 ، سنة 1975
9- حسين تونسي، المرجع السابق، ص 65
10- عبد الكريم بلعيور، المرجع نفسه، ص ص 933
11- عبد الكريم بلعيور، المرجع السابق، ص ص 293
12- حسين تونسي، المرجع السابق، ص 65
13- محمد حسين منصور، مصادر الالتزام، العقد والإرادة المنفردة، الدار الجامعية للنشر والتوزيع، لبنان، 2000 ، ص 423
14- حسينة حمو، المرجع السابق، ص 102
15- حسين تونسي، المرجع السابق، ص ص 65
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|