أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2019
2259
التاريخ: 2023-11-02
1031
التاريخ: 7-4-2016
7260
التاريخ: 6-8-2017
5494
|
والمقصود بهذه التغيرات، هي تلك التعديلات التي لاتتناول كل مقومات وعناصر الدولة، بل تطرأ على احد العناصر المكونة لها كالشعب أو الأقليم أو السلطة الحاكمة، وعلى النحو الآتي:
اولا: التغيرات التي تطرا على عنصر السلطة الحاكمة :
كقاعدة عامة ان اي تغيير في شكل الحكومة لايؤثر على المركز القانوني للدولة. وهذه القاعدة تستند في شرعيتها القانونية الى مبدأ عام مقبول ومستمد من مجموعة المبادئ العامة للقانون الدولي وهو مبدأ أستمرارية الدول. اي ان الدولة قائمة ومستمرة رغم كل ما يطرأ عليها من تغيرات، لذلك فان كل حكومة واستنادًا الى هذا المبدأ تكون مسؤولة عن تصرفات الحكومة السابقة عليها، بأعتبار ان تغير الحكومة لايؤثر في شخصية الدولة القانونية.
كما ان لهذه التغيرات الطارئة على شكل الحكم آ ثار جانبية اخرى، خاصة فيما يتعلق بمسائل المعاهدات والأتفاقيات الدولية وكذلك الألتزامات المالية (القروض).
بالنسبة للمعاهدات، فما جرى علية العمل الدولي، هو أستمرار المعاهدات في احداث آثارها حتى في حالة اذا ماتغير النظام الداخلي للحكم. فعلى سبيل المثال، نص بروتوكول لندن عام 1831 على ان"المعاهدات لاتفقد صفتها الألزامية مهما كانت التغيرات التي تحدث للنظام الداخلي". وكذلك اعلان الحكومة الألمانية النازية عن التزامها بالمعاهدات التي أبرمتها الحكومات السابقة عليها.
غير ان هناك بعض المعاهدات لايمكن ان تبقى مستمرة خاصة اذا ماكانت تفترض شكلا معينًا من الحكم. ففي حالة تغير نظام الحكم مثلا من ملكي الى جمهوري، فان النظام الجديد سوف لايكون مسؤولا إلا عن المعاهدات المبرمة لصالح الدولة بشكل عام. اما عن المعاهدات المبرمة للمصالح الخاصة للنظام، فلا مسؤولية عليها. اما فيما يتعلق بالألتزامات المالية أو القرو ض، فالقانون الدولي العام يقرر مبدأً عامًا في هذا الخصوص، وهو ان تغير الحكومة لايؤثر في التزامات الدولة المالية، إلا في حالة واحدة فقط، وهي اذا ماكانت هذه الألتزامات مقررة لمصلحة النظام الحاكم بشكل خاص. اما اذا كانت الألتزامات المالية تتعلق بقروض لمصلحة الدولة، فان تغير نظام الحكم لايؤثر في التزامات الدولة من الناحية الدولية. وخير مثال على ذلك، هو التزام حكومة المانيا النازية بالديون التي أقترضتها حكومة فايمر التي سبقتها.
ثانيا - التغيرا اللتي تطرا على عنصر السكن :
وهذه التغير ات غالبًا ما تتمثل في زيادة عدد رعايا الدولة أو نقصانهم، وسواء حصل هذا التغيير في الزيادة أو النقصان أو حتى في أختلاف العناصر المكونة للسكان كقدوم اللاجئين من الخارج على سبيل المثال. وهذا لايؤثر في الشخصية الدولية للدولة.
ثالثا : التغيرات التي تطرا على عنصر الاقليم
والتغيرات التي تطرأ على الأقليم تتمثل اما بزيادة مساحة الأقليم عن طريق الحاق جزء من أقليم دولة اخرى أو نقصان مساحته عند أنفصال هذا الجزء وأستقلاله عن دولة الأصل. ومن الطبيعي فان هذه التغيرات لاتؤثر على كيان الدولة وشخصيتها الدولية طالما ان هذا ا لأقليم مايزال قابلا للتعيين وموجودًا. وللتغيرات الأقليمية آثارًا مهمة كانت ولاتزال مثار اهتمام القانون الدولي العام خاصة فيما يتعلق بالآثار المترتبة على انتقال جزء من أقليم الدولة الى سيادة دولة اخر ى، وذلك في مسائل المعاهدات والأموال والديون
والنظام القانوني الداخلي والجنسية. وهذا ما سنتناوله بإيجاز:
أ- اثر التغيرات الاقليمية في المعاهدات :
كمبدأ عام هو عدم مسؤولية الشخص إلا عما انعقد بأرادته من الألتزامات. وهذا يعني ان الأعمال القانونية الصادرة عن الدولة لايمكن ان تكون سارية في أقليم دولة اخر ى، ذلك لأن الد ولة لايمكن ان تسأل إلا عن الألتزامات الصادرة عنها. وعليه، فأنفصال جزء من أقليم الدولة سوف لايكون خاضعًا للمعاهدات التي سبق وان أبرمتها الدولة الأصل، إلا اذا وافقت على ذلك بمليء أرادتها.
وكأي قاعدة عامة فان هذا المبدأ قد ترد عليه بعض الأستثناءات، أي أمتداد أثر المعاهدات الى الجزء المنفصل من الأقليم كالمعاهدات المتعلقة بالملاحة في نهر أو مضيق معين، على سبيل المثال(1) .
ب- اثر التغيرات الاقليمية في الاموال :
وفي هذا الصدد ينبغي التمييز مابين الأموال العامة والأموال الخاصة للدولة.
1- الاموال العامة :
كمبدأ عام فالأموال العامة تنتقل من الدولة التي أنفصل جزء من أقليمها عنها الى الدولة الضامة. والأموال العامة هي الأموال التي تكون مخصصة لمرفق عام أو لمنفعة عامة كالمستشفيات والملاجيء والجسور وغير ذلك. وقد أكدت هذا المبدأ محكمة العدل الدولية الدائمة، وذلك في القرار الذي أصدرته عام 1933 بصدد قضية جامعة بيتر بازمني مابين المجروتشيكوسلوفاكيا (سابقًا)، والذي جاء فيه انه يعتبر انتقال الأموال العامة التي كانت مملوكة لدولة الى الدولة التي آل اليها الأقليم، وذلك كمبدأ من مبادئ القانون الدولي العام .
2- الاموال الخاصة :
كقاعدة عامة فان الأموال الخاصة الموجودة في الأقليم المنفصل هي من حق دولة الأصل، وهذا لايمنع من الأتفاق على مخالفة هذه القاعد ة. فعلى سبيل المثال، معاهدة فرساي للصلح عام 1919 عندما أعادت الى فرنسا أقليمي الألزاس واللورين، وكانت قد قررت أنتقال جميع الأموال الخاصة في هذين الأقليمين الى فرنسا دون مقابل. اما عن الأتجاه السائد في الوقت الحاضر، فيميل الى نقل الأموال العامة والخاصة الى الدولة الجديدة. والأمثلة على ذلك كثيرة، منها تصريح عام 1962 والمتعلق بالتعاون الأقتصادي والمالي بين فرنسا والجزائر، التي نصت على نقل جميع الأمو ال التي كانت لفرنسا في الجزائر الى الحكومة الجزائرية.
3- اموال الافراد الخاصة
المبدأ العام والمطبق في هذه المسألة هو احترام الحقوق الخاصة التي منحتها دولة الأصل لبعض الأفراد أو الشركات الأجنبية وبصورة قانونية على الأقليم قبل أنفصاله أو ضمه، وذلك تأكيدًا ل مبدأ أحترام الحقوق المكتسبة. وتعتبر الأمتيازات الممنوحة من دولة الأصل من اهم الحقوق المكتسبة، اذا ماكانت لاتتعارض مع النظام العام ومصلحة الدولة الجديدة وإلا فان ذلك لايمنع الدولة الضامة أو المنفصلة عن دولة الأصل من الغاء الأمتيازات أو تعديلها. وهذا ما تأكد في القضاء الدولي من خلال الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الدائمة عام 1925 في قضية مافروماتيس بين كل من اليونان وبريطانيا والذي جاء فيه "ليس من مقتضيات مبدأ أحترام الحقوق المكتسبة بعقود الأمتياز عدم جواز الغائها أو تعديلها بما يؤمن الصالح العام في الدولة التي تلقت هذه العقود".
ج- اثر التغيرات الاقليمية في الديون :
1- الديوان المحلية :
وهي الديون التي أقترضتها دولة الأصل لمصلحة الأقليم الذي أنفصل عنها، وذلك لأنشاء السدود أو مد السكك الحديدية مثلا، فان هذه الديون تنتقل بأكملها الى ذمة الدولة التي انتقل اليها الأقليم، باعتبار ان الأقليم وحده هو المستفيد من هذه الديون.
2- الديون العامة :
اما عن الديون العامة التي التزمت بها الدولة ولمصلحتها العامة فهناك رأيان بهذا الصدد:
الرأي الأول- ويذهب الى ان دولة الأصله ي وحدها الملزمة بالوفاء بالديون التي أقترضتها لصالح الدولة عامة، لأنها وان فقدت جزء من أقليمها إلا انها لم تفقد شخصيتها الدولية.
اما الراي الثاني :
فهو يستند الى مقتضيات العدالة والى ان الدولة عندما أقترضت فانما هو للصالح العام ولفائدة كل الأقليم، لذلك يكون من الطبيعي ان تلتزم الدولة الضامة بدفع جزء من هذه الديون.
والتعامل الدولي يقدم حلولا في هذا الخصوص تبعًا لوجود الأتفاق بنقل الديون أو جزء منها من عدم وجوده. ففي حالة وجود أتفاق دولي يقضي بأنتقال الديون بسبب أنفصال الأقليم أو ضمه، فهناك قواعد أساسية لمعرف ة نصيب الجزء المنفصل من ديون دولة الأصل، فقد تستند على سبيل المثال على مساحة الأقليم في تحديد نصيبه من الديون. والواقع ان هذا المعيار خاطيء لأن مساحة الأقليم ليست مقياسًا حقيقيًا لقيمته المالية والأقتصادي ة. فهناك أقاليم صغيرة ولكنها غنية وهناك أقاليم شاسعة ولكنها فقيرة، وهذا المعيار كان قد اعتمده مؤتمر برلين عام 1878 لتحديد نصيب دول البلقان التي أنفصلت عن الأمبراطورية العثمانية من ديون هذه الدولة(2) .
وقد يتخذ البعض من عدد سكان الأقليم مقياسا، وهو معيار خاطيء ايضًا، لأن هناك أقاليم صغيرة وتكون آهلة بالسكان واخرى واسعة وتفتقر الى السكان.
إلا ان المعيار السليم في مسألة تحديد نصيب الأقليم من الديون هو الذي يستند الى نسبة الضرائب التي كان يؤديها الأقليم المنفصل الى مجموع الضرائب العامة في الدولة، لأن الضرائب تمثل في الواقع الدخل الحقيقي للأقليم، وتعتبر خير معيار لقيمته المالية. وقد أخذت بهذا المعيار معاهدة فرساي للصلح بالنسبة للأقاليم التي أنتزعت من الأمبراطورية العثمانية ومعاهدة سان جرمان بالنسبة لأمبراطورية النمسا والمجر(3) . اما اذا لم يكن هناك اي أتفاق دولي يقضي بانتقال الديون بسبب التغيرات الأقليمية، ففي هذه الحالة يكون بمقدور الدولة الضامة من ان تقبل أو ترفض وبأرادتها المنفردة من تحمل اي شيء من الديون العامة التي أقترضتها دولة الأص ل. لذلك رفضت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1783 بعد أنفصالها عن بريطانيا من ان تتحمل اي جزء من الديون العامة، بينما قبلت بذلك دول أمريكا الجنوبي ة، بعد أستقلالها عن أسبانيا عام 1810 بان تسهم في دفع الديون العامة لهذه الدولة(4) .
د- اثر التغيرات الاقليمية في النظام القانوني الداخلي :
والقاعدة المقررة في هذا الصدد هو عدم التزام الدولة الضامة بالأعمال القانونية الصادرة عن دولة الأصل قبل الأنفصال سواء كانت تتعلق بالأدارة أو القضاء أو التشري ع، إذ لايمكن نفاذها من دون موافقة الدولة الضامة
بذلك.
وقد تأكدت هذه القاعدة عند انتقال مقاطعتي الألزاس واللورين من المانيا الى فرنسا عام 1919 عندما قامت فرنسا بأقصاء الموظفين الألمان فيها بعد الأنتقال. وقد تخرج الدول على هذه القاعدة بأتفاق خاص ينص على نفاذ الأعمال الأدارية أو التشريعية أو القضائية في الدولة الضامة. كما فعلت فرنسا عندما أتفقت مع الهند عام 1951 على دفع التعويضات العادلة لكل موظف في مقاطعة شاندرناغور قبل أنتقاله الى الهند، اذا ما أرادت الأخيرة أقصاؤه عن العمل في المقاطعة المذكورة.
ه- اثر التغيرات الاقليمية في جنسية السكان :
ان أنفصال جزء من الأقليم وأنضمامه الى الدولة الجديدة أو أستقلاله سوف يؤدي الى فقدان الجنسية الأصلية لسكان هذا الجزء المنفصل من الأقليم وأكتسابهم لجنسية الدولة التي آل اليها الأقليم. وقد جرت العادة على منح سكان الأقليم المنفصل حق الخيار بين البقاء على جنسيتهم القديمة وبين أكتساب جنسية الدولة التي أنضموا اليها، وهذا ماقررته معاهدة فرانكفورت عام 1971 المعقودة بين فرنسا والمانيا بشأن حق الأختيار لسكان مقاطعتي الألزاس واللورين للجنسية الألمانية أو الفرنسية.
_____________________
1- لمزيد من التفاصيل أنظر، د. محمد المجذوب: القانون الدولي العام، الدار الجامعية، بيروت، 1994 ، ص 140 .
2- أنظر، د. محمد المجذوب: ، مرجع سابق، ص 143 .
3- أنظر، د. محمد المجذوب ، مرجع سابق، ص 144.
4- المرجع السابق، ص 143.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|