1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المجتمع و قضاياه : النظام المالي والانتاج :

الايمان بالله ومشكلة العيش

المؤلف:  محمد جواد مغنية

المصدر:  تفسير الكاشف

الجزء والصفحة:  ج2،ص254ـ257

4-11-2017

1992

من تتبع الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية يجد ان الإسلام قد أولى المال وتوجيهه لتحسين المعاش عناية كبرى ، بل ساوى بينه وبين النفس في العديد من الآيات ، منها قوله تعالى :{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة:111] .. فاللَّه سبحانه يبيع جنته بالمال الذي ينفق في سبيله ، تماما كالتاجر يبيع سلعته بالمال الذي ينفق لمصلحته . ومنها قوله جل وعلا : {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} [النساء: 95]. وفي الحديث :

( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم) . ومن هنا قال الفقهاء :

الأصل في كل شيء الحل إلا في الدماء والفروج والأموال ، فإن الأصل فيها التحريم .

وأطلق القرآن لفظ الخير على المال في كثير من الآيات ، منها :{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8] بل قال بعض المفسرين : ان لفظ الخير لم يطلق في القرآن إلا على المال .. ونحن لا نوافق على هذا الرأي، ولكنا نعلم بأن أكثر الآيات التي أمرت بالعمل الصالح ، والتعاون على الخير، وإعداد العدة لأعداء الدين والوطن - لا يمكن امتثالها والعمل بها إلا بالمال.

وقد نهى الإسلام عن كنز المال ، وهدد الذين يكنزونه بالعذاب الأليم ، كما نهى عن الإسراف والتبذير ، واعتبر المبذرين اخوان الشياطين ، لأن كلا من التجميد والتبذير يعوق الحياة عن النمو والانتاج الذي ينفع الناس ، وأمر بالاقتصاد ، والرفق في صرف المال وإنفاقه . قال الرسول الأعظم ( صلى الله عليه واله ) : إذا أراد اللَّه لأهل بيت خيرا رزقهم الرفق في المعيشة ، وحسن الخلق . وقال الإمام علي (عليه السلام) : لا يذوق المرء حقيقة الايمان ، حتى يكون فيه ثلاث خصال :

الفقه في الدين ، والصبر على المصائب ، وحسن التقدير في المعاش .

لقد ربط الإمام بين حقيقة الايمان ، وحل مشكلة العيش في هذه الأرض ، لأن حسن التقدير في المعاش معناه إتقان العمل ، وصرف الانتاج في وجهه النافع .. وهذا دليل قاطع على ان الدين لا ينفصل عن الحياة ، وانه شرع من أجل حياة لا إشكال فيها ولا تعقيد .. ومن فصل الدين عن الحياة ، ونظر إليه على انه مجرد طقوس وشعارات ، وزهد ومغيبات فهو اما جاهل أخذ الدين ممن يتكسبون به ، واما معاند للحق والبديهة .

وعند تفسير الآية 182 من سورة آل عمران ، فقرة : (الغني وكيل لا أصيل) ذكرنا ان المال كله للَّه ، وان الإنسان مأذون بالتصرف فيه ضمن حدود خاصة ، فإذا تجاوزها كان من الغاصبين ، فارجع إليه فإنه يتصل بهذا الموضوع ، وقد نعود إليه مرة أخرى إذا عرضت آية تتعلق به ، ونأتي بما يتمم أو يوضح ما ذكرناه هنا وهناك .. فإن الفكر لا يحيط بالشيء من جميع جهاته ، بخاصة إذا كان مثل موضوع الايمان والعيش ، وإنما يتجه الفكر بكله إلى جهة من الجهات حين تومئ إليها آية أو رواية أو حادثة من الحوادث .

{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء:5]. الخطاب لأولياء السفهاء ، والمراد به أن ينفق الأولياء على السفهاء كل ما يحتاجون إليه من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وزواج ، وما إلى ذلك .

وتسأل : لما ذا قال فيها ، ولم يقل منها ؟ .

الجواب : لو قال (منها) لكان المعنى ان يأكل السفيه من أصل ماله ، فينقص المال بذلك ، وربما استهلكه كله ان طال المدى ، أما في فإنها ظرف ، ويكون المعنى ان المال يكون محلا للرزق ، وذلك أن يتجر به الولي، ويستثمره ، وينفق على السفيه من الناتج ، لا من أصل المال.

سؤال ثان : لما ذا خص الكسوة بالذكر ، مع العلم بأن رزقهم يشمل الكسوة ؟

الجواب : خص الكسوة للاهتمام بها .. فربما توهم الولي ان المهم هو المأكل ، أما الملبس فلا بأس بالتساهل فيه ، فدفع اللَّه سبحانه هذا الوهم بذكر الكسوة صراحة .

والولاية على السفيه تكون للأب والجد له إذا بلغ الصبي سفيها ، بحيث يتصل السفه بالصغر ، أما إذا بلغ رشيدا ، ثم عرض له السفه بعد الرشد تكون الولاية للحاكم الشرعي ، دون الأب والجد .

{وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء:5] . قد يرى بعض الأولياء ان على المولى عليه أن يسمع له ويطيع ، تماما كما هو شأن الولد مع والده ، فنبه سبحانه بقوله هذا كي يتلطف كل ولي بمن هو في ولايته ، ويعامله معاملة يرضاها ، وتطيب نفسه لها .

{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6]. دلت هذه الآية على ان المال لا يعطى للصغير ، حتى يحصل له وصفان : البلوغ والرشد ، وقد أجمعت المذاهب الإسلامية على ان الاحتلام يدل على البلوغ ، سواء أحصل من الذكر ، أم الأنثى في أية سن ، وفي أية حال حصل في اليقظة ، أم في المنام ، واستدلوا بهذه الآية {وابْتَلُوا الْيَتامى} وبقوله تعالى : {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور:59].. وثبت عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) انه قال : (رفع القلم عن ثلاثة ، عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ .. وقال :

لا يتم بعد احتلام . أما الرشد فيثبت بإعطاء اليتيم شيئا من ماله ، يتصرف فيه ، فإن أحسن وأصاب كان راشدا ، وسلَّم ماله إليه ، والا استمر الحجر عليه ، حتى ولو بلغ المئة عملا بظاهر الآية ، وقال أبو حنيفة : يسلم المال للسفيه بعد بلوغه 25 عاما ( وان لم يكن رشيدا ) - حاشية ابن عابدين ج 5 باب الحجر .

(ولا تَأْكُلُوها إِسْرافاً). أي لا تتجاوزوا أيها الأولياء في أكلكم من مال القاصر الحد المباح لكم ، لأن الولي يجوز له أن يأكل من مال القاصر ، شريطة أن يكون فقيرا . كما يأتي .

(وبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا) . قد يبادر الولي ، ويستعجل ببعض التصرفات في أموال اليتيم مخافة أن يكبر ، وينتزع أمواله من الولي ، فنهى اللَّه سبحانه عن مثل هذا التصرف الذي تعود فائدته على الولي ، لا على القاصر ، ونبه إلى تحريمه وخطره .

{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:6]. لا يخلو الولي أن يكون واحدا من اثنين : إما غنيا ، وإما فقيرا ، فإن كان غنيا فعليه أن يتنزه  عن أكل مال اليتيم ، ويقنع بما آتاه اللَّه من الغنى والرزق ، وان كان فقيرا جاز له أن يتناول منه بقدر حاجته الضرورية على أن لا يتجاوز ما يستحقه من أجر على خدمته ، وفي الحديث ان رجلا سأل النبي (صلى الله عليه واله) عن يتيم في حجره : هل يأكل من ماله ؟ قال له : كل بالمعروف . وقيل : يأكل على سبيل القرض .. وظاهر الحديث يدحض هذا القول .

{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء:6]. قال الإمامية والحنفية : لا يجب على الولي أن يُشهد على تسليم المال للقاصر بعد بلوغه ورشده ، وحملوا الأمر بالإشهاد في هذه الآية على الاستحباب دون الوجوب نفيا للتهمة ، وتجنبا للخصومة .

وقال الشافعية والمالكية : بل الأمر هنا للوجوب ، لا للاستحباب أخذا بالظاهر.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي