انواع المكاسب (طرق الإنتاج) / الصنعة (الحرفة)
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص527ــ529
2025-10-21
25
أهمية الصنعة
بعض احتياجات الإنسان لا تؤمن إلا عن طريق الصناعات.
فقد قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه):... لَكِنْ جَعَلَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ عَوْناً وَجَعَلَ أَسْبَابَ أَرْزَاقِهِمْ فِي ضُرُوبِ الأَعْمَالِ وَأَنْوَاعِ الصَّنَاعَاتِ وَذَلِكَ أَدْوَمُ فِي الْبَقَاءِ وَأَصَحُ فِي التَّدْبِير(1).
هناك إشارات في القرآن الكريم إلى بعض الصنائع التي مورست من قبل الأنبياء (سلام الله عليهم). قال الله تعالى في كتابه الكريم: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ} [المؤمنون: 27]؛ وقال سبحانه أيضاً: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} [الأنبياء: 80].
وروي عن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) أنه... فَكَانَ يَعْمَلُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْعاً فَيَبِيعُهَا بِأَلْفِ دِرْهَم فَعَمِلَ ثَلاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ دِرْعاً فَبَاعَهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ أَلْفاً وَاسْتَغْنَى عَنْ بَيْتِ الْمَالِ(2).
آداب الصنعة
علاوة على مسألة المهارة والفن، على الحرفيّين أن يعملوا على تأمين احتياجات مجتمعات عصرهم، ليضمنوا من هذا الطريق جذب الزبائن ولتكون خدمة للعباد وعبادة لله.
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال:... وَيْلٌ لِصُنَّاعِ أُمَّتِي مِنَ الْيَوْمِ وَغَداً! [الذين يمارسون التسويف مع الناس وتعطيل مصالحهم ويخلفونهم الوعود وفي ذلك هلاكهم](3).
قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): كُلُّ ذِي صِنَاعَةٍ مُضْطَرٌّ إِلَى ثَلَاثِ خِلَالٍ يجتلبُ بِهَا المَكْسَبَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَاذِقاً بِعَمَلِهِ مُؤَدِّياً لِلأَمَانَةِ فِيهِ مُسْتَمِيلاً لَمنِ اسْتَعْمَلَه(4).
وقال أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه): إن الله عزّ وجلّ يُحِبُّ الْمُحْتَرِفَ الأَمِينَ(5).
صنوف الصناعات
الصناعات الحلال: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): كُلُّ مَا يَتَعَلَّمُ الْعِبَادُ أَوْ يُعَلِّمُون غَيْرَهُمْ مِنْ صُنوفِ الصَّنَاعَاتِ مِثْلِ الْكِتَابَةِ وَالْحِسَابِ وَالتَّجَارَةِ وَالصَّيَاغَةِ وَالسَّرَاجَةِ وَالْبِنَاءِ وَالْحَيَاكَةِ وَالْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَصَنْعَةِ صُنُوفِ التَّصَاوِيرِ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلَ الرُّوحَانِيٌّ وَأَنْوَاعِ صُنُوفِ الآلاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْعِبَادُ الَّتِي مِنْهَا مَنَافِعُهُمْ وبها قِوامُهُمْ وفِيهَا بُلْغَةٌ جَمِيعِ حَوَائِجِهِمْ فَحَلَالٌ فِعْلُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَفِيهِ، لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ.
الصناعات المحرمة: وهي على قسمين: 1. صناعة حلال تصرف إلى الحرام؛ 2. صناعة محض حرام ليس لها استخدامات إلا في الحرام.
عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): إِنَّما حَرَّمَ اللَّهُ الصَّنَاعَةَ الَّتِي حَرَامٌ هِيَ كُلُّهَا الَّتِي يَجِيءُ مِنْهَا الْفَسَادُ مَحْضَاً، نَظِيرَ الْبَرَابِطِ وَالْمَزَامِيرِ وَالشّطْرَنْج وَكُلِّ مَلْهُوٍّ بِهِ وَالصُّلْبَانِ وَالأَصْنَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ صِنَاعَاتِ الأَشْرِبَةِ الْحَرَامِ وَمَا يَكُونُ مِنْهُ وَفِيهِ الْفَسَادُ مَحْضَاً وَلا يَكُونُ فِيهِ وَلا مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ وُجُوهِ الصَّلاحِ فَحَرَامٌ تَعْلِيمُهُ وَتَعَلَّمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَأَخْذُ الأَجْرِ عَلَيْهِ وَجَميعُ التَّقَلُّبِ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِ الْحَرَكَاتِ كُلُّهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ صِنَاعَةٌ قَدْ تَنْصَرِفُ إِلَى جِهَاتِ الصَّنَائِعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُتَصَرّفُ بِهَا وَيُتَنَاوَلُ بِهَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْمُعَاصِي فَلَعَلَّهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الصَّلاحِ حَلَّ تَعَلَّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ صَرَفَهُ إِلَى غَيْرِ وَجْهِ الْحَقِّ وَالصَّلاحِ فَهَذَا تَفْسِيرُ بَيَانِ وَجْهِ اكْتِسَابِ مَعَائِشِ الْعِبَادِ وَتَعْلِيمِهِمْ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ اكتسابهم(7).
_____________________________
(1) الاحتجاج، ص 341.
(2) الكافي، ج 5، ص 74.
(3) الفقيه، ج 3، ص 160.
(4) تحف العقول، ص322.
(5) الكافي، ج 5، ص 113.
(6) تحف العقول، ص 335.
(7) تحف العقول، ص 335 - 336.
الاكثر قراءة في النظام المالي والانتاج
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة