تدل المتون التي نقشها «بطليموس إيرجيتيس الثاني» على الجزء الأسفل من خدي الباب في كل جهة من جهتي الباب الأوسط من البوابة الثانية للكرنك على أن هذا العاهل كان على صلة طيبة بالإله «آمون» وبأهل إقليم «طيبة» بوجه عام، وذلك على الرغم من أن هذا الإقليم كان منذ الأسرة الواحدة والعشرين يُعْتَبَرُ كأنه دولة مستقلة بذاتها، وأن ملكه كان الإله «آمون». غير أن هذا الاستقلال كان يسير على حسب ما لملوك مصر من قوة وسلطان على البلاد، وقد كانت سياسة البطالمة كما ذكرنا مرارًا وتكرارًا هي مهادنة الكهنة والعمل على إرضائهم لما كان لهم من قوة روحية على أهل البلاد؛ ومن أجل ذلك كان ملوك البطالمة يقيمون المباني الدينية أو يصلحون ما كان قد تهدم منها بقصد إرضاء الكهنة وجعلهم في جانبهم، وقد سار «بطليموس إيرجيتيس الثاني» على نهج هذه السياسة، وبخاصة بعد أن رأى ما حدث في عهد أخلافه من حروب طاحنة نشبت بينهم وبين أهل مصر، والمتن الذي نقشه هذا العاهل على بوابة الكرنك الثانية يدل دلالة واضحة على مقدار ما كان للإله «آمون» ولمدينة «طيبة» من سلطان في البلاد، كما يظهر في الوقت نفسه كيف أمكن «إيرجيتيس الثاني» أن يضم الكهنة إلى جانبه بعد نضال مرير حدث في عهد أسلافه، بل وفي عهده هو نفسه.
(1) النقش الذي على الخد الشمالي
(1) إهداء الباب: يعيش الإله الكامل (وارث الإلهين الظاهرين، المختار من «بتاح»، ومن يعمل العدالة ﻟ «رع»، وصورة «آمون» الحية).
لقد جدد آثار الباب العظيم جدًّا والفاخر البهيج الذي يضيء الأفق في هذه التي هي في وجه سيدها (= طيبة)، وهي مكان البداية، ومصب ماء «نون» لهذا الذي اسمه خفي (= آمون).
(2) خلق تربة «طيبة»: لقد صنعها (= طيبة) ونشأها وسواها بلهيب عينه في الأرض وعلى شاطئ الماء، وجعلها (حتى الآن) تتمتع بحرارة الصل العظيم اللهب.
(3) خلق العالم: لقد أعلن الأشياء التي ستتأتى، وقد حدثت في الحال، وقد خلق ما قاله بصوته، ونظم القوانين التي تترتب على ذلك، ولم يأمر أبدًا بأشياء معيبة.
(4) خلق الشمس: لقد برأ «تاتنن»، وضع الثامون (ثمانية الآلهة التي تُعْبَدُ في الأشمونين)، وشكل جسمه على هيئة طفل إلهي خرج من زهرة «البشنين» في وسط «نون» (= المحيط الأزلي)، وأضاء الأرضين بعينيه (= الشمس والقمر).
(5) خلق الناس والآلهة: وفطر الناس والآلهة.
(6) تنظيم الآلهة: لقد نظم تاسوع الآلهة، وأسس الثامون (أي ثمانية الآلهة في الأشمونين) بوصفه الأب الإلهي لخدامه، وجعل الإله «شو» بمثابة كاهن يحمل الناووس في المواكب، والإلهة «تفنوت» تخدمه بمثابة زوج إلهية.
(7) تنظيم «طيبة» بوصفها عاصمة: لقد نظم المدينة التي تحمي «هذا الذي فيها» (= يقصد الملك الذي يحكم فيها)، والذي يحكم الأرض لوالده الذي أنجبه (= آمون).
(8) حكم «آمون» ملك الآلهة، وأخلاقه على الأرض: لقد ظهر بوصفه ملكًا معافًا أمام الآلهة، وبوصفه ملكًا آمنًا على عرشه، وقد اتخذ اسم «آمون ملك الآلهة» منذ اللحظة التي حكم فيها الخليقة، وقد تجدد بوصفه ملكًا على الوجه القبلي والوجه البحري وسيد التيجان للأرضين مكان «أوزير»، وأعطى الدخل المقدس للآلهة والإلهات، ووضع القوانين في المعابد.
(9) ثراء «طيبة» وتعدده: لقد جعل «طيبة» أعظم ثراء من كل المدن مجتمعة؛ لأنها ملكتها، ووعاء مليون (يقصد الإله «آمون»؛ لأنه يظهر في عدد لا يُحْصَى من المخلوقات)، وقاعة جلسات ملك الآلهة (= آمون) التي يلمع فيها في هيئة اللامعين (= الشمس والقمر).
وقاعة «تاتنن».
وعرش الكبير (= حور أختي).
وعش الرياح لكل الأنوف.
والهرم الصغير (بن بنت) لسيد السادات (= آمون).
والتل الأزلي (الذي تستند عليه) العين المقدسة في الأزل إلى أن أصبحت الأرض غطاء «نون»، وإلى أن أصبح ارتفاعها (= الأرض) ارتفاع «طيبة»، وإلى أن امتص السماء نشاط الآلهة لدرجة أن الصلين (= العينين) قد امتلئتا، وإلى أن ابتهجت عين «حور» (= طيبة).
وهي عماد هذا الذي لا يعرف أحد كنهه (= آمون).
وبوابة الحياة (= آمون).
ومحبوب … الآلهة (= آمون).
وواجهة محراب العزيز (=آمون).
ومحراب آلهة العناصر.
والمدينة الأبوية والبلدة الأموية لذكر الآلهة (= آمون).
والمكان اللائق لولادة «هذا الذي يظلل محراب الأرضين» (= آمون) وحامية المدن، ومعلمة المقاطعات.
…
مخزن غلال …
ومقاطعة ثمانية الآلهة (التي تُعْبَدُ في الأشمونين).
ومدينة الصولجان للقويين (الشمس والقمر).
ومعبد الآلهة والإلهات للأرضين.
ومهد «أونوفريس» (أوزير المتوفى) الذي يظهر فيه النور.
وأرض الأجداد ﻟ «نون» العظيم (= آمون).
وبلاط ملك الآلهة (حور أختي) والعاهل (حور أختي) الذي يعيش أبديًّا.
(2) النقش الذي على الحد الجنوبي
(1) إهداء الباب: يعيش الإله الكامل ابن «آمون» والذي وضعته «موت» سيدة السماء، ابن «رع» «بطليموس» العائش أبديًّا محبوب «بتاح»، الإله المحسن. لقد جدد الباب العظيم دون أن يكون له مثيل في مصر، فالمصراعان اللذان يغلقانه مصنوعان من خشب أرز «لبنان» الحقيقي؛ وقد كُسِيَ بنحاس أسيوي، ونقشهما غاية في الجمال، وارتفاعه الكلي
ذراعًا، وعرضه
ذراعًا، ويبتهج الإنسان برؤيته في النور. وارتفاع كل من المصراعين هو 36 ذراعًا. وهذا يكفي (لعمل) بابين باسمه باب الأبواب الفاخرة مضيئًا مدينة صولجان «آمون رع»، عظيم المساكن (يقصد آمون) في وجه عين «رع»، وسيد الاحترام في الكرنك؛ وملكة المدن والمقاطعات، وشاطئ مرصد الإله الأزلي، والعين اليمنى لسيد العالم؛ وسماء هذا الذي أوجد نفسه (= آمون).
(2) «طيبة» أكمة الخليقة: (أي المكان الذي ظهر للمرة الأولى في المحيط الأزلي عند بدء الخليقة).
لقد حدث عندما كان جلالته (= آمون) قد أخفى رأسه تجاه حدودها (= طيبة)، وعندما كانت الأرض في قاع الفيضان، فإنه (= آمون) قد وضع قدمه عليها (= طيبة) فخلع عنها خمودها كلية عندما جلس على وجهها، وكانت هناك الأرض التي أصبحت مثل التل الصلد الذي برز في البداية.
(3) «طيبة» عاصمة كل المدن: وعندما ولدت الجنيات الإناث (حموس-وت) فإن تربتها (= طيبة) كانت قد قُسمَت بين جميع المدن، وعندما وُجِدَتِ المدن نفسها عُمِلَتْ الأقطار باسمها (أي إن الأقطار سُمِّيَتْ باسم المدن) أي باسم عواصمها التي أوجدتها.
(4) «طيبة» القطب الذي تدور عليه الأرض قاطبة: وتُسَمَّى مدار الأرض قاطبة، وأحجارها ذات الزوايا قد وُضِعَتْ في الأعمدة الأربعة (أي الأعمدة التي تحمل عليها السماء) فهي إذن مع الرياح (أي في جهات العالم الأربع) وهي تحمل سماء «هذا الذي أخفى» (= آمون).
(5) بقايا الشارات الأثرية المحفوظة في «طيبة»: إنها تحتوي على العصا المقدسة ملك قوة القوى (= آمون) وكذلك على صولجان «حور أختي».
(6) وظيفة «طيبة» النظرية: ويُطْلَقُ عليها اسم «طيبة» المنتصرة سيدة الشجاعة؛ لأنها حمت كل الآلهة، وجلالها (= طيبة) فوق ملوك الوجه القبلي والوجه البحري منذ أن قال «رع»: فليعمل على احترام قوانين السماء في «طيبة» وبالتبادل (أي يعمل على احترام قوانين «طيبة» في السماء)، وأنها تحمي أطفاله على الأرض (أي أطفال «رع» وهم الملوك) في عالمنا الحاضر بمثابة صوره (أي صور «آمون» الحية) على رأس الأحياء.
(7) «طيبة» الأم العالمية: إن الآلهة والإلهات الذين من البطن الأول الذين وُلِدُوا فيها هم أولئك الذين أوجدوا المخلوقات (لأنه) عندما وُجِدَ «كنبح» (يقصد بهذه اللفظة إلهة الأشمونين ومعها «رع») أصبحت هي الأم، وملكة «بوتو» وسماء مصر وملكة «حتحور» الأرضين.
(8) «طيبة» مدينة أبدية: إن جلالتها ستدخل لتملك نهاية الأبدية، وشمسها هي «أمونوريس»، وقمرها هو الذي يشرف على «بنبنت» (= خنسو)، وسكانها نجوم السماء تحت إمرة الإله «منتو» المنتصر، وإنها عين «رع» ملك الآلهة الذي فيها، وهي رمزه في العالم.
(9) «طيبة» وفيضان النيل: والماء يرتفع بأمر صورته الإلهية (يقصد آمون) وهو الذي بقوته يكون الحصاد (آمون)، والمكان الذي يصل إليه «نون» (= آمون). وإن جلالة «حور أختي» الذي يقود إليه الموج بفطنة سريعة. وعندما تجف تربة مدينة الحياة فإن النيل يأتي (= بتاح) … الأبدية …
ومعابد «طيبة» في بحبوحة، والمذابح الخاصة ﺑ … (آمون).
(يأتي بعد ذلك متن مهشم.)
… الخيرات لآلهته لدرجة أنه لن يكون هناك هم يشغل أولئك الذين ينامون في قلبها … محاصيلها. والأطعمة تُصْنَعُ على حسب رغبتها (= طيبة) فما أكبر وما أشرف هذا الذي يكون في صحبتها، ويرى ما يمكن أن يتصوره قلبه، وجلالته (= آمون) مرتاح …
في معابدهم. ومصر مزدهرة بالحياة و«سخمت» (إلهة الوباء) لا تقذف وباءها، والفيضان ينبسط ويغمر الأرضين. وليس هناك نقص في السرور، ولا في الابتهاج عند الناس، وحصاد الحقول لم يكن متأخرًا. والأمير مطمئن على عرشه، وجميع البلاد الأجنبية تحت موطئ قدميه سرمديًّا.
(10) طيبة مقبرة «أوزير»: تُوجَد «طيبة» على رأس الأقاليم المصرية؛ لأن الذي أنشأها موجود في تربتها (= أوزير)، وفيها عضو في كل الأماكن (التي دُفِنَتْ فيها أعضاء «أوزير») والضواحي تطأطئ الرأس، وإن الذي يشرف على «الدب الأكبر» (يقصد الإله «ست») قد حُرِمَ من إقطاعه فيها (أي طيبة).
(11) آلهة «طيبة» وأعيادها: إن القوية (= «وسرت» = اسم إلهة ظهرت منذ الدولة الوسطى) مع والدها في صورتها السامية «أمونت» العظيمة بين … وتاج الجنوب وتاج الشمال، وكذلك خصائص الآلهة ذكورًا وإناثًا. وفي أثناء أعياد الكرنك نعلم أن العدد مئات الآلاف بالحساب …
(12) «طيبة» هي الملكية المسيطرة: إن الكاهن «سمت» يتضرع إليها، وكذلك أطفاله؛ لأجل أن يطلبوا أن يصبح في صحة جيدة، وإنه يرفع الصوت … المنتقم للآلهة والإلهات، الإله الحالي … القبة الزرقاء. وقد منح «بتاح» اسمه على حسب منزلته؛ لأجل أن يجعله أكثر قوة من كل الآلهة مجتمعة … الذي يشرف على الكرنك، سيد السماء وملك الآلهة … وكل أولئك الذين يتنفسون هم رعاياه؛ وأنه مطمئن على عرشه. وليس له مثيل، ولا يوجد هناك من هو أعظم منه على رأس الملوك … ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وارث الإلهين الظاهرين المختار من «بتاح» ومن يعمل العدالة ﻟ «رع» والصورة الحية ﻟ «آمون») وزوجه الملكة سيدة الأرضين «كليوباترا الثانية»، الإلهين الظاهرين. ليتهما يعيشان مثل «رع» أبد الآبدين.
(3) تعليق
لا نزاع في أن هذا المتن يرجع في أصله إلى أقدم عهود التاريخ المصري القديم؛ وذلك لأنه يحتوي على معلومات كثيرة ذكرت في الدراما المنفية التي تحدثنا عنها في عهد الملك «شبكا» أحد الملوك الكوشيين (1). وإذا دققنا النظر في تطور الأفكار الدينية في هذا المتن فإنا نشاهد وجود تعابير تثبت دون أي جدال التطور المعروف في الديانة المصرية القديمة من حيث صفات الآلهة ونعوتها. وتفسير ذلك أنه في خلال العهود الأخيرة بوجه خاص كان الإله إذا احتل مكانة عالية في نفوس القوم نجده يجمع لنفسه كل الصفات المرموقة التي كان يتحلى بها الآلهة الآخرون، ومن أجل ذلك نشاهد أن بعض الآلهة وبخاصة «آمون» كان يحل محل كل الآلهة التي كانت شائعة في عهده، وهذا السبب هو الذي أوحى لكاتب المتن الذي نحن بصدده في عهد «بطليموس إيرجيتيس الثاني» فكرة إضافته كل الأسماء الإلهية أو غالبيتها على الأقل المخصص المميز للإله «آمون»، وذلك بقصد إثبات أن كل هذه الآلهة قد توحدت في هذا الإله الأعلى؛ فنجد في الأنشودة التي وردت في المتن الذي نتحدث عنه هنا أن إله القمر «خنسو» قد وحد بالإله «آمون»، وفضلًا عن ذلك نشاهد أن «طيبة» قد سُمِّيَت تربة الأجداد للإله «آمون»، ومن الجائز كذلك أن مخصص الإله «آمون» كان قد أُضِيفَ هنا لاسم «نون» بيد الكاتب البطلمي.
وهذا المذهب الذي يدعو لتوحيد كل الصفات الخاصة بالآلهة في إله واحد يرجع إلى عهد سحيق في القدم على ما يظهر. وقد وضح لنا ذلك الأستاذ «ينكر» (2) عندما وضع لنا ترجمة حديثة للدراما المنفية التي وُجِدَتْ على الحجر المنسوب للملك «شبكا» الكوشي. فقد برهن لنا على أن هذه كانت الفلسفة الدينية لهذا المتن القديم. وقد أرخ «ينكر» هذه الدراما بصورة قاطعة بعهد الأسرة الخامسة المصرية.
وفي هذه اللوحة نجد أن الإله «بتاح» إله «منف» قد وحد عن قصد بالإله نون (المحيط الأزلي) كما وحد بآلهة أخرى، وهي التي على حسب الأسطورة القديمة قد لعبت دورًا هامًّا في خلق الكون منذ الفوضى أو اللاشيء الأولى حتى ظهور الشمس وخصائصها، وكذلك الكونيات التي مهدت لولادة هذا النجم، وحتى زهرة البشنين التي تخرج من هذا النجم (= الشمس) (3). وقد تعرف الأستاذ «ينكر» في هذا المذهب الديني استمرار الفكرة القديمة جدًّا القائلة بوجود إله عالمي سيد السماء يُدْعَى «ور» (= العظيم = أوريس) (4)، وقد ورد ذكره في تركيب بعض الأسماء في الدولة القديمة، هذا بالإضافة إلى ظهوره في بعض الألقاب الكهنية العتيقة، وتدل الأحوال على أن الإله «آتوم» لم يكن إلا تسمية لهذا الإله الخاص بمدينة «هليوبوليس» (5).
ويقول الأستاذ «ينكر» إن نشاط هذا التقليد وحيويته التي وصلت إلينا من أعماق عهود ما قبل التاريخ كانت قوية جدًّا لدرجة أنه لم يكن في استطاعة أي إله محلي أبدًا في خلال مجرى التاريخ المصري أن يصل إلى المرتبة العليا دون أن يُوحَّد ضمنًا (ولو ظاهرًا؛ كما يبرهن على ذلك الأسماء المركبة تركيبًا مزجيًّا مثل «بتاح أوريس»، و«حور أوريس» و«آمون أوريس») بالإله العظيم «أوريس»، ويشكل أسطورته على غرار أسطورة «أوريس» هذا. وهكذا كان لا بد للإله «آمون» أن يمر بهذا الدور (6). وعلى أية حال فإن جمع الصفات الإلهية كلها في إله واحد هي التي أوحت إلى المؤلف البطلمي أن يحمل أكثر — مما يجب — مخصص الإله «آمون». فقد جعله يشمل على وجه التقريب كل الأسماء الإلهية التي وردت في هذه النقوش التي نحن بصددها؛ وهذا لم يكن في الواقع نهاية تطور في الآراء الدينية، بل كان في حقيقة الأمر يدل على التعبير عن علم لاهوت يرجع إلى عهد قديم جدًّا. وعلى ذلك فإنه ليس لدينا ما يدعو للدهشة إذا وجدنا الشاهد على ذلك في أقدم الوثائق. ولا نزاع في أن هذه الوثائق القديمة لا بد كانت محفوظة في مكتبات المعابد القديمة منذ أزمان بعيدة جدًّا، وأن الكهنة كانوا يخرجونها من أماكنها عند الحاجة، وبخاصة عندما كانوا يريدون أن يجعلوا الملوك يؤمنون بعقائدهم المتوغلة في القدم. وقد تجلى ذلك في العقائد التي كانت منتشرة في عهد البطالمة بصورة بارزة؛ إذ من البدهي أن المطلع على ألقاب البطالمة وأسمائهم لا يكاد يجد طغراءاتهم خالية من أسماء الآلهة العظام الثلاثة التي كانت صاحبة الشأن الأعظم في كل عصور التاريخ المصري بوجه عام، وأعني بذلك الآلهة «رع» و«حور» و«بتاح» و«آمون رع».
وفي اعتقادي أن هذه المتون التي نقشها «بطليموس السابع إيرجيتيس الثاني» على البوابة الثانية لمعبد «آمون رع» قد وُضِعَتْ عن قصد، فقد كانت على أغلب الظن ضمن سياسة رسمها «إيرجيتيس الثاني» لنفسه، وكان الغرض منها ضم كهنة «آمون» إلى جانبه؛ لأنهم كانوا قوة جبارة في البلاد في عهده كما كانوا في العهود التي سبقته، وباعترافه بمذهبهم الديني وبخاصة تعظيم إلههم العظيم «آمون» قد أرضاهم كل الرضى، وبخاصة لأن نزعة كهنة «آمون» كانت نزعة استغلالية طموحة منذ الأسرة الواحدة والعشرين الفرعونية.
........................................................
1- راجع: مصر القديمة الجزء الحادي عشر؛ حيث تجد أوجه شبه بين المتن الذي نحن بصدده الآن وبين متن الدراما المنفية، وبخاصة بين «منف» و«طيبة» وبين «بتاح» و«آمون».
2- راجع: Junker, Die Gotteriehre von Memphis Schabaka Inschrift. Abhandl. Preus Akad, Wissensch, 1939 Phil. Hist. kl. 23
3- راجع: Ibid. p. 17–20, 39 and 77.
4- راجع: Ibid. p. 25–30.
5- راجع: Ibid. p. 32–36.
6- راجع: Ibid. p. 31-32.
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة