دور المحكمة الجنائية العراقية العليا Iraqi Supreme Criminal Court في مكافحة الفساد الإداري
المؤلف:
صباح عبد الكاظم شبيب الساعدي
المصدر:
دور السلطات العامة في مكافحة ظاهرة الفساد الإداري في العراق
الجزء والصفحة:
ص 346-348
2025-11-13
27
تأسست هذه المحكمة بموجب القانون رقم / 10 لسنة 2005 (1) التي حلت محل المحكمة الجنائية العراقية المختصة بالجرائم ضد الانسانية المشكلة بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم 1 لسنة 2003. وتتألف من هيئة تمييزية للنظر في الأحكام والقرارات الصادرة من إحدى محاكم الجنايات أو قضاة التحقيق، ومحكمة جنايات واحدة أو أكثر، وقضاة تحقيق وهيئة ادعاء عام، وإدارة تتولى الأمور المالية والإدارية (2) . وتختص المحكمة بموجب الفصل الثاني من قانونها بالجرائم الآتية:
1- جريمة الإبادة الجماعية المنصوص عليها في الاتفاقية الخاصة بمنع جريمة الإبادة الجماعية لسنة/1948 (3).
2- الجرائم ضد الإنسانية (4).
3- جرائم الحرب(5).
وبقدر تعلق الأمر بموضوع البحث فأن الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة المنصوص عليها في م/14 من قانونها هي جرائم فساد إداري وبذلك يكون لها دور في مكافحة الفساد الإداري بموجب هذه المادة التي نصت على سريان ولاية المحكمة على مرتكبي إحدى الجرائم الآتية:
أولاً: التدخل في شؤون القضاء أو محاولة التأثير في أعمال المحاكم. وهذه صورة مركبة من صور الفساد الإداري فالتدخل في شؤون القضاء أما أن يكون من خلال استغلال النفوذ أو الرشوة وهي من صور الفساد الإداري التي ترتكب من قبل موظف عام أو المحسوبية أو الوساطة وهي أيضا من صور الفساد الإداري
ثانياً: هدر الثروة الوطنية وتبديدها استنادا الى أحكام الفقرة/ ز من المادة الثانية من قانون معاقبة المتآمرين على سلامة الوطن ومفسدي نظام الحكم رقم / 7 لسنة 1958.
إن هدر الثروة الوطنية وتبديدها يعني هدر وتبديد المال العام الذي هو من صور الفساد الإداري، ولم يشترط القانون أن يكون مرتكب هذه الجريمة موظفاً أو غير موظف بل جاء النص عاماً وبالتالي اذا كان مرتكب هذه الجريمة موظفا فيعني ذلك جريمة فساد إداري، ويشمل مفهوم الثروة الوطنية كل ما تمتلكه الدولة من ثروات طبيعية مثل البترول والمعادن وكذلك الآثار والمعالم السياحية والدينية وغير ذلك مما تعلنه الدولة باعتباره ثروة وطنية. وما تمتلكه الدولة من ثروات معنوية وفكرية وثقافية مثل الوثائق والدراسات والمعلومات والاختراعات والابتكارات، حيث من الممكن أن تنالها جرائم الفساد الإداري من خلال هذه بيع الثروات أو تبديدها أو المتاجرة بها. ثالثا: سوء استخدام المنصب والسعي وراء السياسات التي كادت تؤدي الى التهديد بالحرب أو استخدام القوات المسلحة العراقية ضد دولة عربية وفقا للمادة الأولى من القانون رقم / 7 لسنة 1958. إن سوء استخدام المنصب هو محور الفساد الإداري وكما ورد في جميع التعاريف، ذلك أن الفساد الإداري يرتكب من قبل موظف عام مستغلاً منصبه للمصلحة الخاصة أو لمصلحة غيره على حساب المصلحة العامة، إلا أن هذه الفقرة فيها توسع من حيث آثارها السياسية التي تؤدي الى ما ذكر في أعلاه، وهذا يقترب من مفهوم الفساد السياسي أكثر من مفهوم الفساد الإداري، ومعنى ذلك ورغم عدم تحديد نوع المنصب فأن المنصب المذكور في هذه الفقرة هو سياسي أكثر مما هو إداري ويتضح ذلك من خلال عبارة (والسعي وراء السياسات....) فهذا يدل على أن المنصب سياسي.
ولكن يجب القول أن المادة الأولى / ثانياً قد نصت على أن تسري ولاية المحكمة على كل شخص طبيعي سواء أكان عراقيا أم غير عراقي مقيماً في العراق ومتهماً بارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد (11،12، 13،14) من هذا القانون والمرتكبة من تاريخ 1968/7/17 ولغاية2003/5/1 في جمهورية العراق أو أي مكان آخر) ولنا على هذا النص ملاحظات:
1. إن ولاية المحكمة تسري بأثر رجعي وهي تطبق قوانين العقوبات التي كانت نافذة المفعول آنذاك وهي (قانون العقوبات البغدادي لسنة 1919 وقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 النافذ وقانون العقوبات العسكري رقم 13 لسنة 1940) (6) .
2. إن للمحكمة صفة دولية من خلال ولايتها على الأشخاص العراقيين أو غير العراقيين المقيمين في العراق المتهمين بارتكاب الجرائم المذكورة خارج العراق، علما أن ذلك يقع ضمن الاختصاص العيني والشخصي القانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 في المواد / 9 و 10.
3. إن ولايتها محددة بفترة معينة من 1968/7/17 الى 2003/5/1 وهذا يعني أنها محكمة خاصة لمحاكمة المسؤولين في النظام السابق، لذا نرى أن تسمى (المحكمة الجنائية العراقية لمحاكمة مسؤولي النظام السابق) حتى يتطابق الاسم مع الهدف الذي انشئت من أجله، أو تبقى على نفس الاسم وتسري ولايتها على الجرائم المذكورة الى ما بعد 2003/5/1 حتى يكون لها دور في مكافحتها ومن بينها جرائم الفساد الإداري بعد هذا التاريخ.
______________
1- منشور في الوقائع العراقية العدد / 4006 في 2005/10/18.
2- أنظر. م 3 من القانون.
3- أنظر: م/11 من القانون.
4- أنظر في تفصيل ذلك. م / 12 من قانون المحكمة.
5- أنظر م/ 13 من القانون.
6- م/ 17 من قانون تأسيس المحكمة.
الاكثر قراءة في القانون الاداري
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة