الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
واجبات الحكام والولاة
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص380ــ385
2025-08-28
58
للحكام والولاة في الحكومة الإسلامية واجبات ومسؤوليات أمام الناس تصب في إطار رشد واعتلاء عباد الله والمحافظة على أرواحهم وأموالهم وكراماتهم، ونستعرض فيما يلي أهم هذه الواجبات:
1. تنمية العلم: على الحاكم في الحكومة الإسلامية المبادرة إلى تأسيس المراكز التعليمية والبحثية من رياض الأطفال والمدارس الابتدائية إلى الثانويات والجامعات.. إلخ، وأن يوفّر للأمة الإسلامية المستلزمات الأولية للتربية السليمة ومحو الجهل ونشر العلوم والفنون في مختلف المجالات والفروع العلمية، ويقودها إلى ذرى العلم والمجد.
قال الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) في هذا الموضوع: تَعْلِيمُكُمْ كَيْلا تَجْهَلُوا وَتَأْدِيبُكُمْ كَيْمَا تَعْلَمُوا(1).
وفي رواية أخرى قال (سلام الله عليه): على الإمَامِ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَ وَلَايَتِهِ حُدُودَ الإِسْلامِ وَالإِيمَانِ(2).
2. بعث الأمل ومنع الحيرة والضلال: من أهم واجبات الحكام والولاة أن يبقوا على الأمل في قلوب أفراد الأمة حيّاً نابضاً في أوقات الشدة والفتن عندما يغرق المجتمع في التيه والحيرة والاضطراب، وأن ينقذوا الناس من براثن اليأس والفُرقة والحيرة. قال الإمام أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه) في وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بوصفه حاكماً وقائداً للأمة الإسلامية: فَهَدَاهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَأَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ الجَهَالَةِ(3).
وفي موضع آخر قال (سلام الله عليه): طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ، قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ وَأَحْمى مَوَاسِمَهُ، يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ قُلُوبِ عُمْىٍ وَآذَانِ صُمَّ وَأَلْسِنَةٍ بُكْمٍ، متتبعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ وَمَوَاطِنَ الْخَيْرَةِ(4).
إن مسؤولية الحاكم المسلم في تبديد اليأس والحيرة وبعث الأمل في الأمة من الأهمية بحيث لو لم تفعل أساليب الإرشاد والدعوة والوعظ فعلها في إيقاظ الأمة، فلا مناص من بذل النفس والروح من أجل بلوغ هذا الهدف؛ وذلك على خطی سید شهداء تاريخ البشرية الإمام الحسين (سلام الله عليه)(5). حيث نقرأ في زيارة الأربعين هذه الفقرة: ((وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الْجَهَالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ))(6).
3. أن تكون أبوابه مفتوحة أمام الناس: إن إمكان وصول الناس إلى حكامهم وولاتهم بسهولة من أجل عرض مشاكلهم وإيجاد الحلول لها، لهو حبل نجاة للحكام من عذاب نار يوم القيامة.
روي عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) قوله: مَنْ تَوَلَّى أَمْراً مِنْ أُمُورِ النَّاسِ فَعَدَلَ وَفَتَحَ بَابَهُ وَرَفَعَ سِتْرَهُ وَنَظَرَ فِي أُمُورِ النَّاسِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُؤْمِنَ رَوْعَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ(7).
4. تزكية النفس وتهذيبها: كل مسلم بحاجة إلى تهذيب نفسه عبر تطهيرها من الرذائل وتزيينها بالفضائل الإنسانية، وأحوج منه إلى ذلك الحكام والولاة المسلمون.
وفي هذا قال الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَليَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالإِجْلَالِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّيهِمْ(8).
5. كتمان أسرار الناس: من مسؤوليات الحكام والولاة في الحكومة الإسلامية، مضافاً إلى صيانة حرمة الناس، ستر عيوب الناس وكتمان أسرارهم، والحؤول دون انتهاك كراماتهم وحرماتهم؛ بل على الحكام تنزيه الناس في حالة إفشاء عيوبهم، وأن يحملوا عمل المؤمن على "سبعين محمل".
في عهده الشهير يوصي الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) مالك الأشتر عامله على مصر قائلاً: وَلْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وَأَشْنَأهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبُهُمْ لمِعَايِبِ النَّاسِ، فَإِنَّ فِي النَّاسِ عُيُوباً الْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلا تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ وَاللهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْكَ، فَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ، يَسْتُرِ اللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ(9).
6. التغاضي عن الأخطاء: مسؤولية أخرى للحكام والولاة في النظام الإسلامي تتمثل في التغاضي عن أخطاء الناس وزلاتهم وبـر المحسنين والإحسان إليهم.
فالإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) لمالك الأشتر: فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَصَفْحِكَ
مِثْلَ الَّذِي تُحِبُّ وَتَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَصَفْحِهِ(10).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): ثَلاثَةٌ تَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ: مُكَافَأةُ المُحْسِنِ بِالإِحْسَانِ لِيَزْدَادُوا رَغْبَةٌ فِيهِ وَتَعَمُّدُ ذُنُوبِ المَسِيء لِيَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَنْ غَيْهِ وَتَأَلْفُهُمْ جَمِيعاً بِالإِحْسَانِ وَالْإِنْصَافِ(11).
وعن الإمام زين العابدين (سلام الله عليه) قوله في واجبات الحاكم: أَمَّا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بِالسُّلْطَانِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُمْ صَارُوا رَعِيَّتَكَ لِضَعْفِهِمْ وَقُوَّتِكَ، فَيَجِبُ أَنْ تَعْدِلَ فِيهِمْ وَتَكُونَ لَهُمْ كَالْوَالِدِ الرَّحِيمِ وَتَغْفِرَ هُمْ جَهْلَهُمْ وَلَا تُعَاجِلَهُمْ بِالْعُقُوبَةِ وَتَشْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا آتَاكَ مِنَ الْقُوَّةِ عَلَيْهِم [وكلا الطرفين بحاجة إلى العدل ودرء الظلم عنهما](12).
7. حب الناس: وعن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) حيث قال في عهده إلى
مالك الأشتر: وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّة وَالمُحَبَّةَ لَهُمْ وَالنُّطْفَ بِالإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَلا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَإِمَّا نَظِيرُ لَكَ فِي الخَلْق [وكلا الطرفين بحاجة إلى العدل ودرء الظلم عنها](13).
8. حفظ الثغور: على الحاكم الإسلامي صيانة الحدود الجغرافية للبلاد الإسلامية باستخدام كل الوسائل والقدرات المتاحة، وأي تقصير في هذا المجال سيؤدي إلى إلحاق ضرر بالنظام الإسلامي وتدميره. قال أمير المؤمنين (سلام الله عليه): لَيْسَ يُحِبُّ لِلْمُلُوكِ أَنْ يُفَرِّطُوا فِي ثَلَاثٍ: فِي حِفْظِ التَّغُورِ...(14).
وفي خطبته في أهل الكوفة يستنهضهم للدفاع عن حياض البلاد الإسلامية في مقابل هجمة أهل الشام قال (سلام الله عليه):... وَخُذُوا مَهَلَ الأَيَّامِ وَحُوطُوا قَوَاصِيَ الإِسْلامِ أَلا تَرَوْنَ إِلَى بِلادِكُمْ تُغْزَى وَإِلَى صَفَاتِكُمْ تُرْمَى(15)؟!
اختيار الصالحين لتولّي المسؤوليات: مهمة أخرى تقع على عاتق الحكام وهي اختيار الأفراد الأكفاء والصالحين لإدارة النظام الإسلامي، إذ إنّ تولية الولاة والمدراء غير الأكفاء ستؤدّي بالتبع إلى عدم كفاءة النظام برمته. قال الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): لَيْسَ يُحِبُّ لِلْمُلُوكِ أَنْ يُفَرِّطُوا فِي ثَلاثٍ: فِي حِفْظِ الثَّغُورِ وَتَفَقَدِ الْمُظَّالِمِ وَاخْتِيَارِ الصَّالِحِينَ لِأَعْمَالِهِمْ(16).
10. الدفاع عن المحرومين: إنّ الدفاع عن حقوق المحرومين والمضطهدين لهي من أجلى واجبات الحكام والولاة المسلمين. قال الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه):... وَمَا أَخَذَ اللَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْأَمْرِ مِنْ أَنْ لَا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلا سَغَبٍ مَظْلُوم...(17).
11. عدم الاكتراث للسعاة والنمامين: وأيضاً عن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) في مقالته لمالك الأشتر: لا تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِيقِ سَاعٍ، فَإِنَّ السَّاعِيَ غَاشٌّ وَإِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ(18).
12. اجتناب الظلم والكذب والخيانة: قال رسول (صلى الله عليه وآله): مَنِ اسْتَرْعَى رَعِيَّةٌ فَغَشَّهَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ(19).
وعن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): يُهْلِكُ اللَّهُ سِتَّا لِستُ: الأُمَرَاءَ بِالْجُوْرِ و...(20).
وعن الإمام الرضا (سلام الله عليه): إِذَا كَذَبَ الولاةُ حُبِسَ الْمُطَرُ وَإِذَا جَارَ السُّلْطَانُ
هَانَتِ الدَّوْلَةُ وَ...(21).
____________________________
(1) نهج البلاغة، خطبة رقم 34.
(2) غرر الحكم، ص 341.
(3) نهج البلاغة خطبة رقم 1، فقرة 43.
(4) نهج البلاغة، خطبة رقم 108.
(5) لم يكن الإمام الحسين (سلام الله عليه) يمسك بزمام الحاكمية الظاهرية للأمة الإسلامية، ولكن مع ذلك كان يضطلع بهذه المهمة من منطلق كونه القائد الحقيقي للناس وإمامهم طبقاً لحكم الله ووصية النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) فكان يضيء للأمة الإسلامية مصباح الهداية.
(6) مصباح المتهجد، ص 589، زيارة الأربعين للإمام الحسين (سلام الله عليه).
(7) الأمالي الصدوق، ص 245.
(8) نهج البلاغة، الحكمة 73.
(9) نهج البلاغة، الكتاب 53، فقرة 24 - 25.
(10) نهج البلاغة، الكتاب 53، فقرة 9 - 10.
(11) تحف العقول، ص319.
(12) الفقيه، ج 2، ص 621.
(13) تحف العقول، ص 126 - 127.
(14) تحف العقول، ص319.
(15) نهج البلاغة، خطبة رقم 238.
(16) تحف العقول، ص319.
(17) الأمالي، الطوسي، ص 374.
(18) نهج البلاغة، الكتاب 53، فقرة 27.
(19) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج 2، ص227.
(20) مستدرك الوسائل، ج 11، ص 374.
(21) الأمالي، المفيد، ص 310.
الاكثر قراءة في الوطن والسياسة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
