1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المجتمع و قضاياه : الوطن والسياسة :

ضرورات التربية والتعليم على المواطنة

المؤلف:  الاستاذ فاضل الكعبي

المصدر:  الطفل بين التربية والثقافة

الجزء والصفحة:  ص301 ـ 305

19-12-2021

1970

من بين الضرورات الأساسية للتربية على المواطنة، تبرز الضرورة لذلك في كون المواطنة ترسخ قيم الهوية الثقافية والحضارية للشعب الواحد في اطار خصوصيته الوطنية واهمية الحفاظ عليها من الاختراق أو الاندثار أو ما شابه ذلك من تحديات في عصر الفضاء والتكنلوجيا الاتصالية وأبرزها تحدي العولمة التي تسعى إلى خلخلت الثوابت الموضوعية والمعايير القيمية للهوية الثقافية للشعوب كافة لذلك (أصبح الاهتمام بالهوية الثقافية اهتماماً واسعاً لا يختص بمجتمع دون آخر إنما أصبح من القضايا الاساسية والمهمة التي تشغل بال المجتمع الدولي والذي سعى إلى عقد المؤتمرات ووضع التشريعات والبيانات التي تؤكد حتمية واهمية (الهوية الثقافية) ودعمها في حياة الشعوب لأنها تمثل رمزا من رموزها ونوعا من السيادة والخصوصية الوطنية والثقافية)(1).

من هنا تبرز أهمية المواطنة وضرورات التربية الاساسية عليها من أجل الحفاظ على الهوية الثقافية الخاصة بكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية في ظل ما يواجهها من اخطار وما يهددها من تحديات كتحدي العولمة كما ذكرنا هنا.

إن دعوتنا للحفاظ على الهوية الثقافية والحرص على كيانها وعناصرها القيمية، لا يعني ذلك التحصن خلف القدرات الذاتية والتقوقع في المكان الخاص، وكذلك (لا يعني الحيلولة دون التعامل مع العصر بما فيه من تغيرات، وان طبيعة القدرات البشرية الواجبة للتعامل مع ثورة المعلومات والمعرفة تختلف اختلافاً جوهرياً عن القدرات التقليدية، فهي تستلزم قيما ثقافية ديناميكية قادرة على التعامل مع التغيير السريع ليس بالتكيف معه فحسب بل بالمساهمة فيه تعديلاً وتجديداً)(2).

وهذا التعديل والتجديد هو ما يجب ان يجري على بنية الهـويـة الخاصة بما يتوافق مع العصر وتطوراته وبما لا يخل بالقيمة الكلية لخصوصية الهوية في اطارها الموضوعي والاجتماعي الذي يستدعي احاطتها بالاهتمام الكامل والمراجعة المستفيضة لمجمل عناصرها وأساليبها ومعاينة ذلك معاينة نقدية موضوعية تسهم في اعطاء عناصرها روحاً جديدة متجددة لا تخرج عن قاعدتها القيمية ولكنها تجدد هذه القاعدة وتجعلها حية متوافقة مع كل عصر وآن.

ويمكن حصول ذلك اذا ما سعينا إلى تربية الطفل منذ مراحله الاولى على المواطنة الحقة ورسخنا من تعليمه لمبادئ المواطنة بأساليب علمية تبتعد عن التلقي المباشر الذي غالباً ما يأتي بنتائج عكسية تدفع الطفل إلى النفور من هذا التعليم ومواضيعه لذا علينا ان ندرك الغاية الاساسية التي تقف وراء تربية الطفل وتعليمه على المواطنة والتي تتمثل بشكل واضح في تكوين الإنسان المواطن الواعي الممارس لحقوقه وواجباته في اطار الجماعة التي ينتمي إليها مثلما تتمثل في العمل المبرمج من أجل ان تنمي لديه باستمرار ومنذ مراحله الاولى القدرات والطاقات التي تؤهله مستقبلاً لحمايه خصوصياته وهويته وممارسة حقوقه واداء واجباته بكل وعي ومسؤولية حتى يتأهل للتواصل الايجابي مع محيطه كذلك تتأسس المواطنة على الوعي بالخصوصيات الحضارية والتاريخية والوطنية والاستعداد لتنميتها وتوجيهها والدفاع عنها بكل الوسائل العلمية والمعرفية في احترام تام لخصوصيات الآخرين وتفاعل متميز مع مختلف التجارب وانفتاح موزون على كل الثقافات وحوار واع مع كل الحضارات)(3).

وعلى هذا الأساس يتطلب من اركان التربية والتعليم والقائمين عليها اعتماد الأسس والاساليب العلمية المتطورة في تنمية سلوك المواطنة لدى الأطفال وجعلهم يدركون أهمية خصوصيتهم الثقافية والكيفية التي يجب الحفاظ عليها من الاختراق ومن الانحلال، مع ضرورة اعطاء الطفل اهميته في المجتمع وفسح المجال امامه للإسهام الفاعل في البناء الاجتماعي والثقافي للمجتمع.

وبأعتقادنا ان هذا الأمر لا يمكن ان يحصل من دون الانتباه إلى أهمية الخصوصية الإنسانية للطفل ودورها الفعال في (ثقافة الأطفال) والاهتمام بأساليب الكتابة للطفل ومفاهيم الخطاب الثقافي الموجه للطفل وجعله مؤثراً وفاعلاً ولا يقل أهمية عن غيره من) الخطابات الأجنبية (وخلق قاعدة علمية عربية لثقافة الأطفال تلبي حاجات الطفل وتشبع نوازعه الغرائزية وتنمي مدركاته وخياله، وتجعله ميالاً لثقافته الخاصة أكثر من ميله للثقافات الأخرى ووسائلها وقنواتها المغرية (4).

إن هذا الأمر هو الذي يهيئ الطفل لتقبل كل ما هو متوافق ومنسجم مع قدراته وتطلعاته، ويمكن من خلال ذلك اعداده اعداداً وطنياً صحيحاً ومتوافقاً وفق ما تتطلبه المواطنة الحقة، وإذا ما نجحنا في تعميق قيم المواطنة في وجدان الطفل فأننا بذلك ننجح بجعل الطفل مواطناً صالحاً وهذا النجاح هو من بين الاهداف المهمة التي تسعى برامج وخطط التنشئة الاجتماعية والثقافية للوصول لها في شخصية الطفل وبلورة قيمه الثقافية مع تنمية منظومته الاخلاقية والتربوية، حيث تأتي التربية على المواطنة لتحقيق ذلك بأقتدار كبير.

من هنا تبرز لنا ضرورة أخرى واهمية كبيرة لتربية الطفل وتعليمه على المواطنة لأن سعة هذه التربية وغاياتها انها تخاطب (عقل الإنسان المواطن لتمده بالمعارف اللازمة عن تاريخ بلده وحضارته وبالمعلومات الضرورية عن حقوقه وواجباته كما تخاطب وجدانه لتشكل لديه منظومه قيم وأخلاق تنمي لديه الاحساس بالافتخار والاعتزاز وتحفزه على العطاء والاخلاص والتضحية كما تتوجه إلى حواسه لتمده بالمهارات الكافية في كل المجالات التواصلية والتقنية والعلمية التي تجعله قادراً على الابداع والتميز من جهة وقادراً على التعريف بحضارة بلده والدفاع عنها من جهة ثانية)(5).

إن الخطاب الذي تقوم به التربية على المواطنة وان كان خطاباً تربوياً وطنياً بشكل عام هو خطاب ثقافي بالدرجة الاولى، كونه ينطلق من قواعد وقيم ومؤثرات ثقافية ويتحدد بعناصرها وغاياتها ويتصل بقيمها وعوالمها.

وعلى هذا الأساس تأتي دعوتنا للتربية على المواطنة وتعليمها وتأكيد اهميتها وضرورتها في كل عملياتنا وبرامجنا وخططنا التربوية والتعليمية والثقافية، على ان يكون المنطلق الفاعل في ذلك منطلقاً ثقافياً بالدرجة الاولى لأنه هكذا في حقيقته الجوهرية وان يتحدد بشكل خاص في إطار ثقافة الأطفال الخاصة، وينطلق منها ولا يتجاوزها إلى ما هو خارج محيط الطفل وعوالمه وقدراته ووسائله ووسائطه الثقافية الخاصة في المحيط الاجتماعي.

كل ذلك من أجل ان يأخذ هذا المنطلق أثره وتأثيره وفاعليته الواضحة في منظومة الطفل العقلية والوجدانية والانفعالية والتربوية والثقافية والاخلاقية ويعكس مدى ما تربى عليه وما تعلمه من قيم لا تخرج عن أحساسه بالمواطنة وشعوره العالي بغاياتها وأهميتها التي يعكسها سلوكه الثقافي والاجتماعي في المحيط الذي يعيش فيه ودور هذا المحيط في تربيته على المواطنة وتعليمه قيمها ففي هذا الإطار تتحدد لنا ثلاثة اتجاهات أساسية في تربية الطفل وتعليمه على المواطنة الحقه هي:

1. الاسرة.   2. المدرسة.   3. المجتمع.

وإذا ما درسنا هذه الاتجاهات وحددنا مسؤولية كل منها في إطار التربية والتعليم على المواطنة سنجد أهمية هذه الاتجاهات ودورها في هذا المجال بشكل واضح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكعبي، فاضل ثقافة الأطفال، دلالات الهوية وجدل الحفاظ عليها - مجلة الرافد - العدد (١٤٢) دائرة الثقافة والاعلام – الشارقة.

(2) بن عبد العزيز، طلال في تقديمه لملف مجلة الطفولة والتنمية، العدد (صفر) تشرين الثاني - المجلس العربي للطفولة والتنمية، القاهرة.

(3) انظر: مفهوم المواطنة والتربية عليها، محمد عرابي ـ القلم 4 (9) بغداد 2005.

(4) الكعبي، فاضل، ثقافة الأطفال: بين الخصوصية والاختراق - مجلة الطفولة والتنمية، العدد (16) المجلس العربي للطفولة والتنمية، القاهرة.

(5) دور التربية على المواطنة - موقع الأفق للإنترنت. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي