النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
أصحاب الإمام المهدي "عج" الخاصون في غيبته
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص250-272
2025-06-01
151
عمل الإمام المهدي عليه السلام في غيبته
في الكافي : 1 / 340 ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة ، ولا بد له في غيبته من عزلة ، ونعم المنزل طيبة ، وما بثلاثين من وحشة » .
وفي غيبة النعماني / 171 ، عن المفضل بن عمر الجعفي ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « إن لصاحب هذا الأمر غيبتين ، إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات وبعضهم يقول قتل وبعضهم يقول ذهب ، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير ، لا يطلع على موضعه أحد من وليّ ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره . قال النعماني : ولو لم يكن يروى في الغيبة إلا هذا لكان فيه كفاية لمن تأمله » .
أقول : معنى الغَيْبة التامة للإمام المهدي عليه السلام ، أن الناس حُرموا من نعمة رؤيته وحضوره بينهم ، حتى يأذن له الله بالظهور ، فيبدأ مهمته التي ادَّخره لها . ومعناها أيضاً : أن الله تعالى كلفه في غيبته بمهمة من نوع آخر ، ومعه أعوانه جنود الله ، وهم أصحابه الخاصون الذين يلتقي بهم ، ومنهم الخضر ، وربما إلياس ’ .
ومعناها أيضاً : أن الغيبة الثانية تختلف عن الأولى بقوانينها وشدتها .
ويدل قول الإمام الباقر عليه السلام : ولابد في عزلته من قوة . « غيبة الطوسي / 102 » على أنها ببرنامج وأعوان ، وليست مجرد اختفاء ، كما يتصوره البعض ! وإذا أردت أن تأخذ صورة عن هذه الغيبة وعن عمله فيها ، فاقرأ آيات نبي الله موسى والخضر ’ ، وتأمل فيما رأى من عجائبه في يومين أو ثلاثة .
أصحاب المهمات الخاصة مع الإمام المهدي عليه السلام
معنى قول الإمام الباقر عليه السلام « وما بثلاثين من وحشة » : أن الإمام المهدي عليه السلام يكون له في غيبته ثلاثون شخصاً يلتقي بهم على الأقل ، وقد سُمُّوا الأبدال لأنه إذا مات أحدهم استبدل الله به غيره ، فهم يعيشون بأعمارهم الطبيعية ولا يمد لهم في أعمارهم كالمهدي والخضر ’ .
أما كيف يتم اختيار البديل ، فالإمام عليه السلام مهديٌّ من ربه في كل أموره ، ومنها اختيار أصحابه ، وقد نقل الثقاة قصة أحد المؤمنين الأبرار من أهل تبريز ، وقد أبلغوه أن الله اختاره ليكون من الأبدال ، وواعدوه ظهر اليوم الفلاني ليأخذوه ، فتفرغ أحدهم لمراقبته كيف يأخذونه ، ولما حان الموعد افتقده من أمامه ، وهو ينظر اليه !
وهؤلاء الثلاثون يأخذون التوجيهات والأوامر من الإمام المهدي عليه السلام ، ويمنح الله الواحد منهم القدرات التي يحتاجها في عمله ، ومنها الحركة في أنحاء الأرض ، وقد يحتاج إلى أعوان وجهاز ، فقد رأى بعضهم كرامة من أحد الأشخاص فسأله : هل أنت من أصحاب الإمام المهدي عليه السلام ؟ فقال : لا ، ولكن أستاذي أخبرني أن بينه وبينه من يتشرف بخدمة الإمام عليه السلام بضع وسائط ! وقد أخذ هذه الحقيقة المتصوفة فصاغوها بتصوراتهم وجعلوها لأنفسهم .
قال المجلسي رحمه الله في البحار : 53 / 301 : « قال الشيخ الكفعمي رحمه الله في هامش جنته عند ذكر دعاء أم داود : قيل : إن الأرض لا تخلو من القطب وأربعة أوتاد وأربعين أبدالاً وسبعين نجيباً وثلاث مائة وستين صالحاً ، فالقطب هو المهدي عليه السلام ، ولا يكون الأوتاد أقل من أربعة لأن الدنيا كالخيمة والمهدي كالعمود وتلك الأربعة أطنابها ، وقد يكون الأوتاد أكثر من أربعة ، والأبدال أكثر من أربعين ، والنجباء أكثر من سبعين والصلحاء أكثر من ثلاث مائة وستين والظاهر أن الخضر وإلياس ، من الأوتاد فهما ملاصقان لدائرة القطب . وأما صفة الأوتاد ، فهم قوم لا يغفلون عن ربهم طرفة عين ولايجمعون من الدنيا إلا البلاغ ، ولاتصدر منهم هفوات الشر ، ولا يشترط فيهم العصمة من السهو والنسيان ، بل من فعل القبيح ويشترط ذلك في القطب . وأما الأبدال فدون هؤلاء في المراقبة ، وقد تصدر منهم الغفلة فيتداركونها بالتذكر ، ولا يتعمدون ذنبا . وأما النجباء فهم دون الأبدال . وأما الصلحاء فهم المتقون الموفون بالعدالة ، وقد يصدر منهم الذنب فيتداركونه بالاستغفار والندم ، قال الله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ . جعلنا الله من القسم الأخير لأنا لسنا من الأقسام الأول ، لكن ندين الله بحبهم وولايتهم ومن أحب قوماً حشر معهم . وقيل : إذا نقص أحد من الأوتاد الأربعة وضع بدله من الأربعين وإذا نقص أحد من الأربعين وضع بدله من السبعين ، وإذا نقص أحد من السبعين ، وضع بدله من الثلاث مائة وستين ، وإذا نقص أحد من الثلاث مائة وستين وُضع بدله من سائر الناس » . انتهى .
أقول : هذا التصور عن هذا الجهاز من جنود الله تعالى ، وقدراتهم وأعمالهم ، ظنية استحسانية ما لم تقم على علم وتستند إلى المعصوم عليه السلام .
وفي الخرائج : 2 / 930 ، عن الإمام الباقر عليه السلام : « إن ذا القرنين كان عبداً صالحاً ناصح الله سبحانه فناصحه ، وسُخر له السحاب وطُويت له الأرض ، وبُسط له في النور فكان يبصر بالليل كما يبصر بالنهار .
وإن أئمة الحق كلهم قد سخر الله تعالى لهم السحاب ، وكان يحملهم إلى المشرق والمغرب لمصالح المسلمين ولإصلاح ذات البين ، وعلى هذا حال المهدي ، ولذلك يسمى : صاحب المرأى والمسمع ، فله نور يرى به الأشياء من بعيد كما يرى من قريب ، ويسمع من بعيد كما يسمع من قريب ، وإنه يسيح في الدنيا كلها ، على السحاب مرة وعلى الريح أخرى ، وتطوى له الأرض مرة ، فيدفع البلايا عن العباد والبلاد شرقاً وغرباً » .
وفي كمال الدين : 2 / 481 ، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : « سمعت الصادق جعفر بن محمد عليه السلام يقول : إن لصاحب هذا الأمر غيبة لابد منها ، يرتاب فيها كل مبطل ، فقلت : ولمَ جعلت فداك ؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ، قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟ قال : وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لاينكشف إلا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى عليه السلام ، إلى وقت افتراقهما . يا ابن الفضل : إن هذا الأمر أمرٌ من أمر الله تعالى ، وسرٌّ من سر الله ، وغيبٌ من غيب الله ، ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم ، صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة ، وإن كان وجهها غير منكشف » .
هل لجبل رضوى علاقة بالإمام عليه السلام وأصحابه ؟
في المحتضر / 20 ، عن كتاب القائم لابن شاذان بسنده إلى الإمام الصادق عليه السلام قال : « إن أرواح المؤمنين ترى آل محمد عليهم السلام في جبال رضوى ، فتأكل من طعامهم ، وتشرب من شرابهم ، وتتحدث معهم في مجالسهم ، حتى يقوم قائمنا أهل البيت ، فإذا قام قائمنا بعثهم الله تعالى وأقبلوا معه يلبون زمراً زمراً ، فعند ذلك يرتاب المبطلون ، ويضمحل المنتحلون ، وينجو المقربون . وهذا الحديث يدل على ما رويناه من القالب للروح بعد خروجها من الأول كما يدل عليه أكلهم وشربهم وحديثهم » .
وفي غيبة الطوسي / 103 : « عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام فلما نزلنا الروحاء نظر إلى جبلها مطلاً عليها فقال لي : ترى هذا الجبل هذا جبل يدعى رضوى من جبال فارس ، أحبنا فنقله الله إلينا ، أما إن فيه كل شجرة مطعم ، ونعم أمان للخائف مرتين ، أما إن لصاحب هذا الأمر فيه غيبتين : واحدة قصيرة والأخرى طويلة » .
وفي البحار : 52 / 306 ، عن الإمام زين العابدين عليه السلام ، في خبر طويل في خروج الإمام المهدي عليه السلام وأنه يجتمع بالنبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام في جبل رضوى ، جاء فيه : « ثم يأتي إلى جبل رضوى ، فيأتي محمد وعلي فيكتبان له عهداً منشوراً يقرؤه على الناس ، ثم يخرج إلى مكة والناس يجتمعون بها » .
وفي معجم البلدان : 3 / 51 ، في جبل رضوى : « وهو من ينبع على مسيرة يوم ومن المدينة على سبع مراحل . . . وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية ، ورأيته من ينبع أخضر ، وأخبرني من طاف في شعابه أن به مياهاً كثيرة وأشجاراً . وهو الجبل الذي يزعم الكيسانية أن محمد بن الحنيفة به مقيم ، حيٌّ يرزق » .
وروى البلاذري في أنساب الأشراف 2 / 202 ، والسمعاني : 1 / 207 ، قول كُثَيِّر والسيد الحميري ، وكانا أول أمرهما يعتقدان بمهدوية محمد بن الحنفية ، قال كثير :
ألا إن الأئمة من قريش ولاة الحق أربعة سواءُ
عليٌّ والثلاثة من بنيهِ هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبطٌ سبط إيمان وبر وسبطٌ غيبته كربلاء
وسبطٌ لا تراهُ العين حتى يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيَّبَ لا يُرى فيهم زمانا برضوى عنده عسلٌ وماء
وقال السيد الحميري رحمه الله :
يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى ويهيج قلبي بالصبابة أولقُ
حتى متى وإلى متى وكم المدى ؟ يا ابن الوصي وأنت حيٌّ ترزق وكان السيد الحميري رحمه الله كيسانياً فرجع عنها وصار إماميا اثني عشرياً ، وقال :
فلما رأيت الناس في الدين قد غووا تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا
وناديت باسم الله والله أكبرُ وأيقنت أن الله يعفو ويغفرُ . . الخ .
والكيسانية نسبة إلى كيسان من وزراء المختار ، وقد طبقوا أحاديث النبي وآله صلى الله عليه وآله في أن المهدي الموعود لا بد أن يغيب ، على محمد بن الحنفية بعد موته رحمه الله كما صرح بذلك السيد الحميري . واختاروا جبل رضوى مكاناً لغيبته ، بسبب أحاديث عن النبي وآله صلى الله عليه وآله أيضاً .
وتدل هذه الأحاديث على أن لجبل رضوى موقعاً في عالم الأرواح ، وكأنه من الأمكنة التي هي نقاط التقاء أرواح الأموات ، وقد عدَّت منها بيت المقدس ، وحضرموت اليمن ، ووادي السلام التي تسمى ظهر الكوفة والنجف ، وغيرها . ومعلوماتنا قليلة عن تحرك الأرواح ، ونقاط التقائها ، أو نزول الملائكة وصعودها ، وصعود الأعمال . . لكن يبدو لي أن جبل رضوى واحدٌ منها .
كما لا يصح رد قول الإمام الصادق عليه السلام : « رضوى من جبال فارس أحبنا فنقله الله إلينا » بعد أن روى الجميع أن جبل الطائف من جبال الشام وقد نقله الله تعالى إلى الحجاز ! فمعلوماتنا عن تكوين الأرض وجبالها وتحرك أمكنتها قليلة .
وقد روى بخاري : 2 / 133 ، قول النبي صلى الله عليه وآله : « أُحُدٌ جبل يحبنا ونحبه . وكرره في كتابه سبع مواضع ! وهذا يدل على أنَّ للجمادات شعوراً وإحساساً وتكليفاً كالنبات والحيوان ، كل بمستواه ، فلا يوجد ميت بالكامل في الكون ، بل الموت والحياة نسبيان ، كما قال تعالى : تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرض وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَئٍْ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً » . « الإسراء : 44 » .
وعليه ، فإن ما ورد في دعاء الندبة : « ليت شعري أين استقرت بك النوى ، أم أي أرض تقلك أم ثرى ، أبرضوى أم غيرها أم ذي طوى ، عزيزٌ عليَّ أن تَرى الخلق ولا تُرى ، ولا يُسمع لك حسيس ولا نجوى ، عزيزٌ عليَّ أن تحيط بك الأعداء ، بنفسي أنت من مغيب ما غاب عنا ، بنفسي أنت من نازح ما نزح عنا » . « الإقبال : 1 / 510 » .
يقصد به التساؤل بشوق عن مكان الإمام عليه السلام ، الذي يتحرك في أرض الله تعالى بهداية ربه ، وأن له علاقة بجبل رضوى ، الذي هو من مراكز نزول الأرواح العلوية .
الخضر من أصحاب المهدي عليه السلام
وأحاديثه كثيرة في مصادر الجميع ، وفيها صحيح السند ، تجدها في قصص الأنبياء عليهم السلام وفي تفسير آيات الخضر في سورة الكهف . قال الله تعالى : وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُباً . فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً . فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً . قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً . قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً . فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً . قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً . قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً . وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً . قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً . قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَئٍْ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً . فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً . قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْري عُسْراً . فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً . قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَئٍْ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً . فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً . قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً . أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً . وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً . فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَوةً وَأَقْرَبَ رُحْماً . وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً » . « سورة الكهف : 60 - 82 » .
وهي تدل على أن الخضر من جنود الله تعالى أصحاب المهمات الخاصة في الأرض ، وقد ورد أنه كان يظهر للنبي صلى الله عليه وآله ، وأنه عزَّى أهل البيت بوفاته صلى الله عليه وآله ، ثم كان يظهر للأئمة عليهم السلام ، ورويت أخبار ظهوره لعدد منهم ، وروي أنه جوال في الأرض ، ويحج في كل عام ، ويصلي أحياناً في مسجد الكوفة والسهلة ، وأنه مع المهدي عليه السلام في غيبته .
ففي كمال الدين : 2 / 390 : « عن الإمام الرضا عليه السلام قال : إن الخضر عليه السلام شرب من ماء الحياة فهو حيٌّ لا يموت حتى ينفخ في الصور ، وإنه ليأتينا فيسلّم فنسمع صوته ولا نرى شخصه ، وإنه ليحضر ما ذكر ، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه ، وإنه ليحضر الموسم كل سنة فيقضي جميع المناسك ، ويقف بعرفة فيؤمِّن على دعاء المؤمنين ، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته » .
وذكر في البحار : 13 / 303 أن اسم الخضر خضرويه ، سمي به لأنه جلس على أرض بيضاء فاهتزت خضراء ، وأنه أطول الآدميين عمراً ، والصحيح أن اسمه إلياس بن ملكان بن عامر بن أرفخشد بن سام بن نوح . لكن لا يمكن الأخذ بروايات أنساب الأنبياء عليهم السلام لتأثرها بالإسرائيليات . هذا ، وسيأتي في غيبة الإمام عليه السلام ما يدل على حضور الخضر عليه السلام موسم الحج كل عام .
ربما كان نبي الله إلياس من أصحابه عليه السلام
وردت في نبي الله إلياس عليه السلام وحياته ، أحاديث وقصص في مصادر الطرفين ، لكنها لاتبلغ في قوتها وصحتها أحاديث الخضر عليه السلام .
فقد روى في كمال الدين 2 / 545 ، قصة أبي الدنيا ، وأنه كان معمّراً رأى في الجاهلية الخضر وإلياس وبشراه بالنبي صلى الله عليه وآله وأخبراه أنه يعيش حتى يرى المهدي وعيسى عليه السلام . وروى في البحار : 13 / 319 ، ومستدرك الوسائل : 5 / 386 ، عن النبي صلى الله عليه وآله أن الخضر عليه السلام وإلياس يلتقيان في كل موسم فإذا تفرقا تفرقا عن هذه الكلمات : بسم الله ، ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله ، ما شاء الله ، كل نعمة فمن الله ، ما شاء الله ، الخير كله بيد الله ، ما شاء الله ، لا يصرف السوء إلا الله » .
وفي الكافي : 1 / 227 ، عن مفضل بن عمر أنه دخل على الإمام الصادق عليه السلام وهو يقرأ دعاءً بالسريانية ويبكي ، وفسره لهم بأنه دعاء الياس عليه السلام : « كان يقول في سجوده : أتراك معذبي وقد أظمأت لك هواجري ، أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي ، أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي ، أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي ؟ قال : فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني غير معذبك ، قال فقال : إن قلت لا أعذبك ثم عذبتني ماذا ؟ ألست عبدك وأنت ربي ؟ قال : فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني غير معذبك ، إني إذا وعدت وعداً وفيت به » .
وفي المحاسن : 2 / 515 : « عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : عليكم بالكرفس ، فإنه طعام إلياس واليسع ويوشع بن نون » . والكافي : 6 / 366 .
وروى في البحار : 13 / 393 ، قصة نبي الله إلياس عليه السلام عن وهب بن منبه ، وابن عباس ، وحاصلها : أنه من أنبياء بني إسرائيل ، بعثه الله إلى سبط بني إسرائيل في بعلبك ، وكان بعد داود عليه السلام أي في حكم الرومان ، وكانت زوجة ملكهم رومانية فاجرة وكانوا يعبدون بعلاً ، كما ورد في آيات إلياس عليه السلام : وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ . أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ . اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأولينَ . فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ . إِلا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ . وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ . « الصافات : 123 - 129 » فكذبوه وأهانوه وأخافوه وهموا بتعذيبه ، فهرب منهم ولحق بأصعب جبل ، فبقي فيه وحده سبع سنين ، يأكل من نبات الأرض وثمار الشجر ، فابتلى الله قومه بالقحط ، ومرض ابن الملك حتى يئس منه وكان أعز ولده إليه ، فاستشفعوا إلى عبدة الصنم ليستشفعوا له فلم ينفع ، فبعثوا إلى إلياس عليه السلام في الجبل أن يهبط إليهم ويشفع لهم ، فنزل إلياس من الجبل ودعا الله فشافى ابن الملك وأنزل المطر . . وفي آخر الرواية : « ثم وصى إلياس إلى اليسع ، وأنبت الله لإلياس الريش ، وألبسه النور ورفعه إلى السماء ، وقذف بكسائه من الجو على اليسع ، فنبأه الله على بني إسرائيل وأوحى إليه وأيده ، فكان بنو إسرائيل يعظمونه ويهتدون بهداه » .
ونقل عن الطبرسي قوله : « ورفعه الله تعالى من بين أظهرهم ، وقطع عنه لذة الطعام والشراب وكساه الريش ، فصار إنسياً ملكياً ، أرضياً سماوياً ، وسلط الله على الملك وقومه عدواً لهم فقتل الملك وامرأته ، وبعث الله اليسع رسولا ، فآمنت به بنو إسرائيل وعظموه وانتهوا إلى أمره » .
وروى في البحار : 13 / 399 : « عن الإمام الصادق عليه السلام أن ملك بني إسرائيل هويَ امرأة من قوم يعبدون الأصنام من غير بني إسرائيل ، فخطبها فقالت : على أن أحمل الصنم فأعبده في بلدتك ، فأبى عليها ثم عاودها مرة بعد مرة حتى صار إلى ما أرادت فحولها إليه ومعها صنم ، وجاء معها ثمان مائة رجل يعبدونه . . . وانتهت القصة بأن القحط أصابهم فاستغاثوا بإلياس ، وتاب الملك توبة حسنة حتى لبس الشعر ، وأرسل الله إليهم المطر والخصب » . انتهى .
أقول : يؤخذ على هذه الروايات ضعف أسانيدها ، وأنها تشبه الإسرائيليات وسياقها غير المنطقي في تعامل الله تعالى مع الأنبياء عليهم السلام ! ثم في ادعائها أن بني إسرائيل اهتدوا وآمنوا بإلياس واليسع عليه السلام ، وأن اليهود كانوا مستقلين يحكمون أنفسهم ، مع أنهم كانوا تحت حكم الروم ، وكانت قلعة بعلبك معبد الرومان الوثنيين . ويدل قول إلياس عليه السلام : أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ، على أنه بُعث إلى وثنيين من الرومان وأتباعهم اليهود .
وروى في الكافي : 1 / 242 : « عن ابن الحريش عن الإمام محمد الجواد عليه السلام قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : بينا أبي عليه السلام يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر قد قيض له فقطع عليه أسبوعه ، حتى أدخله إلى دار جنب الصفا ، فأرسل إليَّ فكنا ثلاثة فقال : مرحباً يا ابن رسول الله ، ثم وضع يده على رأسي وقال : بارك الله فيك يا أمين الله بعد آبائه . يا أبا جعفر إن شئت فأخبرني وإن شئت فأخبرتك ، وإن شئت سلني وإن شئت سألتك ، وإن شئت فأصدقني ، وإن شئت صدقتك ؟
قال : كل ذلك أشاء . قال : فإياك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره . قال : إنما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه ، وإن الله عز وجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف ! قال : هذه مسألتي وقد فسرتَ طرفاً منها ! أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف مَن يعلمه ؟ قال : أما جملة العلم فعند الله جل ذكره ، وأما ما لابد للعباد منه فعند الأوصياء عليهم السلام ، قال : ففتح الرجل عجيرته واستوى جالساً وتهلل وجهه ، وقال : هذه أردت ولها أتيت ، زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء ، فكيف يعلمونه ؟ قال : كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه ، إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله يرى لأنه كان نبياً وهم محدّثون ، وأنه كان يفد إلى الله عز وجل فيسمع الوحي ، وهم لا يسمعون .
فقال : صدقت يا ابن رسول الله . . . . سآتيك بمسألة صعبة : أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر مع رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : فضحك أبي عليه السلام وقال : أبى الله عز وجل أن يطلع على علمه إلا ممتحناً للإيمان به ، كما قضى على رسول الله أن يصبر على أذى قومه ولا يجاهدهم إلا بأمره ، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ! وأيم الله أن لو صدع قبل ذلك لكان آمناً ، ولكنه إنما نظر في الطاعة وخاف الخلاف فلذلك كفَّ .
فوددتَ أن عينك تكون مع مهدي هذه الأمة ، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض تعذب أرواح الكفرة من الأموات ، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء ، ثم أخرج سيفاً ثم قال : ها إن هذا منها ، قال فقال أبي : إي والذي اصطفى محمداً على البشر ، قال : فرد الرجل اعتجاره وقال : أنا إلياس ، ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة ، غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك . . .
وجاء في آخر الحديث : فقال الرجل : أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه ! ثم قام الرجل وذهب فلم أره » . وعنه البحار : 25 / 74 ، ولعله أقوى نص في حياة إلياس عليه السلام . لكن النجاشي / 45 ، ضعف ابن الحريش ، قال : ضعيف جداً ، له كتاب إنا أنزلناه في ليلة القدر ، وهو كتاب ردي الحديث مضطرب الألفاظ . . الخ .
أما مصادر السنيين فقد روت في الياس إسرائيليات كثيرة ! ففي الجامع الصغير : 1 / 636 : « الخضر في البحر وإلياس في البر ، يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ، ويحجان ويعتمران كل عام ، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل » .
وشرحه في فيض القدير : 3 / 672 : فقال : « أي معظم إقامته فيه . وإلياس بكسر الهمزة من الأيس الخديعة والخيانة واختلاط العقل ، أو هو إفعال من قولهم رجل أليس أي شجاع لا يفر ، والأليس الثابت الذي لا يبرح ، كذا ذكره ابن الأنباري . قال السهيلي : والأصح أن إلياس سمي بضد الرجاء ، ولامه للتعريف ، وهمزته همزة وصل ، وقيل قطع » !
« في البر يجتمعان كل ليلة . . ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل » تمامه طعامهما ذلك اه - . فكأنه سقط من قلم المصنف . . ثم قال المناوي : « وهذا حديث ضعيف ، لكنه يتقوى بوروده من عدة طرق بألفاظ مختلفة ، فمنها ما في المستدرك عن أنس كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في سفر فنزل منزلاً فإذا رجل في الوادي يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفور لها المتاب عليها ، فأشرفتُ على الوادي فإذا رجل طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع فقال : من أنت ؟ قلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وآله قال : وأين هو ؟ قلت : هو ذا يسمع كلامك . قال : أقرئه السلام وقل له أخوك إلياس يقرؤك السلام فأتيته فأخبرته ، فجاء حتى اعتنقه ثم قعدا يتحدثان ، فقال : يا رسول الله إني إنما آكل في السنة مرة ، وهذا يوم فطري ، فآكل أنا وأنت . فنزلت عليهما مائدة من السماء عليها خبز وحوت وكرفس ، وأكلا وصليا العصر ، ثم ودعته فرأيته مشى في السحاب نحو السماء اه .
وأخرج الحاكم في المستدرك أن إلياس اجتمع بالمصطفى وأكلا جميعاً وأن طوله ثلاث مائة ذراع ، وأنه لا يأكل في السنة إلا مرة واحدة كما مر ، وأورده الذهبي في ترجمة يزيد بن يزيد البلوي ، وقال إنه خبر باطل .
وفي البخاري : يذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس . قال ابن حجر : أما قول ابن مسعود فوصله عبد بن حميد وابن حاتم بإسناد حسن عنه وأما قول ابن عباس فوصله جويبر عن الضحاك عنه ، وإسناده ضعيف ولهذا لم يجزم به البخاري . وقيل : إلياس إنما هو من بني إسرائيل » .
أقول : في كلامهم تكلف ورجم بالغيب ، في تفسير اسم عبري أصله سرياني .
وفي الدر المنثور : 4 / 240 : « وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده ، بسند واهٍ عن أنس . . كما تقدم ، وقال : وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي داود قال : إلياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ، ويحجان في كل سنة ، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل . وأخرج العقيلي والدارقطني في الإفراد وابن عساكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال : يلتقي الخضر وإلياس كل عام في الموسم ، فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ، ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات . . . قال ابن عباس : من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات أمنه الله من الغرق والحرق والسرق ، ومن الشياطين والسلطان والحية والعقرب » . ورواه في الإصابة : 2 / 251 ، عن أنس ، وقال : قلت وعبد الرحيم وأبان متروكان .
وفي ربيع الأبرار / 126 ، عن مقاتل : « من الأنبياء أربعة أحياء : اثنان في السماء عيسى وإدريس ، واثنان في الأرض : إلياس والخضر ، فإلياس في البر والخضر في البحر » .
وفي فتح الباري : 7 / 342 : « وأغرب ابن التين فجزم أن الياس ليس بنبي ، وبناه على قول من زعم أنه أيضاً حي ، وهو ضعيف أعني كونه حياً ، وأما كونه ليس بنبي فنفيٌ باطل ففي القرآن العظيم : وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ، فكيف يكون أحد من بني آدم مرسلاً وليس بنبي » .
أقول : شطحة ابن التين مثلٌ لمن تستهويه الإسرائيليات فينسى نص القرآن ، أو يتحايل عليه !
ولا يمكننا الاعتماد على أخبار إلياس عليه السلام هذه لأنها حتى في مصادرنا متأثرة بالإسرائيليات ، ما لم يؤيدها حديث النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام وهو هنا قليل . وأما أحاديث الخضر عليه السلام فكثيرة وفيها الصحيح ، وأنه حي يرزق ، وأنه من أصحاب الإمام المهدي عليه السلام ويظهر معه عند ظهوره . وتجد بعضها في فصول الكتاب .
أصحاب الكهف أعوان المهدي عليه السلام
قال الله تعالى : أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً . إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً . فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عدداً . ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَىُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً . نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى . وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرض لَنْ نَدْعُوَاْ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً . هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً .
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللهَ فَاوُواْ إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً .
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَالْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً . وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً .
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً . إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً .
وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً . سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً . « الكهف : 9 - 22 » .
ذكر المفسرون في سبب نزولها أن مشركي قريش بعثو إلى حاخامات اليهود ثلاثة قرشيين هم : العاص السهمي ، وابن أبي معيط الأموي ، وابن كلدة العبدري ، ليأتوهم بمسائل يعجز عن جوابها النبي صلى الله عليه وآله ! فجاؤوا بمسائل : متى تقوم الساعة ، ومن هم أصحاب الكهف ، ومن هو ذو القرنين . « تفسير القمي : 1 / 249 ، والطبري : 15 / 285 » .
وفي تفسير القمي : 2 / 31 : « هم فتية كانوا في الفترة بين عيسى بن مريم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله . وأما الرقيم فهما لوحان من نحاس مرقومان ، أي مكتوب فيهما أمر الفتية وأمر إسلامهم ، وما أراد منهم دقيانوس الملك ، وكيف كان أمرهم وحالهم » .
وفي تفسير العياشي : 2 / 321 ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « كتب ملك ذلك الزمان بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشايرهم ، في صحف من رصاص » .
وفي الفواكه الدواني : 1 / 70 : « ويكون مع المهدي أصحاب الكهف الذين هم من أتباع المهدي من جملة أتباعه ، ويصلي عيسى عليه السلام وراء المهدي صلاة الصبح ، وذلك لا يقدح في قدر نبوته ، ويسلّم المهدي لعيسى الأمر ويقتل الدجال . ويموت المهدي ببيت المقدس وينتظم الأمر كله لعيسى عليه السلام ، ويمكث في الأرض بعد نزوله أربعين سنة ، ثم يموت ويصلي عليه المسلمون . وقيل يمكث سبع سنين بعد نزوله ، ليس يبقى بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله الريح التي تقبض أرواح المؤمنين » . وهذه الرواية ترديد لأفكار كعب ، كأنها أحاديث نبوية قطعية !
وفي الدر المنثور : 4 / 215 : « عن ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أهل الكهف من أصحاب المهدي عليه السلام . وأخرج الزجاجي في أماليه عن ابن عباس في قوله : أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيم ؟ قال : إن الفتية لما هربوا من أهليهم خوفاً على دينهم ، فقدوهم فخبروا الملك خبرهم ، فأمر بلوح من رصاص فكتب فيه أسماءهم وألقاه في خزانته ، وقال إنه سيكون لهم شأن » .
ومثله العطر الوردي / 70 ، وقال : وحينئذ فَسِرُّ تأخيرهم إلى هذا المدة إكرامهم بشرف دخولهم في هذه الأمة وإعانتهم الخليفة الحق . وقال في فتح الباري : 6 / 365 : « وسنده ضعيف ، فإن ثبت حمل على أنهم لم يموتوا بل هم في المنام إلى أن يبعثوا لإعانة المهدي » .
قصة البساط النبوي
روت مصادر السنة والشيعة حديثاً عجيباً ، مفاده : أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله طلبوا منه أن يريهم أهل الكهف ، فأمرهم أن يركبوا على بساط وبعث معهم علياً عليه السلام فطار بهم البساط حتى وصلوا إلى أهل الكهف ، فرأوهم نائمين فكلموهم فلم يجيبوهم وكلمهم علي عليه السلام فأجابوه : « فقال أبو بكر : يا علي ما بالهم ردوا عليك وما ردوا علينا ؟ فقال لهم علي ، فقالوا : إنا لا نردُّ بعد الموت إلا على نبي أو وصى نبي » . انتهى .
ورووا أن علياً عليه السلام استشهد بأنس بن مالك على هذه الكرامة ، فأبى أن يشهد ! فدعا عليه فأصابه البرص والعمى ! « راجع : عقد الدرر / 141 ، عن تفسير الثعلبي ، وعنه البرهان للهندي / 87 ، ومناقب ابن المغازلي / 232 ، عن أنس » .
ورواه سعد السعود لابن طاووس / 112 ، وقال : فصل فيما نذكره من كتاب التفسير مجلد واحد ، تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد القزويني نذكر منه حديثاً واحداً من تفسير سورة الكهف ، من الوجهة الأولة من القائمة الثانية من الكراس الرابعة ، بإسناده عن محمد بن أبي يعقوب الجوال الدينوري ، قال : حدثني جعفر بن نصر بحمص قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ثابت عن أنس بن مالك قال : أهدي لرسول الله بساط من قرية يقال لها بهندف . . . هذا الحديث رويناه من عدة طرق مذكورات ، وإنما ذكرناه هاهنا لأنه من رجال الجمهور ، وهم غير متهمين فيما ينقلونه لمولانا علي عليه السلام من الكرامات . .
ورواه الخرائج والجرائح : 1 / 210 ، والفضائل لابن شاذان / 164 ، ونحوه المناقب : 2 / 337 و 338 ، والثاقب في المناقب / 71 ، واليقين / 133 ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، وإرشاد القلوب / 268 ، وخلاصة عبقات الأنوار : 3 / 258 ، ونفحات الأزهار : 3 / 241 .
والطرائف لابن طاووس / 84 ، وقال : « وزاد الثعلبي في هذا الحديث على ابن المغازلي ، قال : فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي ، فقال : إن المهدي يسلّم عليهم فيحييهم الله عز وجل له ثم يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون إلى يوم القيامة » .
ملاحظات
1 - في الإرشاد : 2 / 117 : « عن زيد بن أرقم أنه قال : مُرَّ به عليَّ « رأس الحسين عليه السلام » وهو على رمح وأنا في غرفة ، فلما حاذاني سمعته يقرأ : أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً ، فقفَّ والله شعري وناديت : رأسك والله يا ابن رسول الله أعجب وأعجب » !
وقال ابن سليمان : 2 / 267 : « عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو قال : رأيت رأس الحسين عليه السلام على الرمح وهو يتلو هذه الآية : أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً ، فقال رجل من عرض الناس : رأسك يا ابن رسول الله أعجب » !
2 - يظهر من آيات أصحاب الكهف أن الله تعالى ادّخرهم للإمام المهدي عليه السلام ، ولهذا كتب معاصروهم قصتهم على رقيم معدني وبنوا عليهم باب الكهف . ولذلك أخفى الله عددهم ولم يكشفه لعامة الناس . وقد روى في الهداية / 31 : « يأتيه الله ببقايا قوم موسى عليه السلام ويجئ له أصحاب الكهف ، ويؤيده الله بالملائكة » .
وفي الإرشاد / 365 ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « يُخرج القائم عليه السلام . . خمسة عشر من قوم موسى عليه السلام الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون ، وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون . . . فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً » . ولا بد أن يكونوا عوناً له في إقامة الحجة على قومهم الروم الذين يحشدون نحو مليون جندي في منطقة أنطاكية ، فيرسل عليه السلام وفداً إلى أنطاكية هدفه الأساسي كشف أهل الكهف ، ليكونوا آية ويحتجوا على الروم ، ثم يلتحقون بالإمام عليه السلام .
وقد روى في فوائد الفكر / 103 : « عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله : لاتحشر أمتي حتى يخرج المهدي . . . ثم يتوجه إلى الشام وجبريل على مقدمته وميكائيل على يساره ، ومعه أهل الكهف أعوان له فيفرح به أهل السماء والأرض » .
3 - ومما يتصل بأهل الكهف مكانة أنطاكية في حركة الإمام المهدي عليه السلام ، وأنه سيكون لها شأن لأنها مركزٌ لحواريي المسيح عليه السلام ودعوته ، وأن الوفد الذي يرسله الإمام عليه السلام يستخرج نسخ التوراة الأصلية من مكان فيها .
ففي دلائل الإمامة / 249 ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال : « إنما سمي المهدي مهدياً لأنه يهدي لأمر خفي يهدي ما في صدور الناس ، ويبعث إلى الرجل فيقتله لا يدرى في أي شئ قتله ، ويبعث ثلاثة رَكْب ، أما ركبٌ فيأخذ ما في أيدي أهل الذمة من رقيق المسلمين فيعتقهم ، وأما ركب فيظهر البراءة من يغوث ويعوق في أرض العرب . وركب يخرج التوراة من مغارة بأنطاكية . ويعطى حكم سليمان » .
وفي غيبة النعماني / 237 : « عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : دخل رجل على أبي جعفر الباقر عليه السلام فقال له : عافاك الله ، اقبض مني هذه الخمس مائة درهم فإنها زكاة مالي . فقال له أبو جعفر عليه السلام : خذها أنت فضعها في جيرانك من أهل الإسلام والمساكين من إخوانك المؤمنين . ثم قال : إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية وعدل في الرعية ، فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله . وإنما سمي المهدي مهدياً لأنه يهدي إلى أمر خفي ، ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بأنطاكية ، ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة ، وبين أهل الإنجيل بالإنجيل ، وبين أهل الزبور بالزبور ، وبين أهل القرآن بالقرآن . وتجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها فيقول للناس : تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء الحرام ، وركبتم فيه ما حرم الله عز وجل ، فيعطي شيئاً لم يعطه أحد كان قبله ، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً ، كما ملئت ظلماً وجوراً وشراً » .
أقول : لم يذكر الراوي ظرف الحديث الذي أوجب أن لا يقبل الإمام الباقر عليه السلام زكاة الرجل ، وأن يتحدث عن إعادة توزيع الإمام المهدي عليه السلام للثروة .
وفي فتن ابن حماد : 1 / 355 : « عن كعب قال : المهدي يبعث بقتال الروم ، يعطى فقه عشرة ، يستخرج تابوت السكينة من غار بأنطاكية ، فيه التوراة التي أنزل الله تعالى على موسى عليه السلام ، والإنجيل الذي أنزل الله عز وجل على عيسى عليه السلام ، يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم » .
وفي العرائس للثعلبي / 118 : « عن تميم الداري قال : قلت : يا رسول الله مررت بمدينة صفتها كيت وكيت ، قريبة من ساحل البحر ، فقال صلى الله عليه وآله : تلك أنطاكية ، أما إن في غار من غيرانها رضاضاً من ألواح موسى ، وما من سحابة شرقية ولا غربية تمر بها إلا ألقت عليها من بركاتها . ولن تذهب الأيام والليالي حتى يسكنها رجل من أهل بيتي يملؤها عدلاً وقسطاً ، كما ملئت جوراً وظلماً » . والرضراض : القطع الصغيرة .
وفي تاريخ بغداد : 9 / 471 : « عن تميم الداري قال : قلت : يا رسول الله ، ما رأيت للروم مدينة مثل مدينة يقال لها أنطاكية ، وما رأيت أكثر مطراً منها ! فقال النبي صلى الله عليه وآله نعم ، وذلك أن فيها التوراة ، وعصا موسى ورضراض الألواح ، ومائدة سليمان بن داود في غار من غيرانها ، ما من سحابة تشرف عليها من وجه من الوجوه إلا فرغت ما فيها من البركة في ذلك الوادي ، ولا تذهب الأيام ولا الليالي حتى يسكنها رجل من عترتي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، يشبه خلقه خلقي وخلقه خلقي ، يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » .
أقول : لا قيمة علمية لما يقوله أو يرويه كعب وتميم ، لكن أوردنا ذلك ليطلع الباحث على التحريفات التي ارتكبوها في أحاديث المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف . على أن عدداً من الروايات قد تكون نسبت اليهما بعد عصرهما .
من أصحاب المهدي عليه السلام سبعة علماء من بلاد شتى
روى ابن حماد : 1 / 345 : « عن ابن مسعود ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال : إذا انقطعت التجارات والطرق وكثرت الفتن ، خرج سبعة رجال علماء من أفق شتى على غير ميعاد ، يبايع لكل رجل منهم ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً ، حتى يجتمعوا بمكة فيلتقي السبعة فيقول بعضهم لبعض : ما جاء بكم ؟ فيقولون : جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يديه هذه الفتن وتفتح له القسطنطينية ، قد عرفناه باسمه واسم أبيه وأمه وحليته ، فيتفق السبعة على ذلك . فيطلبونه فيصيبونه بمكة : فيقولون له : أنت فلان بن فلان ، فيقول : لا ، بل أنا رجل من الأنصار ، حتى يفلت منهم . فيصفونه لأهل الخبرة والمعرفة به ، فيقال هو صاحبكم الذي تطلبونه ، وقد لحق بالمدينة ، فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة ، فيطلبونه بمكة فيصيبونه فيقولون : أنت فلان بن فلان وأمك فلانة بنت فلان وفيك آية كذا وكذا ، وقد أفلت منا مرة فمد يدك نبايعك فيقول : لست بصاحبكم أنا فلان بن فلان الأنصاري ، مروا بنا أدلكم على صاحبكم ، حتى يفلت منهم ، فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيصيبونه بمكة عند الركن فيقولون : إثمنا عليك ودماؤنا في عنقك إن لم تمد يدك نبايعك ، هذا عسكر السفياني قد توجه في طلبنا عليهم رجل من جرم ، فيجلس بين الركن والمقام فيمد يده فيبايع له ، ويلقي الله محبته في صدور الناس ، فيسير مع قوم أسد بالنهار رهبان بالليل » .
أقول : هذه القصة تدل على نوع فهم السنيين للبشارة النبوية بالمهدي عليه السلام في القرن الثالث ، وقد أسندوا روايتها إلى ابن مسعود رحمه الله الذي كان يحدث بالبشارة النبوية بالأئمة الاثني عشر عليه السلام ، وأدخلوا فيها تصورهم للمهدي وتفسيرهم لمقولة إنه يبايع وهوكاره . وقد ذكرت الرواية أصحاب المهدي عليه السلام الثلاث مئة وثلاثة عشر ، الذين يجمعهم الله تعالى من بلاد شتى وجعلت لكل واحد من هؤلاء العلماء بعددهم ! وروى ابن حماد فيهم روايات طويلة وقصيرة ، وليس فيها رواية مسندة .
النفس الزكية في ظهر الكوفة من علامات المهدي عليه السلام
في الإرشاد : 2 / 368 : « جاءت الأخبار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي عليه السلام وحوادث تكون أمام قيامه ، وآيات ودلالات : فمنها : خروج السفياني ، وقتل الحسني ، واختلاف بني العباس في الملك الدنياوي ، وكسوف الشمس في النصف من شهر رمضان ، وخسوف القمر في آخره ، على خلاف العادات ، وخسف بالبيداء وخسف بالمغرب وخسف بالمشرق ، وركود الشمس من عند الزوال إلى وسط أوقات العصر ، وطلوعها من المغرب ، وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام ، وهدم سور الكوفة » .
أقول : مقصوده رحمه الله سرد العلامات بدون ترتيب ، وشاهدنا منها : « وقتل الحسني . . . وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام ، وهدم سور الكوفة » .
ولم تعين الرواية بلد الحسني ، أما الهاشمي أو الحسني الذي يذبح بين الركن والمقام ففيه روايات صريحة ، ستأتي . وأما هدم سور الكوفة فيقصد به سور مسجدها من الجهة المقابلة للقبلة كما دلت الروايات . وأما النفس الزكية التي تقتل في سبعين من الصالحين بظهر الكوفة ، فأوضح من تنطبق عليهم ممن قتلوا في النجف إلى الآن ، هو الشهيد السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله فقد قتل في أكثر من سبعين ، ومعناه أن سبعين منهم صالحون .
وتقدم من مختصر البصائر / 199 ، الخطبة المروية عن أمير المؤمنين عليه السلام التي تسمى المخزون جاء فيها : « ألا يا أيها الناس ، سلوني قبل أن تشرع برجلها فتنة شرقية ، وتطأ في خطامها بعد موت وحياة ، أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض ، رافعة ذيلها تدعو يا ويلها بذحلة أو مثلها ، فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك بأي واد سلك ، فيومئذ تأويل هذه الآية : ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً . ولذلك آيات وعلامات ، أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتحريق الزوايا في سكك الكوفة ، وتعطيل المساجد أربعين ليلة ، وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر ، يُشبَّهْنَ بالهدى ، القاتل والمقتول في النار .
وقتل كثير وموت ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ، والمذبوح بين الركن والمقام ، وقتل الأسبغ المظفر صبراً في بيعة الأصنام ، مع كثير من شياطين الإنس » . الخ .
فهي تتكلم عن الحجاز والعراق معاً ، والرايات التي تتنازع حول المسجد الأكبر تقصد المسجد الحرام . والقتل الذريع يحتمل أن يكون في البلدين ، والنفس الزكية بظهر الكوفة أي النجف . والأسبغ المظفر شخص يعتقل ويقتل صبراً ، أي يحكم عليه بالقتل ، ولم تعين بلده .
النفس الزكية في المدينة من علامات المهدي عليه السلام
في الفتن : 1 / 324 : « عن كعب قال : تستباح المدينة حينئذ وتقتل النفس الزكية » .
وفي الفتن : 1 / 329 : « عن ابن مسعود قال : يبعث جيش إلى المدينة فيخسف بهم بين الحماوين ، وتقتل النفس الزكية » .
وفي الكافي : 1 / 337 ، بعدة روايات عن زرارة قال : « سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن للغلام غيبة قبل أن يقوم ، قال : قلت : ولم ؟ قال : يخاف وأومأ بيده إلى بطنه ، ثم قال : يا زرارة وهو المنتظر ، وهو الذي يشك في ولادته ، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف ، ومنهم من يقول حمل ، ومنهم من يقول إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين وهو المنتظر ، غير أن الله عز وجل يحبُّ أن يمتحن الشيعة ، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة . قال قلت : جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شئ أعمل ؟ قال : يا زرارة إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء : اللهم عرفني نفسك ، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك ، اللهم عرفني رسولك ، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك ، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني . ثم قال : يا زرارة لا بد من قتل غلام بالمدينة ، قلت : جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني ؟ قال : لا ، ولكن يقتله جيش آل بني فلان ، يجئ حتى يدخل المدينة فيأخذ الغلام فيقتله ، فإذا قتله بغياً وعدواناً وظلماً لايمهلون ، فعند ذلك توقع الفرج إن شاء الله » . والنعماني / 166 ، و 177 ، وكمال الدين : 2 / 342 و 346 و 481 ، ودلائل الإمامة / 293 كرواية كمال الدين الأخيرة ، وغيبة الطوسي / 202 ، كرواية النعماني الأولى . . الخ .
وفي الفتن لابن حماد : 1 / 323 : « عن علي عليه السلام قال : يكتب السفياني إلى الذي دخل الكوفة بخيله ، بعدما يعركها عرك الأديم ، يأمره بالسير إلى الحجاز ، فيسير إلى المدينة فيضع السيف في قريش فيقتل منهم ومن الأنصار أربع مائة رجل ، ويبقر البطون ويقتل الولدان ، ويقتل أخوين من قريش ، رجل وأخته يقال لهما محمد وفاطمة ويصلبهما على باب المسجد بالمدينة » . وفي ابن حماد : 1 / 323 : « عن أبي رومان قال : يبعث بجيش إلى المدينة فيأخذون من قدروا عليه من آل محمد ، ويُقتل من بني هاشم رجال ونساء ، فعند ذلك يهرب المهدي والمنصور من المدينة إلى مكة ، فيبعث في طلبهما ، وقد لحقا بحرم الله وأمنه » .
وهذا الغلام النفس الزكية ، غير النفس الزكية الذي يقتل في مكة قبيل الظهور .
وفي تفسير العياشي « 1 / 65 » عن الإمام الباقر عليه السلام : « ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون له همة إلا آل محمد صلى الله عليه وآله وشيعتهم ، فيبعث بعثاً إلى الكوفة فيصاب بأناس من شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله بالكوفة قتلاً وصلباً . ويبعث بعثاً إلى المدينة فيقتل بها رجلاً ويهرب المهدي والمنصور منها ، ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم ، لا يترك منهم أحد إلا أخذ وحبس . ويخرج الجيش في طلب الرجلين ، ويخرج المهدي منها على سنة موسى خائفاً يترقب حتى يقدم مكة » . وسيأتي ذكر النفس الزكية التي في مكة .
النفس الزكية في مكة من أصحابه الخاصين
في غيبة النعماني / 257 : « قلنا له « الإمام الصادق عليه السلام » : السفياني من المحتوم ؟ فقال : نعم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم ، والقائم من المحتوم ، وخسف البيداء من المحتوم ، وكفٌّ تطلع من السماء من المحتوم ، والنداء من السماء من المحتوم . فقلت : وأي شئ يكون النداء ؟ فقال : مناد ينادي باسم القائم واسم أبيه .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام : ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان ؟ قلنا : بلى أمير المؤمنين . قال : قتل نفس حرام في بلد حرام ، عن قوم من قريش ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة » .
وفي النعماني / 264 : « عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من المحتوم الذي لابد أن يكون من قبل قيام القائم خروج السفياني ، وخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية ، والمنادي من السماء » .
وفي النعماني / 262 : « عن محمد بن الصامت ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : ما من علامة بين يدي هذا الأمر ؟ فقال : بلى ، قلت : وما هي ؟ قال : هلاك العباسي ، وخروج السفياني ، وقتل النفس الزكية ، والخسف بالبيداء ، والصوت من السماء . فقلت : جعلت فداك أخاف أن يطول هذا الأمر ، فقال : لا ، إنما هو كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً » .
وفي كمال الدين : 2 / 649 : « عن صالح مولى بني العذراء قال : سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول : ليس بين قيام قائم آل محمد وبين قتل النفس الزكية ، إلا خمس عشرة ليلة » .
وفي غيبة الطوسي / 464 : « عن عمار بن ياسر : إن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان ولها أمارات . . . وإذا رأيتم أهل الشام قد اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان ، فالحقوا بمكة فعند ذلك تقتل النفس الزكية وأخوه بمكة ضيعةً ، فينادي مناد من السماء : أيها الناس إن أميركم فلان ، وذلك هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً » .
وفي غيبة الطوسي / 464 : « عن إبراهيم الجريري قال : النفس الزكية غلام من آل محمد ، اسمه محمد بن الحسن ، يقتل بلا جرم ولا ذنب ، فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر ، ولا في الأرض ناصر . فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد في عصبةٍ لهمُ أدقُّ في أعين الناس من الكحل ، إذا خرجوا بكى لهم الناس ، لا يرون إلا أنهم يُختطفون ، يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها ، ألا وهم المؤمنون حقاً . ألا إن خير الجهاد في آخر الزمان » .
كما روت شهادة النفس الزكية بعض مصادر السنيين ، كابن أبي شيبة : 8 / 679 : « عن مجاهد : قال فلان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله : إن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية ، فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها ، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها ، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط » .
فالنفس الزكية شخص ممدوح كان حديثه معروفاً عند الصحابة ، ولذا حاول بعضهم تطبيقه على محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى ، وسموه النفس الزكية .
وروى ابن حماد : 1 / 339 : « عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : إذا قتل النفس الزكية وأخوه يقتل بمكة ضيْعَةً ، نادى مناد من السماء إن أميركم فلان ، وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقاً وعدلاً » .
وأورد ابن حماد : 1 / 193 ، و : 1 / 324 ، و 329 ، و 330 ، و 339 ، أحاديث في النفس الزكية الذي يقتل في المدينة ، والذي يقتل في مكة ، منها / 93 : « إن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية ، فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض ، فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها ، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها ، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط » .