النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
الطائفة الثابتة حتى يظهر إمامها المهدي "عج"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص85-99
2025-05-26
159
الغرباء والطائفة الثابتة حتى يظهر المهدي عليه السلام
روت مصادر السنيين أن النبي صلى الله عليه وآله أخبر أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً ، وأنه سيبقى من المسلمين عصابة أو طائفة ثابتة على الحق ، لا يضرهم تكذيب من كذَّبهم حتى تقوم الساعة ، وفي بعضها حتى يخرج الدجال ، وفي بعضها حتى يأتي أمر الله ، وحتى ينزل عيسى بن مريم عليه السلام ، وحتى يظهر إمامهم المهدي عليه السلام .
وقد اهتم معاوية بهذه الأحاديث ، وأضاف لها صفاتٍ لهؤلاء الغرباء لتنطبق على أهل الشام ! ثم وضع رواته أحاديث تصرح بأنهم أهل الشام ، وإمامهم معاوية !
وفي عصرنا ، حاول الإخوان المسلمون أن يطبقوا أحاديث الغرباء على حركتهم ، لأنهم أمة وطائفة من الأمة ، ثابتة على الحق تدعو إلى الإسلام .
كما حاول الفلسطينيون تطبيقها عليهم ، لأنه في بعض رواياتها أن الفئة الظاهرة في بيت المقدس وأكنافه ، وفي بعضها أنهم يقاتلون فهي تنطبق على المقاومين لإسرائيل .
كما حاول الوهابيون أن يطبقوها عليهم ، لأنها تصف الثابتين من الأمة بأنهم طائفة أو عصابة أي فئة قليلة وهم فئة قليلة . وفي السنوات الأخيرة حَفَّظوا جماعتهم الطالبان هذه الأحاديث ، وسموا أنفسهم الطائفة المنصورة التي وصفها النبي صلى الله عليه وآله !
أما مصادرنا فروت أن النبي صلى الله عليه وآله لم يترك حديثه مهملاً ، بل سمى هؤلاء الغرباء الظاهرين بالحجة ، وأنهم الأئمة من عترته عليهم السلام وشيعتهم ، فهم الذين أوصى بهم أمته وقال : « إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروني بم تخلفوني فيهما » . « مسند أحمد : 3 / 17 » . فهم الذين بَشَّر بإمامتهم الربانية ، وأخبر أن الأمة ستضطهدهم وتكذبهم وتقتلهم ولا يضرهم تكذيب من كذبهم وعداء من عاداهم ، حتى يظهر الإمام المهدي الموعود منهم عليهم السلام فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً .
فقد روى الطبراني في الكبير : 2 / 213 ، عن جابر بن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيِّماً لا يضرهم من خذلهم » . وفي : 2 / 265 ، عن جابر بن سمرة قال : « سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يخطب على المنبر ويقول : اثنا عشر قيما من قريش لا يضرهم عداوة من عاداهم » .
وقال في الزوائد : 5 / 191 : « رواه البزار عن جابر بن سمرة وحده ، وزاد فيه : ثم رجع النبي إلى بيته فأتيته فقلت : ثم يكون ماذا ؟ قال : ثم يكون الهرج . ورجاله ثقات » .
لذلك نعتقد أن رواة الخلافة القرشية حذفوا صفات هؤلاء الثابتين الغرباء ، وجردوها من القرائن التي تدل عليهم . وإليك مجموعة أحاديثهم :
من أحاديث المخالفين في الطائفة الظاهرة أو المنصورة
نورد أولاً الأحاديث التي وصفتها بأنها ظاهرة ولم تعين أنه ظهور بالحجة أو بالقتال ، فيصح تفسيره بالأعم .
ففي مسند الطيالسي / 9 ، عن سليمان بن الربيع العدوي قال : « لقينا عمر فقلنا له : إن عبد الله بن عمرو حدثنا بكذا وكذا ، فقال عمر : عبد الله بن عمرو أعلم بما يقول قالها ثلاثاً ! ثم نودي بالصلاة جامعة فاجتمع إليه الناس فخطبهم عمر فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله » .
ورواه سعيد بن منصور : 2 / 144 ، عن ثوبان ، وفيه : ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم . وأحمد : 2 / 321 ، عن أبي هريرة ، وفيه : عصابة على الحق ولا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله . وفي صحيح بخاري : 4 / 252 ، عن مغيرة بن شعبة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : لا يزال ناسٌ من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون .
ونحوه مسلم : 6 / 53 ، عن المغيرة ، والجواهر الحسان : 2 / 279 ، عن ابن مسعود وفيه : حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون . والمسند الجامع : 14 / 14 . وابن حبان : 8 / 294 ، عن أبي هريرة : لا يزال على هذا الأمر عصابة على الحق لا يضرهم خلاف من خالفهم .
وفي مسلم : 6 / 54 ، عن ابن عمرو : « لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم ، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك . فقال عبد الله : أجل ، ثم يبعث الله ريحاً كريح المسك ، مسها مس الحرير فلا تترك نفساً في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته ، ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة » .
لاحظ أن ابن عمرو لم يذكر القتال ، وفسر أمر الله بالساعة ، على مذهب أستاذه كعب بأن قيام الساعة بعد فتح القسطنطينية بسنوات قليلة !
وفي جمع الفوائد : 3 / 157 ، عن ثوبان رفعه : « ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ! وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كل يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي . ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله » وتذكرة القرطبي : 2 / 638 .
فهذه الأحاديث جعلت وجود هؤلاء الثابتين إلى أن « يأتي أمر الله » وهو يشير إلى ظهور المهدي عليه السلام وليس إلى أن تقوم الساعة ، ولم تصفهم بأنهم مقاتلون .
الأحاديث التي وصفتهم بأنهم يقاتلون وينتصرون
قال ابن منصور : 2 / 145 ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لا تبرح عصابة من أمتي ظاهرين على الحق لا يبالون من خالفهم ، حتى يخرج المسيح الدجال فيقاتلونه » .
وفي مسند أحمد : 4 / 434 : « قال لي عمران : واعلم أنه لن تزال طائفة من أهل الإسلام يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناواهم ، حتى يقاتلوا الدجال » .
وفي طبقات ابن سعد : 2 / 167 : « عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الدجال » . وفي تهذيب ابن عساكر : 1 / 65 : وفي لفظ : إذا هلك أهل الشام فلا خير في أمتي ، ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يقاتلوا الدجال . . . الخ . وفي أحمد : 3 / 345 ، يقول : « لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال : فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم : تعال صل بنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمير ليكرم الله هذه الأمة » .
ونحوه في أحمد : 3 / 384 ، وفيه : تكرمة الله عز وجل . ومثله مسلم : 1 / 95 . وأبو يعلى : 4 / 59 ، وفيه : فيقول إمامهم : تقدم فيقول : أنتم أحق بعضكم أمراء بعض ، أمر أكرم الله به هذه الأمة . ونحوه جامع المسانيد : 25 / 26 . وفي سنن الداني / 43 : « تقدم يا نبي الله فصل لنا فيقول : إن هذه الأمة أمير بعضهم على بعض لكرامتهم على الله عز وجل » .
اهتم معاوية بتطبيق أحاديثهم على نفسه وأهل الشام !
في مسند أحمد : 4 / 97 و 101 ، عن عمير بن هاني قال : « سمعت معاوية بن أبي سفيان على هذا المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ، ولن تزال من هذه الأمة أمة قائمة على أمر الله ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس . وفي أخرى : فقام مالك بن يخامر السكسكي فقال : يا أمير المؤمنين سمعت معاذ بن جبل يقول : وهم أهل الشام ، فقال معاوية ورفع صوته : هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول وهم أهل الشام » . وفي مسند الشاميين للطبراني : 1 / 315 ، وسعيد بن منصور : 2 / 369 ، عن أبي عبد الله الشامي ، قال : « سمعت معاوية يخطب يقول : يا أهل الشام حدثني الأنصاري قال : قال شعبة يعني زيد بن أرقم : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال . . وفيه : وإني لأرجو أن تكونوا هم يا أهل الشام » .
ورواه بخاري : 9 / 167 كرواية أحمد الأولى . ومسلم : 6 / 53 ، كالثانية . وفي تاريخ بخاري : 7 / 327 ، وعلل الدارقطني : 7 / 61 ، ومسند الشاميين لجماز : 1 / 109 و / 135 و 96 و 101 و 103 و 118 و 129 و 131 و 133 و 144 و 149 ح 31 و 49 و 63 و 7 و 69 و 83 و 92 .
وكلها عن معاوية ، وفي عدد منها أنه كان يخطب بها على المنبر ! وهدفه مدح نفسه وأهل الشام في مقابل مخالفيه أهل العراق والحجاز . وهذا كافٍ لسقوط رواياتها !
أحاديث مكذوبة ومحرفة لمدح معاوية وأهل الشام
قال الطيالسي / 145 : « حدثنا معاوية بن قرة ، عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة » . لكن ابن منصور : 2 / 145 ، وأحمد : 3 / 436 ، وابن ماجة : 1 / 45 ، وغيرهم ، رووه بدون ذكر أهل الشام ، فهي زيادة لمصلحة بني أمية تُسقط الرواية .
ففي مسند أحمد : 4 / 429 ، عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : « لا تزال طائفة من أمتي على الحق ، ظاهرين على من ناواهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وينزل عيسى بن مريم عليه السلام » .
وفي تهذيب ابن عساكر : 1 / 56 : « قال أبو عمرو : فحدثت قتادة بهذا الحديث فقال : لا أعلم أولئك إلا أهل الشام » ! ثم صار تفسير قتادة حديثاً نبوياً في حلية الأولياء : 9 / 307 ، عن أبي هريرة : « لا تزال طائفة من أمتي قائمة على أمر الله لا يضرها من خالفها تقاتل أعداءها . . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : هم أهل الشام » !
وروى نحوه الطبراني في الشاميين : 1 / 56 ، عن الجرشي ، وفيه : « والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وعقر دار المؤمنين بالشام » .
ونحوه مسند الشاميين لجماز : 1 / 191 ، والمعجم الكبير : 7 / 61 ، وابن ماجة : 2 / 1369 ، والحاكم : 4 / 548 ، فاتضح لك أنهم زادوا اسم أهل الشام على لسان النبي صلى الله عليه وآله !
ومثلها في مدح سكان بيت المقدس وحوله
في أحمد : 5 / 269 ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء ، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك ، قالوا : يا رسول الله وأين هم ؟ قال : ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس » .
ونحوه في تهذيب الآثار ، مسند عمر : 2 / 823 .
وفي مسند أبي يعلى : 11 / 302 ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله ، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله ، لا يضرهم خذلان من خذلهم ، ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة » .
ومثلها في مدح أهل الطالقان !
في تهذيب ابن عساكر : 1 / 55 ، عن تاريخ داريا وقال : وفي لفظ آخر : « لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على أبواب بيت المقدس وما حولها ، وعلى أبواب أنطاكية وما حولها ، وعلى باب دمشق وما حولها ، وعلى أبواب الطالقان وما حولها ، ظاهرين على الحق ، لا يبالون بمن خذلهم ولا من نصرهم ، حتى يخرج الله كنزه من الطالقان فيحيي به دينه كما أميت من قبل » .
ونحوه عقد الدرر / 122 ، وبعضه 283 .
وفي مشارق الأشواق : 1 / 407 : « لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على أبواب بيت المقدس وما حولها ، وعلى أبواب أنطاكية وما حولها ، وعلى أبواب دمشق وما حولها ، وعلى أبواب الطالقان وما حولها ، ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ولا من نصرهم ، حتى يخرج الله كنزه من الطالقان فيحيي به دينه » .
أقول : جبال الطالقان جزء من سلسلة جبال آلبرز في إيران ، ويراد بها في الأحاديث منطقة إيران ، فقد عرفت باسم بلاد المشرق أو خراسان أو جبال الطالقان كما يأتي .
والإشكال على تطبيق الفئة الظاهرة على أهل الشام ، يشمل تطبيقها على أهل الطالقان ، فرواته الأمويون أوالفرس أرادوا مدح مناطقهم ! نعم وردت أحاديث صحيحة في أنصار المهدي عليه السلام أهل المشرق ، ولا يرد عليها هذا الإشكال .
وستعرف أن السنيين أكثروا من أحاديث مدح الفرس ، وهذا ليس عجيباً ، لأن الفرس أسسوا لهم مذاهبهم ، وكتبوا لهم مصادرهم في الحديث والفقه والتفسير !
مكذوبات اليهود في تفضيل بلاد الشام !
وضع اليهود وأتباعهم أحاديث مغالية في مدح الشام وفلسطين ، تُفضلهما على الحجاز والعراق ، وتُفضل بيت المقدس على مكة ، وصخرتها على الكعبة ، وتنتقص من الحجاز والعراق وأهلهما ! وقد تبناها معاوية وبنو أمية ، وأتباع الخلافة ، وتلقاها عوام المسلمين على أنها جزء من الدين ، لأن عدداً منها جعلت له الحكومات سنداً صحيحاً !
1 - أشاع كعب أن النبي الخاتم صلى الله عليه وآله يبعث في الحجاز ، لكن عاصمته وملكه يكون في الشام لا في الحجاز ولا العراق ! ففي الدارمي 1 / 4 : « قال كعب : نجده مكتوباً : محمد رسول الله ، لا فظٌّ ولا غليظٌ ولا صخَّابٌ بالأسواق ، ولا يُجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر . . . ومولده بمكة ، ومهاجره بطيبة ، وملكه بالشام » .
وقوله : « وملكه بالشام » زيادة منه ، كما قال ابن حجر في فتح الباري : 8 / 450 : « زاد في رواية كعب : مولده بمكة ومهاجره طيبة وملكه بالشام » . انتهى .
فهي زيادة يهودية لتكون الخلافة لأحبائهم بني أمية في الشام ، بعيداً عن الحجاز والعراق ، لأن أهلهما لا يحبون اليهود كأهل الشام ! لكن مصادرهم روت هذه الزيادة وصححتها مع الأسف !
كابن سعد : 1 / 360 ، وحلية الأولياء : 5 / 387 ، وتفسير البغوي : 2 / 205 ، وخصائص السيوطي : 1 / 19 ، وفيض القدير : 3 / 768 ، ودلائل الأصبهاني : 4 / 1332 ، وتفسير ابن كثير : 4 / 383 ، والدر المنثور : 3 / 132 ، وتاريخ دمشق : 1 / 186 . وغيرها !
كما وجد رواة الخلافة يهودياً اسمه جريجرة أكد قول صاحبه كعب فشكروه !
« المستدرك : 2 / 622 ، وتاريخ دمشق : 1 / 184 ، وخصائص السيوطي : 1 / 23 » .
وبذلك تعرف أن اليهود كانوا يخططون لنقل عاصمة الإسلام إلى الشام بدل الحجاز أو العراق ! ولذلك طلب معاوية من عثمان أن ينتقل إلى الشام ، ليكون ضيفاً عليه ، ويرتب له الأمر بعده كما رتبه أبو بكر لعمر ! « راجع جواهر التاريخ / ج 2 » .
2 - جاء كعب الأحبار من اليمن إلى المدينة وهو حاخام ، فخرج عمر لاستقباله ، واحترمه كاحترام الأنبياء عليهم السلام ، وجعله مستشار الخليفة الثقافي والمقدم في مجلسه ! وبقي كعب على يهوديته وسكن في حمص ، وكان يتردد على المدينة ويمضي فيها مدة طويلة ، وبعد مدة أعلن إسلامه ، فطلب منه عمر أن يسكن في المدينة فقال : « إني أجد في كتاب الله المنزل أن الشام كنز الله في الأرض ، وبها كنزه من عباده » ! « تاريخ دمشق : 1 / 122 » .
3 - روى ابن حماد : 1 / 236 : « عن كعب قال : رأس الأرض الشام وجناحاها ، مصر والعراق ، والذنباء أي الحجاز ! وعلى الذنباء يسلح الباز » ! والذنباء : المؤخرة ! وهذا ذم يهودي خبيث للحجاز بل لمصر والعراق ، والعجيب أن رواة الخلافة وعلماء المذاهب ، ومنهم عراقيون وحجازيون ، قبلوه ورووه ! وروى نحوه الدر المنثور : 3 / 113 ، عن وهب بن منبه ، وهو تلميذ كعب في اليهودية وفي بعض رواياته : وجناحاها مصر والعراق ، لكن وصف الذنباء ثابت للحجاز !
4 - « عن كعب قال : لا تقوم الساعة حتى يزفُّ البيت الحرام إلى بيت المقدس ، فينقادان إلى الجنة وفيهما أهلهما والعرض والحساب ببيت المقدس » « الدر المنثور : 1 / 136 » .
وفي الكافي : 4 / 239 : « عن زرارة قال : كنت قاعداً إلى جنب أبي جعفر « الإمام الباقر عليه السلام » وهو مُحْتبٍ مستقبلَ الكعبة فقال : أمَا إن النظر إليها عبادة ، فجاءه رجل من بجيلة يقال له عاصم بن عمر ، فقال لأبي جعفر : إن كعب الأحبار كان يقول : إن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة ، فقال أبو جعفر : فما تقول فيما قال كعب ؟ فقال : صدق ، القول ما قال كعب ! فقال أبو جعفر : كذبت وكذب كعب الأحبار معك ! وغضب ! قال زرارة : ما رأيته استقبل أحداً بقول كذبت غيره ! ثم قال : ما خلق الله عز وجل بقعة في الأرض أحب إليه منها ، ثم أومأ بيده نحو الكعبة ولا أكرم على الله عز وجل منها ، لها حرَّم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والأرض ، ثلاثة متوالية للحج : شوال وذو القعدة وذو الحجة ، وشهر مفرد للعمرة ، وهو رجب » .
5 - في تاريخ دمشق : 1 / 152 : « قال كعب : ما شُرب ماء عذبٌ قط إلا ما يخرج من تحت هذه الصخرة ! حتى أن العين التي بدارِين ليخرج ماؤها من تحت هذه الصخرة » !
6 - ألفوا كتباً شحنوها بأحاديث مدح الشام والقدس ، وروى العجلوني في كشف الخفاء : 2 / 2 ، نصوصاً وأحاديث في فضل الشام ، ولم يوثق أياً منها !
7 - روى السيوطي في الدر المنثور : 3 / 111 ، غرائب في فضل الشام عن كعب وتلاميذه ، من مصادر متعددة ! وبعضها تحول بقدرة قادر إلى حديث نبوي ! منها ، عن كعب : مكتوب في التوراة أن الشام كنز الله عز وجل من أرضه بها كنز الله من عباده .
وعن كعب قال : أحب البلاد إلى الله الشام ، وأحب الشام إليه القدس ، وأحب القدس إليه جبل نابلس ، ليأتين على الناس زمان يتقاسمونه بالحبال بينهم !
وعن كعب قال : إني لأجد في كتاب الله المنزل أن خراب الأرض قبل الشام بأربعين عاماً .
إني لأجد تردد الشام في الكتب ، حتى كأنه ليس لله حاجة إلا بالشام .
وعن ابن عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : دخل إبليس العراق فقضى منها حاجته ، ثم دخل الشام فطردوه حتى بلغ بيسان ، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ ، وبسط عبقريه . « أي بساطه » .
وعن وهب بن منبه قال : رأس الأرض الشام .
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال : اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا ، قالوا : وفي نجدنا ؟ وفي لفظ وفي مشرقنا ؟ قال : هناك الزلازل والفتن ، وبها يطلع قرن الشيطان . زاد ابن عساكر في رواية : وبها تسعة أعشار الشر .
وعن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الخير عشرة أعشار ، تسعة بالشام وواحد في سائر البلدان . والشر عشرة أعشار واحد بالشام وتسعة في سائر البلدان ! وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم !
عن زيد بن ثابت : قال النبي صلى الله عليه وآله : طوبى للشام ! قيل له : ولم َ ؟ قال : إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم . وقال صححه الحاكم !
قال رجل : يا رسول الله خِرْ لي ، فقال صلى الله عليه وآله : عليك بالشام ، فإنها صفوة الله من بلاده فيها خيرة الله من عباده ! فمن رغب عن ذلك فليلحق بنجدة ، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله . . . ولفظ أحمد فإنه خيرة الله من أرضه . . . فإن أبيتم فعليكم بيمنكم ! عن واثلة بن الأسقع . . . فمن أبى فليلحق بيمنه ويسق من غدره !
وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن حوالة الأزدي عن رسولالله صلى الله عليه وآله : فمن أبى فليلحق بيمنه وليُسْقَ من غدره ! انتهى .
ولا يمكن قبول هذه الأحاديث ومنها ذم نجد وإن رواها البخاري ، لأن رواة الخلافة الأموية متهمون ، بعكس أهل البيت الصادقين الطاهرين عليهم السلام . .
قال الشيخ محمود أبو رية ، وهو من علماء الأزهر في كتابه : أضواء على السنة المحمدية / 176 ، بعد أن نقل طعن عدد من العلماء السنيين بكعب ووهب بن منبه وأمثالهما من أحبار اليهود : « إن الأئمة المحققين قد طعنوا في رواية هذين الكاهنين ، ولا يزال يوجد بيننا وا أسفاه من يثق بهما ويصدق ما يرويانه ، ولا يقبل أي كلام فيهما . . . نكشف لك عن جانب آخر من عمل دهاة اليهود ، ذلك هو الجانب السياسي ، فلقد كان كيدهم في محاربة الإسلام يتجه إلى ضربه من ناحيتين : ناحية دينية ، وأخرى سياسية . . . الخ » .
أحاديث الغرباء وغربة الإسلام في مصادر الطرفين
ابن حماد : 1 / 78 ، عن عبد الله بن عمرو العاص قال : « أحب شئ إلى الله تعالى الغرباء . قيل : أي شئ الغرباء ؟ قال : الذين يفرون بدينهم ، يجمعون إلى عيسى بن مريم عليه السلام » . وتاريخ بخاري : 4 / 130 ، وفيه : « فرَّارون بدينهم يجتمعون إلى عيسى بن مريم يوم القيامة » . وحلية الأولياء : 1 / 25 ، وفيه : « الفرَّارون بدينهم يبعثهم الله يوم القيامة مع عيسى بن مريم » . وفي مسند أحمد : 1 / 184 ، عن سعد بن أبي وقاص قال : « سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول : إن الإيمان بدأ غريباً وسيعود كما بدأ ، فطوبى للغرباء إذا فسد الناس . والذي نفس أبي القاسم بيده ليأزرنَّ الإيمان بين هذين المسجدين « مكة والمدينة » كما تأرز الحية في جحرها » .
وطوبى : شجرة مميزة في الجنة وتطلق على الجنة . يأرز : يجتمع بعضه إلى بعض .
وفي مسند أحمد : 1 / 398 ، عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « قيل : ومن الغرباء ؟ قال : النُّزَّاع من القبائل » . وفي : 2 / 177 ، عن ابن عمرو العاص ، وفيه : « قال : أناس صالحون في أناس سوء كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم » . وفي أحمد : 4 / 73 ، عن عبد الرحمن بن سنة ، وفيه : « قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس ، والذي نفسي بيده ، لينحازن الإيمان إلى المدينة كما يحوز السيل . والذي نفسي بيده ليأرزنَّ الإسلام إلى ما بين المسجدين كما تأزر الحية إلى حجرها » . ورواه مسلم : 1 / 90 ، كرواية أحمد الخامسة عن أبي هريرة . وابن ماجة : 2 / 1319 ، كرواية مسلم الأولى ، والبزار : 1 / 314 ، والترمذي : 5 / 18 ، كرواية أحمد الثانية إلى قوله للغرباء ، وبآخر فيه : إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحية إلى جحرها ، وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل ، إن الدين بدأ غريباً ويرجع غريباً ، فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي . وقال : هذا حديث حسن .
ورواه في مشكل الآثار : 1 / 297 ، كرواية أحمد الثانية . وبنحوه المعجم الأوسط : 2 / 551 عن أنس . وفي : 5 / 478 ، و : 6 / 377 ، والمسند الجامع : 12 / 317 ، و : 6 / 155 ، عن ابن سعد بن أبي وقاص . وفي : 14 / 192 ، عن ابن عوف . . .
وروت مصادرنا أحاديث حول غربة الإسلام كما في الجعفريات / 192 ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ، فقيل : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس ، إنه لا وحشة ولا غربة على مؤمن ، وما من مؤمن يموت في غربة إلا بكت الملائكة رحمة له حيث قلت بواكيه ، وإلا فسح له في قبره بنور يتلألأ من حيث دفن إلى مسقط رأسه » .
ورواه الصدوق في كمال الدين : 1 / 200 ، ثم قال : « فقد عاد الإسلام كما قال عليه السلام غريباً في هذا الزمان كما بدأ ، وسيقوى بظهور ولي الله وحجته كما قوي بظهور نبي الله ورسوله صلى الله عليه وآله ، وتقر بذلك أعين المنتظرين له والقائلين بإمامته كما قرت أعين المنتظرين لرسول الله صلى الله عليه وآله والعارفين به بعد ظهوره . وإن الله عز وجل لينجز لأوليائه ما وعدهم ويُعلي كلمته ، ويتم نوره ولو كره المشركون » .
وفي شرح الأخبار : 3 / 371 ، أن أبا بصير طلب من الإمام الصادق عليه السلام أن يشرح له هذا الحديث : « قال أبو بصير : فقلت له : إشرح لي هذا جعلت فداك يا ابن رسول الله . قال عليه السلام :
يستأنف الداعي منا دعاءً جديداً كما دعا رسول الله ، وكذلك المهدي يستأنف دعاء جديداً إلى الله لمَّا غُيِّرت السنن وكثرت البدع ، وتغلَّب أئمة الضلال ، واندرس ذكر أئمة الهدى ، الذين افترض الله طاعتهم على العباد ، وأقامهم للدعاء إليه والدلالة بآياته عليه ، ونُسي ذكرهم وانقطع خبرهم ، لغلبة أئمة الجور عليهم . فلما أنجز الله بالدعاء للأئمة ما وعدهم به من ظهور مهديهم ، احتاج أن يدعوهم دعاء جديداً ، كما ابتدأهم رسول الله بالدعاء أولاً » .
وفي الإرشاد / 364 ، محمد بن عجلان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس إلى الإسلام جديداً ، وهداهم إلى أمر قد دثر فضل عنه الجمهور ، وإنما سمي القائم مهدياً لأنه يهدى إلى أمر مضلول عنه ، وسمي بالقائم لقيامه بالحق » .
وفي النعماني / 230 ، عن ابن عطاء المكي : « عن شيخ من الفقهاء يعني أبا عبد الله قال : سألته عن سيرة المهدي كيف سيرته ؟ فقال : يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله ، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله أمر الجاهلية ، ويستأنف الإسلام جديداً » .
وفي الكافي : 1 / 536 ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه سئل عن القائم فقال : « كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجئ صاحب السيف ، فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان » .
أقول : المقصود بغربة الإسلام غربته عن التطبيق . وقد صرح بذلك الصدوق رحمه الله وربطه بظهور المهدي عليه السلام وقد حاولت مصادرهم توظيف الحديث للصراع بين أهل الحجاز وأهل الشام ، كما وظفوا حديث الفئة الظاهرة لمصلحة أهل الشام وبني أمية ! ومعنى : يأرز الإيمان أو العلم إلى المدينة ومكة : أن وعي الدين ينحسر من الأمة ، وتكون المدينة ومكة مركزاً لتجديد الإسلام وانطلاقته في آخر الزمان على يد الإمام المهدي عليه السلام ، كما كانتا مركزاً لانطلاقته على يد جده خاتم النبيين صلى الله عليه وآله .
من هم الغرباء والطائفة المنصورة ؟
ينبغي الالتفات إلى أن سبب كثرة طرق الحديث ورواته عندهم ، أن معاوية دخل في رواته ، وطبقه عليه وعلى أهل الشام ! ومحاولته تضعف صِيَغَ الحديث ولا تضعف أصله الذي رويناه عن أهل البيت عليهم السلام . . وهي شبيهة بمحاولة العباسيين تطبيق أحاديث الرايات السود على حركتهم ، وبمحاولة تطبيق صفات المهدي عليه السلام على ابن طلحة التيمي ، أو على حسني ، أو عباسي ، فهي لا تؤثر في قيمة أصل أحاديث المهدي عليه السلام لكن يجب معرفة صيغه التحريفية .
ويكفي دليلاً على بطلان تطبيقاتهم لحديث الغرباء على غير أهل البيت وشيعتهم ، أن الحديث نص على أنهم جماعة في كل جيل حتى يظهر إمامهم المهدي وينزل المسيح ، وأنهم أقلية ولهم أعداء ، وهذه صفة أئمة العترة وأتباعهم .
أحاديث مجددي الإسلام
روت المصادر السنية نصاً عن أبي هريرة ظن الراوي أنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله ، قال أبو داود : 4 / 109 : « عن أبي هريرة ، فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها » .
ورواه البيهقي في المعرفة : 1 / 137 ، والخطيب البغدادي : 2 / 61 ، والجامع الصغير : 1 / 282 ، والمسند الجامع : 17 / 843 ، وصحيح بخاري بشرح الكرماني : 1 / 72 .
وروى الحاكم : 4 / 522 ، أن رجلاً قرأ هذا النص في مجلس القاضي أبي العباس بن شريح وقال له : « فأبشر أيها القاضي فإن الله بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز ، وبعث على رأس المأتين محمد بن إدريس الشافعي ، وأنت على رأس الثلاث مائة » .
ولو صح الحديث وكان يشمل غيرالعترة عليهم السلام ، فلا يمكن معرفة المجددين لكثرة ادعائه لحكام وعلماء !
كما أنه حديث مجملٌ ، فهل تحسب المئة من بعثة النبي صلى الله عليه وآله أو من هجرته أو وفاته ، وهل المقصود المئة السنة الأولى منها ، أم المعنى العرفي الذي يشمل عدة سنوات من الثانية ؟
وما معنى تجديد الدين للأمة ، هل هو التجديد النظري أو العملي ؟ وهل هو نفي التحريف عن عقائده ، أم نفي الانحرافات العملية عنه ؟
ثم ، ما معنى هذا المجدد ، هل هو مبعوث من ربه يعمل بالعلم الرباني ، أم مجتهد في الدين ، يدعو الناس إلى اجتهاد رأيه . وهل هو حاكم يقدر على تنفيذ تجديده للدين ، أم داعية يدعو المسلمين ، ويوصل صوته إليهم ؟
وقد اعتبر المودودي أن المهدي عليه السلام هو المجدد العالمي العام للإسلام ، في عداد المجددين على رأس كل مئة سنة ، مع أنه عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يحسب ظهوره بمقياس المصلحين العاديين ، بل بمقياس حياة البشرية كلها .
والذي أرجحه أن أصل الحديث عن دور العترة في حفظ الإسلام ، ونفي زيف المحرفين له ، فزادوا فيه ، وصادروه لمن يتولونهم ! فالقدر المتيقن أن أئمة العترة عليهم السلام والإمام المهدي عليه السلام هم المجددون للإسلام .
ونقل في إحقاق الحق عن ابن حنبل تخصيص المجدد بالعترة الطاهرة عليهم السلام ، ولعل ابن حنبل فهمه من قول النبي صلى الله عليه وآله عن عترته : ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض . فهو يدل على وجود إمام منهم في كل عصر .
وقد نصت أحاديثنا على أن الإمام المهدي عليه السلام يجدد الإسلام ، ويخرجه من غربته . ففي عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 / 200 ، عن الحسن بن الجهم قال : « حضرت مجلس المأمون يوماً وعنده علي بن موسى الرضا عليه السلام وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة . . . فقال المأمون : يا أبا الحسن فما تقول في الرجعة ؟ فقال الرضا عليه السلام : إنها لَحَقٌّ قد كانت في الأمم السالفة ، ونطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة ، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة . وقال صلى الله عليه وآله : إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه السلام فصلى خلفه . وقال صلى الله عليه وآله : إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ، قيل : يا رسول الله ثم يكون ماذا ؟ قال : ثم يرجع الحق إلى أهله » .
وفي تفسير فرات / 44 ، عن خيثمة الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام قال في تفسير قوله تعالى : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً : « يعني صفوتنا ونصرتنا . قلت : إنما قدر الله عنه باللسان واليدين والقلب ؟ قال : يا خيثمة ألم تكن نصرتنا باللسان كنصرتنا بالسيف ، ونصرتنا باليدين أفضل والقيام فيها . يا خثيمة إن القرآن نزل أثلاثاً ، فثلث فينا وثلث في عدونا وثلث فرائض وأحكام . ولو أن آية نزلت في قوم ثم ماتوا أولئك ماتت الآية إذا ما بقي من القرآن شئ . إن القرآن يجري من أوله إلى آخره وآخره إلى أوله ، ما قامت السماوات والأرض ، فلكل قوم آية يتلونها . يا خيثمة : إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ، وهذا في أيدي الناس فكل على هذا . يا خثيمة : سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله وما هو التوحيد ، حتى يكون خروج الدجال ، وحتى ينزل عيسى بن مريم من السماء ، ويقتل الله الدجال على يده ، ويصلي بهم رجل منا أهل البيت . ألا ترى أن عيسى يصلي خلفنا وهو نبي ، إلا ونحن أفضل منه » .
وفي غيبة النعماني / 320 ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال : « إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء » .
وروى النعماني / 232 ، عن الإمام الباقر عليه السلام أيضاً أن عبد الله بن عطاء سأله : « إذا قام القائم بأي سيرة يسير في الناس ؟ فقال : يهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله ويستأنف الإسلام جديداً . » وروى / 322 ، أن أبا بصير سأله عليه السلام : « أخبرني عن قول أمير المؤمنين عليه السلام : إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء ، فقال : يا أبا محمد ، إذا قام القائم استأنف دعاء جديداً كما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله » .
حديث بعثت بين جاهليتين
في أمالي الشجري : 2 / 277 ، بسنده عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : بعثت بين جاهليتين لأخراهما شر من أولاهما » . ولم أجد لهذا الحديث المهم مصادر أخرى ، وهو يدل على أن الجاهلية الثانية التي تكون بعد النبي صلى الله عليه وآله أسوأ من الجاهلية الأولى التي كانت قبله . وهو مفاد قوله تعالى : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولى . « الأحزاب : 33 » والجاهلية الثانية بعد النبي صلى الله عليه وآله تشمل الجاهلية المعاصرة .