النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
تحريف السلطة للبشارة النبوية بالإمام المهدي "عج"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص167-194
2025-05-30
161
1 - قال النبي صلى الله عليه وآله « من عترتي » فجعلوها « من أمتي »
اقرأ هذا الحديث الصحيح عندهم ، الذي رواه الحافظ الإمام ابن المنادي / 41 ، قال : « أخبرنا عبد الرزاق بن همام قال : قلت لسعيد بن المسيب : أحقٌّ المهدي ؟ قال حق ، قال قلت : ممن هو ؟ قال من قريش ، قلت : من أي قريش ؟ قال : من بني هاشم قلت : من أي بني هاشم ؟ قال : من بني عبد المطلب ، قلت : من أي عبد المطلب ؟ قال : من ولد فاطمة . قلت : من أي ولد فاطمة ؟ قال : حسبك الآن » !
ورواه فوائد الفكر / 65 عن قتادة . وابن طاووس / 164 ، عن فتن زكريا . وينابيع المودة : 3 / 262 ، وشرح المقاصد : 8 / 232 ، وفي جميعها : قلت : من أي ولد فاطمة ؟ قال : حسبك الآن » .
وسبب كتمان ابن المسيب حديث رسول الله صلى الله عليه وآله أن مدح أهل البيت عليهم السلام كان جريمة عند السلطة فهو يخاف منها ، حتى لو كان حديثه تحديد هوية المهدي عليه السلام ، فكان بعضهم يغيرعترتي بأمتي لئلا يغضبون عليه ، كما ترى في صحيح ابن حبان : 8 / 11 ، ومسند أبي يعلى : 2 / 291 ، عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : « يخرج رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » . والطبراني الكبير : 10 / 168 ، عن ابن عمر ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لاتذهب الأيام والليالي ، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم حتى يبعث الله رجلاً من أمتي ، يواطئ اسمه » .
ولهذا يجب ان تضع كلمة « عترتي » بدل « أمتي » في أحاديثهم في المهدي عليه السلام !
وتجد التحريف مرة عن ابن عمر ، ومرة عن ابن عمرو ، ومرة عن ابن مسعود ، أو أبي سعيد الخدري وهو أصدقهم وأجرؤهم في الرواية ، وقد رفض البيعة ليزيد عندما استباح جيشه المدينة في وقعة الحرة ، فنتفوا لحيته وكادوا يقتلونه ! وروى تلميذه أبو الصديق الناجي ، كما في سنن الداني / 93 ، أن أبا سعيد كان جالساً عند منبر النبي صلى الله عليه وآله يبكي وله حنين : « قلت : ما يبكيك ؟ قال : تذكرت النبي صلى الله عليه وآله ومقعده على هذا المنبر ، قال : إن من أهل بيتي الأقنى الأجلى ، يأتي الأرض وقد ملئت ظلماً وجوراً ، فيملؤها قسطاً وعدلاً » !
2 - غيروا « اسمه اسمي » إلى « يواطئ اسمه اسمي » !
كنت أقرأ في أحاديثهم أن النبي صلى الله عليه وآله قال : « يواطئ اسمه اسمي » فأتساءل : هل يمكن أن يعبر النبي صلى الله عليه وآله بتعبيرمن يظن ظناً ، وهو مصدر اليقين ، وهل يريد أن يبهم ويقول : « اسمه قريب من اسمي » لهدفٍ له في إبهام اسم المهدي عليه السلام ؟ !
أما أحاديث أهل البيت عليهم السلام فكلها تقول : « اسمه اسمي » وليس فيها أثرٌ لكلمة يواطي أو يقارب أو يوافق ! ففي كمال الدين : 1 / 286 ، مثلاً عن جابر رحمه الله قال : « قال رسول الله : المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي ، أشبه الناس بي خَلْقاً وخُلُقاً ، تكون له غيبة وحيرة ، تضل فيها الأمم ، ثم يقبل كالشهاب الثاقب ، يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً » . فالقضية إذن ، أن الذين يدعون المهدوية لمعاوية وموسى بن طلحة ، يريدون زحزحة اسم المهدي عن اسم النبي صلى الله عليه وآله إلى ما يواطيه ، أي يوافقه أو يقاربه ، ليجعلوا اسم موسى ومعاوية موافقين له في المعنى !
ويلاحظ أنهم كذبوا ذلك أولاً عن لسان ابن مسعود : » قال ابن المنادي في سننه / 41 : « سألت عاصم بن أبي النجود فقلت له : يا أبا بكر أذكرت زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تنقضي الدنيا حتى يملك الأرض رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ؟ فقال : نعم ، وكذلك خليفة » . انتهى .
ولعل تحريفهم بدأ بإضافة كاف فصار الحديث : اسمه كاسمي ، ثم صار : يوافق اسمي ، ويواطي اسمي ! « الطبراني الكبير : 10 / 161 ، وابن المنادي / 41 ، عن ابن مسعود » ! بينما أصل رواية حذيفة « اسمه اسمي » كما في عقد الدرر / 24 ، عن أبي نعيم في صفة المهدي قال : « وعن حذيفة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله فذكَّرنا رسول الله بما هو كائن ثم قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من ولدي اسمه اسمي ، فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ، من أي ولدك ؟ قال من ولدي هذا ، وضرب بيده على الحسين » . انتهى .
3 - أضافوا إلى النص : « واسم أبيه اسم أبي »
والد الإمام المهدي هو الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وجاءه اللقب لأن الخليفة فرض عليه وعلى أبيه الإمام الهادي عليه السلام الإقامة الجبرية في عاصمته سامراء ، وكان اسمها العسكر ، فعرفا باسم : « العسكرييْن » .
لكن رواة الخلافة جعلوا اسم والد المهدي اسم والد النبي صلى الله عليه وآله ، لأن عبد الله بن الحسن المثنى ادعاها لابنه محمد ، وعبد الله المنصور العباسي ادعاها لابنه محمد . وقد تبنى هذه الزيادة أتباع ابن تيمية ، ثم أمعنوا في التطرف وألغوا كافة الأحاديث التي تنص على أن المهدي من أولاد علي وفاطمة عليهم السلام ليفسحوا المجال بذلك لمهديهم غيرالهاشمي أيضاً !
فقد قامت حركة محمد بن عبد الله العتيبي في مطلع القرن الخامس عشر عام 1400 هجرية ، على ادعاء أنه المهدي الموعود وسيطرعلى الحرم المكي أياماً ، وكان وزيره أخ زوجته جهيمان ، ودعا المسلمين إلى بيعة صهره المهدي محمد بن عبد الله العتيبي ! وقد قتل هذا « المهدي » ولم يملأ شيئاً قسطاً وعدلاً !
ثم ادعى الوهابيون المهدية لشخص آخر من مدينة بريدة ، اسمه محمد بن عبد الله وما زال حياً ، ولعله من قبائل هوازن ، فزعموا أن فيه صفات المهدي عليه السلام وأخذوه إلى مفتيهم الأكبر ابن باز وامتحنه فأعجبه ، ووافقهم على انطباق الصفات عليه وتمنى له التوفيق ! وقد نشرت هذا الخبر مواقعهم قبل نحو سنتين من وفاة شيخهم ابن باز ثم قرأنا عن مهدي بريدة أنهم أخذوه إلى الشيشان وأفغانستان لينطبق عليه الحديث أنه يخرج من المشرق ، ثم غيبوه في سردابهم الذي يتهموننا به ! لكن الصحيح أن الإمام المهدي عليه السلام يخرج من مكة ، وأنه يبدأ أمره من المشرق ، أي حركة أنصاره أهل المشرق ، وليس ظهوره .
وأصل هذه الزيادة من نص نسبوه إلى ابن مسعود : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من أهلي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » . وابن حماد : 1 / 367 ، وابن أبي شيبة : 8 / 678 ، وأوسط الطبراني : 2 / 135 ، والداني / 94 ، وغيرهم .
ولم يدخل هذا التحريف إلا في مصادرهم من الدرجة الثانية أو الثالثة ، مثلاً رواه أحمد : 1 / 376 عن زر بن حبيش ، عن ابن مسعود ، وليس فيه : واسم أبيه اسم أبي . وفي الروض الداني على المعجم الصغير : 2 / 290 ، عن ابن مسعود قال : قال رسولالله صلى الله عليه وآله : لاتذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي .
ومثله جامع الأحاديث للسيوطي : 7 / 264 ، بروايتين عن ابن مسعود ، ولفظهما : يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي . ومسند البزار : 5 / 225 ، وزين الفتى : 1 / 382 ، وأبو داود : 4 / 106 ، بثلاثة أسانيد عن عبد الله بن مسعود ، وليس فيها : اسم أبيه اسم أبي . والترمذي : 4 / 505 ، كرواية أحمد الثانية ، والطبراني الكبير : 10 / 166 ، والداني / 98 ، كأبي داود بتفاوت ، عن عبد الله بن مسعود . ومصابيح البغوي : 3 / 492 ، وجامع الأصول : 11 / 48 ، وكلها بدون : اسم أبيه اسم أبي . ورواه البيهقي في الإعتقاد / 173 ، عن علي بدونها ، ثم قال : ورواه عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله : وذكر فيه : يواطئ اسمه اسمي . .
وكشف هذه الزيادة الشافعي الكنجي ، وهو من كبار علمائهم فقال في كتابه البيان / 482 : « أخبرنا الحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري في كتاب مناقب الشافعي ، ذكر هذا الحديث وقال فيه : وزاد زائدة في روايته : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً مني ، أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً . قلت : وذكر الترمذي الحديث ، ولم يذكر قوله واسم أبيه اسم أبي ، وذكره أبو داود ، وفي معظم روايات الحفاظ والثقات من نقلة الأخبار : اسمه اسمي فقط ، والذي رواه اسم أبيه اسم أبي ، فهو زائدة وهو يزيد في الحديث . والقول الفصل في ذلك أن الإمام أحمد مع ضبطه وإتقانه روى هذا الحديث في مسنده في عدة مواضع : واسمه اسمي » .
وقال السلمي في عقد الدرر / 27 : « أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم منهم الإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه ، والإمام أبو داود في سننه ، والحافظ أبو بكر البيهقي ، والشيخ أبو عمرو الداني ، كلهم هكذا ، وليس فيه : واسم أبيه اسم أبي » .
أقول : فقد نصوا على أن الكذاب الذي وضع الزيادة هو زائدة بن قدامة الثقفي ، وكان قائداً عند الحجاج ، وذكروا في ترجمته تعصبه وأنه كان يطرد من بيته من يروي طعناً في أبي بكر وعمر وعثمان ، ولذلك وثقوه .
ومع شهادتهم بأن الزيادة موضوعة ، لا تبقى حاجة لتأويلها كما حاول الشبلنجي والإربلي والهروي والنوري والمجلسي وغيرهم ، فقالوا ربما كان أصلها : واسم أبيه اسم نبي ، أو اسم ابني ، أي الحسن عليه السلام !
ولا يرد الإشكال علينا بأن بعض علماء الشيعة أورد هذه الزيادة في بعض ما رواه ، كما في أمالي الطوسي : 1 / 361 ، وابن طاووس ، فإن ذلك يدل على أمانتهم في النقل ، فقد نصّوا على أن اسم أبيه الإمام الحسن العسكري عليه السلام . . بل هو من ضرورات مذهبنا .
4 - « من وُلْد الحسين » جعلوها « من وُلْد الحسن » !
وثَّقنا في المجلد الثالث من جواهر التاريخ استغلال الأمويين لصلح الإمام الحسن لمعاوية ، ومحاولتهم أن يصوروه مخالفاً لأبيه وأخيه عليهم السلام ، ومعارضاً لحرب الجمل وصفين ، وأنه أوصى الحسين أن لا يخرج على بني أمية !
ورووا أحاديث ظاهرها المدح له ، وغرضها الطعن بأبيه وأخيه عليه السلام !
ومن أعمالهم هنا أنهم انتقموا من الحسين عليه السلام فصادروا منه أن المهدي عليه السلام من ولده وأعطوه إلى الإمام الحسن عليه السلام ، ونسبوا روايتهم إلى علي عليه السلام ! فقال ابن حماد : 1 / 374 : « عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سمى النبي صلى الله عليه وآله الحسن سيداً وسيخرج الله من صلبه رجلاً اسمه اسم نبيكم ، يملأ الأرض عدلاً كماً ملئت جوراً » .
ورواه أبو داود : 4 / 108 : « عن أبي إسحاق ، قال : قال علي ونظر إلى ابنه الحسن فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وآله وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم ، يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق . ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلاً » .
وجامع الأصول : 11 / 49 ، وعقد الدرر / 23 ، ومشكاة المصابيح : 3 / 26 وفتن ابن كثير : 1 / 38 ، والحاوي : 2 / 59 ، وعون المعبود : 11 / 381 ، وعقيدة أهل السنة / 16 . . الخ .
وقد فرح أتباع بني أمية بهذا « الحديث » وتجاهلوا وجود رواية عندهم بلفظ : « قال علي ونظر إلى ابنه الحسين عليه السلام » .
قال في فيض القدير : 6 / 362 : « بالغ الحسن في ترك الخلافة ونهى أخاه عنها ، وتذكر ذلك ليلة مقتله فترحم على أخيه ! وما روى من كونه من ولد الحسين فواهٍ جداً » .
وقال ابن تيمية في منهاجه : 4 / 95 : « فالمهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وآله اسمه محمد بن عبد الله لا محمد بن الحسن ، وقد روى عن علي رضي الله عنه أنه قال : هو من ولد الحسن بن علي ، لا من ولد الحسين بن علي » . ونحوه : 8 / 258 .
وزاد تلميذه ابن قيم في المنار المنيف / 151 : « وأكثر الأحاديث على هذا تدل . وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف وهو أن الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله ، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض . . . وهذا بخلاف الحسين رضي الله عنه فإنه حرص عليها وقاتل عليها فلم يظفر بها » !
فانظر إلى خبثهم ونصبهم وتهمتهم للحسين سيد شباب أهل الجنة عليه السلام ، وراجع فرحتهم وطعنهم به عليه السلام في : صواعق ابن حجر : 2 / 480 و 680 ، والحاوي : 2 / 85 ، والفتاوى الحديثية / 30 ، وعون المعبود : 11 / 256 ، والفائق : 1 / 230 .
وأفضل ما وجدته في الرد عليهم ما كتبه السيد الميلاني في مجلة تراثنا : 43 / 59 ، ملخصاً :
1 - يلاحظ عليه : أنه لم يخرِّجه أحد من المحدثين غير أبي داود ، لا قبله ولا بعده .
2 - اختلف النقل عن أبي داود فقال الجزري الشافعي « ت 833 ه - » في كتابه أسمى المناقب : « والأصح أنه من ذرية الحسين بن علي لنص أمير المؤمنين علي على ذلك فيما أخبرنا به شيخنا المسند ، رحالة زمانه عمر بن الحسن الرقي قراءة عليه ، قال : أنبأنا أبو الحسن البخاري أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي ، أنبأنا أبو البدر الكرخي ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو عمر الهاشمي ، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي ، أنبأنا أبو داود الحافظ قال : حدثت عن هارون بن المغيرة قال : حدثنا عمر بن أبي قيس ، عن شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق قال علي ونظر إلى ابنه الحسين . . . هكذا رواه أبو داود في سننه وسكت عنه » .
3 - الحديث منقطع ولا حجة في المنقطع ، لأنه راويه عن علي عليه السلام أبو إسحاق السبيعي ، ولم تثبت له رواية عن علي عليه السلام كما نص المنذري ، وكان عمره عند شهادة أمير المؤمنين عليه السلام سبع سنين . قال ابن حجر إنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان » .
4 - مضافاً إلى انقطاعه فقد رواه أبو داود عن مجهول لم يسمه حيث قال : « حُدِّثت عن هارون » ، وهذا وحده يكفي لإبطاله ! على أن السيد صدر الدين الصدر ناقش هذا الحديث بستة وجوه ، فقال ما نصه : « أقول : بحسب القواعد المقررة في أصول الفقه لا يصح الاستناد إلى رواية أبي داود المذكورة لأمور : الأول : اختلاف النقل عن أبي داود ، ففي عقد الدرر نقلها عن أبي داود في سننه وفيها : أن علياً نظر إلى ابنه الحسين . الثاني : أن جماعة من الحفاظ نقلوا هذه القصة بعينها وفيها : أن علياً نظر إلى ابنه الحسين ، كالترمذي ، والنسائي ، والبيهقي كما في عقد الدرر . الثالث : احتمال التصحيف فيها فإن لفظ الحسين والحسن في الكتابة وقوع الاشتباه فيه قريب جداً ، سيما في الخط الكوفي . الرابع : أنها مخالفة لما عليه المشهور من علمائهم ، كما نص عليه بعضهم . الخامس : أنها معارضة بأخبار كثيرة أصح سنداً وأظهر دلالة . السادس : أن احتمال الوضع وكونها صنيعة الدرهم والدينار قريب جداً ، تقرباً إلى محمد بن عبد الله المعروف بالنفس الزكية » . وذكر في هامشه مصادر أحاديث تنص على أنه من ولد الحسين عليه السلام ، وقال : أنظر : المنار المنيف : 148 ، رقم : 329 ، فصل 50 عن المعجم الأوسط للطبراني ، عقد الدرر / 24 باب 1 ، عن كتاب الأربعين لأبي نعيم الأصبهاني . ذخائر العقبى : 136 ، وقد جعل حديث المهدي من ولد الإمام الحسين عليه السلام مقيداً لما أطلق قبله . فرائد السمطين : 2 / 325 ، رقم 575 باب 61 . القول المختصر : 7 / 37 باب 1 . فرائد فوائد الفكر : 2 باب 1 . السيرة الحلبية : 1 / 193 . مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي الحنفي : 1 / 196 ، ينابيع المودة : 224 باب 56 و 492 . غاية المرام : 694 رقم 17 باب 141 ، منتخب الأثر / 154 رقم 40 باب 1 . وفيه أحاديث كثيرة جداً من طرق أهل السنة تثبت كون الإمام المهدي من ولد الحسين عليه السلام » .
أقول : يظهر لك شكهم في هذه الرواية ، من محاولته الصلح بين النصين بأنه يحتمل أن تكون أمه من ذرية الحسن عليه السلام « فوائد الفكر / 101 » .
أما مصادرنا فهي صريحة متواترة بأن النبي صلى الله عليه وآله نص على أن الأئمة التسعة المعصومين من ذرية الحسين لا من ذرية الحسن عليهم السلام . ففي تفسير العياشي : 2 / 291 ، عن حمران ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قلت له : يا ابن رسول الله زعم ولد الحسن عليه السلام أن القائم منهم ، وأنهم أصحاب الأمر ، ويزعم ولد ابن الحنفية مثل ذلك ، فقال : نحن والله أصحاب الأمر وفينا القائم ، ومنا السفاح والمنصور ، وقد قال الله : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً ، نحن أولياء الحسين بن علي عليه السلام وعلى دينه » . وفي كمال الدين : 2 / 358 ، عن المفضل بن عمر ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « سألته عن قول الله عز وجل : وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ؟ ما هذه الكلمات ؟ قال : هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب الله عليه ، وهو أنه قال : أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، إلا تبت عليَّ ، فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم . فقلت له : يا ابن رسول الله فما يعني عز وجل بقوله فأتمهن ؟ قال : يعني فأتمهن إلى القائم اثني عشر إماماً ، تسعة من ولد الحسين عليه السلام . قال المفضل فقلت : يا ابن رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل : وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ؟ قال : يعني بذلك الإمامة جعلها الله تعالى في عقب الحسين إلى يوم القيامة .
قال فقلت له : يا ابن رسول الله فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن وهما جميعاً ولدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة ؟ فقال : إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين وأخوين ، فجعل الله عز وجل النبوة في صلب هارون دون صلب موسى ، ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله ذلك ؟ وإن الإمامة خلافة الله عز وجل في أرضه ، وليس لأحد أن يقول لمَ جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن ؟ لأن الله تبارك وتعالى هو الحكيم في أفعاله : لايُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ » .
ومعاني الأخبار / 126 ، والخصال / 304 ، والمناقب : 1 / 283 ، ومجمع البيان : 1 / 200 ، وإرشاد القلوب / 421 ، وتأويل الآيات : 1 / 77 ، وإثبات الهداة : 1 / 645 .
ويدل ما رواه في تفسير العياشي : 2 / 72 ، على أن الله تعالى أجرى اختياره للإمامة طبق أولوية الرحم في الإرث : عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « قلت له أخبرني عن خروج الإمامة من ولد الحسن إلى ولد الحسين ، كيف ذلك وما الحجة فيه ؟ قال : لما حضر الحسين ما حضره من أمر الله لم يجز أن يردها إلى ولد أخيه ولا يوصى بها فيهم ، يقول الله : وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ ، فكان ولده أقرب رحماً إليه من ولد أخيه ، وكانوا أولى بالإمامة . وأخرجت هذه الآية ولد الحسن منها ، فصارت الإمامة إلى الحسين ، وحكمت بها الآية لهم ، فهي فيهم إلى يوم القيمة » . انتهى .
5 - معاوية أول من ادعى أنه المهدي الموعود !
قال ابن حماد في الفتن : 1 / 370 : « عن الوليد بن هشام المعيطي عن أبان بن الوليد قال : سمعت ابن عباس وهو عند معاوية يقول : « يبعث الله المهدي منا أهل البيت » .
أقول : هذا هو السبب في ادعاء معاوية أنه المهدي رداً على مهدي بني هاشم ! فقد روى السيد ابن طاوس رحمه الله في الملاحم والفتن / 115 ، وطبعة / 238 ، عن الطبري المؤرخ المعروف ، في كتابه « عيون أخبار بني هاشم » الذي صنفه للوزير علي بن عيسى بن الجراح ، قال ابن طاووس : « وجدته ورويته من نسخة عتيقة ظاهرحالها أنها كتبت في حياته ، فقال ما هذا لفظه : ذكر المهدي والإمام ، قال : وبإسناده : إن معاوية أقبل يوماً على بني هاشم فقال : إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة بما استحققتم به النبوة ، ولم يجتمعا لأحد ، ولعمري إن حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس ! إنكم تقولون نحن أهل بيت الله فما بال النبوة محلها فينا والخلافة في غيرنا ؟ وهذه شبهة لها تمويه ، وإنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق حتى تعرف ، وإنما الخلافة تنقلب في أحياء قريش برضا العامة وشورى الخاصة ، فلم يقل الناس ليت بني هاشم ولَوْنا ، وإن بني هاشم لو ولونا لكان خيراً لنا في ديننا ودنيانا ، فلا هم اجتمعوا عليكم ، ولا هم إذ اجتمعوا على غيركم يمنعونكم ، ولو زهدتهم فيها أمس لمَ تقاتلوننا عليها اليوم ؟ وقد زعمتم أن لكم ملكاً هاشمياً ومهدياً قائماً ، والمهدي عيسى بن مريم ، وهذا الأمر في أيدينا حتى نسلمه إليه ، ولعمري لئن ملكتم ، ما ريح عاد ولاصاعقة ثمود بأهلك للناس منكم ، ثم سكت ! فقام فيهم عبد الله بن عباس ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما قولك إنا لا نستحق الخلافة بالنبوة ، فإذا لم نستحق الخلافة بالنبوة فبمَ نستحق ؟ !
وأما قولك إن الخلافة والنبوة لم يجتمعا لأحد ، فأين قول الله سبحانه وتعالى : فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً . فالكتاب النبوة ، والحكمة السنة والملك الخلافة ، ونحن آل إبراهيم ، أمر الله فينا وفيهم واحد ، والسنة فينا وفيهم جارية . وأما قولك : إن حجتنا مشتبهة فهي والله أضوأ من الشمس وأنور من القمر ، وإنك لتعلم ذلك ولكن ثنى عطفَك وصعَّرَ خَدَّك قَتْلُنا أخاك وجدك وعمك وخالك ، فلا تبك على عظام حائلة وأرواح زائلة في الهاوية ، ولا تغضبن لدماء أحلها الشرك ووضعها الإسلام ! فأما ترك الناس أن يجتمعوا علينا ، فما حرموا منا أعظم مما حرمنا منهم ، وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه وزال باطله !
وأما قولك إنا زعمنا أن لنا ملكاً مهدياً ، فالزعم في كتاب الله شك ، قال الله سبحانه وتعالى : زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُن ، فكلٌّ يشهد أن لنا مُلْكاً ، وأن لنا مهدياً لو لم يبق إلا يوم واحد لبعثه الله لأمره يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، لا تملكون يوماً إلا ملكنا يومين ، ولا شهراً إلا ملكنا شهرين ، ولا حولاً إلا ملكنا حولين !
وأما قولك إن المهدي عيسى بن مريم ، فإنما ينزل عيسى على الدجال ، فإذا رآه ذاب كما تذوب الشحمة ، والإمام رجل منا يصلي عيسى خلفه ولو شئت سميته . وأما ريح عاد وصاعقة ثمود فإنهما كانتا عذاباً وملكنا رحمة » .
لكن معاوية لم يكتف بذلك ، بل رتب من يروي له أن النبي صلى الله عليه وآله دعا له ووصفه بأنه الهادي المهدي ! فصرت ترى في مسند أحمد : 4 / 216 ، « عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأزدي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه ذكر معاوية وقال : اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به » . ورواه الترمذي : 5 / 350 ، ثم رتب معاوية شهادات علماء البلاط بأن معاوية هو المهدي الموعود ! ففي نهاية ابن كثير : 8 / 143 « عن الأعمش عن مجاهد قال : لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي »
وقد ضعَّف الخلال نسبة القولين إلى قتادة ومجاهد ، فقال في السنة : 2 / 438 : « عن قتادة قال : لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم : هذا المهدي . في إسناده عمرو بن جبلة لم أتوصل إلى معرفته ، أخبرنا محمد بن سليمان بن هشام قال : ثنا أبو معاوية الضرير ، عن الأعمش ، عن مجاهد قال : لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي . إسناده ضعيف » . كما ضعف الهيثمي في مجمع الزوائد : 9 / 357 ، نسبته إلى الأعمش ، قال : « وعن الأعمش قال : لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي . رواه الطبراني مرسلاً ، وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف » . انتهى .
لكن ابن تيمية أشد أمويةً من بني أمية ، فلم يهتم لتضعيف الخلال والهيثمي وصححه في منهاجه : 6 / 233 ، فقال : « يونس عن قتادة قال : لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي ، وكذلك رواه ابن بطة بإسناده الثابت من وجهين عن الأعمش عن مجاهد قال : لو أدركتم معاوية لقلتم هذا المهدي ! عن أبي إسحاق السبيعي أنه ذكر معاوية فقال : لو أدركتموه أو أدركتم أيامه لقلتم كان المهدي » !
كما ضرب بعرض الحائط شهادة إمامه عبد الله بن عمرو العاص بأن معاوية لا كرامة له حتى يوصف بأنه المهدي ! فقد روى ابن طاووس في الملاحم / 326 ، أن عبد الله بن عمرو ذكر المهدي ، فقال أعرابي : « هو معاوية بن أبي سفيان ! فقال عبد الله بن عمرو : لا ولا كرامة ، بل هو الذي ينزل عليه عيسى بن مريم » . انتهى .
وقال الحافظ السقاف في تناقضات الألباني : 2 / 229 : « أورد الألباني حديث عبد الرحمن بن أبي عميرة مرفوعاً : اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به ! يعني معاوية . وهذا حديث لا يصح بحال لوجوه :
أولاً : قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : 3 / 132 ، عن إسحاق بن راهويه أنه قال : لا يصح عن النبي صلى الله عليه وآله في فضل معاوية شئ .
ثانياً : هذا الحديث بالخصوص نص حذاق المحدثين على أنه لا يصح . قال أبو حاتم الرازي كما في علل الحديث لابنه : 2 / 362 : إن عبد الرحمن بن أبي عميرة لم يسمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وآله . وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب : 6 / 220 ، نقلاً عن الحافظ ابن عبد البر إن عبد الرحمن بن أبي عمير هذا : لا تصح صحبته ، ولا يثبت إسناد حديثه !
ثالثاً : طرق هذا الحديث تدور على سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد عن عبد الرحمن بن عميرة به . وسعيد بن عبد العزيز اختلط كما أقر واعترف هناك .
وقد زعم الألباني أنه قد تابعه جمع ، ولم يَصْدُق ! لأن من رجع إلى المتابعات التي زعمها في كتابه وجدها كلها تدور على سعيد بن عبد العزيز ، وسعيد هذا اختلط كما قال أبو مسهر ، وكذا قال أبو داود ويحيى بن معين ، كما تجد ذلك في التهذيب : 4 / 54 ، وقد اعترف الألباني باختلاطه في مواضع منها في ضعيفته : 3 / 393 ، ومنها في صحيحته : 2 / 647 ، وغير ذلك فكيف يصح هذا أيضاً ؟ ! فما على الألباني إلا أن ينقل الحديث للضعيفة » !
أقول : راجع تحقيق السقاف لكتاب دفع شبه التشبيه لابن الجوزي / 235 . ويكفي للجواب على ابن تيمية والألباني ، أن يقال لهم : ما بال إمامكم معاوية المهدي من ربه لم يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ؟ !
6 - موسى بن طلحة ثاني من ادعى أنه المهدي الموعود !
كان لعائشة مشروع في زمن أبيها ، أن تبقي الخلافة لبني تَيْم ، لأخيها عبد الرحمن ، فإن لم يمكن فلابن عمها طلحة بن عبيد الله ، لكنها تفاجأت بموت أبي بكر مسموماً ، وإعلانهم أنه أوصى إلى عمر ، فغضب طلحة واعترض : « لما استخلفه أبو بكر كره خلافته طائفة حتى قال له طلحة : ماذا تقول لربك إذْ وليت علينا فظاً غليظاً ؟ ! فقال : أبالله تخوفوني ؟ ! أقول : وليت عليهم خير أهلك » .
منهاج السنة : 2 / 170 ط . بولاق . وقد حرفه الوهابية في الطبعات التالية ! راجع : 6 / 155 ، و 349 ، و : 7 / 461 ، من برنامج مؤلفاته .
لكن عائشة واصلت عملها لأخذ الخلافة لبني تيم وحققت تقدماً في عهد عمرلأنها أدخلت طلحة في الشورى ، مع أنها شورى شكلية ، لأن حق النقض فيها لعبد الرحمن بن عوف .
أما في عهد عثمان فاصطدمت به عائشة ، ودعت إلى عزله وقتله ، وكان حسابها مبنياًعلى أن طلحة يستطيع بمساعدتها أن يطرح نفسه بعد عثمان ! لكنها كانت في مكة ، ففوجئت ببيعة الصحابة لعلي عليه السلام فغضبت وقادت حرب الجمل ! لكنها خسرت الحرب وخسرت معها ابن عمها طلحة .
وعندما حكم معاوية اختارت عائشة المعارضة الهادئة ، ثم صعدتها هي وأخوها عبد الرحمن كما بيناه في المجلد الثاني من جواهر التاريخ ، فما كان من معاوية إلا أن قتل عبد الرحمن ، ويقال إنه قتل عائشة !
وبموتها انتهى مشروع بني تيم لأخذ الخلافة ، لكن عائشة بقيت في مصادر المسلمين تنادي بأن النبي صلى الله عليه وآله أوصى بالخلافة إلى أبي بكر وأولاده ! ففي صحيح مسلم : 7 / 110 ، قالت عائشة : « قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه : ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى » . ولا بد أن تكون دعواها هذه بعد وفاة عمر لأن أبا بكر وعمر قالا إن النبي صلى الله عليه وآله لم يوص إلى أحد ، فلو كان هذا النص موجوداً لاحتجَّا به في السقيفة ! بل احتجَّا بأن محمداً قرشي وأنهما أولى به ! قال عمر : « ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين . مَنْ ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مُدْلٍ بباطل أومتجانفٌ لإثم أومتورطٌ في هلكة » .
« ولو كان صحيحاً لاحتج به طلحة عندما اعترض على أبي بكر في توليته لعمر !
وبعد موت طلحة ادعوا لابنه موسى أنه المهدي الموعود ، ولم تنفع هذه الدعوى في دعم جهود عائشة الفاشلة ، ويبدو أنها لم تنتشر إلا بعد موتها فقد رووا : « لما خرج المختار بالكوفة قدم علينا « إلى البصرة » موسى بن طلحة ، وكانوا يرونه في زمانهم المهدي فغشيه الناس » !
« تاريخ دمشق 60 / 431 وسير الذهبي : 4 / 365 ، وابن حماد : 1 / 158 ، والداني : 1 / 158 » .
7 - وادعى الحسنيون مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى
ويظهر أن ادعاء المهدوية صار موجة في أواخر القرن الأول ، بعد أن ضاق المسلمون ذرعاً بالتسلط الأموي ، فانتشرت أحاديث النبي صلى الله عليه وآله عن ظلامة أهل بيته عليهم السلام والبشارة بمهديهم ، فكان ذلك أرضية لادعاء المهدوية لأشخاص من بني هاشم وبني تيْم . وقد ادعيت لاثنين اسم كل منهما محمد واسم أبيه عبد الله ، وهما محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى ، ومحمد بن عبد الله المنصور المعروف بالمهدي العباسي ، وحاول أنصار كل منهما أن يطبقوا أحاديث المهدي على صاحبهم ، ولذلك رجحنا أن تكون زيادة واسم أبيه اسم أبي في الحديث ، لمصلحة أحدهما أو كليهما !
ثم أفرط العباسيون فوضعوا أحاديث تنص على أن المهدي من أولاد العباس ! لكن شهد العلماء أنها مكذوبة كالتي تزعم أنه من أولاد عمر أو من بني أمية !
إن مغامرة ادعاء المهدوية مغرية لأصحابها ، لكن الضبط النبوي لصفاته يكشف الزيف بسرعة ، عندما لايملأ المهدي المدعى الأرض عدلاً ، ولا يعطي المال حثياً بغير عد . . الخ . !
ويظهر أن عبد الله بن الحسن المثنى كان أبرع من ادعاها لولده محمد ، فقد خطط له من طفولته فسماه محمداً ، ثم حجبه عن الناس وأشاع حوله الأساطير ! قال في مقاتل الطالبيين / 162 : « لم يزل محمد بن عبد الله بن الحسن منذ كان صبياً يتوارى ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه ، ويسمى بالمهدي » !
وفي تهذيب الكمال : 25 / 467 : « وقال داود بن عبد الله الجعفري ، عن الدراوردي عن ابن أخي الزهري : تجالسنا بالمدينة أنا وعبد الله بن حسن فتذاكرنا المهدي ، فقال عبد الله بن حسن : المهدي من ولد الحسن بن علي . فقلت : يأبى ذاك علماء أهل بيتك . فقال عبد الله : المهدي والله من ولد الحسن بن علي ، ثم من ولدي خاصة » .
وقد وصفوا عبد الله هذا بقوة الشخصية والقدرة على الإقناع ، فقد ادعاها لابنه وأقنع حلفاءه العباسيين ومنهم المنصور ، ففي مقاتل الطالبيين / 161 ، عن عمير بن الفضل الخثعمي قال : « رأيت أبا جعفر المنصور يوماً وقد خرج محمد بن عبد الله بن الحسن من دار ابنه ، وله فرس واقف على الباب مع عبد له أسود وأبو جعفر ينتظره ، فلما خرج وثب أبو جعفر فأخذ بردائه حتى ركب ، ثم سوى ثيابه على السرج ومضى محمد ، فقلت وكنت حينئذ أعرفه ولا أعرف محمداً : من هذا الذي أعظمته هذا الإعظام حتى أخذت بركابه وسويت عليه ثيابه ؟ قال : أو ما تعرفه ؟ ! قلت : لا . قال : هذا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، مهدينا أهل البيت » ! وقال في / 244 : « لهجت العوام بمحمد تسميه بالمهدي » !
وذلك قبل أن ينقلب عليهم العباسيون ، ويدَّعوا المهدوية لأنفسهم !
وقد روت مصادر التاريخ بيعتهم للمهدي في مؤتمر الأبواء الذي دعا له الحسنيون من أجل بيعة المهدي !
ففي مقاتل الطالبيين / 140 ، عن عمر بن شبة وعدة رواة ومؤرخين عاصروا تلك الفترة قال : « إن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالأبواء ، وفيهم إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، وأبو جعفر المنصور ، وصالح بن علي ، وعبد الله بن الحسن بن الحسن ، وابناه محمد وإبراهيم ، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان . فقال صالح بن علي : قد علمتم أنكم الذين تمد الناس أعينهم إليهم ، وقد جمعكم الله في هذا الموضع ، فاعقدوا بيعة لرجل منكم تعطونه إياها من أنفسكم ، وتواثقوا على ذلك حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين . فحمد الله عبد الله بن الحسن وأثنى عليه ثم قال : قد علمتم أن ابني هذا هو المهدي ، فهلموا فلنبايعه . وقال أبو جعفر « المنصور » : لأي شئ تخدعون أنفسكم ووالله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أطول أعناقاً ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى ، يريد محمد بن عبد الله . قالوا : قد والله صدقت إن هذا لهو الذي نعلم ! فبايعوا جميعاً محمداً ومسحوا على يده .
قال عيسى : وجاء رسول عبد الله بن الحسن إلى أبي ، أن ائتنا فإننا مجتمعون لأمر وأرسل بذلك إلى جعفر بن محمد ، هكذا قال عيسى . وقال غيره : قال لهم عبد الله بن الحسن : لا نريد جعفراً لئلا يفسد عليكم أمركم ! قال عيسى : فأرسلني أبي أنظر ما اجتمعوا عليه ، وأرسل جعفر بن محمد محمدَ بن عبد الله الأرقط بن علي بن الحسين ، فجئناهم فإذا بمحمد بن عبد الله يصلي على طنفسة رحل مثنية ، فقلت : أرسلني أبي إليكم لأسألكم لأي شئ اجتمعتم ؟ فقال عبد الله : اجتمعنا لنبايع المهدي محمد بن عبد الله . قالوا : وجاء جعفر بن محمد ، فأوسع له عبد الله بن الحسن إلى جنبه فتكلم بمثل كلامه ، فقال جعفر : لا تفعلوا فإن هذا الأمر لم يأت بعد ! إن كنت ترى يعني عبد الله أن ابنك هذا هو المهدي ، فليس به ولا هذا أوانه ، وإن كنت إنما تريد أن تخرجه غضباً لله وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فإنا والله لا ندعك وأنت شيخنا ونبايع ابنك . فغضب عبد الله وقال : علمتَ خلاف ما تقول ! ووالله ما أطلعك الله على غيبه ، ولكن يحملك على هذا الحسد لابني ! فقال : والله ما ذاك يحملني ، ولكن هذا وإخوته وأبناؤهم دونكم ، وضرب بيده على ظهر أبي العباس ، ثم ضرب بيده على كتف عبد الله بن الحسن ، وقال : إنها والله ما هي إليك ، ولا إلى ابنيك ، ولكنها لهم ، وإن ابنيك لمقتولان ! ثم نهض وتوكأ على يد عبد العزيز بن عمران الزهري ، فقال : أرأيت صاحب الرداء الأصفر يعني أبا جعفر ؟ قال : نعم . قال : فإنا والله نجده يقتله ! قال له عبد العزيز : أيقتل محمداً ؟ قال : نعم . قال : فقلت في نفسي : حسده ورب الكعبة ! قال : ثم والله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتلهما ! قال : فلما قال جعفر ذلك ، انفضَّ القوم فافترقوا ولم يجتمعوا بعدها ، وتبعه عبد الصمد وأبو جعفر فقالا : يا أبا عبد الله أتقول هذا ؟ قال : نعم أقوله والله ، وأعلمه » . انتهى .
وفي مقاتل الطالبيين / 142 : « كان جعفر بن محمد إذا رأى محمد بن عبد الله بن حسن تغرغرت عيناه ثم يقول : بنفسي هو ، إن الناس ليقولون فيه إنه المهدي ، وإنه لمقتول ! ليس هذا في كتاب أبيه علي من خلفاء هذه الأمة » .
ثم روى ذلك أيضاً برواية ثانية في / 171 ، عن عدة مؤرخين وشهود ، قال : « إن بني هاشم اجتمعوا فخطبهم عبد الله بن الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنكم أهل البيت قد فضلكم الله بالرسالة واختاركم لها ، وأكثركم بركة يا ذرية محمد بنو عمه وعترته ، وأولى الناس بالفزع في أمر الله ، من وضعه الله موضعكم من نبيه ، وقد ترون كتاب الله معطلاً وسنة نبيه متروكة والباطل حياً والحق ميتاً . قاتلوا لله في الطلب لرضاه بما هو أهله ، قبل أن ينزع منكم اسمكم وتهونوا عليه كما هانت بنو إسرائيل وكانوا أحب خلقه إليه . وقد علمتم أنا لم نزل نسمع أن هؤلاء القوم إذا قتل بعضهم بعضاً خرج الأمر من أيديهم ، فقد قتلوا صاحبهم يعني الوليد بن يزيد فهلمَّ نبايع محمداً فقد علمتم أنه المهدي . فقالوا : لم يجتمع أصحابنا بعد ولو اجتمعوا فعلنا ، ولسنا نرى أبا عبد الله جعفر بن محمد ! فأرسل إليه ابن الحسن فأبى أن يأتي ، فقام وقال : أنا آت به الساعة ، فخرج بنفسه حتى أتى مضرب الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحرث ، فأوسع له الفضل ولم يُصَدِّرْهُ ، فعلمت أن الفضل أسن منه ، فقام له جعفر وصدَّره فعلمت أنه أسن منه . ثم خرجنا جميعاً حتى أتينا عبد الله فدعا إلى بيعة محمد ، فقال له جعفر : إنك شيخ وإن شئت بايعتك وأما ابنك فوالله لا أبايعه وأدعك . وقال عبد الله الأعلى في حديثه : إن عبد الله بن الحسن قال لهم : لاترسلوا إلى جعفر فإنه يفسد عليكم فأبوا ، قال : فأتاهم وأنا معهم فأوسع له عبد الله إلى جانبه وقال : قد علمت ما صنع بنا بنو أمية ، وقد رأينا أن نبايع لهذا الفتى . فقال : لا تفعلوا فإن الأمر لم يأت بعد ! فغضب عبد الله . . إلى آخر ما مر » .
وفي مناقب ابن شهرآشوب : 4 / 228 : « إنها والله ما هي إليك ولا إلى ابنك ، وإنما هي لهذا يعني السفاح ، ثم لهذا يعني المنصور ، يقتله على أحجار الزيت ، ثم يقتل أخاه بالطفوف وقوائم فرسه في الماء !
فتبعه المنصور فقال : ما قلت يا أبا عبد الله ؟ فقال : ما سمعته وإنه لكائن ، قال : فحدثني من سمع المنصور أنه قال : انصرفت من وقتي فهيأت أمري ، فكان كما قال » .
وفي النعماني / 229 ، عن يزيد بن أبي حازم قال : « خرجت من الكوفة فلما قدمت المدينة دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسلمت عليه فسألني : هل صاحبك أحد ؟ فقلت : نعم ، فقال : أكنتم تتكلمون ؟ قلت : نعم ، صحبني من المغيرية . قال فما كان يقول ؟ قلت : كان يزعم أن محمد بن عبد الله بن الحسن هو القائم ، والدليل على ذلك أن اسمه اسم النبي ، واسم أبيه اسم أبي النبي صلى الله عليه وآله ، فقلت له في الجواب : إن كنت تأخذ بالأسماء فهو ذا في ولد الحسين محمد بن عبد الله بن علي ، فقال لي : إن هذا ابن أمَة ، يعني محمد بن عبد الله بن علي ، وهذا ابن مهيرة يعني محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، فقال أبو عبد الله عليه السلام :
فما رددت عليه ؟ فقلت : ما كان عندي شئ أرد عليه فقال : أو لم تعلموا أنه ابن سبية يعني القائم عليه السلام » .
هذا ، ويبدوأن مهدي الحسنيين أو العباسيين في لسانه ثقلٌ يحتبس عليه الكلام فيضرب بيده على فخذه ، فوصفوا بذلك المهدي الموعود عليه السلام ، لينطبق الوصف على صاحبهم ! راجع ابن حماد : 1 / 365 .
8 - كذِبَ العباسيون على النبي صلى الله عليه وآله وزعموا أن المهدي عليه السلام منهم !
في تاريخ بغداد : 2 / 63 ، عن ابن عباس قال : « حدثتني أم الفضل بنت الحارث الهلالية قالت : مررت بالنبي صلى الله عليه وآله وهو في الحجر فقال : يا أم الفضل إنك حامل بغلام . قالت : يا رسول الله وكيف وقد تحالف الفريقان أن لا يأتوا النساء ؟ قال : هو ما أقول لك ، فإذا وضعتيه فأتني به . قالت : فلما وضعته أتيت به رسول الله صلى الله عليه وآله فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى وقال : اذهبي بأبي الخلفاء ، قالت : فأتيت العباس فأعلمته ، فكان رجلاً جميلاً لبَّاساً ، فأتى النبي فلما رآه رسول الله قام إليه فقبل بين عينيه ، ثم أقعده عن يمينه ، ثم قال : هذا عمي فمن شاء فليباه بعمه .
قال : يا رسول الله بعض هذا القول ، فقال : يا عباس لم لا أقول هذا القول وأنت عمي وصنو أبي ، وخير من أخلف بعدي من أهلي ! فقلت : يا رسول الله ، ما شئ أخبرتني به أم الفضل عن مولودنا هذا ؟ قال : نعم يا عباس ، إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولولدك ، منهم السفاح ، ومنهم المنصور ، ومنهم المهدي » .
والوضع على هذا الحديث ظاهر ! وفي تاريخ بغداد : 3 / 343 ، « عن هشام بن محمد الكلبي أنه كان عند المعتصم في أول أيام المأمون حين قدم المأمون بغداد ، فذكر قوماً بسوء السيرة فقلت له : أيها الأمير إن الله تعالى أمهلهم فطغوا ، وحلم عنهم فبغوا ، فقال لي : حدثني أبي الرشيد ، عن جدي المهدي ، عن أبيه المنصور ، عن أبيه محمد بن علي ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وآله نظر إلى قوم بني فلان يتبخترون في مشيهم ، فعرف الغضب في وجهه ثم قرأ : وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ، فقيل له : أي الشجر هي يا رسول الله حتى نجتثها ؟
فقال : ليست بشجرة نبات ، إنما هم بنو فلان ، إذا ملكوا جاروا وإذا ائتمنوا خانوا ثم ضرب بيده على ظهر العباس قال : فيخرج الله من ظهرك يا عم رجلاً يكون هلاكهم على يديه » .
وفي ابن حماد : 1 / 121 ، و 400 ، عن كعب : « المنصور والمهدي والسفاح من ولد العباس » . وفي عيون الأخبار لابن قتيبة : 1 / 302 ، عن ابن عباس « أنه كان إذا سمعهم يقولون : يكون في هذه الأمة اثنا عشر خليفة ، قال : ما أحمقكم ! إن بعد الاثني عشر ثلاثة منا : السفاح والمنصور والمهدي يسلمها إلى الدجال » .
قال أبو أسامة : تأويل هذا عندنا أن ولد المهدي يكونون بعده إلى خروج الدجال . ورواه الحاكم : 4 / 514 ، وصححه ، عن مجاهد قال : قال لي عبد الله بن عباس : « لو لم أسمع أنك مثل أهل البيت ما حدثتك بهذا الحديث !
قال فقال مجاهد : فإنه في سترلا أذكره لمن نكره ، قال فقال ابن عباس : منا أهل البيت أربعة : منا السفاح ، ومنا المنذر ، ومنا المنصور ، ومنا المهدي . قال فقال له مجاهد : فبين لي هؤلاء الأربعة ، فقال : أما السفاح فربما قتل أنصاره وعفا عن عدوه ، وأما المنذر قال فإنه يعطي المال الكثير لا يتعاظم في نفسه ، ويمسك القليل من حقه . وأما المنصور فإنه يعطى النصرعلى عدوه الشطرمما كان يعطى رسول الله صلى الله عليه وآله يرعب منه عدوه على مسيرة شهرين ، والمنصور يرعب عدوه منه على مسيرة شهر . وأما المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، وتأمن البهائم والسباع ، وتلقي الأرض أفلاذ كبدها . قال قلت : وما أفلاذ كبدها ؟ قال : أمثال الأسطوانة من الذهب والفضة » .
وفي دلائل النبوة : 6 / 513 ، عن سعيد بن جبير قال : « سمعنا عبد الله بن عباس ونحن نقول : اثنا عشر أميراً ، ثم لا أمير . واثنا عشر أميراً ، ثم هي الساعة . فقال ابن عباس : ما أحمقكم : إن منا أهل البيت بعد ذلك المنصور ، والسفاح ، والمهدي ، يدفعها إلى عيسى بن مريم » . وفي / 514 : « يكون منا ثلاثة أهل البيت : سفاح ومنصور ومهدي » .
والأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وآله في مدح العباس وأولاده كثيرة ، نكتفي منها بما تقدم !
وقد نصوا على عدد من الذبابين الوضاعين فيها مثل محمد بن الوليد غلام بني عباس ، ففي فيض القدير : 6 / 278 : « وقال السمهودي : وأما هذا ففيه محمد بن الوليد وضاع . قال ابن عدي :
يضع الحديث ويصله ويسرق ويقلب الأسانيد والمتون . وقال ابن أبي معشر : هو كذاب . » .
قال السيوطي في الجامع : 5 / 375 ، عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وآله : « لن تزال الخلافة في ولد عمي صنو أبي العباس ، حتى يسلموها إلى الدجال » . وفي إسعاف الراغبين / 151 : « وفي إسناده وضاع » .
9 - أحاديثهم الموضوعة تحريفٌ لحديث صحيح !
يظهر أن أحاديثهم المكذوبة في أن المهدي من ولد العباس ، تغطية للأحاديث التي روتها العترة النبوية بأن النبي صلى الله عليه وآله أخبر العباس بما يكون من أولاده ! t وفي النعماني / 248 : « عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي : يا عباس ويلٌ لذريتي من ولدك ، وويلٌ لولدك من ولدي ، فقال : يا رسول الله أفلا أجتنب النساء ، أو قال : أفلا أجبُّ نفسي ؟ قال : إن علم الله عز وجل قد مضى ، والأمور بيده ، وإن الأمر سيكون في ولدي » !
وفي كتاب سُليم / 427 : « إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة ولم يرض لنا الدنيا . قال : ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على ابن عباس فقال : أما إن أول هلاك بني أمية بعد ما يملك منهم عشرة على يد ولدك ، فليتقوا الله وليرقبوا في ولدي وعترتي ، فإن الدنيا لم تبق لأحد قبلنا ولا تبقى لأحد بعدنا . دولتنا آخر الدول ، يكون مكان كل يوم يومين ، ومكان كل سنة سنتين . ومنا من وُلدي من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً » .
ففي غيبة النعماني / 247 ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم في البقيع حتى أقبل علي عليه السلام فسأل عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل إنه بالبقيع ، فأتاه علي عليه السلام فسلم عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اجلس فأجلسه عن يمينه ، ثم جاء جعفر بن أبي طالب فسأل عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل له هو بالبقيع ، فأتاه فسلم عليه فأجلسه عن يساره ، ثم جاء العباس فسأل عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل له هو بالبقيع ، فأتاه فسلم عليه فأجلسه أمامه ، ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام فقال : ألا أبشرك ألا أخبرك يا علي ؟ فقال : بلى يا رسول الله . فقال : كان جبرئيل عندي آنفاً ، وأخبرني أن القائم الذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، من ذريتك من ولد الحسين . فقال علي : يا رسول الله ما أصابنا خير قط من الله إلا على يديك .
ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جعفر بن أبي طالب فقال : يا جعفر ألا أبشرك ألا أخبرك ؟ قال : بلى يا رسول الله فقال : كان جبرئيل عندي آنفاً فأخبرني أن الذي يدفعها إلى القائم من ذريتك ، أتدري من هو ؟ قال لا ، قال : ذاك الذي وجهه كالدينار ، وأسنانه كالمنشار ، وسيفه كحريق النار ، يدخل الجند ذليلاً ، ويخرج منه عزيزاً ، يكتنفه جبرئيل وميكائيل .
ثم التفت إلى العباس فقال : يا عم النبي ألا أخبرك بما أخبرني به جبرئيل عليه السلام ؟ فقال : بلى يا رسول الله ، قال : قال لي جبرئيل ويلٌ لذريتك من ولد العباس ! فقال : يا رسول الله أفلا أجتنب النساء ؟ فقال له صلى الله عليه وآله : قد فرغ الله مما هو كائن » .
أقول : يحتمل أن يكون ابن جعفر الطيار المذكور هو الخراساني الذي يسلم الراية إلى المهدي عليه السلام .
10 - وادعى المنصور أن ابنه هو المهدي الموعود !
لم يكتف العباسيون بادعاء أن رايات خراسان الموعودة لنصرة المهدي عليه السلام هي رايات ثورتهم بيد أبي مسلم الخراساني ، ولا بالأحاديث التي زعموا فيها أن النبي بشر العباس بأن الملك في أولاده حتى يخرج الدجال !
بل قرر المنصور بعد أن قتل محمد بن عبد الله الذي ادعوا له المهدوية وأخاه إبراهيم ، أن يجعل ابنه محمد بن عبد الله المهدي الموعود ! وقد وصف الذهبي في تاريخه : 9 / 49 ، تحايل المنصور وإجباره أخاه عيسى على خلع نفسه قال : « وكان السفاح لما احتضر جعل الخلافة للمنصور ثم بعده لعيسى ، وقد لاطفه المنصور وكلمه بألين الكلام في ذلك « خلع نفسه » فقال : يا أمير المؤمنين فكيف بالأيمان والعهود والمواثيق التي عليَّ وعلى المسلمين ، فلما رأى المنصور امتناعه تغير له وأعرض عنه ، وجعل يقدم المهدي عليه في المجالس ، ثم شرع المنصور يدس من يحفر عليه بيته ليسقط عليه ، فجعل يتحفظ ويتمارض . وقيل بل سقاه المنصور « السم » فاستأذن في الذهاب إلى الكوفة ليتداوى ، وكان الذي جرأه على ذلك طبيبه بختيشوع وقال له : والله ما أجسر على معالجتك وما آمن على نفسي ، فأذن له المنصور ، وبلغت العلة من عيسى كل مبلغ حتى تمعط شعره ! ثم إنه نصل من علته ثم سعى موسى ولد عيسى بن موسى في أن يطيع أبوه المنصور خوفاً عليه منه وعلى نفسه ، ودبر حيلة أوحاها إلى المنصور فقال : مُرْ بخنقي قُدَّامَ أبي إن لم يخلع نفسه ! قال : فبعث المنصور من فعل به ذلك فصاح أبوه وأذعن بخلع نفسه وقال : هذه يدي بالبيعة للمهدي » !
وهكذا تم للمنصور ما أراد فخلع أخاه ، وعقد المجلس في قصرالرصافة الذي بناه خصيصاً لولده المهدي ! وأحضر الفقهاء والقضاة فشهدوا وبايعوا ولي عهده المهدي المنتظر ! « وخطب المنصور الناس وأعلمهم ما جرى في أمر عيسى من تقديم المهدي عليه ورضاه بذلك ، وتكلم عيسى وسلم الأمر للمهدي فبايع الناس على ذلك بيعة محددة للمهدي ، ثم لعيسى من بعده » . « تاريخ دمشق : 48 / 9 » .
وفي الأغاني : 13 / 313 : « عن الفضل بن إياس الهذلي الكوفي ، أن المنصور كان يريد البيعة للمهدي ، وكان ابنه جعفر يعترض عليه في ذلك ، فأمر بإحضار الناس فحضروا وقامت الخطباء فتكلموا ، وقالت الشعراء فأكثروا في وصف المهدي وفضائله ، وفيهم مطيع بن إياس ، فلما فرغ من كلامه في الخطباء وإنشاده في الشعراء ، قال للمنصور : يا أمير المؤمنين حدثنا فلان عن فلان أن النبي صلى الله عليه وآله قال : المهدي منا محمد بن عبد الله ، وأمه من غيرنا ، يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً ! وهذا العباس بن محمد أخوك يشهد على ذلك ! ثم أقبل على العباس فقال له : أنشدك الله هل سمعت هذا ؟ فقال : نعم ، مخافةً من المنصور ! فأمر المنصور الناس بالبيعة للمهدي . قال : ولما انقضى المجلس وكأن العباس بن محمد لم يأنس به ، قال : أرأيتم هذا الزنديق إذ كذب على الله عز وجل ورسوله ، حتى استشهدني على كذبه فشهدت له خوفاً ، وشهد كل من حضر عليَّ بأني كاذب ! وبلغ الخبر جعفر بن أبي جعفر ، وكان مطيع منقطعاً إليه يخدمه ، فخافه وطرده عن خدمته ! قال : وكان جعفر ماجناً ، فلما بلغه قول مطيع هذا غاظه وشقت عليه البيعة لمحمد فأخرج « آلته » ثم قال : إن كان أخي محمد هو المهدي ، فهذا القائم من آل محمد » .
راجع في تحريفهم وقبائحهم : تاريخ الطبري : 6 / 269 ، واليعقوبي : 2 / 395 ، ومعارف ابن قتيبة / 379 ، والنهاية : 10 / 111 ، وسمط النجوم / 1094 ، وشذرات الذهب : 1 / 219 ، وعبر الذهبي : 1 / 207 ، والتحفة اللطيفة : 2 / 26 ، والمنار المنيف / 149 .
ولكنهم شهدوا أن هذا « المهدي » كان فاجراً فزاد الأرض ظلماً وجوراً ! وصادر أموال المسلمين حثياً وزادهم فقراً ! ورووا أنه كان خماراً زماراً سفاكاً للدماء ، وأنجب للمسلمين ابنة مغنية ضرابة عود هي عُلَيّة العباسية . « خزانة الأدب : 11 / 217 » وكان مغرماً بتطيير الحمام ، فحرَّف الرواة له حديث النبي صلى الله عليه وآله : « لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر » فأضافوا له « أو جناح » فأمر للراوي بصرة ذهب . « مجموعة الرسائل للصافي : 2 / 424 » !
وكان عنيفاً فقتل رجلاً لروايته حديثاً عن الأعمش « الصحيح من السيرة : 1 / 88 » ورأى مناماً أن وجهه أسود فرزق بأنثى فكان كذلك . « الكنى والألقاب : 1 / 319 » وظل يطارد ابن عم أبيه ولي عهده ، الذي خلع نفسه من أجله حتى قتله ، وجعل ابنه موسى ولي عهده ! « تهذيب المقال 2 / 320 » . وسلط زوجته الخيزران فكانت الدولة بيدها « الطبري : 3 / 466 » وبنى مدينة سيروان في جبال إيران ، وبها مات ودفن . « صبح الأعشى : 4 / 368 » . وحكم عشر سنين ومات سنة 169 ، وعمر ه 43 سنة . « الأخبار الطوال / 386 » . لذلك اضطر النواصب للقول إنه ليس المهدي ! « منهاج السنة : 4 / 98 ، والنهاية : 6 / 277 » .
11 - اعترف هارون الرشيد بكذبة أبيه وجده !
في إعلام الورى / 365 وطبعة : 2 / 165 ، « عن سليمان بن إسحاق بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس قال : حدثني أبي قال : كنت يوماً عند الرشيد فذُكر المهدي وما ذكر من عدله فأطنب في ذلك ، فقال الرشيد : أحسبكم تحسبونه أبي المهدي ! حدثني عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس ، عن أبيه العباس بن عبد المطلب ، أن النبي صلى الله عليه وآله قال له : يا عم ، يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ، ثم تكون أمور كريهة شديدة عظيمة ، ثم يخرج المهدي من ولدي يصلح الله أمره في ليلة ، فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ويمكث في الأرض ما شاء الله ، ثم يخرج الدجال » .
12 - اثنا عشر كذاباً سيدعون المهدية قبيل ظهور الإمام عليه السلام
الإرشاد / 358 : « عن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يخرج القائم حتى يخرج قبله اثنا عشر من بني هاشم كلهم يدعو إلى نفسه » .
وفي الكافي : 1 / 338 ، والنعماني / 151 ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « ولتُرفعنَّ اثنتا عشرة راية مشتبهة ، لا يُدرى أيٌّ من أي ! قال المفضل : فبكيت ، فقال ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ فقلت : كيف لا أبكي وأنت تقول ترفع اثنتا عشرة راية لا يدرى أيٌّ من أي ، فكيف نصنع ؟ قال فنظر إلى شمس داخلة في الصُّفَّة فقال : يا أبا عبد الله ترى هذه الشمس ؟ قلت : نعم . قال : والله لأمرنا أبين من هذه الشمس » .
وفي ابن حماد : 1 / 291 : « ثم يسير إلى العراق ، وترفع قبل ذلك ثنتا عشرة راية بالكوفة ، معروفة منسوبة . ويقتل بالكوفة رجل من ولد الحسن أو الحسين ، يدعو إلى أبيه » .
13 - حرفوا نسخة كتاب ابن عربي وحذفوا نسب الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
ننبه إلى التحريف الذي اقترفته يد من طبع كتاب الفتوحات لابن عربي ، فإن عدداً من المصادر نقلت نصه على نسب الإمام المهدي عليه السلام وأنه ابن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، ثم أورد نسبه إلى علي وفاطمة عليهم السلام ، لكن النواصب حذفوا ذلك من طبعته ! قال في إلزام الناصب : 1 / 292 : « الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات : واعلموا أنه لا بد من خروج المهدي لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً ، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة ، وهو من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة ، جده الحسين بن علي بن أبي طالب ، ووالده الحسن العسكري ، بن الإمام علي النقي بالنون ، بن الإمام محمد التقي بالتاء ، بن الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب يواطئ اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله ، يبايعه المسلمون ما بين الركن والمقام ، يشبه رسول الله في الخلق بفتح الخاء وينزل عنه في الخلق بضمها ، إذ لا يكون أحد مثل رسولالله صلى الله عليه وآله في أخلاقه ، والله تعالى يقول : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ .
وهو أجلى الجبهة أقنى الأنف ، أسعد الناس به أهل الكوفة ، يقسم المال بالسوية ويعدل في الرعية ، يمشي الخضر بين يديه ، يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً ، يقفو أثر رسول الله لا يخطئ ، له ملك يسدده من حيث لا يراه ، يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفاً من المسلمين ، يعز الله به الإسلام بعد ذله ، ويحييه بعد موته ، ويضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف فمن أبى قتل ومن نازعه خذل ، يحكم بالدين الخالص عن الرأي . إلى آخر كلامه » . انتهى .
وقد حفوا نسبه من نسخة الفتوحات المتداولة ، ونص كلامه : 3 / 327 : « إعلم أيدنا الله أن لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً ، فيملؤها قسطاً وعدلاً ، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي هذا الخليفة من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة ، يواطئ اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله جده الحسين بن علي بن أبي طالب ، يبايع بين الركن والمقام ، يشبه رسول الله في خلقه بفتح الخاء ، وينزل عنه في الخلق بضم الخاء ، لأنه لا يكون أحد مثل رسول الله في أخلاقه والله يقول فيه : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ . هو أجلى الجبهة أقنى الأنف ، أسعد الناس به أهل الكوفة ، يقسم المال بالسوية ، ويعدل في الرعية ، ويفصل في القضية ، يأتيه الرجل فيقول له : يا مهدي أعطني ، وبين يديه المال ، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله ! يخرج على فترة من الدين ، يزع الله به ما لا يزع بالقرآن ، يمسي جاهلاً بخيلاً جباناً ويصبح أعلم الناس أكرم الناس أشجع الناس ، يصلحه الله في ليلة ! يمشي النصر بين يديه ، يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً ، يقفو أثر رسول الله لا يخطئ ، له ملك يسدده من حيث لا يراه ، يحمل الكل ويقوي الضعيف في الحق ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق ، يفعل ما يقول ويقول ما يعلم ، ويعلم ما يشهد .
يفتح المدينة الرومية بالتكبير في سبعين ألفاً من المسلمين من ولد إسحاق ، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا . يبيد الظلم وأهله يقيم الدين ، ينفخ الروح في الإسلام ، يعز الإسلام به بعد ذله ويحيا بعد موته ، يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف ، فمن أبى قتل ، ومن نازعه خذل ، يُظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ، ما لو كان رسول الله لحكم به . يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص . أعداؤه مقلدة العلماء أهل الإجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهبت إليه أئمتهم ، فيدخلون كرهاً تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه .
يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم ، يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف ، بتعريف إلهي .
له رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه ، هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله . ينزل عليه عيسى بن مريم بالمنارة البيضاء بشرقي دمشق بين مهرودتين ، متكأ على ملكين ملك عن يمينه وملك عن يساره ، يقطر رأسه ماء مثل الجمان يتحدر ، كأنما خرج من ديماس ، والناس في صلاة العصر ، فيتنحى له الإمام من مقامه ، فيتقدم فيصلي بالناس يؤم الناس بسنة محمد .
يكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ويقبض الله المهدي إليه طاهراً مطهراً ، وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق ، ويخسف بجيشه في البيداء بين المدينة ومكة حتى لا يبقى من الجيش إلا رجل واحد من جهينة ، يستبيح هذا الجيش مدينة الرسول صلى الله عليه وآله ثلاثة أيام ثم يرحل يطلب مكة ، فيخسف الله به في البيداء ، فمن كان مجبوراً من ذلك الجيش مكرهاً يحشر على نيته . القرآن حاكم والسيف مبيد ، ولذلك ورد في الخبر : إن الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن :
ألا إن ختمَ الأولياء شهيد - وعينُ إمام العالمين فقيدُ
هو السيد المهديُّ من آل أحمدٍ - هو الصارم الهندي حين يبيد
هو الشمس يجلو كل غم وظلمة - هو الوابل الوسميُّ حين يجود
وقد جاءكم زمانه وأظلكم أوانه ، وظهر في القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قرن الصحابة ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يلي الثاني ، ثم جاء بينهما فترات وحدثت أمور ، وانتشرت أهواء ، وسفكت دماء ، وعاثت الذئاب في البلاد ، وكثر الفساد ، إلى أن طم الجور وطما سيله ، وأدبر نهار العدل بالظلم حين أقبل ليله . فشهداؤه خير الشهداء ، وأمناؤه أفضل الأمناء . وإن الله يستوزر له طائفة خبأهم له في مكنون غيبه ، أطلعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق ، وما هو أمر الله عليه في عباده ، فبمشاورتهم يفصل ما يفصل ، وهم العارفون الذين عرفوا ما ثَمَّ .
وأما هو في نفسه فصاحب سيف حق وسياسة مدنية ، يعرف من الله قدر ما تحتاج إليه مرتبته ومنزله ، لأنه خليفة مسدد ، يفهم منطق الحيوان ، يسري عدله في الإنس والجان ، من أسرار علم وزرائه الذين استوزرهم الله له قوله تعالى : وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ . وهم على أقدام رجال من الصحابة ، صدقوا ما عاهدوا الله عليه . وهم من الأعاجم ما فيهم عربي ! لكن لا يتكلمون إلا بالعربية ، لهم حافظ ليس من جنسهم ما عصى الله قط ، هو أخص الوزراء وأفضل الأمناء ، فأعطاهم الله في هذه الآية التي اتخذوها هجيراً وفي ليلهم سميراً ، أفضل علم الصدق حالاً وذوقاً ، فعلموا أن الصدق سيف الله في الأرض ، ما قام بأحد ولا اتصف به إلا نصره الله ، لأن الصدق نعته والصادق اسمه ، فنظروا بأعين سليمة من الرمد ، وسلكوا بأقدام ثابتة في سبيل الرشد ، فلم يروا الحق قيد مؤمناً من مؤمن ، بل أوجب على نفسه نصر المؤمنين » .