الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
إلى سلطان فاس
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج6، ص:340-343
2024-12-09
258
ومن نثر لسان الدين ما أنشأه رحمه الله تعالى
عن سلطانه الغني بالله تعالى - حين وصله ابنه الذي كان بفاس - يخاطب سلطان فاس ، ما نصه : المقام الذي تقلد نافلة الفضل شفعاً ، وجود سورة الكمال إفراداً وجمعاً، واستولى وجمع ببره المنح ، والتهنئة والفتح ، فأحرز أصلاً وفرعاً ، واستحق الشكر عقلاً وشرعاً ، وأغرى أيدي جوده ، بالقصد الذي هو حظ وليه من وجوده ، فأثار من جيش اللقاء نقعاً ، ووسط به جمعاً ، مقام محل أخينا الذي أقلام مقاصده دربة بحسن التوقيع، وعيون فضله مذكاة لإحكام الصنيع ، وعذبات فخره تهفو بذروة العلم المنيع ، ومكارمه تتفنن فيها مذاهب التنويع أبقاه الله تعالى وألسن فضله ناطقة ، وأقيسة سعده صادقة ، وألويته بالنصر العزيز خافقة ، وبضائع مكارمه في أسواق البر نافقة ، وعصائب التوفيق لركائب أغراضه موافقة ؛ السلطان الكذا ابن السلطان الكذا ابن السلطان الكذا : سلام كريم ، طيب بر عميم ، يخص مقامكم الأعلى ، وطريقتكم المثلى ، وأخوتكم ، ورحمة الله تعالى وبركاته ، مجل قدركم ، وملتزم بركم ، وموجب حمدكم وشكركم ، فلان الفضلي أما بعد حمد الله تعالى الذي جعل الشكر على المكرمات وقفا، ونهج منه بإزائها سبيلاً لا تلتبس ولا تخفى ، وعقد بينه وبين المزيد سبباً وحلفا ، وجعل المودة في ذاته مما يقرب إليه زُلفى ، مربح تجارة من قصد وجهه بعمله حتى يرى الشيء ضعفا ، وناصر هذه الجزيرة من أوليائه الكرام السيرة بمن يوسعها فضلاً وعطفا ، ومدني ثمار الآمال فتتمتع بها اجتناء وقطفا ، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي العربي الكريم ، الرؤوف الرحيم ،
340
الذي مد من الرحمة على الأمة سجفا ، وملأ قلوبها تعاطفاً وتعارفاً ولطفا
القائل ( من أيقن بالخلف جاد بالعطية ) ووعد من عامل الله تعالى السنية ، وعداً لا يجد خلفا ، والرضى عن آله وأصحابه الذين كانوا من بعده للإسلام كهفا ، وعلى أهله في الهواجر ظلاً ملتفا ، غيوث الندى كلما شاموا سماحاً وليوث العدى كلّما شهدوا زحفا ، والدعاء لمقام أخوتكم الأسعد بالنصر الذي يكف من عدوان الكفر كفاً ، والمجد الذي لا يغادر كتابه من المفاخر التي ترك الأول للآخر حرفا ، وإلى هذا ـ أيدكم الله بنصر من عنده ، وحكم الملككم الأسمى باتصال سعده ، وأنجز في ظهوره على من عاند أمره سابق وعده - فإننا نقرر لدى مقامكم وإن كان الغني بأصالة عقله-
،عن اجتلاء الشاهد ونقله ، وجلاء البيان وصقله ، أن الهدايا وإن لم تحل العين منها كما حلت ، أو تناولها الاستنزارُ فما نبهت في لحظ الاعتبار ولا جلت ، أو كانت زيفاً كلّما أغري بها الاختبار قلت ، لا بد أن تترك في النفوس ميلاً ، وأن تستدعي من حسن الجزاء كيلاً ، وأن تنال من جانب التراحم والتعاطف نيلا ، وأي دليل أوضح محجة ، وأبين حجة ، من قوله صلى الله عليه وسلم تهادوا تحابوا « من غير تبيين مقدار ، ولا إعمال اعتبار ، ولا تفرقة بين لجين ولا نضار ؟ فكيف إذا كانت الهدية فلذة الكبد التي لا يلذ العيش بعد. فراقها ، ولا تضيء ظلم الجوانح إلا بطلوع شمسها وإشراقها الشمل الذي هو أقصى آمال النفوس الآلفة ، والبواطن المصاحبة للحنين المحالفة ، لا سيما إذا اقتعدت محل الهناء ، بالفتح الرائق السناء ، وحقت بها من خلفها وأمامها صنائع البر وقومة الاعتناء ، فهنالك تفخر ألسن الثناء ، وتتطابق أعلام الشكر
السامية البناء
وإننا ورد علينا كتابكم الذي سطره البر وأملاه ، وكنفه اللحظ وتولاه ، ووشحه البيان وحلاه ، مهنئاً بما منح الله جل جلاله من رد الحق ، وتعيين الجمع ورفع الفرق ، وتطويق الأمان وأمان الطوق ، وإسعاد السعد ، 341
وبلوغ القصد ، وقطع دابر من جحد نعمة الأب والجد ، وسل سيف البغي دامي الحد ، والحمد لله تعالى حمداً يلهمه ويتيحه ، ونسأله إمداداً يسوغه ويبيحه ، ا على أن أحسن العقبى وأعقب الحسنى ، وأرى النعم بين فرادى ومثنى ، وجمع الشمل الذي قد تبدد ، وجدد السعادة لهذا القطر فتجدد ، وأخذ رسم
الظالم فلم يجد من محيص ، وجمع لنا
الأجر والفخر بين تخصيص وتمحيص وقلد برؤوس الفجرة الغدرة الفرضة التي فرعوها ، وأطفأ بمراق دمائهم نار الضلالة التي شرعوها ، وكتب لقبيلكم الفضل الذي يحمد ويشكر
، والحق الذي لا يجحد ولا ينكر ، فلقد أوى لما تبرأت الخلصان ، وتحقى عندما تنكر الزمان ، وسبب الإدالة ، وطاوع الأصالة والجلالة ، حتى فرج الله تعالى الكربة ، وآنس الغربة ، وأقال العثرة وتقبل القربة ، له الحمد على آلائه ، وصلة نعمائه ، ملء أرضه وسمائه .
ووصل صحبته الولد مكنوفاً بجناح اللطف ، ممهداً له ببركتكم مهاد العطف ، فبرزنا إلى تلقيه تنويهاً لهديتكم وإشادة ، وإبداء في بركم وإعادة ، وأركبنا الجيش الذي آثرنا لحين استقلالنا عرضه ، وقررنا بموجب الاستحقاق فرضه ، فبرز إلى الفضاء الأفيح حسن الترتيب ، سافراً عن المرأى العجيب ، ولولا الحنان الذي تجده النفوس للأبناء وتستشعره، والشوق إلى اللقاء الذي لا يجحده منصف ولا يُنكره ، لما شقّ علينا طول مقامه في حجركم ، ولا ثواؤه لصق أريكة أمركم ، فجواركم محل الاستفادة رسوم الإمارة ، وتعلم السياسة والإدارة ، حتى يرد علينا يقدم كتيبة جهادكم ، ويقود إلينا طليعة نصركم إيانا وإمدادكم ، فنحن الآن نشكر مقاصدكم التي اقتضى الكمال سياقتها ، وزين
المجد آفاقها ، وقدرها فأحكم طباقها ، ونقرر لديكم أن حظنا من ودادكم ومحلنا من جميل اعتقادكم ، حظ بان رجحانه وفضله ، ولم يتأت بين من
سلف من السلف مثله، من الصحبة في المنزل الخشن وهي الوسيلة ، وفي رعيها
342
تظهر الفضيلة ، والاشتراك في لازم الوصول إلى الحق ، وضم أشتات الخلق ، والمودة الواضحة الطرق ، إلى ما بين السلف ، من الود الآمن بدره من الكلف ، المذخورة أذ مته للخلف ، فإذا كانت المعاملة جارية على حسبه ، وشعبها راجعة إلى مذهبه ، جنى الإسلام ثمرة حافلة ، واستكفى الدين إيالة كافلة ، فالله ، عز وجل ، يمهد البلاد بيمن تدبيركم ، ويُجري على مهنيع السداد جميع أموركم ، ويجعلكم ممن زين الجهاد عواتق أعماله ، وكان رضي الله تعالى عنه أقصى آماله ، حتى تربي مآثركم على مآثر أسلافكم الذين عرف هذا الوطن الجهادي إمدادهم ، وشكر جهادهم ، وقبل الله تعالى فيه أموالهم وأولادهم ، وحسن من أجله معاد هم معادهم .
وقد حضر بين يدينا رسولكم الذي وجهتم الولد أسعده الله تعالى – لنظره ، وتخير تموه لصحبة سفره ، فلان ، وهو من الأمانة والفضل ، والرجاحة والعقل ، بحيث طابق اختياركم ، واستحق إيثاركم ، فأطنب في تقرير ما لديكم من عناية بهذه الأوطان عينت الرفد ، وضربت الوعد ، وأخلصت في سبيل الله تعالى القصد ، وغير ذلك مما يؤكد المودة المستقرة الأركان ، المؤسسة على التقوى والرضوان ، فأجبناه بأضعاف ذلك مما لدينا لكم ، وقابلنا بالثناء الجميل قولكم وعملكم ، والله تعالى يصل سعدكم ، ويحرس مجدكم ، والسلام الكريم يخصكم ، ورحمة الله تعالى وبركاته