علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
معنى إذهاب الرجس في آية التطهير المباركة.
المؤلف: الشيخ الجليل محمد بن الحسن المعروف بـ(الحر العامليّ).
المصدر: الفوائد الطوسيّة.
الجزء والصفحة: ص 238 ـ 240.
2024-09-24
325
فائدة رقم (56):
قوله تعالى: {إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} اعترض عليه بعض العامّة انّه يستلزم وجود الرجس فيهم ليمكن إذهابه وهو ينافي مذهب الإماميّة من انّ النبي والامام (عليهما الصلاة والسلام) معصومان من أوّل العمر الى آخره.
والجواب من وجوه:
أحدها: الجواب الإجمالي عن جميع أمثال هذه الشبهة بأن نقول الذي ذهبت إليه الإماميّة هنا قد ثبت بالأدلة العقليّة وبالنصوص المتواترة النقليّة وقد حصل اليقين به لمن اطّلع عليها وهذه شبهة معارضة لليقين وكل ما كان كذلك فهو باطل.
وثانيها: انّ الفصحاء كثيرا ما يستعملون الإذهاب في مادة لا يكون ذلك الشيء حاصلا فيها لكنّه محتمل كما يقولون مصيبة فلان أذهبت عنّي البارحة النوم إذا كان لم ينم فيها أصلا، ويقولون: أذهب حبّك عنّي السلو عنك، ومعلوم انّه لا سلو قبل الحب، ولا معنى له وقد حكم بنفيه بعده ومثل هذا كثير جدا في كلام البلغاء فظهر انّ إذهاب الرجس لا يستلزم وجوده سابقا.
وثالثها : انّ ارادة إذهاب الرجس لا يستلزم وجوده قطعا ألا ترى انّه يمكن التصريح هنا بأنّ يقال: انّ الله يريد إذهاب الرجس عنكم لو كان فيكم رجس لكنّه غير موجود ولا يلزم من ذلك تناقض في الكلام ولعلّ هذا وجه إدخال الإرادة هنا لدفع الإبهام.
ورابعها: انّه يحتمل الإضمار بأن يكون المراد ليذهب عنكم احتمال الرجس واحتمال المذكور على تقدير وجوده لا ينافي العصمة وانّما ينافيها وجوده بالفعل لأنّ وجود هذا الاحتمال ليس بمعصية ولا هو من فعل الإنسان واحتمال الرجس قبل العصمة لا بعدها لا منافاة له بالعصمة قطعا.
وخامسها: ان يكون المراد إذهاب أسباب الرجس التي تؤدّي الى وجوده وإطلاق السبب على المسبّب وبالعكس كثير جدًّا بل مدار كلام الفصحاء عليه وتلك الأسباب منها الشهوات الغالبة والشبهات العارضة والميل القلبيّ (1) ونحو ذلك ومعلوم انّه لا ينافي شيء من ذلك العصمة لكن كثيرًا ما تنجر إلى ما ينافيها.
وسادسها: ان يكون إذهاب وساوس الشيطان عنهم فانّ تلك الوساوس كثيرًا ما تؤدّي الى الرجس لكنّها ليست رجسا حقيقيّا بل هي من أسبابه فلا تنافي العصمة وقد وسوس الشيطان للأنبياء (عليهم السلام) كما تضمّنه نصّ القرآن في مواطن كثيرة لكن لم يطيعوه في ترك واجب ولا فعل محرّم والنصوص الدالة على تفضيلهم (عليهم السلام) في ذلك على الأنبياء السابقين (عليهم السلام) كثيرة وقد روى عن ابن عباس انّ الرجس هنا وسواس الشيطان (2).
وسابعها: انّه قد روى في بعض الأخبار أنّ الرجس الشك ومعلوم انّ الشك على تقدير وجوده لا ينافي العصمة لأنّ المعصوم يشك فيما لا يعلمه ولا يحكم بشيء حتى يعلمه بالوحي أو بإلهام أو تعليم من قبله ولولا جواز الشك عليه بل وقوعه لما احتاج الى علم من قبله من نبي أو إمام أو ملك وتبقى دلالتها على العصمة من حيث انّ كل من قال بزوال كل شك عنهم قال بعصمتهم.
ويمكن ان يكون ما ورد بتفسير الرجس بالشك ورد الشك فيه على وجه المثال وذكر فرد من إفراد الرجس لا على وجه الانحصار فيه، أو ورد بالنوع الموجود فيهم منه فيكون معنى إذهابه سرعة زواله عنهم وعدم استمراره واستقراره لما روى في عدّة أحاديث انّ الامام إذا أراد ان يعلم شيئا أعلمه الله إيّاه في الحال.
وثامنها : انّه يكفى في جواز إذهاب الرجس عنهم على ما ذكره المعترض وجود بعض افراده ولا يلزم وجود الجميع قطعا وهو أعم من منافيات العصمة فلعلّ الأفراد التي كانت موجودة فيه على تقدير التسليم من غير منافيات العصمة ثم أذهب جنس الرجس كلّه.
وتاسعها: انّه يكفي في وجود الرجس على تقدير وجوده في بعضهم فلعلّه كان موجودا في غير البالغ منهم، ومعلوم انّ وقوع شيء من غير البالغ وان كان بصورة ذنب لا يكون ذنبًا لعدم تحريمه عليه وعدم كونه مكلفا بتركه اللهمّ الا ان تفرض في بعض تلك الإفراد حصول التغير إذ لا دليل على استحالة غيره كترك الصلاة وهو ابن شهر أو ستة ولا يمكن القول باستحالة ترك الصلاة مثلا على الإمام من أول وقت ولادته مع انّها من أعظم المعاصي فإذا كان نوع من الرجس موجودا في بعضهم ثم ذهب عنه صدق إذهابه عن الجميع.
وعاشرها: ان يكون المراد بإذهاب الرجس استمرار ذهابه وكثيرًا ما يطلق الفعل على استمراره كقول المصلي: اهدنا الصراط المستقيم وليس اعترافًا منه بعدم الهداية ولا إقرارًا بالضلالة بل طلبًا منه استمرار الهداية وارادة الاستمرار لا يلزم منها احتمال عدم الاستمرار بوجه وهو ظاهر ولعلّه السر في ذكر إرادة الإذهاب دون الإذهاب أو إشارة إلى احتياج الباقي الى المؤثر.
وربّما جعل إشارة الى عدم احتياجه اليه والحق انّه لا اشعار له بأحدهما وانّ مثل هذه الدلالات لا ينبغي الالتفات إليها ولا التعويل عليها وما يتخيّل من إرادة الإذهاب لا يستلزم الإذهاب فيحتمل أن يكون أراد ولم يفعل لا وجه له فإنّ الذي صرّح به جميع المحقّقين ودلت عليه الأدلة العقليّة والنقليّة هو انّ صفاته تعالى الذاتية عين ذاته وصفاته الفعليّة عين فعله فلا محل لتأخّر الفعل عنها وهي عينه و{إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} والله تعالى أعلم.
__________________
(1) واعتبار القلبيّ خ . ل.
(2) في المجمع عن ابن عباس: الرجس عمل الشيطان.