علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
العمل بظواهر القرآن الكريم.
المؤلف: الشيخ الجليل محمد بن الحسن المعروف بـ(الحر العامليّ).
المصدر: الفوائد الطوسيّة.
الجزء والصفحة: ص 163 ـ 195.
2024-09-19
288
فائدة رقم (48):
رأيت في بعض مصنّفات المعاصرين استدلالا على جواز العمل في الأحكام النظرية بظواهر القرآن المحتملة لوجوه متعددة: من النسخ، والتقييد والتخصيص والتأويل وغير ذلك وان لم يرد نص في موافقة مضمونها عنهم (عليهم السلام) ولا في تفسيرها منهم ولمّا رأيت ذلك خلاف النصوص المتواترة أحببت نقلها والجواب عنها.
فنقول: عرّف المعاصر أولا النص بأنّه اللفظ الدال على معنى راجح لا يحتمل النقيض، وعرّف الظاهر بأنّه اللفظ الدال على أحد محتملاته دلالة راجحة لا ينتفي معها الاحتمال ثم استدل على جواز العمل بالظاهر بوجوه.
الأول : قوله تعالى: (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) والرد الى الله هو الرد الى محكم كتابه كما جاءت به الرواية.
الثاني: قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ..) ذمّهم على اتباع المتشابه دون المحكم فلو كان المحكم مثله لم يكن كذلك.
الثالث: قوله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) ذمّ على ترك تدبره ولا ريب ان المراد بذلك الحث على العمل بمقتضاه إذ الشيء انما يكون مطلوبا لغايته.
الرابع: قوله تعالى : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) فالغرض منه وضوح المعنى.
الخامس: قوله تعالى : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) فاثبت العلماء استنباطا ومعلوم أنّه وراء المسموع منهم (عليهم السلام).
السادس: أمر بالأخذ به في الحديث المشهور على الإطلاق خرج منه المتشابه بالإجماع وبقي ما عداه.
السابع: الأمر بعرض الحديث المشكوك في صحته عليه.
الثامن: التوبيخ على ترك العمل به كما رواه ابن بابويه عن الصادق (عليه السلام) في جواب من قاله له انّ لي جيرانا يتغنين ويضربن بالعود فربّما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعًا منّي لهن فقال له الصادق (عليه السلام) بالله أنت أما سمعت الله (عزّ وجلّ) يقول: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (1).
التاسع: تعليم الاستدلال به كقول الباقر (عليه السلام) لزرارة في صحيحة المشهورة لمكان الباء وقول أبي عبد الله (عليه السلام) في رواية عبد الأعلى مولى آل سام حيث قال له: عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال تعرف هذا وأشباهه من كتاب الله، قال الله تعالى: (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) امسح عليه (2).
العاشر: وقوع الاحتجاج به في كلام الرواة وأقرّهم عليه الأئمّة على ذلك مثل قول زرارة ومحمد بن مسلم للباقر (عليه السلام) انّما قال الله: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ولم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك.
الحادي عشر: قول علي (عليه السلام) في وصف القرآن: ظاهره أنيق وباطنه عميق (3) ومعنى الأنيق الحسن المعجب فالظاهر غير بعيد من الفهم فيجب التعلق به لعدم المانع
الثاني عشر: قوله (عليه السلام): الا أن يؤتى عبد فهما في القرآن ولو لم يكن إلا الترجمة المنقولة منهم فما فائدة ذلك الفهم؟!
الثالث عشر: ما رواه الكليني في الكافي وغيره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: للقرآن ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق له تخوم وعلى تخومه تخوم (4).
الرابع عشر: قوله (عليه السلام) جعله الله ريًّا لعطش العلماء وربيعًا لقلوب الفقهاء، ومحاج لطرق الصلحاء، وشاهدًا لمن خاصم به ، وحاملاً لمن حمله ومطيّة لمن أعمله وآية لمن توسّم، وجنّة لمن استسلم وعلمًا لمن وعى، وحديثًا لمن روى وحكمًا لمن قضى (5).
الخامس عشر: قول فاطمة (عليها السلام) في خطبتها: لله عهد قدمه إليكم وبقيّة استخلفها عليكم كتاب الله بيّنة بصائره وآي منكشفة سرائره، وبرهان متجليّة ظواهره (6).
السادس عشر: انّ سد باب الظواهر يقطع الحجج على العامّة فيما ابتدعوا من غسل الرجلين في الوضوء ونحوه.
هذا ما استدل به المعاصر على ذلك ثم اعترض على نفسه بانّ كثيرًا ما تدل الآية على شيء بحسب الظاهر ويفسّرها الأئمة (عليهم السلام) بأمر غيره.
وأجاب بأنّه لا محذور في ذلك إذ إرادة المعنى الظاهري لا ينافي إرادة المعنى الباطني.
ثم اعترض أيضا على نفسه بأن قال: يتطرق القدح الى الاستدلال بالآيات المذكورة بأن يقال انّها دالة على وجوب اتباع المحكم وذم اتباع المتشابه ونحن في شك من دخول الظاهر في المحكم لإمكان دعوى الخصم كونه من المتشابه بل ربّما صرح بذلك ثم استدل على دخول الظاهر في المحكم بأمور:
الأول: ما دل على جواز العمل بالظاهر دل على كونه محكما إذ لو كان متشابها لما جاز العمل به.
الثاني: لو لم يكن الظاهر من المحكم لوجب أن يكون من المتشابه واللازم باطل لأنّ المتشابه المتماثل الذي لا يمتاز عن صاحبه إلا في يسير من المخالفة كما قالوه في قوله: (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) والظاهر راجح فلا يشابه المرجوح واعترض بان الاشتباه لعلّه من جملة الإرادة خصوصًا في العام فإنّه ما من عام الا وقد خصّ.
وأجاب بأنّه يجب الفحص ومع عدم الظفر يترجح انتفاءه واعترض بأنّ التمسّك بالعام مشروط بالقطع لعدم المخصص وعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
وأجاب بأنّ اللازم من ذلك تعطيل أكثر الأدلة.
الثالث: بما روى عن الصادق (عليه السلام) وقد سُئل عن القرآن والفرقان أهما شيء واحد فقال: القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به (7) واعترض بأنّه قيد للتخصيص فالذي يجب العمل به بعض المحكم لا الجميع وأجاب بأن اللازم من ذلك تقسيم المحكم الا ما يعمل به وهو باطل قطعًا.
الرابع : قول الرضا (عليه السلام): من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي الى صراط مستقيم (8) والمراد به رد العام الى الخاص كرد المجمل الى المبيّن لكن ذلك لا يخرجه من الدلالة على بقية العموم والا فلا فائدة في الرد.
الخامس: انّ الأمر الوارد باتباع المحكم يقتضي كون الظاهر منه لندرة النص بالنسبة إليه.
السادس: لا وجه لجعل الظواهر من الكتاب من المتشابه ومن اخبار أهل البيت من المحكم لأنّها لو كانت من المحكم كانت منه في كليهما وان كانت من المتشابه كانت منه في كليهما.
وقد ورد عن الرضا (عليه السلام) انّ في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن فردّوا متشابهها الى محكمها ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا(9).
السابع : انّ المشهور في تفسير المحكم وجوه:
الأول : انّه ما اتضح معناه وظهر لكل عارف باللغة.
الثاني. انّه ما كان محفوظًا من النسخ.
الثالث: ما كان محفوظًا من التخصيص.
الرابع : ما كان محفوظًا منهما.
الخامس: ما كان متضمنًا لترتيب الإفادة اما مع تأويل أو بدونه والظواهر من المحكم لإيضاح معناها ولأنّه لا يعمل بها الا بعد التفحص عن الناسخ والمخصص وظن عدمهما، ثم اعترض على نفسه بان المحكم هو المضبوط المتيقّن ولا شيء من الألفاظ كذلك سوى النص، وعرّفه بعضهم بأنّه ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا.
وأجاب بأنّ الواجب في كلام الشارع حمله على المعاني الشرعية ثم نقل عنهم (عليهم السلام) انّهم قالوا: المنسوخات من المتشابهات والمحكمات من الناسخات وقال: هذا شامل للنص فإن أريد به غير المنسوخ فهو شامل للظاهر المحفوظ من النسخ المطابق للحق واعترض بأنّ رد المحكم الى المتشابه انّما يكون بالتأويل والتأويل فيه يختص علمه بالله أو يختص بالأئمة (عليهم السلام) على القرائتين بالوقف على إلا الله.
وأجاب بأنّ المروي العطف والحمل قولهم نحن الراسخون على كمال الرسوخ فيه وان كان مجازا يدل عليه أمرهم بردّ المحكم الى المتشابه ثم نقل عن المانعين انّهم احتجّوا بالأخبار الواردة بالنهي عن تفسير القرآن إلا بالأثر وأجاب عنها عين محل النزاع إذا التفسير مخصوص ببيان غير الظاهر كالمجمل والمشترك ولا ريب في افتقار مثله الى النص والأثر والاجتراء على القول فيه بغيرهما افتراء على الله وقول عليه بغير علم فيكون باطلا بالعقل والنقل. انتهى كلام المعاصر وهو ظاهر الضعف.
والجواب عن الآيات المذكورة من وجوه:
أحدها: انّ الاستدلال بها دوري؛ لأنّه استدل بالقرآن على العمل بالقرآن وكونه دور واضح وحجيّة الدليل هنا موقوفة على حجيّة المدلول وبالعكس.
وثانيها: انّه دوريّ من وجه آخر وهو انّه استدلال بالظاهر على العمل بالظاهر وفساده واضح.
وثالثها: انّه دوريّ باعتبار آخر وهو انّ هذه الظواهر تفيد الظن والظواهر المستدل عليها كذلك فهو استدلال على الظن بالظن وقد اعترف الأصوليّون بأنّ القرآن ظني الدلالة قطعي المتن وانّ الحديث بالعكس.
ورابعها: انّ هذه الظواهر تفيد الظن كما قلناه وكما اعترفوا به لتوقف دلالتها على عدم النسخ والتخصيص والتقييد والتأويل وغير ذلك والنصوص الدالة على النهى عن العمل بالظن من الكتاب والسنة كثيرة وقد خصّها الأصوليّون بالأصولين فكيف يجوز لهم الاستدلال بدليل ظني في الأصول وهم لا يقولون بجوازه.
وخامسها: انّه لا نزاع في وجوب العمل بالقرآن وانّما الكلام في جواز العمل به من غير نص من الأئمة (عليهم السلام) في تفسيره موافقة ظاهره ونفي النسخ والتقييد والتخصيص والتأويل ونحوه ولا دلالة لهذه الآيات على جواز العمل بالظواهر من غير نص يوافقها من الحديث ومن غير ورود تفسيرها عنهم (عليهم السلام) بل هي قابلة للتقييد بذلك والنصوص الدالة على اشتراط ما قلناه كثيرة متواترة قد جمعنا منها في محل آخر ما يزيده على مائة وعشرين (10) حديثا يشتمل على تصريحات ومبالغات وعبارات لا تحتمل التأويل أصلا.
وسادسها: انّ الآيات المذكورة محتملة للاحتمالات السابقة والآتية وغيرها وقد تقرّر انّه إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال.
وسابعها: انّها معارضة بالآية التي يأتي ذكرها وما أجبتم به فهو جوابنا هنا ولعلّ تلك الآيات محكمة وهذه متشابهة أو تلك ناسخة وهذه منسوخة مع انّه لا يرد هناك اعتراض بالدور ونحوه لأنّه دليل إلزامي لكم بما تعتقدونه مع وجود الأحاديث المتواترة الصريحة في موافقة مضمونها وارادة ظاهرها وتلك الأحاديث غير محتملة للتقية بخلاف المذكورة في الاستدلال.
وثامنها: انّ الاستدلال بهذه الآيات موقوف على ثبوت كونها محكمة غير متشابهة ولا منسوخة ولا مؤولة الى غير ذلك ولا سبيل اليه.
وتاسعها: انّه لا دلالة في شيء من الآيات المذكورة على المطلوب بل هي دالة على نقيضه.
أما الأولى: فإنّما تضمّنت الأمر بالرد الى الله والرسول معا عند التنازع كما تدل عليه الواو العاطفة ولا دلالة لها على الاكتفاء بالرد إلى أحدهما وذلك مطلوبنا لا مطلوبكم فإنّ كل آية تحتمل وجوها كثيرة من النسخ وغيره ولا بد من التفحص عن ذلك ولا يتم الا بوجود نص صحيح صريح في معناها عن الرسول أو عن الامام فالآية مطلقة مطابقة لما ندعيه نهاية المطابقة.
وقد تواترت الأخبار عنهم (عليهم السلام) بوجوب العمل بالكتاب والسنة والعطف بالواو هنا أيضا يدل على ما قلناه.
ثم انّ هذه الآية معارضة على تقديران يراد بها ما قلتم بآيات أوضح منها دلالة وأعظم مبالغة وهي قوله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ).
وليس فيها تقييد بوجود آية موافقة لقوله وكذا قوله تعالى: (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وقوله تعالى: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وقوله تعالى: (لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وقوله تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) وقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) الى غير ذلك من الآيات التي يؤيدها النصوص المتواترة والأدلة العقليّة الدالة على وجوب الرجوع الى النبي والامام وحجيّة قولهما مطلقا فظهر أنّ الآية دالّة على خلاف مطلوب المعاصر.
وأمّا الثانية: فهي كذلك أيضا تدل على مطلوبنا لا على مطلوب المستدل؛ لأنّها صريحة في أنّ في القرآن محكما ومتشابها وانّ له تأويلا لا يعلمه الا الله والراسخون في العلم.
وقد تواترت النصوص عنهم (عليهم السلام) بذلك وصرّحت بأنّه لا يعلم المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والتأويل ونحو ذلك غيرهم (عليهم السلام) وذلك غير محتاج الى النص أيضا لظهور انّ كثيرًا من الآيات يحصل الشك فيها عند العلماء أنّها محكمة أو متشابهة وخصوصًا مع ما ذكره المعاصر وغيره من العلماء من اعتبار قيد عدم النسخ والتخصيص والتقييد ونحوها في المحكم.
وقد ورد به النص الصحيح عنهم (عليهم السلام) فتبيّن انّه ما من آية الا وهي تحتمل ان تكون متشابهة لاحتمال كونها منسوخة ودلالة الروايات على انّ المنسوخات من المتشابهات فلا بد من انضمام قول الرسول أو الإمام (عليهما السلام) ليحصل الأمر من ذلك والآيات السابقة والأحاديث المشار إليها سابقًا دالة على ذلك نصًّا صريحًا لا يقدر على دفعه منصف.
ثم قوله: ذمّهم على اتباع المتشابه دون المحكم، فيه أولا: انّه انّما ذمّهم على اتباع المتشابه مع إرادة الفتنة وارادة تأويله فيكون الذم مقيدا بثلاثة أشياء فكيف يجعله شاملا للأول بانفراده أو لاثنين مع فقد الثالث.
وثانيا: انّ الآية لا تدل على نفي الواسطة بين المحكم والمتشابه ولا فيها شيء من أدوات الحصر؛ لأنّه قال فيه آيات محكمات وأخر متشابهات ولعلّ هناك واسطة أو وسائط متعدّدة فلا بد من دليل الحصر.
ويحتمل كون الظواهر خارجة عن القسمين أو يكون بعضها من المحكم وبعضها من المتشابه فلا بد من التمييز وكل ذلك واضح والنصوص متواترة في انّ المراد بالراسخين في العلم في هذه الآية الأئمة (عليهم السلام).
وامّا الثالثة: فلا تدل على خلاف مطلبنا بل هي مؤيدة له وذلك انّ ما قبلها وما بعدها خطاب للكفار بل جميع السورة من أولها إلى آخرها متعلقة بالأصول من التوحيد والنبوة والمعاد وبعض الضروريّات من الفروع كالجهاد وذم الدنيا.
ومن المعلوم انّ هذه المطالب وأمثالها: لها أدلة عقليّة قطعيّة ولها نصوص نقليّة متواترة فالآيات الواردة في مثل ذلك يجوز العمل بها لورود ما يوافقها وحصول الأمن من كونها منسوخة والعمل هنا بالآيات مع الأدلة العقليّة والنقليّة وهذا غير محل النزاع ولا اشعار لها بجواز استنباط الأحكام النظريّة من الآيات التي لم يرد نص يوافقها أصلا وهذه الآية موجودة في سورة محمد (صلى الله عليه وآله) وقد عرفت الكلام فيها وهي موجودة أيضا في سورة النساء.
والأمر فيها أيضا كذلك لأن ما قبلها وما بعدها يتعلق بالأصول على انّها هناك صريحة في مطلبنا لأنّها هكذا: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ).
وقد ظهر منها توقف الاستنباط من القرآن على الرد الى الرسول والأئمة (عليهم السلام) بالنص وأيضا فظاهر الآية انّ ضمير يتدبّرون عائد إلى الكفار المذكورين سابقا المنكرين للنبوة والمعاد فلعلّهم أمروا بالتدبّر للقرآن ليفهموا ما فيه من الأدلة العقليّة الدالّة على نبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله) وعلى صحّة المعاد.
أو لعلهم أمروا بالتدبر ليعلموا انّ القرآن معجز دال على صدق الذي جاء به فيؤمنوا ويطيعوا أو ليعلموا عدم الاختلاف فيه فيعلموا انّه ليس من كلام البشر كما يفهم من سورة النساء على انّ الأمر بالتدبر لا يستلزم وجوب الجزم بإرادة ظاهر القرآن [ونفي النسخ ونحوه عنه بل لا يستلزم فهم القرآن] كما هو معلوم من أكثر الآيات قد تدبرها العلماء وعجزوا عن فهمها والفهم لا يستلزم وجوب العمل لإمكان كونه موقوفا على شرط آخر وهو الذي ذكرناه سابقا ولا تستلزم جواز الاستنباط منه من غير نص، ولا يخفى على منصف ان التدبّر لا يدل على جواز الاستنباط ولا على العمل بالظاهر بشيء من الدلالات على الظواهر المبحوث عنها لا يحتاج فهمها الى تدبّر وعند أكثر العارفين بلغة العرب فتعيّن توجه الأمر بالتدبّر الى غيرها فلا دلالة للآية على المطلوب.
وامّا الرابعة: فالاستدلال بها غلط لأن الظاهر منها انّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) ينذر الناس بلسان عربي مبين لأنّه قال: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) فيجوز كون الجار متعلقا بالمنذرين بل هذا أقرب فلا يكون فيه دلالة على مطلب المعاصر لأنّه ليس صفة للقرآن بل للسان الرسول (صلى الله عليه وآله) فيدل [على] مطلبنا وعلى تقدير كونه وصفا للقرآن لا دلالة فيه لأن لفظ مبين صفة للسان أو عربي ومن المعلوم ان اللسان العربي من شأنه أن يبين المعاني ويدل عليها دلالة أبلغ من دلالة غيره من الألسن لكي لا يلزم أن يكون كل كلام عربي ظاهر الدلالة واضح المعنى وليس في الكلام شيء من ألفاظ العموم وعلى تقديره فلا بد من تخصيصه فيخرج منه أفراد أكثر من أن تحصى وبعد تسليم عدم التخصيص لا ينتفي احتمال النسخ لوجوده فيه كثيرا فلا بد من موافقة قول الامام لما تواترت به النصوص المشار إليها.
وامّا الخامسة: فالاستدلال بها عجيب فإنّها نص صريح في خلافه لأنّه قال: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) وهي واضحة الدلالة على توقف الاستنباط من القرآن على رده الى الرسول والى الأئمة (عليهم السلام)، والنصوص في انّ المراد بأولى الأمر الأئمّة كثيرة ولا شبهة في ذلك فلا دلالة لها على جواز العمل بالظواهر من غير معرفة تفسيرها بالنص منهم وورود ما يوافقها عنهم ليعلم عدم النسخ والتأويل ونحوهما، على انّ ضمير ردّوه لا يلزم عوده الى القرآن بل الأقرب عوده الى الأمر المذكور في الآية فلا دلالة له على الاستنباط من القرآن أصلا بل لا يدل على استنباط حكم ذلك الأمر من الأمن والخوف بعد رده الى الرسول والأئمة (عليهم السلام) فيكون استنباط الحكم منهم (عليهم السلام).
وأمّا قوله أثبت للعلماء استنباطا وراء المسموع منهم.
فجوابه من وجهين:
أحدهما: لعلّ المراد لعلمه الذين يريدون الاستنباط منه كما في قوله تعالى: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) وغير ذلك لأنّه لا يستقيم ربطه مع اشتراط الرد الى الرسول والأئمة إلا بذلك.
وثانيهما: انّ يستنبطونه فعل مضارع للاستقبال ولا شك في وقوع الاستنباط من القرآن بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) لكن الآية لا تدل على جواز ذلك الاستنباط كله بل هي دالة على انّ من ردّه الى الأئمة (عليهم السلام) استنبطه منه بعلم ومن لم يرده إليهم استنبط منه بغير علم وفيها دلالة على ذم هذا القسم والمنع منه كما هو ظاهر مع تصريحات النصوص المتواترة المشار إليها.
ومن المعلوم انّ من ردّه إليهم (عليهم السلام) وعلم من جهتهم معنى الآية عرف منها حكما كليا تستنبط منه أحكام جزئياته وأفراده التي لا تحصى وليس فيها اذن في استنباط شيء سوى ذلك للتصريح بالشرط وذلك كله واضح عند المنصف فظهر انّ الآيات لا دلالة في شيء منها على المطلوب بل هي دالة على خلافه.
والجواب عن الوجه السادس: انّ الحديث المشار إليه ينبغي ذكر لفظه لنتكلم عليه وقد ذكر انّه يدل بطريق الإطلاق وهو قابل للتقييد بكل شرط يدل عليه دليل معتبر شرعا وقد عرفت ما يدل على الشرط الذي ندعيه من النص المتواتر ويأتي الجواب عنه بوجوه أخر.
وعن السابع من وجوه:
أحدها: انّ أكثر الأحاديث تضمّنت الأمر بعرض الحديثين المختلفين المشهورين الذين رواهما الثقات على الكتاب والسنة كما في حديث عمر بن حنظلة وغيره من الأحاديث الكثيرة والمفروض ثبوت الحديثين بقرائن أخر وبالتواتر والغرض انّما هو للترجيح فيكون العمل حينئذ بالقرآن والحديث معا لا بتلك الظواهر وحدها، وهذا لا نزاع فيه وعلى تقدير وجود نص مطلق يمكن حمله على ثبوت الحديث بوجوه أخر ووجود معارض له كما وقع التصريح به.
وثانيهما: بعد تسليم وجود نص صريح بالعرض عند الشك في الصحة لا يحتمل التأويل يمكن حمله على التقية لموافقته لمذهب جميع العامة ورواياتهم وهذا أقوى وجوه الترجيح والأحاديث التي أشرنا إليها سابقا لا يحتمل التقية.
وثالثها: انّ الحديث المدّعى وان كان مطلقا يمكن حمله على ما يوافق الأحاديث الكثيرة من عرض الحديث المشكوك فيه على الكتاب والسنة وقد صرح بذلك الكليني في أوّل كتابه (11) وفي أواخر كتاب العلم وقد تقرّر عندهم حمل المطلق على المقيد يمنعونه هنا ولا أقل من الاحتمال فيبطل الاستدلال ويصير استدلالا بظاهر ظن الدلالة [في مقابله نص متواتر قطعي الدلالة].
ورابعها: انّه عام قابل للتخصيص أو مطلق قابل للتقييد بالآيات التي علم تفسيرها وعدم نسخها وتأويلها من جهتهم (عليهم السلام) وقد تواترت النصوص باشتراط ذلك فلا وجه للتوقف فيه.
وخامسها: انّ الحديث المذكور ينبغي ثبوت صحة سنده وكونه محفوفا بالقرائن خاليا من معارض أقوى منه ولم يثبت شيء من ذلك فلا يجوز الاحتجاج به على المطلب عندهم ولا عندنا كما لا يخفى.
وسادسها: انّه بعد ثبوت صحة سنده لا يفيد عندهم الا الظن فكيف يجوز لهم ان يستدلوا به في الأصول وهو خلاف طريقتهم.
وسابعها: انّه خبر واحد فلا يعارض المتواتر من الأحاديث المشار إليها التي لا يحتمل التقية.
وثامنها: بعد التنزّل عن جميع ذلك نقول هذا يدل على جواز العمل بالآيات مع الأحاديث المفروضة فيكون موافقتها قرينة على ثبوت الحديث ولا يدل على انها حجة مستقلة عند الانفراد وذلك واضح عند الإنصاف.
وتاسعها: انّه يمكن كونه مخصوصا بآية يوافق ظاهر الاحتياط فيجوز العمل بها عند الاشتباه والحديث الضعيف مع عدم المعارض للنص المتواتر بالأمر بالاحتياط في هذه الصورة.
وعاشرها: انّ الاستدلال بحديث عرض الحديث على القرآن دوريّ؛ لأنّه بحسب عرضه أيضا على القرآن، فإن وافقه كان استدلالا بالقرآن على العمل بالقرآن وإن خالفه لم يجز العمل به ومهما أجبتم فهو جوابنا.
والجواب عن الثامن من وجوه:
أحدها: احتمال التقية كما مرّ.
وثانيها: انّه خبر واحد لا يعارض المتواتر.
وثالثها: انّ النزاع في آية لا يوافقها حديث عنهم (عليهم السلام) والآية المذكورة يوافقها أحاديث كثيرة تجاوزت حد التواتر في تحريم سماع بعض المسموعات ويؤمن من نسخها وتأويلها ونحوهما بالنسبة إلى الحكم المذكور فلا يدل على خلاف مطلوبنا
ورابعها: انّ النزاع انّما هو في الأحكام النظريّة وتحريم سماع بعض المسموعات ضروريّ بديهيّ وقد جزم السائل بعد تحريم سماع شيء كما يظهر من كلامه فلا يجوز الاستدلال بذلك على الآيات التي مضمونها نظري ليس فيه نص.
وخامسها: انّ الإنكار مخصوص بهذه الآية فحمل غيرها عليها قياس لا يليق بالإماميّة الاحتجاج به والالتفات اليه وكيف يجوز الاستدلال بفرد واحد على أمر كلي وعلى تقدير جواز العمل بالقياس كيف يجوز العمل به في الأصول وهو ظن
وسادسها: انا نقول إذا لم يرد نص يوافق ظاهر الآية ولا يخالفها واحتملت النسخ والتقييد والتأويل وغير ذلك لا يجوز الجزم بإرادة ظاهرها ولا الجزم بمخالفته ويجب التوقف عن الأمرين والعمل بالاحتياط وإنكار الامام على السائل للجزم بخلاف مضمون الآية بغير دليل ولعدم توقفه واحتياطه لا لعدم جزمه بظاهرها والواسطة موجودة وهي التوقف فلا يدل على مطلوبكم.
وسابعها: انّ الكلام في آية لا نص في مضمونها والنص هنا في تحريم سماع الغنى والملاهي متواتر، قد تجاوز حد التواتر ويبعد جدا أن لا يكون سمع السائل شيئا من تلك النصوص أصلا مع انّ اشتهارها في ذلك الزمان كان أقوى من هذا الزمان فلعلّ الإنكار لعدم العمل بظاهر آية قد وردت بمضمونها الروايات فلا يدل على مطلب المعاصر والفرق بين هذا والثاني ان هذا أخص منه.
والجواب عن الأخبار الباقية السبعة من وجوه:
أحدها: انّ الاستدلال بها دوريّ؛ لأنّه استدلال بالظواهر على العمل بالظواهر وليس شيء منها نصًّا لما يأتي من الاحتمالات الكثيرة القريبة.
وثانيها: انّ الاستدلال بها دوريّ؛ لأنّها لا تفيد الظن وكذلك الظواهر المستدل بها فيكون استدلالا بالظن على الظن وفساده واضح.
وثالثها: انّها اخبار آحاد فلا تعارض المتواترات.
ورابعها: انّها موافقة للتقيّة فتضعف عن معارضتها ولا تقاومه ويحمل على التقية.
وخامسها: انّها أخبار آحاد فلا يكون حجة في الأصول اتفاقا.
وسادسها: انّها لا تفيد الا الظن فلا يحتج بها في الأصول باعترافهم والا لزم رد الآيات والنص المتواتر في النهي عن العمل بالظن لأنّهم يدّعون انّهم يخصّونها بالأصول فلا يجوز لهم الاستدلال فيه بدليل ظنّي.
وسابعها: انّها محتملة للاحتمالات الكثيرة ويأتي بعضها وتقدّم أيضًا بعضها وإذا قام الاحتمال بطل الاستدلال.
وثامنها: انّا نقول بمضمونها بشرط معرفة تفسير الآيات من الأئمة (عليهم السلام) أو ورود نص يوافقها ليندفع الاحتمالات وتكون قد تمسكنا بالثقلين معا الذين من تمسك بهما لن يضل والنصوص على شرطية هذا الشرط صحيحة صريحة متواترة وليس في هذه الروايات تصريح بنفي شرطية هذا الشرط فنحن نعلم بالدليلين معا لعدم تنافيهما، والمعاصر ومن تابعة يردّون النص المتواتر الصريح المخالف لطريقة العامّة الموافق للاحتياط ويعملون بالآحاد التي ليست بصريحة ولا موافقة للاحتياط ولا سالمة من احتمال التقية.
وتاسعها: انّ الأخبار المشار إليها ينبغي ثبوت أسانيدها أو صحّة سند واحد منها ولم يثبت ذلك على قاعدتهم واما على قاعدتنا فلا بد من ظهور القرائن على صحتها وانتفاء معارض لها أقوى منها صحيحا فتكون ضعيفة على المذهبين اما في نفسها أو بالنسبة إلى معارضها وما كان منها صحيحا عندهم على تقديره لا دلالة فيه لما يأتي.
وعاشرها: انّا نقول بمضمونها لكنّها غير دالة على جواز الاستنباط من الآيات لكل أحد سواء فهم معناها أم لا فلعلها مخصوصة بمن فهم معناها وعرف عدم نسخها وهو الإمام أو من عرف ذلك بالسماع منه أو النقل عنه.
وحادي عشرها: أن يخصّها بالآيات التي يوافق ظاهرها الاحتياط لما مرّ.
وثاني عشرها: انّه لا دلالة في شيء منها على المطلوب أمّا رواية زرارة وقوله لمكان الباء فهو استدلال من الامام (عليه السلام) ولا شك في جوازه له لعلمه ولا يلزم جوازه لغيره لجهله وأيضا فهو استدلال بآية واحدة فالعمل به في غيرها قياس ولفظ الحديث لا عموم فيه أصلا وأيضا فلعلّه لتعليم الاحتجاج بالقرآن على العامّة وجعله دليلا إلزاميًّا وهذا يظهر من زرارة التشوق اليه واستدعاء الرخصة فيه من مواضع متعددة.
وأيضا فهو استدلال بالقرآن مع ورود النصوص الكثيرة في موافقته فلا دلالة فيه على جوازه فيما لا نص فيه أصلا.
وأيضا فهو يحتمل الحمل على التقيّة لموافقته للعامّة.
ومن هنا يظهر الجواب عن رواية عبد الا على وقوله فيها تعرف هذا... إلخ يحتمل الاستفهام بحذف أداته بل ربّما كان أقرب وعلى تقدير الاخبار فقد تقدّم وجهه.
وأيضا فالنصوص في هذه المسألة كثيرة فهي دالة على معنى الآية والدليل العقليّ والنقليّ دالان على بطلان تكليف ما لا يطاق وعلى سقوط كل واجب عند تعذّره ولا نزاع في العمل بالآيات التي توافقها الأدلة العقليّة والنقليّة ولا دلالة له على غير ذلك الّا بطريق القياس وهو باطل ومن المعلومات قطعًا انّ نفي الحرج بالكليّة غير مراد والّا لزم ارتفاع التكليف لأنّه يستلزم الحرج فتعيّن صرفه الى ما قلناه عقلا ونقلا.
وأيضا فهذا تصريح من الامام (عليه السلام) بدخول هذه المسألة في مضمون الآية ولولا الاحتياج الى النص في مثلها لكان عبثا ولعله ليس باستدلال بل هو حكم بدخول هذا الفرد في العموم ومن هنا يظهر أيضا وجه تقريرهم عليهمالسلام زرارة على الاستدلال على انه استدلال من طريق العامة كما صرح به في أول الخبر وأراد أن يتعلم ما يجيبهم به واستدلاله بعدم الأمر على عدم الوجوب لا يدل على انّ الأمر للوجوب بل هو أعم منه بل يمكن كون بعضه للوجوب وبعضه لغير الوجوب.
وأمّا بقية الأخبار فظاهر عدم صراحتها في المطلوب وعدم ظهور دلالتها عليه بل بعضها دال على مطلبنا كما لا يخفى.
ثم انّ ما ذكره المعاصر هنا معارض بما ورد عنهم (عليهم السلام) من الاستدلال بالقياس في أحاديث كثيرة جدا بل متواترة معنى فما أجبتم به فهو جوابنا وقد تقدّم ذلك ونحن نذكر نبذة يسيرة منه فإنّ هذا القسم أكثر من أن يحصى ويستقصى.
فمن ذلك حديث عبد الله بن يزيد عن ابى عبد الله (عليه السلام) قال: ليس في حب القرع والديدان الصغار وضوء انّما هو بمنزلة القمل (12).
وفي حديث زرارة عنه (عليه السلام) في المذي والوذي لا ينقض الوضوء وان بلغ عقبيك فإنّما ذلك بمنزلة النخامة.. الحديث (13).
وفي حديث بريد بن معاوية قال سألت أحدهما (عليهما السلام) عن المذي فقال: لا ينقض الوضوء ولا يغسل منه ثوب ولا جسد انّما هو بمنزلة المخاط والبصاق (14).
وفي حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في المذي قال: لا يقطع صلاته ولا يغسله انّما هو بمنزلة النخامة (15).
وفي حديث زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) في المذي أينقض الوضوء؟ قال: لا، ولا يغسل منه الثوب والجسد انّما هو بمنزلة البزاق والمخاط (16).
وفي حديث عبد الله بن سنان عنه (عليه السلام) قال: والمذي ليس فيه وضوء انّما هو بمنزلة ما يخرج من الأنف (17).
وفي حديث حريز عنه (عليه السلام) قال: المذي لا ينقض الوضوء انّما هو بمنزلة المخاط والبصاق (18).
وفي حديث آخر انّ المذي والوذي بمنزلة البصاق والمخاط فلا يغسل منهما الثوب ولا الإحليل (19).
وفي حديث الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) قال: لو لم يجب القصر في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة؛ لأنّ كل يوم بعد هذا اليوم فإنّما هو نظير هذا اليوم فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره إذ كان نظيره مثله لا فرق بينهما (20).
وحديث يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الجنازة يصلّى عليها على غير وضوء قال: نعم، انّما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبّر وتسبّح في بيتك على غير وضوء (21).
وحديث ابن مسكان عنه (عليه السلام) في رجل قطع رأس ميت قال (عليه السلام): عليه الدية؛ لأنّ حرمته ميتًا كحرمته حيًّا (22).
وحديث الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) فيمن وجد غمزا في بطنه أو أذى أو ضربانا وهو في الصلاة فقال: انصرف ثم توضأ وابنِ على ما مضى من صلاتك وان تكلّمت ناسيا فلا شيء عليك فهو بمنزلة من تكلّم في الصلاة ناسيا.. الحديث (23).
وحديث زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) فيمن فرّ بماله من الزكاة قال عليه أن يؤدّي ما وجب عليه وما لم يجب عليه فلا شيء عليه فيه. ثم قال: أرأيت لو انّ رجلا أغمي عليه يوما ثم مات فذهبت صلاته أكان عليه وقد مات أن يؤدّيها؟ أرأيت لو انّ رجلا مرض في شهر رمضان ثم مات فيه أكان يصام عنه؟ قلت: لا، قال فكذلك الرجل لا يؤدّي عن ماله الا ما حلّ عليه (24).
وحديث زرارة ومحمد بن مسلم عنه (عليه السلام) قال: أيّما رجل كان له مال فحال عليه الحول فإنّه يزكّيه. قلنا: فإن وهبه قبل حله بشهر أو يوم قال: ليس عليه شيء أبدًا. قال: وقال: انّما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في إقامته ثم خرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك إبطال الكفّارة التي وجبت عليه.. الحديث (25).
وحديث الحسين بن زيد عنه (عليه السلام) انّ عمر قال لعلي (عليه السلام) فهل يجوز شهادة الخصي؟ فقال: ما ذهاب لحيته الا كذهاب بعض أعضائه (26).
وحديث الحلبي عنه (عليه السلام) قال: أيّما رجل فجر بامرأة ثم بدا له ان يتزوجها حلالا قال: أوّله سفاح وآخره نكاح ومثله مثل النخلة أصاب الرجل من ثمرها حراما ثم اشتراها بعد فكانت له حلالا (27).
وحديث زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا بأس إذا زنا رجل بامرأة أن يتزوجها بعد وضرب مثل ذلك برجل سرق ثمرة نخلة ثم اشتراها بعد (28).
أقول: وأمثال ذلك كثير جدا وليس ذلك من المهمات والا كنا جمعنا من ذلك ما يتجاوز حد التواتر وانما أوردت منها ما خطر بخاطري في الحال ومن نظر الى كتاب العلل وغيره تبين ذلك وعلم أنهم عليهمالسلام كانوا يحتجون على العامة بما يعتقدونه من قياس وإجماع واستصحاب وأصل ومفهوم لقب ومصالح مرسلة ونحو ذلك ثم يصرحون بعدم حجيته ويعلمون الشيعة ما يحتجون به على العامة والا فإن من قال بإمامتهم لا يطلب منهم دليلا ، بل رأيناهم عليهمالسلام يستدلون بالشعر الذي لا حجة فيه كما تضمنه كتاب الزكاة من الكافي وغيره فيقولون أما سمعت قول الشاعر أما سمعت قول حاتم الطائي وأمثال ذلك كثير مما استدلوا فيه ببيت شعر على مطلب مهم ووجهه ما قلنا ومعلوم انه يحصل من مثل ذلك تقريب الحكم الى فهم السامع ويصير أقرب الى القبول والبلاغة في كلام المطابق لمقتضى الحال.
وفي بعض الأخبار عن الصادق (عليه السلام) انّما سُمّي البليغ بليغًا؛ لأنّه يبلغ حاجته بأهون سعيه (29).
والجواب عن السادس عشر: ظاهر بعدما تقدّم لأنّ لنا ان نستدل عليهم بما يعتقدونه ولا يقدرون على رفعه وخصوصا في مثل غسل الرجلين في الوضوء الذي هو ضروري منصوص نصا متواترا وانّما الكلام في الظواهر التي لم يرد تفسيرها ولا يوافقها نص.
وقد ثبت عنهم (عليهم السلام) من اعتقد شيئا لزمه حكمه وروي: ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم (30).
وأمّا الجواب عمّا استدل به على دخول الظاهر في المحكم فهو ظاهر وتوضيحه فنقول.
أمّا الأول: فجوابه انّ ما استدللتم به قد ظهر عدم دلالته وكثرة معارضه.
وأمّا الثاني: فجوابه انّه لا محذور فيه بل هو محتمل والتبعيض أيضا غير بعيد خصوصا مع ملاحظة ما يأتي التصريح منه به في تفسير المتشابه وقد عرفت عدم الانحصار في المحكم والمتشابه واحتمال الواسطة وقوله بوجوب الفحص ان أراد من جهة الأئمة (عليهمالسلام) فهو عين ما نذهب اليه وان أراد أعم فهو دعوى في محل المنع.
وإذا وقع التفحص ولم يوجد نص لم يمكن القطع على نفي الاحتمالات وتعطيل أكثر الأدلة ممنوع، بل لا يأتي بشيء منها لكثرة النصوص في تفسير آيات الأحكام وغيرها وكثرة وجود نصوص توافق تلك الظواهر أو تخالفها ولا يكاد يوجد انّه خالية من ذلك عند التتبّع التام الا القليل النادر والتوقّف والاحتياط راجح هناك إجماعا وانّما الخلاف في وجوبه.
وأمّا الثالث : فقد ظهر جوابه مما مر.
وأمّا الرابع : فالجواب انّ قوله: من رد متشابه القرآن إلى محكمه لا يدل على إمكان ذلك لكل أحد ولا على الأمر به ولا يبعد أن يراد به انّ الأئمة (عليهم السلام) ومن يتعلم ذلك منهم أو من أحاديثهم بل لا بد من التخصيص بذلك لما أشرنا إليه من النص المتواتر بأنّه لا يعلم المحكم والمتشابه والعام والخاص وأمثال ذلك غيرهم (عليهم السلام) وانّه يجب على الناس الرجوع إليهم فيه وفي أمثاله على انّ الخبر المشار اليه ضعيف جدا عندهم فكيف يجوز لهم الاستدلال به خصوصا في الأصول مع ما قلناه وكيف يجوز قول معارضه وهو متواتر.
وأمّا الخامس: فالجواب عنه انّا نمنع من وجود تلك الأوامر ان ادّعي كونها مطلقة بل النص دال على وجوب العمل بها بعد معرفة المحكم والمتشابه من جهتهم (عليهم السلام) والعلم بعدم النسخ ونحوه لما ذكرنا ولما يأتي.
وامّا السادس: فالجواب عنه انّه لا مانع من جعل الظواهر القرآن من المتشابه وظواهر الأحاديث من المحكم ووجهه انّ ظواهر القرآن تحتمل من النسخ والتأويل وغيرهما ما لا يحتمله ظواهر الأحاديث وهذا واضح أيضا فإنّا مأمورون برد القرآن الى الإمام وسؤاله عن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ونحو ذلك وقد وردت النصوص بأنّه لا يعلم ذلك أحد غير الإمام ولسنا بمأمورين برد الأحاديث التي سمعناها من الإمام أو ثبت عندنا نقلها الى أحد فظهر الفرق.
وأيضا لا مانع من كون بعض الظواهر من المحكم وبعضها من المتشابه كما تقدّم بل تحتمل كونها واسطة بينهما غير داخلة في أحدهما إذ لا دليل على الحصر ولا على تمييز كل من القسمين.
وأمّا حديث الرضا (عليه السلام) فلا دلالة فيه على مطلب المعاصر لوجوه:
أحدها : انّه خبر واحد ولا يكون حجة في الأصول.
وثانيها: انّه ضعيف السند على مذهب المعاصر فلا يجوز الاستدلال به في الفروع ولا في الأصول.
وثالثها : انّه يمكن كونه مخصوصا باحاديثهم التي ينقلونها عن النبي (صلى اللهعليه وآله) وقد وردت روايات كثيرة صريحة في ذلك وفي أنّ أحاديثه (عليه السلام) يقع فيها النسخ والتأويل وغير ذلك كما يقع في القرآن بخلاف أحاديث الأئمة (عليهم السلام) ووقع التصريح في بعض النصوص المعتمدة بأنّ القرآن ورد على قدر فهم النبي (صلى الله عليه وآله) وأحاديثه (عليه السلام) على قدر فهم الأئمة (عليهم السلام) وأحاديث الأئمّة على قدر فهم الأمة.
ورابعها: انّه لمخصوص بالأحاديث المختلفة لقولهم (عليهم السلام) فردّوا متشابهها الى محكمها وهذا صريح في التعارض والا لم يكن الرد.
وخامسها: انّ الأمر بالرد صريحا هنا، وعدم الأمر به في القرآن كما نقله المعاصر وهو حديث واحد يدل على إمكان ذلك في الحديث لا في القرآن وقد وقع التصريح به في نصوص كثيرة.
وأمّا السابع: فالجواب عنه ظاهر بعدما تقدّم وما أشرنا إليه بل جميع ما أورده فيه وفيما بعده دال على مطلبنا وقد علم أنّ معنى المتشابه أيضا متشابه وكذلك معنى المحكم وقد اختلفوا في تفسيرهما فكيف يدّعى أنّ أفرادهما متميّزة لا يشتبه بعضها ببعض مع أنّ كل آية خصوصا آيات الأحكام بالنسبة إلى الأحكام النظرية إذا قطعنا النظر عما عداها محتملة بالاحتمالات الكثيرة جدا وأقلها النسخ والتأويل فلا بد من الرجوع الى المعصوم لما مر.
ثم انّ إيجاب العمل بالظاهر والجزم بأنّه من المحكم وعدم تجويز الحكم بإرادة الظاهر والمنع من تفسيره تناقض عجيب فإنّ العمل به يستلزم الحكم بإرادة ظاهره وجواز تفسيره وكيف يجوز عند العاقل أن يجزم بظاهر آية ويستبيح بها الفروج والأموال واراقة الدماء ثم يقول لا أعرف معناها ولا يجوز لي تفسيرها ولا أعلم أنّ ظاهرها مراد أم لا ولا أعرف شمولها بهذه الإفراد ولا أدري هي ناسخة أم منسوخة مخصصة أو عامّة مطلقة أو مقيّدة ويجوز عندي كون ظاهرها غير مراد ويمكن أن يكون له تأويل آخر لم يخطر ببالي ولا ببال أحد فإنّه لا يعلم تأويله إلا الله وكل ذلك تناقض يمتنع منه العقل والنقل وهذا ظاهر واضح قطعي عند كل من له أدنى انصاف والله الهادي.
فصل:
في الاستدلال على عدم جواز استنباط الأحكام النظريّة من ظواهر القران المحتملة للنسخ والتخصيص من التقييد والتأويل وغيرها الا بعد معرفة تفسيرها من الأئمة (عليهمالسلام) وانتفاء تلك الاحتمالات ولو بنص عنهم يوافق ظاهرها.
اعلم انّ لنا ان نستدل بالقرآن ولا يلزم التناقض لوجهين:
أحدهما : انّه دليل إلزامي للخصم؛ لأنّه يعتقد حجيّة تلك الظواهر مطلقا.
وثانيهما: وجود النصوص المتواترة المخالفة للتقيّة الموافقة لتلك الظواهر فاستدلالنا في الحقيقة بالكتاب والسنة معا ولا خلاف في وجوب العمل بهما.
إذا عرفت ذلك فنقول: الأدلة على ذلك كثيرة جدا ولنذكر هنا وجوها:
أحدها : قوله تعالى في سورة النساء: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)، و(وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) دلّت على وجوب رد القرآن الى الرسول والأئمة (عليهم السلام) وعلى توقّف الاستنباط منه على ذلك وهذا نص واضح صريح وقد وردت الأحاديث الكثيرة في تفسيرها بذلك وان المراد بأولى الأمر الأئمة عليهمالسلام وعلى تقدير عود ضمير ردوه الى الأمر فالقرآن داخل فيه.
وثانيها : قوله تعالى في سورة النساء: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) دلت على وجوب الرجوع إليهما معا فلا يبرء المكلف من العهدة بالرد إلى أحدهما لكن من رد الى الرسول فقد رد إليهما للآيات الكثيرة والروايات المتواترة وما دل على الأمر باتباع الرسول (صلى الله عليه وآله ، ومن ردّ الى الكتاب وحده لم يكن راد إليهما لاحتمال النسخ وغيره وعدم العلم بتفسير الرسول له.
وثالثها: قوله تعالى فيها: (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً ) دلت على وجوب الرجوع إليهما معا كما تقدم.
ورابعها: قوله تعالى فيها: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) وهي صريحة في العموم وتمييز الناسخ من المنسوخ والعام من الخاص ونحو ذلك مما يحتاج إليه في فهم القرآن مما شجر بينهم فمن لم يرجع فيه الى الرسول عليهالسلام لم يكن مؤمنا بحكم الآية ومعلوم بالنصوص الى من رد إلى الأئمة فقد رد اليه وان علمه عندهم وان علمهم منه.
وخامسها : قوله تعالى فيها (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) دلّت على تهديد من تولى عن طاعته وترك الرجوع اليه وعمومها شامل لمن تولى عنه في تمييز الناسخ من المنسوخ والعام من المخصوص وعمل برأيه وظنه القاصر في تفسير القران وتأويله وهو المطلوب.
وسادسها : قوله تعالى فيها ( وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ ) ذمّهم على اتباع الظن عند الاختلاف والشك وهو شامل لما نحن فيه وهذا دال على عدم حجية شيء من الاستنباطات الظنية.
وسابعها : قوله تعالى في سورة البقرة ( كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) جعل الحكمة الداعية إلى إرسال الرسول تلاوة الآيات على الناس وتعليم الكتاب وما لا يعلمون.
فقد اثبت الاحتياج الى تعليم الكتاب بعد تلاوة الآيات وكذلك كل ما لا يعلم ومن جملته بيان الناسخ من المنسوخ وتفسير القرآن وتأويله وهي نص في ذلك ودلالتها على وجوب العمل بالعلم لا بغيره واضحة والأحاديث في ذلك متواترة.
وثامنها : قوله تعالى في سورة آل عمران: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ) وهي نص صريح في أن فيه محكما ومتشابها وان له تأويلا لا يعلمه الا الله والراسخون.
وقد تظافرت الأخبار بأنّهم الأئمّة (عليهم السلام) وانّه لا يعلم تأويل القرآن الا الله وهم، وانّ أكثر الآيات لها تأويل خلاف ظاهرها وانّه لا يعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والعام والخاص والتفسير والتأويل غيرهم وانه يجب الرجوع في جميع ذلك إليهم ودلالة الآية على ذلك ظاهرة بل نص.
وتاسعها: قوله تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ومثلها في سورة الجمعة ودلالتها على المطلوب ظاهرة كما مر.
وعاشرها: قوله تعالى في سورة بني إسرائيل: (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) وهي نص واضح في النهي عن اتباع ما لا يفيد العلم وتلك الظواهر لا تفيد الا الظن كما اعترفوا به.
وحادي عشرها: قوله تعالى في سورة الأنبياء: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقد ورد نصوص كثيرة جدا انّ المراد بأهل الذكر الأئمّة (عليهم السلام) فوجب سؤالهم عن كل ما لا يعلم ومن جملة ما نحن فيه ولا شبهة ان الشك والظن غير العلم وإنكاره مكابرة.
وثاني عشرها: قوله تعالى في سورة يونس: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلّا يَخْرُصُونَ) ذمّهم على اتباع الظن والظواهر المذكورة لا تفيد غير الظن كما اعترفوا به ولو كان جائزا لاستحقوا المدح لا الذم ولا يرد انّهم يخصونه بالأصول لأنّه تخصيص بغير دليل لما يأتي من رد شبهتهم وقد ذكروا انّ خصوص السبب لا يخصص العام فكيف اغمضوا عنه هنا على أنّا نراهم يعتمدون في الأصول على أدلة ظنية أو بعض مقدماتها ظنية خصوصا أصول الفقه فإنّه لا يكاد يوجد لهم فيه دليل غير ظني.
وثالث عشرها: قوله تعالى في سورة حم السجدة: (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنّارُ مَثْوىً لَهُمْ) والاستدلال بها قد مر توجيهه بل هذه الآية دالة على أنّ العمل بالظن من الكبائر للوعيد عليه بالنار وقد تقدّم الجواب عن تخصيصه بالأصول على أنّ ذلك من العامّة ونحن مأمورون باجتناب طريقتهم في النصوص المتواترة.
ورابع عشرها: قوله تعالى في سورة الجاثية: (وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلّا يَظُنُّونَ) ودلالتها واضحة بعدما تقدّم وفيها تصريح بليغ بمباينة كل من العلم والظن الأخر، ومثلها كثير فبطل قول العامّة وبعض المتأخّرين من الخاصّة بأنّ العلم المأمور بتحصيله والعمل به هو مطلق الرجحان الشامل للقطع والظن وهذا يستلزم التناقض في كلام الله والرسول والأئمة (عليهم السلام) لتواتر الأمر بالعمل بالعلم والنهي عن العمل بالظن فكيف يدّعى عاقل مسلم أن أحدها هو الأخر وانّما ذلك من تمويهات العامّة ومغالطاتهم.
وخامس عشرها: قوله تعالى في سورة الحجرات: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) وهذا دال على مطلبنا انّ كل فرد من إفراد الظن يحتمل كونه إثما فتعيّن اجتنابه وليس فيها تصريح بجواز ترك اجتناب بعض الإفراد لما تقرّر من صدق الموجبة الجزئية في عادة الموجبة الكليّة ولو تنزّلنا لقلنا لا يخرج من ذلك الا ظن دل على جوازه أو حجيته دليل شرعي تام كظن الخير بالمؤمنين كما هو المناسب لسياق الآية وما قبلها فبقي الباقي.
وسادس عشرها: قوله تعالى في سورة النجم: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) ذمهم على اتباع الظن فلا يكون جائزا والا لاستحقوا المدح.
وسابع عشرها: قوله تعالى فيها: (وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) وهي نص واضح الدلالة مشتمل على التأكيد والمبالغة.
وثامن عشرها: قوله تعالى في سورة الأنعام: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلّا يَخْرُصُونَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) دلالتها واضحة على تحريم العمل بالظن وعدم جواز تقليد من يعمل بالظن ومعلوم ان تلك الظواهر لا تفيد غيره.
وتاسع عشرها: انّ النصوص المتواترة دلّت على وجوب مخالفة طريقة العامّة وما اخترناه مباين لها وقد دلت عليه الأحاديث المتواترة وكل ما كان كذلك فهو حق وما اختاره المعاصر موافق للعامّة مخالف للنصوص المتواترة وكل ما كان كذلك فهو باطل يتعيّن رده أو حمله على التقيّة وموافقته للعامّة أوضح من أن يحتاج الى بيان، وأصله قول أبي بكر وعمر: حسبنا كتاب الله (31).
والمتمّم العشرين: الأحاديث المتواترة عن الأئمة (عليهم السلام) الصريحة فيما اخترناه وقد أوردنا منها في كتاب القضاء من وسائل الشيعة ما تجاوز حد التواتر وجمعنا باقيها في موضع آخر وهي تزيد على مأتين وعشرين حديثا لا تقصر سندا ودلالة عن النصوص على كل واحد من الأئمة (عليهم السلام) فمن أرادها فليرجع إليها ان شاء الله ودلالتها في غاية الصراحة والوضوح، وقد تضمّنت انّه لا يعلم المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والعام والخاص وغير ذلك إلا الأئمة (عليهم السلام) وانّه يجب الرجوع إليهم في ذلك وانّه لا يعلم تفسيره ولا تأويله ولا ظاهره ولا باطنه غيرهم ولا يعلم القرآن كما انزل غيرهم وانّ الناس غير مشتركين فيه كاشتراكهم في غيره وان الله انّما أراد بتعميته ان يرجع الناس في تفسيره الى الامام وانّه كتاب الله الصامت والامام كتاب الله الناطق ولا يكون حجة إلا بقيم وهو الامام وانّه لا ورث علمه إلا الأئمة ولا يعرف ألفاظه ومعاينة غيرهم وانّه لاحتماله للوجوه الكثيرة يحتج به كل محق ومبطل وانّه انّما يعرف القرآن من خوطب به (32) الى غير ذلك من التصريحات التي هو أوضح دلالة من النصوص كنص الغدير ونحوه وأظهر تواترا من أكثر النصوص.
الحادي والعشرون: انّ كل آية يحتمل النسخ والتأويل وغيرهما إذا قطعنا النظر عمّا سواها فلا يوثق بجواز العمل بها من غير أن يقترن بها حديث عن الأئمة (عليهم السلام).
الثاني والعشرون: انّ تعريف المتشابه صادق على كل آية من آيات الأحكام بالنسبة إلى الأحكام النظريّة لاحتمال كل واحدة منها بل كل لفظه بوجهين فصاعدا إذا قطعنا النظر عن الأحاديث مضافا الى احتمال النسخ وغيره.
الثالث والعشرون: انّ النص المتواتر وإجماع الإماميّة دلا على انّ الذي نزل من القرآن قراءة واحدة وانّ الباقي رخّص في التلاوة به في زمن الغيبة وليس عندنا دليل على جواز العمل بكل واحدة من القراءات مع كثرتها جدا وكونها مغيرة للمعنى غالبًا.
الرابع والعشرون: انّ ظواهر القرآن أكثرها متعارضة بل كلّها عند التحقيق وليس لنا قاعدة يدل عليها دليل يعتد به المنصف في الترجيح هناك وانّما وردت المرجّحات المنصوصة في الأحاديث المختلفة مع قلّة اختلافها بالنسبة إلى اختلاف ظواهر الآيات فلو كنّا مكلفين بالعمل بتلك الظواهر القرآنيّة من غير رجوع في معرفة أحوالها الى الامام لوردت عنهم (عليهم السلام) مرجّحات وقاعدة كليّة يعمل بها كما وردت هناك.
الخامس والعشرون: انّا وجدنا جميع أهل المذاهب الباطلة والاعتقادات الفاسدة يستدلون بظواهر القرآن استدلالا أقوى من الاستدلال على الأحكام التي استنبطها المتأخّرون من آيات الأحكام بآرائهم فلو كان العمل بتلك الظواهر من غير رجوع إلى الأئمة (عليهم السلام) في تفسيرها ومعرفة أحوالها من نسخ وتأويل وتخصيص وغيرها لزم صحة جميع تلك المذاهب الباطلة من الجبر والتفويض والتشبيه وخلافة أبي بكر وعمر وغيرهما، بل الشرك والإلحاد ونفي الإمامة والعصمة بل مذهب المباحية بل مذهب النصيريّة كما تضمّنت كتاب كنز الفوائد وغيره من استدلالهم وكذا جميع المذاهب الباطلة والى هذا أشار الصادق (عليه السلام) بقوله: احذروا فكم من بدعة قد زخرفت بآية من كتاب الله ينظر الناظر إليها فيراها حقًّا وهي باطل (33).
السادس والعشرون: انّ ذلك لو جاز لزم الاستغناء عن الامام (عليه السلام) لأنّه ما من مطلب من مطالب الأصول والفروع الا يمكن بان يستنبط من ظاهر آية وآيات فأي حاجة الى الامام وقد صرّح بنحو ذلك القاضي عبد الجبّار (34) وغيره من علماء العامّة وذلك مباين لطريقة الإمامية معارض لأدلة الإماميّة واللازم باطل فكذا الملزوم.
السابع والعشرون: الأحاديث المتواترة الدالة على وجوب الرجوع الى الامام في جميع الأحكام وانّه لا يجوز العمل فيها الا بقوله وقد جمعنا في كتاب وسائل الشيعة منها ما فيه كفاية وجميع أدلة الإمامّة توافقها وتؤيدها وليس لها معارض يقاومها كما عرفت.
الثامن والعشرون: الحديث المتواتر بين الفريقين وهو قوله (عليه السلام): إنّي تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض (35) دل على وجوب التمسّك بهما معا فمن تمسّك بالكتاب ولم يرجع في تفسيره ومعانيه إلى العترة لم يكن قد تمسّك بهما والا لزم كون العامّة المستدلين بتلك الظواهر قد تمسّكوا بهما؛ لأنّهم يعترفون بفضل العترة وهو واضح البطلان ولو علم معاني الكتاب وقدر على الاستنباط منه غير العترة لافترقا وهو خلاف النص لكن من تمسّك بالعترة كان قد تمسّك بهما لأنّهم لا يخالفون الحق من تلك الظواهر المتعارضة وأكثر تلك الظواهر مخالفة للعترة فظهر الفرق والى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: هذا كتاب الله الصامت وأنا كتاب الله الناطق (36). فظهر الترجيح.
فإن قلت: فما فائدة ذكر الكتاب مع العترة؟ قلت: له فوائد منها: ان الكتاب معجزة النبوة ودليل صحة الإسلام.
ومنها: انّ امامة العترة وحجيّة أقوالهم (عليهم السلام) تعلم من الكتاب وروايات غير العترة النص عليهم لا منهم للزوم الدور.
ومنها: انّه مرجّح قوي عند تعارض أخبار العترة.
ومنها: انّه يمكن الاحتجاج به على العامّة؛ لأنّهم يعتقدون حجيّة تلك الظواهر، فلنا ان نحتج به عليهم فيما وافق أحاديث العترة.
ومنها: انّه مؤيّد عظيم لأحاديث العترة.
ومنها: انّه مشتمل على مطالب مهمة متواترة فيه صريحة مؤيدة للأدلة العقليّة القطعيّة كآيات التوحيد والعدل والاخبار بالقيامة وبطلان تكليف ما لا يطاق وغير ذلك.
ومنها: انّ فيه من الحكم والآداب النافعة المتواترة الضروريّة ما لا يحصى من آيات الرهب والوعظ والتذكير وغير ذلك من المطالب النافعة في الدين والدنيا.
ومنها: انّه دال على وجوب الرجوع الى العترة في تفسيره وتأويله والاستنباط منه والاستدلال به كما ذكرناه سابقا الى غير ذلك فهذه جملة من المقام ونبذة من الاستدلال اقتضاها الحال مع ضيق المجال وهي كافية لأرباب الكمال الذين يعرفون الرجال بالحق لا الحق بالرجال ولا يضرّها عدم قبول الجهّال والله تعالى أعلم بحقائق الأحوال.
__________________
(1) الفقيه ج 1 ص 80 والآية في سورة الإسراء.
(2) راجع الوافي ج 1 ص 55 باب وضوء من بأعضائه آفة.
(3) نهج البلاغة ص 66 ط فيض الإسلام.
(4) الكافي ج 2 ص 599 ح 2.
(5) نهج البلاغة ط فيض الإسلام خطبة 189 ص 632.
(6) البحار للعلامة المجلسي (ره) ج 92 ص 13 ح 5.
(7) البرهان ج 1 ص 21 ح 5.
(8) الوسائل ج 3 ص 382 باب وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة.
(9) عيون الأخبار ج 1 ص 290.
(10) على مائتين وعشرين ـ خ.
(11) الكافي ج 1 ص 8 ـ 69.
(12) الوافي ج 1 باب الأحداث التي توجب الوضوء.
(13) الوسائل ج 1 ص 37.
(14) الوسائل ج 1 ص 37
(15) أيضا ص 37.
(16) أيضا ص 37 ط القديمة.
(17) الوسائل ج 1 ص 38 ص 37.
(18) الوسائل ج 1 ص 38 ص 37.
(19) الوسائل ج 1 ص 38 ص 37.
(20) الفقيه ج 1 ص 455 ط الغفاري.
(21) الكافي ج 3 ص 178.
(22) الوسائل ج 3 ص 500 ط القديمة.
(23) الوسائل ج 1 ص 442 ط القديمة.
(24) في المصدر: الا ما حال عليه الحول. ارجع ج 3 ص 526.
(25) الكافي ج 3 ص 525 ح 4.
(26) الوسائل ج 3 ط القديمة.
(27) الكافي ج 5 ص 356.
(28) الوسائل ج 3 ص 55 ـ ص 418.
(29) راجع البحار ج 78 ص 241.
(30) الوسائل ج 3 ص 351 ط القديمة.
(31) البحار ج 8 ط القديمة ص 262 ـ 265.
(32) راجع البرهان ج 1 ص 18 ح 3.
(33) أقول وفي البحار: وكم من ضلالة زخرفت بآية من كتاب الله. وهو من كلام المسيح (عليه السلام) راجع ج 2 ص 96.
(34) في كتابه المغني.
(35) أخرجه البحراني (ره) في البرهان من طريق الخاصّة والعامّة راجع ج 1 ص 9 ـ 26.
(36) أورده أيضا في الوسائل مرسلا راجع ج 3 كتاب القضاء ص 371 وفي البحار ج 8 كتاب الخلفاء ص 264.