1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

أحاديث وروايات مختارة

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

الحديث والرجال والتراجم : علم الحديث : مقالات متفرقة في علم الحديث :

حديث قياس إبليس.

المؤلف:  الشيخ الجليل محمد بن الحسن المعروف بـ(الحر العامليّ).

المصدر:  الفوائد الطوسيّة.

الجزء والصفحة:  ص 30 ـ 33.

2024-07-30

586

فائدة رقم (6):
حديث قياس إبليس مرويّ عن عدّة طرق في الكافي وغيره وفي بعضها أنّ أول من قاس إبليس حيث قاس نفسه بآدم فقال: خلقتني من نار وخلقته من طين.
فلو قاس الجوهر الذي خلق منه آدم بالنار كان ذلك أكثر نورًا وضياءً من النار (1).
أقول: لا يخفى أنّ المراد من الأحاديث المشار إليها ذم القياس وإبطاله بإبطال هذه الصورة ليظهر فساد القياس المتعارف وذلك من وجوه اثنا عشر:
أحدها: أن يكون المراد أنّ إبليس قاس نفسه بآدم فدلّه قياسه الفاسد على أنّه خير من آدم حيث أنّه خلق من النار وخلق آدم من طين وأخطأ في القياس فإنّه لو عرف حقيقة ما خلق منه آدم وهو النور الذي هو أشرف من النار وأكثر ضياء منها لعلم أنّ قياسه معكوس عليه فإن كان جاهلا بحال المقيس والمقيس عليه لم يجز القياس وكان فاسدًا وان كان عالمًا كان أشد فسادًا وكان كقول أبي حنيفة: قال علي وقلت أنا (2).
فعلى التقدير الأول لا يعلم القياس وجه القياس فلا يحصل له العلم بالمساواة بين المقيس والمقيس عليه وقد يكون في الواقع القياس كقياس إبليس وعلى التقدير الثاني فالأمر أوضح فسادًا حيث ترك ما يعلم الى ما لا يعلم كما ترك أبو حنيفة قول أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) الذي لا حجة فوقه الى القياس فظهر بطلان قياس إبليس وإن لم يكن من قبيل قياس أبي حنيفة وأمثاله ومنه يظهر بطلان قياسهم من حيث أنّهم في أكثر المواضع التي عملوا فيها بالقياس خالفوا الأئمة (عليهم ‌السلام) فإمّا أن يكونوا جاهلين بحال الأصل والفرع فلا يجوز لهم القياس أو عالمين فهم (عليهم ‌السلام) أعلم منهم وعلى التقديرين يلزم بطلان القياس.
وثانيها: أن يكون المراد أنّ أصحاب القياس على تقدير علمهم بحال الأصل والفرع إنّما يعلمون الظاهر من حالهما وحكم الله (عزّ وجلّ) غالبًا يكون متعلقًا ببواطن الحقائق وأكثر الحكم الشرعيّة غير ظاهرة لنا فكلّ صورة من صور القياس يمكن أن تكون كقياس إبليس حيث قاس على ما ظهر له من حال النار والطين وغفل عن حال ذلك الجوهر والنور ولو علم به لعلم أنّ القياس باطل منعكس عليه.
وثالثها: أن يكون المراد أنّ ما من صورة من صور القياس إلا ويمكن معارضتها بما هو مثلها أو أقوى منها كهذه الصور لكثرة الأصول التي يمكن القياس عليها وكثرة العلل التي يمكن استنباطها بل المنصوصة أيضًا كما يظهر لمن نظر أحاديث العلل.
ورابعها: أن يكون المراد أنّ في هذه الصورة يدل القياس على بطلان القياس وكذلك أكثر صورة فيلزم منه بطلانه مطلقا هذا على تقدير كون قياس الثاني على وجه الحقيقة وهذا الوجه قريب من الذي قبله وفيه إشارة إلى جواز الاستدلال على الخصم بما يعتقده حجة وان كان في نفسه باطلا ولذلك ترى المتقدّمين من أصحابنا يستدلون على المسائل في الظاهر بطريقة المخالفين وفي الباطن عملهم انّما هو بقول المعصومين (عليهم ‌السلام) صرّح بذلك السيد المرتضى (ره) في رسالة أفردها لذلك.
وخامسها: أن يكون المراد أنّ أول من قاس إبليس الذي هو أعدى أعداء الله وأصفيائه وهو دال على ذم مطلق القياس بل إبطاله؛ لأنّه سنّة عدو الله والباعث على خلاف مراد الله.
وسادسها: أن يكون المراد أنّ أول صورة اتفق العمل فيها بالقياس كان قياسها فاسدًا باطلا منتقضا وهو دليل على ذم مطلق القياس أيضا.
وسابعها: أن يكون المراد أنّ أول قياس عمل به كان في مقابلة النص الصحيح الصريح الذي لا معدل عن العمل به بعد المراجعة والممانعة وهو دليل على ذم مطلق القياس كما مرّ ويشير إليه قولهم (عليهم ‌السلام) أنّ أبا حنيفة كان يقول: قال على وقلت ويضاف الى ذلك ما تقرّر من أنّ لله في كل مسألة حكما معينا منصوصا عليه عند الأئمة (عليهم ‌السلام) فكل قياس لا تعلم موافقته النص ويحتمل كونه مقابلا فيكون فاسدًا كقياس إبليس وما كان منه موافقًا لا حاجة إليه بل يجب أن يكون العمل بالنص.
وثامنها: أن يكون المراد أنّ أول صورة عمل فيها بالقياس كانت مستلزمة للتكبّر والافتخار والحسد، ونحوها من المفاسد القبائح فظهر بطلان القياس وفساده.
وتاسعها: أن يكون المراد أنّ أول قياس عمل به كان سببًا للفساد الكلي والجزئي الواقع في العالم (3) وناهيك بذلك دليلا على فساده وبطلانه فقد عرفت أنّ ذلك كان سبب كفر إبليس وعداوته لبني آدم وتسليطه عليهم فانجر الأمر الى كل فساد وقع في الأرض وكل فساد يقع الى يوم القيامة بل ولعذاب من يعذب ويخلد في النار أبد الآباد.
وعاشرها: أنّ القياس كان أول باعث على إنكار الشريعة ومقابلتها بالتكذيب واستعمال الظن في مقابلة العلم والعمل بالهوى والرأي وفي ذلك مفاسد لا تحصى.
وحادي عشرها: أنّ أول صورة عمل فيها بالقياس كانت كبيرة وذنبًا لا يغفر ولا يكفّره شي‌ء.
وثاني عشرها : أن يكون المراد أنّ قياس إبليس بحسب الظاهر كان واضح الصحة والرجحان من حيث إنّ المخلوق من التراب مستحق لأن تسجد له الملائكة فالمخلوق من النار يجب أن يكون أعظم رتبة منه فلا يجب السجود عليه لمن خلق من التراب كما لا يجب السجود على الثاني للأول وهو مع كونه بحسب الظاهر جليا فاسدا فكيف بالخفي ولا يدل على جواز القياس في منصوص العلة ولا قياس الأولويّة لما يظهر من آخر الحديث من عدم استدلاله (عليه‌ السلام) بالقياس على حكم أصلا ولو سلّمنا استدلاله (عليه‌ السلام) بصورة من القياس لم يدل على جوازه مطلقا؛ لأنّ من المعلوم أنّ علمهم عليهم ‌السلام غير مستند الى القياس بل مأخوذ عن النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) عن الله (عزّ وجلّ) بل لو فرض استناد علمهم إليه وجوازه لهم لم يدل على جوازه لغير المعصوم كما لا يخفى والله تعالى أعلم.
وقد روى علي بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن إسحاق بن جرير قال: قال أبو عبد الله (عليه ‌السلام): أي شي‌ء يقول أصحابك في قول إبليس: خلقتني من نار وخلقته من طين؟ قلت: جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله في كتابه قال كذب إبليس لعنه الله يا إسحاق ما خلقه الله الا من طين ثم قال: قال الله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80] خلقه الله من تلك النار وخلق النار من تلك الشجرة والشجرة أصلها من طين (4).
واعلم أنّه يفهم من الأحاديث المشار إليها ومن عدّة أحاديث ومن عبارات جماعة من فقهائنا أنّ القياس كان يطلق عندهم على مطلق الاستنباط والاستدلال الظني؛ لأنّه يرجع الى القياس أو يكون دليل حجية القياس ومن تأمّل الأحاديث تحقق ذلك ولهذا كانوا يطلقون المقاييس على جميع طرق الاجتهاد كما في مناقشات الصدوق ابن بابويه مع الفضل بن شاذان ويونس بن عبد الرحمن وهنا كلام آخر يأتي في بعض الفوائد إن شاء الله تعالى.

__________________
(1) الكافي ج 1 ص 58 ح 18.
(2) الكافي ج 1 ص 57 ح 13.
(3) في العلم ـ خ.
(4) تفسير القمي ج 2 ص 244 ط: النجف الأشرف.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي