x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية العلمية والفكرية والثقافية :

مظاهر حضارية

المؤلف:  السيد الدكتور سعد شريف البخاتي

المصدر:  الثقافة العقليَّة ودورها في نهضة الشعوب

الجزء والصفحة:  ص119 ــ 124

2024-06-24

103

من أبرز مظاهر ثقافة الشعوب هو اهتمامها بالمطالعة، وإعطاؤها الوقت الكافي واللازم لها. يقول ألبرت هيوبارد (لن يكون هناك بلد متحضر حتى ينفق على الكتب أكثر مما ينفق على شراء العلكة).

فهل نحن كشعب وكأمة نتمظهر بهذه الظاهرة الصحية الحضارية؟!

هناك بعض الإحصائيات، التي تتحدث عن المطالعة في الدول الإسلامية أو العربية عندما يطّلع عليها المرء يصاب بالذهول لأول وهلة، ثم يصاب باليأس.

ما هي ردة فعلك عندما تقرأ التقرير الآتي:

وقد تستغرب عندما تقرأ التقرير الذي يطلعنا عليه الكاتب عدنان غادر في مقالٍ له تحت عنوان: (مأساة القراءة في الوطن العربي.. هل ما زال خير جليس في الزمان كتاب) جاء فيه: (جاء في تقرير التنمية الإنسانية العربية، والذي أشرف عليه المئات من الخبراء والعلماء والباحثين ووصلوا إلى النتيجة المذهلة القائلة: إن ثلث الرجال ونصف النساء في الوطن العربي لا يقرؤون، فهل القراءة مؤشر الحياة؟ أم الحياة مؤشر القراءة؟

من ناحيةٍ أخرى، قالت منظمة اليونسكو في تقرير لها عن القراءة في الوطن العربي: إن المواطن العربي يقرأ 6 دقائق في السنة مع ملاحظة أن هذه الإحصائية محذوف منها قراءة الصحف والمجلات، والكتب الدراسية وملفات العمل وقراءة التقارير، وقراءة كتب التسلية.

وتتفق مختلف الدراسات والإحصاءات تحول معدلات القراءة في العالم العربي، والتي تظهر أن معدل قراءة المواطن العربي سنوياً ربع صفحة، في الوقت الذي تبين فيه أن معدل قراءة الأمريكي 11 كتاباً، والبريطاني سبع كتب في العام.

واعتبر خبراء ومثقفون أن نتائج هذه الدراسات ليست مستهجنة بالنسبة لهم أو لأصحاب القرار، فجميعهم يدركون هذا الأمر ولا يستهجنونه. وفي الوقت الذي حمل فيه بعضهم الظروف الاقتصادية والسياسية المسؤولية، اعتبر آخرون أن هذه الظروف يجب أن تكون حافزاً للقراءة لا العكس).

ولكن قد تسأل هل أن العيب في الكتاب أم....؟

لا أريد أن أنزّه الكتّاب والمؤلّفين عن كل تقصير، فهناك عدد من الكتب لم تكتب بداعٍ إصلاحي، ولم ينظر إلى إسعاف الحالة الاجتماعية وما تعانيه من تدهور ثقافي واجتماعي وأخلاقي وعلمي و.....

ولكن ليس هذا هو المشكلة الأساس، بل هناك مشكلة أهم. هناك حقيقة لا بد من الاعتراف بها، وهي أننا أمة ليست قارئة، نحن أمة لا نقرأ ما ينفعنا، ولا نقرأ ما يحاك ضدنا.

قام صحفي هندي يدعى كاراينجا بنشر كتاب تحت اسم (خنجر إسرائيل) عام 1957، ونشر في الكتاب حواراً أجراه مع وزير الحرب الإسرائيلي موشي ديان، قال في حواره: إن إسرائيل ستدمر كل الطائرات المصرية في موطنها، وبذلك تصبح السماء لنا، وبذلك تحسم الحرب (قبل حرب 67). وكشف الصحفي عن وثيقة سرية إسرائيلية لتقسيم أرض العرب إلى إقامة دولة إسرائيل الكبرى من نهر النيل إلى الفرات من خلال تقسيم العراق إلى 3 دول هي: (سنية في الوسط - شيعية في الجنوب - كردية في الشمال ينضم إليها كل الأكراد من الدول المحيطة)، سوريا تقسم إلى 3 دول: (سنية - علوية - درزية)، لبنان تقسم إلى دولتين: (شيعية في الجنوب، ومارونية في الشمال)، السودان إلى 3 دول، مصر إلى 3 دول.

وعندما سأل الصحفي ديان عن كشفه لمثل هذا المخطط كان رده: (إنَّ العرب لا يقرؤون).

وأكثر من ذلك، فقد يدّعى أن ظاهرة عدم القراءة قد تكون مقصودة، فهناك من يستفيد من عزل الأمة عن الكتاب؛ ولذا يقول الأديب الأميركي راي برادبوري: ليس عليك أن تحرق الكتب لتدمر حضارة، فقط اجعل الناس تكف عن قراءتها ويتم ذلك).

وهناك كلام طويل في هذا المجال لا حاجة لذكره، فإن نظرة سريعة إلى الحياة اليومية لما يحيط بك من أبناء أمتنا، ينبئك عما هو أبشع بكثير من هذه التقارير.

إلا أن المهم ليس نقد الواقع - وإن كان مهماً - وإنما الأهم منه هو بيان العلاج اللازم للتخلص من هذه الظاهرة الكارثية في ثقافة أمتنا كما يعبر عنها البعض.

كيف نعيد حالة المطالعة ومجالسة الكتاب، والتلهف لطلب العلم والمعرفة بين أوسع مساحة ممكنة من أبناء مجتمعنا، الذي التهمه اللهو بما لا ينفعه إذا لم نقل إنه يهدد حياته ومستقبله بالخطر؟

ولكن لا مكان لليأس في النفوس التي آمنت بالحي الذي لا يموت، لا مكان لليأس في النفوس التي آمنت بالقادر الذي لا يعجز، التي آمنت بالواحد الذي أخرج يوسف من البئر، وجعله بعد العبودية ملكاً، والذي فلق البحر لموسى، والذي نصر محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) في مشروعه الحضاري؛ ليصنع من قبائل العرب - التي ترفل بالجهل - أمة متحضرة، تطمح أن تسوق الأمم نحو الخير ونور العلم والمعرفة.

نحتاج في نهضتنا إلى شيء واحد، وهو العمل.. العمل.

فلنشخّص الغاية التي نريد الوصول إليها، ونرسم الخطط لبلوغها، لنبدأ العمل، لقد سئمنا وسئمت أمتنا من اليأس، فلم نر إلا الكلام.

فإذا أردنا التخلص في هذه الظاهرة - انعدام القراءة والمطالعة، وبالتالي انحسار الثقافة - التي تقف في وجه مشروع النهوض بالأمة، فعلينا أن نضع خطة العمل، وليبدأ كل منا من موقعه ومكانه وقابلياته (لا تستحِ من إعطاء القليل، فإنَّ الحرمان أقل منه) (1).

ولا يصح لنا التشاؤم والنظر إلى المجتمع نظرة سوداوية مطلقة، بل يضم المجتمع بين شرائحه نماذج ذوي كفاءات عالية في ميادين شتى، قد غمرتهم الظروف، وحجبتهم عن القيام بوظائفهم.

ومن خلال المطالعة وصداقة الكتاب، يمكن لهؤلاء أن يجدوا أنفسهم ومكانتهم، ليجدوا - فيما بعد - أمتهم وطموحاتها، وما تمتلكه من مؤهلات للنهوض.

ومن أجل إعادة الكتاب إلى أحضان الأمة، وجعله يحتل مكانته اللائقة به كأمر مهم لإحياء الثقافة، ويحتل المكانة اللائقة بالأمة من كونها أُمة متحضرة، يُعد الكتاب جزءاً من تراثها وحضارتها، بل هو وصية ربها (2).

فمن أجل ذلك، لا بد أن تتخذ الجهات المعنية والمثقفون وأصحاب الاهتمام بالشأن الثقافي بعض الإجراءات؛ لإنعاش هذه الظاهرة الحضارية، وإحيائها في وسط الأمة، والتي منها:

الأول: الاهتمام بتأسيس مكتبات عامة للمطالعة في شتى التخصصات الأدبية، والتاريخية والعلمية والفكرية. وتهيأ فيها قاعات للمطالعة تستهوي القرّاء.

وليس مرادنا إنشاء مكتبة أو اثنتين، بل لا بد من تكثيرها بحيث تكون في أغلب أنحاء المدينة؛ لتكون في متناول الجميع، فلا يحتاج القارئ أن يقطع المسافات ليصل إلى بغيته، والذي قد يثير حالة التكاسل من الذهاب إليها.

الثاني: إقامة الندوات الفكرية الحوارية في أهمية المطالعة، ودورها في تنضيج الوضع الثقافي للأمة، وبثها في قنوات الإعلام؛ ليتسنى للجميع الاطلاع عليها.

الثالث: الدعوة إلى كتابة بحوث ودراسات ومقالات في مختلف المجالات، على أن تكون الدعوة عامة، ويقدم فيها جوائز للفائزين بالمراتب الأولى، فإن لهذا أثره الكبير في حث الشارع إلى المطالعة والمساهمة الثقافية.

الرابع: التصعيد الإعلامي حول ثقافة إدارة الوقت، وهكذا سائر الأمور التنموية والتوعوية، من خلال إقامة الورشات والدورات و.......

الخامس: إقامة مؤتمرات داخل كل محافظة حول الكتاب، يتم الدعوة فيها إلى انتخاب أفضل كتاب في المحافظة أو الكتب المكانية الأول، ومن ثم تشترك الكتب الفائزة من جميع المحافظات لانتخاب الأفضل على مستوى القطر.

السادس: التأسيس لإصدار مجلة أو صحيفة في كل مدينة - وإن كانت صغيرة - تعنى بالجانب الثقافي والتنموي

السابع: السعي وراء البناء الثقافي، لا التراكم الكمي، وتفعيل دور الثقافة العقلية بشكلها الصحيح.

الثامن: دعوة أصحاب الاختصاص في كل جانب، ومنها التخصصات العقلية؛ للمشاركة في نشاطات ثقافية من قبيل الندوات، لتفعيل ثقافة ذلك التخصص في وسط الأمة.

كما نتمنى على وزارة الثقافة تفعيل مساعيها في هذا الجانب، وإبراز دورها وتظهيره على متن الواقع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ نهج البلاغة، الإمام علي (عليه السلام)، الكلمات القصار، 67.

2ـ إشارة الى قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5]