1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية العلمية والفكرية والثقافية :

المفهوم التقليدي للمنهج الدراسي

المؤلف:  الأستاذ الدكتور محمود العيداني

المصدر:  دروس منهجية في علم النفس التربوي

الجزء والصفحة:  ص 535 ـ 544

2024-12-03

178

يتوقع من الطالب في نهاية هذا الدرس ما يأتي:

1- التعريف بالمفهوم التقليدي للمنهج الدراسي.

2- تشخيص المبادئ التي يقوم عليها المنهج بمفهومه التقليدي.

3ـ تبيين أهمية دراسة المناهج المدرسية.

4- توضيح ما يتطلبه إعداد المنهج بمفهومه التقليدي.

5ـ تبيين الآثار المترتبة على الأخذ بالمفهوم التقليدي للمنهج على عناصر العملية التعليمية المختلفة.

مقدمة الدرس

لا بد لكل من يكتب في التعلم أن يتعرض للمنهج التعليمي، فهو من جملة أهم عناصر العملية التعليمية التعلمية.

المطلب الأول: المفهوم التقليدي للمنهج الدراسي

المنهج بمفهومه التقليدي عبارة عن مجموعة المعلومات والحقائق والمفاهيم التي تعمل المدرسة على إكسابها للتلاميذ، بهدف إعدادهم للحياة وتنمية قدراتهم عن طريق الإلمام بخبرات الآخرين والاستفادة منها.

وإذ إن هذه المعلومات كانت تقدم في صورة مواد دراسية مختلفة موزعة على مراحل الدراسة وسنواتها، فمعنى ذلك أن المنهج بمفهومه التقليدي هو مجموعة المواد الدراسية التي يتولى المتخصصون إعدادها. ويقوم التلاميذ بدراستها (1)، ومن هنا أصبحت كلمة مرادفة لكلمة (المقرر الدراسي) (2).

ومع كل أسف، فإن هذا المفهوم التقليدي للمنهج ما زال مستخدماً حتى  الآن لدى عامة الناس، بل ولدى الكثير من القائمين على العملية التعليمية.

المطلب الثاني: ما يتطلبه إعداد المنهج الدراسي بمفهومه التقليدي

ولو تأملنا المفهوم التقليدي المتقدم للمنهج، لرأينا أن إعداده يتطلب القيام بسلسلة من الخطوات، وهي:

أولاً: تحديد المعلومات اللازمة لكل مادة وفقاً لما يراه المتخصصون في هذه المادة، ويتم ذلك في صورة موضوعات مترابطة أو غير مترابطة تشكل محتوى المادة.

ثانياً: توزيع المواد الدراسية على مراحل وسنوات الدراسة.

ثالثاً: إعداد الكتب الدراسية لكل مادة وفقاً للموضوعات التي تم تحديدها.

رابعاً: توزيع موضوعات المادة الدراسية على أشهر العام الدراسي. خامساً: تحديد الطرق والوسائل التعليمية المناسبة لتدريس موضوعات المادة الدراسية.

سادساً: تحديد أنواع الأسئلة والامتحانات المناسبة لقياس تحصيل التلاميذ في كل مادة.

والمنهج التقليدي بطبيعته يركز تركيزاً شديداً على المعلومات، حتى أصبحت هدفاً في حد ذاتها، وأصبحت العملية التعليمية مرتبطة بهذه المعلومات ارتباطاً وثيقاً، فالكتاب المدرسي يمثل المصدر الأساس لتزويد التلاميذ بهذه المعلومات، ثم يتولى المدرس شرحها وتبسيطها وتحليلها والتعليق عليها، ويقوم التلميذ بفهمها أو حفظها أو استيعابها وتعمل الامتحانات على قياسها.

والمنهج بهذا المفهوم يتطلب نوعية خاصة من المعلمين المتخصصين في المادة الدراسية، المتعمقين فيها إلى أقصى درجة، والقادرين على توصيلها إلى التلاميذ بطرق ووسائل وأساليب شتى. ويتطلب أيضاً - نوعية من التلاميذ القادرين على استيعاب هذه المواد الدراسية والإلمام بكل أجزائها ومحتوياتها، وما يتبع ذلك من إعداد كتب دراسية تتضمن كل المعلومات التي يجب الإلمام بها، على أن تقدم إلى التلاميذ في تنظيم منطقي يتجه من السهل إلى الصعب، ومن البسيط إلى المركب، ومن الجزء إلى الكل، ومن الماضي إلى الحاضر، وفقاً لطبيعة المادة الدراسية نفسها، وتبعاً لذلك، فهذا المنهج يتطلب أيضاً - نوعاً من الامتحانات التي تقيس كمية المعلومات التي استوعبها التلاميذ، ومدى قدرتهم على حفظها أو فهمها (3).

المطلب الثالث: الآثار السلبية للأخذ بالمفهوم التقليدي للمنهج الدراسي

رأينا أن المنهج بمفهومه التقليدي يركز على المعلومات والحقائق والمفاهيم، وقد أدى هذا التركيز إلى إهمال معظم جوانب العملية التربوية، وعناصر العملية التعليمية التعلمية، ونتيجة لذلك، فقد كان لذلك مجموعة من الآثار السلبية، منها:

أولاً: آثار متعلقة بالمادة الدراسية

تعد المادة الدراسية لهذا المفهوم التقليدي هي الغاية، فمن أجلها تفتح المدارس، ويعد المدرسون، ويتعلم التلاميذ، بل إن كل ما يجرى في المدرسة من تنظيمات إدارية وأنشطة تعليمية يجب أن يكون في خدمة تحصيل التلاميذ للمعلومات التي تشتمل عليها المواد الدراسية. ويتحقق نموهم وتعليمهم عندما يحفظوا هذه المعلومات ويكونوا قادرين على ترديدها. ونتج عن ذلك أن تضخمت المقررات الدراسية نتيجة للزيادة المستمرة في المعرفة بجوانبها المختلفة واتجه المتخصصون في كل مادة دراسية إلى إدخال إضافات مستمرة، ترتب عليها ازدحام المنهج بالمواد الدراسية وبالمعلومات الكثيرة.

وهذا التضخم في المواد الدراسية أذى في الغالب إلى عدم العناية بربط المواد الدراسية بعضها ببعض، فلم يعد بينها ترابط أو تكامل فأصبحت المعرفة التي تقدمها للتلاميذ مفككة، ما أدى إلى تجزئة خبرة التلاميذ وضعف قدرتهم على الاستفادة من المواد الدراسية في الحياة العملية.

ونتج عن التضحم أيضاً إهمال الدراسات العملية، بالرغم من أهميتها التربوية في اكتساب المهارات، وإشباع الميول، والقدرة على التفكير العلمي، وأصبحت الدراسات النظرية التي تعتمد على الإلقاء والشرح هي السائدة في الغالب (4).

ثانياً: آثار متعلقة بالمعلم

وظيفة المعلم في ظل المنهج التقليدي نقل المعلومات التي وردت في الكتب المدرسية المقررة، فحصر اهتمام المعلم في هذه الكتب فقط، أدى إلى عدم اتساع مداركه.

وإن اهتمام المعلم بأن يتقن التلاميذ المادة الدراسية بوصفها هدفاً أساساً للمدرسة لا يهيئ فرصاً أمام هذا المعلم لفهم طبيعة أفراد تلاميذه من جميع نواحيها بوصفه أساساً لتوجيه كل تلميذ التوجيه التربوي اللازم له، أي: إن المنهج التقليدي لا يساعد على وجود فرص أمام المعلم يقوم فيها بتوجيه تلاميذه التوجيه الذي يساعد كلا منهم على النجاح في الحياة بوصفهم عنصراً عاملاً يفيد في المجتمع.

وبما أن حفظ المعلومات هو الغاية، فقد أهمل المعلم ربط هذه المعلومات بالحياة العملية للتلاميذ، ما أقام حاجزاً بين ما يدرسه التلاميذ في مدرستهم وبين ما يجرى في بيئتهم من حرف وصناعات.

وتركيز المعلم في ظل المنهج التقليدي على المعلومات فقط، جعله يهمل نمو جوانب مهمة في التلاميذ من قبيل: قدرتهم على التفكير العلمي، واكتسابهم للاتجاهات والميول العلمية، وتكوين العادات الإيجابية، وغرس القيم في نفوسهم ليصبحوا مواطنين صالحين.

وعلى المعلم في ظل هذا المنهج جعل التلاميذ هادئين تماماً في أماكنهم دون أية حركة أو تقديم اقتراحات خاصة تخرج عن المقرر لأنها مضيعة للوقت، وفي هذا حرمان للتلاميذ من الابتكارية والتدريب على النقد البناء.

وأخيراً: فإن أساس الحكم على عمل المدرس ومستوى تدريسه هو ناتج تلاميذه في امتحان المواد الدراسية أكثر من أي شيء آخر (5).

ثالثاً: آثار متعلقة بالتلاميذ

ينظر المنهج التقليدي إلى التلميذ نظرة سلبية؛ فالتلميذ في هذا المنهج ينظر إليه على أنه محدود الأفق والخبرة، وأن كل ما عليه هو أن يستقبل ما يقدمه له الكبار، وإن الذي يهمه أكثر، معرفة ما يمكن أن يفيده في حياته المستقبلية. وعليه أن يحفظ ما يقدم وكأن عقله مخزن للمعلومات أما أن يفكر التلميذ ويأخذ دوراً إيجابياً ونشطاً في عملية التعلم، فهذه أمور لا يركز عليها المنهج، ولا يوليها أي اهتمام.

وكذلك لم يعمل المنهج التقليدي على النمو الشامل للتلميذ، فيقصد به النمو في الجوانب كافة، وإنما اهتم فقط بجانب المعلومات، وأهمل بقية الجوانب الأخرى العقلية والاجتماعية والنفسية والجسمية والفنية، والإبداعية. وأغفل اهتمامات التلاميذ، ما أدى إلى التقليل من درجة تركيز التلاميذ وانتباههم، وانصرافهم عن الدراسة، وكرههم للمدرسة، وعدم إقبالهم على الدراسة بحماس.

ولا يراعى المنهج التقليدي الفروق الفردية بين التلاميذ؛ مع أن هؤلاء يختلفون في ما بينهم في القدرات، فخاطب هؤلاء التلاميذ بأسلوب واحد والمدرس يشرح للجميع بطريقة واحدة، والامتحانات واحدة للجميع.

واعتقد واضعو المنهج التقليدي أن المعلومات التي يكتسبها التلاميذ تؤدي إلى تعديل سلوكهم، وهذا خطأ فاحش؛ فالمعرفة وحدها ليست كافية لتوجيه السلوك الإنساني كما هو واضح، فتوجيه السلوك، وتكوين العادات والاتجاهات الإيجابية، يأتي من التدريب والممارسة على السلوك المرغوب فيه بالترغيب والتكرار، والتشجيع والتحذير، والقدوة الصالحة (6).

علاوة على ما تقدم، فإن اعتماد التلميذ على الكتاب المدرسي والمدرس جعله يعتاد السلبية وعدم الاعتماد على نفسه؛ فالمدرس يقوم بشرح وتبسيط المعلومات والربط بينها، وعلى التلميذ أن ينصت ويستوعب، وأن يحل له المعلم المشكلات التي تقابله، وهذا يحرمه من التدريب على قدرات التفكير العلمي والنقد البناء.

وإن ازدحام المنهج المدرسي بمواد دراسية ومعلومات كثيرة، يصعب على التلاميذ استيعاب بعضها أو معظمها من جهة، وإنها تشجع أيضاً التنافس الأناني بين التلاميذ بدلاً من أن تدربهم على التعاون للوصول إلى الأهداف المشتركة (7).

رابعاً: آثار متعلقة بالنشاط المدرسي والحياة المدرسية

تركيز المنهج التقليدي على اكتساب المعلومات وإتقانها، أدى إلى إهمال الأنشطة بأنواعها كافة: ثقافية، واجتماعية ورياضية، فلم تلجأ إليها المدارس إلا للترفيه عن التلاميذ، ولم تتح لها الوقت الكافي، مع دورها الفعال في العملية التربوية.

ولم يكن إقبال التلاميذ على النشاط كبيراً، وذلك لأنهم كانوا يسعون وراء حفظ المعلومات، وإتقان المادة الدراسية، ليحصلوا على الشهادة التي يسعون إليها.

وأصبحت الحياة المدرسية بالنسبة إلى التلميذ حياة استبدادية قائمة على الإرغام والإرهاب والعقاب البدني كي يتقن التلاميذ المادة الدراسية، وبناء على ذلك، أصبحت المدرسة في نظر كثير من التلاميذ مكاناً غير مرغوب فيه، فأصبحوا يتحينون الفرص للتغيب عنها، والهروب منها، فلا يوجد بها ما يشوقهم إليها ويتفق مع ميولهم. فيعمل البعض منهم على مضايقة مدرسيهم، ويفرحوا لتغيب أحدهم، ويعملون على تدمير الأدوات والمنشآت كلما أمكن ذلك (8).

خامساً: آثار متعلقة بالبيئة

تهدف التربية في النهاية إلى إعداد الفرد للتفاعل والتكيف مع بيئته والإسهام في حل مشكلاتها، والعمل على دفع عجلة التقدم فيها، وتتخذ المنهج وسيلة للوصول إلى هذه الغاية، فهل يحقق المنهج التقليدي هذا الهدف؟

إن العملية التربوية في المنهج التقليدي تدور حول ما تتضمنه الكتب المدرسية، وأغلبها معارف ومعلومات شبه ثابتة لا يطرأ عليها سوى التعديلات الطفيفة. أما الحياة في البيئة حول المدرسة، فتتغير بمعدل أسرع، ومن هنا، حدثت في ظل المنهج التقليدي هوة كبيرة بين ما يدور في البيئة وما يدور في مجتمع هذه المدرسة (9).

خلاصة الدرس

1- المنهج بمفهومه التقليدي مجموعة المعلومات والحقائق والمفاهيم التي تعمل المدرسة على إكسابها للتلاميذ، بهدف إعدادهم للحياة، وتنمية قدراتهم عن طريق الإلمام بخبرات الآخرين والاستفادة منها.

2- يتطلب المفهوم التقليدي للمنهج سلسلة من الخطوات، وهي: تحديد المعلومات اللازمة لكل مادة وتوزيع المواد الدراسية على مراحل وسنوات الدراسة، وإعداد الكتب الدراسية لكل مادة وفقاً للموضوعات التي تم تحديدها. وتوزيع موضوعات المادة الدراسية على أشهر العام الدراسي وتحديد الطرق والوسائل التعليمية المناسبة لتدريس المادة الدراسية. وتحديد أنواع الأسئلة والامتحانات المناسبة لقياس تحصيل التلاميذ.

3- للأخذ بالمفهوم التقليدي للمنهج آثار سلبية، منها ما يتعلق بالمادة الدراسية. وبالمعلم، وبالتلاميذ، وبالنشاط المدرسي والحياة المدرسية، وبالبيئة.

اختبارات الدرس

1- بيّن المفهوم التقليدي للمنهج الدراسي.

2- عدد المبادئ التي يقوم عليها المنهج بمفهومه التقليدي.

3ـ بيّن أهمية دراسة المناهج المدرسية.

4- ما الذي يتطلبه إعداد المنهج بمفهومه التقليدي.

5ـ تكلم عن الآثار السلبية المترتبة على الأخذ بالمفهوم التقليدي للمنهج على كل من التلميذ والمعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ  راجع: 1976 Zais.

2ـ راجع: مجاور والديب، محمد وفتحي، المنهج الدراسي: أسسه وتطبيقاته التربوية: ص 16.

3ـ راجع: الوكيل والمفتي، حلمي ومحمد، أسس بناء المناهج: ص 16 ـ 17.

4ـ راجع أيضاً: شوق، محمود، أساسيات المنهج الدراسي ومهماته: ص 40 ـ 41.

5ـ راجع: الوكيل والمفتي، حلمي ومحمد، أسس بناء المناهج: ص 22 ـ 23.

6ـ راجع: منسي، محمود وآخرون، المدخل إلى علم النفس التربوي: ص 227 ـ 238.

7ـ راجع: أيضاً: نشواتي، عبد المجيد، علم النفس التربوي: ص 478 ـ 479، والزغلول، عماد، مبادئ علم النفس التربوي: ص 257 ـ 258.

8ـ راجع أيضاً: الزغلول، عماد، مبادئ علم النفس التربوي: ص 257 ـ 258، الوكيل والمفتي، حلمي ومحمد، أسس بناء المناهج: ص 22.

9ـ راجع: الوكيل والمفتي، حلمي ومحمد، أسس بناء المناهج وتنظيماتها: ص 22. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي