علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
المأساة.
المؤلف: الشيخ محمّد جواد آل الفقيه.
المصدر: أبو ذر الغفاريّ رمز اليقظة في الضمير الإنسانيّ.
الجزء والصفحة: ص 155 ـ 159.
2023-09-14
900
عن أم ذر زوجة أبي ذر، قالت: لمّا حضرت أبا ذر الوفاة، بكيت. فقال: ما يبكيك؟ فقلت: ما لي لا أبكي، وأنت تموت بفلاة من الأرض وليس عندي يسعك كفنا، لي ولا لك. ولا يد لي للقيام بجهازك! قال: فأبشري، ولا تبكي، فانّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان، أو ثلاثة، فيصبران، ويحتسبان، فيريان النار أبدا. وقد مات لنا ثلاثة من الولد ! وانّي سمعت رسول الله يقول لنفر أنا فيهم: ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الارض، يشهده عصابة من المؤمنين! وليس من أولئك النفر أحد، إلا وقد مات في قرية، أو جماعة، (ولم يبق غيري، وقد أصبحت بالفلاة أموت) (1) فأنا ذلك الرجل، فوالله ما كَذِبت، ولا كُذبت فأبصري الطريق قلت: أنّى؟ وقد ذهب الحاج، وتقطَّعت الطريق قال: اذهبي، فتبصَّري قالت: فكنت أشتد الى الكثيب، فانظر! ثم أرجع اليه، فأمرِّضه. فبينما أنا وهو كذلك، اذ أنا برجال على رحالهم، كأنّهم الرُّخُم (2)، تخب بهم رواحلهم، فأسرعوا اليّ، حتى وقفوا علي، فقالوا: يا أمة الله، ما لَكِ؟ قلت: امرؤ من المسلمين، يموت! تكفّنونه، «وتؤجرون فيه» (3) قالوا: ومن هو؟ قلت: أبو ذر! قالوا: صاحب رسول الله!؟ قلت: نعم قالت: فَفدَّوه بآبائهم، وأمّهاتهم، ثم (وضعوا سياطهم في نحورها) وأسرعوا اليه حتى دخلوا عليه (4).. الخ الرواية.
وفي رواية الكشي، عن جلّام بن ذر. وكان له صحبة (مع رسول الله) قال: مكث ابو ذر في الربذة حتى مات، فلمّا حضرته الوفاة، قال لامرأته: اذبحي شاة من غنمك واصنعيها، فاذا نضجت، اقعدي على قارعة الطريق، فأول ركب ترينهم، قولي: يا عباد الله المسلمين، هذا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد قضى نحبه، ولقي ربه، فأعينوني عليه، وأجنوه، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبرني أنّي أموت في أرض غربة، وانّه يلي غسلي ودفني والصلاة على رجال من أمته صالحون. عن محمد بن علقمة بن الاسود النخعي، قال: خرجت في رهط أريد الحج، منهم مالك بن الحارث الأشتر، وعبد الله بن فضل التيمي، ورفاعة بن شداد البجلي، حتّى قدمنا الربذة، فاذا امرأة على قارعة الطريق تقول: يا عباد الله المسلمين، هذا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد هلك غريبا ليس أحد يعينني عليه! فنظر بعضنا الى بعض، وحمدنا الله على ما ساق إلينا، واسترجعنا على عظيم المصيبة. ثم أقبلنا معها فجهّزناه، وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء، ثم تعاونّا على غسله، حتى فرغنا منه، ثم قدّمنا مالك الأشتر فصلّى عليه، ثم دفنّاه.
فقام الأشتر على قبره ثم قال: اللهمّ هذا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عبدك في العابدين وجاهد فيك المشركين، لم يغيّر ولم يبدّل، لكنّه رأى منكرا فغيَّره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفي، وحرم واحتقر، ثم مات وحيدا غريبا، اللهمّ فاقصم مَن حرمه ونفاه من مهاجره، وحرِم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرفعنا أيدينا جميعا، وقلنا: آمين. فقدّمت الشاة التي صنعت، فقالت: إنّه أقسم عليكم أن لا تبرحوا، حتّى تتغدّوا فتغدّينا، وارتحلنا (5).
رواية أخرى حول كيفية وفاته (رض):
في تفسير علي بن ابراهيم في تتمّة خبره في غزوة تبوك: فلمّا سيَّره عثمان الى الربذة، كان له غنيمات يعيش هو وعياله منها، فأصابها داء يقال له النقاب، فماتت كلها. فأصاب أبا ذر وابنته الجوع، فقالت ابنته: أصابنا الجوع وبقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا! فقال لي أبي: يا بنيّة، قومي بنا الى الرمل، نطلب العبب (نبت له حب) فصرنا الى الرمل، فلم نجد شيئا، فجمع أبي رملا، ووضع رأسه عليه، ورأيت عينيه قد انقلبتا، فبكيت، فقلت له، يا أبه كيف أصنع بك، وأنا وحيدة؟ فقال: يا بنيتي لا تخافي، فانّي إذا مت، جاءك من أهل العراق من يكفيك أمري، فانّي أخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة تبوك، فقال لي: يا أبا ذر تعيش وحدك، وتموت وحدك، وتدخل الجنّة وحدك، يسعد بك أقوام من أهل العراق، يتولّون غسلك، وتجهيزك، ودفنك، فاذا أنا مت فمدّي الكساء على وجهي، ثم اقعدي على طريق العراق، فإذا أقبل ركب، فقومي إليهم وقولي: هذا ابو ذر صاحب رسول الله قد توفي قالت: فدخل اليه قوم من أهل الربذة، فقالوا: يا أبا ذر، ما تشتكي؟ قال: ذنوبي! قالوا: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي! قالوا: هل لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني! !قالت ابنته: فلمّا عاين، سمعته يقول: مرحبا بحبيب أتى على فاقة، لا أفلح من ندم! اللهم خنقني خناقك، فوحقك إنّك لتعلم أنّي أحب لقاءك. قالت ابنته: فلمّا مات، مددت الكساء على وجهه، ثم قعدت على طريق العراق، فجاء نفر، فقلت لهم: يا معشر المسلمين، هذا أبو ذر، صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد توفي. فنزلوا، ومشوا يبكون، فجاؤا، فغسَّلوه وكفَّنوه ودفنوه، وكان فيهم الأشتر فروي انّه قال: دفنته في حلَّة كانت معي، قيمتها أربعة آلاف درهم (6).
__________________
(1) كذا في أعيان الشيعة 16 / 368.
(2) الرّخم: طائر على شكل النسر مبقع بسواد وبياض.
(3) كذا في أعيان الشيعة.
(4) الاستيعاب، حاشية على الاصابة 1 / 214 الى 216.
(5) أعيان الشيعة / 372 نقلا عن الدرجات الرفيعة و373.
(6) نفس المصدر.