علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
فِقدَان الهيبَة في خِلافَة عُثمان.
المؤلف: الشيخ محمّد جواد آل الفقيه.
المصدر: أبو ذر الغفاريّ رمز اليقظة في الضمير الإنسانيّ.
الجزء والصفحة: ص 104 ـ 106.
2023-09-10
1246
يلاحظ المتتبّع أنّ الخلافة بدأت تفقد هيبتها ـ كسلطة زمنية ودينية ـ في السنة الثانية من خلافة عثمان، وأخذت تتحوّل الى سلطة زمنية فحسب، تقوم على القوة، والقهر، والإغراء بالمال، بعيداً عن طابعها الحقيقي.
فقد بدأ الأمويّون يهيئون لهذه الخطة منذ اليوم الاول لخلافة عثمان، وذلك، عن طريق نفوذهم في الحكم، حيث أصبح زمام السلطة بأيديهم يوجهونه أنّى شاؤوا، دون أن يجرأ على معارضتهم في ذلك أحد، وإذا ما حاول بعض المخلصين من الصحابة ذلك، وجدوا في الخليفة حاجزاً يحميهم، ويداً طولى تساعدهم على تنفيذ مخططاتهم.
نعم، بدأت فكرة التحويل من اليوم الاول لخلافة عثمان، ويبدو ذلك واضحاً من خلال ما قاله بعض أقطاب الامويّين في أكثر من مناسبة.
روى الشعبي، قائلاً: «فلمّا دخل عثمان رحله ـ يعني بعد البيعة ـ دخل اليه بنو أمية حتى امتلأت بهم الدار، ثم أغلقوها عليهم، فقال أبو سفيان بن حرب (وكان أعمى): أعندكم أحد من غيركم؟ قالوا: لا. قال: يا بني أميَّة، تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان، ما من عذاب، ولا حساب، ولا جنة، ولا نار، ولا بعث ولا قيامة»(1)
وقصد مرة قبر حمزة أسد الله وأسد رسوله، فلمّا وصل اليه «ركله برجله، وقال: يا أبا عمارة، إنّ الامر الذي اجتلدنا عليه بالسيف، أمسى في يد غلماننا يتلعبون به» (2)
وفي السنة الثانية من خلافته، مورست خطة التحويل عمليا، فبالإضافة الى الهبات والقطائع الضخمة التي كان يمنحها الخليفة الى المقربين ـ كما ستقرأ ـ، كان الولاة من بني أمية يستغلون منصب الولاية لتكريس مقدرات الامة لمصالحهم الشخصية ويتصرفون مع المسلمين من هذا المنطلق المنحرف عن الخط الاسلامي، فكان بعضهم يرى أنّ الفيء الذي أفاءه الله على المسلمين إنّما هو بستان لقريش ليس لأحد دونها حق فيه، كما قال سعيد بن العاص والي الكوفة مخاطبا بعض جلسائه (3).
بل أكد ذلك الوليد بن عقبة بقوله، مخاطبا سعداً: «لا تجزعنَّ أبا إسحاق، كل ذلك لم يكن، وانّما هو الملك، يتغدّاه قوم، ويتعشّاه آخرون!» (4).
قالها الوليد حين ولي إمارة الكوفة بعد عزل سعد بن أبي وقاص عنها.
وبذلك، يتضح أنّ خلافة عثمان كانت فرصة لانقضاض الأمويّين على مقدّرات الامة وأرزاقها، ولولا يقظة بعض أقطاب المسلمين وحذرهم، لتمّ لهم ذلك بسرعة، لكن المعارضة المستمرة كانت تحول دون ذلك ـ جزئياً ـ معارضة أبي ذر الغفاري وأمثاله ولو أنّ عثمان تقبّل من مخلصي الصحابة ما كانوا يلفتونه اليه، ويحذرونه منه، لما انتهى الأمر الى ما انتهى، ولظلت الخلافة الاسلامية في مركزها وهيبتها، فإنّ إفراطه في التغاضي عن سلوك ولاته والمقرّبين منه كانت نتيجته: فقدان هيبة الخلافة في أيامه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح النهج 9 / 53.
(2) حياة الامام الحسن 1 / 212 نقلا عن ابن عساكر 6 / 407.
(3) راجع الكامل 3 / 139.
(4) الكامل 3 / 83.