x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

من كتاب الإيمان في البخاري.

المؤلف:  السيّد هاشم معروف.

المصدر:  دراسات في الحديث والمحدّثين.

الجزء والصفحة:  ص 238 ـ 272.

2023-09-02

751

لقد تحدّث البخاري في صحيحه، والكليني في الكافي عن الايمان بعنوان كتاب الايمان، وعرض كلّ منهما تحت هذا العنوان، المرويّات التي لديه في مختلف الابواب حسب المناسبات وسنقدّم من الكتابين نماذج من تلك المرويات بنصها الحرفي مع التعليق على بعضها إذا دعت الحاجة لذلك.

فقد جاء في الصحيح للبخاري عن ابي هريرة انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: بني الاسلام على خمس: شهادة ان لا إله الا الله وانّ محمدا رسول الله، واقام الصلاة وايتاء الزكاة والحج وصوم شهر رمضان.

وروي عن ابن عمر انّ الرسول قال: المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه.

وفي باب اطعام الطعام، روى عن ابي موسى الاشعري انّ رجلا سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ايّ الاسلام خير؟ قال تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف (1).

وروى عن انس بن مالك، انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحبّ لنفسه.

وروى عن ابي سعيد الخدري انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: بينما انا نائم، رأيت الناس يعرضون عليّ وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي ومنها ما دون ذلك، وعرض عليّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرّه قالوا: فما اوّلت ذلك يا رسول الله قال الدين (2).

وروى في كتاب الايمان عن ابن عباس، انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أريت في النار فإذا اكثر اهلها النساء قيل أيكفرن بالله يا رسول الله؟ قال يكفرن العشير، ويكفرن الاحسان، لو احسنت إلى احداهنّ الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيراً قط (3).

وروى عن عبادة بن الصامت، انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج من بيته ليخبر الناس بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فرفعت، وعسى ان يكون خيرا لكم التمسوها في السبع والتسع والخمس.

وجاء في فتح الباري في تفسير الحديث انه تخاصم رجلان ومعهما الشيطان، فنسيها النبي (صلى الله عليه وآله).

وروى في الباب الذي خصّصه لليلة القدر مجموعة من المرويّات عن النبي (صلّى الله عليه وآله) واكثرها تنصّ على انّها في العشر الأواخر من رمضان، وجاء في بعضها: انّي أريت ليلة القدر، ثم أنسيتها أو نسيتها فالتمسوها في العشر الاواخر من رمضان في الوتر (4).

ولا تختلف مرويّات البخاري بمجموعها من حيث تحديد زمانها عن المرويّات الشيعيّة واكثرها تنص على انّها في العشر الاواخر من رمضان امّا المختصّات بتلك الليلة بالإضافة إلى الذي اشارت إليه السورة التي تعرّضت لها، فالروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة (عليه السلام) قد اشتملت على الكثير من آثارها وخصائصها وحثّت على العمل والتقرّب إلى الله فيها.

وروى في باب صلة الرحم عن قيس بن حازم عن عمرو بن العاص انّه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: انّ آل ابي ليسوا لي بأولياء، انّما وليي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحما أبلها ببلالها (5)، والمقصود آل ابي طالب كما فهم منها جميع المحدّثين، وقد ترك البخاري ذكر طالب لأنّ محمد بن جعفر أحد الرواة لها ترك بياضا محل طالب كما نصّ على ذلك البخاري في صحيحه.

ومن الغريب انّ مؤلف فتح الباري بعد إذ أكّد انّ الحديث الذي رواه ابن العاص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو انّ آل ابي طالب بعد أن أكّد ذلك قال ما محصّله: إنّ الحديث لا يعني عليا وجعفرا (عليه السلام).

ومن غير البعيد ان يكون المعني به أبو طالب وحده، واضاف إلى ذلك انّ جماعة رجّحوا، بأنّ الذي يعنيه النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله وصالح المؤمنين هم أبو بكر وعمر وعثمان (6) مع العلم بانّ كلمة آل فلان لا تشمل فلانا نفسه بل تختص بآله الذين ينتسبون إليه، فالرواية اذن لا تشمل ابا طالب بل تختص بآله، وآله في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله) هم اولاده الثلاثة علي وجعفر وعقيل وابنته ام هاني، ولو استثنينا جعفرا وعقيلا وعليا لم يبقَ لهذا الحديث من مورد، ولم يتعرّض احد لسنده الا من ناحية الراوي له عن ابن العاص، وهو قيس بن ابي حازم فقد احتمل جماعة بأنّ الحديث من موضوعاته؛ لانّه كان ناصبيّا منحرفا عن علي (عليه السلام)، كما نصّ على ذلك في فتح الباري.

وممّا لا شك فيه انّ هذا الحديث من موضوعات ابن النابغة ارضاء لسيّده معاوية بن هند، ويستحيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان يتنكّر لجهاد أبي طالب وآله ومكانتهم من الإسلام واخلاصهم لدعوته منذ انبثاق فجرها، وهل يجوز على من علم الناس الوفاء ودعا إليه ان يتنكّر للطالبيّين، وهم الذين حضنوه صغيرا وجاهدوا بين يديه كبيرا جهادا لم يعرف التاريخ له نظيرا، ولولاهم لقضي على الاسلام وهو في مهده. وإذا لم يكن أبو طالب واولاده اولياء لرسول الله فمن هم الاولياء المحبون لرسول الله وليس ببعيد على الذين وضعوا هذا الحديث ان يكونوا بصدد ايهام الناس بأنّ أولياءه هم: ابن النابغة، وابن الزرقاء، وابن هند وامثالهم ممّن غمرهم الاسلام بخيراته وتنكّروا لقيمه ومبادئه وكانوا حربا على اولياء الله ورسوله، انّ الذين دوّنوا هذا الحديث بين المرويّات عن الرسول في مجاميعهم يعلمون بأنّ ابن النابغة يقصد عليا من بين آل ابي طالب ليرضي سيده معاوية، وكان عليهم ان لا يناقضوا انفسهم ويدوّنوا في نفس تلك المجاميع الروايات التي تؤكّد انّ عليا (عليه السلام) وجعفرا كانا من أقرب المقرّبين إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) ومن تلك المرويّات حديث الراية في غزوة خيبر التي قال فيها النبي (صلى الله عليه وآله).

لأعطينّ الراية غداً رجلا يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله كما جاء في المجلد الثالث وغيره من مجلّدات البخاري، هذا بالإضافة إلى ما جاء عنه (صلى الله عليه وآله) ممّا في فضل جعفر بن ابي طالب وتقديره لإخلاصه وبطولاته كما نصّ على ذلك البخاريّ وغيره (7).

وروى في باب لبس القميص عن نافع عن عبد الله، انّه لمّا توفّي عبد الله بن ابيّ، جاء ابنه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال يا رسول الله اعطني قميصك ألفّه فيه وصلّ عليه واستغفر له، فأعطاه رسول الله قميصه وقال له: إذا فرغت فآذنا، فلمّا فرغ آذنه، فجاء ليصليّ عليه فجذبه عمر بن الخطاب وقال له: أليس قد نهاك ربّك ان تصلي على المنافقين، وقال لك: {استغفر لهم أو لا تستغفر لم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم}، فنزلت بهذه المناسبة الآية: {ولا تصلّ على أحد منهم مات أبدا}، فعند ذلك ترك النبي (صلى الله عليه وآله) الصلاة عليهم (8).

وروى في باب ما يجوز من الهجران عن عائشة انّها قالت انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لها: إنّي لأعرف غضبك من رضاك، قالت: وكيف ذاك يا رسول الله: قال: إنّك إذا كنت راضية قلت: بلى وربّ محمد: وإذا كنت ساخطة قلت: لا وربّ ابراهيم، قالت: أجل لست أهجر الا اسمك.

وفي باب التبسّم والضحك روى عن محمد بن سعد عن ابيه انّ عمر ابن الخطاب استأذن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية اصواتهنّ على صوته، فلمّا استأذن عمر تبادرن الحجاب فأذن له النبي (صلى الله عليه وآله) فدخل والنبي يضحك فقال: اضحك الله سنّك يا رسول الله بابي انت وامي، فقال: عجبت من هؤلاء اللاتي كنّ عندي لمّا سمعن صوتك تبادرن الحجاب، فقال: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله ثم أقبل عليهنّ وقال: يا عدوّات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلن: انك أفظ وأغلظ من رسول الله، فقال رسول الله: ايه يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجّاً الا سلك فجّاً غير فجّك (9).

وروى في باب الانبساط إلى الناس عن هشام بن عروة انّ عائشة قالت: كنت العب بالبنات عند النبي (صلى الله عليه وآله) وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله إذا دخل يتقمّعن منه فيسربهن اليّ فيلعبن معي.

وفي باب من دعا صاحبه ونقص من اسمه حرفا روى عن ابي سلمة ابن عبد الرحمن انّ عائشة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) قالت: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عائشُ هذا جبريل يقرئك السلام قلت: وعليه السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته واضافت إلى ذلك: انّه يرى ما لا ترى.

وفي باب كنية المشرك روى عن عبد الله بن نوفل عن العباس بن عبد المطلب انّه قال لرسول الله: هل نفعت ابا طالب بشيء فانّه كان يحوطك ويغضب لك قال: نعم، هو في ضحضاح من نار ولولا انا لكان في الدرك الأسفل من النار (10).

وإذا كان آل ابي طالب ليسوا للنبي بأولياء كما يزعم ابن العاص فليس بغريب إذا كان سيّدهم وزعيمهم أبو طالب في ضحضاح من نار أو في الدرك الاسفل من النار كما تنصّ على ذلك تلك المرويّات التي صنعها معاوية بن هند وعملاؤه ليبرز من خلالها فضل ابيه المتصنّع بالإسلام، على ابي طالب المؤمن برسالة ابن اخيه ايمانا صادقا قويا منذ بعثه الله رسولا لعباده حتى النفس الاخير من حياته.

ولولا انّه والد الامام علي بن ابي طالب لكان عند جمهور السنة من اصدق المسلمين ايمانا وأخلصهم عملا وفي اعلى درجات النعيم.

وما أدري كيف سوّغ هؤلاء لأنفسهم ان يلصقوا الكفر بابي طالب بعد تلك المواقف الخالدة التي وقفها في سبيل الدعوة المباركة بماله وجاهه وجميع امكانياته، ولم يكفهم قوله من جملة ابيات كما جاء في تاريخ ابن كثير ص 87.

ألم تعلموا أنّا وجدنا محمدا **** نبيا كموسى خطّ في اول الكتب

وقوله في الكتاب المذكور ص 57:

وأيّده ربّ العباد بنصره *** وأظهر دينا حقّه غير زائل

لقد علموا أنّ ابننا لا مكذّب *** لدينا ولا يعنى بقول الأباطل

وقوله في ص 42 من التاريخ المذكور:

وعرضت دينا فد عرفت بأنّه *** من خير أديان البريّة دينا

إلى غير ذلك من أقواله ومواقفه التي لا يرتاب فيها الا كل أفاك أثيم.

وقوله في ص 42 من التاريخ المذكور وعرضت دينا قد عرفت بانّه من خير اديان البرية دينا، إلى غير ذلك من اقواله ومواقفه التي لا يرتاب فيها الا كلّ آفّاك اثيم.

وروى في باب نكث العود في الماء والطين عن ابي موسى الاشعري، انّه كان مع النبي (صلى الله عليه وآله) في حائط من حيطان المدينة وفي يده عود يضرب به بين الماء والطين فجاء رجل يستفتح، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): افتح وبشّره بالجنّة فذهبت فإذا هو أبو بكر ففتحت له وبشّرته بالجنّة، ثم استفتح رجل آخر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): افتح له وبشّره بالجنّة، فإذا هو عمر بن الخطاب، ففتحت له وبشّرته بالجنة، ثم استفتح رجل آخر وكان متكئاً فجلس وقال: افتح وبشّره بالجنّة على بلوى تصيبه، فإذا هو عثمان (11).

وفي باب الحجاب روي عن عائشة انّها قالت: كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله (صلى الله عليه وآله): احجب نساءك فلم يستجب لطلبه، وكان ازواج النبي يخرجن ليلا إلى ليل قبل المناصع فخرجت سودة بنت زمعة، وكانت امرأة طويلة فرآها عمر بن الخطاب وهو في المجلس، فقال: عرفتك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب، فانزل الله عند ذلك آية الحجاب، تنفيذا لرغبة عمر بن الخطاب في ذلك (12).

وروى في باب المناجاة عن عامر بن مسروق انّ عائشة قالت: كنّا ازواج النبي عنده جميعا لم تغادر منّا واحدة، فأقبلت فاطمة (عليه السلام) تمشي لا والله ما تخفي مشيتها عن مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلمّا رآها رحّب بها وقال: مرحبا بابنتي، ثم اجلسها عن يمينه وسارّها فبكت بكاء شديدا، فلمّا رأى حزنها سارّها الثانية إذا هي تضحك، فقلت لها: انا من بين نسائه خصك رسول الله بالسرّ من بيننا ثم انت تبكين، فلمّا قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) سألتها عمّا سارّك، قالت: ما كنت لأفشي لرسول الله سرا، فلمّا توفّي قلت لها: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لمّا اخبرتني قالت: امّا الآن فنعم، اما حين سارني اولا فانّه اخبرني انّ جبرائيل كان يعارضه بالقرآن كلّ سنة مرة وانّه عارضه به العام مرّتين ولا ارى الاجل الا قد اقترب فاتقي الله واصبري فانّي نعم السلف لك، فبكيت بكائي الذي رأيت، فلمّا رأى جزعي سارّني الثانية وقال لي: يا فاطمة الا ترضين ان تكوني سيّدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة (13).

وروى في باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) عن عبد الرحمن بن ابي ليلى انّه قال: لقيت كعب بن عجرة فقال: خرج علينا النبي (صلى الله عليه وآله) فقلنا يا رسول الله: كيف نصلي عليك، قال: قولوا: اللهمّ صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل ابراهيم إنك حميد مجيد، اللهمّ بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على آل ابراهيم إنّك حميد مجيد.

وجاء في رواية ثانية رواها البخاري عن ابي سعيد الخدري، وعبد الله بن خباب ان ابا سعيد قال: يا رسول الله كيف نصلّي عليك قال قولوا: اللهمّ صّل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على ابراهيم وبارك على محمد وال محمد كما باركت على ابراهيم وآل ابراهيم وروى غير هاتين الروايتين بهذا المضمون (14).

وروى في باب تكرير الدعاء عن هشام بن عروة عن عائشة انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) طب، اي سحر حتى ليخيّل إليه انّه صنع الشيء وما صنعه، وانّه دعا ربّه، ثم قال: اشعرت انّ الله قد افتاني فيما استفتيته فيه، قالت عائشة: فما ذاك يا رسول الله قال: جاءني رجلان فجلس احدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال احدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال مطبوب، قال من طبّه؟ قال لبيد بن الاعصم، قال فيمَ: قال: في مشط ومشاطة، وجفّ طلعة، قال: فأين هو؟ قال: في ذروان، وذروان في بني زريق، قالت: فأتاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم رجع إلى عائشة، فقال: والله لكأنّ ماءها نقاعة الحنّاء، وكأنّ نخلها رؤوس الشياطين، قالت: فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) واخبرها عن البئر، فقلت: يا رسول الله فهلّا اخرجته، قال: اما انا فقد شفاني الله وكرهت ان اثير على الناس شرا. وقد روى البخاري حديث سحر النبي في موضع آخر من صحيحة بهذا المضمون (15).

وقد تكرّر هذا الحديث في الصحيح بهذا المضمون ورواه في المجلد الثاني ص 204 عن هشام بن عروة عن ابيه عن السيدة عائشة وجاء فيه، انّ النبي (صلى الله عليه وآله) سحر حتى كان يخيّل إليه انّه صنع شيئا وما صنعه، والأحاديث المروية حول هذا الموضوع كلّها تنص على انّ النبي قد اثّر به السحر إلى حد اصبح يخيّل إليه انّه قد صنع الشيء وما صنعه، ولازم ذلك ان يكون قد فقد رشده، ومن الجائز عليه في تلك الحالة ان يتخيّل انّه قد صلّى ولم يصلّ، وان يتخيّل شيئا يتنافى مع نبوته، بل مع انسانيته، فيفعله، وبالرغم من انّي قد اخذت على نفسي ان لا اهاجم احدا في هذا الكتاب، ولكنّي اراني مضطرا للهجوم في هذا المورد وارى لزاما عليّ ان اقول: ان الذين رووا هذا الحديث ودوّنوه هم المسحورون لانّهم لا يفكّرون بما يكتبون، ويروون ولا يتثبّتون، وكيف يصحّ على نبي لا ينطق عن الهوى كما وصفه ربّه، ان يكون فريسة للمشعوذين، فيفقد شعوره ويغيب عن رشده، ومع ذلك يصفه القرآن بانّه لا ينطق الا بما يوحى إليه، ويفرض على الناس اجمعين ان يقتدوا بأقواله وافعاله، والمسحور قد يقول غير الحق ويفعل ما لا جوز فعله على سائر الناس وقد يخرج عن شعوره وادراكه. وكما روى البخاري حديث السحر، روى أحاديث كثيرة تنص على انّ النبي كان ينسى في صلاته فيزيد فيها احيانا وينقص حينا آخر.

فروى عن علقمة عن عبد الله ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى الظهر خمسا فقيل له: أزيد في الصلاة يا رسول الله؟ فقال: وما ذاك؟ قيل له: صليت خمسا فرجع وسجد سجدتين واكتفى بصلاته (16).

وروى عن ابي هريرة انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى صلاة العصر ركعتين ثم سلم وقام إلى خشبة في المسجد ووضع يده عليها، وفي المسجد أبو بكر وعمر، فهابا ان يكلّماه وخرج الناس وقالوا: قصرت الصلاة، فسأله رجل منهم يدعى ذو اليدين، فقال: انسيت ام قصّرت الصلاة يا رسول الله، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لم أنسَ ولم تقصر، قال: بلى لقد نسيت، فرجع النبي وصلّى بهم ركعتين وسلّم ثم سجد سجدتين وروى غير هاتين الروايتين عن سهو النبي ونسيانه في باب السهو في الصلاة(17).

وفي أحاديث قيام الساعة روى عن ابي هريرة، انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس أجمعون فذلك حين لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في ايمانها خيرا، ولتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومنّ الساعة وقد رفع الرجل أكلته إلى فمه فلا يطعمها.

وروى في باب كيفية الحشر عن عبد الله بن عباس، انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقف خطيبا في الناس فقال: انّكم محشورون حفاة عراة كما بدأنا اول خلق نعيده، وانّ اول الخلائق يكسى يوم القيامة ابراهيم، وانّه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات اليمين وذات الشمال، فأقول يا رب اصحابي! فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فيقال: انّهم لم يزالوا مرتدين على اعقابهم القهقرى. وقد روى عن ابي هريرة ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يرد عليّ يوم القيامة رهط من اصحابي فيحلؤون عن الحوض، فأقول: يا رب اصحابي، فيقول: إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، انّهم ارتدوا على ادبارهم القهقرى. وروى بهذا المضمون أكثر من عشر روايات، وجاء في بعضها انّه لا يخلص منهم الا مثل همل النعم (18).

وبلا شك انّ المراد من اصحابه في هذه الروايات على كثرتها هم الصحابة الذين عاصروه واستمعوا لأحاديثه واقواله واشتركوا في غزواته هؤلاء بلا شك هم المعنيّون بهذه الأحاديث، والذي يلفت النظر ويدعو إلى التسائل، هو وصفهم بالارتداد والتغيير والتبديل، مع انّهم حاربوا المرتدين وكانوا يحرصون على نشر الاسلام وتطبيق اصوله وفروعه، ومن البعيد ان يصفهم الله والرسول بهذه الصفات لمجرد مخالفتهم لبعض الاحكام وارتكابهم لبعض المعاصي؛ لأنّ المعصية لا تسوّغ وصفهم بالارتداد ولا بالخروج من الدين ولا توجب هلاكهم فلا بدّ وان يكون السبب في ذلك ابعد من المخالفات والمعاصي التي لا يسلم فيها الا من عصمه الله، وإذا رجعنا إلى الاحداث التي تلت وفاة الرسول والتطوّرات التي حدثت من بعده لا نجد سببا معقولا سوى الموقف السلبي الذي وقفوه من الخليفة الشرعي ذلك الموقف الذي انتج تلك المضاعفات والتناقضات الخطيرة وهيّأ للأمويّين ان يحكموا باسم الدين والإسلام ويمارسوا جميع انواع الفساد والمنكرات واحياء جميع مظاهر الجاهلية، بعدما حاربها النبي وكاد ان يجتث جذورها، ولم يكتفوا بكلّ ذلك وحاولوا بواسطة انصارهم وعمالهم المنتشرين هنا وهناك ان يضعوا الخليفة فوق مستوى الرسول كما اشرنا إلى ذلك في الفصل الثالث من فصول هذا الكتاب.

وروى البخاري عن جنادة بن ابي امية انه قال: دخلنا على عبادة ابن الصامت وهو مريض فقلنا له اصلحك الله! حدثنا بحديث ينفعنا الله به سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: دعانا النبي فبايعناه فكان فيما اخذ علينا ان بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا، وان لا تنازعوا الامر اهله الا إذ تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (19).

وروى في باب إذا حرّم الانسان طعامه، انّ عبيد الله بن عمر كان يقول: سمعت عائشة تزعم انّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا، فتواصيت انا وحفصه، انّ ايّتنا دخل عليها النبي (صلى الله عليه وآله) فلتقل: إنّي أجد منك ريح مغافير اكلت مغافير فدخل على احداهما فقالت ذلك له، قال: لا بل شربت عسلا عند زينب ولن اعود فنزلت الآية: {يا ايّها النبي لِمَ تحرّم ما أحلَّ الله لك تبتغي مرضات ازواجك}.

وفي باب الرؤيا روى عن ابن عمر انّه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: بينا انا نائم اتيت بقدح من لبن فشربت منه حتى أنّي لأرى الري يخرج من أظفاري، ثم اعطيت فضلي لعمر بن الخطاب، قالوا فما أوّلته يا رسول الله قال: العلم.

وروى عن ابي هريرة انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: بينما انا نائم رأيتني على قليب وعليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم اخذها أبو بكر فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم استحالت غربا فأخذها عمر بن الخطاب فلم أرَ عبقريّا من الناس ينزع نزع عمر حتى ضرب الناس بعطن.

وروى عن ابي هريرة ايضا انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: بينما انا نائم رأيتني في الجنّة فإذا امرأة تتوضّأ إلى جانب قصر، قلت لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب، فذكرت غيرته وولّيت مدبرا، وقد تكرّر هذا النوع من المرويّات في صحيح البخاري عن طريق ابي هريرة، وفي بعضها انّه رأى قصرا من ذهب لعمر بن الخطاب في الجنّة، وقد امتنع النبي من دخوله تهيّباً من غيرته.

وروى في فضائل عثمان انّ امرأة رأت عيناً جارية لعثمان، فسألت النبي (صلى الله عليه وآله) عنها فقال: هي علمه (20).

وروى عن ابي جاء عن ابن عباس انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من كره من اميره شيئا فليصبر، فانّ من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية، وقد تكرّر هذا المضمون بين مرويّات البخاري، فروى عن عطاء عن ابي رجاء العطاردي انّ عبد الله بن عباس سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: من رأى من اميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فانّ من فارق الجماعة شبرا ومات، مات ميتة جاهلية (21).

وروى في باب هلاك امتي على ايدي أغيلمة، من عمر بن يحيى عن سعيد عن جده انّه قال: كنت جالسا مع ابي هريره في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) بالمدينة ومعنا مروان بن الحكم، فقال أبو هريرة: سمعت الصادق الصدوق يقول: هلكت امتي على يدي غلمة من قريش، فقال مروان: لعنة الله عليهم غلمة، فقال أبو هريرة: لو شئت ان اقول بني فلان وبني فلان لفعلت، واضاف إلى ذلك الراوي كنت اخرج مع جدّي إلى بني مروان حين ملكوا في الشام، فإذا رآهم غلمانا احداثا قال لنا: عسى هؤلاء ان يكونوا منهم، قلنا: انت اعلم.

وروى ايضا عن الزهري عن اسامة بن زيد انّه قال: أشرف النبي (صلى الله عليه وآله) على أطم من آطام المدينة فقال: هل ترون ما ارى، قالوا: لا، قال: فانّي لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر (22).

وروى عن حذيفة اليمان، انّ الناس كانوا يسألون رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الخير وكنت اسأله عن الشر مخافة ان يدركني، فقلت يا رسول الله: انّا كنّا في جاهليّة وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال نعم، وفيه دخن: قلت وما دخنه؟ قال قوم يهدون بغير هدى تعرف منهم وتنكر (23) قلت: في بعد ذلك الخير من شر، قال نعم. دعاة على ابواب جهنم من اجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: صفهم لنا قال: هم من جلدتنا ويتكلّمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني ان أدركني ذلك، قال: تلزم جماعة المسلمين وامامهم، قلت: فان لم يكن لهم جماعة ولا امام، قال: فاعتزل تلك الفرق كلّها ولو ان تعضّ بأصل شجرة حتّى يدركك الموت.

وروى عن نافع انّه قال: لمّا خلع اهل المدينة يزيد بن معاوية، جمع ابن عمر ولده وحشمه وقال: إنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ينصب لكلّ غادر لواء يوم القيامة، وانّا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وانّي لا اعلم غدرا أعظم من ان يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال وانّي والله لا اعلم احدا منكم خلعه وبايع غيره الا كانت الفيصل بيني وبينه.

وروى عنه ايضا انّه لمّا انتهت الخلافة إلى عبد الملك بن مروان في له ببيعته وبيعة ولده وذويه وأكّد له وفاءه بها عليا (عليه السلام) تمنع عن بيعته هو وولده ووقف منها موقف المحتاط لدينه على حد زعمه، وهو مع ذلك يحتضن نبأ استخلاف عبد الملك ويستبق الناس للإقرار له بالطاعة ويعده العمل بإخلاص ونصيحه، ويتوعّد اهله واصحابه ان هم خلعوا يزيد بن معاوية وبايعوا غيره.

وروى في باب اشراط الساعة، انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يوشك الفرات ان يحسر عن كنز من ذهب، فمَن حضره لا يأخذ منه شيئا، وفي رواية اخرى، انّه يحسر عن جبل من ذهب.

وروى ايضا انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة، وحتى يبعث دجّالون كذّابون قريب من ثلاثين كلّهم يزعم انّه رسول الله، وحتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وحتى يكثر المال ويتطاول الناس في البنيان وحتى تطلع الشمس من مغربها (24).

وروى في باب خبر المرأة عن الشعبي انه قال: قاعدت ابن عمر قريبا من سنتين فلم اسمعه يحدّث عن النبي (صلى الله عليه وآله) غير هذا قال: كان ناس من اصحاب رسول الله فيهم سعد، فذهبوا يأكلون من لحم فنادتهم امرأة من بعض ازواج النبي (صلى الله عليه وآله) انّه لحم ضب فأمسكوا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلوا فانّه حلال لا بأس به ولكنّه ليس من طعامي وقد تكرّر هذا الحديث في كتاب الأطعمة والأشربة من الصحيح (25).

وروى عن جابر بن سمرة انّه قال: سمعت النبي يقول: يكون بعدي اثنا عشر اميرا وقال كلمة لم اسمعها فقال ابي: انّه قال: كلّهم من قريش.

ومن المعلوم انّ النبي (صلى الله عليه وآله) لم يقصد بالخلفاء الاثني عشر امراء الأمويّين؛ لأنّهم أكثر من ذلك ولا العباسيّين أيضا؛ لأنّ حكام الأمويّين من بعده اربعة عشر حاكما وإذا اضفنا إليهم من يسمّونهم بالراشدين بلغوا ثمانية عشر خليفة، والعباسيّين أكثر من عشرين حاكما، فلا ينطبق هذا العدد الا على الائمة الاثني عشر (عليه السلام) من ذريته وجاء في بعض المرويّات الشيعية وبعض المرويّات السنيّة عن النبي ما يؤكد انّهم هم المعنيّون من هذا العدد لا غيرهم.

وقد اكثر الحافظ ابن كثير في ص 153 من المجلد الاول من تاريخه البداية والنهاية من اللف والدوران في تأول الحديث بما يتفق مع عقيدته ليسد الطريق على الرافضة على حد تعبيره بعد ان رأى انّ الحديث لا ينطبق على الاثني عشر من ذرية الرسول وانطلق من الحديث المذكور إلى اسطورة السرداب في سامراء وإنكار الامام الثاني عشر، فقال بأنّ ما يعتقده الشيعة هوس في الرؤوس وهذيان في النفوس لا حقيقة له ولا في ولا أثر ولم يستطع ان يكتم حقده ونصبه على أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهّر نفوسهم ممّا تحمله نفس الحافظ ابن كثير وامثاله من الحقد والكذب.

فقال: ان ما يسمّونهم بالأئمة كانوا عاديّين كغيرهم من الرعايا وليس فيهم الا علياً؛ لانّه من الراشدين والحسن حيث سلّم الأمر لمعاوية على حد تعبيره، ويبدو من كلامه انّ الحسن انّما كان مرضيّا عنده حيث سلّم الامر لمعاوية لا لفضائله التي لا تحصى ولا لأنّ الرسول اشاد بفضله ولم يشأ ان يمر بالحديث كمؤرّخ يعرض الحوادث ولا يحقق فيها كغيره من المؤرّخين القدامى، لم يشأ ان يمر به بدون ان يعبث في تأويله، فقال: انّ المراد بالاثني عشر الذين اخبر الله بهم اسماعيل النبي حينما بشّره بمحمد (صلى الله عليه وآله) واخبر عنهم النبي الكريم كما جاء في رواية البخاري فقال: انّ المراد بهم الراشدون الاربعة وعمر بن عبد العزيز والباقون من خلفاء بني العباس من غير ان يعيّن احدا منهم باسمه ووصفه وقد أورد هذا الحديث بالإضافة إلى البخاري كلّ من مسلم في صحيحه وابي داود في جامعه واحمد بن حنبل في مسنده واخرجه الطبراني واضاف إليه لا تضرّهم عداوة من عاداهم كما رواه اكثر المحدّثين في مجاميعهم وصحاحهم بصيغ قد يختلف بعضها عن البعض الاخر مع الاتفاق على العدد الذي ذكرناه وفي بعضها ما يشير إلى انّهم من ذرّيته بنحو لا ينطبق الا على الائمة الاثني عشر (عليه السلام).

وفي باب ما يكره من التنازع روى عن عروة عن خالته عائشة انّها قالت: انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في مرضه: مروا ابا بكر يصلّي بالناس قالت عائشة قلت: انّ ابا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع من البكاء فمر عمر يصلي، فقال: مروا ابا بكر فليصلّ بالناس، قالت عائشة قلت لحفصة: قولي انّ ابا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر ليصلّي بهم، ففعلت حفصة، فقال رسول الله: انكن لأنتن صواحب يوسف مروا ابا بكر، قالت حفصة: ما كنت لأصيب منك خيرا، وتكرّر هذا الحديث بهذا النصّ، وبما هو قريب منه في المجلّدات الأربعة من الصحيح للبخاري (26).

وفي باب دعاء امته إلى التوحيد، روى البخاري عن عمرة بن عبد الرحمن، انّ عائشة قالت: انّ النبي بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم ب(قل هو الله أحد)، فلمّا رجعوا ذكروا ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله) فقال: سلوه لأيّ شيء كان يصنع ذلك فسألوه فقال: لأنّها صفة الرحمن وانا احب ان أقرأ بها، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اخبروه انّ الله يحبه (27).

وفي باب قول الله: {انّما قولنا لشيء}: روى عن معاوية بن ابي سفيان انّه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يزال من امتي امة قائمة بأمر الله ما يضرهم من كذبهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، واضاف إلى ذلك ان مالك بن يخامر سمع معاذا يقول وهم بالشام فقال معاوية: هذا مالك يزعم انّه سمع معاذا يقول، وهم بالشام (28).

وفي باب الصلاة على الفراش روى عن ابي سلمه بن عبد الرحمن، انّ عائشة قالت: كنت انام بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجليّ، فإذا قام بسطتها والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصباح، وهذه الرواية من المكرّرات في البخاري، فقد رواها عن عائشة بمناسبة ذكره للرواية التي تنصّ على انّ مرور الكلب والحمار بين يدي المصلي يقطع الصلاة (29).

وفي باب مباشرة الحائض روى عن عائشة انها قالت: كنت اغتسل انا والنبي من اناء واحد وكلانا جنب، وكان يأمرني وانا حائض فأئتزر فيباشرني وانا حائض، وروى عنها انّها قالت: كانت احدانا إذا حاضت فأراد رسول الله ان يباشرها امرها ان تأتزر في فور حيضتها، ثم يباشرها، واضافت إلى ذلك وايّكم يملك إربه.

وروى هذا المضمون عن ميمونة ايضا (30).

وروى عن انس انّ عمر بن الخطاب قال: وافقني ربّي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام ابراهيم مصلّى، فنزلت، واتخذوا من مقام ابراهيم مصلّى وقلت له: يا رسول الله لو أمرت نسائك ان يحتجبن، فانّه يكلّمهن البرّ والفاجر فنزلت آية الحجاب، وقلت لهنّ: عسى ربّه ان طلّقكن ان يبدله ازواجا خيرا منكنّ فنزلت هذه الآية(31).

وروى عن عكرمة، انّ عبد الله بن عباس قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بخرقة، فقعد على المنبر فحمد ربّه وأثنى عليه، ثم قال: انّه ليس من الناس أحد آمن عليّ في نفسه وماله من ابي بكر بن ابي قحافة، ولو كنت متخذا خليلاً لاتخذت ابا بكر خليلاً، ولكن خلّة الاسلام أفضل، سدّوا كلّ خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر (32).

وفي باب صلاة المريض روى عن عائشة انّها قالت: لمّا مرض رسول الله مرضه الذي مات فيه، قال: مروا ابا بكر يصلّي بالناس، فقيل له: انّ ابا بكر رجل اسيف إذا قام مقامك لم يستطع الصلاة، فأعادها عليهم ثلاثا فخرج أبو بكر وبعد ان شرع في الصلاة وجد النبي (صلى الله عليه وآله) في نفسه خفة فخرج يتهادى بين رجلين كأنّي انظر إلى رجليه تخطّان من الوجع، فأراد أبو بكر ان يتأخّر، فأومأ إليه النبي ان مكانك وجلس إلى جانبه، وقال الاعمش: انّ ابا بكر كان يصلّي بصلاة النبي والناس يأتمّون بأبي بكر (33).

وفي باب الحراب والورق يوم العيد، روى عن عروة عن خالته عائشة انّها قالت: دخل عليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعندي جاريتان تغنّيان بغناء بغاث فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي (صلى الله عليه وآله)، فأقبل عليه رسول الله وقال: دعهما، فلمّا غفل غمزتهما فخرجتا، وكان يوم عيد، يلعب فيه السودان بالورق والحراب، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) تشتهي تنظرين فقلت: نعم، فأقامني وراءه خدي على خده، وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة حتى إذا مللت قال: حسبك؟ قلت: نعم.

وروى ايضا عن هشام عن ابيه عروة انّ عائشة قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان تغنيان ممّا تقاولت الأنصار يوم بغاث، فقال أبو بكر: مزامير الشيطان في بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا ابا بكر انّ لكلّ قوم عيدا وهذا عيدنا (34).

وفي باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله الا الله، روى عن ابن شهاب انّ سعيد بن المسيب اخبره، انّه لمّا حضرت ابا طالب الوفاة جاءه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجد عنده ابا جهل، وعبد الله بن ابي امية بن المغيرة، فقال له رسول الله: يا عم قل: لا إله الا الله اشهد لك بها عند الله، فقال ابو جهل وعبد الله: يا ابا طالب أترغب عن ملّة عبد المطلب، فلم يزل رسول الله يعرضها عليه، وهما يعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم به انّه على ملة ابراهيم وابى ان يقول: لا إله الا الله، فقال رسول الله: أما والله لأستغفرنّ لك ما لم انّه عن ذلك، فانزل الله تعالى فيه:{ما كان للنبي والذين آمنوا معه ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا ذوي قربى} (35).

لقد اسند الزهري هذه الرواية إلى سعيد بن المسيب وهي من جملة موضوعاته التي كان يتقرّب بها للأمويّين؛ لأنّه كان من اتباعهم وقضاتهم، وغير بعيد عليه ان يضع لهم هذا الحديث، بعد ان نسب إلى الرسول انّه قال: لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجد المدينة والمسجد الاقصى، وان الصخرة التي وضع رسول الله قدمه عليها تقوم مقام الكعبة (36).

ويهمهم أكثر من اي شيء ترويج المرويات التي تضع ابا طالب في صفوف المشركين وتمنح ابا سفيان زعيم الاسرة الاموية صفات الصديقين المؤمنين مع العلم بان الذين وصفوا ابا طالب بالمشرك لم يستطيعوا ان يتنكروا لجهوده التي بذلها في سبيل الرسول ودعوته، والذين وصفوا ابا سفيان بالإسلام لم يفلحوا في كتم مكائده ودسائسه التي بذلها لتقويض دعائم الاسلام حتى بعد اسلامه المزعوم.

وفي باب بدء الوحي روى عن عائشة انّها قالت: أول ما بدأ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الغلاء، فكان يخلو بغار حراء فيتحنّث فيه الليالي ذوات العدد قبل ان ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاء الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك، فقال اقرأ فقال ما انا بقارئ، قال فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ، قلت ما انا بقارئ، فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم ارسلني، فقال: اقرأ قلت ما انا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني، فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربّك الاكرم}، فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال زمّلوني وكرّرها ثلاثا حتى ذهب عنه الروع فأخبر زوجته خديجة بالخبر، وقال لها: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة: كلا والله لا يخزيك الله ابدا. إنّك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسي المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الدهر، ثم انطلقت به إلى عمها ورقة بن نوفل بن عبد العزى، وكان قد تنصر، وكتب الانجيل بالعبرانيّة وبلغت به الشيخوخة حدّها الأقصى، وبعد ان قصّ عليه النبي (صلى الله عليه وآله) ما اصابه، اجابه انّ هذا الذي ترى هو الناموس الذي انزل على موسى ليتني فيها جذعا ليتني اكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله: أو مخرجيّ هم؟ قال نعم: لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وان يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا (37).

وروى في باب من لا أحب الدفن في الارض المقدسة عن ابي هريرة انّه قال: أرسل ملك الموت إلى موسى فلمّا جاءه صك ملك الموت وجهه، ففقأ عينه فرجع إلى ربه، فقال له ارسلتني إلى عبد لا يريد الموت فرد الله عليه عينه، وقال ارجع فقل له يضع يده على متن ثور، فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة، قال موسى: اي رب ثم ماذا، قال ثم الموت، قال: فالآن، فسأل الله ان يدنيه من الارض المقدسة رمية حجر، قال رسول الله: فلو كنت ثم لأريتك قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الاحمر (38).

وروى في باب استعمال البقر للحراثة عن ابي هريرة ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: بينما رجل راكب على بقرة التفتت إليه وقالت له: إنّي لم أخلق لهذا بل خلقت للحراثة، قال النبي: آمنت به انا وابو بكر وعمر، واخذ الذئب شاة فتبعها الراعي، فقال الذئب: من لها يوم السبع، يوم لا راعي لها غيري، فقال النبي: آمنت انا وابو بكر وعمر، قال أبو سلمة راوي الحديث عن ابي هريرة، وما هما يومئذ في القوم، اي حينما حدث الرسول بهذا الحديث لم يكونا معه، (39).

وفي باب مسح الغبار روى عن عكرمة انّ ابن عباس قال له ولعلي ابن عبد الله آتيا ابا سعيد فاسمعا من حديثه، فأتياه وهو وأخوه في حائد لهما يسقيانه، فلمّا رآنا جاء فاختبأ وجلس، فقال: كنّا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة، وكان عمّار ينقل لبنتين، فمرّ به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومسح عن رأسه الغبار، وقال ويح عمّار: تقتله الفئة الباغية عمّار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار (40).

وروى في باب طلب الولد للجهاد عن ابي هريرة انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: قال سليمان بن داود: لأطوفنّ الليلة على مائة امرأة كلّهنّ يأتي بفارس، فلم تحمل منهنّ الا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده لو قال: ان شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا اجمعون (41).

انّ سليمان بن داود كان من انبياء الله الصالحين، وقد وهبه الله ملكا ليس لأحد مثله، فسخّر له الجن والانس، وعلّمه منطق الطير وجميع الحيوانات، وليس على الله بمحال ان يعطيه قوة عشرات الرجال ويمدد له في ليلته، ليستطيع ان يقوم بعمليّة الجنس مع مائة امرأة في ليلة واحدة، ليس ذلك بمحال عقلا ولكن مقام النبوة اسمى وأعلى من أن ينحدر بصاحبه إلى هذا المستوى الذي لا يليق حتى بالحيوانات وهل بلغ بهذا النبي الكريم الغرور إلى حد انّه اصبح يرى نفسه مستطيعا لانّ يحقق هذه الاعجوبة بغير مشيئة الله سبحانه، فينشئ جيشا مؤلفا من مائة فارس في ليلة واحدة، مع العلم بأنّ هذا الزمان لا يتسع للاتصال بمائة امرأة، ومهما كان الحال فالله يغفر لمحمد بن اسماعيل البخاري، لو انّه ترك هذا الحديث مع الستمائة إلى التي اختار منها صحيحه، لكان من الذين يستمعون القول فيتّبعون احسنه.

وروى في باب قتال اليهود عن عبد الله بن عمر انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر فيقول الحجر: يا عبد الله هذا يهودي ورائي فاقتله.

وروى عن ابي هريرة انّ النبي قال: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، وحتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله.

ولا بد ان يجيء هذا اليوم الذي وعد به الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي لا ينطق عن الهوى وقد ظهرت تباشيره بعدوانهم الاخير الذي هيّأه لهم المستعمر الغادر ومكّنهم من تشريد شعب بأسره.

وروى في باب لواء النبي (صلى الله عليه وآله) عن سلمة بن الاكوع انّ عليا (عليه السلام) كان قد تخلف عن النبي (صلى الله عليه وآله) في غزوة خيبر لرمد اصاب عينه فقال: انا اتخلّف عن رسول الله، ثم خرج ولحق به. فلمّا كان مساء الليلة التي فتحت في صباحها خيبر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لأعطينّ الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ورواها في المجلد الثالث بزيادة ويحبّه الله ورسوله، فبات الناس يدكون ليلتهم ايّهم بعطائها، فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله، وكلهم يرجوها، فأعطاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) ورواها عن طريق سهل بن سعد، مع الزيادة التالية: انّ عليا كان ارمد العين فبصق النبي (صلى الله عليه وآله) في عينه فبرأ من ساعته، ثم اخذ الراية وتم الفتح على يده (42).

وروى عن ابي سعيد الخدري انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: كان في بني اسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين انسانا، ثم خرج فأتى راهبا، فسأله هل من توبة؟ قال لا: فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجل: ائتِ قرية كذا وكذا. فأدركه الموت فمال بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فأوحى الله إلى هذه ان تقرّ

بي، وأوحى إلى هذه ان تباعدي، وقال قيسوا ما بينهما فوجد إلى هذه أقرب بشبر فغفر له (43).

وروى عن ابي هريرة انّ رسون الله (صلى الله عليه وآله) قال: انّ موسى كان رجلا حييا يتستر كي لا يرى من جلده شيء استحياء منه فآذاه من آذاه من بني اسرائيل، فقالوا: ما استتر هذا الا من عيب بجلده، امّا برص، وامّا ادرة، وامّا افة، وانّ الله اراد ان يبرئه ممّا قالوا فيه، فخلا يوما وحده ووضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل، فلمّا فرغ اقبل إلى ثيابه ليأخذها، وانّ الحجر عدا بثوبه، فاخذ موسى عصاه وطلب الحجر وجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، ثم انتهى إلى ملأ من بني اسرائيل فرأوه عريانا احسن ممّا خلق الله وابرأه ممّا يقولون، وقام إلى الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، والله انّ بالحجر لندبا من اثر ضربه ثلاثا أو اربعا أو خمسا، كما جاء في الرواية، واضاف إلى ذلك ان الآية: {يا ايّها الذين امنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرّأه الله ممّا قالوا وكان عند الله وجيها} نزلت بهذه المناسبة(44).

وروى في باب صفة ابليس عن ابي هريرة ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا مر بين يدي احدكم شيء وهو يصلي فليمنعه، فان ابى فليقاتله، فانّما هو شيطان.

وروى ايضا عن ابي هريرة انّ الرسول قال: إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، وفي رواية ثانية عنه انّ النبي قال: إذا سمعتم نهيق الحمار فتعوّذوا بالله من الشيطان، فانّه رأى شيطانا وانّ الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب أو صورة (45).

وروى عن ابي موسى ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء الا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وانّ فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، وهذا الحديث من المكرّرات في صحيح البخاري. وروى عن علي (عليه السلام) انّه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: خير نسائهم مريم ابنة عمران: وخير نسائنا خديجة بنت خويلد (46).

وروى في باب من انتسب إلى آبائه في الجاهلية والاسلام عن ابي هريرة انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا بني عبد مناف اشتروا انفسكم من الله يا بني عبد المطلب اشتروا انفسكم من الله، يا ام الزبير بن العوام عمّة رسول الله، ويا فاطمة بنت محمد اشتريا انفسكما اشتريا انفسكما من الله، فانّي لا املك لكم من الله شيئا، سلاني من مالي شيئا. هذه الرواية تتفق مع روح الاسلام ومع القرآن الكريم، فالقرابة والصحبة لا يغنيان من الله شيئا إذا لم يعمل الانسان بما امر الله ولم ينته عنها نهى عنه الله، وقد اكدت هذا المعنى طائفة من المرويات عن الائمة (عليه السلام) دوّنها الكليني في مختلف المناسبات.

وفي باب فضائل ابي بكر، روى عن عمر بن العاص انّ النبي (صلى الله عليه وآله) بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسأله اي الناس أحبّ اليك؟ فقال: من النساء عائشة، ومن الرجال ابوها، قال ابن العاص: ثم مَن؟ قال: عمر بن الخطاب وعدّ رجالاً.

وروى عن ابن عباس، انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابا بكر، ولكنّه اخي وصاحبي.

وروى عن محمد بن جبير بن مطعم عن ابيه، انّ امرأة أتت النبي (صلى الله عليه وآله) فأمرها ان ترجع إليه قالت: أرأيت ان جئت ولم اجدك، كأنّها تعني الموت كما جاء في الرواية، قال: فآتي أبا بكر.

وروى عن ابي هريرة ايضا انّ رسون الله (صلى الله عليه وآله) قال: انّ للجنة ابوابا فمن كان من اهل الصلاة دخل من باب الصلاة، ومن كان من اهل الصيام دخل من بابه، ومن كان من المتصدّقين دخل من باب الصدقات، ومن كان من المجاهدين دخل من باب الجهاد، اما أبو بكر فانّه يدعى لدخول الجنّة من جميع ابوابها، وانّ آية التيمم كان الفضل الأول في نزولها لأبي بكر، وبهذه المناسبة، قال له: اسيد بن الحضير، ما هي بأوّل بركتكم يا آل ابي بكر، إلى غير ذلك من المرويّات التي اوردها البخاري في فضله (47).

وفي باب فضائل عمر روى عن محمد بن المكندر عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) رأيتني ادخل الجنة فإذا انا بأرميصاء امرأة ابي طلحة، وسمعت خشفة، فقلت: من هذا فقال هذا بلال، ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقلت لمن هذا فقال لعمر، فأردت ان ادخله لأنظر إليه فذكرت غيرتك، فقال عمر: بابي انت وامي يا رسول الله أعليك أغار.

وروى عن انس بن مالك انّ النبي صعد على جل أحد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فضربه النبي برجله، وقال له: اثبت أحد، فما عليك الا نبي وصدّيق وشهيدان.

وروى عن ابي هريرة انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لقد كان فيمن كان قبلكم قوم يكلّمون وليسوا بأنبياء، فإن يكن من امتي منهم أحد فعمر بن الخطاب (48).

وروى في باب فضائل عثمان عن ابي موسى الاشعري، انّ النبي (صلى الله عليه وآله) دخل حائطا وامره ان يكون على باب الا حائط فدخل أبو بكر وعمر وعثمان فأذن لهم وبشّرهم بالجنّة، وقال عبد الله بن عمر: كنّا في زمن رسول الله، لا نعدل بأبي بكر احدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك اصحاب رسول الله لا نفاضل بينهم.

وروى انّ رجلا من اهل مصر حجّ البيت فرأى قوما جلوسا، فقال من هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء من قريش، قال فمن الشيخ فيهم؟ قالوا: عبد الله ابن عمر قال يا ابن عمر: إنّي سائلك عن شيء فحدّثني، هل تعلم انّ عثمان فرّ يوم أحد؟ قال: نعم قال هل تعلم انّه تغيّب عن بدر؟ ولم يشهدها قال: نعم قال: هل تعلم انّه تغيّب عن بيعة الرضوان؟ قال: نعم قال: الله اكبر قال: ابن عمر تعال ابيّن لك، امّا فراره يوم احد، فاشهد انّ الله عفا عنه وغفر له، وامّا تغيبه عن بدر، فانّه كان تحته بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانت مريضة، فقال له رسول الله: انّ لك اجر رجل ممّن شهد بدرا وسهمه، واماّ تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان احد اعزّ ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه فبعث رسول الله عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله بيده اليمنى: هذه يد عثمان فضرب بها على يده وقال، هذه لعثمان (49).

وجاء في باب النكاح من صحيح البخاري، انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: البنت الباكر، لا تنكح حتى تستأذن، والثيّب حتى تستأمر واضاف إلى ذلك البخاري: انّ البكر إذ لم تستأذن ولم تتزوّج من أحد وادعى رجل بانّه تزوّجها زورا، واقام شاهدي زور عند القاضي فحكم له تصبح زوجة شرعيّة له ويصحّ وطؤها، ومضى يقول: إذا احتال انسان بشاهدي زور على تزويج امرأة فاثبت القاضي نكاحها والزوج يعلم بانّه لم يتزوّجها ولم يتصرّف عليها، فانّه يسعه هذا النكاح ويحلّ له وطؤها والمقام معها ولو علم ببطلان ذلك (50).

وروى في باب الفتن انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قام إلى جنب المنبر وقال: الفتنة ههنا الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان، ورواها عن نافع عن ابن عمر، انّ النبي (صلى الله عليه وآله) وقف وهو مستقبل المشرق، وقال: انّ الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان.

وروى عن جويرية عن نافع عن عبد الله انّه قال: قام النبي (صلى الله عليه وآله) خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة وقال: هنا الفتنة وكرّرها ثلاثا من حيث يطلع قرن الشيطان كما جاء في ص 189 من المجلد الثاني.

وروى ايضا عن ابن عمر ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: اللهمّ بارك لنا في شامنا اللهمّ بارك لنا في يمننا. قالوا: وفي نجدنا، فقال: في شامنا ويمننا، قالوا: في نجدنا يا رسول الله، قال: هناك الفتن وبها يطلع قرن الشيطان (51).

وفى باب مناقب قرابة الرسول (صلى الله عليه وآله) روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) انّه قال: ابنتي فاطمة سيّدة نساء اهل الجنة، وانّه قال: فاطمة بضعة منّي فمن اغضبها اغضبني (52).

وروى عن عروة بن الزبير عن خالته عائشة انّ فاطمة (عليه السلام) ارسلت إلى ابي بكر تسأله ميراثها من ابيها ممّا افاء الله عليه في المدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال لها: انّ رسول الله قال: لا نورّث ما تركنا صدقة، انّما يأكل آل محمد من هذا المال وانّي والله لا اغيّر شيئا من صدقة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأبى أبو بكر ان يدفع إليها شيئا فوجدت فاطمة على ابي بكر وهجرته فلم تكلّمه حتى توفّيت، وعاشت بعد النبي ستة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها زوجها علي (عليه السلام) ليلا ولم يؤذن بها أبو بكر (53).

وروى في باب غزوة تبوك عن مصعب بن سعد عن ابيه، انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج إلى غزوة تبوك واستخلف عليا على المدينة فقال علي (عليه السلام) تخلفني في الصبيان والنساء قال: الا ترضى ان تكون منّي بمنزلة هرون من موسى الا انّه ليس نبي بعدي.

وروى عن ابي بكرة انّه قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ايام الجمل بعد ما كدت أنّ الحق بأصحاب الجمل واقاتل معهم، قال: لمّا بلغ رسول الله انّ اهل فارس قد ملّكوا عليهم ابنة كسرى، قال: لا أفلح قوم ولّوا امرهم امرأة.

وروى عن عبيد بن حنين انّه قال: سمعت ابن عباس يقول: اردت ان اسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فما اتممت كلامي حتّى قال: هما عائشة وحفصة.

وروى تحت عنوان المدثر انّ يحيى سأل ابا سلمه ايّ القرآن نزل أولا؟ فقال: {يا ايها المدثر}، فقلت: انبئت انّه {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله، اي القرآن انزل اولا: فقال: {يا ايهّا المدثر}، فقلت: انبئت انّه {اقرأ باسم ربك}، فقال لا اخبرك الا بما قال رسول الله قال (صلى الله عليه وآله): جاورت في حراء، فلما قضيت جواري هبطت فاستبطنت الوادي، فنوديت فنظرت امامي وخلفي وعن يميني وشمالي فإذا هو جالس على عرش بين السماء والارض، فأتيت خديجة وقلت دثروني: وصبّوا عليّ ماء باردا فانزل عليّ {يا ايّها المدثّر * قم فأنذر* وربّك فكبّر * وثيابك فطهّر} (54).

وروى في باب التمتع عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الاكوع انّهما قالا: كنّا في جيش، فاتانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: انّه قد اذن لكم ان تستمتعوا في النساء، فاستمتعوا، واضاف إلى ذلك، انّ سلمة بن الأكوع حدّث عن ابيه انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ايّما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليالي، فان احبّا ان يتزايدا، ويتتاركا، فما أدري أشيء كان لنا خاصّة، ام للناس عامّة.

وروى عن عمران بن حصين انّه قال: انزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم ينزل قرآن يحرّمها ولم ينه عنها حتى مات، فقال رجل برأيه ما شاء الله (55) وروى بعض المرويّات عن ابن عباس وغيره انّ النبي شرّعها في ظروف خاصة ونهى عنها بعد ذلك.

وفي باب نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) خبر نزوله إلى الارض ليساهم في نشر العدل واحقاق الحق ومحاربة المبطلين.

وجاء في رواية ابي هريرة حول هذا الموضوع، انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وامامكم منكم (56).

وهذه الرواية ليست بعيدة عمّا يرويه الشيعة من انّ السيد المسيح (عليه السلام) ينزل من السماء عند خروج الامام الثاني عشر (عجّل الله فرجه الشريف) فيصلّي خلفه، ويشترك معه في مقاومة المبطلين لإحقاق الحق، ذلك لأنّ الشيعة وحدهم يدّعون وجود الإمام محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام) وظهوره في آخر الزمان، وانّ المسيح ينزل من السماء لنصرته على الدجّال وغيره من فرق الضلال.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ان صح الحديث لا بد وان يكون السؤال للنبي (صلى الله عليه وآله) في ظروف الحاجة الملحة والفقر البالغ فيكون الاطعام في هذه الحالات من أفضل ما يقدّمه الانسان لأخيه. وقراءته السلام على من عرف ومن لم يعرف كوسيلة إلى التقرب الى الناس والتحبب إليهم ولو بهذا النوع من التودد الذي يعبر عن صفاء القلوب وبراءتها من الغل الحقد في الغالب.

(2) لقد أكثر البخاري في صحيحه من المرويات بهذا المضمون وهي كالصريحة في أنّ الناس كلّهم لم يبلغ منهم أحد ما بلغه أبو حفص في الدين فقد ملئ من قرنه إلى قدمه وزيادة والناس لم يأخذوا منه الا القليل اي بنسبة ما يستر ربع اجسادهم ولعله يكنّى بذلك عن معاصيهم.

(3) لقد روى البخاري عن النبي (صلى الله عليه وآله) في المرأة أكثر من عشرة أحاديث وقد وصفها في دينها وعقلها بمثل ما وصفها به امير المؤمنين علي (عليه السلام) ممّا يؤكد ان رأي علي فيها مستمد من رأي النبي (صلى الله عليه وآله).

(4) نظر ص 245 وما بعدها. وإذا جاز عليه ان ينسى ليلة القدر بعد ان رآها ووعاها فمن الجائز عليه ان ينسى غيرها من الاحكام قبل تبليغها وهذا لا يتلاءم مع مقام النبوة واهدافها.

(5) اي أصلها بصلتها.

(6) انظر ص 25 من المجلد الثالث عشر من فتح الباري.

(7) انظر المجلد الثالث من الصحيح.

(8) انظر ص 25 من المجلد الرابع. انّ الذين وضعوا هذه الرواية حسبوا ان هذا الاسلوب الجاف الارعن فضيلة لعمر بن الخطاب. والواقع انّ الحديث لو صحّ يكون من سيّئات عمر بن الخطاب ومن الشواهد على عدم انقياده للرسول واقتدائه به وفي الوقت ذاته يدل الحديث على تجاهل النبي (صلى الله عليه وآله) للقرآن أو غفلته عن احكامه لانّه لم يتنبه لرأي القرآن فيهم الا بعد ان نبّهه الخليفة وقرأ عليه الآية وفي تلك اللحظة جاء الوحي مؤيّدا لعمر في موقفه من المنافقين على حد زعمهم. وبالتالي انّ الذين وضعوا هذه الرويات ليسوا بأسوأ حالا من الذين دوّنوها في صحاحهم للأجيال على مرّ الدهور واختاروها من ستمائة ألف حديث. هذا بالإضافة إلى انّ راوي الحديث عبد الله بن صالح بن محمد المصري متّهم بالكذب كما جاء في التهذيب والميزان وغيرهما.

(9) انظر ص 64 من المجلد الرابع ومقتضى الحديث انّ الشيطان يهاب عمر بن الخطاب أكثر من رسول الله لانّ الرسول على حد زعم الراوي وصف ابا حفص بهذه الصفة لانّ النساء هبنه وخفن سطوته حين انّ الحديث ينصّ على انّهنّ لم يهبن الرسول ولم يتسترن منه كما فعلن مع عمر بن الخطاب.

(10) ص 69 نفس المصدر.

(11) انظر ص 83 / ج / 4.

(12) والذين وضعوا هذا الحديث ارادوا ان يثيروا الشكوك حول التشريع واسبابه وان يخلقوا فضيلة لعمر ولو على حساب الطعن في جوهر الاسلام لأنّ الله كما يزعم الراوي قد احترم رأي عمر وشرّع بناء لرغبته وتلك فضيلة لا يعادلها شيء تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيرا وكلّ من رجع الى كتب التفسير واسباب النزول يخرج وهو على يقين بأنّ تشريع الحجاب كغيره من التشريعات التي كان الله سبحانه يراعى فيها مصلحة العباد لا رغبة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) ولا غيره من الناس.

(13) انظر ص 84 و88 و96، ج 4.

(14) ومع انّ الروايات في صحيح البخاري وغيره تنص على انّ الصلاة عليه لا تتم الا بذكر آله، حيث انّ السائل سأله عن كيفية الصلاة عليه، وكان جوابه قولوا: اللهم صل على محمد وال محمد، ومع ذلك فأهل السنّة يقتصرون عليه وحده ويخالفون النصوص المروية في صحاحهم بدون مدرك بل وحتى البخاري نفسه الراوي لتلك المرويات إذا ذكره يصلّي عليه وحده ويتجاهل آله الذين لا تتمّ الصلاة عليه بدونهم. انظر ص 106 و107 ج / 4.

(15) والمراد من المشط الذي سحر به النبي (صلى الله عليه وآله) على حد زعم الراوي هو العظم العريض الموجود في الكتف، وقيل: غيره وجف الطلعة هو القشر الملاحق للطلع الذي يلقح فيه النخل وقيل: غير ذلك، وبئر ذروان يقع خارج المدينة وقد أرسل النبي (صلى الله عليه وآله) عليا وعمّارا فنزلا البئر واستخرجا آلة السحر التي سحر بها. وقيل كما في فتح الباري: انّ الذي نزل رجل آخر وقد وجد فيه تمثالا من شمع لرسول الله وفيه ابر مغروزة وإذا وتر فيه أحد عشر عقدة فنزل جبريل بالمعوذتين وكلّما قرأ آية انحلت عقدة وكلّما نزع ابرة وجد لها الما. انظر فتح الباري ج 12 ص 34 وما بعدها وانظر في ص 112 ج 4.

(16) مع العلم بانّ زيادة الركعة مبطلة للصلاة سواء كانت من عمد أو سهو وقد كذب الجصّاص في المجلد الثاني من احكام القران حديث سحر النبي (صلى الله عليه وآله) ونزهه عن هذه الاباطيل التي لا تتفق مع الغاية التي أرسل الله الرسل من أجلها ولا اظنّ احدا من اعلام السنة يعرف مقام النبوة ويقرّ امثال هذه المرويّات.

(17) انظر ص 212 و 213 من الصحيح، ونسبة السهو والنسيان إلى النبي (صلى الله عليه وآله) من المنكرات عند الامامية ولم يرد في الكافي ما يشير إلى ذلك ومال الى جواز السهو عليه محمد بن بابويه المعروف بالصدوق احد محّدثي الامامية ولكنّه تعرّض لأعنف الهجمات من الاماميّة في جميع العصور وإذا جاز عليه السهو والنسيان في صلاته جاز في غيرها حتّى في حال تبليغ الاحكام والوحي وغيرهما وإذا كان بهذه الحالة فهل يحصل للناس الجزم والوثوق بما يأتي به بعد ان كان معرّضاً للسهو وللنسيان ولأن يدخل عليه السحر وينفعل به كغيره من سائر الناس.

(18) انظر ص 120 و132 و133 و141 و143 وص 158.

(19) ص 212 المصدر السابق وتشر هذه الرواية إلى انّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحثّهم ويؤكّد عليهم ان يستسلموا للحاكمين ممّن يتولّون الأمور من بعده حتى ولو ظلموا وافسدوا ومارسوا المنكرات والمحرمات ولا يعارضوهم في شيء من ذلك مع العلم بانّ الثورة على الظلم والطغيان والاستبداد من ابرز المبادئ التى جاء بها الاسلام واكّد النبي (صلى الله عليه وآله) في عشرات المناسبات مواصلة الكفاح ضد الظلم والطغيان والتمرد على احكام الله وسننه مهما كانت النتائج فلا بد وان تكون هذه الرواية وامثالها من صنع الذين دوّنوا الحديث في قصور الخلفاء ليصرفوا الناس عن واقع اولئك الحكام الملوّث بكل انواع الجرائم والمنكرات وظلم العباد.

(20) ص 213 و214 و216.

(21) انظر ص 222 / ج 4 هذا النوع من المرويات من صنع الامويّين واتباعهم الذين كانوا يحاذرون من يقظة المسلمين ومراقبة تصرفاتهم واعلان الثورة على تلك الانظمة الفاسدة التي احدثوها منذ ان تيسر لهم الاستيلاء على الحكم بالسلاح والمال والخداع والمراوغة، ولو صحّت هذه المرويات عن الرسول (صلى الله عليه وآله) فلا بد وان يكون المقصود منها الخروج عن طاعة الامام الذي يحكم بالحق والعدل لا غيره ممن غير وبدل واراق الدماء وانتهك الحرمات ليتآمر على المسلمين ويتحكم في رقابهم حسب شهواته واهوائه.

(22) انظر ص 222 نفس المصدر هذه الرواية والتي قبلها تشير الى الامويّين وابو هريرة يعرفهم بأسمائهم وانّهم بنو سفيان وبنو مروان ولكنّه وفاء منه لأسياده الامويّين لم يشأ ان يصرّح بهم في حديثه مع مروان وهم اوّل من مشى في خط عريض يتنافى مع الانظمة الاسلامية وسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله) وخلفائه الطيّبين.

(23) يريد بذلك انّهم اخذوا بشيء من الحق وشيء من الباطل.

(24) ص 231 لقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عن هذه الحوادث قبل وقوعها بمئات السنين ووقع الكثير ممّا أخبر به، فلقد انحسر الفرات عن كنوز من الذهب وأنهر من البترول والذهب الأسود، وكثر الدجّالون الكذابون الذين يتظاهرون بالدين ويزعمون انّهم يحملون رسالة الله لعباده وهم يحملون رسالة أسيادهم اعداء الإسلام ولا يريدون ان يتكلّم غيرهم باسم الدين كما يزعم بعض الادعياء. وتقارب الزمان بسبب الوسائل الحديثة التي ربطت العالم بعضه ببعض، وتطاول الناس بالبنيان حتى اصبحت البناية الواحدة تتسع للآلاف من البشر.

(25) والضب حيوان اشبه بالحرذون في تفصيله قبيح الشكل والمنظر يكثر وجوده في البوادي ويتخذ جحرا له في الرمال يقتات على حشرات البر، وكان الطعام المفضّل لعرب الصحراء وهو من المحرّمات عند الشيعة؛ لأنّه من نوع الحشرات.

(26) انظر ص 261 / ج 4.

(27) الرجل الذي اخبرت عنه السيدة عائشة هو علي بن ابى طالب (عليه السلام) وعائشة تعرف ذلك جيدا، ولكنّها لمّا سمعت النبي يقول: انّ الله يحبه منعها حقدها عليه ان تصرّح باسمه.

(28) لقد خصّ النبي الشام بهذه الفضيلة؛ لأنّها عاصمة معاوية الحريص على احكام الله وشريعته واهلها كانوا من اتباعه المناصرين له، وفيها ولده يزيد، وهشام بن عبد الملك، والوليد صاحب «حبابة» وغيرهم من هذه الشجرة المباركة [الملعونة].

(29) انظر ص. 8 ج 1.

(30) نفس المصدر ص 64، وكلمة المباشرة تعني انّ النبي صلى الله عليه وآله كان يستعملهنّ في حال الحيض كما يستعمل الرجل المرأة ما عدا الوطأ كما نصّ على ذلك ابن حجر في المجلد الاول من فتح الباري بقصد بيان الحكم الشرعي على حد تعبيره، وهذه الرواية من المكذوبات على الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو ارفع شأنا من ان تغلبه شهوته وتضطره إلى مباشرتهنّ في حال الحيض مع العلم بانّه لو احتاج إلى النساء يمكنه استعمال غير الحائض من نسائه الكثرات، وبالإمكان ان يبيّن الحكم الشرعي بغير هذا الاسلوب الذي يتنافى مع مكانته. ويضعه في المستوى الذي يترفع عنه الكثير من الناس.

(31) انظر ص 83 / ج / 1 ويبدو من هذه الرواية انّ الآية الاخيرة هي من كلام عمر بن الخطاب بمادتها وهيئتها، وانّ الله انزلها كما نطق بها ابو حفص بدون تغيير أو تحريف، وفي ذلك ما يؤكّد انّ الرواية المذكورة وضعت لإثارة الشبه حول القرآن وانّ بعضه من صنع الصحابة كما يرى الحاقدون من اعداء الاسلام وليس بغريب على الامويّين وانصارهم ان يوفّروا الاجواء للتشكيك برسالة محمد (صلى الله عليه وآله) لأنّهم لم يؤمنوا بها طرفة عين ابدا كما يدلّ على ذلك تاريخهم الطويل.

(32) 199 نفس المصدر.

(33) ص نفس المصدر ص 122 وهل يتفق هذا الالحاح الاكيد من الرسول على انّ يتولى الصلاة مكانه أبو بكر كما تدل على ذلك المرويات الكثيرة عن السيدة عائشة التى رواها البخاري عنها بأشكال مختلفة متباينة، هل يتفق هذا الالحاح على ابي بكر للصلاة بالناس مع خروج النبي متوكئا على علي والعباس وهو في حالة المرض الشديد كما تنص على ذلك هذه الرواية بمجرد ان دخل الرجل في الصلاة، الا ان يكون خروجه وهو بهذه الحالة ليختم حياته مؤتما بأبي بكر ويقبل على الله قرير العين بهذه الصلاة التي وفّق لها في آخر لحظة من حياته.

 (34) ص 159 من المصدر السابق، وكان من المفروض على البخاري كمحدّث قد اختار جامعه من آلاف الأحاديث المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله) ان يتجنّب تدوين هذا النوع من المرويّات الذي يصوّر النبي العظيم وكأنّه آلة بيد امرأة يحاول ارضاءها ولو بحضور مجالس الغناء والرقص، والوقوف إلى جانبها على الشرفات لترى المغنيات الراقصات يلعبن في مواسم الاعياد، انّ الرسول لأعظم من ان ينحط إلى هذه المستويات التي ترفّع عنها أبو بكر وعمر، كما نصّت على ذلك تلك المرويّات.

(35) المصدر السابق ص 235.

(36) انظر تاريخ اليعقوبي ص 8 ج 2، لقد وضع الزهري هذا الحديث استجابة لطلب عبد الملك حينما منع الناس من الحج إلى مكة في عهد ابن الزبير، وبعد ان اذاع حديث الزهري بين الناس بنى على الصخرة قبّة وأمر الناس ان يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة في موسم الحج.

(37) انظر ج 1، ص 6 و7 وقد نصّ هذا الحديث بصراحة انّ النبي (صلى الله عليه وآله) مع تلك العلامات التي أظهرها الله له، ومع انّه رأى الملك واوحى إليه هذه الآيات من القرآن الكريم، كان شاكا في امره، وخائفا من مصيره، ولم يطمئنّ على نفسه الا بعد ان بشّره ورقة بن نوفل بالنبوة التي انتهت إليه، ومن ناحية السند فإنّ راوي هذا الحديث يحيى بن بكير وهو ليس من الموثوق بهم عند المؤلفين في الرجال، كما نصّ على ذلك الذهبي في الميزان، وابن حجر في تهذيب التهذيب.

(38) ص 232، وانّ المتتبّع في مرويات ابي هريرة يجده فناناً في مرويّاته التي ينسبها إلى الرسول (صلى الله عليه وآله)، وكثير منها لا يجد الباحث مفرّاً من التشكيك به، وان دلّت هذه الرواية على شيء، فانّها تدل على انّ موسى [حاشاه عليه السلام] قد بلغ به الحمق إلى حد أفقده وعيه فبطش بملك الموت ولطمه لطمة افقدته عينه، واضطر ان يراجع ربّه شاكيا من هذا النبي الذي يرفض تنفيذ اوامره ويبطش برسله.

(39) ص 45 من ج 2، وأكثر روايات ابي هريرة في صحيح البخاري من النوع الذي ليس له شبه في السنة ولا في الكتاب، ولا يؤيّده العقل، ولعلّ هذا النوع من المرويّات من الوعاء الذي لم يحدث به في عصر الصحابة ولو حدّثهم بهذه الأحاديث في ذلك العصر لقطعوا بلعومه على حد تعبيره.

(40) ومن المعلوم انّ الذين كانوا يدعونه إلى النار هم الذين حاربوه في البصرة وقتلوه في صفين لأنّه دعاهم إلى الجنّة والرجوع عن ضلالهم وعلى رأسهم معاوية وابن العاص وزمرتهما، الذين روى عنهم البخاري في صحيحه عشرات الروايات.

(41) ص 139 و141، ج 2.

(42) انظر ص 157 و161 و166 ج 2.

(43) ص 261 ولا شكّ في أنّ هذه الرواية وامثالها من صنع المرتزقة الذين كانوا يتقرّبون بالحكام السفاكين بمثل هذه المرويات التى تصوّر لهم انّ التوبة تدفع عنهم مسؤولية جرائمهم مهما كان نوعها.

(44) ص 247.

(45) ص 222 و225 و227 و228، ج 2.

(46) ص 248 و253، لقد روى البخاري الحديث المتعلّق بتفضيل النساء في مختلف المناسبات. وكان النبي (صلى الله عليه وآله) ارضاء لعائشة ذكرها في معرض حديثه عن آسية وعن مريم. ولم يفضّلها على أحد من النساء الا بمقدار ما للثريد من فضل على بقيّة المآكل، ولو كانت أفضل من غيرها لما عدل عن أسلوبه الأول.

(47) انظر ص 287 و288 و298 و290.

(48) نفس المصدر. ج 2، ص 292 و294 و295.

(49) انظر ص 296 و297، ج 2، لقد اقتصد البخاري في سرد فضائل عثمان ولم يتحمس له كما تحمّس لغيره، مع العلم بأنّه قد ظهر له من الفضائل في عهد معاوية والامويّين ما لا يحصى عددا عن طريق ابي هريرة وابن العاص والمغيرة بن شعبة وأمثالهم من الأبدال، فكيف تجاهلها شيخنا الجليل محمد بن اسماعيل مع انّهم من الموثوقين عنده، وقد روى عنهم في صحيحه في مختلف المواضيع.

(50) انظر ص 205، ج 4، والحكم بصحة النكاح في مثل ذلك مبني على ان الواقع تابع لحكم المجتهد وليس وراء حكمه شيء آخر وهو من أسوأ أنواع التصويب الذي يقول به اهل السنّة ومن ابعد الأحكام عن منطق الكتاب وسنّة الرسول.

(51) ص 227 نفس المصدر، ولعلّ النبي (صلى الله عليه وآله) يشير بقوله الفتنة ههنا وهو بجانب المنبر إلى اقرب البيوت إليه لانّ ههنا يشار بها للقريب كما تؤكد ذلك الرواية الثانية، ويدل على ذلك ايضا انّه ذكر نجدا ولم يستعمل هنا أو ههنا بل استعمل كلمة هناك التي لا يشار بها الا للبعيد، وقد صدق (صلى الله عليه وآله) فيما وصف به نجدا فانّ تاريخها ملئ بالفتن والمجازر ومشحون بالبدع والمنكرات في الماضي والحاضر، وجاء في فتح الباري ج 16 ان الفتن والبدع نشأت من تلك الجهة، ولا تزال مصدرا للفتن والبدع وركيزة من ركائز الاستعمار لضرب البلاد العربية التي تنشد الحياة الحرة الكريمة والتخلص من المستعمرين واذنابهم الصهاينة اعداء البشر والانسانية.

(52) انظر ص 201 ج 2 وما بعدها.

(53) ص 55 ج 3، وإذا نسبنا هذه الرواية إلى الرواية التي قبلها ينتج منهما ان أبا بكر قد اغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لان فاطمة ماتت وهي غضبى عليه كما تنص هذه الرواية ولم يحضر جنازتها بوصية منها ومن اغضب رسول الله فقد اغضب الله سبحانه كما تؤكد ذلك النصوص الكثيرة من اغضب الله كان معرضا لنقمته وعذابه.

(54) ص 207 و209، ج 3، وهذا الحديث يناقض الحديث السابق الذي ينص على ان اول سورة نزل بها الوحي، اقرأ باسم ربك الذي خلق، كما ذكرنا سابقا من رواية البخاري عن بداية نزول الوحي وكل من الروايتين تناقض الاخرى.

(55) والرجل الذي قال فيها برأيه ما شاء هو عمر بن الخطاب حيث نهى عنها وتوعد بالعقاب على فعلها، وقد اخذ الشيعة برأي رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي شرعها لانّه لا ينطق عن الهوى، وتركوا رأي الخليفة الذي قال فيها برأيه واجتهاده ما شاء ان يقول.

(56) انظر ص 226، ج 2.