1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

اساسيات الاعلام

الاعلام

اللغة الاعلامية

اخلاقيات الاعلام

اقتصاديات الاعلام

التربية الاعلامية

الادارة والتخطيط الاعلامي

الاعلام المتخصص

الاعلام الدولي

رأي عام

الدعاية والحرب النفسية

التصوير

المعلوماتية

الإخراج

الإخراج الاذاعي والتلفزيوني

الإخراج الصحفي

مناهج البحث الاعلامي

وسائل الاتصال الجماهيري

علم النفس الاعلامي

مصطلحات أعلامية

الإعلان

السمعية والمرئية

التلفزيون

الاذاعة

اعداد وتقديم البرامج

الاستديو

الدراما

صوت والقاء

تحرير اذاعي

تقنيات اذاعية وتلفزيونية

صحافة اذاعية

فن المقابلة

فن المراسلة

سيناريو

اعلام جديد

الخبر الاذاعي

الصحافة

الصحف

المجلات

وكالات الاخبار

التحرير الصحفي

فن الخبر

التقرير الصحفي

التحرير

تاريخ الصحافة

الصحافة الالكترونية

المقال الصحفي

التحقيقات الصحفية

صحافة عربية

العلاقات العامة

العلاقات العامة

استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها

التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة

العلاقات العامة التسويقية

العلاقات العامة الدولية

العلاقات العامة النوعية

العلاقات العامة الرقمية

الكتابة للعلاقات العامة

حملات العلاقات العامة

ادارة العلاقات العامة

الاعلام : الصحافة : تاريخ الصحافة :

الحملة الثانية ضد مجلة ليلى العراقية

المؤلف:  أ. د. خالد حبيب الراوي

المصدر:  تاريخ الصحافة والاعلام في العراق

الجزء والصفحة:  ص 85-91

7/12/2022

1058

الحملة الثانية ضد مجلة ليلى العراقية 

قامت وزارة المعارف (التربية) بتعيين بولينا حسون مديرة لمدرسة باب الشيخ الابتدائية في بداية العام الدراسي 1925، وبعد أن باشرت مهام عملها بأيام نشرت جريدة (العراق) مقالة طويلة فجرت الصراع من جديد حول بولينا حسون. وكانت المقالة موقعة باسم - طالبة تركت المدرسة بسبب من تصرفات المديرة الجديدة :

(لقد جئت بهذه الكلمة لأبين لأولياء الأمور ومن يهمهم أمر فتياتهم ما شاهدته بأم عيني ، وجزعت له نفسي مما اضطرني إلى ترك مدرستي (باب الشيخ)، وذلك نظراً للأعمال المخالفة لأصول التربية والتعليم التي تأتيها المديرة الجديدة الآنسة بولينا حسون. أجل ؛ لقد عين الأستاذ ساطع بك (الحصري) مديرة لمدرستنا لا تعلم من أصول التربية وفنون التعليم والتهذيب إلا أسماءها ، وليس لها سابق معرفة بمثل هذه الأمور ، وأظن أن السبب الذي دعا المدير العام إلى ترشيحها مديرة لمدرستنا (باب الشيخ) هو أنها كانت قد أصدرت مجلة نسائية ليس لها فيها ومنها إلا الاسم . ولا أعلم هل أن من تصدر مجلة يحق لها أن تكون مديرة لمدرسة وهي لا تعلم ما يتطلب هذا المنصب من الجد والاجتهاد والعلم والأخلاق. اسمح لي يا سيدي الأستاذ أن أسأل حضرتكم : على أي اعتماد اعتمدتم في تعيين الآنسة بولينا حسون لمديرية مدرستنا ... وعلى أي شهادة استندتم في هذا التعيين .. ؟ وهل اختبرتموها قبل تعيينها لهذا المنصب ..!

ومن اختبرها .. ؟ هل حضرتكم منفرداً أو تشكلت لجنة، فإن كانت لجنة فما قوام تلك اللجنة ؟ أيها الأستاذ لا يخفى على حضرتكم أن مدرستنا كانت قد وصلت إلى درجة تضاهي جميع المدارس ... ولكانت مديرة مدرستنا السابقة تعامل المدرسات والطالبات كأخوات لها ليس إلا . ولم نر أنها أهانت يوما ما مدرسة أمامنا ولا طالبة. أما اليوم فكل ابنة تكره هذه المديرة الجديدة الغريبة الأطباع التي لم يكن لها بين ظهرانينا إلا عشرة أيام ، وما ذلك إلا لجرحها عواطفنا كافة وعواطف مدرساتنا خاصة. ولأنها تحب أن تستعبد كل واحدة منا وتجعلها (عبدة وأسيرة) بين يديها ، ولأنها تهين وتؤنب وتحقر المدرسات أمامنا فضلا عن إهانتها للطالبات وضربها لهن ، ولأنها لا تعرف معنى الحرية الشخصية التي لا تهان ولا تحتقر أمام ملأ من الأوانس ولأنها تمسك المدرسة أمامنا وتهزها هزاً عنيفاً قائلة لها : (أتحبين أن أحقرك أمام التلميذات).

فما هذه الأعمال يا سيدتي المديرة الصحافية الاجتماعية الكبيرة !!!  هذه أعمالك يا سيدتي ستجبر أولياء أمور التلميذات أن يخرجوا بناتهم من مدرسة باب الشيخ - كما خرجت أنا).

ودعت الكاتبة في نهاية كلمتها إلى (إنقاذهم من هذه المديرة الطاغية المستبدة، وذلك آما بتبديلها آو الاستغناء عن خدماتها ... وإعادة مديرتنا (الآنسة اوسياك) لمدرستنا أو ترشيح إحدى مدرساتنا اللاتي قمن بوظائفهن حق القيام لرئاسة مدرستنا).

وإزاء هذه المقالة العنيفة نشرت جريدة (العالم العربي) رداً على جريدة (العراق) وقالت : (إنه وردتها من سكان محلة باب الشيخ عدة ردود على التشنيعات البذيئة التي تتلذذ جريدة (العراق) بنشرها عن صاحبة مجلة (ليلى) مديرة مدرسة باب الشيخ. وتذكر الجريدة أنها عدلت عن نشر الردود لاعتقادها بان تلك التشنيعات لا تستحق الاكتراث لها سواء كانت بتوقيع تاركة مدرسة أو حاسد أو منتقم أو غير ذلك).

وعادت جريدة (العراق) بعد عدة أيام ، ونشرت كلمة أخرى لتاركة المدرسة ، تذكر فيها أنه مضى عليها عدة أيام وهي تنتظر بفارغ الصبر جواب الأستاذ ساطع الحصري : (أجل ! كيف لا أنتظر ذلك الجواب وتلك المساعي وإنني إحدى البائسات اللائي قضى عليهن تعيين هذه السيدة النابغة والصحافية البارعة !!! المعينة تعييناً (كيفياً خاطرياً) بلا جدارة ولا استحقاق. أما تسمع أيها الأستاذ أنين وصراخ أهالي باب الشيخ).

وانبرت جريدة (العالم العربي) تجيب على ما نشرته جريدة (العراق)، وذكرت بأن بولينا حسون تريد أن تقيم النظام وتطبق القانون، وذكرت (العالم العربي) بأن السبب الحقيقي في الهجوم على بولينا حسون هو بتحريض من المعلمات الماردينيات الأرمنيات اللواتي فقدن بنقل ابنة جنسهم المديرة السابقة سنداً لهم : (لينلن منها ما يطلبنه من التساهل والتسامح في القيام بالواجب وقد ارتعن (هن مناصروهن من كتاب وأعوان جريدة العراق) لتعيين وزارة المعارف فتاة عراقية مقتدرة لا ذنب لها في أعينهن سوى أنها ليست من بنات جنسهن الذي ربما يريد احتكار الإدارة والتعليم في مدارس البنات العراقية من دون مزية ولا اختصاص ؛ فليمعن اللبيب نظره في هذه الدسيسة ....).

وأضافت (العالم العربي) : ( ماذا يريد صاحب جريدة العراق من مدرسة بنات باب الشيخ ؟ أيريد أن يجعلها مركزاً للدعاية (البروبغندا) لجريدته، أم يريد أن يبث فيها روح العداء للمديرة، وروح التمرد والعصيان عليها، وروح التشنيع على الناس). واختتمت (العالم العربي) كلمتها بالاتي : (كان الأولى بوزارة المعارف أن تعطيها وظيفة أعلى لأنه لا توجد بين جميع المديرات والمعلمات عندنا من تفوق (صاحبة مجلة ليلى) أهلية وشجاعة وفضلا وتمسكا بالواجب).

وأرسل سكرتير وزارة المعارف رداً على كلمة - متى يسمعوا الشكوى - جاء فيه أن المعارف لم تتلق أية شكوى من طالبات مدرسة باب الشيخ أو من آبائهن، والمعارف لا تعرف شيئاً عن هوية (تاركة المدرسة) ؛ فإذا كانت حقيقة من الطالبات فعليها أن تراجع إدارة المعارف.

ونشرت (العراق) تحت عنوان همسات أن بولينا حسون حرمت قراءة جريدة (العراق) داخل المدرسة، وبعد ثلاثة أيام ردت - تاركة المدرسة - على وزارة المعارف ، وقالت بأنها متأكدة لو أنها كانت قد راجعت المعارف لما حصلت على نتيجة ؛ ولذلك اكتفت بالخروج من المدرسة، وذكرت بأنها ستقوم بمراجعة المعارف للبرهنة على صحة ما أوردته في مقالتيها السابقتين.

ثم تناولت جريدة (العراق) في مقالة طويلة ما ذكرته جريدة (العالم العربي) حول التواطؤ (الأرمني) ونفته. وعادت جريدة (العالم العربي) ترد على ما كتبته جريدة (العراق) بصدد منع قراءة الجريدة في المدرسة، واقتبست مجموعة من أخبار نشرتها جريدة (العراق) عن الحياة خارج العراق وذكرت بأنها بعيدة عن الحياء، وخلصت إلى أن جريدة (العراق) تعادي بولينا حسون للأسباب الآتية :

1- لأنها صاحبة مجلة (ليلى) وهذه عداوة صنف.

2- لأنها مديرة مدرسة باب الشيخ التي كان يجب أن تكون مديرتها إحدى جاسوسات جريدة (العراق) اللواتي بينت أمورهن فيما سبق.

3- لأن حضرة الآنسة حسون لا تنشر الدعاية للجريدة المذكورة ولا تروج بيعها أو نشرها لعلها تنهض بعد سقوطها الهائل.

وهاجمت جريدة (العراق) صاحب جريدة (العالم العربي) ووسمته بالسذاجة : (واخيراً قدر له أن يصبح صحفياً ، وتجسمت السذاجة في جريدته. وهذا صحيفة تدعو القراء إلى الهزء والسخرية من السذاجة المتخللة في كل سطر منها ، أما تلك المخلوقة المحمية منه ... فأفضل عمل تعاطته ممرضة في مستشفى عسكري في القدس (نرس) في أيام الحرب.  فكيف تهيأت لأن تكون صالحة لإدارة مدرسة).

وأجاب صاحب (العالم العربي) على ما كتبته (العراق) رداً على وصفهم إياه بالساذج وكشف أن الكاتب الذي يتخفى تحت اسم الهامس ما هو إلا روفائيل بطي الذي كان تلميذا له، وكان يمتدحه، ولكنه انقلب عليه كما انقلبت جريدة (العراق) على بولينا حسون بعد أن كانت تمتدحها، وعلى الشاعر الزهاوي الذي امتدحته ثم قدحت فيه وأهانته : (وهكذا تكون الجريدة التي يدعها صاحبها في يد كل من يعثر عليه من حاملي القصبات البخسة القيمة التي تميل لكل هون ومع كل هوى ... هذا ما نقابل به (لسعات) الهامس وإن عادت العقرب عدنا لها).

وتدخلت جريدة (الاستقلال) في المناوشات الدائرة حول بولينا حسون بين الجريدتين العراقيتين ، ونشرت كلمة أشار فيها كاتبها إلى اعتقاده بأن (تاركة المدرسة) هي رجل وليست فتاة ، ثم قال إنه لا علاقة له ببولينا حسون، ولكنه ينبه إلى أن النقد هو غير التشهير وأن المطالبة بالحقوق والإصلاح هو غير الطعن بالكرامة والمس بالشخصيات إلى درجة تمتهن بها عزة نفس بولينا حسون على صفحات الصحف السيارة بينما هي أهل للاحترام.

وردت جريدة (العراق) على ما نشرته جريدة (الاستقلال) وركزت على تكهن الكاتب بأرح ما نشرته جريدة (العراق) بقلم تاركة مدرسة هي من كتابة رجل. وتساءلت ، لم يبحث الكاتب عمن كتبها (فما لك وله ... فإن كنت تريد الحقيقة فخذها من أي كان).

وأجابت جريدة (الاستقلال) مؤكدة بأن النزاهة وحدها هي الهدف فيما نشرته حول قضية بولينا حسون. وراحت جريدة (العراق) تفخر بالمعارف وبساطع الحصري، فردت عليها (العالم العربي) وتحدثت عن جهود العرب الذين يعملون في المعارف واختتمت كلمتها معرضة برزوق غنام صاحب جريدة (العراق) : (فمن أين إذن نجلب رجالا يملؤون عيون غناميان ورفقائه أمن (اريفان ونخجوان والكساندرا بول؟).

وتحقق ما دعت إليه جريدة (العراق)،  فقد نشرت في الرابع عشر من كانون أول 1925 وتحت عنوان - إقالة مديرة مدرسة باب الشيخ. وذكرت بأن وزارة المعارف عزلت بولينا حسون من وظيفة مديرة المدرسة ونقلتها معلمة إلى مدرسة الحيدرية.

وهللت الجريدة لهذا الحدث وقالت : (وهذا يدل على أنه ثبت للمعارف بعد الاختبار والتجربة صحة نظرية جريدة العراق في عدم اقتدار بولينا حسون على إدارة مدرسة، ونعتقد أن الأيام ستبرهن كذلك لوزارة المعارف أن حضرة الآنسة غير جديرة بالتعليم في مدرسة أولية أيضاً).

ونشرت (العراق) في العدد نفسه وفي مكان آخر وتحت عنوان - بولينا حسون تلتجئ إلى المضابط - أنه بلغها أن بولينا حسون قامت إثر عزلها من منصب مديرة المدرسة بالتوسل إلى المعلمات في تلك المدرسة لكي يمضين لها (مضبطة) ببقائها في المدرسة : (وهي الوسيلة التي يلجأ إليها عادة العاجزون، علماً أن ما نعهده في حضرات المعلمات الفاضلات في تلك المدرسة قد حقق لدينا أنهن رفضن طلبها...).

ثم نشرت (العراق) وتحت عنوان - الحق يظهر ولو كره الكافرون : عود على بدء - روت فيها كيفية عزل بولينا حسون، وقالت بأن بولينا حسون أرادت أن ترفع درس القرآن الكريم وتضع بدلا عنه درس أعمال يدوية، وأن مديرية معارف بغداد أرسلت مفتشها إلى المدرسة وهو نوري بك ثابت، وهو الذي اشتهر فيما بعد في الصحافة باسم حبزبوز، وبعد أن أخذ إفادات المدرسات وعلم بجميع ما كانت تأتي به رفع تقريره إلى مديرية معارف بغداد فقررت تنحيتها عن المدرسة وتعيين غيرها . وكانت (العالم العربي) قد نشرت في اليوم نفسه الذي ظهر فيه المقال السابق في (العراق) ما يأتي : (بشرت أمس جريدة غناميان قراءها بخبر .. نقل مديرة مدرسة باب الشيخ إلى مدرسة أخرى. وافتخرت جريدة غناميان بفوزها فيما سبق لها من الثلب والطعن في حضرة الآنسة بولينا حسون وتمنت لها شراً على شر، وهو ليس بالغريب والكثير على الجريدة المذكورة التي لم تزل تحارب الفتاة العراقية منذ أصدرت مجلة (ليلى) حتى الآن.

ثم أبدى صاحب جريدة (العالم العربي) استغرابه من موقف ساطع الحصري من المسألة، وروى قصة مقابلة أجراها معه، حيث أخبره فيها الحصري بأنه نقلها لأنها عصبية لإراحتها وللاستفادة منها في مدرسة أخرى ... واختتم كلمته ... (أن الآنسة حسون قد قاست حتى الآن استشهاداً أليماً يسبب أعمالها التهذيبية في مجلتها ليلى، ووجب عليها أن تقاسي أيضاً معاملة غريبة في بابها، من الرجل الذي يسمونه (المهذب والمربي)، فليسجل العراق لحضرة الحصري هذه الحسنة).

ونشرت جريدة (العالم العربي) في عدد لاحق أن (جريدة غناميان نشرت كالعادة مقالا آخر سداه الثلب ولحمته الافتراء والتشنيع ... جاءت الآن ببدعة أخرى تحاول بها الضرب على الوتر الحساس لخداع وتهييج البسطاء والسذج ... زعمت أن الآنسة حسون قد أصبحت الغازي مصطفى كمال باشا فأرادت أن ترفع درس القرآن الكريم من المدرسة).

وأكدت بأن هذا افتراء وأن الجدول موجود ويستطيع من يشاء أن يطلع عليه. ودعت جريدة (العالم العربي) مجلس الوزراء إلى إجراء التحقيقات بهذه القضية التي لا يزال الرأي العام يضج منها. وعادت جريدة (العراق) ونشرت كلمة تحت عنوان - عصبيات  بقلم (اختصاصي في الأمراض العصبية) وعلقت على ما نشره صاحب جريدة (العالم العربي) عن لقائه مع ساطع الحصري ، وأشارت إلى أن بولينا حسون عصبية (آه لو فقه معلم الصبيان تلميح الأستاذ الحصري في العصبية ... لاشترى (للعصبية) ابنة عمه ناقة تسابق الرياح لتطوي بها الرمال والبطاح إلى فلسطين من حيث أتت). وراحت جريدة (العراق) تنشر مقالات تمتدح فيها ساطع الحصري وتبين فضائله.

ويروي الأستاذ ساطع الحصري في مذكراته بأنه كان وراء نقل سليم حسون من وظيفته مفتشاً للمعارف في الموصل إلى البصرة، وانه رفض النقل وأصدر جريدة (العالم العربي) وراح يهاجمه فيها، ولكن تعيين بولينا حسون مديرة لمدرسة باب الشيخ جعله يتوقف عرف مهاجمته. ثم يذكر أن بولينا حسون زارته في المعارف وراحت تتحدث بعصبية وهي تخرج أوراقاً من حقيبتها وتقول له : انظر ماذا تكتب عنها الطالبات وكيف أن مدير المعارف أرسل إليها إلفات نظر.

(وبدأت تقرأ إحدى الرسائل ثم ترمي بالحقيبة إلى الأرض، وتعود ترفعها لتخرج منها كتاباً آخر.... وصارت عصبيتها تزداد وبسرعة، حملتها على القيام من كرسيها، وكانت ترفع عن رأسها برنيطتها ثم تعيدها ثم ترفعها لتضعها في زاوية الغرفة ... أن كل حركاتها ، وكل كلماتها التي رأيتها وسمعتها بعيني وأذني، كانت تدل على هستيرية صريحة، فلم يبق لي أدنى مجال للشك في أنه لا يجوز ترك إدارة المدرسة في أيديها ، ولذلك قررنا تحويلها إلى معلمه دون تغيير شيء من مرتبها ومرتبتها).

ويتحامل الأستاذ الحصري على بولينا حسون حيث وصفها ب (الأديبة الكبيرة) بين قوسين ؛ ثم يذكر أن عبد المسيح وزير (وهنا يخطئ الأستاذ الحصري في ذكر اسم عبد المسيح وزير والصحيح هو رزوق غنام، وقد كرر الخطأ عدة مرات) كتب في (العراق) معلقاً على مقالة سليم حسون. ويضيف الحصري : (وقد علمت بعد بضعة أيام أن بولينا حسون أقامت قضية على عبد المسيح وزير (كذا) وطلبت الحكم عليه بتعويض مالي قدرة عشرة آلاف روبية لأن ما كتبه يمس كرامتها ويسيء إلى سمعتها، ويحول دون زواجها).

ويختتم الحصري ذكرياته عنها : (إن ...  شيوع القضية التي رفعتها بولينا حسون ضد عبد المسيح (!) وطلبها تعويضاً ماليا ... بسبب تأخير زواجها آثار الضحك في محافل عديدة). ويبدو أن الأسنان الحصري ، أضاف من عندياته مسألة تأخير الزواج التي لم تكن مثارة ، ويغلب الظن أنه أضافها لدعم الصورة التي رسمها لبولينا حسون.

وفي الواقع، فإن الحملة التي قادتها جريدة (العراق) ضد بولينا حسون في تلك الحقبة من الزمن، والتي حفلت بالإساءات إلى الصحفية الرائدة، دفعها لأن تقيم دعوى على الصحفي رزوق غنام أمام المحاكم وتم النظر في الدعوى ، وذكرت جريدة (العالم العربي). أن المحاكمة والمرافعة في القضية استغرقت ثلاث جلسات وحضرها عدد كبير من الجمهور. ولكانت نتيجة الدعوى أن صدر القرار لصالح بولينا حسون والذي جاء فيه :

(نتيجة دعوى القذف المقامة من قبل الآنسة بولينا حسون مديرة مدرسة باب الشيخ السابقة على رزوق أفندي غنام صاحب جريدة العراق ومديرها المسؤول (وذكر القرار فقرات من المقالات التي نشرتها جريدة العراق) وحيث إن الاسنادات والتوصيفات والعبارات الآنفة الذكر تحط من كرامة المشتكية وتتضمن الازدراء والطعن والشتم ... فقد اقتنع بإدانة رزوق أفندي غنام عن جريمة القذف المسندة إليه وقررت تجريمه ... والحكم عليه ... بالغرامة البالغة مائة روبية وعند عدم الدفع بحبسه عشرون يوما ... وحيث إن المدعية اكتسبت حق الادعاء الشخصي بطلبها عشرة آلاف روبية تعويضاً من المحكوم وقد اقتنعت المحكمة أن النشريات المشتكى عنها أفضت إلى فصلها من وظيفة التدريس وحرمانها من الراتب واستلزمت تكبدها مصاريف المدعاة وأتعابها. فبالنظر إلى حالة الطرفين الاجتماعية فقد حكم على المحكوم رزوق أفندي غنام بأداء ألف ربيه تعويضاً إلى المدعية ، وبنشر هذا القرار بأول عدد يصدر من جريدته وجريدتي الاستقلال والعالم العربي على أن تكون أجرة النشر عليه وفقا لمادة (12) من قانون المطبوعات).

 

خاتمة :

بعد انتهاء السنة الثانية لصدور مجلة (ليلى)، نشرت بولينا حسون، في جريدة (العالم العربي) أن العدد الأول للسنة الثالثة من مجلة (ليلى) سيصدر في الشهر القادم لافتة الى ذلك أنظار القراء والقارئات.

ويبدو أن الضغط والحصار الشديد والحملات التي جابهتها بولينا حسون سواء من قبل المتزمتين أو الصحافة أو الإدارة قد دفعها للعدول عن إصدار العدد الأول للسنة الثالثة وعن الاستمرار في العمل الصحفي ، وكانت النتيجة أن قمعت تلك المجلة الرائدة المتميزة وتوقفت عن الصدور. ولم تكتف بولينا حسون بذلك ، بل إنها حزمت أمتعتها وغادرت العراق عائدة إلى فلسطين، وخلفت وراءها ذكرى امرأة عراقية باسلة، يحق أن يقال عنها ، إضافة إلى كونها أول صحفية عراقية : إنها رائدة الحركة النسوية في العراق.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي