اساسيات الاعلام
الاعلام
اللغة الاعلامية
اخلاقيات الاعلام
اقتصاديات الاعلام
التربية الاعلامية
الادارة والتخطيط الاعلامي
الاعلام المتخصص
الاعلام الدولي
رأي عام
الدعاية والحرب النفسية
التصوير
المعلوماتية
الإخراج
الإخراج الاذاعي والتلفزيوني
الإخراج الصحفي
مناهج البحث الاعلامي
وسائل الاتصال الجماهيري
علم النفس الاعلامي
مصطلحات أعلامية
الإعلان
السمعية والمرئية
التلفزيون
الاذاعة
اعداد وتقديم البرامج
الاستديو
الدراما
صوت والقاء
تحرير اذاعي
تقنيات اذاعية وتلفزيونية
صحافة اذاعية
فن المقابلة
فن المراسلة
سيناريو
اعلام جديد
الخبر الاذاعي
الصحافة
الصحف
المجلات
وكالات الاخبار
التحرير الصحفي
فن الخبر
التقرير الصحفي
التحرير
تاريخ الصحافة
الصحافة الالكترونية
المقال الصحفي
التحقيقات الصحفية
صحافة عربية
العلاقات العامة
العلاقات العامة
استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها
التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة
العلاقات العامة التسويقية
العلاقات العامة الدولية
العلاقات العامة النوعية
العلاقات العامة الرقمية
الكتابة للعلاقات العامة
حملات العلاقات العامة
ادارة العلاقات العامة
الصحافة البريطانية في العراق والمعارضة
المؤلف: أ. د. خالد حبيب الراوي
المصدر: تاريخ الصحافة والاعلام في العراق
الجزء والصفحة: ص 31-34
2/12/2022
1151
الصحافة البريطانية في العراق والمعارضة
بعد إعلان الدستور العثماني عام 1908 ظهرت عشرات الصحف والمجلات في العراق مستقلة عن السلطة، فعبر ذلك عن التوق إلى التمتع بهذا الحق الذي يتيح فرص حرية التعبير والراي. ومهما كانت النتائج التي ترتبت على ذلك الانبعاث ورغم الظروف المختلفة التي أحاطت به، إلا أن السلطات الحاكمة سرعان ما أعلنت عن إجراءات حدت من ذلك الانبعاث. وجاءت الحرب العالمية الأولى لتقضي على البقية الباقية مما منحه الدستور العثماني، فأجهز على الصحف وأبقي على ما يعبر عن مواقف السلطة بشكل مباشر، وهكذا اضمحل الانبعاث الأول للصحافة العراقية. فإذا جاز اعتبار إعلان الدستور العثماني هو بدء الانبعاث الأول للصحافة غير الحكومية أو الرسمية في العراق، فيمكن اعتبار ظهور الصحف العراقية في أواخر الاحتلال البريطاني المباشر للعراق هو الانبعاث الثاني لها.
فعلى الرغم من هيمنة قوات الاحتلال البريطاني على الأوضاع في العراق، إلا أنها لم تتمكن من تنفيذ برامجها وسياساتها بالشكل الكامل التي سعت إليه ، فقد هبت المعارضة العراقية في ثورة العشرين لتؤكد للبريطانيين أن القوة الاجنبية لا تستطيع قهر الشعب وأن الشعب له صوته الذي يعبر به عن إرادته ورغباته. ولكانت ثورة العشرين العامل الأساسي الذي دفع قوات الاحتلال البريطاني إلى الموافقة على إصدار الجرائد، وأصدر الثوار حينها مثلا بعض الصحف منها: جريدة الفرات وجريدة الاستقلال في النجف. كما كان للرسالة المشتركة التي أرسلها يوسف السويدي ومحمد الصدر - نيابة عن أهالي بغداد والكاظمية إلى الحاكم الملكي العام للحكومة في 14 حزيران 1920 أثرها في التسريع بتحريك مسألة إصدار الصحف. إن الرسالة ذكرت الحاكم الملكي العام بانه كان قد وافق على إصدار الصحف من قبل الأهالي، ولكان ذلك جزءاً من مطالب الجمهور عند تفاوضه مع مندوبيهم وعلى تطبيق القانون العثماني للمطبوعات. ورجت الرسالة الحاكم الملكي العام الإسراع بإصدار الأوامر بالموافقة على إصدار الصحف. ومن جهة ثانية، قام مكتب الصحافة المتحدة للهند بتوجيه رسالة إلى الحاكم المدني تفيد بأنهم علموا بان عدة صحف عربية ستصدر قريبا في بغداد والبصرة وأنها ستدار بواسطة مؤسسات خاصة. وأبدى المكتب استعداده لتقديم خدماته الإخبارية إلى الصحف الجديدة مقابل مائة ربية شهرياً إذا كانت الخدمة لصحيفة واحدة وخمسين ربية إذا اشتركت صحيفتان في الخدمة .
وفي عام 1919 بدأ تقديم الطلبات للحصول على موافقات إصدار المطبوعات من قبل المواطنين العراقيين. وكان أول طلب تقدم به انطوان لوقا وعلي الغزالي في 9/6/1919 للحصول على امتياز مجلة شهرية باسم اللسان، تصدر باللغة العربية والتي عملت بأسلوب هادئ ورصين، على تغذية روح الثورة والإعداد لها. وقام نائب مدير الشرطة في بغداد في 24/6/1920 بإرسال المعلومات التي تم جمعها عن انطوان لوقا إلى الحاكم المدني وكانت كالآتي : (أنطوان لوقا : مسيحي بغدادي ، دخل المدرسة العسكرية في بغداد بعد إعلان الدستور ، ثم نقل إلى اسطنبول كضابط ، وقاتل من أجل الأتراك في حرب البلقان وقد أصيب وفقد ساقا ، وعاد إلى بغداد في الحرب العالمية الأولى وعمل مدرساً في المدرسة العسكرية وهو شخصيا لا يستطيع الكتابة وهو مجرد مدير، مؤيد للعرب أكثر منه للترك).
وصدرت جريدة مهمة أخرى اسمها الاستقلال في بغداد في 21 أيلول 1920 بعدما قدم عبد الغفور بن قاسم طلبا لإصدارها في 3/6/1920. وكتبت الجريدة تحت ترويستها بأنها تصدر مؤقتا (صباح الأحد وتبحث عما يهم العرب عامة والعراق خاصة) ، وذكرت هذه الجريدة في افتتاحية عددها الأول : (ليس المراد من الجرائد الحرة هي السالمة من الرقابة وغير ذلك بل هي التي يديرها رجال أحرار الضمائر لا تأخذهم في الله لومة لائم، ديدنهم العفة ومنهاجهم الثبات، لا يهزهم تهديد الاشرار وتجذبهم دراهم الأجلاف المتجبرين ... إن ندرة الورق وغلاءه وارتفاع أجرة الطبع وقلة المطابع ألجأنا إلى إصدار جريدة أسبوعية). ويذكر نائب الشرطة في بغداد في تقريره أن عبد الغفور كان (يلقب نفسه آل البدري) وهو (ضابط تركي شاب، عمل لبعض الوقت في الجيش السوري وقدم طلباً لفتح نادي رياضي وكتب في مجلة اللسان مؤخراً وهو يختلط مع علي البازركان وجماعته).
ونشرت الجريدة نفسها مقالة مهمة عنوانها " حرية الصحافة وحكومة الاحتلال " تنتقد فيها احتكار البريطانيين للصحافة وتطالب بإنشاء صحف وطنية، وجاء فيها :
( قضت السلطة المحتلة على حرية الصحافة منذ اليوم الأول الذي استلمت به أزمة الحكم في بلادنا . فلهذا بقي القطر على هذه الصورة محروماً من نعمة الصحافة الحرة. ومما يزيد المسألة إشكالا أن الحكومة أصدرت في كل من الولايات الثلاث بغداد والبصرة والموصل جريدة باسم العرب والأوقات البصرية والموصل. والمقصد الوحيد هو تحسين أعمال الحكومة ومشاريعها بلا مناقشة، لهذا سئم العراقيون ذلك فكان من جملة ما طالبوا به بلسان مندوبيهم المحترمين منح الحرية للصحافة لتكون واسطة لإزالة سوء التفاهم فقبلت الحكومة ذلك. ولكنها امتنعت مدة شهرين أو ثلاثة عن العمل بموجبه ومن بعد سمحت بإصدار جريدتنا على شرط أن تعاملنا بمقتضى قانون المطبوعات العثماني، فقلنا فاتحة مباركة لابد أنها ستوصلنا إلى التفاهم بصراحة في أقرب وقت. وبتنا ننتظر من الحكومة أن تسمح لكل من هو حائز على الشروط القانونية بإصدار جريدة حرة ضمن دائرة القانون، ولكن يا للأسف قد بلغنا أن الحكومة توقفت عن إعطاء امتياز في الوقت الذي يصرح فخامة المندوب السامي بأنه يرغب في الوقوف على رغائب الأمة الحقيقية ).
ويذكر أن الجريدة التي كانت تصدر بالحجم الوسطي (التابلويد) كانت قد نشرت أيضاً رسالة من حبيب الخيزران رئيس عشائر العزة إلى المندوب السامي ضمنها مطالب الجماهير العراقية وتصوراتها لحل المشاكل مع البريطانيين وخاصة فيما يتعلق ( بإعطاء الأهالي حرية الاجتماعات والصحافة).
ويبدو أن بعضهم لجأ إلى لصق المنشورات المناهضة للإنكليز على الجدران، وهي من وسائل التعبير عن الرأي العام، فقالت الاستقلال : (الصقت في العاصمة مناشير على الحيطان وفيها ما فيها من العبارات التي تخدش الأذهان وتشوش الأفكار وقد رسم عليها - كما يقال - صور رايات عربية وتركية وبلشفية).
على أية حال ، فإن المطالبة الواسعة بحرية الصحافة وإصدارها، وتكرار لصق المناشير على الجدران، إضافة إلى الدروس الواضحة التي تركتها ثورة العشرين، دفعت بسلطات الاحتلال إلى الموافقة على إصدار الصحف تباعاً، حيث ظهرت جريدة الفلاح في 20 حزيران 1921 وجريدة دجلة في 25 حزيران 1921.
وبادر أحد الكتاب في بداية صدور جريدة دجلة إلى القول بأن ( بغداد اليوم هي في أمس الحاجة إلى صحائف عديدة تنشر الأخبار وتنبه الأفكار. لقد توالت الأعوام على العراقيين وهم يتكئون على صحيفة أو صحيفتين حتى سمعنا بقرب ظهور عدة جرائد فسرنا وايم الحق ذلك الخبر). ونشرت الجريدة نفسها في عدد لاحق تحت عنوان (اقرأوا الفاتحة على من مات في بغداد قبل الولادة) ما يلي :
1- جريدة الدفاع التي ماتت بعد إعطائها التأمينات وقبل أخذ الامتياز .
2- جريدة الوطن التي ماتت بعد أخذ الامتياز وقبل الصدور.
وبكلمات موجزة ، حين قامت القوات البريطانية باحتلال العراق ، كررت ما كانت
تطبقه السلطات العثمانية قبل إعلان الدستور ، حيث أصدرت الصحف الخاصة بها في الولايات التي احتلتها ، ولم تتح في البداية للجمهور والجمعيات أو الأحزاب فرص إصدار صحف مستقلة ، وفي هذا تشابه العهدان العثماني والبريطاني في الاستحواذ على إصدار الصحف واستخدامها للتعبير المباشر عنهما . أي بمعنى آخر: إن القوى الأجنبية التي حكمت العراق استخدمت الطرق نفسها لقمع حرية الصحافة ومنع الجمهور من إصدارها.
وبعد تأسيس الحكم الملكي في العراق، لم يبق للبريطانيين صحيفة تصدر مباشرة عنهم سوى (بغداد تايمز الأوقات البغدادية) ، وقد كتبت جريدة الزمان مقالة تحت عنوان (( تهويشات البغداد تايمز)) جاء فيها : أن بغداد تايمز كتبت مقالة عنوانها ( كلمة لابد منها ) وجهتها إلى الجرائد العربية الصادرة في بغداد ، وفيها لوم وتثريب حصرته في نقطتين : أولاهما قدح الجرائد العراقية في البريطانيين وثانيتهما الكفر بالنعم التي حصل عليها العراق ، وختمت جريدة الزمان ردها المسهب قائلة :
( ونحن نعتقد أنه من حسن السياسة أن تسكت هذه الجريدة في مثل هذه المواقف لأنها، كما يلوح لنا ، لا تعرف كيف تعالج الموضوع ، وكيف يتسنى لها ذلك إذا لم تتطلع عليه بروح العراقيين الذين تعيش بينهم). ولقد كانت المعارضة العراقية لا تألو جهداً في كشف أطماع بريطانيا في العراق وفي تنبيه الرأي العام إلى مخاطر الوجود البريطاني وأضراره. وعلى الرغم من القيود التي كانت تضعها السلطات الحكومية الموالية لبريطانيا أمام المعارضة ، إلا أن القوى الوطنية ظلت تعمل من أجل إنهاء النفوذ البريطاني في العراق.