الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
معيار قياس الفضائل والرذائل
المؤلف: الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر: الحياة في ظل الأخلاق
الجزء والصفحة: ص28ــ30
7-7-2022
1646
إن المفاهيم الأخلاقية ليست جميعها مفهومة وواضحة، بل البعض منها كالشجاعة والسخاء والتضحية... الخ، بدرجة من الوضوح بحيث لا يتردد أحد في كونه فضيلة، وبإزاء هذه الفضائل تأتي صفات الخوف والبخل والأنانية حسب الترتيب والتي تعد من الرذائل الواضحة.
ولكن في البعض الآخر من الصفات اختلاف وجدال في كونها فضيلة أم رذيلة. ولذلك فبدون امتلاك مقياس واضح للتشخيص لا يمكن بحث المسائل الأخلاقية.
فعلى سبيل المثال يعتقد بعض العلماء الماديين اليوم كـ «برتراند راسل» أن «ليس لدينا مبرر لشجب أي عمل لا يضر بالآخرين ولا يمكننا شجب عمل السلبيات الموجودة في السنن القديمة بحجة أن المذهب الفلاني قد قبحه، بل يجب حساب ضرر وفائدة ذلك العمل وأخذه بنظر الاعتبار».
وقد جوز هذا العالم المذكور، وفقاً لهذه العقيدة، الكثير من الأخلاق والأعمال المشينة بحجة أنها لا تضر الآخرين كالزنا واللواط في حالة رضا الطرفين!.
واعتقد جماعة أخرون من الماديين كالشيوعيين بأن أسس الأخلاق القديمة ناشئة من الاقتصاد الرأسمالي، وأنها زائلة بزواله، لذا فهم يعتقدون بأن الأخلاق تنحصر بالأمور التي تدعم ثورة العمال (البرويتريا).
وتشير بعض آراء الذين ليس لهم مذهب معين، حول بعض الصفات الأخلاقية، بأننا في أمس الحاجة لوضع معيار واضح لهذه الأمور.
لذا يجب ملاحظة ماهية معيار القياس والتشخيص في هذه الأمور لكي نتمكن من تشخيص فضيلة عمل ما أو رذيلته.
ولو أردنا أن نتناول هذه المسألة من الناحية الدينية والمذهبية فإن تكليفنا واضح جداً، فبعد أن عرفنا أحقية الإسلام بأدلة قاطعة، فإن هناك أسنايد معتبرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تمكننا من تقييم أسس الفضائل والرذائل الأخلاقية.
وأما الدليل العقلي فينبغي علينا أن نأخذ المعيار التالي بنظر الاعتبار بوصفه وحده قياس: أي عمل يساعد الإنسان في الرقي والتكامل فهو فضيلة وأي عمل يجره نحو الإنحطاط فهو رذيلة.
ولكن يجب الحذر من دراسة الإنسان من جانبه المادي والمستلزمات الأولية لهذه الحياة فقط، بل يجب أخذ الجوانب المعنوية والروحية بنظر الاعتبار، والتي يتلخص فيها امتياز الإنسان، وجعل الأمور المادية وسيلة لبلوغ الغرض.
فقد لا يتسبب عمل قبيح ما في الإضرار بحقوق الآخرين، ولكنه يؤدي إلى انحطاط وسقوط الشخص المرتكب له من ناحية الجوانب الإنسانية والمعنوية، فبديهي أن يعد هذا العمل من الرذائل.
والذين ينظرون إلى الجوانب المادية فقط عرفوا نصف أو أقل من نصف وجود الإنسان في الحقيقة، في حين ينبغي بحث الأسس الأخلاقية على أساس المعرفة التامة بوجود الإنسان التي تشمل الروح والجسد.
والأسوأ من هذا فإن الأخلاق الشيوعية لم تهمل الجوانب المعنوية للإنسان فقط، بل تناولت الجوانب المادية من زاوية الاقتصاد فقط واهتمت به ونظرت إليه من هذه الزاوية.
وبديهي أن أمثال هذه المذاهب، لكونها غير مشبعة بالنظرة الواقعية وبالمعرفة الصحيحة للإنسان، عاجزة عن اتخاذ خطوات صحيحة، ومن المسلم به أنهم سوف يتورطون بأخطاء فادحة في طريق معرفة الفضائل والرذائل الأخلاقية.
لذا فالأساس العقلائي والمنطقي الصحيح لمعرفة الصفات الأخلاقية هو ما ذكرناه سابقاً، فينبغي لنا دائماً أن نأخذ تكامل الإنسان، من جميع الجوانب، بنظر الاعتبار، ونميز العوامل المساعدة على ذلك من غيرها، ونبحث الفضائل والرذائل على هذا الأساس.