الزمانُ: العاشِرُ مِنْ مُحرَّمٍ الحَرامِ.
المكانُ: كربلاءُ المُقدَّسَةُ.
مِنَ العِراقِ وخارجِهِ، وبجميعِ اللّغاتِ والجنسياتِ، تتعانقُ الأيادي معاً، وتسيرُ الحشودُ بخُطىً مِليونيّةٍ مُوَحَّدَةٍ نحوَ ضَريحِ الإمامِ الحُسينِ عليهِ السَّلام، مُلَبّينَ ذلكَ النِّداءَ الذي اعتلى يومَ الطّفِّ (ألا مِنْ ناصرٍ ينصُرُنا)
لتصدحَ الحناجرُ بما عقَدتْ عليهِ الضمائرُ (لبيكَ داعيَ الله..لبيكَ ياحُسين).
في هذهِ الشَعيرةِ المباركةِ، تنصهرُ المشاعرُ حُبّاً، وتهيمُ العقولُ وَلَهاً، شعيرةٌ تسمَّرَتْ لِوَقعِها الوجوهُ التي غَيّرتها حرارةُ الشّمسِ والقلوبُ المكتويةُ بجمر المُصاب.
رِكضَةُ طويريج .. أبهَرَتِ العالمَ أجمع بجميعِ تفاصيلِها طولاً، وعدداً ، وهتافاً ، وأبعاداً ،و اختزَلَتْ جُلَّ الطقوسِ والرمزياتِ العزائيّة ، لتخرجَ للعالمِ بأبهى حُلّةٍ ، تتناقَلُها القنواتُ الصادِقَةُ الواعيّةُ ، وتغُضُّ عنها أُخَرٌ صفراءُ طرفَ حِقدِها وخيبتِها، وتقِفُ مِنها موقِفَ الذهولِ والحَيرةِ، فما عَساها أنْ تقولَ أمامَ هذا الحشدِ العظيمِ، وكيفَ تفسّرُ اجتماعهُ على قلب رجلٍ واحد وكلمةٍ سواء (هيهاتَ مِنّا الذِّلّةُ) مذكّرينَ جميعَ الطغاةِ ومُحذّرينَ إياهُم أنَّ الحُسينَ لم يَمُتْ والقلّةَ مِن أنصارهِ استحالتْ إلى سيلٍ بشريٍّ مليونيٍّ جارف.
وما يزيدُ هذهِ الشَّعيرَةَ هَيبةً وروحيّةً تسحَرُ النفوسَ وتأخُذُ بلُبابِ العقولِ، استشعارُ وجودِ المُنقِذِ العالميِّ الإمامِ الحُجّةِ بنِ الحَسَنِ عجّل اللهُ تعالى فرجَهُ معَ الجموعِ رافِعاً بيرقَ النصرِ المحتومِ منادياً بــ (يالثاراتِ الحُسين) فتجيبهُ الجموعُ بتلبيةِ النِّداءِ، فالكلُّ يَرنو ببصرهِ نحوَ إمامه بينَ الجموعِ مُخاطِباً إياهُ: نحنُ هُنا سيدي.. لنُصرَةِ جدّكَ الحُسين، فَهَلْ لنَا بنظرةٍ كريمةٍ نكحُلُ بِها أعيُننا.
مهرولينَ صوبَ ضريحِ القَداسَةِ، ودُموعُهُم تنهالَ على الخُدودِ الذابلَةِ، وأبصارُهُم شاخِصَةٌ تجاهَ مُلهِمِهِم ومُرَبِّيهِم وواهِبهم الحُرّيةَ أبي الأحرارِ، وصولاً إلى رمز الإخاءِ وكعبةِ الفداءِ، كافلِ العيالِ، وساقي العَطاشى، أبي الفَضلِ العبّاسِ، يغترفونَ مِنْ نبعِ جودِهِ ماءَ الوفاءِ، مجددينَ لهُ العهودَ على نُصرَةِ المبدأِ الحق، والذودِ دونَهُ..
وهكذا..في كُلِّ عامٍ وكُلِّ ظهيرةِ عاشِرٍ، يشحذُ الأنصارُ الهِمَمَ ويستلهمونَ القِيَمَ ، رافعينَ لواءَ الطفِّ بقيمِهِ الإسلاميّة ِالأصيلَةِ ، مجدّدينَ الولاءَ لسيّدِ الشُّهداءِ عليهِ السَّلامُ.







وائل الوائلي
منذ 1 يوم
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN