عرف الإنسان السموم منذ القدم، واستخرجها من مصادر حيوانية ونباتية، بيدو أنه في العصر الحديث اكتسبت هذه المواد أهمية كبيرة نتيجة للتقدم العلمي والصناعي، والزيادة الهائلة في إنتاج وتصنيع مواد ومركبات كيميائية استخدمت في كثير من المجالات، مما زاد من احتمال تعرضنا لها والتسمم بها، فهي تدخل في كم هائل من الصناعات، كصناعة المبيدات الحشرية والزراعية والأدوية والدهانات والأصباغ والمضافات الغذائية والأسمدة والمنظفات المنزلية ومواد التجميل والعطور والصناعات البلاستيكية.
وبالرغم من أن السموم قد عرفت منذ قرون إلا أن العلماء لم يتوصلوا إلي الكيميائيات التي تعتبر مركبات فعالة لمختلف السموم الى قبل 150 عاماً . إن السم دائما معنا أكثر مما هو في الماضي ، فالحوادث الصناعية مثل كارثة بوبال سنة 1984 من أسوأ الكوارث الصناعية في تاريخ البشرية حيث زادت الحذر في التعامل مع المواد السامة ، ففي حادث بوبال أدي التسرب المفاجيء لأيسوثيانيت الميثيل المادة الوسيطة في تخليق كمبيدات الكرباميت الحشرية الذي قتل2000 نسمة ، وإعاقة كمية كبيرة جداً .

تصنيف السموم على أساس التكوين أو الأصل
سموم بكتيرية: مثل سم البوتيولينيوم الذي تنتجه بكتيريا (Clostridium Botulinum)، والتي تتواجد في الأغذية المعلبة وغير المعالجة بالشكل الكافي.
سموم فطرية: مثل سم الآرغوت.
سموم نباتية: مثل سم نبات البلادونا القلوي.
سموم حيوانية: مثل سم العقرب والأفاعي والعناكب والنمل، ولسعات قنديل البحر والراي وغيرها.
سموم صناعية: هي بعض المواد المُصنّعة كالأدوية الكيميائية، والمبيدات، ومواد التجميل والمنظفات، والبعض الآخر الذي يتواجد بشكلٍ طبيعيٍّ كما في خامات المعادن، والمواد الهيدروكربونية.


العوامل التي تؤثر على فعل السموم داخل الجسم:
1) عوامل تعود للسم نفسه وتشمل :
أ - كمية السم ( الجرعة) : بصورة عامة تزداد السمية كلما زادت كمية السم المتناولة ولكن في بعض الاحيان يؤدي تناول كمية كبيرة من السم الى حصول تقيء شديد مما يسرع في طرح السم خارج الجسم ، كما ان تناول كميات صغيرة جداً من بعض السموم قد تؤدي الى ظهور تأثيرات شديدة وتعرف الجرعة القاتلة لاي مادة بانها اصغر كمية من السم يؤدي تناولها الى الوفاة.
ب - طريقة تعاطي السم : اذ تظهر اعراض التسمم بسرعة في حالات الحقن الوريدي والعضلي يليها تناول السموم عن طريق الفم والامتصاص من خلال الاغشية المبطنة للمهبل والمستقيم وابطئ طريقة للامتصاص هي عن طريق الجلد.
جـ - الطبيعة الفيزياوية للسم اذ تمتص الغازات اسرع من السوائل والتي بدورها تمتص اسرع من السموم الصلبة.

2 ) عوامل تعود للشخص وتشمل:
أ- يحدث الامتصاص في المعدة الفارغة بصورة اسرع من المعدة الحاوية على الطعام.
ب- طبيعة محتويات المعدة : يقلل الطعام الدهني امتصاص الزرنيخ ولكنه يزيد من امتصاص مركبات الفسفور.
جـ - افرازات المعدة : يكون تناول سيانيدالبوتاسيوم غير مؤذي لدى الاشخاص المصابين باللاكلورية achlorohydria لانه لا يتحول الى السيانيد المسؤول عن الفعل السام.

3- عمر الشخص : اذ يتحمل الاطفال جرعات كبيرة نسبياً من الاتروبين بينما لا يحتملون الجرعات الصغيرة من المورفين .
4- قابلية التحملtolerance اذ ان الاشخاص الذين يعتادون تناول بعض المواد الى درجة الادمان كالكحول والمورفين والكوكائين يستطيعون تحمل كميات كبيرة منها قبل ان تظهر اعراض التسمم.
5- فرط الحساسية hypersensitivity على عكس التحمل ، قد تظهر اعراض تسممية خطيرة عند تعاطي المواد لأول مرة كفرط الحساسية للايودايد.
6- طبيعة تأثير السمidiosyncrasy حيث يحدث فعل عكسي لتأثير بعض المواد اذ قد يؤدي المورفين الى حدوث تهيج بدل من تثبيط الجهاز العصبي المركزي.

ان علم السموم البيئية هو أحد فروع علم السموم المعنية بدراسة التأثيرات السامة الناتجة عن الملوثات الطبيعية أو الاصطناعية على مكونات النظم البيئية والحيوانية والتي تشتمل على الإنسان، والنباتات والميكروبات، في سياق متكامل.يمكن أن يكون للسموم الكيميائية آثار سلبية كبيرة على البيئة. يمكن لهذه المواد أن تلوث الهواء والماء والتربة، ويمكن أن تضر أو تقتل النباتات والحيوانات والكائنات الحية الدقيقة. وتتراكم السموم الكيميائية أيضًا في السلسلة الغذائية، مما يؤدي إلى ضرر طويل الأمد لكل من الحيوانات والبشر. تشمل بعض الأنواع الشائعة من السموم الكيميائية المبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة والنفايات الصناعية. يمكن أن تؤدي التأثيرات طويلة المدى لهذه السموم إلى تدهور صحة النظم البيئية، مما يجعل من الصعب عليها دعم الحياة. كذلك تؤدي إلى أمراض مثل السرطان والعيوب الخلقية ومشاكل في الجهاز التنفسي. بشكل عام، يمكن أن تكون تأثيرات السموم الكيميائية على البيئة مدمرة، وينبغي بذل الجهود لتقليل إطلاقها وانتشارها.

في نهاية مقالي ندرك الآن بوضوح الأثر البارز الذي تتركه المواد الضارة على صحتنا والبيئة التي نعيش فيها. تعتبر دراسة السموم أمرًا حيويًا لفهم كيفية تأثير هذه المركبات على الجسم البشري والكائنات الحية بشكل عام.
من الضروري تعزيز الوعي حول خطورة بعض المواد الكيميائية والبحث المستمر عن حلول صديقة للبيئة وآمنة لاستخدامنا اليومي. فقط من خلال التفهم العميق للعلاقة بين الكيمياء والسموم، يمكننا أن نحقق تقدمًا حقيقيًا في بناء مستقبل أكثر صحة واستدامة.
لنتذكر دائماً أن فهم السموم ليس فقط واجبًا علميًا، بل يمثل أيضًا جزءًا أساسيًا من مسؤوليتنا نحو الحفاظ على صحة الإنسان والبيئة، وترك بصمة إيجابية في تطوير المجتمعات التي نعيش فيها.