بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى محمد واله النجبا ، من اهم القواعد التأويلية في القرآن الكريم قاعدة الجري جاءت على لسان الائمة الطاهرين (عليهم السلام ) بسياقات متعددة وبأمثلة متكاثرة في القرآن وتفسير اهل البيت، هذه القاعدة من القواعد المهمة التي تجعل للقرآن حياة حيوية واستمرارية حتى ان اهل البيت يدحضون فكرة ان القرآن نزل في بيئته ولا يصلح لغير بيئته ، وقاعدة الجري تجعل للقرآن حياة وقد وصف الائمة الاطهار ان القرآن حي ما ذا يقول باقر العترة (عليه السلام ) يقول : (إن القرآن حي لا يموت، و الآية حية لا تموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام ماتوا ماتت الآية، لمات القرآن، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين).
وقال أبو عبد الله (عليه السلام)( إن القرآن حي لم يمت، وإنه يجري كما يجري الليل والنهار، وكما يجري الشمس والقمر، ويجري على آخرنا كما يجري على أولنا).
هذا التعبير وهذه الكناية تدل على استمرارية القرآن الكريم في كل يوم يوجد ليل ونهار وفي كل نهار تخرج الشمس وفي كل ليل يخرج القمر، فالقرآن يجري كمجرى الليل والنهار القرآن يجري كمجرى الشمس والقمر دائبين كل يوم هو في شان فالقرآن هكذا يحيا وهذه هي حياته وهذا رد على المستشرقين ورد على من يصف القرآن بالجمود ورد على من يصف القرآن انه ابن بيئته هؤلاء لم يعرفوا القرآن ولم يأخذوا علوم القرآن وتفسيره من اهله وهم محمد وال محمد (صلوات ربي عليهم ) لماذا القرآن في كل يوم جديد هناك خمس عناصر هي عناصر خلود القرآن واستمراره وهي : العنصر البشري، و العنصر الزماني ،والعنصر المكاني والعنصر الموضوعي، والعنصر التعليمي .
اما العنصر الأول العنصر البشري البشر هم هم سواء كانوا في عصر قبل النبوة او بعد النبوة سواء كانوا من امة موسى او من امة عيسى او من الأمم السابقين تشابهت قلوبهم هو هو الانسان فلما جاء القرآن بقصص الاولين قال الله {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111] هذه العبر لنا نستفيد مما جاء ونزل في الاولين هذا العنصر الأول.
اما العنصر الثاني العنصر الزماني ان القرآن غض جديد عن الرضا، عن أبيه (عليهما السلام) إن رجلا سأل أبا عبد الله (عليه السلام) (ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضة فقال: لان الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان، ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة ) ما أروع هذا النص يعطي هيمنة كاملة حول جدية النص وحداثيته وانه يواكب تطور الزمن ولا تنقطع غضاضته فذكر هذا الحديث عنصرين عنصر البشري وعنصر الزمان فلم يجعله لزمان دون زمان.
اما العنصر الثالث العنصر المكاني فـالقرآن الكريم اول ما طبق على مكة والمدينة وجزيرة العرب يمكن ان يطبك في كافة البلاد وفي كل الأصعدة .
اما العنصر الرابع العنصر الموضوعي فالمواضيع الانسان هي هي منذ بداية الخليقة الى يومنا هذا اما ان يكون في طاعة فهو في خير او يكون في العصيان فهو في شر اذ القرآن بين ذلك { تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] ما ترك شيء الا وقد بينه .
بقي عنصر همهم وهو العنصر التعليمي كما ان القرآن جاري مجرى الليل والنهار كذلك معلم القرآن جاري ومستمر اول معلم هو النبي ثم علي ثم الحسن والحسين ثم الائمة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد الى امام زمانا هو معلم الامة اليوم .
عن ابي عبد لله (عليه السلام) : عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث: (أن القرآن حي لا يموت والآية حية لا تموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام ماتوا ماتت الآية، لمات القرآن، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين)، مثلا اية نزلت في قوم موسى فمات قوم موسى منذ قرون متطاولة لماتت الآية لكن هي جارية فينا هذا هو التأويل كما عرفة الامام علي والسيد الطباطبائي هو( انطباق النص على ارض الواقع ).
قاعدة الجري في القرآن تضاهي قاعدة الحوادث الواقعة في الروايات والاحاديث ماذا قالت قاعدة الحوادث الواقعة ( قال صاحب الزمان(عليه السلام )واما الحوادث الواقعة فرجعوا الى رواة حديثنا فهم حجتي عليكم وانا حجة الله ) الحادث هنا كل جديد والرجوع الى الراوي لان عنده النصوص فما عليه الا ان يطبق الحوادث على السوالف القرآنية ، نفس الشيء عندنا حوادث واقعة ما على المفسر الا اطباق السوالف على الحوادث لماذا ؛ لان النص القرآني محدود 6225 اية والنص الروائي محدود الا ان الحوادث مستمرة وغير متناهية ،
وان كانت كذلك الا انها متشابهة اما بعنصر زماني او عنصر مكاني فما علينا الا تطبيق القواعد السابقة على الحوادث الواقعة وروى العياشي بإسناده عن خيثمة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (القرآن نزل أثلاثا: ثلث فينا وفي أحبائنا وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا[ فما نزل في أصحاب السبت والسامري والعجل وفرعون وقوم عاد نازل في اعدائهم فقط علينا ان نتبع نظائر فرعون ونظائر اهل السبت ونظائر العجل والسامري ونظائر نمرود وهذه تحتاج الى نظرة وشمولية وفقهاه] ، وثلث سنة ومثل، ولو أن الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء ولكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات والأرض ولكل قوم آية يتلونها هم منها من خير أو شر[ ومن هذا يقول الامام علي (عليه السلام ) رب قارئ للقران والقرآن يلعنه فاذا طبقها في خير فهو فيه والا فهو في شر وهكذا ].
وقاعدة الجري لها اتصال وفيق مع قاعدة التأويل والتنزيل مثلا { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص: 5] سياق الآية واضح نازل في فرعون وهامان لكن الامام الصادق(عليه السلام ) ينقلها الى انها نازلة في المهدي (عليه السلام) وهذه الانتقالة والحيوية التي تحدثنا عنها في القرآن انما صارت بفضل قاعدة الجري ومثل هذا كثير فالجري هو الذي يجري الآيات من أسباب النزول لا يجعلها واقفه جامدة عليها .
اما ضوابط هذه القاعدة
1- كل الآيات المرتبطة بأسباب النزول تعد الوجه الأول للآية وهو الظاهر الذي نزل فيهم .
2- كل القصص القرآني هي جارية في هذه الامة لا محالة .
3- كل حكم ينزل على أصحاب النبي من حج وصلاة وصوم وزكاة جاري فينا الى يوم القيامة
4- ما نزل في الأنبياء السابقين نازل في الائمة اللاحقين كما صرح بها النبي اجروا ما نزل على موسى وهارون فينا انا وعلي وهذا الحديث المشهور ( انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ).
5- ما هو نازل في أعداء الأنبياء الطاهرين نازل في الائمة الميامين ولذا الامام علي يعطي كليات لِكُلِّ أمَّةٍ فِرعونُ وفِرعونُ هذِهِ الأُمَّةُ معاويةُ بنُ أبي سفيانَ .
6- كل الآيات المريمي هي نازلة في الحوراء الانسية فاطمة الزهراء والآية المشهورة { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 42] فمريم سيدة نساء عالمها وفاطمة سيدة نساء العامين من الاولين والآخرين .
أبو جعفر (عليه السلام): لا يستكمل عبد الايمان حتى يعرف أنه يجري لآخرنا ما يجري لأولنا
( لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل، ماتت الآية، مات الكتاب ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى
فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا الصباح إنه لا يجد عبد حقيقة الايمان حتى يعلم أن لآخرنا ما لأولنا.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN