في رواية عن الإمام الباقر عليه السّلام أنّه قال لأحد أصحابه: (ألا أخبرك بالإسلام أصله و فرعه و ذروة سنامه) قال: بلى، جعلت فداك، قال: (أمّا أصله فالصلاة، و فرعه الزكاة، و ذروة سنامه الجهاد) ثمّ قال: (إن شئت أخبرتك بأبواب الخير) قال: نعم جعلت فداك، قال: (الصوم جنّة، و الصدقة تذهب بالخطيئة، و قيام الرجل في جوف الليل بذكر اللّه، ثمّ قرأ: "تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ" (السجدة 16)). في رواية أن النّبي صلى اللَّه عليه و آله و سلّم خطب يوما بصوت عال و نادى: (يا معشر من آمن بلسانه و لم يؤمن بقلبه، تغتابوا المسلمين و لا تتّبعوا عوراتهم فإنّه من تتّبع عورة أخيه تتّبع اللَّه عورته و من تتّبع اللَّه عورته يفضحه في جوف بيته).
جاء في معاني القرآن الكريم: بطن أصل البطن الجارحة، وجمعه بطون، قال تعالى: "وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم" (النجم 32)، وقد بطنته: أصبت بطنه، والبطن: خلاف الظهر في كل شيء، ويقال للجهة السفلى: بطن، وللجهة العليا: ظهر، وبه شبه بطن الأمر وبطن الوادي، والبطن من العرب اعتبارا بأنهم كشخص واحد، وأن كل قبيلة منهم كعضو بطن وفخذ وكاهل.
قال الله جل جلاله عن البطن ومشتقاتها "وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ" المؤمنون 21 بُطُونِهَا: بُطُونِ اسم، هَا ضمير، مما في بطونها: اللبن، وإن لكم أيها الناس في الإبل والبقر والغنم لَعبرة تعتبرون بخلقها، نسقيكم مما في بطونها من اللبن، ولكم فيها منافع أخرى كثيرة كالصوف والجلود، ونحوهما، ومنها تأكلون، و "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" النور 45 فمنهم من يمشي على بطنه: كالحيات والهوام، والله تعالى خلق كل ما يدِب على الأرض مِن ماء، فالماء أصل خلقه، فمن هذه الدواب: مَن يمشي زحفًا على بطنه كالحيَّات ونحوها، ومنهم مَن يمشي على رجلين كالإنسان، ومنهم من يمشي على أربع كالبهائم ونحوها، و "فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ" الصافات 66 إنها شجرة تنبت في قعر جهنم، ثمرها قبيح المنظر كأنه رؤوس الشياطين، فإذا كانت كذلك فلا تَسْألْ بعد هذا عن طعمها، فإن المشركين لآكلون من تلك الشجرة فمالئون منها بطونهم، و "لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ" الصافات 144 للبث في بطنه إلى يوم يبعثون: لصار بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة، فلولا ما تقدَّم له من كثرة العبادة والعمل الصالح قبل وقوعه في بطن الحوت، وتسبيحه، وهو في بطن الحوت بقوله: "لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" (الانبياء 87)، لمكث في بطن الحوت، وصار له قبرًا إلى يوم القيامة،
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى: "ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" (الاحزاب 4) كناية عن امتناع الجمع بين المتنافيين في الاعتقاد فإن القلب الواحد أي النفس الواحدة لا يسع اعتقادين متنافيين ورأيين متناقضين فإن كان هناك متنافيان فهما لقلبين وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه فالرجل الواحد لا يسعه أن يعتقد المتنافيين ويصدق بالمتناقضين وقوله: "فِي جَوْفِهِ" يفيد زيادة التقرير كقوله : "وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" (الحج 46). قيل: الجملة توطئة وتمهيد كالتعليل لما يتلوها من إلغاء أمر الظهار والتبني فإن في الظهار جعل الزوجة بمنزلة الأم وفي التبني والدعاء جعل ولد الغير ولدا لنفسه والجمع بين الزوجية والأمومة وكذا الجمع بين بنوة الغير وبنوة نفسه جمع بين المتنافيين ولا يجتمعان إلا في قلبين وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. ولا يبعد أن تكون الجملة في مقام التعليل لقوله السابق: "لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ" (الاحزاب 48)، و "وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" (الاحزاب 2) فإن طاعة الله وولايته وطاعة الكفار والمنافقين وولايتهم متنافيتان متباينتان كالتوحيد والشرك لا يجتمعان في القلب الواحد وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. وفي تفسير العياشي، عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام: عن قوله "يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ" (الاسراء 85) قال: إن الله تبارك وتعالى أحد صمد والصمد الشيء الذي ليس له جوف فإنما الروح خلق من خلقه له بصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب الرسل والمؤمنين. أقول: وإنما تعرض في صدر الرواية بما تعرض دفعا لما يتوهم من مثل قوله تعالى: "وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي" (الحجر 29) أن هناك جوفا ونفسا منفوخا.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN