1

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
أثر الطيب والماء في كمال الروح والجسد
عدد المقالات : 342
حسن الهاشمي
وردت عدّة نصوص شرعية ومن ضمنها أحاديث عن النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين تتناول بشكل مسهب صحّة الروح والبدن وما يدور في فلكهما من أشربة وأطعمة وألبسة تؤثر بشكل مباشر على سلامة جسم الانسان وتألق روحه في حياة ملؤها التفاؤل والرضا والقناعة، فالإسلام أولى تلك العلاقة التكاملية أهمية بالغة ولا تزال تهتف بأوساطنا ان نقتفي الأثر اذا ما اردنا العيش الرغيد بدون اية منغصات في معترك الحياة الدنيا.
ومن المعروف أن الأكل الطيب والحلال الهني المري يؤثر ايجابا وبشكل مباشر على سلوكيات ومنهجيات الانسان بخلاف الأكل الخبيث، ولقمة الحلال الطيبة بعدما تنزل الجوف فإنها تصقل الروح والبدن، وتساهم في ترسيخ الأهداف النبيلة بين شرائح المجتمع وبث روح المحبة والتآخي بين الأفراد، وطالما ان تلك العلاقة تبني العقول السليمة وتساعد في تنمية الطاقات في التوجه الى الخالق المتعال بقلوب مطمئنة راضية مرضية.
الانسان الذي يحمل بين جنباته روحا طيبة يكون ديدنه العمل الصالح بخلاف الذي يحمل روحا خبيثة فلا يطفح منه سوى الشرور والآثام، انك لا ترى من الصالح الا الصلاح والفلاح، تراه متعبدا في ذات الله تعالى، جسمه منه في عناء والآخرين منه في راحة، يحب لنفسه ما يحب لسائر الخلق، يؤدي الخدمات الجليلة لسائر طبقات المجتمع ويسعى الى تسريع عجلة اعمار الأرض، تراه يخدم تطلعات الانسان الطموحة في ايجاد أرضية مناسبة لإسعاد البشرية قاطبة ريثما تصل الى الأنموذج الأمثل في التعاطي مع مفردات الحياة المادية والمعنوية.
كما هو واضح إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر النعمة على عبده، وما أفضل من الطيب لبسا وأكلا وشربا ورائحة وبركة لكي يتجول الانسان في هذه المعاني الراقية ويتنعم بنعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، متباهيا أمام أقرانه بأنه غارقا في الطيب والجمال وهو ما أغدقه الرحمن على عباده الأوفياء، مستوجبا الحمد والثناء والرجاء لإبقائها واستدامتها لما فيها من خيرات وبركات وحسنات.
فلو تمعنا في نعمة الماء فانه يعد سيد الأشربة في الدنيا والآخرة كما جاء في الأثر، لا شيء من السوائل والعصائر مهما بلغت فائدتها يروي كالماء المعين الذي لولاه لانعدمت الحياة بما فيها من حيوان ونبات وحتى جماد، فيا لها من نعمة عظيمة ينتشي منها العطشان ويكون انتشاءه أشد وأجمل وأوفى اذا ما حصل عليه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة في وسط الصحراء القاحلة، فالماء وحده هو الذي ينتشله من مخالب الموت المحقق.
في معرض اشارته الى نبي الله موسى عليه السلام وبني اسرائيل عندما كانوا تائهين في البيداء، أشار الله تعالى الى ركني الحياة "الأكل والشرب" وهما رافدان يضخان الحياة بأبهى صورها ويدلان على عظمة الله تعالى في مخلوقاته، وحري بكل ذي لب ان يشكر الله على هذه النعم ويبتعد عن كل عصيان وفساد وانحراف: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الاْرْضِ مُفْسِدِينَ) البقرة: 60.
يقول فخر الدين الرازي في تفسيره: (أن نعمة الأكل والشرب هو الإنعام التاسع من الإنعامات المعدودة على بني إسرائيل، وهو جامع لنعم الدنيا والدين، أما في الدنيا فلأنه تعالى أزال عنهم الحاجة الشديدة إلى الماء ولولاه لهلكوا في التيه، كما لولا إنزاله المن والسلوى لهلكوا، فقد قال تعالى: ( وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام ) الأنبياء: 8. وقال: ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) الأنبياء: 30. بل الإنعام بالماء في التيه أعظم من الإنعام بالماء المعتاد؛ لأن الإنسان إذا اشتدت حاجته إلى الماء في المفازة وقد انسدت عليه أبواب الرجاء لكونه في مكان لا ماء فيه ولا نبات، فإذا رزقه الله الماء من حجر ضرب بالعصا فانشق واستقى منه علم أن هذه النعمة لا يكاد يعدلها شيء من النعم، وأما كونه من نعم الدين فلأنه من أظهر الدلائل على وجود الصانع وقدرته وعلمه ومن أصدق الدلائل على صدق موسى عليه السلام) تفسير الرازي ج3 ص96.
نعم ان الانسان خلق في أحسن تقويم وبهذا الخلق الرائع والرائق باستطاعته ان يتماهي في الدنيا بمظهر لائق بالاعتناء بنظافته ولياقته وطيبه، ويتفاخر بالآخرة بشكره للمنعم وتعبده ودماثة خلقه، وما أكثر نعم الله تعالى لتجييرها في تشذيب وترشيد حياة الانسان في هذه الدنيا الزائلة، وأهم موردين من هذه النعم الجمة هي نعمة التقويمة الحسنة والأكل والشرب، فالحفاظ على خصلة الأحسنية بحاجة الى جهود جبارة من قبيل التمعن بنظافة وطهارة الجسم والملبس والمأكل والمشرب ليتذوق طعم الطهر والنقاء والحلاوة والانتشاء، فبحسن التصرف ازائهما باستطاعة الانسان ان يصل الى مراتب الكمال بأبهى صورها ويعيش عيشة راضية في حياته وبعد مماته.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/10/14م
كثيرًا ما تحسم مصائر الشعوب والدول سياسيًا من خلال المعارك العسكرية الفاصلة التي تكون بداية توجه سياسي جديد يختلف عن النمط السابق. ولعل أهم معركة سياسية في تاريخ إنجلترا كانت معركة هيستينغز الشهيرة عام 1066، التي غيرت مجرى التاريخ الإنجليزي تمامًا على جميع الأوجه سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، بل... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/10/12م
يمر العراق اليوم بأزمة سياسية خانقة تمثل حصيلة مباشرة لتراكمات اثنين وعشرين عاما من سوء إدارة الحكم وتغول الأحزاب السياسية في بنية الدولة والمجتمع. لقد أفضت تلك الحقبة إلى انهيار شبه شامل في مستويات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بحيث غدا المواطن العراقي يشعر بالاغتراب عن دولته، تماما... المزيد
عدد المقالات : 6
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/10/01م
بحر آرال كان في منتصف القرن العشرين رابع أكبر بحيرة داخلية في العالم، يقع بين كازاخستان وأوزبكستان. غير أن المشاريع السوفيتية في الستينيات، التي حولت مجاري الأنهار المغذية له لريّ القطن، تسببت في انكماشه بشكل كارثي. خلال عقود قليلة فقد البحر أكثر من 90 من مساحته، وانقسم إلى أجزاء صغيرة مع تدهور بيئته... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/09/25م
يُعد جسر الروماني أحد أبرز المعالم التاريخية التي عرفتها مدينة الموصل على نهر دجلة، حيث يعود بناؤه إلى الحقبة الرومانية عندما كانت المنطقة تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية في القرون الأولى للميلاد. وقد شكّل الجسر آنذاك عقدة وصل مهمة للتجارة والتنقل بين ضفتي النهر، مما جعل الموصل مركزًا استراتيجيًا... المزيد
عدد المقالات : 53
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/12م
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه "يعقوب"، رجل عُرف يومًا بحكمته الراجحة ولسانه البليغ، لكنه اليوم بات شبحًا لمن كان. نشب خلاف بين تاجرين، وارتفعت الأصوات، فتوجهت الأنظار إلى يعقوب، الذي كان الحَكم في مثل هذه النزاعات. قال أحدهم: "يا يعقوب، احكم... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
التواصل البكتيري هو عملية معقدة تمكن الكائنات الدقيقة من التنسيق والتفاعل مع بعضها البعض من خلال إرسال واستقبال إشارات كيميائية. تعتمد البكتيريا على هذه العملية للبقاء في بيئاتها المتغيرة ولتنظيم سلوكها الجماعي وهي تعتبر آلية حيوية تساعدها في... المزيد
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثامن والستون: ما لا يُحاط بموضع: تأملات في وجود لا يعرف المكان والزمان الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 15/10/2025 ليست للدالة الموجية موضع محدد، وليس من المنطقي أن نسأل عن مقدار وجودها في منطقة معينة من... المزيد
يعد فيروس الإنفلونزا من أكثر الفيروسات انتشاراً في العالم إذ يصاب به ملايين الأشخاص سنوياً في مختلف البلدان ورغم توافر اللقاحات منذ عقود إلا أن هذه اللقاحات تتغير كل عام تقريباً بخلاف لقاحات أمراض أخرى مثل الحصبة أو شلل الأطفال التي تمنح مناعة... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
علماء السنة يقولون ما أخذنا العطاء حتى...
عبد العباس الجياشي
2024/12/20م     
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/09/29
صدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتاباً توثيقياً حمل عنوان: (تاريخ السدانة في العتبة العباسية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
2025/09/29
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com