1

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
تأملات في القرآن الكريم (ح-119)
عدد المقالات : 241
سورة الأنفال الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ{45}
تخاطب الاية الكريمة المؤمنين وفيها امرين متعلقين ببعض ونستقرأها في ثلاثة موارد :
1- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ ) : الامر الاول يأمر النص المبارك المؤمنين بالثبات عند لقاء فئة كافرة محاربة .
2- ( وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً ) : الامر الثاني يامر النص المبارك المؤمنين بذكر الله وبذكره عز وجل تأتي العوائد الربانية بالظفر والفرج وغيره .
3- ( لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ) : الامران السابقان كانا مقدمة لنيل الفلاح في الدنيا والاخرة :
أ) الفلاح في الدنيا : النصر والظفر ومن مستلزماته الثبات عند قتال الفئة الكافرة المحاربة و التوجه لله تعالى طلبا للنصر والتأييد .
ب) الفلاح في الاخرة : يكون على عدة جهات :
1- الشهادة : لا يخفى ما للشهيد من الاجر دفاعا عن بيضة الاسلام وكذلك دفاعا عن دمه وعرضه وماله الا ان الشهادة في سبيل رفع كلمة الاسلام هي الاعظم والاكثر ثوابا .
2- الاصابة والاعاقة : قد يتعرض المسلم المقاتل الى فقدان جزءا او اجزاء من جسده عند ثباته واصراره على القتال فيمضي ما تبقى من حياته مصابا معاقا حتى يلقى الله تعالى بها وفي ذلك الاجر والثواب الجزيل .
3- النصر : في حالة انتصار المسلمين في الحرب وخروجهم منها سالمين فأن في ذلك ما يستلزم رفعة الاسلام وارتفاع رايته وهي احدى الحسنيين وفيها فلاحا ونجاحا وفوزا للمسلمين والامة الاسلامية .

وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{46}
تستمر الاية الكريمة في توجيه خطابها للمؤمنين وفيها امرين ونهي وبيانين او تصريحين وتقرير واحد وكما يلي :
1- ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) : الامر الاول بطاعة الله تعالى ورسوله (ص واله) وهو الاهم ان عدم الالتزام بطاعة الله تعالى ورسوله الكريم (ص واله) يمثل العامل الاول لحصول الهزيمة ( هزيمة المسلمين ) .
2- ( وَلاَ تَنَازَعُواْ ) : نهي ينهى النص المبارك عن أختلاف المسلمين فيما بينهم فهذا الاختلاف مما يسبب تفرقهم ويشتت شملهم ووحدتهم وهذا من شأنه ان يشكل العامل الثاني لهزيمتهم .
3- ( فَتَفْشَلُواْ ) : بيان او تصريح اول عندما ينصرف المسلمون عن طاعة الله تعالى ورسوله الكريم (ص واله) ويختلفوا فيما بينهم فيسبب لهم ذلك الضعف وبالتالي الجبن وبالنتيجة تكون عدم الثبات فيهزموا في معاركهم ضد الكفار .
4- ( وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ) : بيان او تصريح ثان ( رِيحُكُمْ ) قوتكم او هيبتكم لدى الاعداء وهذا لا يكون الا نتيجة الانصراف عن طاعة الله تعالى ورسوله الكريم (ص واله) والنزاع والتشتت فيما بينهم وبالتالي استيلاء الضعف والجبن على قلوبهم مما يؤدي الى انكسار شوكتهم وانعدام هيبتهم لدى العدو .
5- ( وَاصْبِرُواْ ) : الامر الثاني ويأمر بالصبر عند لقاء العدو وعند الشدائد والمكاره.
6- ( إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) : تقرير يقرر النص المبارك ان الله تعالى مع الصابرين بالتأييد والنصرة والعون والله عز وجل لا يخذل من كان في معيته .

وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{47}
يستمر الخطاب في الاية الكريمة ناهيا المؤمنين ان يكونوا كالذين خرجوا من ديارهم وهم كفار مكة عندما خرجوا ليوم بدر ( النفير ) :
1- ( كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً ) : " البطر صفة تعتري الانسان من سوء تقبل النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها الى غير وجهها" ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .
2- ( وَرِئَاء النَّاسِ ) : كان همهم وشغلهم الشاغل ان يتناقل الناس بطولاتهم وتضرب الاساطير حولهم .
3- ( وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ ) : يمنعون الناس بكل الوسائل المتاحة من الوصول الى جادة الحق والتي تمثلت في النبي الكريم محمد (ص واله) واصحابه .
اختتمت الاية الكريمة بــ ( وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) الله عز وجل محيطا بهم علما وخبرا سمعا وبصرا من جميع الجوانب والابعاد فلا يغيب عنه جل وعلا منهم شيء ولا تفوته جل وعلا منهم فائتة .

وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ{48}
تستمر وتكمل الاية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة ولكن هذه المرة تسلط الضوء على القوى الخفية التي تقف ورائهم الشيطان الرجيم حيث انه لعنه الله :
1- ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ) : يروى ان ابليس لعنه الله كان في معسكر الكفار وقد تصور بصورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي واخذ يحرضهم على قتال المسلمين .
2- ( وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ ) : يقول لهم سراقة بن مالك المزيف فخدعوا به وبقوله .
3- ( وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ) : واضاف سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي انه مناصر ومعين لهم على قتال المسلمين .
تستمر الاية الكريمة في سرد احداث تلك الواقعة من جانب قوى الكفار الخفية ( فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) فعندما التقى المسلمون والكفار كان ابليس لعنه الله يأخذ بيد الحارث بن هشام فتركه وولى هاربا لما رأى الملائكة في صف المسلمين :
فقال له الحارث بن هشام : يا سراقة ... الى اين ... اتخذلنا على هذه الحالة .
فقال ابليس لعنه الله : اني ارى ما لا ترون .
الحارث : والله ما ترى الا جعاسيس يثرب .
فدفع ابليس لعنه الله في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس فلما قدموا مكة قالوا : هزم الناس سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال : والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم فقالوا انك اتيتنا يوم كذا فحلف لهم فلما اسلموا ( اذعانا بالامر ) علموا ان ذلك كان الشيطان ) "تفسير البرهان ج2 / سيد هاشم الحسيني البحراني ".
يلاحظ في الاية الكريمة انها اوردت ان ابليس اللعين لما نكص وولى هاربا قال ( إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ ) فكيف يخاف الله تعالى وهو العاصي المؤجل وكيف بخاف الله تعالى وهو مؤجل يجيب على هذه التساؤلات تفسير البرهان ج2 / سيد هاشم الحسيني البحراني حيث اورد ( قال زرارة فقلت لابي جعفر (ع) لاي شيء كان يخاف وهو مؤجل ابليس اللعين - قال : يقطع بعض اطرافه ) اذا كان اللعين ابليس يخاف ويخشى ان يقطع جبرائيل (ع) او احد الملائكة بعض اطرافه .
الجدير بالذكر والاشارة ان ابليس اللعين قد تصور بصورة الانس اربع مرات كما اورده السيد هاشم الحسيني البحراني في تفسيره البرهان ج2 ( عن جابر بن عبدالله الانصاري "رحمه الله" يقول : تمثل ابليس ( لعنه الله ) في أربع صور تمثل يوم بدر بصورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي فقال لقريش : لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج فنادى ان محمدا والصباة معه عند العقبة فأدركوهم فقال رسول الله (ص واله) للانصار : "لا تخافوا فأن صوته لن يعدوه " وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من اهل نجد واشار عليهم في امرهم فأنزل الله تعالى ( واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) وتصور يوم قبض رسول الله (ص واله) في صورة المغيرة بن شعبة فقال : ايها الناس لا تجعلونها كسروانية ولا قيصرانية وسعوها تتسع فلا تردوا الى بني هاشم فتنتظر بها الحبالى ) .
تجدر الاشارة الى ان ابليس الملعون كان يتصور بصورة الادميين في ذلك الزمان فتروي مصادر التاريخ له عدة صور قبل الاسلام وتروى له لعنه الله صورا في الاسلام ومنها ما ذكر اعلاه فهل يتصور بصور الادميين في زماننا هذا ام لا الجواب يمكن ان يكون في محورين على سبيل الطرح :
1- نعم يمكنه لعنه الله ذلك ولكن يصعب التعرف عليه وتمييزه .
2- كلا لا داعي لذلك ابدا فالاشرار واهل الضلال والفساد من الادميين اليوم أكثر دهاءا ومكرا لئما وخبثا واشد مخاتلة ومواربة وبذلك يكونون قد وفروا عليه لعنه الله المزيد من الجهد والمجهود .

إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{49}
تكشف الاية الكريمة عن فئتين ( المنافقين وضعاف القلوب ) وما كان لهما من دور في رفع معنويات الكافرين بقولهما ( غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ ) اي ان المسلمين خدعهم وغرر بهم دينهم فرغم قلتهم برزوا لقتال الكفار الذين يمتازون بالكثرة العددية في محاولة لاحباط معنويات المسلمين فترد الاية الكريمة عليهما ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) فمن يتوكل على الله تعالى في جميع اموره ويثق ويطمئن بنصره وتأييده جل وعلا فأن الله تعالى عزيز غالب على امره لا يعجزه شيء في السموات ولا في الارض حكيم في صنعه وتدبيره .

وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ{50}
الاية الكريمة تخاطب النبي الكريم محمد (ص واله) وبالتأكيد المعني بها المسلمون لو عاينت لحظة حضور نزع روح الكافر ( الكفار ) لرأيت الملائكة يضربون وجهه ان كان مقبلا او دبره ان حاول الفرار وليس ذاك فقط بل عندما تكتمل عملية نزع روح الكافر يقولون له ( لهم ) " وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ " .
الجدير بالاشارة ان نزع روح المؤمن ستكون بعكس الطريقة تماما فيوافيه ملائكة قبض الارواح بأحسن الصور وازكى الروائح ويخاطبونه بأعذب الكلام ويقولون له عكس ذاك تماما .

ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ{51}
تستمر الاية الكريمة بنقل كلام ملائكة الموت للكافرين في محورين :
1- ( ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ) : ان هذا العذاب ( نزع الروح عذاب الحريق ) هو نتيجة ما اكتسبته ايديكم من المعاصي والذنوب وعبر عنه بــ ( أَيْدِيكُمْ ) كون الانسان اكثر ما يزاول الاعمال بيديه .
2- ( وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) : بعد ذلك يخبرونهم ويؤكدون لهم ان الله تعالى لا يظلم احدا وانما لكل عبد ما عمل .
العبيد على نوعين عبدا مطيع وعبدا آبق فالمطيع من سار على النهج والطريق الذي خططته ورسمته الرسالات السماوية واما الابق فمن انحرف عنه وسار بطرق اخرى تمردا وتعنتا وعصيانا فيكون النص المبارك موجها لكليهما .

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ{52}
تبين الاية الكريمة ان عادة هؤلاء كعادة ال فرعون والذين سبقوهم في كفرهم وعصيانهم ( فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ ) اخذهم جل وعلا بالعقاب والعذاب بسبب ركوبهم تلك المعاصي والذنوب ( إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) يبين النص المبارك امرين :
1- ( إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ ) : قوي لا يقهر ويلاحظ استخدام النص المبارك لكلمة ( قَوِيٌّ ) قبالة ما كان لفرعون من قوة وذلك لان آل فرعون لم يكونوا يفهمون او يعرفون سوى منطق القوة .
2- ( شَدِيدُ الْعِقَابِ ) : ان الله شديد العقاب لكن للعاصين والمتمردين والخارجين عن طاعته جل وعلا .

ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{53}
تشير وتوضح الاية الكريمة بأن الله تعالى لا يغير او يبدل نعمة انعمها على قوم بنقمة ولا يسلبها منهم ابدا ( حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ) الا عندما يتغير الحال والاحوال وتتبدل الانفس ( وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ان الله تعالى سميع لاقوال واصوات خلقه عليم بحالهم واحوالهم فيجري عليهم ما اقتضاه علمه وحكمته ومشيئته عز وجل .

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ{54}
تروي الاية الكريمة مثلا لسابقتها الكريمة ( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) كعادة ال فرعون والذين سبقوهم كانت بلادهم عامرة بالنعم والخيرات لكنهم ( كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ ) كذبوا برسلهم واعرضوا عنهم او قتلوهم وحبسوهم ( فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ) عند ذاك حق عليهم الهلاك واستحقوه بجرمهم وجريرتهم ( وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ ) فأغرق الله تعالى ال فرعون في البحر ( وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ ) آل فرعون ومن قبلهم من الامم التي كفرت وجحدت ببعثة الرسل والانبياء (ع) .

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ{55}
تبين وتشير الاية الكريمة الى ان شر الدواب التي تدب على وجه المعمورة ( الَّذِينَ كَفَرُواْ ) ( فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ) لا يؤمنون بالله تعالى ولا برسله وانبياءه (ع) .
تجدر الاشارة الى انهم استحقوا وصف ( شَرَّ الدَّوَابِّ ) لانهم يمتلكون عقلا وغريزة اما باقي الدواب فلا تملك سوى الغريزة فأن ساووها في الغريزة كانوا اسفل منها في الدرجة لامتلاكهم العقل دونها .

الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ{56}
تشير الاية الكريمة الى معاهدات جرت بينه (ص واله) وبين هؤلاء الذين وصفتهم الاية الكريمة السابقة بــ ( شَرَّ الدَّوَابِّ ) وتذكر انهم ينقضون عهدهم في كل مرة ( ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ) ( وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ ) لا يتقون الله تعالى في غدرهم .

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ{57}
تخاطب الاية الكريمة النبي الكريم محمد (ص واله) ونستقرءها في ثلاثة موارد :
1- ( فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ ) : تجدهم او تدركهم في القتال ضد المسلمين .
2- ( فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ ) : بدد وفرق بهم بطريقة او خطة عسكرية تبث الرعب والهلع في قلوبهم فيكونوا مثالا لغيرهم ممن قد تواجههم في حرب اخرى .
3- ( لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) : لعل ( رجاء ) ان يتعظ منهم من خرج من الحرب سالما او رجاء ان يتعظ بما جرى في الحرب من لم يحضرها منهم .








حيدر الحدراوي
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/11/03م
داء التعصّب في فكر الإمام علي عليه السلام: دروس للزمان المعاصر الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 3/11/2025 ما أشدّ ظلمة الفكر حين يستبدّ به التعصّب، وما أضيق العقل حين لا يرى في الأفق إلا صدى صوته. إنّ المتعصّب لا يعيش للحقيقة، بل يعيش لرأيه، يعبد الفكرة لا لأنها حقّ، بل لأنها فكرته هو. ومن هنا يبدأ... المزيد
عدد المقالات : 91
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/11/03م
السلام عليكِ يا أمّ المؤمنين، السلام عليك أيتها الصابرة المجاهدة، نبعث لكِ برقيةً عاجلةً من العراق ونقول لكِ فيها: لن يعود ذلك المشهد، الذي تمنع فيه عتاة مكة الطعام عنكم وعن أتباعكم، وينادي فيهم (أبو لهب والوليد بن المغيرة) بأن يرفعوا أثمان الأطعمة، حتی لايستطيع المسلمون شراءها وكنت تديرين هذه... المزيد
عدد المقالات : 87
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/11/02م
في فجرٍ غائمٍ من أيام الشتاء، حين كانت الأرض ما تزال تتثاءب من برد الليل، ارتفعت روحٌ مغامِرة نحو السماء، تحملها مظلةٌ كجناح الأمل، لا تعلم أن الأقدار تتهيأ لاختبارٍ يفصل بين الحياة والموت، بين الخوف والإيمان، بين حدود الإنسان وسرّ القدرة الإلهية. صعدت تبحث عن مجد الريح، فإذا بها تلامس حافة الغلاف... المزيد
عدد المقالات : 64
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/11/02م
قراءة في كتاب آية الله العظمى السيد علي الخامنئي حول الغناء والموسيقى الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 31/10/2025 صدرت الطبعة العربية من كتاب آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (قدس سره) في بيروت يوم 21 أكتوبر 2025، في حين كانت النسخة الفارسية قد صدرت في 23 يوليو 2019. يضمّ الكتاب ستًّا وسبعين جلسة فقهية... المزيد
عدد المقالات : 91
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2025/10/29م
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها شاهقٌ، وعينيها بلا جفون في تلكَ الحجرةِ كان الطُهرُ يحمل الطُهرَ رسول الله يضع الحسين في حجره، وكل الملائكةِ يتنعمون برؤية هذا المشهد كيف لا فهما إجابة الله عليهم حين استفهموا علی خلق آدم ليتكم تشاهدون نحيبَ الرسول حينَ... المزيد
عدد المقالات : 87
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 64
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 64
علمية
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الرابع والسبعون: تجربة نموذجية تشرح آلية الرصد: كيف يفسر نموذج بوم مرور الفوتون الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 3/11/2025 في هذا المقال، سأصف تجربة مثالية للغاية تُظهر كيف يعمل كل هذا عمليًا ضمن نموذج... المزيد
عندما نقرا تاريخ الكرة الاسيوية ونحدد فترة معينة يمكن من خلالها معرفة من هم كبار اسيا في تلك الفترة من خلال الانجازات والتي تنحصر على مستوى بطولتين وهي امم اسيا وتصفيات كاس العالم لذلك حددنا فترة (2004-2016) لنقيم نجاحات المهاجم العراقي الكبير يونس... المزيد
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثالث والسبعون: عودة الميكانيكا البوهمية: لماذا لا يزال نموذج بوم قابلاً للحياة الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 1/11/2025 ربما كان التطور الأهم مؤخرًا في نموذج بوم للمتغيرات الخفية الذي تحدثنا عنه سابقًا، هو... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
علماء السنة يقولون ما أخذنا العطاء حتى...
عبد العباس الجياشي
2024/12/20م     
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/09/29
صدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتاباً توثيقياً حمل عنوان: (تاريخ السدانة في العتبة العباسية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
2025/09/29
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com