1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
تأملات في القرآن الكريم (ح-119)
عدد المقالات : 241
سورة الأنفال الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ{45}
تخاطب الاية الكريمة المؤمنين وفيها امرين متعلقين ببعض ونستقرأها في ثلاثة موارد :
1- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ ) : الامر الاول يأمر النص المبارك المؤمنين بالثبات عند لقاء فئة كافرة محاربة .
2- ( وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً ) : الامر الثاني يامر النص المبارك المؤمنين بذكر الله وبذكره عز وجل تأتي العوائد الربانية بالظفر والفرج وغيره .
3- ( لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ) : الامران السابقان كانا مقدمة لنيل الفلاح في الدنيا والاخرة :
أ) الفلاح في الدنيا : النصر والظفر ومن مستلزماته الثبات عند قتال الفئة الكافرة المحاربة و التوجه لله تعالى طلبا للنصر والتأييد .
ب) الفلاح في الاخرة : يكون على عدة جهات :
1- الشهادة : لا يخفى ما للشهيد من الاجر دفاعا عن بيضة الاسلام وكذلك دفاعا عن دمه وعرضه وماله الا ان الشهادة في سبيل رفع كلمة الاسلام هي الاعظم والاكثر ثوابا .
2- الاصابة والاعاقة : قد يتعرض المسلم المقاتل الى فقدان جزءا او اجزاء من جسده عند ثباته واصراره على القتال فيمضي ما تبقى من حياته مصابا معاقا حتى يلقى الله تعالى بها وفي ذلك الاجر والثواب الجزيل .
3- النصر : في حالة انتصار المسلمين في الحرب وخروجهم منها سالمين فأن في ذلك ما يستلزم رفعة الاسلام وارتفاع رايته وهي احدى الحسنيين وفيها فلاحا ونجاحا وفوزا للمسلمين والامة الاسلامية .

وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{46}
تستمر الاية الكريمة في توجيه خطابها للمؤمنين وفيها امرين ونهي وبيانين او تصريحين وتقرير واحد وكما يلي :
1- ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) : الامر الاول بطاعة الله تعالى ورسوله (ص واله) وهو الاهم ان عدم الالتزام بطاعة الله تعالى ورسوله الكريم (ص واله) يمثل العامل الاول لحصول الهزيمة ( هزيمة المسلمين ) .
2- ( وَلاَ تَنَازَعُواْ ) : نهي ينهى النص المبارك عن أختلاف المسلمين فيما بينهم فهذا الاختلاف مما يسبب تفرقهم ويشتت شملهم ووحدتهم وهذا من شأنه ان يشكل العامل الثاني لهزيمتهم .
3- ( فَتَفْشَلُواْ ) : بيان او تصريح اول عندما ينصرف المسلمون عن طاعة الله تعالى ورسوله الكريم (ص واله) ويختلفوا فيما بينهم فيسبب لهم ذلك الضعف وبالتالي الجبن وبالنتيجة تكون عدم الثبات فيهزموا في معاركهم ضد الكفار .
4- ( وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ) : بيان او تصريح ثان ( رِيحُكُمْ ) قوتكم او هيبتكم لدى الاعداء وهذا لا يكون الا نتيجة الانصراف عن طاعة الله تعالى ورسوله الكريم (ص واله) والنزاع والتشتت فيما بينهم وبالتالي استيلاء الضعف والجبن على قلوبهم مما يؤدي الى انكسار شوكتهم وانعدام هيبتهم لدى العدو .
5- ( وَاصْبِرُواْ ) : الامر الثاني ويأمر بالصبر عند لقاء العدو وعند الشدائد والمكاره.
6- ( إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) : تقرير يقرر النص المبارك ان الله تعالى مع الصابرين بالتأييد والنصرة والعون والله عز وجل لا يخذل من كان في معيته .

وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{47}
يستمر الخطاب في الاية الكريمة ناهيا المؤمنين ان يكونوا كالذين خرجوا من ديارهم وهم كفار مكة عندما خرجوا ليوم بدر ( النفير ) :
1- ( كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً ) : " البطر صفة تعتري الانسان من سوء تقبل النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها الى غير وجهها" ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .
2- ( وَرِئَاء النَّاسِ ) : كان همهم وشغلهم الشاغل ان يتناقل الناس بطولاتهم وتضرب الاساطير حولهم .
3- ( وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ ) : يمنعون الناس بكل الوسائل المتاحة من الوصول الى جادة الحق والتي تمثلت في النبي الكريم محمد (ص واله) واصحابه .
اختتمت الاية الكريمة بــ ( وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) الله عز وجل محيطا بهم علما وخبرا سمعا وبصرا من جميع الجوانب والابعاد فلا يغيب عنه جل وعلا منهم شيء ولا تفوته جل وعلا منهم فائتة .

وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ{48}
تستمر وتكمل الاية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة ولكن هذه المرة تسلط الضوء على القوى الخفية التي تقف ورائهم الشيطان الرجيم حيث انه لعنه الله :
1- ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ) : يروى ان ابليس لعنه الله كان في معسكر الكفار وقد تصور بصورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي واخذ يحرضهم على قتال المسلمين .
2- ( وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ ) : يقول لهم سراقة بن مالك المزيف فخدعوا به وبقوله .
3- ( وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ) : واضاف سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي انه مناصر ومعين لهم على قتال المسلمين .
تستمر الاية الكريمة في سرد احداث تلك الواقعة من جانب قوى الكفار الخفية ( فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) فعندما التقى المسلمون والكفار كان ابليس لعنه الله يأخذ بيد الحارث بن هشام فتركه وولى هاربا لما رأى الملائكة في صف المسلمين :
فقال له الحارث بن هشام : يا سراقة ... الى اين ... اتخذلنا على هذه الحالة .
فقال ابليس لعنه الله : اني ارى ما لا ترون .
الحارث : والله ما ترى الا جعاسيس يثرب .
فدفع ابليس لعنه الله في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس فلما قدموا مكة قالوا : هزم الناس سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال : والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم فقالوا انك اتيتنا يوم كذا فحلف لهم فلما اسلموا ( اذعانا بالامر ) علموا ان ذلك كان الشيطان ) "تفسير البرهان ج2 / سيد هاشم الحسيني البحراني ".
يلاحظ في الاية الكريمة انها اوردت ان ابليس اللعين لما نكص وولى هاربا قال ( إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ ) فكيف يخاف الله تعالى وهو العاصي المؤجل وكيف بخاف الله تعالى وهو مؤجل يجيب على هذه التساؤلات تفسير البرهان ج2 / سيد هاشم الحسيني البحراني حيث اورد ( قال زرارة فقلت لابي جعفر (ع) لاي شيء كان يخاف وهو مؤجل ابليس اللعين - قال : يقطع بعض اطرافه ) اذا كان اللعين ابليس يخاف ويخشى ان يقطع جبرائيل (ع) او احد الملائكة بعض اطرافه .
الجدير بالذكر والاشارة ان ابليس اللعين قد تصور بصورة الانس اربع مرات كما اورده السيد هاشم الحسيني البحراني في تفسيره البرهان ج2 ( عن جابر بن عبدالله الانصاري "رحمه الله" يقول : تمثل ابليس ( لعنه الله ) في أربع صور تمثل يوم بدر بصورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي فقال لقريش : لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج فنادى ان محمدا والصباة معه عند العقبة فأدركوهم فقال رسول الله (ص واله) للانصار : "لا تخافوا فأن صوته لن يعدوه " وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من اهل نجد واشار عليهم في امرهم فأنزل الله تعالى ( واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) وتصور يوم قبض رسول الله (ص واله) في صورة المغيرة بن شعبة فقال : ايها الناس لا تجعلونها كسروانية ولا قيصرانية وسعوها تتسع فلا تردوا الى بني هاشم فتنتظر بها الحبالى ) .
تجدر الاشارة الى ان ابليس الملعون كان يتصور بصورة الادميين في ذلك الزمان فتروي مصادر التاريخ له عدة صور قبل الاسلام وتروى له لعنه الله صورا في الاسلام ومنها ما ذكر اعلاه فهل يتصور بصور الادميين في زماننا هذا ام لا الجواب يمكن ان يكون في محورين على سبيل الطرح :
1- نعم يمكنه لعنه الله ذلك ولكن يصعب التعرف عليه وتمييزه .
2- كلا لا داعي لذلك ابدا فالاشرار واهل الضلال والفساد من الادميين اليوم أكثر دهاءا ومكرا لئما وخبثا واشد مخاتلة ومواربة وبذلك يكونون قد وفروا عليه لعنه الله المزيد من الجهد والمجهود .

إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{49}
تكشف الاية الكريمة عن فئتين ( المنافقين وضعاف القلوب ) وما كان لهما من دور في رفع معنويات الكافرين بقولهما ( غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ ) اي ان المسلمين خدعهم وغرر بهم دينهم فرغم قلتهم برزوا لقتال الكفار الذين يمتازون بالكثرة العددية في محاولة لاحباط معنويات المسلمين فترد الاية الكريمة عليهما ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) فمن يتوكل على الله تعالى في جميع اموره ويثق ويطمئن بنصره وتأييده جل وعلا فأن الله تعالى عزيز غالب على امره لا يعجزه شيء في السموات ولا في الارض حكيم في صنعه وتدبيره .

وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ{50}
الاية الكريمة تخاطب النبي الكريم محمد (ص واله) وبالتأكيد المعني بها المسلمون لو عاينت لحظة حضور نزع روح الكافر ( الكفار ) لرأيت الملائكة يضربون وجهه ان كان مقبلا او دبره ان حاول الفرار وليس ذاك فقط بل عندما تكتمل عملية نزع روح الكافر يقولون له ( لهم ) " وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ " .
الجدير بالاشارة ان نزع روح المؤمن ستكون بعكس الطريقة تماما فيوافيه ملائكة قبض الارواح بأحسن الصور وازكى الروائح ويخاطبونه بأعذب الكلام ويقولون له عكس ذاك تماما .

ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ{51}
تستمر الاية الكريمة بنقل كلام ملائكة الموت للكافرين في محورين :
1- ( ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ) : ان هذا العذاب ( نزع الروح عذاب الحريق ) هو نتيجة ما اكتسبته ايديكم من المعاصي والذنوب وعبر عنه بــ ( أَيْدِيكُمْ ) كون الانسان اكثر ما يزاول الاعمال بيديه .
2- ( وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) : بعد ذلك يخبرونهم ويؤكدون لهم ان الله تعالى لا يظلم احدا وانما لكل عبد ما عمل .
العبيد على نوعين عبدا مطيع وعبدا آبق فالمطيع من سار على النهج والطريق الذي خططته ورسمته الرسالات السماوية واما الابق فمن انحرف عنه وسار بطرق اخرى تمردا وتعنتا وعصيانا فيكون النص المبارك موجها لكليهما .

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ{52}
تبين الاية الكريمة ان عادة هؤلاء كعادة ال فرعون والذين سبقوهم في كفرهم وعصيانهم ( فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ ) اخذهم جل وعلا بالعقاب والعذاب بسبب ركوبهم تلك المعاصي والذنوب ( إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) يبين النص المبارك امرين :
1- ( إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ ) : قوي لا يقهر ويلاحظ استخدام النص المبارك لكلمة ( قَوِيٌّ ) قبالة ما كان لفرعون من قوة وذلك لان آل فرعون لم يكونوا يفهمون او يعرفون سوى منطق القوة .
2- ( شَدِيدُ الْعِقَابِ ) : ان الله شديد العقاب لكن للعاصين والمتمردين والخارجين عن طاعته جل وعلا .

ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{53}
تشير وتوضح الاية الكريمة بأن الله تعالى لا يغير او يبدل نعمة انعمها على قوم بنقمة ولا يسلبها منهم ابدا ( حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ) الا عندما يتغير الحال والاحوال وتتبدل الانفس ( وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ان الله تعالى سميع لاقوال واصوات خلقه عليم بحالهم واحوالهم فيجري عليهم ما اقتضاه علمه وحكمته ومشيئته عز وجل .

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ{54}
تروي الاية الكريمة مثلا لسابقتها الكريمة ( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) كعادة ال فرعون والذين سبقوهم كانت بلادهم عامرة بالنعم والخيرات لكنهم ( كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ ) كذبوا برسلهم واعرضوا عنهم او قتلوهم وحبسوهم ( فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ) عند ذاك حق عليهم الهلاك واستحقوه بجرمهم وجريرتهم ( وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ ) فأغرق الله تعالى ال فرعون في البحر ( وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ ) آل فرعون ومن قبلهم من الامم التي كفرت وجحدت ببعثة الرسل والانبياء (ع) .

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ{55}
تبين وتشير الاية الكريمة الى ان شر الدواب التي تدب على وجه المعمورة ( الَّذِينَ كَفَرُواْ ) ( فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ) لا يؤمنون بالله تعالى ولا برسله وانبياءه (ع) .
تجدر الاشارة الى انهم استحقوا وصف ( شَرَّ الدَّوَابِّ ) لانهم يمتلكون عقلا وغريزة اما باقي الدواب فلا تملك سوى الغريزة فأن ساووها في الغريزة كانوا اسفل منها في الدرجة لامتلاكهم العقل دونها .

الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ{56}
تشير الاية الكريمة الى معاهدات جرت بينه (ص واله) وبين هؤلاء الذين وصفتهم الاية الكريمة السابقة بــ ( شَرَّ الدَّوَابِّ ) وتذكر انهم ينقضون عهدهم في كل مرة ( ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ) ( وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ ) لا يتقون الله تعالى في غدرهم .

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ{57}
تخاطب الاية الكريمة النبي الكريم محمد (ص واله) ونستقرءها في ثلاثة موارد :
1- ( فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ ) : تجدهم او تدركهم في القتال ضد المسلمين .
2- ( فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ ) : بدد وفرق بهم بطريقة او خطة عسكرية تبث الرعب والهلع في قلوبهم فيكونوا مثالا لغيرهم ممن قد تواجههم في حرب اخرى .
3- ( لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) : لعل ( رجاء ) ان يتعظ منهم من خرج من الحرب سالما او رجاء ان يتعظ بما جرى في الحرب من لم يحضرها منهم .








حيدر الحدراوي
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/06/30م
زيد علي كريم يتراءى لي ضريحك وكيف كانت تلك الليلة الحزينة التي تشفى جسد عليل أصابه ما أصابه من الآلام والأحزان، من وجد متلهفا للقائك ماذا فعلت به لكي يصبح أسير حبك راغبا ومتلهفا لحضرتك المعطرة .... أنتظرت حتى الفجر وأنا تحت قبتك وبين الحرمين مابينك وبين قطيع الكفين ، فذاك يسلم وذاك يهتف ياهلا بزوار... المزيد
عدد المقالات : 85
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/06/30م
موسوعة "مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة": المؤلّفون: اشترك في تأليفها جمعٌ من الباحثين والمحققين من أهل الخبرة في قضايا السيرة الحسينية، فكانت ثمرة جهد علمي جماعي، نُسجت فصوله على امتداد ستة أجزاء محورية، خُتمت بمجلد سابع يضم الفهارس التفصيلية، من إعداد السيد هاني الرضويان. محتواها... المزيد
عدد المقالات : 128
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/06/30م
ـ من أنت ـ أبو وهب بن عمرو الصيرفي الكوفي ـ ماهي مهنتك ـ قاض ـ أين تسكن ـ أسكن في بغداد،في محلة الكرخ ـ لماذا حملت القصبة ودرت في الأسواق مدعيا الجنون ـ آه... ذلك أفضل وأسلم من أن أشترك في معاداة محمد وآل محمد،وأسهم في إصدار فتوی باغتيـ.ال الإمام موسی بن جعفر ـ من طلب منك ذلك ـ هارون الرشيـ.د أراد أن... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/06/30م
يوم الجمعة المصادف 20 حزيران-2025 يوم تاريخي الصراع الاسلامي الصهيوني حيث قامت الجمهورية الاسلامية الايرانية باذلال واهانة الكيان الصهيوني المدعوم من أمريكا وفرنسا وبريطانيا والمانيا وباقي الشلة الغربية انها اهانة غير مسبوقة جعلت المراقبين الغربيين في حيرة من أمرهم وهم يتساءلون: يا ترى كيف تكون... المزيد
عدد المقالات : 10
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/06/22م
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی سلطة الزمن هي المتحكمة () جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/18م
في صحراء الشمس، وعلى صهوة البيان، وقف النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) والسماء تصغي والأرض تتهيّأ لموعدٍ خالد. فوق هامات الحجيج، ارتفع النداء: "من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه." لم تكن كلمات، بل كانت وصايا السماء، كانت يدًا مرفوعة من نور، تبايع العدل والوصاية والهدى. ومنذ ذلك اليوم، صار الغدير نبضَ... المزيد
عدد المقالات : 3
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/06/09م
ظمأ وعشق ( قصة مبعوث الحسين مسلم بن عقيل ) *( رسائل ومبعوث) لَحِقَ الأمَّةَ عارٌ بعد تسلّم يزيد الخلافة ممَّا دعا أهل الكوفة الى إرسال الرسائل المتكررة لابن بنت رسول الله في المدينة أرسلوا له الدعوة يحملونه المسؤولية أَمام الله والأمَّة إنْ تأخر عن إنقاذهم من ظلم الأمويِّين وعُنفهم. تمهل الإمامُ... المزيد
عدد المقالات : 381
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 اسابيع
2025/06/02م
بقلم زيد علي كريم الكفلي جلست وحدي في غرفتي الصغيرة وجلس معي طيرا توقف عن الطيران... شاهدت بصيص شعاع نور أنار ظلامي أخذت أتأمله طويلا... سمعت صوته يحوم في أزقة أفكاري إلى متى وأنت تجلس في هذا الظلام بحثت عنه في كل الظلمات... في وراء النجمات... في أوراق الزمن الماضي... رأيت صورته المعلقة على جدران قلبي... المزيد
عدد المقالات : 85
علمية
وهي عبارة عن موجات مائية عملاقة يُمْكِنُ أن تنتقل بسرعة عبر المحيطات ، وهوامشها الساحلية يترتب عليها تأثيرات بيئية كبيرة في المناطق التي تحدث فيها، إن ظاهرة الأمواج المائية العملاقة Tsunami الشاملة التي حدثت في عام ١٩٤٦ في المحيط الهادي ، والحدوث... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء السابع عشر: الإلكترون الذي يعزف نغمة طاقته الخاصة الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 27/6/2025 في عام 1911، اقترح دي برولي أنه إذا كانت الموجات يمكن أن تمتلك خصائص جسيمية، فمن المعقول أيضًا أن تمتلك الجسيمات خواص... المزيد
في الثالث عشر من يونيو عام 1903، جلس العالمُ ساكنًا، لكنه لم يكن صامتًا، كانت قاعة الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم مزدانة بعبق المجد الحقيقي، إذ وقف الحاضرون على أقدامهم تحيةً لامرأة لم يعرفوا لها مثيلًا: ماري سكلودوفسكا كوري، العالمة التي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com