1

بمختلف الألوان
رِسالةٌ إلى قَلبِكَ (الرَّحمَةُ) عِندَما تَضِيقُ بِكَ الدُّنيا، وَعِندَما تَتَسَاءَلُ: أينَ الفَرجُ مَتَى تَنكَشِفُ الغُمَّةُ تَذَكَّرْ هذهِ الآيَةَ العَظيمَةَ: {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
الخلافة في المنظور القرآني - الخلافة بوصفها (علم)
عدد المقالات : 4
لا مجال للشك في أن أحلام البشرية بالمدينة الفاضلة ، جاءت من الوحي السّماويّ ، ومما أدلى به الأنبياء منذُ العصور الأولى في التأريخ ، فتطلعات البشر وهم بمعزلٍ عن السماء ، تتجه لبناء دولة ذات نفوذ قوي ، لا تنافسُها دولة أخرى في القوة والهيمنة ، وهذا ما حققه الكثير ممن حكموا الأرض ، ولأزمان طويلة ، كبريطانيا وأمريكا ، أو أرادوا تحقيقه ففشلوا ، كفرنسا في عهد نابليون ، وألمانيا في عهد هتلر ، ولا يمكننا القول إنَّ المدينة الفاضلة ، تحققت في ظل الدول التي كانت تمثل الأديان ، كالدولة الأموية والعباسية والعثمانية ، لأن شعوبها كانت تعاني ويلات الفقر والمرض والظلم والجريمة ،
والحلم بالمدينة الفاضلة ، والحياة بعدالة السماء على الأرض ، بقي قرين أحاديث الأنبياء ، ومن بعدهم بعض الصالحين والفلاسفة ومن ثم الفقراء ، وبقيتْ الكتب
السّماويّة ، وأهمها القرآن ، تحتفظ ببشارة خلافة الله القادمة على الأرض ، وكذا الحال في مضامين بعض أحاديث الرسول الأعظم ،
ورغم إننا نجد الكثير من الإشارات التي تضمنها القرآن ، حول الخلافة ، لم يعترف النمطية إلا بآيتين فقط ، وهما : -
(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) ....
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) .............

وهما ما سنسعهما بحثاً وتمعناً ، وبذلك سيكون حديثنا ههنا ، عن ثقل الخلافة في القرآن ، فهل نجد أن الخلافة بمستوى النبوة ، أم تقل عنها ، أم ربما تزيد ،
وبالتمعن في النصوص القرآنية ، ولو بالقليل المتفق عليه ، نجد إنه تعالى لم يبلغ الملائكة بإرسال الأنبياء والائمة ، كما أبلغهم عن الخليفة ، مع إن أمر الجعل موحّد بينهما ، كما جاء في الآية ٤٩ من سورة مريم :
(فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا)

كما إن الأنبياء ورثة لشرع الله ، ولم يأتِ ما ينص على أنهم ورثة الأرض ، أضف إلى ذلك كُلّهُ ، منزلة الخليفة والرسالة التي يحملها ، فمنزلة الأنبياء هي كمزلة الله في الطاعة ، راجع ( خليفة أم خلفاء ) ، وبالطبع فإن الخليفة ، له من الطاعة ما للأنبياء ، لكنّ الفارق بينهما ، كلمة الله التي سبقتْ ، لتحقيق وعدهُ ، أي إن الأنبياء فرض علينا طاعتهم ، لكننا نجد الأغلب الأعم ، ممن لم يطيعوهم ، لا في حياتهم ، ولا من بعد وفاتهم ،
وهنا لا بد أن نشير إلى قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّه ) ،
فالطاعة بأمـــرِّ الله ، تستوجب اســتمرارَ طاعته ، حتى بعد أن يتوفـــاه الله -جل جلاله- ، أي إن طاعة الأنبياء التي أوجبها الله علينا ، مستمرة ومتوالية ، بمعنى إنها مستمرة بعد وفاة أيّ نبي ، فيما ترك من أحاديث ووصايا ، ومتوالية بطاعة من يمثّلون منهجه ، ويحافظون على وصاياه ، سواء النقباء والحواريين والائمة ، أو العلماء من المتبعين لأثرهم ،
أمّا طاعة الخليفة ، فهي وإن كانت مفروضة كطاعة الأنبياء ، لكن الخليفة يحققها بشكل جبري وقهري ، ليصلح الأرض بعد فسادها ، ولا نعني بالجبر والقهر ، أن سيقتل من لا يطيعه ، بل نعني أن لا يقبل ممن يتخذهم أنصاراً له ، أدنى شك أو تردّد ، في طاعته ، فمثلاً ما فعلهُ أحد الحواريين ، وغدرهُ بعيسى النبي ، أو ما فعله السامري مع نبي الله موسى ، كل هذه النماذج ، سوف تخلوا منها دولة الخلافة الإلهية ، لأن من أنصارها ممن سبق وإن مرّوا باختبار الولاء ، واستشهدوا من أجل الوفاء لدينهم ونبيهم ، ونعني بهم أصحاب الرجعة ، الذين أعددنا لهم مبحثاً خاصاً ،
كما إننا نرى أن رسالة الأنبياء تنتهي حيث يوصل تعاليم السماء إلى أمته ، وما يوصيهم به من تعاليم ، للحفاظ على ما جاء به من شرع ، لكن الخليفة سيبدأ من حيث انتهى الأنبياء ، وهذا سبب من أسباب تأخر الخليفة ، فهو يكمل ما بدأ به الأنبياء ، ويقوم بتفعيل كل ما جاءوا به ، لإصلاح الأرض بعد فسادها ، وهذا دليل على أن أيّ من أمم الأديان السماوية ، لم يحققوا تنفيذ وتطبيق ما أرسله لهم ربَّهم من شريعة ، وبذلك فسدت الأرض وملأت ظلماً وجوراً ، ولأجل قيام الخليفة بتفعيل ما جاء به الأنبياء ، سيرث الأرض حاكماً لها ، وسلطاناً على أهلها ، وبما إنه سيكمل ما بدأ به الأنبياء ، فلن يأتي بكتاب جديد أو دينٍ جديد ، بل سيأتي بتأويل الكتب السماويّة ، وبإسلام جديد ، تركهُ أهلهُ واختلفت عليهم المذاهب ،
وختاماً ، ومن حيث النصوص القرآنية ، سينقسم حديثنا عن موضوع الخلافة في القرآن على مطلبين .
المطلب الأول
الخِــــلافَـــةُ بوصْفِهَا ( علْم )

للأهمية القصوى لهذا المطلب ، سوف نحاول أن نكرر بعض النتائج ، ونشرحها بكل اسهابٍ ورويّة ، وربما علينا أن نحدد منذ البداية ، فيما إذا كانت قضية الخلافة سنتعلمها بوصفها علماً ، أم أمراً إلهياً علينا تنفيذه ،
ولاختبار انتباه القارئ لما مرّ بنا من حديث ، من المفترض أن تكون الإجابة لديه واضحة وحاضرة ، فحديثنا عن المقومات والمكونات في الكتاب الثاني ، لم يَكُ مجرد فلسفة كلاميّة ، بل حقيقة من المُحال أن نجد ما يخالفها مطلقاً ، فسبحانه خلق حتى الملائكة الموكلين بتولّدنا ورزقنا ومَوْتِنا وبعثنا ، قبل آلاف وملايين السنين من خلق آدم ، ولن نجد أيَّ نقصٍ في حاجاتنا ، إلا بشيء واحد فقط ، ما جعلهُ الله مُوكّلاً بنا ، أي ما يجب علينا القيام به نحن واكتشافه ، كصنع الملابس واعداد الأطعمة ، بالشكل الذي يتناسب مع أذواقنا ، وكل ما اكتشفناه ، من وسائل الراحة والحياة المتطورة ، التي تضمن لنا سهولة العيش على وفق اعتقادنا بذلك
، وحتى هذه الحياة المتطورة ، خلق لنا الله أساسياتها قبل آلاف وملايين السنين ، كالنفط ، الذي أوجد لنا كل التطورات ، والأجهزة التي اكتشفت ، وكبقية المعادن والسوائل والغازات وما لها من خصائص ،
وعلى وفق ما بيّناهُ سابقاً ، وما سنتطرّق إليه لاحقاً ، فإنه تعالى يخلق المقومات قبل المكونات ،
إذن ، فما الذي يسبق خلق المقوّمات ..... والجواب سنوضحه في حــــديثنا عن الكتاب الذي سبق خلق السماوات والأرض ، وما بينهُ النــــص القـــــرآني : -
( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) ٢٢ الحديد .
وهذا بالضبط ما أطلق عليه بعضهم ، بـ (علم المنايا والبلايا) ، ويعدّ هذا الكتاب من أقدم الكتب السماوية على وفق ما أوضحهُ الله لنا ، لا على وفق ما عند الله حقيقة ، فقد يكون من قبله ألف كتاب ، فهل هذا كل شيء ،
( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ٢٢ الأنعام .
فإذا كان هناك كتاب فيه كل مصيبة ستحدث في الأرض وفي أنفسنا ، فهناك كتاب فيه كل ما يجري ويحدث ، صغيرهُ وكبيرهُ ، وبهذا وذاك يبدأ مفهوم الخلافة بوصفه علماً ، كما يترسخ مفهوم الخلافة بوصفه علماً ، وذلك بيِّنٌ ابتداء من أسماء الخلفاء أنفسهم : -
( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا أِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ) ٣١ البقرة .

فقوله تعالى ، (فعلّم آدم الأسماء كلها) ، دليل واضح وصريح ، بالرغم من محاولة الكثير تحريف الكلم عن مواضعه ، واخفاء الحقيقة القائلة ( إن أسماء الخلفاء هي أعظم العلوم التي كانت تجهلها حتى الملائكة ) ، وكان المتوقع أن يكون الفعل أخبر بدلاً عن علّم ، لأنها مجرد أسماء ، أو كما جاء في قوله تعالى ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ) ، أو كسائر الحديث الذي يقع بين الله وأنبياءه بـــ (قال له) ، فقوله تعالى ( وعلّم آدم ) ، تعني أن مجرد معرفة آدم بأسماء هؤلاء ، هو علم بحد ذاته ، وقيمة هذا العلم وثقلهُ ، يتجلى بأن آدم يحوز بسببه النبوة ، فالإشارة الوحيدة لنبوة آدم قوله تعالى (قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ) وسيأتينا تفصيل ذلك ،
وقضية أن أنبأهم بأسمائهم ، تدعونا للبحث عن علّة ذلك ، إذ لا نرى فيها من مفهوم ، إلّا أن تكون كما ينبأ البشر بأنبيائهم وأوليائهم ،
وهذا ما بينته الملائكة لنا في سؤالهم لله ، فسؤالهم لله ليس كما فهم الكثير من أهل التفسير وما تأثروا به من الروايات الإسرائيلية ، أو ما أحبوا تفسيره ، كيلا نكتشف ما أخفوه من حقائق ، وما كرهوا الوصول إليه من نتيجة ، فقول الملائكة
الذي جاء في الآية ٣١ من سورة البقرة : -
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ويَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
يعني أن الخليفة سيكون ملكاً على الملائكة وآمراً عليهم ، و(ملكاً) بمعنى مالكاً لشؤونهم ومتصرفاً بأحوالهم موجهاً لأعمالهم ، أي ممثلا لله على الملائكة ، كما هو ممثلاً لله في الأرض ، وهذا هو السبب الحقيقي لامتناع إبليس من السجود ، فإبليس ، ليس ذلك الأحمق الذي ضيّع طاعاته وعباداته ، وأبدلها بجنهم وذلك لاستكباره وترفعه شأناً عن التراب ـــــ الذي خُلق منه آدم - أو الاستنكاف من الحمأ المسنون ، بل لأنه استكبر أن يكون خادماً للخليفة وتحت طاعته ، هو وذريته ، وأنه كان يأمل أن يكون كلّ الخلفاء من نسلهِ لا من نسل آدم ، وهذا ما كان واضحاً
فيما قاله وقصده إبليس في حواره مع الرب في الآية ٦٢ من سورة الإسراء : -
( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّـــــرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) ،
فمعنى ( هذا الذي كرمتَ عليّ ) أن هناك منزلة وكرامة عظيمة منحها الله لآدم ، لا مجرد كرامة سجود الملائكة لآدم ، وكان إبليس أولى من آدم بهذه الكرامة على وفق ظنّه ،
والعداء الكبير الذي يحمله إبليس حتى لذرية آدم ، لا يمكن تسويغه بمجرد أن الله قد أمرهُ بالسجود ، كما ويتضح لنا من النص في أعلاه والنصوص الأخرى ، بأن هناك من سيتّبع سنّة إبليس بالتكبر إلى يوم القيامة ، بالرغم من أن آدم سيموت وتموت آلاف الذريات من نسله ، أي لو كانت القضية خلافاً بين آدم وإبليس ، لمَا توعّد إبليس ذرية آدم ، ولمَا طلب إبليس إنظاره ومن ثم تأخيره إلى يوم القيامة ، وهذا يعني أن العداء الحقيقي بات بين إبليس وذرية آدم ، وإن كان بدأ بين إبليس وآدم أولاً من حيث الزمن ،
( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) ٦٢ الإسراء .
وإذا كانوا قد فهموا أن إكرام الله لآدم في سجود الملائكة وسجود إبليس له ، فلم يحاولوا التوصل إلى ماهية ذلك السجود ، والذي نؤكد أنه طاعة ، حتى إنهم لم يتّفقوا بينهم ولحد الآن على طريقة السجود أكان تحية أم سجوداً حقيقياً ٣٥
، وقول الملائكة (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ٣٦ لا يعني ما فهمه بعض ، المفسرين ، على أن الملائكة قد حسدت آدم ، أو ذريته ، وأنهم أرادوا الخلافة ،
...................................................................................................
٣٥ جاء في القرطبي عن سجود الملائكة لآدم ، أن فيه عشر مسائل ، وجاء في الرابعة - واختلف الناس في كيفية سجود الملائكة لآدم بعد اتفاقهم على أنه لم يكن سجود عبادة ، فقال الجمهور : كان هذا أمراً للملائكة بوضع الجباه على الأرض ، كالسجود المعتاد في الصلاة ، لأنه الظاهر من السجود في العرف والشرع .
٣٦ ويسفك الدماء جاء في السعدي - هذا تخصيص بعد تعميم ، لبيان مفسدة القتل ، وهذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض ، سيحدث منه ذلك .
لأنفسهم أو أنهم اغتابوا بني آدم ، وهناك من عارض قول المفسرين بما تقدم ، لكنه لم يأت بتفسير مقنع ، وقال بأن الملائكة سألت عن الحكمة من تنصيب خليفة ٣٧ ، لكنّنا يمكن أن نفهم إن سؤالهم يعني أنهم وبموجب أمر التنصيب للخليفة ، سيأتمرون بأمر ذلك الخليفة ويصبحون تحت نفوذهُ ، ولا يريدون أن يكونوا تحت إمرة حاكمٍ ظالمٍ وفاسدٍ ، فهم يتطلعون لمَلِكٍ عادلٍ ، عدالتهُ لا تختلف عن عدالة الله ، الذي يسبحون بحمدهِ ويقدّسوه ، وقولهم يرشدنا بأنهم كانوا يتطلعون أن يكونوا بخدمة الله والبقاء على طاعته ،
(وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ، أو أن يتولّاهم من يمثّل الله في كل شيء ،
والله لم يخيّب تطلعاتهم ، بل علّم آدم أسماء من لا يفسدون ولا يسفكون الدماء ، وعرض الأسماء على الملائكة ، أي إن آدم قد أنبأ الملائكة بأسماء هؤلاء ، كردٍّ لهم على استفسارهم ( أتجعل فيها من يفسد فيها .......) ،
وحين لم يتعرفوا على الأسماء ( فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ،
جاء أمر الله تعالى لآدم ، أن ينبئهم بأسماء الخلفاء ، الذين سيكونون من ذريته ويتناسلون من أبنائه ، ولم تكن الملائكة قــد احــتملتْ ، أن يكون الخلفاء من بني آدم ، ومن هم سيمثلون حقّاً وعدلاً حكومة الله على الأرض ، ولأن التعرف إلى أسماء الخلفاء ، لم يكن الرد المناسب لاستفسار الملائكة ، كأنْ يكون الردّ ،
إني سأجعل فيها من لا يفسد فيها ولا يسفك الدماء ، لذا كان من الطبيعي أن تلك الأسماء التي تعلّمها آدم وعلّمها للملائكة ، هي البديل جواباً لاستفسار الملائكة ، ليشفي تطلعاتهم بخليفة عادل وشامل للصفاة المأمولة لخليفة الله ، أي يصلح الأرض ويملأها عدلا ، إذْ اِمتلأت ظلما وجوراً ، ولا يقتل النفس التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق ، وهذا الحق ما عرفهُ وتعلّمهُ من شرع الله ، والأمانة التي حمَّله إيَّاه ،
فالعلم الذي لم تكن تعرفهُ الملائكة ، أن هذه الأسماء يمكن أن يكونوا من بني آدم ، ويدخلوا في نسله ويمثّلون الله في عدله وشريعته ، لأن بني آدم ذكروا بالسوء في اخبار الجن ، وكذلك في أخبار الملائكة ، فقد بيّنّا أن الملائكة علمتْ وتعلمتْ ، أن كل خلق من دون نور الله بالكلية يتخللهم الشيطان ، ومن المؤكّد أنهم كانوا
...................................................................................................
٣٧ - جاء في تفسير ابن كثير : وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ، ولا على وجه الحسد لبني آدم ، كما قد يتوهّم بعض المفسرين وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك ،
قد خالطوا الجن قبل خلق بني آدم ، وعرفوا غيّهم وبغيهم ، كما ذكرت الكثير من الروايات ، (راجع النشأة الأولى) ، وحين تطّلع على مــا جــاء في تفسير الأسلاف عن أسماء هؤلاء ، ترى أن هذه القصة ، وكأنها كانت مزحة بين الله وملائكته ، فأراد أن يُعْجِز ملائكته بأسماء الدواب والطيور ، واسم الحصير الذي يجلس عليه أبطال هذه التفاسير ، ولم يخبرنا من أحدٍ هل أخبر آدم الملائكة ، بأسماء الخيول باللغة العربية أو العبرية أو بأي لــــغةٍ من لـــــغات العالم ، أمّا لو كانتْ الأسماء لأشخاصٍ ، فمن المؤكد أنها لا تتغير من لغة إلى لغةٍ أخرى ، وماذا بعد أن علمت الملائكة بأسماء الدواب ، هل اطمأنت بأن الله ســـــيجعل فيها خـــــليفة ، لا يفســـــد ولا يسفك الدماء ، حــاشا لله ونستغفره عمّا فهم بعضهم ، ثم ما فهموا من قوله تعالى : -
أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ،
هـــــــــل إن غـــــــيب الســـــــماوات والأرض هي أســـــــــماء الدواب -حــــاشا لله- ، فلو أن هؤلاء تنعّموا بقليل من الفـــــهم لآيات الله ، والمـــفردات التي جاءت فيها لفهموا عــــظمة ما أشار الله له من الأسماء ، فلاحظ معي ما استخدمه الله من إشارة لعظم شأن هذه الأسماء ، في قوله تعالى : -
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ ...
قــــــــد اخــــــتار الله ــ جل جلاله ــ الفعل ( عــــلّم ) ، ولــــم يقل ( أخبرَ آدم ) أو ( قالَ لآدم ) أو ( أبْلغَ آدم ) ، ويبدوا لنا أن تعلّم آدم لهذه الأسماء فيه قداسة ، فالإشارة إلى تعلم الأسماء كلها ، يعني أن العلم لن يكتمل إلا بها جميعا ، كما يبدو لنا ، أنها ذات منازل وأدوار عظيمة ، في تاريخ البشرية ، لأن التعلم جاء كمراسيم مُنظّمة لا يمكن تخطيها إلا بعد إكمالها ،
وهـــــــذا نفْــــــع اســـتخدام (ثــم) في النص ، فـ(ثم) وإن كانت أدت غرضها بالترتيب بين فـــــعل وآخـــــر ، لكنها دائـــــما ما تشير إلى زمنٍ يزيد كثيراً عن استخدام واو العاطفة ، فحين يكون القول : -
وعلم آدم الأسماء كلها (و) بدل (ثمّ) عرضهم على الملائكة ، ستقع أحداث القصة في زمن واحدٍ ، أمّا باستخدام (ثمّ) ، فإن لم تبين مدة طويلة جداً ، فهي تبين أن الحدثين وقعا في مرحلتين مختلفتين أو ظرفين مختلفين ، كما تعني أنه تعالى لم يعرضهم عـــلى الملائكة ، إلّا بعد أن علّم آدم الأسماء كُــــــلّها ، ولــــــنعد الآن الاطــــــلاع
على كامل النص ، وكم مرّة وردت الأداة (ثم) فيه ،
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٠ وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٣١ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا أِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ٣٢ قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أْنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُـــــلْ لَـــــكُمْ إِنِّي أَعْـــلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَــــا تُبْدُونَ وَمَـــا كُنْتُمْ تكتمونَ ) البقرة .

تلاحظ أنها وردت مرة واحدة لا غير ، بالرغم من وجود عدة أفعال وأحداث متعاقبة ، كأن يكون النص - ثمّ - قال أنبئوني بأسماء هؤلاء أو - ثمّ - قال يا آدم أنبئهم .... أو - ثمّ - نبأهم بأسمائهم ، لكنها وردت حيثُ علّم الله آدم الأسماء كلّها ثمّ عرضهم على الملائكة ،
وهذا ما يؤكد أن مدّة تعليم آدم قد استمرت زمناً طويلا ، تلقى فيها آدم كل ما يخص تلك الأسماء من علوم ، ولو أننا تدارسنا النص في أعلاه ، بكل دقة وعلمية ، فإننا سنقف على حقيقة لا يمكن نكرانها أبداً ، وهي أن هذه الأسماء هي من أعظم علوم السماء ، وهي من غيب السماوات والأرض ، وبعد هذا كلّه استخدم تعالى الفعل (أنبئوني) ، وهذا يعني جهلهم التام عن أسماء هؤلاء ، أمّا بخصوص قــــولـــه تعالى : - ( قــــال أنبئوني بأســـــماء هؤلاء إن كنتم صـــــادقين ) ،
فهل يعني أن الملائكة كانوا يكذبون
قوله تعالى إن كنتم صادقين ، يعني الجزم ، بأن لا علم لكم عن أسماء هؤلاء ، ولو كنتم تعلمون أسماء هؤلاء ، لمَا قلتُم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، والملائكة يفترض بها العلم التام ، بأن الله لن يجعل له خليفة ممن يفسدون ويسفكون الدماء ، لكن هناك معلومة خطيرة تعلمها الملائكة ، قد اصطدمت بخبر تنصب خليفة على الأرض ، وهي أن بني آدم يفسدون حقاً ويسفكون الدماء ، لذا خفيت عنهم معلومة واحدة ، وهي أسماء من لا يفسدون ولا يسفكون الدماء
، فالصدق هنا يعود على قول الملائكة ، ( قالوا أتجعل فيها من ي ...... ) وهذه حقيقة ، أي إن الصدق هنا بمعنى القول عن علم ، وعكسه القول عن جهل ، فيكون القصد : إن كنتم حقاً تدّعون بأن الله سيجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، فأسماء هؤلاء هو الدليل الأكيد ، أنه تعالى سيجعل فيها من لا يفسد فيها ولا يســـــفك الدماء ، والملائكة لم تكن تكْذِبْ ، بأن قالت عـــــن بني آدم أنهم سيفسدون ويسفكون الدماء ، والدليل قولهم (ســبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا)
، فقولهم نابع عن علم الله الذي علّمهم إياه ، لا باِستنتاجاتهم ولا عن حسدٍ أو غيبة اغتابوها لبني آدم ، ولكنهم جهلوا فقط أسماء الخلفاء ، الذين ذخرهم الله لخلافته في الأرض ، وهذا ما يؤكد بأن أسماء الخلفاء هو علم ، كان خفياً حتى عن الملائكة ، فلا عجب حين نجهد للتعرف إليهم ، فعظمة مثل هذا العلم ، جعلت من آدم نبياً ، إذ نكرر القــــــول بعدم وجود أي إشارة لنبوّة آدم إلّا في قوله تعالى : -

،(قَـــــــــــــــــــــــــــــــــالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُـــــــــــــــــــــــــــــــمْ بِأَسْــــمَــــــــــــــــــائِهِــــــــــــــــــمْ فَــــــــــلَـــــــــــــمَّا أَنْبـــَأَهُــــــــــــمْ بِأَسْــــــــــــــمَائِهِـــــــــــــــمْ)

فمن يُنبأ بني آدم ما يعلّمهُ الله لهُم ، غير الأنبياء كما نعلم ، فلا وجود لأدنى شك في أن من ينبأ الملائكة ، هو نبيّ ، أي إن حركة قيام آدم بأن ينبأ الملائكة ، جعلتْ منهُ نبياً ، بعد أن أعدّهُ الله للنبوة ، بتعليمه أسماء هؤلاء ، ولمدّة طويلة كما ذكرنا ، ويبدو أنك تسأل ، ما هذه الأسماء التي تحتاج مدة طويلة لتعلمها ،
فالأسماء في اعتقادنا ، لم تتجاوز الأربعة عشر اِسما ، أي ليست بالعدد الكبير ، لتحتاج مدة طويلة لتعلّمها ،
الجواب : تَعَلّم الأسماء ، يعني العلم بنهجهم الواحد ، والذي يمثّل منهاج الباري وسنته ، وما يملكونه من حكمةٍ وعدل ، وما منحهم الله من مكانة ، ولأجل فهم
القضية أكثر ، فتعال لما نسب من حديث للرسول -ص وآله - :
، ( من أحصى أسماء الله الحسنى دخل الجنة )
فقد أجمع الفقهاء ، على إن من أحصاها ، أي من تفاعل معها وآمن بوجودها بوصفها أسماء لله عزوجل ، ولا يمكن أن يكون المعنى ، من عدّها أو حفظها ، وإلا أصبح عدد من سيدخل الجنة أكثر من نفوس الصين الشعبية ، وعلينا هنا أن
نسجل دليل آخر على مجيء الخليفة وحكمه في الأرض ، ألا وهو ما جاء في الآية
: ( وَعَــلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) ٣١ البقرة .
فإنَّ من يظنُّ أنَّهُ تعالى لن يرسل لنا خليفة فقد كذب ، فعدم الصدق كما قلنا هو الكلام عن جهل ، أما القول بالنفي بعد العلم ، فيعني الكذب والافتراء على الله ، لذا فمن جاء من المفسرين بالقول ، إن الخلفاء هم بني آدم كلهم ، فكأنما قال لله حاشاه ، لقد جعلت فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، لعلمنا بالخليفة وسير الأنبياء والمصلحين ، أما الملائكة ، فلا يُمثّل قولهم ذنباً أو جريرة ، إلا بعد علمهم بما يجهلوه ، ولا يمكن افتراض إصرارهم على ما قالوه ، بعد علمهم ، وسجودهم
ابتداءً لآدم ، يعني أن الشرف الذي نالهُ آدم ، بخدمة الملائكة لهُ ولأبنائه ، قد ضاعفهُ اختيار الخليفة من نسل آدم ، راجع (ماهية السجود في الكتاب الثاني) ،
وبهذا فالملائكة علمتْ وتعلّمتْ ، فصادقَ عِلمهم تعلّمهم ، وآمالهم بخليفة لا يفسد ولا يسفك الدماء ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل كان سجود الملائكة لآدم ، قبل أم بعد قرار الله بجعل خليفة في الأرض ، وهذا ما سنناقشه لاحقاً في الجزء الثاني ، لأنه يخرج عن نطاق ما سنبحثه في هذا الجزء ، لكنّنا ننوه بشكل مختصر ، لما يراهُ بعضهم من أن القضية تشرح نفسها بنفسها ، لأن سجود الملائكة كان بشكل مباشر بعد خلق آدم ،
( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ٧١ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ص ،
لكننا حين نعلم ، بأن هناك سبع سجدات لآدم ، تختلف لدينا الصورة ، وهي كما ذكرها القرآن في سبع نصوص ، جاءت في سبع سور ، فلم تكُن على سبيل التكرار ، بل على سبيل ذكر ما حدث من سجود بالفعل ( راجع السجود لآدم في الكتاب الثاني ) ، ولم يأت نص قرآني يؤكد أن السجود كان قبل قرار تعيين خليفة أو بعده ، وبعد أن جرى ما جرى في الجنة ، وهبوط آدم على الأرض ، بدأت الحقبة الثانية ، لآدم وبنيه على الأرض ، وذلك بأن أرسل لنا الله رسلهُ ، بشرعه ودستوره ، وبشارتهِ بمجيء أيام الله التي سيحكم فيها الخلفاء ، أي بمجيء من سيطبق ذلك الدستور وتلك الشريعة ، كما أرادها الله تعالى ، والمحنة كانت في أن كل من تسلّم نبأ مجيئهم ، حرّفهُ على هــــواه ، وكما ســــنرى أن ما جاء في الكتاب المقدس ، حرّفهُ أهل الكتاب ، بأن أشاروا على أن الخلفاء ، مجرد رؤساء قبائل من أبناء إسماعيل -ع- ، وأنهم ليسوا من الأئمة المصلحين - السفر الأول - سفر التكوين : الإصحاح السابع عشر النص رقم [٢٠] الكتاب المقدس ، العهد القديم : -
وامّـــا إســماعيل فقد سمعتُ لك فيه ، ها أنا اباركه وأثمرهُ وأكثره كثيراً جداً إثني عشر رئيسا يلد وأجعلهُ أمّة كبيرة - ٣٨ - كما نقلت في مواضع أخرى بصيغة مقاربة ٣٩ : -
( وقد أجبت دعاءك في إسماعيل وقد سمعتك ما باركته وسأكثره جداً جداً وسيلد اثني عشر عظيما اجعلهم أئمة كشعب عظيم ) { ١٢ ١٥ } ،
...................................................................................................
٣٨ - سفر التكوين الاصحاح ١٧ الرقم ٢٠١٨ .
٣٩ - كما جاء بكتاب : ( معالم المدرستين ) ج ١ص ٥٣٩ ، لإثبات الإمامة .
وذكرت أسماءهم :
(( وليشمعيل شمعتيخا هني برختي اوتو وهفرتي اوتو وهربيتي اوتو بمئد مئد شنيم عاسار نسيئم يولد ونتتيوا لغوي غادول )) ،
كما جاء في شرح الأصحاح يولد له اثنا عشر ابناً ، والذين أصـــــبحوا آباء القبائل العربية الإسماعيليين وفق ادعائهم ، وهنا حسم اليهود قضية الإثني عشر ، واعتبروهم زعماء للقبائل العربية ، وهذا ما رحّب به النمطية من أحباب السلف ، إذ جمعوا ما يرونه قريباً لطموحاتهم ، واعزازاً لعشائرهم ، من دون أن يجمع الخلفاء المشار إليهم ، أي رابط منهجي أو حتى عصبي أو نسبي ، راجع (خليفة أم خلفاء) ،
وسندخل الآن بأمرٍ يوضح لنا ، بشكل دقيق كيفية تطبيق المنظار القانوني ، لفهم النصوص القرآنية ، وبعض النقد لما قاله أهل التفسير ، وهذا التطبيق يخص ما نحن بصدده من أن الأسماء التي تعلمها آدم ، وهو العلم الذي تعلمه من ربّ العباد ، فكل هذا العظيم من الأسماء ، يراه بعضهم أسماءً للأشياء ، وإذا كان أهل
الكتاب يخافون أن تكون الإشــــارة ، لأنبياءٍ ســــيأتون بعد أنبيائهم ، وأولياء بعد أوليائهم ، فما كان يخاف منه العرب لكي يغيّروا الحقائق ، والنبي الأعظم هو خاتم الأنبياء ، وكما بيّنا في الكتاب السابق إن من المضحك ، أن بعضهم فهم أن أسماء هؤلاء ، هي أسماء مقدّسة فأرادوا أن لا يمسوا قداستها ، فقالوا بأنها أسماءً للملائكة ، على اعتبار أن الله أراد أن يسخر من ملائكته حاشاه وحاشاهم ، ويثبت للملائكة كيف أن آدم يعلم أسماءهم ، وهم لا يعلمونها ، فكيف لهم أن يقولوا ، أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، ويتهمون بني آدم دون علم ، ولكن فات عليهم قول الملائكة (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا أِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ، أي إنهم لا يقولون إلا عن علم من الله تعالى ، وهذا ما جاء في تفسير ابن كثير والطبري ٤٠ : -
(( وقال الربيع في رواية عنه : أسماء الملائكة ، وقال حميد الشامي : أسماء كـــــل النجوم ، وقال عبد الرحمن بن زيد : علمه أسماء ذريته كلهم ، واختار ابن جرير أنه علمه أسماء الملائكة وأسماء الذرية ، لأنه قال ( ثم عرضهم ) وهذه عبارة عمّا يعقل ،
وهــــذا الذي رجح به ليس بلازم ، فإنه لا ينفي أن يدخل مـــعهم غــــيرهم ، ويعبر عن
...................................................................................................
٤٠ - جاء في الطبري ص[ ٦٥٠ - ٦٥٣ - ٦٥٨ - ٦٥٩ - ٦٦٣ - ٦٦٥ - ٦٦٦ ] .
الجميع بصيغة من يعقل للتغليب . والصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها ذواتها وأفعالها ؛ كما قال ابن عباس حتى الفسوة والفسية . يعني أسماء الذوات والأفعال ، المكبر والمصغر ، ونقل البغوي عن الربيع أسماء الملائكة )) ،
ونلاحظ كيف أنه أشار بجواز الجمع بين العاقل وغير العاقل ، لكنه لم يذكر لنا أيّ ذاتٍ عاقل ، في أسماء الأشياء فأين قوله : (( لا ينفي أن يدخل مـــعهم غــــيرهم))
، وجاء في الطبري عن تفسير الأسماء التي تعلمها آدم ، ومن ثم أنبأ الملائكة بها :
(( حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شَريك ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، قال : علّمهُ اسمَ كلّ شيء ، حتى البعير والبقرة والشاة ........
وحـــدثنا عـــلي بن الحسن ، قال: حدثنا مسلم ، قال : حـــدثنا محمد بن مُصعب ،
عن قيس ، عن عاصم بن كليب ، عن سعيد بن مَعبد ، عن ابن عباس في قول الله ( وعلم آدم ) ، علمه اسم كل شيء حتى الهَنة والهُنَيَّة .................................
وقال آخرون : علم آدم الأسماء كلها ، أسماء الملائكة كلّها ،
حُدِّثت عن عمار ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : - أسماء الملائكة )) ،
ولم نذكر بهد الهنيَّة ما قالهُ ، لسبق وذكرها في مواضع عدّة ، وكي لا يصاب القارئ بالامتعاض ،
وليثبت الطبري عبقرية خاصة ، أفتى وأختار الرأيين معاً ، (( وأولى هذه الأقوال بالصواب ، وأشبهها بما دلّ على صحته ظاهر التلاوة ، قول من قال في قوله (وعلم آدم الأسماء كلها) ، إنها أسماءُ ذرِّيَّته وأسماءُ الملائكة ، دون أسماء سائر أجناس الخلق وعن قوله تعالى ثم عرضهم ، قال الطبري : - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : أسماء ذريته كلَّها ، أخذهم من ظهره ، قال : ثم عرضهم على الملائكة -
وحدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جُريج ، عن
مجاهد ( ثم عرضهم ) ، عرض أصحاب الأسماء على الملائكة ، كما جاء عنه أنها الحمامة والغراب )) ،
ولكنَّ كلّ ذلك أهون من قول ابن عباس ، إن علم الله الذي علّمه لآدم ما ذكرهُ (أجلكم الله) ، لكنّ آدم كان يؤهّل لدخول الجنة ، لا لدخول المرافق الصحية يا ابن عباس ، ولا نجد والله ردّاً بمستوى ما نطّلع عليه من رأي ، أمّا عبد الرحمن بن زيد ، فمن المؤكد أنّهُ لا يعلم بلوغ عدد سُكان الأرض الآن أكثر من سبع مليارات ونصف [٧،٦٧٤] وفق آخر اِحصائيّة لعام {٢٠١٩} ،
وبموجب ما طرحتهُ الأبحاث ، فإن عدد سكان العالم منذ بدء الخليقة ليومنا هذا ، هو مالا يقل عن [١٠٨] مليار ، ولو كان آدم ينطق الاسم الواحد خلال ثانية واحدة ، فإن الوقت الذي استغرقه لقراءة الأسماء كُلّها ، ما يقرب من ستة وثلاثين ألف سنة ، أي مازال لحد الآن يقرأ على الملائكة أسماء ذريته ، ونحن لا نعترض على شيء ، بل نقول هل حفظهم أو كتبهم ، وما الفائدة من ذلك كُلّه ، والامر نفسه يمكن أن يقال ، لمن يقول بتعلم آدم الأشياء كلّها ، فقد لا يعلم القائل ، إن هناك [٣٢٠٠] ، نوعاً من أنواع الأسماك ، [١٠٠٠٠] ، ومن الزواحف ما يقرب من عدد الأسماك ، أمّا أنواع الحيوانات البريّة فيقدّر بــ[٣٠] مليون نوع ، أضف إلى ذلك الحشرات ، ولا نعلم شأن البكتريا والفايروسات والجراثيم ، كل هذا ولم نصل إلى أنواع ............... أكرمكم الله ،
أمَا يعتريهم الحياء ، مما فسروه واستنتجوه من عظيم آيات الله -عزوجل- ، هل نحن أمام العلماء الأعلام ، ومصابيح الهدى في الظلام ، أم نحن أمام كُتّاب (وال دزني) للأطفال ، فتخيل آدم وهو يقول للملائكة أسماء اليابانيين والصينيين والهنود ، أم حسبوا أنَّهم هُم فقط أبناءً لآدم ،
هذا إذا كُنتَ تسألني ، عن سبب عدم الاكثار من كتابة مصادر من أهل التأويل ، فلا ، لأنَّنا نُعارض ما يقولوه ، بل لأنَّنا نجدهُ مضيعة للوقت ، ولا تستحق الوقت الذي يكتبُ فيها ،
فضلاً عمّا يعترينا من فتور ، في البحث والتقصي ، لما نجدهُ من طرائف ، لا تنتمي حتى لأدب الحديث ، وكم نتمنى أنَّنا عشنا بعهدهم ، لنعُدّ لهم مثالب ما قالوه ، بعدد ذرية بني آدم ،
لكنّا نعود للقول ، بأن فارق التطور الحضاري ، يمنعنا بعض الشيء من الانتقاص من قدر ما كتبوهُ ،
ولنعد إلى النص الذي جاء في سورة البقرة ، لنستنتج ما قضية هذه الأسماء : -
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٠ وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٣١ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ٣٢ قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تكتمون ) ،

ولننتبه لقوله تعالى : - ( وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ) ٣١ .
فماذا عرض الله على ملائكته ،
لو كان سبحانه وتعالى قد عرض الأسماء فقط ، لكان النص جاء بهذا الشكل - وعلم آدم الأسماء كلها ثم (عرضها) على الملائكة ، ولكن لمّا جاءت بهذه الصياغة
(عرضهم) ، فـــهذا يعني ، أنه تعالى عرض أصحاب الأسماء ، بذواتهم على الملائكة
، وهذا بعض مــــا فـــــات عـــــلى المفسرين في أعــــلاه ، وليت كل مذاهب وملل العالم ، تعلم ما فعله بعض من أمة الرسول الكريم ، بدين الله ، ليفهموا ما فعلهُ من قبل ، بعض من أمّة النبي موسى وعيسى -عليهم السلام- ، ولو أمعنا النظر بكل ما جاءت به تفاسير القوم ، سنجد من زلاتهم ، بعض ما يشير ، بأنهم على علم كافٍ بما استعرضناه ، وجاء بابن كثير ص [ ٦ ] في تفسير الآية ٣١ البقرة : -
(( إني إن جعلت خليفتي في الأرض من غيركم عصاني ذريته وأفسدوا وسفكوا الدماء ، وإن جعلتكم فيها أطعتموني واتبعتم أمري بالتعظيم لي والتقديس ، فإذا كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء الذين عرضت عليكم وأنتم تشاهدونهم ، فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة التي لم توجد أحرى أن تكونوا غير عالمين )) ،
فكيف كان تفسيرهم أن هذه الأسماء هي أسماء الأشياء ، فهل رءوا كل المؤثثات المنزلية ، أم الفسوة والفسيّة (نعتذر لتكرارها ولكن لزم ذكرها هنا) ،
أم رءوا ، كلّ أبناء بني آدم إلى يوم الدين ، أم رءوا أنفسهم كملائكة ، على وفق من قال إن هذه الأسماء ، هي أسماء الملائكة ،
وبما أن النص بهذه الصعوبة التي جعلت قسم من الصحابة والتابعين ، يخمّنون ما هي تلك الأسماء ، فلنعرضها وكأننا نسرد قـــــــصة يمكن أن نعقلها بموجب النص
- قال الله تعالى إني جاعل في الأرض خليفة ، فتعجبت الملائكة وقالت : وهل من الممكن أن تجعل فيها من المفسدين وسفّاكي الدماء خلفاء على الأرض ، أجابهم الله ، أنا أعلم بما تجهلوه أنتم ، ولأجل أن يبدأ آدم تعاملهُ مع الملائكة بوصفه نبياً ، علّم اللهُ آدمَ الأسماء كُلّها ، ثم عرضهم الله على الملائكة ، أي عرض الأسماء والشخصيات ، ولمّا رأتهم الملائكة ، ســــألهم الله هــــــل تعلمون من هؤلاء ، قالوا ســـبحانك ، إن كلّ ما نعلمه ، علمتهُ أنت لنا ، ولم تُعلّمنا مــــن قبلُ أســــماء هؤلاء ، ثم أمر آدم أن يُنبّأ الملائكة ، بالأسماء التي عرضتْ عليهم ،
فـــــيما ترى ، ما هي الأســـــــــماء التي يتوقّعها في هذه القصة ، لو عرضناها على تلميذ
في المراحل الأولى من التعلّم ،
وما رأيك أن نتوقّع أمراً في غاية الغرابة ، أمراً لم يتوقعه علماء الغرب ولا حكماء الفرس ، ما رأيك أن نتوقع إنه تعالى علّم آدم ، أسماء الخلفاء الذين سيحكمون الأرض بالعدل ، دون أن يفسدوا فيها ويسفكوا الدماء ، بما أن الملائكة كانت تتكلم على الخليفة ، فقد جاء الله بخلفائه وعلّم آدم أسماءهم ، ثم عرضهم على الملائكة وقال لهم ، هيا انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ، بقولكم أني سأجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، فلو كنتم تعلمون أسماء هؤلاء ، لمَا قلتُم ما قلتُم ، أو إنكم تعلمون أسماء هؤلاء ، فأنتم لم تقولوا الصدق ، لأن هؤلاء لا يفسدون ولا يسفكون الدماء ، والآن ماذا تعتقد ، هل إن اقتراح أسماء الخلفاء يعدُّ شذوذاً عن المُراد ، أو هو المُراد بعينه ، أو على الأقل من المحتمل قبوله ، أليست أقرب مما أسندوه من أسماء البغال والحمير ،
أستغفر الله وحاشاه وحاشا أولياءه الصالحين ، والآن هل تظنّ حقّاً أن هذا الرأي يحتاج لعالمٍ أو حكيم ، وهل تظُنّ أنّ من الصعب على أهل التفسير التوصل لهذا الرأي ، ولو باحتمال واحد إلى المائة ، لكن القضية ليست قضية صعوبة في التفسير ، أو النظر بدقة للنص القرآني ، أو تظنني قد أتيت بما لم تأت به الأوائل ، فكل أهل التفسير يعلمون علم اليقين أن المقصود بأسماء هؤلاء ، هم أسماء الخلفاء من نسل الرسول المصطفى ، والدليل واضح وجلي ، أن لا أحد منهم ، قال على أقل تقدير ، بأنها أســـماء الأنبياء جميعاً ، فكيف يقولون بأنها أســماء الملائكة ، وثم يقولون أسماء ذرية آدم ، ولا يخطر على بالهم ، أن يجمعوا على أنها أسماء الأنبياء ، والسبب هو خوفهم من أن يتعرف الناس على حقيقة الخلفاء ، فلو قالوا بأنها أسماء الأنبياء ، أصبح المطّلع قريباً للتعرف إلى المصطفى وآله الأبرار ،
والقضية قضية ملك بني أميّة ، ومن ثم مُلك بني العباس ، ومن ثم ملك الدولة العثمانية ، ومن بعد كل ذلك ملوك وزعماء لا يمتون للدين الإسلامي بصلةٍ ، ففي أي عهد من هذه العهود ، يستطيع من أحدٍ أن يقول إن أسماء هؤلاء هي : أسماء الخلفاء ، الذين أمــــر الله بتعيينهم خـــــلفاءً لهُ ، مُـــــذ بداية الخلق حتى اللحــــظة ، وبالتفاتةٍ أخرى للنص ، ولمزيد من التأكد ، فهل إن الحوار الذي دار بين الله وملائكته ، بعد أن قال تعالى إني جاعل في الأرض خليفة ، له أي علاقة بتعلم آدم لأسماء هؤلاء ، فانعم النظر في قوله تعالى : -
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٠ وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) البقرة .
نعود لهذه العبارة المهمة جداً ، والتي لم يليها أهل التفسير أي اِهتمام ، فلولا عبارة ( إن كُنتُم صادقين ) ، لكان هناك من احتمال ، إن الآية الأولى غير متعلقة بالآية الثانية ، ولكن بوجود هذه العبارة ، نكون على يقين بأن الحوار ما زال قائماً ، وإن موضوع الخليفة مازال مستمراً ، وإن تعلّم آدم للأسماء كلّها جاء في الوقت نفسه ، الذي دار فيه الحوار بين الله وملائكته ، حول موضوع الخليفة ، والدليل هو العبارة التي أشرنا إليها ( إن كنتم صادقين ) ، فليس من المعقول أن هذه العبارة لا تتعلق بما حدث في الآية الأولى ، وأنها جاءت اعتراضية ، تتعلق بحدث لم يذكرهُ النص ، وليس هذا فقط ، بل ما زالت هـــناك إشـــارة ، تجمع الآية الأولى بالثانية ، وتربط موضوع الخليفة بالأسماء التي تعلمها آدم ، وهي عبارة ( قال إني أعلم ما لا تعلمون ) ، فعبارة أعلم ما لا تعلمون ، اتصلت مباشرة بالعبارة التي تليها ( وعلّم آدم ) ، أي ما علمه الله لآدم ، هو العلم الذي لا تعلمه الملائكة ،
أنحن لنا حاجة إلى المزيد من الأدلة ، لنجزم بأن الأسماء التي علمها الله لآدم ، ترتبط بالخليفة ، لا بل تعال نسخف من عقولنا أكثر ، ونترجم النص في أعلاه إلى قصة ، أرجو من الله أن يأذن لنا بهذه الموازنة ، فكل ذلك كرامة لعظمة آياتهِ الشريفة ، قال زيدٌ إني سأرسم صورة جميلة ، قال أصدقاءه ، وكيف ستكون جميلة ولديك ألوان سوداء ، قال إنكم لا تعلمون ما عندي ، فأعطى لأخيه (----) وقال له اعرض (----) عليهم ، فلما رءوا ما لديه من (----) ، عجبوا وقالوا لم نكن نعلم بوجودها لديك ، فقال لهم ، ألم أقل لكم ، إني أكثر علماً واستعداداً مما تعلمون ،
ومـــــا عليك الآن عزيزي القارئ ، إلا أن تمــــــلأ الفراغات المـــــوجدة بين الأقــــــــواس ، ( البرتقـــــال ، الحــــمير ، البغـــــال ، الألـــــوان ، الطــــــابوق ، اســــــــــم أبيه ، الحـــــمامـــــة ) ،
لديك الآن ثمان كلمات ، عليك اختيار كلمة واحدة فقط لملء الفراغات ، فماذا تختار ، وسيكون جوابك ، هو الجواب عن معنى الأسماء التي علمها الله لآدم ، فـــإن اخـــــترت مفردة ( الألوان ) ، فــــهذا يعني أن الأســماء ، التي تعلمها آدم ، كانت
تنتمي لحوار الله مع الملائكة عن الخليفة ، وبذلك تكون أسماء هؤلاء ، هي أسماء الخلفاء الذين لا يفسدون ولا يسفكون الدماء .
وننتقل الآن إلى اِسم الإشارة ( هؤلاء ) ، الذي ورد في القرآن الكريم مرات عدة ، كــقوله تعالى : - ( قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ) ٦٨ الحجر .
(كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) ٢٠ الإسراء .
إن لم تكن اللغة العربية عرّفتنا ، لأي شيء يمكن استخدام (هؤلاء) ، فإن النصوص القرآنية كلّها ، تشير على أن هؤلاء لا تستخدم للإشارة للبهيمة أو المبهم غير العاقل مطلقاً ، وقد وردت ( هؤلاء ) في القرآن [٤٧] مرة ، و [٤٦] مرة أشارت للرجال الذكـــــور فقط ، وواحدة أشــــــارت للـــــنساء في قوله تعالى : - (قال هؤلاء بناتي) ٧١ الحجر ، وبما أنه تعالى ذكر ( قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ) فهذا يعني أنهم ذكور ، زد على ذلك أنه تعالى جاعل في الأرض خليفة ، فمن المؤكد أن الخلفاء من الذكور ، كما يمكن استخدام هؤلاء للذوات غير العاقل ، ونعني هنا الإشارة إلى كنه الأصنام باعتبارها آلة ، فلا يمكن أن نقول (هؤلاء الأصنام) بل (تلك الأصنام) ، ولكن حينما تكون الأصنام معرفة بذات ، ومعروفة بأسماء ، على أنها آلهة للجمال أو الأمان ، وما إلى ذلك ، لا بل من الممكن الإشارة إلى الأحصنة بهؤلاء ، إذا كانت مُعرّفة بأسماء خاصة بها ، وهذا ما جاء في القرآن الكريم بموجب ٩٩الأنبياء . (لَوْ كانَ هَؤلاء آلهة ما وردُوها وكلّ فيها خَالدون) آيتين : -
كما جاءت في سورة الأنبياء ، للإشارة إلى ذات الآلة التي كان يعبدها قوم إبراهيم الخليل -ع- بقوله تعالى : -
( فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ٦٤ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ٦٥ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ) الأنبياء .
وبذلك فإن اسم الإشارة ( هؤلاء ) ، لم يأتِ أبداً للإشارة إلى ما ذكروه من أجناس ، وهذا ما فهمناهُ في اللغة ، فكيف تغيّرت هذه القواعد عند هذه الآية ،
وباستعراض كل المعطيات التي مرّت علينا آنفاً ، نجد إن غيب السماوات والأرض هو أسماء هؤلاء ،
والآن أمَا علينا أن نسأل ، لماذا أخبر الله ملائكته بقرار جعل خليفة على الأرض ، ولماذا كان رد الملائكة ، بأن الخليفة ينبغي أن يكون غير مفسد ولا سفّاكا للدماء ، إلّا لأنّ الملائكة كان عليهم خدمة الخليفة القادم ، فانعم النظر في النص : -
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ٣٠ البقرة .
فنرى أن الملائكة تكشف وظيفتها ، وبأنها تقوم بالتسبيح بحمد الله والتقديس له ، فــــمَا عــــرضتْ الملائكة طبيعة وظيفتها أمام الله ، إلّا لأنها تعلم أن وظيفتها القادمة هي خدمة الخليفة ، الذي أمر الله بجعله ممثلاً له على الأرض ، وبهذا التمثيل تنتقل خدمة الملائكة من التسبيح بحمد الله إلى الامتثال لأوامر الخليفة ، وإذا لم يكن المفهوم هكذا ، فعلينا أن نؤمن بآراء النمطية القائلة بأن الملائكة أرادت المُلك لنفسها أو معرفة الحكمة التي أرادها الله من ذلك ، وهذا رأي غير معقول ومقبول ، لأن الملائكة تعلم جيداً أنها لم تخلق لأجل الخلافة على الأرض ، ولا يمكن جعل الملائكة كلها بمنصب الخليفة ، وقد أوضح الله لنا أن الملائكة
لو نزلت على الأرض ، سترتدي أجساد الرجـــــــــــال : ( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ ) ٩ الأنعام .
وماذا بعد وراء اِخبار الله تعالى الملائكة بأنه جاعل في الأرض خليفة ، قبل أن يسكن آدم وذريته الأرض ، فــــهذا ما قـــــلنا فيه بأن ســــبحانه ، خلق المقوّم قبل المكوّن ، أي إن الخليفة قد صدر الأمر بتنصيبه ، قبل أو أثناء خلق آدم ، كما أن من المؤسف أن نجد ، أن هناك من توصّل للكثير من الحقائق ، عن طريق الميزان العلمي لمفاهيمها ، لكنهُ حينما يصل إلى هذه الحقيقة ، يعود إلى فكر النمطية وآرائهم ، ويحيد عن تسليط الأضواء على أسماء هؤلاء ، خوفاً لاتهامه بالمبالغة في حب محمد وآل محمد ، لأن حبهم يعني اتهامهُ باعتناق المذهب الشيعي ، راجع ( الخليفة بين المودة والعبادة ) ، وكما جاء في البغوي : -
(( والمراد بالخليفة هاهنا آدم سماه خليفة لأنه خلفَ الجن ، أي جاء بعدهم وقيل لأنه يخلفه غيرهُ والصحيح أنه خليفة الله في أرضه لإقامة أحكامه وتنفيذ وصاياه - قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها - بالمعاصي - ويسفك الدماء - بغير حق أي كما فعل بنو الجن فقاسوا الشاهد على الغائب وإلا فهم ما كانوا يعلمون الغيب - ونحن نسبح بحمدك - قال الحسن : نقول سبحان الله وبحمده وهو صلاة الخلق وصلاة البهائم وغيرهما - سوى الآدميين وعليها يرزقون )) ،
ولكن البغوي اِلتبس عليه الأمر ، فآدم وبنوه لم يخلفوا الجن بل شاركوهم العيش
على الأرض ، لأن الجن ما زالوا يعيشون معنا ، ولأن آدم وبنيه ، لم يغيّروا شيئاً في حياة الجن ،
ابن كثير (( [ وليس المراد ههنا بالخليفة آدم -عليه السلام- فقط ] ، كما يقوله طائفة من المفسرين ، وعزاه القرطبي إلى ابن مسعود وابن عباس وجميع أهل التأويل ، وفي ذلك نظر ، بل الخلاف في ذلك كثير ، حكاه فخر الدين الرازي في تفسيره وغيره ، والظاهر أنه لم يرد آدم عينا إذ لو كان كذلك لما حسن قول الملائكة - أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء - فإنهم إنما أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك ، وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص ، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من صلصال من حمإ مسنون )) ،
ومن الحسن قول ابن كثير عن الطبيعة البشرية ، فحقاً أن ما تعلمه الملائكة عن المخلوقات أنها تفسد وتسفك الدماء ، لذا من الغريب قول بعضهم إن الملائكة اغتابت بني آدم ، لأنّ علمها وما تنطق به ، هو من بعض علم الله ، ونقوم بتكرار النتائج وبمختلف الصور ، لكيلا يبقى لدينا من شــــك ، أن مـــــا جـــــاء به أصحاب التفاسير من النمطية ، كله مغالط للحقائق : -
( قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا أِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) ٣٢ البقرة .
ومن يُسبِّح بحمْد الله ويُقدِّسَهُ ، لا يُمكن أن يقول المُنكر من القول ، وما قام به
الجنُّ قبل خلق آدم ، لابُدَّ مِنْ أنَّهُ إشارة واضحة للملائكة ، لتعلم ما سيقوم به أبناء آدم ، وهذا دأب كل المخلوقات ، حتى النباتات ، غير أن حركتها قُيّدت ، كما يقيد الإنسان بسلاسل مع جدار السجن ، فلا يملك الإفساد أو سفك الدماء ، أمّا الحيوان فشأنه خير من شأن من لا يعرف له إله ، بل يرتفع الحــــيوان عــــمن لا إله له ولا ولياً ، إذ تسبّح لله -جل جلاله- ،
إذ عــــــاش المـــــــلايين مِـــــــــــن الناس ، دون حــــتَّى أن يُسألوا هل لدَيْهم ربّ أو لا ، فماذا
سيكون جوابهُم ، لو قُلنا لهؤلاء ، إن لديكُم إماماً عليكم أن تعرفوهُ وتقتدوا بهِ ، ومهما يكُن جوابهم ، فهُم لنْ يقتلوا من يخبرهم بما تقدَّم ، لكنَّ المصيبة ، بمن يدعي الإيمان بالله وبما أنزلهُ تعالى ، لكنَّهُ يُفتي بقتلك ، لو زدتَ رأياً إلى آرائهم المتنوعة والمتعددة والمختلفة ، مادام رأيك فيه حسّ التهديد لعرش سلاطين الدولة الإسلامية ، ففي أيِّ مستوى من مستويات الخلق يمكن وضعهم ، وهـــــذا السبب ، من أهـــــمِّ الأسباب التي أدتْ ، إلى هــــجرِ البحث عن خليفة الله ، والتخوف من الاقتراب لهذهِ النصوص ، فالحديث عنها يعني لهم التخطيط للانقلاب على حكم السلطان ، ومن ثم لو أنَّهم ، درسوا الخلافة كعلم ، فلربَّما كانت المصيبة أعظم ، ونرى آراء كالأطيط والأصابع الأربعة في كرسي العرش ، هي التي تسود في الساحة ، وهذا بالفعل ما جرى ، من اعتبار الخليفة شخص عادي ، لا يعرف حتَّى هو أنَّهُ الخليفة ، ثم يفاجأ هو وكل أهل الأرض ، أنَّه هو الخليفة ، إذ يصلحه الله في ليلة وضحاها ، ولا تعجب مما توصَّلُوا لهُ ، فهُم يظنُّون حتَّى بالرسول الأعظم -ص وآله- ، مثل هذا الظَّن ، إذ كان ضالاً حاشا لله ، وهداهُ الله في الأربعين من عمرهِ ، ومن المؤكد إنَّ ما قالوه عن الرَّســــــــــول ، هو ما أوصلهُم لما قالوهُ الآن .
مقتطفات من كتاب جمهورية النبأ العظيم
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/05/06م
" شعلينا بالقدس علينا بنفسنا" " فلسطين وشعارات ص.دام الي ما تخلص" " مالنا شغل بالفلسطينيين" "فلسطين مو قضيتنا" " سوالف الب.عث،مو تگلون احنا ضد ص.دام،شو نفس سوالفه" بعد هذه المقولات الجاهزة التي يرددها الشباب خلف مروجيها أبدأ مقولتي:(القدس قضية تبعا لحاملها) فذات يوم كان جيش أمير المؤمنين علي بن أبي... المزيد
عدد المقالات : 32
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2025/05/02م
كانت مسابقة كرة القدم في دورة الألعاب الآسيوية بمثابة كاس امم اسيا حيث تشارك أغلب الدول الاسيوية بها وتكون المشاركة بالمنتخبات الوطنية حصرا واستمر الحال هكذا الى عام 1990 وقد كانت اهم مشاركتنا في هذه البطولة هي عام 1982 حيث فزنا باللقب الآسيوي في ظروف صعبة كان مدرب المنتخب عموبابا وهو مستمر مع المنتخب... المزيد
عدد المقالات : 4
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2025/05/02م
حين نبتعد عن الأشياء التي اعتدناها وتغيب عن وجوهنا،نحنُّ إليها، نشتاقها علی الرغم من أنها كانت عادية جدا، وغير لافتة ،وأحيانا تكون مملة روتينية قبل سنوات حين كنت في نيودلهي وجدت نفسي أبحث عن التفاصيل اليومية، اشتقت إليها، اشتقت للأسواق العراقية واشتقت حتی لأصوات الباعة المتجولين، اشتقت لوجوه... المزيد
عدد المقالات : 32
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2025/05/02م
عن صفحة أماني سعد: ألف التفريق أو الفارقة: هي ألف تزاد بعد واو الجماعة للتفريق بينها وبين الواو التي هي من أصل الفعل والواو التي تكون في جمع المذكّر السالم عند حذف نونه للإضافة. للتوضيح لدينا ثلاثة أمثلة: 1- كتب كتبوا - الواو هنا واو الجماعة بحاجة إلى ألف تفريق. 2- سما - يسمو - الواو هنا واو أصليّة ليست... المزيد
عدد المقالات : 765
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/04/27م
كانَ زيدٌ رجلاً بسيطاً، يعيشُ في قريةٍ صغيرةٍ بينَ الحقولِ والجبالِ، اشتهرَ بينَ الناسِ بحكمتهِ وهدوئهِ، وكانَ يردِّدُ دائماً: الصبُر زينةُ المؤمنِ، والسَّترُ تاجُ الكرامةِ. لم يكنْ زيدٌ يشتكي منْ همٍّ ولا يشكو ضعفَهُ لأحدٍ، حتّى عندما كانتِ الرياحُ العاتيةُ تَهُبُّ على بيتهِ المتواضعِ وتكادُ... المزيد
عدد المقالات : 9
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/04/27م
اللقاء .. حالة وجدانية شديدة الخصوصية .. تستهوي الشعراء على تعاقب عصور الأدب ، ومهما تنوعت مذاهبهم وتباينت مشاربهم .. فينسجون حوله ، ومن أجله ، أدبيات تتفاوت جودة وتفردا. فإذا تناولنا واحدا من تلك النصوص تذوقا ونقدا فلابد من مظاهر معينة تكشف عن مواطن الجودة ، ومعايير نحتكم إليها في تحديد معالم التفرد في... المزيد
عدد المقالات : 19
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/04/21م
ـ حين كانت  الجدران تتجسس علينا،لم نجد إلا اسمك يهوِّن علينا غلظة البيوت ـ حين كانت الأمنيات تجاور النجوم،كان اسمك موطن الغنی والرضا ـ حين كنّا نری اليتامی وهم يتلعثمون إذا سألهم أحد عن آبائهم المغادرين في عتمة الليل،لم نجد إلا اسمك  يخفف عنّا سطوة التقارير والمحاجر ـ حين تصرخ الأم وهي تنظر إلی... المزيد
عدد المقالات : 32
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/04/21م
في قريةٍ بعيدةٍ، كانَ يعيشُ رجلٌ يُدعى سامِر، عُرِفَ بينَ أهلِ قريَتِهِ بحبّهِ لجمعِ المالِ. كانَ سامرٌ يملكُ أرضاً خصبةً، تكفيهِ لزراعةِ ما يُغنيهِ عنِ الحاجةِ، ولكنّهُ لم يكتفِ. فكّرَ سامرٌ يومًا وقالَ في نفسِهِ: "إنَّ القناعةَ لا تجلبُ الذهبَ، ولا ترفعُ شأنَ الإنسانِ بينَ أقرانهِ. سأجمعُ المالَ... المزيد
عدد المقالات : 9
علمية
هي عبارة عن فوالق طولية الشكل قوسية الامتداد ومحدودة الاتساع إذ لا يتعدى اتساعها بضعة كيلو مترات غير أنها ذات جوانب انحدارية وعميقة ويصل متوسط عمقها إلى 9000 متر تحت مستوى سطح البحر. ويرى جليشر بأنه على الرغم من أن الخوانق المحيطية لا تشكل أثر من (1)... المزيد
يفضل منظمو الرحلات تنظيم رحلاتهم السياحية للمسافرين من الأزواج والمجموعات أكثر من الأفراد، وهو ما يوضحونه خلال الأسعار المقدمة. وفي هذا الصدد استعرض تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية بعض الطرق التي يمكن من خلالها أن يسافر الشخص بمفرده... المزيد
تُعد الكيمياء الكمومية من أعقد فروع الكيمياء وأكثرها إثارة، فهي تمثل تقاطعًا فريدًا بين قوانين فيزيائية دقيقة وسلوك الجزيئات والذرات في العالم المجهري. ورغم أن هذا المجال يبدو في ظاهره بعيدًا عن التطبيقات البيولوجية، إلا أن له حضورًا مدهشًا في... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
ميدان الأوّلويّات
السيد رياض الفاضلي
2024/10/14م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/05/04
أصدر قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتابًا بعنوان "قلوب بلا مأوى". يضمّ الكتاب مجموعة قصصية إنسانية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
2025/05/04
( صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com