اشار ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الأولى من صلاة الجمعة في الصحن الحسيني الشريف بتاريخ (8 /9 /2017م) ان الاسبوع القادم سيشهد حلول ذكرى احداث اسلامية مهمة لها مدخلية في التأسيس لمسألة عقائدية اساسية، مبينا انه في الثامن عشر سيشهد حلول ذكرى عيد الغدير وهو يوم من ايام الله العظيمة ومناسبة المباهلة التي تقع في الرابع والعشرين ومناسبة سورة الدهر في الخامس والعشرين، واصفا اياه بـ (اسبوع الولاية والامامة).
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي "ان مسألة معرفة الامام من المسائل الاساسية المرتبطة بالعقيدة الحقة، موضحا ان من لا يعرف امام زمانه يموت ميتة جاهلية لان معرفة الائمة سيسأل عنها الانسان في قبره".
واضاف ان ما يترتب على زيارة الامام المعصوم (عليه السلام) من المعطيات الدنيوية والاخروية مرتبطة بمعرفة حق الامام (عليه السلام) على الانسان، مستشهدا بما ورد بهذا الصدد في كثير من الروايات (من زاره عارفاً بحقه وجبت له الجنة)، مبينا ان من الضروري ان يكون للمؤمن وعي وبصيرة لمداليل هذه الاحداث والوقائع وان لا تقرأ ولا يمر عليها الانسان مروراً عابراً كاحداث تاريخية بحته.
وتابع ان من الاعمال التي تعرّف الانسان بمنزلة الامام (عليه السلام) هي زيارته، مشيرا الى ان اهل البيت عليهم السلام وشيعتهم التزموا بالاحتفاء بهذا اليوم الاغر، مبينا ان من اهم مظاهر الاحتفاء هي زيارة المرقد الطاهر للامام علي (عليه السلام) وتجديد العهد والبيعة له بمناسبة تنصيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اياه اماماً وهادياً وولياً للمؤمنين، منوها الى ورود زيارات عديدة اشهرها واهمها الزيارة المروية عن الامام الهادي (عليه السلام) لاحتوائها على ذكر الكثير من فضائل امير المؤمنين (عليه السلام) ومآثره ومواقفه المشرفة من اجل رفع راية الاسلام ونشر دعوته، والمحافظة عليها وصيانتها من التحريف.
واستعرض ممثل المرجعية العليا في الخطبة ما ورد من مقامات عظيمة لأمير المؤمنين (عليه السلام) " (وَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَزَلْ لِلْهَوى مُخالِفاً وَلِلْتُقى مُحالِفاً وَعَلى كَظْمِ الغَيْظِ قادِراً وَعَنِ النَّاسِ عافِياً غافِراً وَإِذا عُصيَ الله ساخِطاً وَإِذا اُطِيعَ الله راضِياً وَبِما عَهِدَ إِلَيْكَ عامِلاً راعِياً لِما اسْتُحْفِظْتَ حافِظاً لِما اسْتُودِعْتَ مُبَلِّغاً ما حُمِّلْتَ مُنْتَظِراً ما وُعِدْتَ)، مؤكدا ان الامام (عليه السلام) نال من خلال هذه الصفات هذا المقام فصار التنصيب الالهي للامام (عليه السلام) وانه لم يكن اعتباطاً.
واستدرك عند (وَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَزَلْ لِلْهَوى مُخالِفاً)، مبينا ان مخالفة الهوى من المقومات الاساسية والجوهرية في شخصية الانسان المؤمن فضلا ً عن شخصية القائد في الاسلام، لذا فان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان اشد ما يخاف على امته وعلى الاسلام والمسلمين من خصلتين "اتباع الهوى وطول الامل".
واردف ممثل المرجعية الدينية العليا ان من تتبع سيرة امير المؤمنين (عليه السلام) منذ اوائل حياته وحتى استشهاده يلاحظ كيف كان مخالفاً لهواه في جميع مراحلها، مستشهدا بحيث ورده عنه عليه السلام (أَلاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ، وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ، أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلِكَ، وَلكِنْ أَعِينُوني بِوَرَع وَاجْتِهَاد، وَعِفَّة وَسَدَاد، فَوَاللهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً، وَلاَ ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً، وَلاَ أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً)، ثم يقول (عليه السلام): (وَاللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ وَإِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا مَا لِعَلِيٍّ وَلِنَعِيمٍ يَفْنَى وَلَذَّةٍ لَا تَبْقَى)، ثم يبين (عليه السلام) انه ما دعانا الى طاعة الا وسبقنا اليها وما نهانا عن معصية الا وسبقنا في الانتهاء عنها.
واوضح الشيخ الكربلائي ان الامام عليه السلام من شدة تقواه وورعه عن المحارم ورد عنه (أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَةٍ إِلَّا وَأَسْبِقُكُمْ إِلَيْهَا وَلَا أَنْهَاكُمْ عَنْ مَعْصِيَةٍ إِلَّا وَأَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا).
واكد ان مما ينبغي فعله في يوم الغدير هي المؤاخاة في الله، مبينا ان هذا الفعل فيه الكثير من المعطيات الدنيوية والاخروية، مبينا ان الكثير منا لم يرتق الى مستوى الموالاة الحقيقية والتشيع لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وهناك من يحمل مشاعر وعواطف نهى عنها الائمة عليهم السلام وقالوا انها تتنافى مع صدق الموالاة والتشيع لأهل البيت.
واشار ممثل المرجعية العليا ان الموالاة ليست الترديد باللسان "ان علياً ولي الله، وانني موالا ً وانني شيعي"، وان التشيع الحقيقي ليس عبارات وشعارات تردد على الالسنة وتكتب على اللافتات، مستدركا ان الموالاة الحقيقية عمل وسلوك ومشاعر صادقة في المحبة تأتي مثل هذه الايام لكي يعود الانسان الى دائرة الولاية التي خرج منها في يوم من الايام بسبب مشكلة ونزاع واختلاف مع اخيه المؤمن.
وبين خطيب جمعة كربلاء ان المؤاخاة في هذا اليوم خصوصاً اللذين بينهم قطيعة وهجران وتحسس وفجوة، ان يسبق احدهم ليكون السابق له الى الجنة ويدعوه للمؤاخاة ويضع يده اليمنى على يده اليمنى ويقول: (واخيتك في الله... صافيتك في الله) ثم يعاهده ويعاهد الله والملائكة والانبياء والرسل على انه اذا سبقه الى الجنة يقف عند باب الجنة يقول الهي "لا ادخل الجنة الا واخي معي"، مبينا ان هذه الامور يراد منها اظهار وابراز وتفعيل مشاعر الاحترام والمحبة والمودة مع بقية الاخوة المؤمنين.
واكد الشيخ الكربلائي ان هنالك مرحلة اخرى تتمثل بمرحلة العفو عن الاساءة والتجاوز واسقاط الحقوق.