قام علماء من جامعة سيبيريا الفيدرالية ومعهد كيرين الفيزيائي بتصميم تقنية دمج مساحيق المغنيسيوم، التي يمكن أن تصبح مادة واعدة لتصنيع بطاريات الهيدروجين للسيارات.
يمكن أن يحل وقود الهيدروجين محل البنزين والفحم والمازوت في القريب العاجل. هذا ما يعول عليه خبراء البيئة وما يسخر منه شركات النفط. في الوقت نفسه تصنع الشركات نماذج من السيارات التي تعمل على الهيدروجين والتي تتمتع بأنها صديقة للبيئة لكن في نفس الوقت أكثر تكلفة بكثير من السيارات التي تعمل على البنزين.
لكن الهيدروجين هو غاز خطير للغاية وسريع الانفجار! واليوم يحتار العلماء من جميع أنحاء العالم حول كيفية تخزين ونقل الهيدروجين في حاويات تكفي لشحن على سبيل المثال سيارة. إن تخزين الهيدروجين ضمن أماكن ثابتة ولفترة طويلة هي عملية معقدة أكثر من تخزين أي غاز: حيث يتم تخزينه في شكل مضغوط وبشكل مسال ضمن اسطوانات وصهاريج.
ومن المفترض أنه من الممكن تخزين الهيدروجين ضمن كهوف ملحية تحت الأرض. ومن أجل ألا ينفجر الهيدروجين يتم تصنيع الاسطوانات من مواد متينة جداً بحيث لا يمكن أن يتسرب الغاز من خلالها، وبالتالي نحصل على حاويات إما ثقيلة وضخمة وإما باهظة الثمن. فيما يتعلق بمصنعي السيارات فقد سلكوا اليوم طريق تمتين ورفع كفاءة موثوقية نظم التخزين التقليدية لاسطوانات الغاز، حيث يتم تصنيع أغلفة خزانات الهيدروجين للسيارات التي تعمل على الهيدروجين من عدة طبقات من البوليمرات عالية المتانة ومواد الكربون.
هناك طريقة أمنة أخرى وذلك من خلال استخدام تقنية مختلفة تماماً، على سبيل المثال تخزين الهيدروجين في مركبات كيميائية. فالهيدروجين يكون متفاعل ضمن هذه المركبات ولا يمكن أن يتطاير من تلقاء نفسه، لكن في الوقت نفسه يمكن فصله ببساطة. وهنا تعتبر الهيدريدات- المواد الصلبة التي لا تتطاير (أي المساحيق)، التي تتشكل من قبل تفاعل بعض المعادن مع الهيدروجين- أكثر طريقة مناسبة لهذا الغرض. أما فيما يتعلق بمبدأ استخدام الهيدريدات كوسيلة لتخزين الهيدروجين فهو بسيط: تحت تأثير الضغط يلتقط المعدن الهيدروجين، بعبارة أخرى ينحل الهيدروجين في المعدن مشكلة مادة كيميائية جديدة.
وعند تسخين الهيدريد يعود الغاز إلى أصله. وبالتالي فإن الاسطوانة مع مسحوق معدن الهيدريد أقل خطورة من أي حاوية متضررة تحتوي على الهيدروجين المسال أو أي وعاء مجمد حيث يتم تخزين الهيدروجين تحت ضغط عالي.
إن أكثر المعادن استيعاباً والذي يمكن أن يتحول إلى هيدريد هو البلاديوم (حيث يتم استيعاب في حجم واحد من البلاديوم 900 حجم من الهيدروجين). وعلى الرغم من أن روسيا هي دولة رائدة عالمياً في مجال استخراج وإنتاج البلاديوم إلا أنه لا ينظر في موضوع استخدام هذا المعدن لتحويله إلى بطارية هيدروجين صناعية وذلك لأن المعدن ثقيل جداً ومكلف للغاية.
وقد وجد العلماء خلال سنوات عديدة من الدراسة والبحث بأن أكثر المعادن الواعدة التي يمكن استخدامها عملياً لتخزين الهيدروجين في الهيدريد هو المغنيسيوم. حيث يتمتع بكثافة منخفضة (4.5 مرة أخف من الحديد و1.5 مرة أخف من الألمنيوم)، والتكلفة منخفضة نسبياً ونظرياً يمكنه أن يتفاعل مع 7.66% من الهيدروجين لكل واحدة كتلة. ومع ذلك من الصعوبة بمكان تحقيق القيمة القصوى، وهذه المسألة يعمل العلماء في جميع أنحاء العالم على حلها.
قام علماء من جامعة سيبيريا الفيدرالية ومعهد كيرين الفيزيائي بتصميم تقنية دمج مساحيق المغنيسيوم (أي أن الأبعاد الخطية للجزئيات في نطاق 100 نانو متر) وحققوا معدل انحلال أقل بقليل من 7% من وزن الهيدروجين. وكما يشير أحد مؤلفي هذا العمل البروفسور الحائز على الدكتوراه في العلوم الفيزيائية والرياضية الخبير في معهد كيرين الفيزيائي غريغوري تشوريلوف فإن النتيجة التي تم الحصول عليها هي واحدة من الأنجح في العالم، واليوم وصلت نسبة المؤشرات التجريبية لتشبع هيدريد المغنيسيوم بالهيدروجين حوالي 5-6%.
ويضيف العلماء بأنه تجري حالياً أبحاث ودراسة حول إمكانية تصميم بطاريات الهيدروجين على أساس هيدريد المغنيسيوم، ولكن حل الهيدروجين في المعادن إلى الحد الّأقصى مازال غير كافياً.
ويجب العمل من أجل أن يصبح مسحوق المغنيسيوم مادة يمكن استخدامها في المنظومة عدة مرات. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يتم تخفيض درجة حرارة فرز الهيدروجين (هيدريد المغنيسيوم يعطي الهيدروجين عند درجة حرارة 360 درجة مئوية)، وزيادة معدل تدفق تفاعل تشبع المغنيسيوم بالهيدروجين (وهذا أمر ضروري لكي يتم تعبئة الخزان بشكل كامل من الهيدروجين خلال 5 دقائق وليس خلال نصف ساعة).
وبالفعل فإن النتائج التجريبية التي حصل عليها علماء كراسنويارسك تقربنا من تصميم محرك يعمل على الهيدروجين الأمن.