انطلقت صباح الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر آذار الجاري فعاليات معرض النجف الاشرف الدولي للكتاب برعاية الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة وشهد حفل الافتتاح الذي أقيم في الصحن الحيدري الشريف حضور شخصيات رسمية ودينية واجتماعية للمشاركة في هذا الحفل الذي تضمن مشاركات عدة .
وافتتحت حفل الافتتاح بقراءة آيٍ من الذكر الحكيم تلاها على أسماع الحاضرين المقرئ السيد هاني الموسوي ، تبعها وقفة لقراءة سورة المباركة الفاتحة على أرواح الشهداء الأبرار من القوى الأمنية والجيش والحشد الشعبي .
ثم كانت كلمة الافتتاح لفعاليات المعرض لسماحة الأمين العام للعتبة المقدسة السيد نزار هاشم حبل المتين بكلمة ، أشار فيها بعد الترحيب بالحاضرين " إن للكتاب تاريخ متجدد مع الإنسان منذ ان اخترع العراقيون الكتابة في الألف الخامس قبل الميلاد، ومثّل الكتاب إشراقا حضاريا على الأرض وكان هناك ارتباط بين الثقافة والإنسان كعلاقة الأرض والماء ولازال الكتاب الوسيلة الكبرى لنقل الثقافة .
إن أهمية الكتاب تتضح خصوصا عند الاطلاع على ما تركه القدماء في العراق وفي حضارات أخرى . وبعد الفتوحات الإسلامية ازداد الاهتمام بالتدوين فكانت البصرة والكوفة مراكز للعم والمعرفة خاصة في عهد الإمام علي عليه السلام الذي اهتم بالعلم والمعرفة .وقد كان للنجف أيضا دور كبير في الجوانب العلمية والمعرفية منذ القرن الرابع الهجري حيث أنشأت مكتبات كبيرة منذ عهد عدد الدولة البويهي مرورا بعهد الشيخ الطوسي .واليوم تزخر مدينة النجف الاشرف بمكتبات كثيرة وكبيرة تحوي مؤلفات مهمة وكتب خطية إضافة إلى احتواء المدينة على عدد من المطابع ، وللنجف الاشرف دور كبير في تدريس مختلف العلوم الإسلامية ولا تزال على هذا الدور ، ومن هذا المنطلق نرحب بضيفنا الكرام لمشاركتنا في افتتاح هذا الحدث الثقافي المهم ودعم الحركة الفكرية.
ثم جاء دور لهيئة المرتضى للإنشاد في العتبة العلوية المقدسة لتنشد على مسامع الحاضرين أنشودة معبرة بعنوان ( كنز العلوم)، للشاعر صلاح اللبان الحلي.
وتلا هيئة المرتضى للإنشاد رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية الراعي للمعرض الشيخ سعد الخاقاني بكلمة له أشار فيها بقوله " إننا نجتمع اليوم لتكريم العلم والعلماء من خلال معرض الكتاب الذي يعد موسما ثقافيا وتجاريا متكررا ، ولكنه ليس مجرد سوق بل هو منبرا لتبادل المعارف والحوار يلتقي صناع الثقافة والعلم مع المثقفين والعلماء والكتاب وفي ذلك دلالة على الوعي والشغف للقراءة ، وإنها لغبطة للمجتمع، ان يتوجه نحو للكتاب لزيادة الثقافة واتساعا لذلك والتي نحن اليوم بأمس الحاجة اليها ، وسعيا لتحقيق بعض تلكم الأهداف تقيم العتبة العلوية المقدسة معرض النجف الأشرف الدولي للكتاب بنسخته الثامنة بحلة قشيبة رائعة امتزج فيها الذوق مع التنظيم قدر المستطاع رغم ضيق المكان لتقديم لوحة تبتهج بها نفوس العلم والفكر والمثقفين لامتاع عقولهم وزيادة معارفهم .
فلا زال القلم بسيطا في شكله عظيما في شانه يعبر عن مكنونات نفوسنا وخلجات صدورنا وبه سطرت الحضارات أمجادها وبه جمع حصاد العلم والمعارف والأفكار ولولا عظم قطره وعلو قدره لم يقسم الله تعالى في محكم كتابه بقوله عزوجل :( والقلم وما يسطرون ) ، وهو السيف الذي لا يثلم وان طال القراع به وببيانه الباقي على مرور الأيام على صفحات الكتاب مؤشرا على العقول والمفاهيم ، فالكتابة أمامكم جميل أثرها عظيم قدرها ومن المؤسف ان تكون الكتابة ميدانا يساق بها إلى أنفاق الظلام من خلال الأقلام المأجورة تنبث السم ، وإننا اليوم نعيش بألم آثار ذلك بأسوء حالاتها ، ولكننا كلنا ثقة وأمل بالكتاب القيم الذي يقدمه حملة العلم والفكر الثاقب السليم في مختلف ميادين العلم والمعرفة وفي شتى الاختصاصات ليكون مصححا للمسيرة وهاديا إلى سواء السبيل وإن اعتقد البعض أن وسائل التواصل الحديثة وشبكة المعلومات الالكترونية الواسعة وسرعتها أصبح تغني عن الكتاب مما يجعل الناس تعزف عن المطالعة ، يقال نعم على الرغم ما ذكر من امتيازات لكن سيظل الكتاب بما هو جوهر العلم والتعلم . فلولا الكتاب لما وجد الانترنت وما وجدت معلومات شاشاته وسيظل القلم والقرطاس هما الأساس للتعلم والكتابة وهو المحور في تطوير البشرية ويبقى الانترنت وسيلة تعليمية معينة كبقية الوسائل التعليمية في هذا العصر . ونبقى نلتقي في هذه المواسم الثقافية لنطالع أفكار الرجال ونوقع أبصارنا وعقولنا بما تحمله لنا دور النشر والمراكز العلمية مشكورة من كتب ومجلات في شتى العلوم والمعارف لنتسابق في اقتنائها بعد أن تظافرت الجهود ابتداء من المؤلف الذي سهر الليالي ومرورا بدور النشر والمطابع وانتهاء بمعرض النجف للكتاب والشكر موصول لكم أيها السادة الكرام الأفاضل إذ في حضوركم تشييد للعلم وإكراما لحملة الأقلام ونتمنى للجميع التوفيق لما فيه الخير والصلاح.
ثم كان مسك ختام الافتتاح قصيدة متميزة للشارع الأستاذ عبد الحسين حمد ، بعدها توجه الحاضرون برفقة الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة لقص شريط افتتاح المعرض.