بغية الإسهام في تطوير المشاريع الثقافية في مختلف مجالات الحياة, وفتح الآفاق أمام العقل الإنساني و إثراء الضمير الإنساني بالمبادئ الرسالية وترسيخها لدى الأمة, وللتعرف على الإبعاد الحقيقية للإمامة ودورها في الحياة الإسلامية بشكل علمي وموضوعي, فأصبح لزاماً على العتبة الكاظمية المقدسة أن تصون هذا التراث الضخم والعمل على نشر الوعي الفكري والثقافي بين ابناء المجتمع الإسلامي النابع من صميم العقيدة والمتميز بصوره المشرقة, ولإبراز الدور الرسالي والمسؤوليات التي كان يضطلع بها الإمامين المَعصومَين علي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري(عليهما السلام), انطلقت صباح اليوم الجمعة المصادف 17/5/2013م والموافق 7رجب 1434هـ, فعاليات المؤتمر السنوي الرابع الدولي في رحاب العتبة الكاظمية المقدسة, ويأتي هذا المؤتمر الذي عقد تحت شعار: (الإمامان العسكريان امتداد للإمامين الكاظمين(عليهم السلام) دعوة حسنى لنهجٍ رسالي) ليؤكد على الأهمية البالغة التي توليها الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وعلى رأسها الامين العام الحاج (فاضل الانباري) لنشر فكر اهل البيت (عليهم السلام) وتستمر فعاليات المؤتمر على مدى يومين متتاليين. وحضر المؤتمر العديد من الشخصيات كان في مقدمتها نائبا رئيس ديوان الوقف الشيعي سماحة الشيخ(علي الخطيب) والشيخ (سامي المسعودي) والأمين العام للعتبة العلوية المقدسة سماحة الشيخ(ضياء الدين زين الدين) وممثلي العتبات المقدسة والمزارات الشريفة وممثلي الجامعات والعديد من المفكرين والعلماء ورجال الدين ورؤساء وأساتذة الجامعات والحوزات العلمية إضافة للشخصيات السياسية والأكاديمية من داخل العراق وخارجه, وتمثلت المشاركات الدولية بكل من (الجمهورية الإسلامية في إيران، ومصر، ولبنان، واليمن، والبحرين، والأردن، والجزائر، وغانا، ونيجيريا, والصومال, والنرويج، والباكستان، والهند، وتايلند, وتركيا، وهولندا، وروسيا, وأمريكا، وإنكلترا). أما الجامعات العراقية المشاركة في المؤتمر هي: (جامعة بغداد, والجامعة المستنصرية, وجامعة الكوفة, وجامعة البصرة, و جامعة القادسية, و جامعة ميسان, و جامعة ذي قار, وجامعة بابل, وجامعة ديالى, و جامعة كربلاء, والجامعة العالمية للعلوم الإسلامية, و جامعة الصدر الدينية). واستهل المؤتمر بتلاوة آياتٍ من كتاب الله العزيز شنف بها اسماع الحاضرين قارئ العتبة الكاظمية السيد (عبد الكريم قاسم)، بعدها أدت فرقة الجوادين الإنشادية أنشودة العتبة تلتها كلمة الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الحاج (فاضل الانباري) جاء فيها: (معلوم لدى الجميع أن النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته الكرام (عليهم السلام) هم الأساس لحركات الإصلاح والتقويم في المجتمعات الإسلامية، فكما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو المعلم الأول.. كان الأئمة (عليهم السلام) هم الهادون.. باعتبارهم الامتداد الطبيعي لمن أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، فكل إمام له نهج رسالي بأدوار مختلفة وهدف واحد.. فهم المثل الأعلى، والدعوة الحسنى، ومن هنا كان شعار مؤتمرنا لهذا العام (الإمامان العسكريان امتداد للإمامين الكاظمين عليهم السلام دعوة حسنى لنهج رسالي). وأضاف قائلاً: تميّز عصرا الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام) بقربه من عصر الغيبة المرتقب فكان عليهما أن يهيّئا الجماعة الصالحة لاستقبال هذا العصر الجديد الذي لم يُعهد من قبل حيث لم يمارس المؤمنون حياتهم إلاّ في ظل الارتباط المباشر بالأئمة المعصومين خلال قرنين من الزمن. من هنا نجد أن الإمامين العسكريين (عليهما السلام) قد كثّفا جهودهما لفترة الانتقال من عصر الحضور إلى عصر الغيبة.. وبما أننا نعيش زمن الغيبة لا بد أن نسلط الضوء على دور الإمامين العسكريين (عليهما السلام).. كي نتعرف على واجبنا تجاه إمامنا المهدي (عليه السلام) وكيف يكون الانتظار حتى نؤدي حق الإمام الغائب). وأعقب ذلك كلمة رئيس ديوان الوقف الشيعي القاها نيابة عنه سماحة الشيخ (علي الخطيب) أكد فيها على الأهمية البالغة لهكذا مؤتمرات وضرورة دراسة حياة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وتفعيل دور المساجد والحسينيات في التوعية والتثقيف والإرشاد كما تطرق الى دور الشهيد الصدر(قدس سره) في تثقيف الأمة وانه ينبغي الاستفادة من هذه الظروف التي اتاحتها الحكومة واستثمارها للتعريف بنهج آل البيت(ع), كما اثنى على الجهود المتميزة التي تبذلها الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وأشاد بدورها الكبير في اقامة المؤتمرات والندوات العلمية داعياً الله العلي القدير لهم بالتوفيق والسداد وقبول الاعمال . ثم كلمة اللجنة التحضيرية والقاها الاستاذ المهندس(جلال علي محمد) جاء فيها: (إنه لمن دواعي سرورنا ونحن نجتمع اليوم في رحاب الإمامين الكاظمين الجوادين (عليهما السلام) أن نساهم في خدمة الإنسانية، من خلال إبراز معارف أهل البيت (عليهم السلام).. تلك المعارف التي تشتمل على المفاهيم الأخلاقية والتربوية والعقائدية والفقهية.. والتي من شأنها.. أن ترتقي بالمجتمع نحو مدارج الكمال.. وإنقاذه من الضلالة والردى بعد التمسك بكتاب الله العزيز التزاما بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما قال: (إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي). وحرصا على ذلك.. فقد أخذت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة على عاتقها ضمن برنامجها الفكري والثقافي.. التصديَ إلى نشر علوم النبي محمد وآله الكرام.. من خلال هذه المؤتمرات، لأن من أهم أهدافها هو جعل العتبة المقدسة منارا حضاريا وفكريا وتربويا.. فضلا عن كونها مكانا مقدسا للعبادة.. لذلك فقد عملت على استقطاب المفكرين وأصحاب الأقلام النيرة.. عرفانا منها للأئمة بما قدموه خلال حياتهم الجهادية التي تكتنز بالدروس والعبر. لا يخفى على المتتبع الكريم أنّ هذه المؤتمرات السنوية - وبحمد الله وتوفيقه - قد أخذ مستوى المشاركة فيها بالتصاعد سنويا، فبعد أن كان عدد البحوث المشاركة في المؤتمر الثاني (أربعين) بحثا، والعدد في المؤتمر الثالث (أكثر من تسعين) بحثا.. وها نحن اليوم نقطف ثمار المؤتمر السنوي الرابع الدولي الذي بلغ عدد بحوثه (مائة وأربعين) بحثا من مختلفِ الجامعات والمؤسسات العراقية، فضلاً عن المشاركين من الدول الإسلامية والإفريقية والأوربية وغيرها. علماً أن الملخّصات التي وردت إلى اللجنة التحضيرية كانت أكثر من ( مائتين وأربعين) ملخَّصا، وقد حرصت اللجنة كعادتها وبغية انتهاج المهنية والأمانة العلمية.. على اعتماد آلية تقويم البحوث العلمية المطبّقة في الجامعات، وذلك بعرض كل بحث على خبيرين للتحكيم، في ضوء أنموذج التقويم العلمي المعتمد في المؤتمرات العلمية.. فيجب أن نؤكد ومن موقع المسؤولية الشرعية بأنْ تأخذ هذه البحوث القيّمة دورها في بناء المجتمع بعد أن ننتقل بها من النظرية إلى التطبيق.. لبناء مجتمع يتميز بالرقي الأخلاقي والتربوي.. مجتمع متحصن بالفكر والعقيدة.. قادر على مواجهة الغزو الثقافي الذي يريد أن يعصف بالمجتمع.. ونتمنى أن يكون لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية.. دور كبير في تضمين مناهجهم التعليمية فكر أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم العطرة). كما ألقيت في المؤتمر قصيدة للشاعر (رياض عبد الغني الكاظمي) مجدت الامامين العسكريين وإبراز دورهم القيادي في دفاعهم عن الرسالة الاسلامية ومنها هذه الأبيات: نورٌ تلقّفَه ليلُ العبادِ فما روّى غليلَهمُ إذ ظلَّ يستترُ تشرّفتْ أرضُ سامرّا بمولدِهِ فأصبحتْ بوسامِ السبْقِ تفتخرُ كأرض مكة باهت أن تربتها مهدُ الرسالةِ منها الآيُ والسورُ كأرضِ مكّةَ باهتْ أن كعبتها لأول الأوصياء المولد العطرُ نورٌ قضى للهدى بعثاً لآخرها كما لأولها قد جاءت النذرُ وابتدأت الجلسة الأولى برئاسة د. (حميد مجيد هدو) ومقررها د. (عبد الرزاق الطيار) بالبحث الأول (الإمامة المبكرة في ضوء القرآن والسنة) لسماحة السيد (سامي البدري) والثاني (العقيدة والتربية والمعرفة) لفضيلة الشيخ(محمد كنعان). كما وزعت في ختام الجلسة الأولى الهدايا ودروع العتبة الكاظمية المقدسة وتكريم اللجنة العلمية والشخصيات والوفود المشاركة في المؤتمر. ومن الجدير بالذكر فقد توزع القاء بحوث المؤتمر على ست قاعات وهي: (قاعة الإمام موسى الكاظم(ع), وقاعة الإمام محمد الجواد(ع), وقاعة الحمزة بن عبد المطلب(ع), قاعة الإمام علي الهادي(ع), قاعة الإمام الحسن العسكري(ع), قاعة مكتبة الجوادين العامة)