أكّدت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة، أن استذكار السيرة العطرة للسيدة الزهراء(عليها السلام) يجب أن يكون منطلقاً لإحياء نهجها القويم، وإحياء شخصيّتها في وجدان الأمّة ومشاعر أبنائها. جاء ذلك خلال كلمة الأمانة العامة التي ألقاها عضو مجلس إدارة العتبة العباسية المقدسة، الدكتور عباس رشيد الموسوي على هامش اختتام فعّاليات مهرجان روح النبوّة العالمي السنوي الخامس، الذي تقيمه مدارسُ الكفيل الدينية النسوية. وأدناه نصُّ الكلمة: منذ أن شرعت العتبة العباسية المقدسة بإطلاق هذا المؤتمر، أولته ما يستحقّ من الرعاية والاهتمام، حتّى صار يكبر مزدهياً بعنوانه الأبهى والأسمى، ومؤدّاه سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام)؛ إنّما يحمل هذا الاسم (روح النبوّة) لأن فاطمة(عليها السلام) بضعة المصطفى وروحُه التي بين جنبَيْه، وفي إحياء هذه الذكرى إحياء لسنّة أبي الزهراء(عليها السلام) بقدر ما فيه استذكارٌ لسيرتها العطرة، لذلك نحرص على أن يكون في هذه المناسبة منطلقاً لإحياء نهجها القويم وإحياء شخصيّتها في وجدان الأمّة ومشاعر أبنائها، كي نقتدي بها ونهتدي بهديها فهُداها هو الهُدى الذي أتى به أبوها (صلّى الله عليه وآله)، وليس بخافٍ على أخواتنا أنّ هناك مسعى لأعداء الرسالة الخالدة يومياً، يرومون من خلاله أن يفصلوا بيننا وبين منابع الخير والعزّ والمجد وأن يبعدونا عنها، فهناك تياراتٌ فكريةٌ شاذّة تواصل عملها باستمرار كي تجعل علاقتنا بالإسلام ورموزه وكتابه المتين شكلاً لا مضمون له، ولهم في ذلك المسعى أساليب شتّى بعضها ظاهرٌ مفضوح وبعضها مضمرٌ خفيٌّ خطير؛ والهدف هو تخريب القِيَم والأخلاق السامية التي بات ركنها المتين في العائلة ودرعها الواقي هو المرأة، لذلك راحوا يستهدفونها بشتّى الوسائل، لذا فإنّ تجديد الذكرى والإصرار على إحيائها هو ترجمةٌ لتمسّكنا بالإسلام وإعلان الولاء لنبيّه (صلّى الله عليه وآله)، واتّباع رسالته والاقتداء به وبآل بيته الطيّبين الطاهرين، كي نكونَ في صميم الرسالة وفي عمق فهمها وعلى مقربةٍ منها، مهما تقادمت السنون وتعاقبت الأجيال. لعلّ النموذجَ الأسمى والمثلَ الأعلى الذي على المرأة أن تبحثَ عنه في كلّ عصورها هو السيدة الزهراء(عليها السلام)، فهي عنوان الحياة وشهادة الميلاد للنبل الإنسانيّ والقيم الأخلاقية والسموّ والرفعة والعفّة، فهي صاحبةُ السيرة العطرة التي ظلّ عطرها يفوح ليملأ سمع التاريخ كلّه، وهي الصفحة الناصعة التي دوّى صداها في الآفاق مع الأزمنة كلّها، وهي سيّدة النبوّة ففي بيتها كان مهبط الوحي بل كانت قريبةً من الوحي نفسه، بما خصّها الله سبحانه وسائر أهل بيت النبوّة بآية التطهير، وقد خصّها الله تعالى بأن جعلها تحمل سلسلة الأنوار خلفاء النبيّ الأكرم من الأئمّة المعصومين(عليهم السلام). تأتي ثمار هذه الذكرى والاحتفال بها، إذ تكون حاضنةً تتلاقى فيها الأخوات الفضليات من داخل البلاد وخارجها، لتبادل الدروس المستفادة من هذه السيرة والاقتداء بها، ومن ثمّ يكون اطّلاع الأخوات على المشاريع النسوية في العتبة العباسية، في كلّ حقول المعرفة الدينية والثقافية والفكرية والاجتماعية وغير ذلك، وقد جرت العادة أنّ بعض ضيوف العتبة عندما يطّلعون على مشاريعها، يُظهرون الدهشةَ والتعجّب ممّا يرونه من تقدّمٍ وتطوّر ورصانة وخدمةٍ مجتمعية قلّ نظيرُها، كما أنّهم يتساءلون عن سبب عدم سعي العتبة العباسية المقدسة إلى تسويق ذلك إعلامياً كما يجب، وبحسب رؤية العتبة العباسية المقدسة فإنّنا لا نريد أن يكون عملنا إعلاماً مجرّداً، بل جعلنا مشاريعنا لسان صدقٍ ناطقاً عن كلّ ذلك، ونطمح أن يشاهد الزائر المشروع بأمّ عينه ويراه عن كثب ليدرك حجم ما وصلت إليه مشاريعنا، وفي المقابل من ذلك لا نريد أن نهوّن من دور الإعلام ونقلّل من شأنه، بل نريده أن يمارس دوراً تضامنياً مع ما ينطق به لسانُ حال المشروع نفسه. إنّنا مهما وصفنا ما وصلنا إليه من توفيقٍ وتسديد ما كان ليكون لولا تلك الرؤية العمليّة، التي رسَمَها وتابعها سماحةُ المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيّد أحمد الصافي (دام عزّه)، وإن تلك المشاريعَ وما حقّقته من نجاحاتٍ ومن ضمنها الملتقيات وما حقّقته من آثار إيجابية في الفئات المستهدفة، ما كانت لتكون لولا أن الله سبحانه وتعالى مَنّ علينا بل مَنّ على العراق وأهله بنعمةٍ كبرى، وهي وجود سيّد النجف سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه الوارف)، الذي لولاه ولولا فتواه المباركة ولولا حشد المحبّين لها، ممّن تزاحموا على التطوّع للدفاع عن الأرض والعرض وما قدّموه من تضحياتٍ، لعاش العراق جحيماً ولطواه الظلام وتبدّل الأمرُ غير الأمر، فشكراً لهذه النعمة الكبرى سليلة الشجرة المحمدية الخالدة، وشكراً لكلّ من ساعدنا في إحياء أمرها.