أكّدت العتبةُ العبّاسية المقدّسة أنّنا جميعاً مسؤولونَ في هذا البلدِ عنْ كلِّ فشلٍ أو نجاحٍ، ولا سبيلَ لنا للارتقاءِ ببلدِنا العزيزِ إلّا بالاعتمادِ على قدراتِنا الذاتيّةِ وإمكاناتِنا الشخصيّةِ، وهذا مبدأٌ نؤمِنُ به مُستمدِّينَ هذِهِ الرؤيةَ الإيجابيّةَ من دينِنا الحنيفِ، ونبيِّنا الكريمِ إذ رُوِيَ عنِه (صلّى الله عليه وعلى آلِهِ الطيّبين الطاهرين) أنّهُ قالَ: (خيرُ الناسِ أنفعُهُمْ للناسِ).
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها نيابةً عن أمانتها العامّة رئيسُ جامعة الكفيل الأستاذُ الدكتور نورس شهيد الدهان في حفل افتتاح مُلتقى الكفيل لتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ والروبوت، الذي انطلقت فعّالياتُه صباح هذا اليوم الأربعاء في جامعة العميد.
وبيّن كذلك أنَّ "هذا المُلتقى العلميّ (مُلتقى فتيةِ الكفيلِ الوَطَنيِّ) المَعْنِيَّ بِتطبيقاتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ وتصميمِ وبَرْمجةِ الروبورتِ يُعَدُّ مُلتقًى نوعيّاً، إذْ هو من المُلتقياتِ الرائدةِ على مُسْتَوى العراقِ، وَهُوَ بمثابةِ لبنةٍ أساسيّةٍ وركيزةٍ على قَدَرٍ كبيرٍ مِنَ الأهمّيةِ للعنايةِ بطاقاتِ ونتاجات أبنائِنا الطلبةِ، وتنميةِ مهاراتِهِم وقُدْراتِهِمْ؛ مِنْ أجلِ تحقيقِ مزيدٍ مِنَ الإبداعِ والتقدُّمِ العلميِّ والمعرفيِّ؛ خِدْمةً لبلدِهِم، وهذا مَا جَعَلَهُ يستحقّ هذِهِ العنايةَ الفائقة، ويُؤْمَلُ فيه أَنْ يَنْمُو وَيُثْمِرَ حتّى يكونَ الجدُّ والاجتهادُ مِنْ أَهَمِّ ثِمارِهِ، ويكونَ هذا العزمُ والتصميمُ فينا ظاهرةً مِنَ الظواهرِ المجتمعيّةِ العراقيّةِ".
وأضاف "نَحْنُ نَلْمَحُ في هذا المُلتقى المباركِ بادرةَ النجاحِ والإبداعِ، مُعَوِّلِينَ على شريحةِ الشبابِ من طلبةِ الجامعاتِ والمدارسِ المهنيّةِ والتَّعليميّةِ في العراقِ، سواءً كانَتْ حكوميّةً أم أهليّةً، ولزاماً علينا جميعاً أنْ نَبْقَى دائماً نسْتَنْهِضُ هِمَمَ هؤلاءِ الشبابِ مِنَ الطلبةِ المشاركينَ وغيرِهِم؛ لاستخراجِ مَكْنُونِ أَفْكارِهِم الخلّاقَةِ وَالمُبْدِعَةِ إلى حَيِّزِ الواقعِ والوجودِ".
وأكّد الدهان "مِمّا يُسَرُّ لَهُ القَلْبُ أنَّ الاستجاباتِ والمشاركاتِ من وزارةِ التعليمِ العالي والبحثِ العلميِّ وَوزارةِ التربيةِ، كانَتْ مَبْعَثَ فخرٍ واعتزازٍ، إذْ بَلَغَتْ نتاجاتُ المشتركينَ أكثرَ مِنْ (200) مِئَتَيْ نتاجٍ، قَدْ نَتَلَمّسُ من بعضِها الأصالةَ والابتكار، ومن بعضِها الآخرِ محاكاةَ برامجَ وتصميماتٍ أُخَر أو التجديدَ والتطوير، وهو ما سَيَتَمَخَّضُ عنه قولُ لجنةِ التحكيمِ الموقّرة قولاً فصلاً".
وأشار "شاعتْ بينَنَا في واقعِنا العراقيِّ ظاهرةٌ غيرُ مألوفةٍ في البيئةِ العلميّةِ والمعرفيّةِ، تَدْفَعُ نحوَ الكسلِ وتَثْبِيطِ الْهِمَمِ والإلقاءِ باللّائمةِ على الآخرِ، وهذا توجُّهٌ ينبغي التصدّي له بِكُلِّ ما لدَيْنا مِنْ وسائلَ؛ لأنّنا نَتَساءَلُ ها هُنا: ما وظيفةُ العالِمِ، والمفكِّرِ، والباحثِ العلميِّ، وصاحبِ المصنعِ، على سبيل المثال؟
فَهَلْ مِنَ المعقولِ أنْ يَقِفَ مُتفرِّجاً، أو يتحوَّلَ إلى عُنْصرٍ يُزَعْزِعُ إِراداتِ الناسِ للنهوضِ بواقِعِهم؟ الحقيقةُ أنّ كلَّ مَنْ يستطيعُ التأثيرَ في واقعِهِ إيجاباً فهوَ مسؤولٌ عن ذلك".
وتابع "مِنَ الضَّروريِّ لنا -حتّى نَرْتَقِي بواقعِنا- أنْ نكونَ داعمينَ بكلِّ أشكالِ الدعمِ الماديِّ والمعنويِّ لأبنائِنا الطلبةِ وشبابِنا، ولا سيَّما المتحمِّسينَ إلى الابتكار والإبداعِ، ومِنْ هنا شَعَرَتِ العتبةُ العبّاسيةُ المقدّسةُ متمثِّلَةً بمتولّيها الشرعيِّ سماحةِ السيّدِ أحمد الصافيّ "دام عزّه" مبكِّراً بمسؤوليّتِها الكبرى وبالحاجةِ إلى وضعِ منهجٍ قويمٍ، فنَهَضَتْ بأعبائِها في هذا الميدانِ موفّرةً كلَّ الوسائلِ المتاحةِ لدعمِ النتاجاتِ العلميّةِ في العراقِ، مؤمنةً أنَّ البلدانَ لا يمكنُ أنْ تُبْنَى إلّا بِسواعدِ أبنائِها وهِمَمِهِمْ".
مؤكّدا أنّ "البلدانَ التي أعادتْ بناءَ نفسِها مِنْ جديدٍ، لم تكنْ مُتَّكِئَةً على غيرِها أبداً، بلْ قامتْ على قدراتِها الذاتيّةِ، ولم تكنِ الظروفُ لِـتَقِفَ حائلاً بينَها وبينَ التقدّمِ في كلِّ المجالاتِ، وهذا الذي يجعلُ العتبةَ العبّاسية المقدّسةَ تَحْرِصُ كلَّ الحرصِ على رعايةِ النتاجاتِ العلميّةِ والمشاريعِ البحثيّةِ والابتكاراتِ الصناعيّةِ وما سواها".
ووجّه الدهان دعوةً "إلى الجهاتِ المسؤولةِ والمعنيّةِ إلى ضرورة القيام بواجباتها والاهتمامِ الكبيرِ بالنتاجاتِ العلميّةِ وتشجيعِها، فضلاً عنْ توظيفِها في خدمة هذا البلدِ".
واختتم "نقدِّمُ وافرَ شكرِنا لكلِّ المشاركينَ والحاضرين في هذا المُلتقى المُباركِ، مُتَمَنِّينَ للجميعِ دوامَ النجاحِ والتوفيقِ، وأنْ تُسْهِمَ نتاجاتُهُمُ العلميّةُ في خدمةِ بلدِنا العزيز".