طرح التوتر على الحدود الروسية - الأوكرانية والتحذيرات المتصاعدة من مغبة غزو روسي محتمل، تساؤلات عديدة بشأن تأثير الأزمة الحالية على إمدادات القمح للسوق المصري، وطرق التحوط من تقلبات أسعاره.
وفيما حذر مراقبون من أن الأزمة الأوكرانية ستؤدي إلى ارتفاع أسعار
القمح العالمية، تتحرك مصر، التي تعد "أكبر مستورد للقمح في العالم"، عبر عدد من الطرق والإجراءات الوقائية لتأمين إمدادات القمح، في حال تأثرت الواردات من روسيا وأوكرانيا (أكبر مصدري القمح للقاهرة) حال نشوب الحرب.
وقلل خبراء في أحاديث منفصلة لـ"سكاي نيوز عربية" من مخاوف تأثير الأزمة الأوكرانية على إمدادات القمح لمصر في الوقت الحالي، وقالوا إن "الاحتياطي الاستراتيجي من القمح في الحدود الآمنة".
وحشدت روسيا أكثر من 100 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة، وفقا لتقديرات أميركية، مما أثار مخاوف مسؤولي المخابرات الغربية والأوكرانية من أن
الغزو قد يكون وشيكا.
وذكر وزير التموين المصري علي المصيلحي، أول أمس، أن "وجود المناوشات بين أكبر مُصدري القمح والغلال في العالم يثير حالة من عدم اليقين في السوق"، وذلك وفقا لتصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وأكد المصيلحي أن " الاحتياطي الاستراتيجي من القمح آمن ويكفي لمدة 5.4 شهر".
وأضاف أن الوزارة اتخذت إجراءات تحوطية لتأمين مخزونها من الأقماح، حيث عملت على تنويع مناشئ استيرادها كالولايات المتحدة وفرنسا وروسيا ورومانيا وأوكرانيا.
ونوه إلى أن" الدراسات في ما يتعلق بالتحوط من تقلبات أسواق القمح لا تزال جارية"، لافتا إلى "تشكيل لجنة في وزارة المالية لدراسة سياسات التحوط، وسيتم استكمال المناقشات مع بداية الشهر المقبل بحيث يتم بحث جدوى هذا الإجراء من عدمه".
استعدادات متوسطة وطويلة الأمد
الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي والرئيس السابق للشركة القابضة المعدنية، استعرض في حديث خاص لــ"سكاي نيوز عربية"، الإجراءات الوقائية التي تتخذها الحكومة المصرية، موضحا "لدى
مصر في الأمد والأجل القصير احتياطي استراتيجي للاستهلاك يكفي لأكثر من 5.2 شهر، وهو احتياطي هام جدا بالنسية لإمدادات القمح لشعب يزيد تعداد سكانه عن 100 مليون".
وأضاف: "لتأمين إمدادات القمح في الأمد المتوسط، يتم تعزيز تنويع مصادر الواردات سواء من
فرنسا أو غيرها، دون الاعتماد على مصدر واحد فقط، علاوة على العمل على التوسع في استخدام العقود المستقبلية لشراء القمح أو غيرها من سلع تموينية، على غرار ما يجري للمواد البترولية".
وبنهاية ديسمبر الماضي، تعاقدت الهيئة العامة للسلع التموينية نيابة عن وزارة التموين والتجارة الداخلية من خلال مناقصة عالمية على شراء 300 ألف طن قمح فرنسي وأوكراني وروماني في إطار استراتيجية الوزارة لتعزيز أرصدتها من السلع الأساسية، بحسب وكالة أنباء
الشرق الأوسط الرسمية.
وأوضحت الهيئة، في بيان سابق لها، أنه تم شراء 60 ألف طن قمح فرنسي و180 ألف طن قمح أوكراني و60 ألف طن قمح روماني للشحن في الفترة من 15 فبراير إلى 3 مارس المقبلين.
وعلى الأمد الطويل، وفق نافع، سيتم العمل على الزراعة المحلية وزيادة الرقعة المزروعة للقمح، حيث إن هذا الأمر بحاجة لاستعدادات كبيرة وضوابط عديدة.
وقال مسؤول بوزارة الزراعة المصرية لوكالة رويترز للأنباء، مؤخرا، إن مصر زرعت 3.62 مليون فدان قمحا، وهي الأكبر على الإطلاق، في الموسم الحالي 2022.
وأكد أنه "لن يكون هناك تأثير للأزمة بشكل خاص على مصر، لأنها تتأثر كما ستتأثر دول العالم"، مبرزا أن "الخصوصية لمصر تتمثل في أن القمح الأوكراني هو المصدر الرئيسي لإمدادات القمح لها، حيث كان يمثل نحو 14% عام 2020؛ كونه الأفضل سعرا وجودة".
خصوصية الحالة المصرية
بدوره، قال وجدي المشد، نائب رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، في حديث خاص لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه "لا تأثير في الوقت الحالي للأزمة الأوكرانية الروسية، حيث إن لدينا مخزون من شحنات القمح المطلوبة والمخزون يكفي 6 أشهر بشكل كافي"، مشيرا إلى "الاعتماد بشكل كبير على وارادات القمح من
أوكرانيا وروسيا".
ويواصل: "نجحت حكومتنا في الحفاظ على مستويات من المخزون الاستراتيجي في كل السلع الأساسية، حيث أن أقل رصيد في الدولة من السلع لا يقل عن 3 أشهر وهي فترة تعد في عمر الدول كثيرة، بينما في عهد حكم تنظيم
الإخوان لم يكن لدينا رصيد من السلع يكفي لمدة 12 يوما".
كما نوه إلى أن "هناك أزمة تحدث في بعض الأحيان وليس بشكل دائم، تتعلق بالزيوت باعتبارها سلعة حيوية وضرورية؛ وهناك اتجاه لزيادة الرصيد من المخزون الاستراتيجي من
الزيت.. والمخزون الحالي كاف".
وتتصدر أوكرانيا قائمة أكبر الدول في العالم المصدرة لزيت عباد الشمس، وتأتي مصر في المرتبة الرابعة من حيث الاستيراد.