أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-2-2018
6326
التاريخ: 19-2-2018
4772
التاريخ: 19-2-2018
16506
|
قال تعالى : {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوضُحَاهَا } [النازعات: 34 - 46].
لما دل سبحانه بهذه الأشياء على صحة البعث وصف يوم البعث فقال {فإذا جاءت الطامة الكبرى} وهي القيامة لأنها تطم على كل داهية هائلة أي تعلو وتغلب ومن ذلك يقال ما من طامة إلا وفوقها طامة والقيامة فوق كل طامة فهي الداهية العظمى قال الحسن هي النفخة الثانية وقيل هي الغاشية الغليظة المجللة التي تدقق الشيء بالغلظ وقيل إن ذلك حين يساق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار {يوم يتذكر الإنسان ما سعى} أي تجيء الطامة في يوم يتذكر الإنسان ما عمله من خير أوشر {وبرزت الجحيم} أي أظهرت النار {لمن يرى} فيراها الخلق مكشوفا عنها الغطاء ويبصرونها مشاهدة {فأما من طغى} أي تجاوز الحد الذي حده الله وارتكب المعاصي {وآثر الحياة الدنيا} على الآخرة {فإن الجحيم هي المأوى} له والإيثار إرادة الشيء على طريقة التفضيل له على غيره {وأما من خاف مقام ربه} أي خاف مقام مسألة ربه عما يجب عليه فعله أو تركه {ونهى النفس عن الهوى} أي عن المحارم التي تشتهيها وتهواها وقيل إن الرجل يهم بالمعصية فيذكر مقامه للحساب فيتركها عن مقاتل {فإن الجنة هي المأوى} له أي هي مقره ومأواه.
ثم خاطب سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال {يسئلونك عن الساعة أيان مرسيها} أي متى يكون قيامها ثابتة على ما وصفتها {فيم أنت من ذكريها} أي لست في شيء من علمها وذكراها والمعنى لا تعلمها قال الحسن أي ليس عندك علم بوقتها وإنما تعلم أنها تكون لا محالة وقيل معناه ليس هذا مما يتصل بما بعثت لأجله فإنما بعثت داعيا وقيل إنها من حكاية قولهم والمعنى أنك قد أكثرت من ذكراها فمتى يكون {إلى ربك منتهيها} أي قل لهم إلى الله إجراؤها والمنتهى موضع بلوغ الشيء فكأنه قيل إلى أمر ربك منتهى أمرها بإقامتها لأن منتهى أمرها بذكرها ووصفها والإقرار بها إلى الرسول ومنتهى أمرها بإقامتها إلى الله لا يقدر عليها إلا هو سبحانه وقيل معناه إلى ربك منتهى علمها أي لا يعلم وقتها إلا هوعن الحسن.
{إنما أنت منذر من يخشيها} أي إنما أنت مخوف من يخاف قيامها أي إنما ينفع إنذارك من يخافها فأما من لا يخشاها فكأنك لم تنذره {كأنهم يوم يرونها} أي يعاينون القيامة {لم يلبثوا} في الدنيا {إلا عشية أوضحيها} أي إلا قدر آخر نهار وأوله ومثله كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار وقد مر بيانه وقيل إن معناه أنهم إذا رأوا الآخرة صغرت الدنيا في أعينهم حتى كأنهم لم يقيموا بها إلا مقدار عشية أو مقدار ضحى تلك العشية عن قتادة .
___________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج10 ، ص261-262.
{فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى} . إذا قامت القيامة دمرت الكون بأرضه وسمائه ، ولم يبق من شيء إلا خالق كل شيء . . وهذه هي الطامة الكبرى ، وأي شيء أكبر منها وأعظم ، ومن هنا قيل : ما من طامة إلا وفوقها طامة ، والقيامة فوق كل طامة {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنْسانُ ما سَعى} . إذا انتقل من الفانية إلى الباقية يرى صحيفة أعماله مع الجزاء ، إن خيرا فخير وإن شرا فشرّ ، وعندئذ يتذكر سعيه في الحياة الدنيا وما كسبت يداه {وبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى} لا يحجبه عن رؤيتها حاجب ، ولا يحرسها منه حارس ، وفوق ذلك : {وإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا} - 71 مريم .
{فَأَمَّا مَنْ طَغى وآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى وأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى} . من انقاد إلى أهوائه أوردته المهالك ، ومن تغلب عليها أبصر الطريق ، وبلغ من الخير غايته . . والهوى علة العلل ، وصدق من قال : من أطاع هواه أعطى عدوه مناه . وقال آخر : إن حقيقة الإنسان هي نفسه ، فإذا تغلب عليها الهوى أصبح مخلوقا آخر لا يشبه الإنسان في قلبه ولا عقله . ومما قاله الإمام علي (عليه السلام) في وصف من قاس الحق بأهوائه : {لا يعرف باب الهدى فيتبعه ، ولا باب العمى فيجتنبه ، فذلك ميت الأحياء} . وتجدر الإشارة إلى ان المراد بالهوى ما خالف الحق والعدل ، وإلا فإن النفس تشتهي الحلال كما تشتهي الحرام .
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها} متى تقوم القيامة ؟ {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها} . يطلبون منك يا محمد أن تحدد لهم اليوم الذي تقوم فيه القيامة ، ولا يدخل هذا في اختصاصك ، ولا في شيء من وظيفتك ، والمطلوب منك ان تخوف الناس من القيامة وأهوالها ، أما متى تكون فعلم ذلك عند اللَّه ، وقد شاءت حكمته أن يخفيها عن عباده حتى الأنبياء والمقربين ، وأن لا تأتيهم إلا بغتة . وتقدم مثله في الآية 187 من سورة الأعراف : {يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُو ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ والأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ} ج 3 ص 431 .
{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوضُحاها} . أنكروا القيامة حتى إذا رأوها أيقنوا انها الحق الذي لا ريب فيه ، وانها دار القرار ، وان الدنيا طريق إليها وممر ، فإذا طوت أهلها بالموت أدركوا ان أعمارهم فيها كانت أشبه بطيف أو بساعة من نهار . . ومثله الآية 45 من سورة يونس : {ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ} ج 4 ص 164 .
____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص512-513.
قوله تعالى: {فإذا جاءت الطامة الكبرى} في المجمع،: والطامة العالية الغالبة يقال: هذا أطم من هذا أي أعلى منه، وطم الطائر الشجرة أي علاها وتسمى الداهية التي لا يستطاع دفعها طامة.
انتهى، فالمراد بالطامة الكبرى القيامة لأنها داهية تعلو وتغلب كل داهية هائلة، وهذا معنى اتصافها بالكبرى وقد أطلقت إطلاقا.
وتصدير الجملة بفاء التفريع للإشارة إلى أن مضمونها أعني مجيء القيامة من لوازم خلق السماء والأرض وجعل التدبير الجاري فيهما المترتبة على ذلك كما تقدمت الإشارة إليه.
قوله تعالى: {يوم يتذكر الإنسان ما سعى} ظرف لمجيء الطامة الكبرى، والسعي هو العمل بجد.
قوله تعالى: {وبرزت الجحيم لمن يرى} التبريز الإظهار ومفعول {يرى} منسي معرض عنه والمراد بمن يرى من له بصر يرى به، والمعنى وأظهرت الجحيم بكشف الغطاء عنها لكل ذي بصر فيشاهدونها مشاهدة عيان.
فالآية في معنى قوله تعالى: { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22] غير أن آية ق أوسع معنى.
والآية ظاهرة في أن الجحيم مخلوقة قبل يوم القيامة وإنما تظهر يومئذ ظهورا بكشف الغطاء عنها.
قوله تعالى: {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} تفصيل حال الناس يومئذ في انقسامهم قسمين أقيم مقام الإجمال الذي هو جواب إذا المحذوف استغناء بالتفصيل عن الإجمال، والتقدير فإذا جاءت الطامة الكبرى انقسم الناس قسمين فأما من طغى إلخ.
وقد قسم تعالى الناس في الآيات الثلاث إلى أهل الجحيم وأهل الجنة - وقدم صفة أهل الجحيم لأن وجه الكلام إلى المشركين - وعزف أهل الجحيم بما وصفهم به في قوله: {من طغى وآثر الحياة الدنيا} وقابل تعريفهم بتعريف أهل الجنة بقوله: {من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى} وسبيل ما وصف به الطائفتين على أي حال سبيل بيان الضابط.
وإذ كانت الطائفتان متقابلتين بحسب حالهما كان ما بين لكل منهما من الوصف مقابلا لوصف الآخر فوصف أهل الجنة بالخوف من مقام ربهم - والخوف تأثر الضعيف المقهور من القوي القاهر وخشوعه وخضوعه له - يقتضي كون طغيان أهل الجحيم - والطغيان التعدي عن الحد – هو عدم تأثرهم من مقام ربهم بالاستكبار وخروجهم عن زي العبودية فلا يخشعون ولا يخضعون ولا يجرون على ما أراده منهم ولا يختارون ما اختاره لهم من السعادة الخالدة بل ما تهواه أنفسهم من زينة الحياة الدنيا.
فمن لوازم طغيانهم اختيارهم الحياة الدنيا وهو الذي وصفهم به بعد وصفهم بالطغيان إذ قال: {وآثر الحياة الدنيا}.
وإذ كان من لوازم الطغيان رفض الآخرة وإيثار الحياة الدنيا وهو اتباع النفس فيما تريده وطاعتها فيما تهواه ومخالفته تعالى فيما يريده كان لما يقابل الطغيان من الوصف وهو الخوف ما يقابل الإيثار واتباع هوى النفس وهو قريحة الردع عن الإخلاد إلى الأرض ونهى النفس عن اتباع الهوى وهو قوله في وصف أهل الجنة بعد وصفهم بالخوف: {ونهى النفس عن الهوى}.
وإنما أخذ في وصفه النهي عن الهوى دون ترك اتباعه عملا لأن الإنسان ضعيف ربما ساقته الجهالة إلى المعصية من غير استكبار والله واسع المغفرة قال تعالى {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ } [النجم: 31، 32] ، وقال: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31].
ويتحصل معنى الآيات الثلاث في إعطاء الضابط في صفة أهل الجحيم وأهل الجنة في أن أهل الجحيم أهل الكفر والفسوق وأهل الجنة أهل الإيمان والتقوى، وهناك غير الطائفتين طوائف أخر من المستضعفين والذين اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وغيرهم أمرهم إلى الله سبحانه عسى أن يشملهم المغفرة بشفاعة وغيرها.
فقوله: {فأما من طغى - إلى قوله - هي المأوى} أي هي مأواه على أن تكون اللام عوضا عن الضمير أو الضمير محذوف والتقدير هي المأوى له.
وقوله: {وأما من خاف مقام ربه} إلخ المقام اسم مكان يراد به المكان الذي يقوم فيه جسم من الأجسام وهو الأصل في معناه ككونه اسم زمان ومصدرا ميميا لكن ربما يعتبر ما عليه الشيء من الصفات والأحوال محلا ومستقرا للشيء بنوع من العناية فيطلق عليه المقام كالمنزلة كما في قوله تعالى في الشهادة: {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} [المائدة: 107] وقول نوح (عليه السلام) لقومه على ما حكاه الله: {إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ } [يونس: 71] ، وقول الملائكة على ما حكاه الله: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ } [الصافات: 164].
فمقامه تعالى المنسوب إليه بما أنه رب هو صفة ربوبيته بما تستلزمه أو تتوقف عليه من صفاته الكريمة كالعلم والقدرة المطلقة والقهر والغلبة والرحمة والغضب وما يناسبها قال إيذانا به: {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } [طه: 81، 82] ، وقال: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ } [الحجر: 49، 50].
فمقامه تعالى الذي يخوف منه عباده مرحلة ربوبيته التي هي المبدأ لرحمته ومغفرته لمن آمن واتقى ولأليم عذابه وشديد عقابه لمن كذب وعصى.
وقيل: المراد بمقام ربه مقامه من ربه يوم القيامة حين يسأله عن أعماله وهوكما ترى.
وقيل: معنى خاف مقام ربه خاف ربه بطريق الإقحام كما قيل في قوله {أكرمي مثواه}.
وقوله تعالى : {يَسئَلُونَك عَنِ الساعَةِ أَيّانَ مُرْساهَا (42) فِيمَ أَنت مِن ذِكْرَاهَا (43) إِلى رَبِّك مُنتهَاهَا (44) إِنّمَا أَنت مُنذِرُ مَن يخْشاهَا (45) كَأَنهُمْ يَوْمَ يَرَوْنهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيّةً أَوضحَاهَا }.
تعرض لسؤالهم عن وقت قيام الساعة ورد له بأن علمه ليس لأحد إلا الله فقد خصه بنفسه.
قوله تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها} الظاهر أن التعبير بيسألونك لإفادة الاستمرار فقد كان المشركون بعد ما سمعوا حديث القيامة يراجعون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويسألونه أن يعين لهم وقتها مصرين على ذلك وقد تكرر في القرآن الكريم الإشارة إلى ذلك.
والمرسى مصدر ميمي بمعنى الإثبات والإقرار وقوله: {أيان مرساها} بيان للسؤال والمعنى يسألك هؤلاء المنكرون للساعة المستهزءون به عن الساعة متى إثباتها وإقرارها؟ أي متى تقوم القيامة؟ قوله تعالى: {فيم أنت من ذكراها} استفهام إنكاري و{فيم أنت} مبتدأ وخبر، و{من} لابتداء الغاية، والذكرى كثرة الذكر وهو أبلغ من الذكر على ما ذكره الراغب.
والمعنى في أي شيء أنت من كثرة ذكر الساعة أي ما ذا يحصل لك من العلم بوقتها من ناحية كثرة ذكرها وبسبب ذلك أي لست تعلمها بكثرة ذكرها.
أو الذكرى بمعنى حضور حقيقة معنى الشيء في القلب، والمعنى - على الاستفهام الإنكاري - لست في شيء من العلم بحقيقتها وما هي عليه حتى تحيط بوقتها وهو أنسب من المعنى السابق.
وقيل: المعنى ليس ذكراها مما يرتبط ببعثتك إنما بعثت لتنذر من يخشاها.
وقيل: {فيم} إنكار لسؤالهم، وقوله: {أنت من ذكراها} استئناف وتعليل لإنكار سؤالهم، والمعنى فيم هذا السؤال إنما أنت من ذكرى الساعة لاتصال بعثتك بها وأنت خاتم الأنبياء، وهذا المقدار من العلم يكفيهم، وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما روي: (بعثت أنا والساعة كهاتين إن كادت لتسبقني).
وقيل: الآية من تمام سؤال المشركين خاطبوا به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمعنى ما الذي عندك من العلم بها وبوقتها؟ أو ما الذي حصل لك وأنت تكثر ذكرها.
وأنت خبير بأن السياق لا يلائم شيئا من هذه المعاني تلك الملاءمة، على أنها أو أكثرها لا تخلو من تكلف.
قوله تعالى: {إلى ربك منتهاها} في مقام التعليل لقوله: {فيم أنت من ذكراها} والمعنى لست تعلم وقتها لأن انتهاءها إلى ربك فلا يعلم حقيقتها وصفاتها ومنها تعين الوقت إلا ربك فليس لهم أن يسألوا عن وقتها وليس في وسعك أن تجيب عنها.
وليس من البعيد - والله أعلم - أن تكون الآية في مقام التعليل بمعنى آخر وهو أن الساعة تقوم بفناء الأشياء وسقوط الأسباب وظهور أن لا ملك إلا لله الواحد القهار فلا ينتسب اليوم إلا إليه تعالى من غير أن يتوسط بالحقيقة بينه تعالى وبين اليوم أي سبب مفروض ومنه الزمان فليس يقبل اليوم توقيتا بحسب الحقيقة.
ولذا لم يرد في كلامه تعالى من التحديد إلا تحديد اليوم بانقراض نشأة الدنيا كقوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الزمر: 68] وما في معناه من الآيات الدالة على خراب الدنيا بتبدل الأرض والسماء وانتثار الكواكب وغير ذلك.
وإلا تحديده بنوع من التمثيل والتشبيه كقوله تعالى: {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أوضحاها}، وقوله: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: 35] ، وقوله: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة} ثم ذكر حق القول في ذلك فقال: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ} [الروم: 56].
ويلوح إلى ما مر ما في مواضع من كلامه أن الساعة لا تأتي إلا بغتة، قال تعالى: { ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 187] إلى غير ذلك من الآيات.
وهذا وجه عميق يحتاج في تمامه إلى تدبر واف ليرتفع به ما يتراءى من مخالفته لظواهر عدة من آيات القيامة وعليك بالتدبر في قوله تعالى: { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ق: 22] وما في معناه من الآيات والله المستعان.
قوله تعالى: {إنما أنت منذر من يخشاها} أي إنما كلفناك بإنذار من يخشى الساعة دون الإخبار بوقت قيام الساعة حتى تجيبهم عن وقتها إذا سألوك عنه فالقصر في الآية قصر إفراد بقصر شأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في الإنذار وتنفي عنه العلم بالوقت وتعيينه لمن يسأل عنه.
والمراد بالخشية على ما يناسب المقام الخوف منها إذا ذكر بها أي شأنية الخشية لا فعليتها قبل الإنذار.
قوله تعالى: {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أوضحاها} بيان لقرب الساعة بحسب التمثيل والتشبيه بأن قرب الساعة من حياتهم الدنيا بحيث مثلهم حين يرونها مثلهم لو لبثوا بعد حياتهم في الأرض عشية أو ضحى تلك العشية أي وقتا نسبته إلى نهار واحد نسبة العشية إلى ما قبلها منه أو نسبة الضحى إلى ما قبله منه.
وقد ظهر بما تقدم أن المراد باللبث لبث ما بين الحياة الدنيا والبعث أي لبثهم في القبور لأن الحساب يقع على مجموع الحياة الدنيا.
وقيل: المراد به اللبث بين حين سؤالهم عن وقتها وبين البعث وفيه أنهم إنما يشاهدون لبثهم على هذه الصفة عند البعث والبعث الذي هو الإحياء بعد الموت إنما نسبته إلى الموت الذي قبله دون مجموع الموت وبعض الحياة التي بين زمان السؤال عن الوقت وزمان الموت.
على أنه لا يلائم ظواهر سائر الآيات المتعرضة للبثهم قبل البعث كقوله تعالى {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } [المؤمنون: 112].
وقيل: المراد باللبث اللبث في الدنيا وهو سخيف.
___________________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج20 ، ص168-174.
التنزّه عن الهوى:
وتتجه عدسة آيات القرآن الكريم لتعرض لنا جوانباً من صور عالم القيامة، وتبدأ بتصوير تلك الداهية المذهلة التي تصيب مَن عبد أهواءه في الحياة الدنيا: {فإذا جاءت الطامة الكبرى}(2).
«الطامة»: من (الطم) ـ على زنة فنّ ـ وهو في الأصل بمعنى ملء الفراغ والحفر، ويطلق بالطامة على كلّ شيء بلغ حدّه الأعلى، ولهذا فقد اُطلقت على الحوادث المرّة والصعاب الكبار، وهي في الآية تشير إلى يوم القيامة لما فيها من دواهي تغطي بهولها كلّ هول، واُتبعت بـ «الكبرى» زيادة في التأكيد على أهمية وخطورة يوم القيامة.
ويضيف: حال حلول الحدث... سيفلت الجميع من نياط غفلتهم، ويتذكروا ما زرعوا لحياتهم: {يوم يتذكر الإنسان ما سعى}.
وأنى للتذكر بعد فوات الأوان!
وإذا طلبوا الرجوع إلى الدنيا لإصلاح ما أفسدوا ويتداركوا الأمر، فسيقرعون بـ (كلاّ).
وإذا ما اعتذروا تائبين، فلا محيص عن ردّهم، بعد أن أوصدت أبواب التوبة بأمر الجبّار الحكيم.
وعندها: لا يبقى لهم إلاّ الحسرة والندامة، والهم والغم، وكما تقول الآية (27) من سورة الفرقان: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [الفرقان: 27].
وثمّة نكتة في الآية ترتبط بصيغة الفعل «يتذكر»، فقد جاء الفعل مضارعاً ليدل على استمرارية التذكر، فالإنسان أمام ذلك المنظر الرهيب، وقد اُزيلت الحجب عن قلبه وروحه، سيرى الحقائق بعينها شاخصة أمامه، ولا ينسى حينها ما اكتسبت يداه من أعمال.
وتشخص الآية التالية ما سيقع: {وبرزت الجحيم لمن يرى}.
فالجحيم موجودة، كما تشير إلى ذلك الآية (54) من سورة العنكبوت: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [العنكبوت: 54] ، ولكن حجب الدنيا تمنعنا من رؤيتها، وأمّا في يوم الفصل، يوم البروز، فسيبرز كلّ شيء ولا يستثنى من ذلك جهنّم.
وجملة «لمن يرى»، تشير إلى رؤية جهنّم من قبل الجميع بلا استثناء (الصالح والطالح)، فهي غير خافية عن الأنظار.
وقيل: إنّها لمن سيكون له نظر في يوم القيامة، لأنّ الآية (124) من سورة طه قد صرّحت بأنّ البعض سيحشر أعمى: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] ، ويعتمد ستكون أكثر المفسّرين على التّفسير الأوّل لمناسبته للمقام، لأنّ رؤية جهنّم من قبل العاصين ستكون أكثر إيلاماً لهم، إضافة إلى أنّ العمى المشار إليه، ربّما يكون في موقف معين من مواقف يوم القيامة، وليس دائماً(3).
وفي الآيات الثلاثة التالية، يشير القرآن إلى حال المجرمين والطغاة يوم القيامة: {فأمّا مَن طغى وآثر الحياة الدنيا فإنّ الجحيم هي المأوى}(4).
والآية الاُولى تشير إلى فساد عقائد الطغاة، لأنّ الطغيان ينشأ من الغرور، والغرور من نتائج عدم معرفة الباري جّل شأنه.
وبمعرفة عظمة وجلال اللّه يتصاغر الإنسان ويتصاغر حتى يكاد لا يرى لنفسه أثراً، وعندها سوف لن تزل قدمه عن جادة العبودية الحقة، ما دام سلوكه يصب في رافد معرفة اللّه.
والآية الثانية تشير إلى فسادهم العملي، لأنّ الطغيان يوقع الإنسان في شراك اللذائذ الوقتية الفانية ذروة الطموح ومنتهى الأمل، فينساق واهماً لأنّ يجعلها فوق كلّ شيء!
والأمران في واقعهما كالعلة والمعلول، فالطغيان وفساد العقدة مفتاح فساد العمل وحبّ الدنيا المفرط، ولا يجران إلاّ إلى سوء عقبى الدار، نار جهنّم خالدين فيها أبداً.
وعن أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، أنّه قال: «ومَنْ طغى ضل على عمل بلا حجّة»(5)، فالغرور يُرى صاحبه الهوى حقّ: على الرغم من عدم امتلاكه الدليل أو الحجّة، وبالرغم من مخالفة المنطق له!.
ويأتي الدور في الآيتين التاليتين لوصف أهل الجنّة: {وأمّا مَنْ خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى فإنّ الجنّة هي المأوى}.
فالشرط الأوّل للحصول على نعم الجنّة والاستقرار بها هو الخوف من اللّه من خلال معرفته (معرفة اللّه والخوف من التمرد والعصيان على أوامره)، والشرط الثاني هو ثمرة ونتيجة الشرط الأوّل أي الخوف والمعرفة ويتمثل في السيطرة على هوى النفس وكبح جماحها، فهوى النفس من أقبح الأصنام المعبودة من دون اللّه، لأنّه المنفذ الرئيسي لدخول معترك الذنوب والمفاسد، ولذا فـ «أبغض إله عُبِدَ على وجه الأرض: الهوى».
وهوى النفس هو الطابور الخامس في قلب الإنسان، نعم... فالشيطان الخارجي لا يتمكن من النفوذ إلى داخل الإنسان ما لم يوافقه الشيطان الداخلي في منحاه، ويفتح له أبواب الدخول، كما تشير إلى ذلك الآية (42) من سورة الحجر: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } [الحجر: 42].
وقوله تعالى : {يَسئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَهَا(42) فِيمَ أَنْتَ مِن ذِكْرَاهَا(43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَهَآ(44) إِنَّمَآ أَنْتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَهَا(45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوضُحَهَا}.
يوم القيامة: الوقت المجهول!
تتعرض الآيات أعلاه لإجابة المشركين ومنكري المعاد حول سؤالهم الدائم عن وقت قيام الساعة (يوم القيامة): فتقول أوّلاً: {يسألونك عن الساعة أيّان مرساها}(6).
والقرآن في مقام الجواب يسعى إلى إفهامهم بأنّه لا أحد يعلم بوقت وقوع القيامة، ويوجه الباري خطابه إلى حبيبه الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، بأنّك لا تعلم وقت وقوعها، ويقول:{فيم أنت من ذكراها}.
فما خفِّي عليك (يا محمّد)، فمن باب أولى أن يُخفى على الآخرين، والعلم بوقت قيام القيامة من الغيب الذي اختصه اللّه لنفسه، ولا سبيل لمعرفة ذلك سواه إطلاقاً!
وكما قلنا، فسّرُ خفاء موعد الحق يرجع لأسباب تربوية، فإذا كان ساعة قيام القيامة معلومة فستحل الغفلة على جميع إذا كانت بعيدة، وبالمقابل ستكون التقوى اضطراراً والورع بعيداً عن الحرية والإختيار إذا كانت قريبة، والأمران بطبيعتهما سيقتلان كلّ أثر تربوي مرجو.
وثمّة احتمالات اُخرى قد عرضها بعض المفسّرين، ومنها: إنّك لم تبعث لبيان وقت وقوع يوم القيامة، وإنّما لتعلن وتبيّن وجودها (وليس لحظة وقوعها).
ومنها أيضاً: إنّ قيامك وظهورك مبيّن وكاشف عن قرب وقوع يوم القيامة بدلالة ما روي عن النبىّ(صلى الله عليه وآله وسلم) حينما جمع بين سبابتيه وقال: «بعثت أنا والقيامة كهاتين»(7)
ولكنّ التّفسير الأوّل أنسب من غيره وأقرب.
وتقول الآية التالية: {إلى ربّك منتهاها}.
فاللّه وحده هو العالم بوقت موعدها دون غيره ولا فائدة من الخوض في معرفة ذلك.
ويؤكّد القرآن هذا المعنى في الآيتين: (34) من سورة لقمان: { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ } [لقمان: 34] ، وفي الآية (187) من سورة الأعراف: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف: 187].
وقيل: المراد بالآية، تحقق القيامة بأمر اللّه، ويشير هذا القول إلى بيان علّة ما ورد في الآية السابقة، ولا مانع من الجمع بين التّفسيرين.
وتسهم الآية التالية في التوضيح: {إنّما أنت منذر مَن يخشاها}.
إنّما تكليفك هو دعوة الناس إلى الدين الحقّ، وإنذار مَنْ لا يأبى بعقاب اُخروي أليم، وما عليك تعيين وقت قيام الساعة.
مع ملاحظة، أنّ الإنذار الموجه في الآية فيمن يخاف ويخشى وعقاب اللّه، هو يشابه الموضوع الذي تناولته الآية (2) من سورة البقرة: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } [البقرة: 2].
ويشير البيان القرآني إلى أثر الدافع الذاتي في طلب الحقيقة وتحسس المسؤولية الملقاة على عاتق الإنسان أمام خالقه، فإذا افتقد الإنسان إلى الدافع المحرك فسوف لا يبحث فيما جاءت به كتب السماء، ولا يستقر له شأن في أمر المعاد، بل وحتى لا يستمع لإنذارات الأنبياء والأولياء(عليهم السلام).
وتأتي آخر آية من السورة لتبيّن أنّ ما تبقى من الوقت لحلول الوعد الحق ليس إلاّ قليلاً: {كأنّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاّ عشيّة أوضحاها}.
فعمر الدنيا وحياة البرزخ من السرعة في الإنقضاء ليكاد يعتقد الناس عند وقوع القيامة، بأنّ كلّ عمر الدنيا والبرزخ ما هو إلاّ سويعات معدودة!
وليس ببعيد... لأنّ عمر الدنيا قصير بذاته، وليس من الصواب أن نقايس بين زمني الدنيا والآخرة، لأنّ الفاني ليس كالباقي.
«عشيّة»: العصر. و«الضحى»: وقت انبساط الشمس وامتداد النهار.
وقد نقلت الآيات القرآنية بعض أحاديث المجرمين في ويوم القيامة، فيما يختص بمدّة لبثهم في عالم البرزخ..
فتقول الآية (103) من سورة طه: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} [طه: 103] ، و {يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا } [طه: 104].
وتقول الآية (55) من سورة الروم: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ } [الروم: 55].
واختلاف تقديرات مدّة اللبث، يرجع لإختلاف القائلين، وكّل منهم قد عبّر عن قصر المدّة حسب ما يتصور، والقاسم المشترك لكلّ التقديرات هو أنّ المدّة قصيرة جدّاً ويكفي طرق باب هذا الموضوع بإيقاظ الغافل من خدره.
_______________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج15، ص74-81.
2 ـ يقول بعض المفسّرين، إنّ جواب الشرط في «إذا» الشرطية، يأتي في الآيات (فأمّا مَن طغى... وأمّا مَن خاف مقام ربّه...)ولكن الأفضل أن نقول: إنّ الجزاء محذوف يدل عليه ما في الآيات التالية، والتقدير: {فإذا جاءت الطامة الكبرى، يجز كلّ إنسان بما عمل}، وقيل: يستفاد جزاء الشرط من «يوم يتذكر الإنسان» ـ ولكنّه بعيد.
3 ـ لزيادة التوضيح، راجع ذيل الآية (124) من سورة طه.
4 ـ تقدير الآية الثالثة مع محذوفها: (هي المأوى له) أو(هي مأواه)، وحذف الضمير لوضوحه.
5 ـ نور الثقلين، ج5، ص506، الحديث 43.
6 ـ جاءت كلمة «المرسى» بهذا الموضع مصدراً، على مالها من استعمال اُخرى، فتأتي تارة اسم زمان ومكان، وتارة اُخرى اسم مفعول من «الإرساء»، معناها المصدري هو: الوقوع والثبات، ويستخدم المرسى كمكان لتوقف السفن، وفي تثبيت الجبال على سطح الأرض، وكقوله تعالى في الآية (41) من سورة هود: (وقال اركبوا فيها بسم اللّه مجراها ومرساها)، والآية (32) من سورة النازعات: (والجبال أرساها).
7 ـ تفسير الفخر الرازي، ج29، ص29; وذكرت ذات الموضوع في: تفاسير (مجمع البيان)، (القرطبي)، (في ظلال القرآن) بالإضافة لتفسير اُخرى، في ذيل الآية (18) من سورة محمّد.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|