المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

العام الاصولي
13-9-2016
الخوف والخشية
22-7-2016
Pi Iterations
10-3-2020
أنواع خطة المدينة - الخطة الشريطية
8-1-2023
ما اجتمعا في هذا الموطن إلا أعطاه الله ..
25-8-2017
سبب تماسك الأنوية
26-5-2016


المعاناة  
  
2527   01:05 مساءً   التاريخ: 15-2-2018
المؤلف : الشيخ محمّد مهدي شمس الدين .
الكتاب أو المصدر : حركة التاريخ عند الإمام علي (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص158-161.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / بيعته و ماجرى في حكمه /

تنتصر الفتنة، فتأتي بحكم غير عادل، لا يرى في الأمّة إلاّ موضوعاً لتسلّطه ومصدراً للمال، وهي غير أخلاقيّة؛ لأنّ قادتها يتّبعون في سياسة الناس منطق الغريزة، لا منطق القانون والعدالة.
ومن هنا وهناك فلا بدّ أنْ يكون لها ضحايا كثيرة:
- ومِن ضحاياها خصومُها السّياسيون الذين حاربوها في الماضي، وغلبوا على أمرهم في النّهاية.
- ومِن ضحاياها خلفاؤها الّذين ساندوها في أيّام ضعفها، واسْتَغْنَتْ عنهم في أيّام قوّتها.
- ومِن ضحاياها الغافلون عن شرورها وأخطارها، الّذين كانوا محايدين في المعركة الدّائرة بينها وبين أهل الحقّ، ثمّ دُهشوا عند انتصارها، فاحتجّوا أو أظهروا معارضتهم لها.
- وأكبر ضحاياها الأمّة كلّها حين تحوّلها الفتنة المنتصِرة إلى موضوع للتّسلط، ومصدر لصنع الثّروات، وتوفير أسباب التّرف واللّهو لنخبتها، وجهازها القمعي، وحلفائها.
وهكذا تبدأ معاناة الأمّة من الفتنة، من ظلمها وتسلّطها، من عدوانها الّذي ينتشر كالوباء فيصيب كلّ فئة من المجتمع المغلوب على أمره بشتّى ألوانه: العدوان الأخلاقي، والعدوان السّياسي، والعدوان الاقتصادي .
وقد صوّر الإمام عليّ وجوهاً من معاناة الأمّة وعذاباتها بعد انتصار الفتنة، في لوحات معبّرة تكاد تنطق بالحركة الحَيّة من ذلك قوله عليه السّلام: ... وايمُ اللّه لتجِدُنَّ بني أُميَّةَ لَكُم أربَابَ سوءٍ بَعدِي، كالنَّاب الضَّروس(1) تعذِمُ بِفِيْهَا(2)، وتخبطُ بيدِها، وَتزِبنُ بِرجلهَا(3) وتمنع درَّه (4).
لا يزالونَ بِكُم حَتّى لا يَترُكُوا مِنكُم إلاّ نافعاً لَهُم، أو غيرَ ضائر بِهم. ولا يَزال بَلاؤُهم عَنكُم حتَّى لا يكُون انتِصارُ أَحَدِكُم مِنهُم إلاّ كَانتِصارِ العَبدِ مِن رَبِّه والصّاحبِ من مُستَصحِبِهِ. تَرِدُ عَلَيكُم فتنتهم شَوهاء(5) مخشيَّةً، وقطعاً جاهليَّة، لَيسَ فيها مَنَارُ هُدى وَلا عَلَم يُرى (6).
وهكذا يعاني النّاس من الفتنة بعد انتصارها ألواناً مِن الشّرِّ:
1 - حكم الطّغيان الّذي يقضي على كلّ معارضة له بالرّأي والمذهب، وهو لا يقضي عليه بهوادة ولين، وإنّما بالعنف والقسوة.
2 - والإذلال الّذي يمحق كرامة الإنسان ويشوّه روحه، فيحوّله إلى عَبْدٍ لا يجرؤ على رفع صوته والتّعبير عن رأيه، وإنّما يخضع بالطّاعة العمياء الصّمّاء الّتي لا خيار فيها ولا تنبثق من قناعة وإنّما يفرضها الخوف من العذاب.
ومن ذلك قوله عليه السلام: واللّه لا يزالُون حتَّى لا يدعُوا لِله مُحرَّماً إلاّ استَحلّوهُ، ولا عقداً إلاّ حلُّوهُ، وحتَّى لا يبقى بيتُ مدرٍ ولا وبرٍ(7) إلاّ دخلهُ ظُلمُهُم ونبا بِهِ سُوءُ رعيهِم(8)، وحتَّى يقُوم الباكيانِ، يبكيانِ: باكٍ يبكِي لدينِهِ وباكٍ يبكي لدُنياهُ، وحتَّى تكُون نُصرةُ أحدِكُم مِن أحدِهم كنُصرةِ العبدِ مِن سيِّدهِ، إذا شهِد أطاعهُ وإذا غاب اغتابهُ، وحتَّى يكُون أعظمكُم فيها عناءً أحسنُكُم بِاللّه ظنّاً، فإنْ أتاكُم اللّه بعافيةٍ فاقبلُوا، وإنْ ابتُليتُم فاصبِرُوا، فإنَّ العاقبِةَ للمُتَّقين (9).
* في هذا النّصّ يكشف الإمام عن وجوه أخرى من المعاناة والعذاب:
1 - سقوط حرمة القانون عند الطّغمة الحاكمة الّتي يُفترض فيها - وهي تحكم باسم الدّين - أنْ تحافظ عليه من حيث التّطبيق.
2 - انتشار الظّلم، وعدم اقتصاره على الحواضر والمدن، بل يشمل جميع مستويات الأمّة فيعاني منه سكّان المدن وبدو الصحراء.
3 - الإذلال، وهدر كرامة الإنسان الّذي يتحوّل - لطول ما يعاني من الإذلال - إلى ما يشبه أخلاق الرّقيق.
إنّ هذا الواقع يجعل المعاناة شاملة في قضايا الدّين وقضايا الدّنيا، ويكون أشدُّ النّاس بلاءً ومعاناةً أكثرَهم وَعْيَاً، وأصلبهم عوداً في مواجهة إغراء الفتنة وإرهابها.
ولكن الإمام يوصي هذه الفئة المستنيرة الّتي لم تستهلكها الفتنة بالصّبر؛ لأنّ الفتنة في هذه المرحلة لا تقاوم، وكلّ جُهد يُبْذل في مقاومتها جهدٌ ضائع مهدور يزيد الشَّرعيّة ضعفاً ووحدة وعزلة دون أنْ يؤثّر على الفتنة، وهي في أوج انتصارها شيئاً.

____________________
1 - النّاب: النّاقة المسنّة، والضّروس: النّاقة السّيّئة الخلق.
2 - عذم الفرس: إذا أكل بجفاء، أو عضّ.
3 - تزبن: تضرب برجلها مَن يقترب منها.
4 - الدّرّ: اللّبن. يعني أنّها غير ذات فائدة مع كونها مصدراً للتّخريب والأضرار. فالفتنة شرّ كلّها، ولا خير فيها.
5 - شوهاء: قبيحة المنظر، ومخشية: مخوفة مرعبة.
6 - العلم: الدّليل الهادي في متاهات الصّحراء. نهج البلاغة، رقم: 93.
7 - يبت المدر: ما بُني بالحجارة، وبيت الوبر: الخيمة. يعني أنّ شرّ الفتنة لا يقتصر على سكّان المدن وإنّما يشمل الرّيف والبدو.
8 - نبا به سوء رعيهم: شرّد النّاس، وأقلق حياتهم من (نبا به المنزل): إذا لم توافقه.    
9- نهج البلاغة: الخطبة رقم: 98.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.